فن الخطابة
هذا فن من القول خاص، يواجه فيه صاحبه جمهوراً من الناس يخاطبهم، فليس هو كسائر فنون القول الأخرى. كالمقاله أو القصة أو الرسالة، يكتبها الكاتب مختلياً نفسه حراً في أن يقدم أو يؤخر، أو يطيل أو يقصر، أو يتوقف أو يستمر
فالخطابة فن من القول مرتبط بالخطيب والجمهور معاً. وهذه المواجهة تقتضي أموراً:
-منها أن يكون الخطيب قادراً على مواجهة الجمهور
-تمكنه من اللغة ومن التصرف في الأسلوب
-عارفا بنفسية المخاطبين
- ملماً بموضوعه بجميع أطرافه
-ومنها أن يعمل الخطيب على التأثير في نفوس جمهوره بواسطة الكلمة الحية المؤثرة، التي تصادف مواطن الشعور والإحساس
- ومنها أن تتوفر الخطبة على عناصر إقناعية من حجج وبراهين ومنطق حينا وعاطفة حيناً آخر.
فالخطابة هي فن الإقناع بواسطة الأسلوب البليغ. ومن هذه الناحية تشبه الشعر، لأنها تثير العواطف وتحرك الخيال، وتستعمل المجازات كما يفعل الشاعر. كما أنها تعتمد على الإيقاع، ومراعاة تقسيم الجمل، وتوفير التوازن فيها مع بعض السجع والازدواج، ليحدث الإيقاع الذي يقابل الوزن في الشعر، ولكن الخطابة تختلف عن الشعر لأنها تعتمد على الأسلوب المرسل ، وتختص بالموضوعات الدينية والسياسية والاجتماعية والحربية.
إن الخطابة فن قديم في سائر آداب الأمم، لأن الناس كانوا دائماً في حاجة إليها في حياتهم الاجتماعية والسياسية والدينية، يقنع بعضهم بعضاً، ويوجه قادتهم ويؤثر فيهم، وربما كانت الكلمة البليغة في الخطبة المؤثرة أنفع من قوة السلاح، ولهذا قالت العرب قديماً : رب قول أنفذ من صول.
فالخطبة أسلوب الدعوة إلى الفكرة والعقيدة، وأداة للمحاكمة والاحتكام، ووسيلة للدعاية والتوجيه، وعماد الحرب والسلم والمفاوضة والمناصرة والتنفير للجهاد. وبفضل ذلك كله نعتبره أدبا شعبياً، أو فناً يخاطب به الجمهور.
وتحتل الخطبة في الأدب العربي مكانة مرموقة، ولا سيما في العصور القديمة. فقد كان الخطباء يقومون في المجتمع العربي مقام الولاة والزعماء والقضاة والسفراء، لأن من شروط السيادة والتفوق عندهم قوة البيان والقدرة على الإقناع، فالخطباء وحدهم يقدرون على الفصل في الخصومات والمشاركة في المفاخرات والمنافرات، والحضور في الوفادات والمفاوضات. كان ذلك في المجتمع الجاهلي، أما في المجتمع الإسلامي حين ظهر الإسلام وحين قامت الدولة الإسلامية، وقوى الصراع السياسي، واشتدت الحاجة الى التوجيه الديني والسياسي فقد كان شان الخطابة أعظم وأخطر، ولا سيما والأمية متفشية في الجماهير، ووسائل التواصل بين المفكرين والقادة وبين الرأي العام نادرة باستثناء الخطابة. وهكذا تزدهر الخطابة عند الأمم بقدر ما تشيع فيها الأمية، وتكثر عندها الحروب أو المنازعات السياسية، وتتوفر لديها حرية القول. وتواجه المشكلات الاجتماعية والأخلاقية، أو الانقلابات السياسية والفكرية. وفي ضوء ذلك نقسم الخطابة الى أنواع حسب موضوعاتها، فهناك :
-الخطابة الدينية : وتقوم على الوعظ والإرشاد وتحليل القيم الأخلاقية في ضوء العقيدة الدينية. ومن هذا القبيل خطب الجمع والأعياد مما سنته الشريعة الإسلامية في المواسم والأعياد، ولاننسى خطبة الجمعة التي أقرها الإسلام كل جمعة لما لها من أهمية لدى العامة والخاصة من الناس، مما يقتضي أن يكون الخطيب ملماً بل وأكثر من ملم، فيكون فصيحاً بليغاً مفوهاً ذكياً عالماً بأحوال الناس فهو منهم ويعرف بما يتأثرون وكيف يصل إلى قلوبهم وعقولهم بمختلف مستوياتها
-الخطب السياسية : وهي التي تقوم على توجيه الرأي العام من طرف زعيم سياسي أو رئيس حاكم، أو مواطن يدعو لفكرة في قضية وطنية تهم المصلحة العامة للوطن.
الخطبة الاجتماعية : وهي لتي تقوم على التوجيه الاجتماعي والأخلاقي في شؤون التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع في مناسبة من المناسبات.
الخطبة الحربية : وتقوم على استنفار الناس للحرب أو الجهاد أو المقاومة عند مواجهة المعارك، أو مقاومة الأعداء أو دفع الضيم واسترداد الحرية.
ولازالت الخطابة في العصر الحديث ولا سيما في الأدب العربي تحتل مكانتها رغم توفر وسائل أخرى للاتصال بالجماهير وعلى رأسها الصحافة . فالأحزاب السياسية، وزعماؤها، والحكام والناطقون باسمهم، والبرلمانات والمجالس الوطنية وأعضاؤها، والجمعيات المختلفة وموجهوها كلهم يعتمدون على الخطابة في الاقناع والتأثير على الرأي العام في المناقشات والمفاوضات والمؤتمرات.
ومما تقدم ندرك أهمية شخصية الخطيب وثقافته وبلاغته وإيمانه ، فهو سيؤثر بالجميع .. وقد يذكي أبواباً للفتنة لا انغلاق لها و بالعكس فقد يخمد نيرانها
وقد يدخل معتقدات خاطئة في أذهان العامة من الناس فينحرفوا عن الجادة والطريق
فليتق الله كل ذي بلاغة وفصاحة وقدرة على الخطابة فأهميته كبيرة بالغة الأثر في أمة بحالها
- مأخوذ من النصوص الأدبية - ، الطبعة الثانية 1407هـ - 1987م ن ، بتصرف
هذا فن من القول خاص، يواجه فيه صاحبه جمهوراً من الناس يخاطبهم، فليس هو كسائر فنون القول الأخرى. كالمقاله أو القصة أو الرسالة، يكتبها الكاتب مختلياً نفسه حراً في أن يقدم أو يؤخر، أو يطيل أو يقصر، أو يتوقف أو يستمر
فالخطابة فن من القول مرتبط بالخطيب والجمهور معاً. وهذه المواجهة تقتضي أموراً:
-منها أن يكون الخطيب قادراً على مواجهة الجمهور
-تمكنه من اللغة ومن التصرف في الأسلوب
-عارفا بنفسية المخاطبين
- ملماً بموضوعه بجميع أطرافه
-ومنها أن يعمل الخطيب على التأثير في نفوس جمهوره بواسطة الكلمة الحية المؤثرة، التي تصادف مواطن الشعور والإحساس
- ومنها أن تتوفر الخطبة على عناصر إقناعية من حجج وبراهين ومنطق حينا وعاطفة حيناً آخر.
فالخطابة هي فن الإقناع بواسطة الأسلوب البليغ. ومن هذه الناحية تشبه الشعر، لأنها تثير العواطف وتحرك الخيال، وتستعمل المجازات كما يفعل الشاعر. كما أنها تعتمد على الإيقاع، ومراعاة تقسيم الجمل، وتوفير التوازن فيها مع بعض السجع والازدواج، ليحدث الإيقاع الذي يقابل الوزن في الشعر، ولكن الخطابة تختلف عن الشعر لأنها تعتمد على الأسلوب المرسل ، وتختص بالموضوعات الدينية والسياسية والاجتماعية والحربية.
إن الخطابة فن قديم في سائر آداب الأمم، لأن الناس كانوا دائماً في حاجة إليها في حياتهم الاجتماعية والسياسية والدينية، يقنع بعضهم بعضاً، ويوجه قادتهم ويؤثر فيهم، وربما كانت الكلمة البليغة في الخطبة المؤثرة أنفع من قوة السلاح، ولهذا قالت العرب قديماً : رب قول أنفذ من صول.
فالخطبة أسلوب الدعوة إلى الفكرة والعقيدة، وأداة للمحاكمة والاحتكام، ووسيلة للدعاية والتوجيه، وعماد الحرب والسلم والمفاوضة والمناصرة والتنفير للجهاد. وبفضل ذلك كله نعتبره أدبا شعبياً، أو فناً يخاطب به الجمهور.
وتحتل الخطبة في الأدب العربي مكانة مرموقة، ولا سيما في العصور القديمة. فقد كان الخطباء يقومون في المجتمع العربي مقام الولاة والزعماء والقضاة والسفراء، لأن من شروط السيادة والتفوق عندهم قوة البيان والقدرة على الإقناع، فالخطباء وحدهم يقدرون على الفصل في الخصومات والمشاركة في المفاخرات والمنافرات، والحضور في الوفادات والمفاوضات. كان ذلك في المجتمع الجاهلي، أما في المجتمع الإسلامي حين ظهر الإسلام وحين قامت الدولة الإسلامية، وقوى الصراع السياسي، واشتدت الحاجة الى التوجيه الديني والسياسي فقد كان شان الخطابة أعظم وأخطر، ولا سيما والأمية متفشية في الجماهير، ووسائل التواصل بين المفكرين والقادة وبين الرأي العام نادرة باستثناء الخطابة. وهكذا تزدهر الخطابة عند الأمم بقدر ما تشيع فيها الأمية، وتكثر عندها الحروب أو المنازعات السياسية، وتتوفر لديها حرية القول. وتواجه المشكلات الاجتماعية والأخلاقية، أو الانقلابات السياسية والفكرية. وفي ضوء ذلك نقسم الخطابة الى أنواع حسب موضوعاتها، فهناك :
-الخطابة الدينية : وتقوم على الوعظ والإرشاد وتحليل القيم الأخلاقية في ضوء العقيدة الدينية. ومن هذا القبيل خطب الجمع والأعياد مما سنته الشريعة الإسلامية في المواسم والأعياد، ولاننسى خطبة الجمعة التي أقرها الإسلام كل جمعة لما لها من أهمية لدى العامة والخاصة من الناس، مما يقتضي أن يكون الخطيب ملماً بل وأكثر من ملم، فيكون فصيحاً بليغاً مفوهاً ذكياً عالماً بأحوال الناس فهو منهم ويعرف بما يتأثرون وكيف يصل إلى قلوبهم وعقولهم بمختلف مستوياتها
-الخطب السياسية : وهي التي تقوم على توجيه الرأي العام من طرف زعيم سياسي أو رئيس حاكم، أو مواطن يدعو لفكرة في قضية وطنية تهم المصلحة العامة للوطن.
الخطبة الاجتماعية : وهي لتي تقوم على التوجيه الاجتماعي والأخلاقي في شؤون التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع في مناسبة من المناسبات.
الخطبة الحربية : وتقوم على استنفار الناس للحرب أو الجهاد أو المقاومة عند مواجهة المعارك، أو مقاومة الأعداء أو دفع الضيم واسترداد الحرية.
ولازالت الخطابة في العصر الحديث ولا سيما في الأدب العربي تحتل مكانتها رغم توفر وسائل أخرى للاتصال بالجماهير وعلى رأسها الصحافة . فالأحزاب السياسية، وزعماؤها، والحكام والناطقون باسمهم، والبرلمانات والمجالس الوطنية وأعضاؤها، والجمعيات المختلفة وموجهوها كلهم يعتمدون على الخطابة في الاقناع والتأثير على الرأي العام في المناقشات والمفاوضات والمؤتمرات.
ومما تقدم ندرك أهمية شخصية الخطيب وثقافته وبلاغته وإيمانه ، فهو سيؤثر بالجميع .. وقد يذكي أبواباً للفتنة لا انغلاق لها و بالعكس فقد يخمد نيرانها
وقد يدخل معتقدات خاطئة في أذهان العامة من الناس فينحرفوا عن الجادة والطريق
فليتق الله كل ذي بلاغة وفصاحة وقدرة على الخطابة فأهميته كبيرة بالغة الأثر في أمة بحالها
- مأخوذ من النصوص الأدبية - ، الطبعة الثانية 1407هـ - 1987م ن ، بتصرف