الإحتباك في القران الكريم
– دراسة بلاغية–
عدنان عبد السلام اسعد
الخلاصة
يقوم هذا البحث على كشف الحجب عن نوعٍ نفيسٍ من أنواع الحذف في اللغة العربية الكريمةذكره بعض العلماءوالمفسرونفي كتبهم دون تفصيل وتبيين .
فقام هذا البحث على جمع هذه النتف القليلة التي وردت في كتب أهل البلاغة والتفسير، وفهم الآلية التي يقوم عليها هذا النوع من الحذف ، ومن ثمَّ طبقنا هذه الآلية على القران الكريم ، فكان بحثنا (الإحتباك في القرآن الكريم : دراسة بلاغية) وكان اختيارنا للتطبيق في القرآن الكريم عن قصدٍ ليكتمل عقد المنفعة ببركة هذا الكتاب الكريم ، وللإحاطة بأنواع هذا النوع من الحذف ،حيث عُلِمَ هذا المفهوم من خلال تفسير بعض آيات القران ,فهو علمٌ قراني في بداية أمره لذلك فإن اختياره في القران يزده شرفاً وتبياناً ورفعةً وسماءً .
تناولت الإحتباك في اللغة والاصطلاح والعلاقة بينهما ، ومآخذ تسميته ، كما تتبعت الإحتباك عند العلماء قديما وحديثا ، وبينت أنواعه في القران الكريم وهي خمسة ، الإحتباك الضدي ، والإحتباك المتشابه ، والإحتباك المتناظر ، والإحتباك المنفي المثبت ، والإحتباك المشترك ، ثم بينت بعض الشروط له ، ثم ختمت البحث بأهم فوائد وبلاغة الإحتباك في الكلام .
المدخل
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد قائد الغر المحجلين, وعلى اله وصحبه الغر الميامين, وبعد :
فإن اللغة العربية منذ أن شـرّفها الله واختارها لتكونَ لغةَ القرآن الكـريم حظيت من الحفظ والانتشار كما أراده الله لكتابه ، وإن مجال البحث والدراسـة فيها لا يكاد ينتهي إلى يومنا، فما أعظمَها من لغةٍ وسِـعتْ كلامَ الله عز وجل، وكفى بهذه اللغة حفظاً أن تعهّد الله بحفظ كتابه الكريم فيها}إنّا نحنُ نزّلنا الذِّكْرَ وإنّا لهُ لحافِظون{.
وقد امتازت العربيةُ عن كثير من اللغـات الأخرى ، من حيث الوفرة اللغوية، وقوة الأساليبِ البيانية، ووضوح الدلالة، وتنَوُّع طرائق التعبير، فكان منها الحذفُ إيجازاً واقتصاداً، أو كان لأغراض يدعو إليها البيان، مع وفاء المعاني وبُعدِ المرامي. واللغة العربية بطبيعتها لغةُ إيجاز، وكان أقربُ طريق إلى الإيجاز هو الحذف، والحذف في أساليب العربية مع ما فيه من الإيجاز والاقتصاد قد يكون به الكلامُ أوقع وأبلغ، وقد يؤدي من المعاني مالا يؤدي إليه الذكرُ والإطالة.
وقد تضَمَّنَتِ اللغةُ العربية كثيراً من صُوَر الحذف، وتنوَّعَت به في مختلف جوانبها، ولأغراض مختلفة، فالتزمَتْ به في طائفة من المواضـع، بدءاً من الحذف الصوتي تسهيلاً للنطق، ثم في الإعراب والأحكام النحوية والوضع اللغوي، كما سَـلكتْ إليه أساليبُ البيان لتؤدي مدلولاتٍ بيانية خاصة، وأغراضاً بلاغية متنوعة.
فرأينا أن نجعل من ظاهرة الحذف في اللغة العربية مادة لهذا البحث الذي جاء عنوانه جامعا بين الفن البلاغي والنحوي ( الإحتباك في القران الكريم – دراسة بلاغية - ).
والسبب الذي دعانا إلى التعمق في موضوع الإحتباك هو أننا لم نجد لمفهوم الإحتباك تصور عند كثير من مَن اهتم بعلوم البلاغة ، ونبه إليه ندرةٌ من هؤلاء العلماء لذلك كان علينا أن نجمع شتات هذه النتف وننطلق منها للتوسع والغوص لأجل كشف الغطاء عن هذا المصطلح البلاغي وإخراجه إلى أيدي المهتمين بعلوم البلاغة.
فتناول البحث الإحتباك في اللغة والاصطلاح والعلاقة بينهما , ومآخذ تسميته ، كما تتبعت الإحتباك عند العلماء قديما وحديثا ، وبينت أنواعه في القرآن الكريم وهي خمسة ،الإحتباك الضدي ، والإحتباك المتشابه ، والإحتباك المتناظر ، والإحتباك المنفي المثبت ، والإحتباك المشترك ، ثم بينت طائفة من شروطه ،ثم ختمت البحث بأهم فوائد الإحتباك وبلاغته في الكلام .
الإحتباك لغةً
الإحتباك من الحبك ومعناه ((الشدُّ والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب))(1), وجاء في اللسان: (( الحبك الشدُّ, واحتبك بإزاره: احتبى به وشدَّه إلى يديه, والحبكة أن ترخي من أثناء حجزتك(2)من بين يديك لتحمل فيه الشيء ما كان , وقيل الحبكة: الحجزة بعينها ومنها اخذ الإحتباك بالباء وهو شدُّ الإزار))(3).
ومما جاء بهذا المعنى ما روي عن عائشة – رضي الله عنها – إنها كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة , أي تشد الإزار وتحكمه(4),قال أبو عبيد (ت 226هـ): ((الإحتباك: شد الإزار وإحكامه , يعني أنها كانت لا تصلي إلا مؤتزرة ((…….)) ويروى في قوله تعالى ((والسماء ذات الحبك)) (الذاريات: 7) حسنها واستواؤها))(5).
قال الجوهري (ت 398هـ): ((الحباك والحبيكة: الطريقة في الرمل ونحوه ……وحبك الثوب يحبكه – بالكسر – حبكاً أي : أجاد نسجه, قال ابن الأعرابي : كل شيءٍ أحكمته وأحسنت صنعه فقد احتبكته))(6).
وجاء في العين ((حبكته بالسيف حبكا, وهو ضرب في اللحم دون العظم ويقال: هو محبوك العجز والمتن إذا كان فيه استواء مع ارتفاع قال الأعشى:
على كل محبوك السراة كأنه عقاب هوت من مرقب وتعلت(7)
أي ارتفعت , وهوت : انخفضت , والحباك : رباط الحضيرة بقصبات تُعَرَّض ثم تُشَدُّ كما تحبك عروش الكرم بالحبال, واحتبكت إزاري شددته))(8).
فالإحتباك إذاً هو شَدُّ الإزار, وكل شيءٍ أحكمته وأحسنت صنعه فقد احتبكته.
الإحتباك اصطلاحاً
أما في الاصطلاح البلاغي فقد بَيَّنَ الإمام جلال الدين السيوطي الصلة بينه وبين المعنى اللغوي فقال: ((مأخذ هذه التسمية من الحبك الذي معناه الشد والأحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب فحبك الثوب سد ما بين خيوطه من الفرج وشده وإحكامه بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق وبيان أخذه منه من أن مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر في نظمه وحوكه فوضع المحذوف مواضعه كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن والرونق))(9).
فعند سماع لفظ (احتباك) لأول وهلة يتراءى للذهن تلك الصورة من تداخل خيوط نسج الثوب أو قطع القصب مع بعضها وتفاوتها عن بعضها, كما توحي اللفظة بتراص الخيوط مع بعضها بحيث تندثر بينها الفرج التي تبدو عند عملية النسج البدائية, من خلال سحب هذه الخيوط بأصابع اليد , فهو عملية نسج من غير ترك فروج بين الخيوط او قطع القصب او مما ينسج منه .
عُرِفَ الإحتباك عند العلماء بأكثر من اسم , وعرفوه بأكثر من تعريف, فقد عُرِفَ عند الزركشي (ت 794هـ) بالحذف المقابلي وعرفه بقوله: (( هو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كلِّ واحدٍ منهما مقابله لدلالة الآخر عليه))(10), وذكره علي الجرجاني (ت 816هـ) باسم (الإحتباك) وورد عنده بكلام الزركشي نفسه(11), وكل من جاء بعد الجرجاني سماه (الإحتباك),وقال عنه البقاعي–رحمه الله– (ت 855 هـ) في أحد المواضع:((أن يؤتى بكلامين يحذف منهما شيءٌ إيجازاًَ, يدل ما ذكر على ما حذف من الآخر))(12),وذكره السيوطي(ت 911 هـ) في تعريفه بأنه:((أن يحذف من الأول ما اثبت نظيره في الثاني , ومن الثاني ما اثبت نظيره في الأول))(13),أما من المعاصرين فقد ذكره عبد الفتاح الحموز وقال عنه: (( أن
يحذف من الأول ما اثبت في الثاني, ومن الثاني ما اثبت في الأول))(14), وذكر الشيخ الشعراوي -رحمه الله- للإحتباك اسماً أخر وهو (تربيب الفائدة) وقال عنه: ((وهذا ما يسميه العلماء احتباكاً , وهو أن يأتي المتكلم بأمرين كلُّ أمر فيه عنصران المتكلم يريد أن يربي الفائدة بإيجازٍ دقيق فيجيء من العنصر الأول عنصر ويحذف مقابله من العنصر الثاني , ويجيء من العنصر الثاني عنصرٌ ويحذف مقابله في الأول))(15).
وهذه التعاريف لا نراها شاملة , لأنَّ بعضها قيد الإحتباك بين الجمل المتقابلة , وبعضها قيدها بالتناظر , والآخر بالمثل أو المتشابه, والإحتباك أصلاً يشمل هذه الأنواع كلها , فيقع بين الألفاظ الضدية , وكما يقع بين الألفاظ المتشابهة , أو المتناظرة , أو بين المنفية والمثبتة , وقد يشترك نوعان منها في نصٍ واحد فيكون احتباكاً مشتركاً , وربما عنى العلماء بالتقابل والتناظر والتشابه , التناظر الوزني بين الجملتين لا العلاقات الضدية والمتناظرة ... الخ , أي إذا حذف من الجملة الأولى شيءٌ عوض عنه في الجملة الثانية , وإذا حذف ن الجملة الثانية شيءٌ عوض عنه في الجملة الأولى ما يدل عليه , ولذلك يحصل نوع من التوازن كما هو الحال في كفتي الميزان , ومنه تستنبط دلالة التقابل , أما كلام البقاعي فنراه الاقرب وذلك لأنَّه لم يحده بنوع معين من العلاقة بين الجمل المذكورة والمحذوفة , ولكن مع هذا يحتاج تعريفه إلى التوضيح والتبيين , ولهذا قمنا بوضع تعريف نراه شاملاً وموضحاً للاحتباك إلى حَدٍّ كبير , ونحن عند وضع هذا التعريف لا يعني أننا نأتي بشيءٍ جديد , ولكن هذا التعريف مستسقى من كلام معظم العلماء الذين ذكروا الإحتباك , مع التأليف بين النصوص لوضع صورة كاملة للاحتباك فنقول هو ((أن يؤتى بكلامين في النص في كلٍ منهما متضادان , أو متشابهان , أو متناظران , أو منفيان , أو يشترك نوعان منها في نصٍ واحد , فيحذف من احد الكلامين كلمة , أو جملة إيجازاً يأتي ما يدل على المحذوف في الثاني , ويحذف من الثاني كلمة أو جملة أيضاً قد أتى ما يدل عليها في الأول , فيكون باقي كلٍّ منهما دليلاً على ما حذف من الأخر , ويكمل كل جزءٍ الجزء الأخر ويتممه ويفيده من غير إخلال في النظم ولا تكلف)).
الإحتباك عند العلماء قديماً وحديثاً
تناول علماء البلاغة المتأخرون هذا الفن بشيءٍ من التفصيل والاهتمام ولا سيّما في كتب التفسير كالبقاعي (855هـ) والالوسي (ت 1025هـ) وغيرهما, إلاّ أن هناك من أشار إليه من طرفٍ خفي, ربما كان له بهذه الإشارة الفضل في التنويه به والتنبيه عليه, ويمكن أن نتابع ذلك عبر التسلسل التاريخي ونستطيع أن نعدّ سيبويه (180هـ) أول من أشار إليه بإشارة عابرة من غير تنظير أو استفاضة عند وقوفه على قوله تعالى:}وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ{(البقرة:171)حيث قال: (( لم يشبهوا بما ينعق إنما شبهوا بالمنعوق به, وإنما المعنى: ومثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع, ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى))(16), وهذا هو الإحتباك بعينه حيث حذف من الأول (داعي الكافرين) لدلالة (الذي ينعق) عليه في الثاني , وحذف من الثاني (المنعوق به) لدلالة الأول عليه وهو (الذين كفروا).
ثم ذكر المفسرون تباعاً بعد سيبويه إشارات لا يمكن أن ترقى إلى مستوى التنظير, منها ما ذكره الطبري (310هـ) عند تفسيره لقوله تعالى:}وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{(البقرة/ 135) ما في معناه وهذا يعني قالت اليهود كونوا هوداً تهتدوا , وقالت النصارى كونوا نصارى تهتدوا(17), وهذا من الإحتباك أيضاً لأنه حذف من الأول (تهتدوا) لدلالة (تهتدوا) الثانية عليه , وحذف من الثاني (كونوا) لدلالة (كونوا) في الأول عليه , إذ المعلوم أن اليهودية تكفر النصرانية ولا تجوزها والنصرانية تكفر اليهودية ولا تجوزها , فلا يجوز أن يراد به التخيير(18).
أما أبن عطية (ت 478 هـ) فقد وردت عنده إشارة واضحة إلى الإحتباك في قوله تعالى:}لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً{(الأحزاب/24) حيث قال : ((تعذيب المنافقين ثمرة إدامتهم الإقامة على النفاق إلى موتهم, والتوبة موازية لتلك الإدامة , وثمرة التوبة تركهم دون عذاب , فهما درجتان إقامةٌ على نفاق
أو توبة منه , وعنهما ثمرتان تعذيبٌ أو رحمة , فذكر تعالى على جهة الإيجاز واحدة من هذين ودل ما ذكر على ما ترك ذكره ))(19), وبهذا القول تصبح الآية من الإحتباك لأنَّ الحذف وقع من الطرفين فذكر (العذاب) أولاً يدل على (الرحمة) والنعيم ثانياً, وذكر (التوبة) ثانياً يدل على ( عدم التوبة ) أولاً.
وجاء بعده الزمخشري (ت 538هـ) فقد وردت عنده إشارة واضحة جداً إلى الإحتباك في تفسيره الكشاف عند وقوفه على قوله تعالى:}وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{(يونس /107) بقوله: ((فإن قلت : لم ذكر المس في أحدهما والإرادة في الثاني قلت : كأنه أراد أن يذكر الأمرين جميعاً : الإرادة والإصابة في كل واحد من الضر والخير وأنه لا راد لما يريده منهما ولا مزيل لما يصيب به منهما فأوجز الكلام بأن ذكر المس وهو الإصابة في أحدهما والإرادة في الآخر ليدل بما ذكر على ما ترك))(20), وهذا من أول واهم الإشارات الواضحة على الإحتباك وذلك لأنَّه حذف من الأول (الإرادة) لدلالة الثاني عليه (يردك) , وحذف من الثاني (المس) لدلالة الأول عليه (يمسسك) .
وجاء بعد صاحب الكشاف الرازي (ت 606هـ) وذكر عند تفسيره قوله تعالى:}وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ{(غافر/ 41) أن معناها: (( أنا ادعوكم إلى الإيمان الذي يوجب النجاة وتدعونني إلى الكفر الذي يوجب النار))(21),وهذه الآية من الإحتباك لأنَّه ذكر النجاة الملازمة للإيمان أولا دليلاً على حذف الهلاك الملازم للكفران ثانياً , والنار ثانياً دليلاً على حذف الجنة أولاً.
أما القرطبي (ت 671هـ) فقد ذكر إشارة أخرى عندما قال معلقاً على قوله تعالى:}وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{(البقرة / 228): (( أي لهن من الحقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن))(22), وهذا مما عُدَّ من الإحتباك أيضاً لأنَّه حذف من الأول (على الرجال) لدلالة (عليهن) في الثاني عليه وحذف من الثاني (للرجال) لدلالة (لهن) في الأول عليه.
أما النسفي (ت710هـ) فقد ذكر عند وقوفه على قوله تعالى} :وَكَم مِّن قَرْيَةٍأَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ{(الأعراف / 4) أنَّه ((إذا قيل بياتاً : ليلاً , أي ليلاً وهم نائمون أو نهاراً وهم قائلون))(23), وعلى هذا تكون الآية من الإحتباك أيضاً وذلك لأنَّه حذف من الأول (نائمون) لدلالة الثاني عليه (قائلون), وحذف من الثاني (نهاراً) لدلالة الأول عليه وهو (بياتاً أي ليلاً).
هذه ابرز الإشارات التي وردت عند علمائنا الأوائل والتي كانت الأساس والنواة في تأسيس الإحتباك.
ثم بعد ذلك نضجت الفكرة من خلال هذه الإشارات ونمت حتى ان أبا حيان الأندلسي (ت745هـ) الذي يعد من أوائل الذين بينوا الإحتباك ووضحوه إلا أنَّه لم يسمه بالإحتباك, فعندما فسر الآية التي مرت أنفاً عند القرطبي وهي قوله تعالى:}وَلَهنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ قال معلقاً عليها: ((هذا من بديع الكلام، إذ حذف شيئاً من الأول أثبت نظيره في الآخر، وأثبت شيئاً في الأول حذف نظيره في الآخر، وأصل التركيب ولهنّ على أزواجهنّ مثل الذي لأزواجهنّ عليهنّ، فحذفت على أزواجهنّ لإثبات: عليهنّ، وحذف لأزواجهنّ لإثبات لهنّ))(24)وهذا هو الإحتباك المتناظر الذي يحذف من كلٍّ من الطرفين ما اثبت نظيره من الآخر, وقال في قوله تعالى:}لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً{(الأحزاب / 8) : ((ويجوز أن يكون حذف من الأول ما أثيب به الصادقون، وهم المؤمنون، وذكرت العلة؛ وحذف من الثاني العلة، وذكر ما عوقبوا به. وكان التقدير: ليسأل الصادقين عن صدقهم، فأثابهم؛ويسأل الكافرين عما أجابوا به رسلهم))(25)وهذا من الإحتباك الضدي الذي يحذف من كلٍّ من الطرفين ضد الاخر , وغيرها من الآيات التي سوف نتناولها في هذا البحث , ومن هذا الكلام نستنتج ان أبا حيان فرق بين الألفاظ المحذوفة , وهو أول من ذكر الإحتباك ونظر له من غير أن يسميه , وعده من الفصاحة والبيان , ومن بديع الحذف والكلام , فكل من جاء بعده نقل عنه وأخذ الفكرة ولم يذكر انه نقل عنه , وبهذا يعد أبو حيان هو المنظر الأول – إذا صح التعبير – لمفهوم الإحتباك إلاّ أنه لم يطلق عليه مصطلحاً , والذين جاءوا من بعده أخذوا الفكرة منه كما قلنا ثمَّ وضعوا له مصطلحات أشهرها الإحتباك .
وهذا ابن القيم (ت751 هـ)-رحمه الله- جعله من الإيجاز الحسن من غير أن يسميه عند تعليقه على عدد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى:}…..إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ{(الأعراف/56) فقال : ((إنَّ هذا من باب الاستغناء بأحد المذكورين عن الاخر , لكونه تبعاً له , ومعنىً من معانيه , فإنَّه ذكرٌ أغنى عن ذكره لأنَّه يفهم منه ((……..)) فعلى هذا يكون الأصل في الآية:إنَّ الله قريبٌ من المحسنين, وإنَّ رحمة الله قريبة من المحسنين))(26). وعند قوله تعالى:}…وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً{( المزمل / 8 ) قال: ((ومصدر بتل إليه (تبتلاً) كالتعلم والتفهم, ولكن جاء على (التفعيل) مصدر (فَعَّلَ) لسرٍ لطيف فإنَّ في هذا الفعل إيذاناً بالتدريج والتكلف والتعمل والتكثر والمبالغة, فأتى بالفعل الدال على أحدهما , وبالمصدر الدال على الآخر فكأنة قيل: بتل نفسك إلى الله تبتيلا وتبتل إليه تبتلا, ففهم المعنيان من الفعل ومصدره . وهذا كثير في القرآن, وهو من حسن الاختصار والإيجاز))(27).
فابن القيم في هذين الموضعين يبين المحذوف والمذكور ويدل عليهما ويجعله من الإيجاز الحسن.
وجاء بعد ابن القيم الزركشي (ت 794هـ) فذكره بالبرهان وأطلق عليه اسم (الحذف المقابلي) وقال عنه : ((هو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كلِّ واحدٍ منهما مقابله لدلالة الآخر عليه))(28).
أما بعد الزركشي فقد اخذ العلماء يسمونه بالإحتباك وأول من ورد عنده هذا الاسم علي الجرجاني المعروف بالشريف الجرجاني (ت 816هـ) في كتابه التعريفات وأورد له نفس كلام الزركشي(29).
ومن بعد علي الجرجاني جاء الإمام برهان الدين البقاعي (ت855هـ) – رحمه الله – الذي اهتم به كثيراً , حتى إنَّ تفسيره (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) ورد فيه الإحتباك بكثرة , ونظر له أيضاً فقال في احد المواضع : ((هو أن يحذف من جملةٍ شيءٌ إيجازاً ويذكر في الجملة الأخرى ما يدل عليه))(30), ولم يكتف بذكره في تفسيره بل صنف له كتاباً خاصاً
وسماه (الإدراك لفن الإحتباك) كما يقول هو : ((وقد جمعت فيه كتاباً حسناً ذكرت فيه تعريفه ومأخذه من اللغة وما حضرني من أمثلته من الكتاب العزيز وكلام الفقهاء وسميته (الإدراك لفن الإحتباك)))(31), وبعد البحث عن هذا الكتاب لم نعثر عليه ولعله من كتبه المفقودة , وينسب بعض العلماء هذا الفن إليه(32)بسبب اهتمامه به , فهو كثيراً ما يقف على الآيات الكريمات التي فيها احتباك ويذكر ويبين ما حذف وما ذكر من الأخر من حيث التضاد والتشابه والنفي ...الخ .
وكل من جاء بعد الجرجاني والبقاعي اخذ يذكره باسمه ولكن بحدودٍ مختلفة , فبعد البقاعي ذكره الإمام السيوطي (911هـ) باسمه وجعله واحداً من اقسام الحذف في كتبه(33), ونظر له وعده من أجمل أنواع الحذف والإيجاز وعزاه إلى البقاعي فقال عنه : ((هو من ألطف الأنواع وأبدعها وقل من تنبه له أو نبه عليه من أهل فن البلاغة ولم أره إلا في شرح بديعية الأعمى لرفيقه الأندلسي وذكره الزركشي في البرهان ولم يسمه هذا الاسم بل سماه الحذف المقابلي وأفرده في التصنيف من أهل العصر العلامة برهان الدين البقاعي . قال الأندلسي في شرح البديعية : من أنواع البديع الإحتباك وهو نوع عزيز وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول كقوله تعالى :{ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق} الآية التقدير: ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق والذي ينعق به فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذي ينعق عليه ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة الذين كفروا عليه. وقوله : {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء} التقدير تدخل غير بيضاء وأخرجها تخرج بيضاء فحذف من الأول تدخل غير بيضاء ومن الثاني وأخرجها. وقال الزركشي: وهو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كل واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه كقوله تعالى: ((أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون)) التقدير : ((إن افتريته فعليّ إجرامي وأنتم برآء منه وعليكم إجرامكم وأنا بريء مما تجرمون))(34).
أما من جاء بعد السيوطي فلم يضف شيئاً على ما ذكره العلماء آنفاً في الإحتباك مكتفين غالباً بالأمثلة التي أوردها الذين من قبلهم, منهم الالوسي(35)والقاسمي(36), والقِنوجي(37), والعلامة الجمل(38), والشيخ الصاوي(39),,ابن عاشور(40)والشنقيطي(41),والصابوني(42), وعبد الفتاح الحموز(43)،أما الشعراوي فقد ذكر له اسماً أخر مع الإحتباك وهو ( تربيب الفائدة) فقال: ((وهذا ما يسميه العلماء احتباك , وهو أن يأتي المتكلم بأمرين كلُّ أمر فيه عنصران المتكلم يريد أن يربي الفائدة بإيجازٍ دقيق فيجيء من العنصر الأول عنصر ويحذف مقابله من العنصر الثاني,ويجيء من العنصر الثاني عنصرٌ ويحذف مقابله في الأول ))(44).
الإحتباك في القرآن الكريم أنواعه, شروطه, بلاغته
أولاً. أنواعه
الإحتباك في القرآن الكريم أمثلته كثيرة وأنواعه متعددة, وهذا التنوع والاختلاف يرجع إلى تقدير المحذوف , والمحذوف نفسه يفهم غالباً من السياق أو بوجود قرينة تدل عليه , ومن خلال دراستنا للإحتباك , وتقدير المحذوف, ومن خلال كلام العلماء وتعاريفهم له يمكن أن نقسم الإحتباك إلى خمسة أقسام, الأول اصطلحنا على تسميته بـ (الإحتباك الضدي) وهو ما كان تقابل الألفاظ فيه بالتضاد, والثاني(الإحتباك المتشابه) وهو ما كان تقابل الألفاظ فيه بالتشابه, والثالث (الإحتباك المتناظر) وهو ما كان تقابل الألفاظ فيه بالتناظر (التشابه ببعض الصفات), والرابع (الإحتباك المنفي المثبت) وهو ما كان تقابل الألفاظ فيه بالنفي والإثبات والنوع الخامس هو (الإحتباك المشترك) الذي يشرك نوعين في كلَّ موضع, وهذه الأنواع دائماً يحذف عنصرٌ من الأول لدلالة الثاني عليه, ومن الثاني لدلالة الأول عليه وحسب القرائن السابقة (تضاد, تشابه....الخ), وفيما يأتي بيان لهذه الأنواع:
1.الإحتباك الضدي
هو الذي يقع بين ألفاظٍ العلاقة بينهما قائمة على التضاد , والضد كما يقول ابن السكيت : ((خلاف الشيء))(45), ويقول ابن فارس: (( المتضادان الشيئان لا يجوز اجتماعهما
في وقتٍ واحدٍ كالليل والنهار))(46), فالضدُّ إذن هو كلُّ شيءٍ تضادد مع الآخر بحيث لا يجتمع معه في وقتٍ واحد(47), ونحن أطلقنا هذا الاسم على هذا النوع من الإحتباك من خلال كلام عدد من العلماء عند تعليقهم على الآيات القرآنية التي فيها احتباك بين ألفاظٍ متضادة منهم البقاعي – رحمه الله – عندما يقول : حذف من الأول ما اثبت ضده في الثاني ومن الثاني ما اثبت ضده في الأول(48).
ومن خلال هذا العرض اليسير يمكن القول إنَّ الإحتباك الضدي: هو أن يؤتى بكلامين في كلٍ منهما متقابلان متضادان لما في الأخرى ,فيحذف من الأول ما أٌثبِتَ ضده في الثاني ومن الثاني ما اثبت ضده في الأول , ويدل ما ذكر على ما حذف في كلٍّ منهما ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي :
مذكور + محذوف مذكور + محذوف
(1) (2) (2) (1)
(ضدي) (ضدي) (ضدي) (ضدي)
(الجنة) (المؤمنون) (الكافرون) (النار)
والإحتباك الضدي من أكثر أنواع الإحتباك وروداً في القرآن الكريم مقارنةً بالأنواع الأخرى , وذلك لأنَّه من الأساليب التي استخدمها القرآن الكريم في التمييز بين ضدين ونقيضين , فقد ورد سبعاً وستين مرة , ونعني بالألفاظ المتقابلة بالضدية بين لفظةٍ وضدها معنىً ودلالةً بين الأسماء والأسماء , والأفعال والأفعال , أو بين الأفعال والأسماء نحو (الجنة - النار) (يهدي – يضل) (امنوا والكافرون) ... وغيرها من الألفاظ المتضادة الواردة في الآيات القرآنية .
ومن أمثلته قوله تعالى:}هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ{(يونس / 67) , حيث حذف من الأول (مظلماً) لدلالة ضده عليه في الثاني (مبصراً) , وحذف من الثاني (لتنتشروا فيه وتبتغوا من فضله) لدلالة ضده عليه في الأول (لتسكنوا فيه) , وعليه يكون تقدير الآية الكريمة هو :
هو الذي جعل لكم الليلمظلماًلتسكنوا فيه
والنهار مبصراًلتنتشروا فيه ولتبتغوا من فضله
2. الإحتباك المتشابه
هو الذي يقع الحذف فيه بين ألفاظٍ متشابهة , والشبه : المثل ، ويقال هذا مثله أي شبهه(49), فالكلمة نفسها التي تذكر في الجملة الأولى تحذف من الثانية , ومن الثانية الأولى نفسها , وأطلقنا عليه هذا الاسم من خلال الألفاظ المذكورة والمحذوفة التي دلَّ عليها كلام العلماء مثل قولهم : فحذف من الأول ما اثبت مثله في الثاني ومن الثاني ما اثبت مثله في الأول(50), وعلى هذا يمكننا القول بأن المتشابه أنْ يؤتى بجملتين في كلٍّ منهما متشابهان لما في الأخرى فيحذف من الأول لدلالة مثله عليه في الثاني ومن الثاني لدلالة مثله عليه في الأول ويكون ما بقي دليلاً على ما حذف في كلٍّ منهما , ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي :
مذكور + محذوف مذكور + محذوف
(1) (2) (2) (1)
متشابه متشابه متشابه متشابه
( الحزن ) ( الكذب ) ( الكذب ) ( الحزن )
ويأتي الإحتباك المتشابه بعد الإحتباك الضدي من حيث النسبة التي ورد فيها في القرآن الكريم,فقد ورد ثمانيَ وأربعين مرة في الكتاب العزيز , وهذا التشابه بين الألفاظ المذكورة والمحذوفة يكون بين اسمٍ واسم نحو (الجنة – الجنة) ,أو فعلٍ وفعل نحو (يؤمنون – يؤمنون) , أو اسمٍ وفعل نحو (يغفر – الغفور) ...الخ من الألفاظ المذكورة في القرآن الكريم تحت هذا النوع .
ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى :}يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ{(الأنفال / 65) , ففي هذه الآية حذف من الجملة الأولى (من الذين كفروا) لدلالة مثله عليه في الثاني , وحذف من الثاني (صابرة) لدلالة مثله عليه في الأول , وعليه يكون تقدير الآية الكريمة كما يأتي :
إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتينمن الذين كفروا
وان يكن منكم مائةصابرةيغلبوا ألفاً من الذين كفروا.....
3.الإحتباك المتناظر
هو الذي يقع بين ألفاظٍ بينها صفاتٍ مشتركة , أي التشابه في بعض الصفات وليس تشابهاً كلياً لفظاً ومعنىً , بل تشابهاً جزئياً , فعندما يقال : التقى وزير الدولة بنظيره وزير الدولة الأخرى , فهما ليسا نفس الشخص بل هما مشتركان في صفةٍ هي إن كليهما وزير , وهذا الذي نعني بـ (التناظر) , وأفدنا من تعريف السيوطي للاحتباك في وضع اسمه وتعريفه , وهو قوله : ((هو أن يحذف من الأول ما اثبت نظيره في الثاني , ومن الثاني ما اثبت نظيره في الأول))(51), ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي:
مذكور + محذوف مذكور + محذوف
(1) (2) (2) (1)
متناظر متناظر متناظر متناظر
(الذين كفروا) ( الداعي) (الذي ينعق) (الغنم)
وهذا النوع من اقل الأنواع وروداً في القرآن الكريم , فقد ورد عشرُ مرات فقط, ومن أمثلة التناظر بين الألفاظ (الذي ينعق – الداعي) (الكفار – الغنم) في قوله تعالى :}وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ{(البقرة -171) , حيث حذف من الجملة الأولى (داعي الكفار محمدr) لدلالة نظيره عليه في الثاني وهو الراعي (الذي ينعق), وحذف من الثاني المنعوق به وهي (الغنم أو ما يرعى من البهائم) لدلالة نظيره عليه في الأول وهو المدعو (الذين كفروا)(52), وعليه يكون تقدير الآية :
مثلك يامحمد-r- ومثل الذين
كفروا كمثل الناعقوالمنعوق به
فالصفة التي تجمع بين المتقابلات المتناظرة , هي الدعاء والنداء بين داعي الكفار والراعي , وعدم الاستجابة والفهم وعدم التدبر بين الكفار والمنعوق به .
4.الإحتباك المنفي المثبت
هو الذي يقع بين ألفاظٍ العلاقة بينهما قائمة على النفي والإثبات , وفي هذا النوع يحذف من الأول كلمة مثبتة لدلالة نفيها عليها في الثاني , ومن الثاني كلمة مثبتة لدلالة نفيها عليها في الأول , أو بالعكس يبقى المنفي ويحذف المثبت , وأفدنا من كلام البقاعي في بيان هذا النوع في قوله : حذف من الأول ما اثبت نفيه في الثاني , ومن الثاني ما اثبت نفيه في الأول(53), ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي :
مذكور + محذوف مذكور + محذوف
(1) (2) (2) (1)
مثبت منفي مثبت منفي
(يؤمن) (لا يكفر) (يكفر) (لا يؤمن)
وهذا النوع من الأنواع القليلة التي ذكرت في القرآن الكريم , فقد ورد في أحد عشر موضعاً , ومن ألفاظه (يشفقون – لا يشفقون) (يستعجلون – لا يستعجلون) كما في قوله تعالى :}يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاّ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ{(الشورى : 18) , فقد حذف من الأول ( لا يشفقون منها ) للدلالة عليه في الثاني وهو (يشفقون) , وحذف من الثاني (لا يستعجلونها) للدلالة عليه في الأول وهو (يستعجل)(54), وعليه يكون التقدير :
يستعجل بها الذين لا يؤمنون بهافلا يشفقون منهاوالذين آمنوا
مشفقون منهاولا يستعجلونهاويعلمون أنها الحق من ربهم ....
5. الإحتباك المشترك
هذا النوع يختلف عن الأنواع الأخرى من حيث إنَّه لا يلتزم بنوعٍ واحدٍ من الإحتباك بل يجمع نوعين في الآية الواحدة , فهو يشرك جميع الأنواع فيما بينها فيحذف من الأول ما يدل عليه نفيه في الثاني , ومن الثاني ما يدل عليه ضده في الأول , أو يحذف من الأول ما يدل عليه مثله في الثاني , ومن الثاني ما يدل عليه ضده في الأول, أو بين المتشابه والمتناظر .... الخ , أو بالعكس , وأطلقنا على هذا النوع بـ (الإحتباك المشترك) ، لأنَّه يجمع ويشرك جميع الأنواع الماضية تحت أثناءه (الضدي والمتشابه والمنفي والمتناظر) في الكلام الواحد , فتكون إحدى الألفاظ المذكورة ضدية والأخرى منفية أو متشابهة أو متناظرة , وبالعكس , ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي :
مذكور + محذوف مذكور + محذوف
(1) (2) (2) (1)
(مثبت) (ضدي) (ضدي) (منفٍ)
(يسمعون) (الاحياء) (الأموات) (لا يسمعون)
أو
مذكور + محذوف مذكور + محذوف
(1) (2) (2) (1)
(متشابه) (ضدي) (ضدي) (متشابه)
(النبات) (وافياً حسناً) (نكدا) (النبات)
أو
مذكور + محذوف مذكور + محذوف
(1) (2) (2) (1)
(متشابه) (متناظر) (متناظر) (متشابه)
(عليه) (صلاةً) (تسليماً) (عليه)
وورد هذا النوع اثنين وثلاثين مرة في القرآن الكريم , ومن ألفاظه ( يؤمن – لا يؤمن) ( الجنة – النار) ... الخ من الألفاظ , ومن أمثلته قوله تعالى :}وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ{(الأعراف/58) , فحذف من الأول (وافياً حسناً) لدلالة ضده عليه في الثاني وهو (نكداً)(55), وحذف من الثاني (نباته) لدلالة مثله عليه في الأول , وعليه يكون تقدير الآية الكريمة :
والبلد الطيب يخرج نباتهوافياً حسناً طيباًبإذن
ربه والذي خبث لا يخرجنباتهإلا نكدا ....
وقبل البدء بذكر شروطه وبلاغته لابد من ذكر عدد من شواهد الاحتباك في الشعر والتي تدلل على أصالة الإحتباك في الكلام العربي وأهميته في بناء الكلام على نحو فني متماسك في أداء مقاصده , ومن هذه الشواهد قول أبي صغر الهذلي :
وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر(56)
ففي هذا البيت وقع حذفٌ متشابه لأنه حذف أولاً من الصدر (الانتفاض) لدلالة مثله عليه في العجز (انتفض), وحذف ثانياً من العجز (اهتز) لدلالة مثله عليه في الصدر (هزة), وعليه يكون التقدير:
وإني لتعروني لذكراك هزة بعدانتفاضة كما انتفض العصفور بلله القطر ثماهتز(57)
ومن أمثلته أيضاً في الشعر قول الفرزدق يهجو جريراً:
كَم خالَةٍ لَكَ يا جَريرُ وَعَمَّةٍ فَدعاءَ قَد حَلَبَت عَلَيَّ عِشاري(58)
فقد حذف أولا من الصدر (فدعاء) لدلالة مثله عليه في العجز (فدعاء), وحذف من العجز (لك) لدلالة مثله عليه في الصدر ( لك ) , والتقدير :
كَم خالَةٍ لَكَ يا جريرفدعاءوَعَمَّةٍ فَدعاءَلكقَد حَلَبَت عَلَيَّ عِشاري(59)
ومنه أيضاً قول الأعشى الكبير:
وَكَأسٍ شَرِبتُ عَلى لَذَّةٍ وَأُخرى تَداوَيتُ مِنها بِها(60)
ووقع في هذا البيت حذف ضدي لأنَّه حذف أولا من الصدر (فأمرضتني) لدلالة ضده عليه في العجز ( تداويت ), وحذف ثانياً من العجز ( شربتها ) لدلالة مثله عليه في الصدر , وعليه يكون التقدير:
وَكَأسٍ شَرِبتُ عَلى لَذَّةٍفأمرضتني وَأُخرىشربتهافتَداوَيتُ مِنها بِها(61)
ثانياً. شروطه
لا بد للإحتباك من شروط وضوابط تسوغه منها ما هو عام ومنها ما هو خاص بالإحتباك فمن الشروط العامة للحذف التي ينبغي توفرها في الإحتباك :
1. أن يدعو إليه داعٍ بلاغي يجعل الحذف ابلغ من الذكر .
2. أن يكون في الكلام بعد الحذف دليلٌ على المحذوف(62).
أما الخاصة بالإحتباك:
1. وجود متقابلين في كلٍّ من الجملتين في الكلام.
2. حذف من كلتا الجملتين ما اثبت في الأخرى.
3. دلالة ما بقي على ما حذف من الأخرى.
هذه هي الشروط التي يجب أن تتوفر في النص ليكون فيه احتباك وإلاّ كان في النص نوعٌ من التكلف .
ثالثاً. بلاغته
يمتاز القرآن الكريم بأساليبه الفنية المعجزة ومن هذه الأساليب الإيجاز , ولغة القرآن هي العربية واللغة العربية هي أكثر اللغات إيجازاً , وبما أنَّ الإحتباك هو ضربٌ من إيجاز حذف , فلابد من فوائد بلاغية لهذا الفن ؛ وذلك لأنَّ الإيجاز من أكثر الأساليب دقة وحكمة , وأحسنها بلاغة , وأغزرها معنىً , ونستطيع أن نحدد بعض هذه الفوائد البلاغية التي يحققها الإحتباك في الكلام منها :
1. إحكام النظم بحذف فضول الكلام وما يمكن الاستغناء عنه , مع قلة الألفاظ وكثرة المعاني التي تدل عليها , وهذه هي غاية البلاغة المتمثلة في استثمار اقل ما يمكن من الألفاظ في أكثر ما يمكن من المعاني(63).
2. تحقيق فضيلة الإيجاز , وسرعة الوصول إلى الأمر المطلوب , فاستخدام الإحتباك يعطي دلالات أوضح , ويكون ذا اثرٍ بالغ في إيصال المعنى .
3. تنبيه المتلقي الى البحث عن المحذوف, فيجعله يتجاوب مع ما يقرأ, فترسخ المعلومة في نفسه ويقل نسيانه, وهذا مطلب من مطالب الحذف في القرآن الكريم(64).
4. تهذيب العبارة ؛ لأنَّ المعنى الذي يدركه الفهم إدراكاً قوياً مع حذف الألفاظ الدالة عليه يكون في ذكرها فضولٌ يتنزه عنه البيان الحكيم.
5. صيانة الكلام من الثقل والترهل اللذين يحدثان من ذكر ما تدل عليه القرينة(65).
المصادر والمراجع
§ابن القيم وحسه البلاغي في تفسير القرآن ،د.عبد الفتاح لاشين ، دار الرائد العربي بيروت ، ط1،1402هـ-1982م.
§الإتقان في علوم القرآن ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر محمد السيوطي (911هـ)، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975 م.
§أساس البلاغة ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت538 هـ) دار صادر، دار بيروت ، بيروت ، 1385 هـ - 1965م.
§إصلاح المنطق ، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق ابن السكيت (ت244 هـ) ، ت: احمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون،دار المعارف،القاهرة ،ط4،1949م.
§أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، محمد الأمين المختار الشنقيطي (ت1393 هـ)، ت :عطية محمد سالم ، دار إحياء التراث العربي،بيروت ط1 , , 1417هـ-1997م .
§إعراب القرآن الكريم وبيانه وصرفه ، محي الدين الدرويش ، دار ابن كثير ، بيروت ، 1412 هـ .
§البحر المحيط ، محمد بن يوسف أبو حيان الاندلسي(ت 745هـ)، ت: عادل عبد الموجود وعلي محمد عوض ، دار الكتب العلمية ، بيروت, 1422 هـ -2001م.
§بدائع التفسير الجامع لتفسير الأمام ابن القيم الجوزية ، جمع: يسرى السيد حسن ، دار ابن الجوزي ، السعودية ، ط1، 1414 هـ - 1993م.
§بدائع الفوائد ، أبو عبد الله محمد ابن أبي بكر بن القيم الجوزية (ت751 هـ)، ت: هشام عبد العزيز عطا وعبد الحميد العدوي واشرف احمد الج ، مكتبة نزار مصطفى الباز ، مكة المكرمة ، ط1 ، 1416 هـ - 1996م.
§البرهان في علوم القرآن ، بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (ت794 هـ) ، ت:محمد أبو الفضل إبراهيم ، عيسى البابي وشركاءه ، ط2 ، د-ت .
§التأويل النحوي في القرآن الكريم،د.عبد الفتاح احمد الحموز،مكتبة الرشد الرياض،،ط1، 1404 هـ -1984م.
§التحرير والتنوير (تحرير المعنى السديد وتنور العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد) ، محمد الطاهر بن عاشور (ت1972 هـ)، الدار التونسية ، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع ، د-ت.
§التعريفات ، علي بن محمد بن علي الجرجاني (ت816هـ)، ت: إبراهيم الأبياري ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط1، 1985م.
§التفسير القيم ، جمع : محمد اويس الندوي ، ت: محمد حامد الفقي ، لجنة إحياء التراث العربي ، بيروت, 1948 م.
§التفسير الكبير ، فخر الدين محمد عمر الرازي (ت606 هـ) ، دار الفكر ، ط3 ، 1405 هـ-1985.
§التقابل والتماثل في القرآن الكريم ، فايز عبد الله القرعان ، المركز الجامعي الحديث، اربد ، ط1، 1415 هـ -1995م.
§جامع البيان عن تأويل آي القرآن، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310 هـ)، ت: محمود شاكر ، دار أحياء التراث العربي ، بيروت ، ط1، 1421 هـ -2001م.
§الجامع لأحكام القرآن، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن فرج القرطبي(ت671 هـ)، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1، 1988م.
§حاشية العلامة الصاوي على تفسير الجلالين ، احمد بن محمد الصاوي الخلوتي ، (ت1241هـ)ت:عبد العزيز سيد الأهل،مصر,د-ت .
§خِزانة الأدب ولُبُّ لُبَاب لسان العرب، عبد القادر بن محمد البغدادي (ت1093 هـ)، ت: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ط1، 1986م.
§خصائص التراكيب دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني ، د. محمد أبو موسى ، مكتبة وهبة ، دار التضامن ، القاهرة ، ط2، 1400 هـ -1980م.
§ديوان الأعشى الكبير (ميمون بن قيس),شرح وتعليق :د. محمد حسين, منشورات مكتبة الآداب بالجماميزت, المطبعة النموذجية .
§ديوان الفرزدق، دار صادر , بيروت , 1386هـ -1966م .
§ديوان مجنون ليلى(قيس بن الملوح) ,جمع وتحقيق: عبد الستار احمد خرّاج , مكتبة مصر , القاهرة , د- ت .
§روائع الأعجاز في القصص القرآني ، محمود السيد حسن ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية , د-ت .
§روح البيان ،إسماعيل حقي البروسوي (ت1137هـ ) دار الفكر ، بيروت ، د-ت.
§روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ، محمود الالوسي أبو الفضل (ت1270 هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، د-ت.
§الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ، إسماعيل بن حماد الجوهري (ت398 هـ)، ت: احمد عبد الغفور عطار ، دار العلم للملايين ، القاهرة ، ط1 ، 1987م.
§صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني، المكتبة العصرية، بيروت، 1424هـ-2003م.
§العين ، الخليل بن احمد الفراهيدي (ت175 هـ)، ت: مهدي المخزومي و د. إبراهيم السامرائي ، دار ومكتبة الهلال ، ط1، 1995م.
§غريب الحديث ، القاسم بن سلام الهروي أبو عبيد (ت224هـ) ، ت: محمد عبد المعين خان ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط1 ، 1396 هـ -1976م.
§الفائق في غريب الحديث ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت538 هـ)، ت: محمد علي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، عيسى البابي الحلبي وشركاءه ، بيروت ، ط2 ، د-ت .
§فتح البيان ، أبو الطيب صديق بن علي القنوجي (ت1307 هـ)، عبدا لله بن إبراهيم الأبياري ، دار إحياء التراث الإسلامي ، قطر ، 1410 هـ - 1979م.
§القاموس المحيط ، محمد بن يعقوب الفيروزبادي (ت817 هـ) ، دار الفكر، بيروت، 1983م.
§الكتاب ، أبو بشر عمر بن عثمان بن قنبر سيبويه (ت180 هـ) ، ت: عبد السلام هارون ، مكتبه الخانجي ، دار الرفاعي, مطبعة المدني ، الرياض ، ، ط3، 1988م.
§كشاف اصطلاحات الفنون ، محمد علي الفاروقي التهانوي ، ت: لطفي عبد البديع ، المؤسسة المصرية ، دار الكتاب العربي ،1977م.
§الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التنزيل ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (ت538 هـ)، اعتنى به وخرج أحاديثه : خليل مأمون شيحا ، دار المعرفة ، بيروت ، ط1 ، 1423 هـ -2002م.
§الكليات (معجم في المصطلحات والفروق اللغوية)، أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي (ت1094 هـ)، ت: عدنان درويش ومحمد المصري ، مؤسسة الرسالة ، ط2 , 1419هـ-1998.
§لسان العرب ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الأفريقي (ت711هـ)، دار صادر ، بيروت ، ط3 ، 1414 هـ -1994م.
§محاسن التأويل ، محمد جمال الدين القاسمي (ت1332 هـ)، ت: محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء الكتب العربية ، ط1 ، 1377 هـ -1958م.
§المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، أبو محمد عبد الحق بن عطية الاندلسي (ت541 هـ) ، ت: عبد الله الأنصاري والسيد عبد العال إبراهيم ، مؤسسة دار العلوم, الدوحة ، ط1 ، 1398 هـ /1407 هـ،1977-1978م.
§مدارك التنزيل وحقائق التأويل ، عبد الله بن احمد بن محمود النسفي (ت710 هـ)، اعتنى به : عبد المجيد طعمة حلبي , دار المعرفة ، بيروت ، ط1، 1421 هـ -2000م
§المصباح المنير،احمد المقري الفيومي (ت770 هـ)،المكتبة العلمية،بيروت ، د-ت .
§معترك الأقران في إعجاز القرآن ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر محمد السيوطي (ت911 هـ)، ت: احمد شمس الدين ، دار الكتب العلمية , بيروت ، ط1, 1408 هـ -1988م.
§معجم الأفعال التي حذف مفعولها غير الصريح في القرآن الكريم ، عبد الفتاح احمد الحموز , دار الفيحاء, دار عمار ، عمان ، ط1، 1406 هـ -1986م.
§معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ، د.احمد مطلوب ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد ، ط1، 1403 هـ - 1983م.
§معجم مقاييس اللغة ، أبو الحسين احمد بن فارس بن زكريا (ت395 هـ)، ت: عبد السلام محمد هارون ، مصطفى البابي الحلبي وشركاؤه ، مصر , ط2، 1390 هـ-1970م.
§مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، جمال الدين أبو محمد عبدا لله بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت761 هـ) ، ت : د. مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ، دار الفكر, بيروت ، ط6 ، 1985م.
§المنتخب من تفسير الشعراوي ، محمد متولي الشعراوي ، دار العودة ، بيروت ، 1980م.
§النبأ العظيم (نظرات جديدة في القرآن) , محمد عبد الله دراز ، دار القلم ، الكويت ، ط2، 1390 هـ-1970م.
§نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ، برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي (ت855 هـ)، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ، ط1، 1389 هـ-1969م.
§الوسيلة الأدبية للعلوم العربية ، حسين المرصفي ، مطابع المدارس الملكية ، مصر، ط1، 1292 هـ.
الرسائل الجامعية
تعاقب الذكر والحذف في آيات القرآن الكريم، فاطمة فضل محمود السعدي، أطروحة دكتوراه، مقدمة إلى كلية الدراسات العليا- الجامعة الأردنية، بإشراف: د.جعفر عبابنة ، 1998م.