ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    الاحتباك

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 3:50 am

    " الاحتباك"هو المسمى اللغوي للأسلوب الذي تكون فيه الجملة الأولى متممة للثانية ، والجملة الثانية متممة للأولى .
    مثال توضيحي :
    قال تعالى : " قد كان لكم آية في فئتين التقتا ، فئة تقاتل في سبيل الله ، وأخرى كافرة"
    الفئة الأولى مؤمنة = دلت الجملة الثانية "أخرى كافرة" على ذلك
    الفئة الكافرة تقاتل في سبيل الطاغوت = دلت الجملة الأولى على ذلك " تقاتل في سبيل الله".
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 3:52 am

    الاحتباك : هو أن يُحذف من الأوائل ما جاء نظيره أو مقابله في الأواخر ، ويُحذف من الأواخر ما جاء نظيره أو مقابله في الأوائل .

    ومأخذ هذه التسمية من الحَبْك ، وهو الشدّ والإحكام ، وتحسين أثر الصنعة في الثوب ، فحبك الثوب هو سدّ ما بين خيوطه من الفُرج وشدّه وإحكامه إحكاماً يمنع عنه الخلل ، مع الحسن والرونق .

    وبيان أخذ هذه التسمية من حَبْكِ الثوب أن مواضع الحذف من الكلام شُبّهت بالفُرَج بين الخيوط ، فلمّا أدركها المتدبّر البصير بصياغة الكلام ، الماهر بإحكام روابطه ، وأدرك مقابلاتها ، تنبّه إلى ملء الفُرَج بأمثال مقابلاتها ، كما يفعل الحائل حينما يُجري حبكاً محكماً في الثوب الذي ينسجه .

    ومثال على ذلك من قول الله عزّ وجلّ : " قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ " (آل عمران : 13) .

    حيث نلاحظ في الآية الكريمة حذفاً من الأوائل لدلالة ما في الأواخر ، وحذفاً من الأواخر لدلالة ما في الأوائل ، وهذا من بدائع القرآن وإيجازه الرائع .

    إن إبراز المحاذيف يتطلّب منا أن نقول : " قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ " مُؤْمِنَةٌ " تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ " فِئَة " أُخْرَى كَافِرَةٌ " تقاتل في سبيل الطاغوت " يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ "

    فتحقّق الاحتباك بدلالة ما في الأوائل على المحذوف من الأواخر ، ودلالة ما في الأواخر على المحذوف من الأوائل .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 3:55 am

    دراسة الدكتور عدنان الأسعد

    (الإحتباك في القرآن الكريم : رؤية بلاغية)

    الإحتباك لغةً

    الإحتباك من الحبك ومعناه ((الشدُّ والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب))(1), وجاء في اللسان: (( الحبك الشدُّ, واحتبك بإزاره: احتبى به وشدَّه إلى يديه, والحبكة أن ترخي من أثناء حجزتك (2)من بين يديك لتحمل فيه الشيء ما كان , وقيل الحبكة: الحجزة بعينها ومنها اخذ الإحتباك بالباء وهو شدُّ الإزار))(3).
    ومما جاء بهذا المعنى ما روي عن عائشة – رضي الله عنها – إنها كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة , أي تشد الإزار وتحكمه (4), قال أبو عبيد (ت 226هـ): ((الإحتباك: شد الإزار وإحكامه , يعني أنها كانت لا تصلي إلا مؤتزرة ((…….)) ويروى في قوله تعالى ((والسماء ذات الحبك)) (الذاريات: 7) حسنها واستواؤها))(5).
    قال الجوهري (ت 398هـ): ((الحباك والحبيكة: الطريقة في الرمل ونحوه ……وحبك الثوب يحبكه – بالكسر – حبكاً أي : أجاد نسجه, قال ابن الأعرابي : كل شيءٍ أحكمته وأحسنت صنعه فقد احتبكته))(6).
    وجاء في العين ((حبكته بالسيف حبكا, وهو ضرب في اللحم دون العظم ويقال: هو محبوك العجز والمتن إذا كان فيه استواء مع ارتفاع قال الأعشى:
    على كل محبوك السراة كأنه عقاب هوت من مرقب وتعلت(7)
    أي ارتفعت , وهوت : انخفضت , والحباك : رباط الحضيرة بقصبات تُعَرَّض ثم تُشَدُّ كما تحبك عروش الكرم بالحبال, واحتبكت إزاري شددته))(8).
    فالإحتباك إذاً هو شَدُّ الإزار, وكل شيءٍ أحكمته وأحسنت صنعه فقد احتبكته.

    الإحتباك اصطلاحاً

    أما في الاصطلاح البلاغي فقد بَيَّنَ الإمام جلال الدين السيوطي الصلة بينه وبين المعنى اللغوي فقال: ((مأخذ هذه التسمية من الحبك الذي معناه الشد والأحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب فحبك الثوب سد ما بين خيوطه من الفرج وشده وإحكامه بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق وبيان أخذه منه من أن مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر في نظمه وحوكه فوضع المحذوف مواضعه كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن والرونق))(9).
    فعند سماع لفظ (احتباك) لأول وهلة يتراءى للذهن تلك الصورة من تداخل خيوط نسج الثوب أو قطع القصب مع بعضها وتفاوتها عن بعضها, كما توحي اللفظة بتراص الخيوط مع بعضها بحيث تندثر بينها الفرج التي تبدو عند عملية النسج البدائية, من خلال سحب هذه الخيوط بأصابع اليد , فهو عملية نسج من غير ترك فروج بين الخيوط او قطع القصب او مما ينسج منه .
    عُرِفَ الإحتباك عند العلماء بأكثر من اسم , وعرفوه بأكثر من تعريف, فقد عُرِفَ عند الزركشي (ت 794هـ) بالحذف المقابلي وعرفه بقوله: (( هو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كلِّ واحدٍ منهما مقابله لدلالة الآخر عليه))(10), وذكره علي الجرجاني (ت 816هـ) باسم (الإحتباك) وورد عنده بكلام الزركشي نفسه(11), وكل من جاء بعد الجرجاني سماه (الإحتباك),وقال عنه البقاعي–رحمه الله– (ت 855 هـ) في أحد المواضعأن يؤتى بكلامين يحذف منهما شيءٌ إيجازاًَ, يدل ما ذكر على ما حذف من الآخر))(12),وذكره السيوطي(ت 911 هـ) في تعريفه بأنهأن يحذف من الأول ما اثبت نظيره في الثاني , ومن الثاني ما اثبت نظيره في الأول))(13), أما من المعاصرين فقد ذكره عبد الفتاح الحموز وقال عنه: (( أن
    يحذف من الأول ما اثبت في الثاني, ومن الثاني ما اثبت في الأول))(14), وذكر الشيخ الشعراوي -رحمه الله- للإحتباك اسماً أخر وهو (تربيب الفائدة) وقال عنه: ((وهذا ما يسميه العلماء احتباكاً , وهو أن يأتي المتكلم بأمرين كلُّ أمر فيه عنصران المتكلم يريد أن يربي الفائدة بإيجازٍ دقيق فيجيء من العنصر الأول عنصر ويحذف مقابله من العنصر الثاني , ويجيء من العنصر الثاني عنصرٌ ويحذف مقابله في الأول))(15) .
    وهذه التعاريف لا نراها شاملة , لأنَّ بعضها قيد الإحتباك بين الجمل المتقابلة , وبعضها قيدها بالتناظر , والآخر بالمثل أو المتشابه, والإحتباك أصلاً يشمل هذه الأنواع كلها , فيقع بين الألفاظ الضدية , وكما يقع بين الألفاظ المتشابهة , أو المتناظرة , أو بين المنفية والمثبتة , وقد يشترك نوعان منها في نصٍ واحد فيكون احتباكاً مشتركاً , وربما عنى العلماء بالتقابل والتناظر والتشابه , التناظر الوزني بين الجملتين لا العلاقات الضدية والمتناظرة ... الخ , أي إذا حذف من الجملة الأولى شيءٌ عوض عنه في الجملة الثانية , وإذا حذف ن الجملة الثانية شيءٌ عوض عنه في الجملة الأولى ما يدل عليه , ولذلك يحصل نوع من التوازن كما هو الحال في كفتي الميزان , ومنه تستنبط دلالة التقابل , أما كلام البقاعي فنراه الاقرب وذلك لأنَّه لم يحده بنوع معين من العلاقة بين الجمل المذكورة والمحذوفة , ولكن مع هذا يحتاج تعريفه إلى التوضيح والتبيين , ولهذا قمنا بوضع تعريف نراه شاملاً وموضحاً للاحتباك إلى حَدٍّ كبير , ونحن عند وضع هذا التعريف لا يعني أننا نأتي بشيءٍ جديد , ولكن هذا التعريف مستسقى من كلام معظم العلماء الذين ذكروا الإحتباك , مع التأليف بين النصوص لوضع صورة كاملة للاحتباك فنقول هو ((أن يؤتى بكلامين في النص في كلٍ منهما متضادان , أو متشابهان , أو متناظران , أو منفيان , أو يشترك نوعان منهما في نصٍ واحد , فيحذف من احد الكلامين كلمة , أو جملة إيجازاً يأتي ما يدل على المحذوف في الثاني , ويحذف من الثاني كلمة أو جملة أيضاً قد أتى ما يدل عليها في الأول , فيكون باقي كلٍّ منهما دليلاً على ما حذف من الأخر , ويكمل كل جزءٍ الجزء الأخر ويتممه ويفيده من غير إخلال في النظم ولا تكلف)).

    يتبع
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 3:56 am

    الإحتباك عند العلماء قديماً وحديثاً

    تناول علماء البلاغة المتأخرون هذا الفن بشيءٍ من التفصيل والاهتمام لا سيّما في كتب التفسير كالبقاعي (855هـ) والالوسي (ت 1025هـ) وغيرهما, إلاّ أن هناك من أشار إليه من طرفٍ خفي, ربما كان له بهذه الإشارة الفضل في التنويه به والتنبيه عليه, ويمكن أن نتابع ذلك عبر التسلسل التاريخي ونستطيع أن نعدّ سيبويه (180هـ) أول من أشار إليه إشارة عابرة من غير تنظير أو استفاضة عند وقوفه على قوله تعالى:  وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (البقرة:171) إذ قال: (( لم يشبهوا بما ينعق إنما شبهوا بالمنعوق به, وإنما المعنى: ومثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع, ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى))(16), وهذا هو الإحتباك بعينه حيث حذف من الأول (داعي الكافرين) لدلالة (الذي ينعق) عليه في الثاني , وحذف من الثاني (المنعوق به) لدلالة الأول عليه وهو (الذين كفروا).
    ثم ذكر المفسرون تباعاً بعد سيبويه إشارات لا يمكن أن ترقى إلى مستوى التنظير, منها ما ذكره الطبري (310هـ) عند تفسيره لقوله تعالى:  وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (البقرة/ 135) ما في معناه وهذا يعني قالت اليهود كونوا هوداً تهتدوا , وقالت النصارى كونوا نصارى تهتدوا(17), وهذا من الإحتباك أيضاً لأنه حذف من الأول (تهتدوا) لدلالة (تهتدوا) الثانية عليه , وحذف من الثاني (كونوا) لدلالة (كونوا) في الأول عليه , إذ المعلوم أن اليهودية تكفر النصرانية ولا تجوزها والنصرانية تكفر اليهودية ولا تجوزها , فلا يجوز أن يراد به التخيير(18).
    أما أبن عطية (ت 478 هـ) فقد وردت عنده إشارة واضحة إلى الإحتباك في قوله تعالى: لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً (الأحزاب/24) إذ قال : ((تعذيب المنافقين ثمرة إدامتهم الإقامة على النفاق إلى موتهم, والتوبة موازية لتلك الإدامة , وثمرة التوبة تركهم دون عذاب , فهما درجتان إقامةٌ على نفاق أو توبة منه , وعنهما ثمرتان تعذيبٌ أو رحمة , فذكر تعالى على جهة الإيجاز واحدة من هذين ودل ما ذكر على ما ترك ذكره ))(19), وبهذا القول تصبح الآية من الإحتباك لأنَّ الحذف وقع من الطرفين فذكر (العذاب) أولاً يدل على (الرحمة) والنعيم ثانياً, وذكر (التوبة) ثانياً يدل على ( عدم التوبة ) أولاً.
    وجاء بعده الزمخشري (ت 538هـ) فقد وردت عنده إشارة واضحة إلى الإحتباك في تفسيره الكشاف عند وقوفه على قوله تعالى:  وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (يونس /107) بقوله: ((فإن قلت : لم ذكر المس في أحدهما والإرادة في الثاني قلت ‏:‏ كأنه أراد أن يذكر الأمرين جميعاً : الإرادة والإصابة في كل واحد من الضر والخير وأنه لا راد لما يريده منهما ولا مزيل لما يصيب به منهما فأوجز الكلام بأن ذكر المس وهو الإصابة في أحدهما والإرادة في الآخر ليدل بما ذكر على ما ترك))(20), وهذا من أول واهم الإشارات الواضحة على الإحتباك وذلك لأنَّه حذف من الأول (الإرادة) لدلالة الثاني عليه (يردك) , وحذف من الثاني (المس) لدلالة الأول عليه (يمسسك) .
    وجاء بعد صاحب الكشاف الرازي (ت 606هـ) وذكر عند تفسيره قوله تعالى:  وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (غافر/ 41) أن معناها: (( أنا ادعوكم إلى الإيمان الذي يوجب النجاة وتدعونني إلى الكفر الذي يوجب النار))(21), وهذه الآية من الإحتباك لأنَّه ذكر النجاة الملازمة للإيمان أولا دليلاً على حذف الهلاك الملازم للكفران ثانياً , والنار ثانياً دليلاً على حذف الجنة أولاً.
    أما القرطبي (ت 671هـ) فقد ذكر إشارة أخرى عندما قال معلقاً على قوله تعالى:  وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ  (البقرة / 228): (( أي لهن من الحقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن))(22), وهذا مما عُدَّ من الإحتباك أيضاً لأنَّه حذف من الأول (على الرجال) لدلالة (عليهن) في الثاني عليه وحذف من الثاني (للرجال) لدلالة (لهن) في الأول عليه.
    أما النسفي (ت710هـ) فقد ذكر عند وقوفه على قوله تعالى :وَكَم مِّن قَرْيَةٍأَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ (الأعراف / 4) أنَّه ((إذا قيل بياتاً : ليلاً , أي ليلاً وهم نائمون أو نهاراً وهم قائلون))(23), وعلى هذا تكون الآية من الإحتباك أيضاً وذلك لأنَّه حذف من الأول (نائمون) لدلالة الثاني عليه (قائلون), وحذف من الثاني (نهاراً) لدلالة الأول عليه وهو (بياتاً أي ليلاً).
    هذه ابرز الإشارات التي وردت عند علمائنا الأوائل والتي كانت الأساس والنواة في تأسيس الإحتباك.
    ثم بعد ذلك نضجت الفكرة من خلال هذه الإشارات ونمت حتى أن أبا حيان الأندلسي (ت745هـ) الذي يعد من أوائل الذين بينوا الإحتباك ووضحوه بياناً مفصلاً إلا أنَّه لم يسمه بالإحتباك, فعندما فسر الآية التي مرت أنفاً عند القرطبي وهي قوله تعالى:  وَلَهنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ  قال معلقاً عليها: ((هذا من بديع الكلام، إذ حذف شيئاً من الأول أثبت نظيره في الآخر، وأثبت شيئاً في الأول حذف نظيره في الآخر، وأصل التركيب ولهنّ على أزواجهنّ مثل الذي لأزواجهنّ عليهنّ، فحذفت على أزواجهنّ لإثبات: عليهنّ، وحذف لأزواجهنّ لإثبات لهنّ))(24) وهذا هو الإحتباك المتناظر الذي يحذف من كلٍّ من الطرفين ما اثبت نظيره من الآخر, وقال في قوله تعالى:  لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً  (الأحزاب / 8) : ((ويجوز أن يكون حذف من الأول ما أثيب به الصادقون، وهم المؤمنون، وذكرت العلة؛ وحذف من الثاني العلة، وذكر ما عوقبوا به. وكان التقدير: ليسأل الصادقين عن صدقهم، فأثابهم؛ويسأل الكافرين عما أجابوا به رسلهم))(25) وهذا من الإحتباك الضدي الذي يحذف من كلٍّ من الطرفين ضد الاخر, وغيرها من الآيات التي سوف نتناولها في هذا البحث , ومن هذا الكلام نستنتج ان أبا حيان فرق بين الألفاظ المحذوفة , وهو أول من ذكر الإحتباك ونظر له من غير أن يسميه , وعده من الفصاحة والبيان , ومن بديع الحذف والكلام , فكل من جاء بعده نقل عنه وأخذ الفكرة ولم يذكر انه نقل عنه , وبهذا يعد أبو حيان هو المنظر الأول – إذا صح التعبير – لمفهوم الإحتباك إلاّ أنه لم يطلق عليه مصطلحاً , والذين جاءوا من بعده أخذوا الفكرة منه كما قلنا ثمَّ وضعوا له مصطلحات أشهرها الإحتباك .
    وهذا ابن القيم (ت751 هـ)-رحمه الله تعالى- جعله من الإيجاز الحسن من غير أن يسميه عند تعليقه على عدد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى: ….. إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (الأعراف/56) فقال : ((إنَّ هذا من باب الاستغناء بأحد المذكورين عن الاخر , لكونه تبعاً له , ومعنىً من معانيه , فإنَّه ذكرٌ أغنى عن ذكره لأنَّه يفهم منه , فعلى هذا يكون الأصل في الآية:إنَّ الله قريبٌ من المحسنين, وإنَّ رحمة الله قريبة من المحسنين))(26). وعند قوله تعالى:  … وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً  ( المزمل / 8 ) قال: ((ومصدر بتل إليه (تبتلاً) كالتعلم والتفهم, ولكن جاء على (التفعيل) مصدر (فَعَّلَ) لسرٍ لطيف فإنَّ في هذا الفعل إيذاناً بالتدريج والتكلف والتعمل والتكثر والمبالغة, فأتى بالفعل الدال على أحدهما , وبالمصدر الدال على الآخر فكأنة قيل: بتل نفسك إلى الله تبتيلا وتبتل إليه تبتلا, ففهم المعنيان من الفعل ومصدره . وهذا كثير في القرآن, وهو من حسن الاختصار والإيجاز))(27).
    فابن القيم في هذين الموضعين يبين المحذوف والمذكور ويدل عليهما ويجعله من الإيجاز الحسن.
    وجاء بعد ابن القيم الزركشي (ت 794هـ) فذكره بالبرهان وأطلق عليه اسم (الحذف المقابلي) وقال عنه : ((هو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كلِّ واحدٍ منهما مقابله لدلالة الآخر عليه))(28) .
    أما بعد الزركشي فقد اخذ العلماء يسمونه بالإحتباك وأول من ورد عنده هذا الاسم علي الجرجاني المعروف بالشريف الجرجاني (ت 816هـ) في كتابه التعريفات وأورد له نفس كلام الزركشي(29).
    ومن بعد علي الجرجاني جاء الإمام برهان الدين البقاعي (ت855هـ) – رحمه الله – الذي اهتم به كثيراً , حتى إنَّ تفسيره (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) ورد فيه الإحتباك بكثرة , ونظر له أيضاً فقال في احد المواضع : ((هو أن يحذف من جملةٍ شيءٌ إيجازاً ويذكر في الجملة الأخرى ما يدل عليه))(30) , ولم يكتف بذكره في تفسيره بل صنف له كتاباً خاصاً
    وسماه (الإدراك لفن الإحتباك) كما يقول هو : ((وقد جمعت فيه كتاباً حسناً ذكرت فيه تعريفه ومأخذه من اللغة وما حضرني من أمثلته من الكتاب العزيز وكلام الفقهاء وسميته (الإدراك لفن الإحتباك)))(31) , وبعد البحث عن هذا الكتاب لم نعثر عليه ولعله من كتبه المفقودة , وينسب بعض العلماء هذا الفن إليه(32) بسبب اهتمامه به , فهو كثيراً ما يقف على الآيات الكريمات التي فيها احتباك ويذكر ويبين ما حذف وما ذكر من الأخر من حيث التضاد والتشابه والنفي ...الخ .
    وكل من جاء بعد الجرجاني والبقاعي اخذ يذكره باسمه ولكن بحدودٍ مختلفة , فبعد البقاعي ذكره الإمام السيوطي (911هـ) باسمه وجعله واحداً من أقسام الحذف في كتبه(33), ونظر له وعده من أجمل أنواع الحذف والإيجاز وعزاه إلى البقاعي فقال عنه : ((هو من ألطف الأنواع وأبدعها وقل من تنبه له أو نبه عليه من أهل فن البلاغة ولم أره إلا في شرح بديعية الأعمى لرفيقه الأندلسي وذكره الزركشي في البرهان ولم يسمه هذا الاسم بل سماه الحذف المقابلي وأفرده في التصنيف من أهل العصر العلامة برهان الدين البقاعي . قال الأندلسي في شرح البديعية : من أنواع البديع الإحتباك وهو نوع عزيز وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول كقوله تعالى :{ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق} الآية التقدير: ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق والذي ينعق به فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذي ينعق عليه ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة الذين كفروا عليه. وقوله : {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء} التقدير تدخل غير بيضاء وأخرجها تخرج بيضاء فحذف من الأول تدخل غير بيضاء ومن الثاني وأخرجها. وقال الزركشي: وهو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كل واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه كقوله تعالى: ((أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون)) التقدير : ((إن افتريته فعليّ إجرامي وأنتم برآء منه وعليكم إجرامكم وأنا بريء مما تجرمون))(34) .
    أما من جاء بعد السيوطي فلم يضيفوا شيئاً على ما ذكره العلماء آنفاً في الإحتباك مكتفين غالباً بالأمثلة التي أوردها الذين من قبلهم, منهم الالوسي(35) والقاسمي(36), والقِنوجي(37), والعلامة الجمل(38), والشيخ الصاوي(39),,ابن عاشور(40) والشنقيطي(41),والصابوني(42), وعبد الفتاح الحموز(43)، أما الشعراوي فقد ذكر له اسماً أخر مع الإحتباك وهو ( تربيب الفائدة) فقال: ((وهذا ما يسميه العلماء احتباك , وهو أن يأتي المتكلم بأمرين كلُّ أمر فيه عنصران المتكلم يريد أن يربي الفائدة بإيجازٍ دقيق فيجيء من العنصر الأول عنصر ويحذف مقابله من العنصر الثاني,ويجيء من العنصر الثاني عنصرٌ ويحذف مقابله في الأول ))(44).
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 3:57 am

    الإحتباك في القران الكريم

    – دراسة بلاغية–

    عدنان عبد السلام اسعد





    الخلاصة

    يقوم هذا البحث على كشف الحجب عن نوعٍ نفيسٍ من أنواع الحذف في اللغة العربية الكريمةذكره بعض العلماءوالمفسرونفي كتبهم دون تفصيل وتبيين .

    فقام هذا البحث على جمع هذه النتف القليلة التي وردت في كتب أهل البلاغة والتفسير، وفهم الآلية التي يقوم عليها هذا النوع من الحذف ، ومن ثمَّ طبقنا هذه الآلية على القران الكريم ، فكان بحثنا (الإحتباك في القرآن الكريم : دراسة بلاغية) وكان اختيارنا للتطبيق في القرآن الكريم عن قصدٍ ليكتمل عقد المنفعة ببركة هذا الكتاب الكريم ، وللإحاطة بأنواع هذا النوع من الحذف ،حيث عُلِمَ هذا المفهوم من خلال تفسير بعض آيات القران ,فهو علمٌ قراني في بداية أمره لذلك فإن اختياره في القران يزده شرفاً وتبياناً ورفعةً وسماءً .

    تناولت الإحتباك في اللغة والاصطلاح والعلاقة بينهما ، ومآخذ تسميته ، كما تتبعت الإحتباك عند العلماء قديما وحديثا ، وبينت أنواعه في القران الكريم وهي خمسة ، الإحتباك الضدي ، والإحتباك المتشابه ، والإحتباك المتناظر ، والإحتباك المنفي المثبت ، والإحتباك المشترك ، ثم بينت بعض الشروط له ، ثم ختمت البحث بأهم فوائد وبلاغة الإحتباك في الكلام .

    المدخل

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد قائد الغر المحجلين, وعلى اله وصحبه الغر الميامين, وبعد :

    فإن اللغة العربية منذ أن شـرّفها الله واختارها لتكونَ لغةَ القرآن الكـريم حظيت من الحفظ والانتشار كما أراده الله لكتابه ، وإن مجال البحث والدراسـة فيها لا يكاد ينتهي إلى يومنا، فما أعظمَها من لغةٍ وسِـعتْ كلامَ الله عز وجل، وكفى بهذه اللغة حفظاً أن تعهّد الله بحفظ كتابه الكريم فيها}إنّا نحنُ نزّلنا الذِّكْرَ وإنّا لهُ لحافِظون{.

    وقد امتازت العربيةُ عن كثير من اللغـات الأخرى ، من حيث الوفرة اللغوية، وقوة الأساليبِ البيانية، ووضوح الدلالة، وتنَوُّع طرائق التعبير، فكان منها الحذفُ إيجازاً واقتصاداً، أو كان لأغراض يدعو إليها البيان، مع وفاء المعاني وبُعدِ المرامي. واللغة العربية بطبيعتها لغةُ إيجاز، وكان أقربُ طريق إلى الإيجاز هو الحذف، والحذف في أساليب العربية مع ما فيه من الإيجاز والاقتصاد قد يكون به الكلامُ أوقع وأبلغ، وقد يؤدي من المعاني مالا يؤدي إليه الذكرُ والإطالة.

    وقد تضَمَّنَتِ اللغةُ العربية كثيراً من صُوَر الحذف، وتنوَّعَت به في مختلف جوانبها، ولأغراض مختلفة، فالتزمَتْ به في طائفة من المواضـع، بدءاً من الحذف الصوتي تسهيلاً للنطق، ثم في الإعراب والأحكام النحوية والوضع اللغوي، كما سَـلكتْ إليه أساليبُ البيان لتؤدي مدلولاتٍ بيانية خاصة، وأغراضاً بلاغية متنوعة.

    فرأينا أن نجعل من ظاهرة الحذف في اللغة العربية مادة لهذا البحث الذي جاء عنوانه جامعا بين الفن البلاغي والنحوي ( الإحتباك في القران الكريم – دراسة بلاغية - ).

    والسبب الذي دعانا إلى التعمق في موضوع الإحتباك هو أننا لم نجد لمفهوم الإحتباك تصور عند كثير من مَن اهتم بعلوم البلاغة ، ونبه إليه ندرةٌ من هؤلاء العلماء لذلك كان علينا أن نجمع شتات هذه النتف وننطلق منها للتوسع والغوص لأجل كشف الغطاء عن هذا المصطلح البلاغي وإخراجه إلى أيدي المهتمين بعلوم البلاغة.

    فتناول البحث الإحتباك في اللغة والاصطلاح والعلاقة بينهما , ومآخذ تسميته ، كما تتبعت الإحتباك عند العلماء قديما وحديثا ، وبينت أنواعه في القرآن الكريم وهي خمسة ،الإحتباك الضدي ، والإحتباك المتشابه ، والإحتباك المتناظر ، والإحتباك المنفي المثبت ، والإحتباك المشترك ، ثم بينت طائفة من شروطه ،ثم ختمت البحث بأهم فوائد الإحتباك وبلاغته في الكلام .

    الإحتباك لغةً

    الإحتباك من الحبك ومعناه ((الشدُّ والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب))(1), وجاء في اللسان: (( الحبك الشدُّ, واحتبك بإزاره: احتبى به وشدَّه إلى يديه, والحبكة أن ترخي من أثناء حجزتك(2)من بين يديك لتحمل فيه الشيء ما كان , وقيل الحبكة: الحجزة بعينها ومنها اخذ الإحتباك بالباء وهو شدُّ الإزار))(3).

    ومما جاء بهذا المعنى ما روي عن عائشة – رضي الله عنها – إنها كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة , أي تشد الإزار وتحكمه(4),قال أبو عبيد (ت 226هـ): ((الإحتباك: شد الإزار وإحكامه , يعني أنها كانت لا تصلي إلا مؤتزرة ((…….)) ويروى في قوله تعالى ((والسماء ذات الحبك)) (الذاريات: 7) حسنها واستواؤها))(5).

    قال الجوهري (ت 398هـ): ((الحباك والحبيكة: الطريقة في الرمل ونحوه ……وحبك الثوب يحبكه – بالكسر – حبكاً أي : أجاد نسجه, قال ابن الأعرابي : كل شيءٍ أحكمته وأحسنت صنعه فقد احتبكته))(6).

    وجاء في العين ((حبكته بالسيف حبكا, وهو ضرب في اللحم دون العظم ويقال: هو محبوك العجز والمتن إذا كان فيه استواء مع ارتفاع قال الأعشى:

    على كل محبوك السراة كأنه عقاب هوت من مرقب وتعلت(7)

    أي ارتفعت , وهوت : انخفضت , والحباك : رباط الحضيرة بقصبات تُعَرَّض ثم تُشَدُّ كما تحبك عروش الكرم بالحبال, واحتبكت إزاري شددته))(8).

    فالإحتباك إذاً هو شَدُّ الإزار, وكل شيءٍ أحكمته وأحسنت صنعه فقد احتبكته.

    الإحتباك اصطلاحاً

    أما في الاصطلاح البلاغي فقد بَيَّنَ الإمام جلال الدين السيوطي الصلة بينه وبين المعنى اللغوي فقال: ((مأخذ هذه التسمية من الحبك الذي معناه الشد والأحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب فحبك الثوب سد ما بين خيوطه من الفرج وشده وإحكامه بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق وبيان أخذه منه من أن مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر في نظمه وحوكه فوضع المحذوف مواضعه كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن والرونق))(9).

    فعند سماع لفظ (احتباك) لأول وهلة يتراءى للذهن تلك الصورة من تداخل خيوط نسج الثوب أو قطع القصب مع بعضها وتفاوتها عن بعضها, كما توحي اللفظة بتراص الخيوط مع بعضها بحيث تندثر بينها الفرج التي تبدو عند عملية النسج البدائية, من خلال سحب هذه الخيوط بأصابع اليد , فهو عملية نسج من غير ترك فروج بين الخيوط او قطع القصب او مما ينسج منه .

    عُرِفَ الإحتباك عند العلماء بأكثر من اسم , وعرفوه بأكثر من تعريف, فقد عُرِفَ عند الزركشي (ت 794هـ) بالحذف المقابلي وعرفه بقوله: (( هو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كلِّ واحدٍ منهما مقابله لدلالة الآخر عليه))(10), وذكره علي الجرجاني (ت 816هـ) باسم (الإحتباك) وورد عنده بكلام الزركشي نفسه(11), وكل من جاء بعد الجرجاني سماه (الإحتباك),وقال عنه البقاعي–رحمه الله– (ت 855 هـ) في أحد المواضع:((أن يؤتى بكلامين يحذف منهما شيءٌ إيجازاًَ, يدل ما ذكر على ما حذف من الآخر))(12),وذكره السيوطي(ت 911 هـ) في تعريفه بأنه:((أن يحذف من الأول ما اثبت نظيره في الثاني , ومن الثاني ما اثبت نظيره في الأول))(13),أما من المعاصرين فقد ذكره عبد الفتاح الحموز وقال عنه: (( أن

    يحذف من الأول ما اثبت في الثاني, ومن الثاني ما اثبت في الأول))(14), وذكر الشيخ الشعراوي -رحمه الله- للإحتباك اسماً أخر وهو (تربيب الفائدة) وقال عنه: ((وهذا ما يسميه العلماء احتباكاً , وهو أن يأتي المتكلم بأمرين كلُّ أمر فيه عنصران المتكلم يريد أن يربي الفائدة بإيجازٍ دقيق فيجيء من العنصر الأول عنصر ويحذف مقابله من العنصر الثاني , ويجيء من العنصر الثاني عنصرٌ ويحذف مقابله في الأول))(15).

    وهذه التعاريف لا نراها شاملة , لأنَّ بعضها قيد الإحتباك بين الجمل المتقابلة , وبعضها قيدها بالتناظر , والآخر بالمثل أو المتشابه, والإحتباك أصلاً يشمل هذه الأنواع كلها , فيقع بين الألفاظ الضدية , وكما يقع بين الألفاظ المتشابهة , أو المتناظرة , أو بين المنفية والمثبتة , وقد يشترك نوعان منها في نصٍ واحد فيكون احتباكاً مشتركاً , وربما عنى العلماء بالتقابل والتناظر والتشابه , التناظر الوزني بين الجملتين لا العلاقات الضدية والمتناظرة ... الخ , أي إذا حذف من الجملة الأولى شيءٌ عوض عنه في الجملة الثانية , وإذا حذف ن الجملة الثانية شيءٌ عوض عنه في الجملة الأولى ما يدل عليه , ولذلك يحصل نوع من التوازن كما هو الحال في كفتي الميزان , ومنه تستنبط دلالة التقابل , أما كلام البقاعي فنراه الاقرب وذلك لأنَّه لم يحده بنوع معين من العلاقة بين الجمل المذكورة والمحذوفة , ولكن مع هذا يحتاج تعريفه إلى التوضيح والتبيين , ولهذا قمنا بوضع تعريف نراه شاملاً وموضحاً للاحتباك إلى حَدٍّ كبير , ونحن عند وضع هذا التعريف لا يعني أننا نأتي بشيءٍ جديد , ولكن هذا التعريف مستسقى من كلام معظم العلماء الذين ذكروا الإحتباك , مع التأليف بين النصوص لوضع صورة كاملة للاحتباك فنقول هو ((أن يؤتى بكلامين في النص في كلٍ منهما متضادان , أو متشابهان , أو متناظران , أو منفيان , أو يشترك نوعان منها في نصٍ واحد , فيحذف من احد الكلامين كلمة , أو جملة إيجازاً يأتي ما يدل على المحذوف في الثاني , ويحذف من الثاني كلمة أو جملة أيضاً قد أتى ما يدل عليها في الأول , فيكون باقي كلٍّ منهما دليلاً على ما حذف من الأخر , ويكمل كل جزءٍ الجزء الأخر ويتممه ويفيده من غير إخلال في النظم ولا تكلف)).

    الإحتباك عند العلماء قديماً وحديثاً

    تناول علماء البلاغة المتأخرون هذا الفن بشيءٍ من التفصيل والاهتمام ولا سيّما في كتب التفسير كالبقاعي (855هـ) والالوسي (ت 1025هـ) وغيرهما, إلاّ أن هناك من أشار إليه من طرفٍ خفي, ربما كان له بهذه الإشارة الفضل في التنويه به والتنبيه عليه, ويمكن أن نتابع ذلك عبر التسلسل التاريخي ونستطيع أن نعدّ سيبويه (180هـ) أول من أشار إليه بإشارة عابرة من غير تنظير أو استفاضة عند وقوفه على قوله تعالى:}وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ{(البقرة:171)حيث قال: (( لم يشبهوا بما ينعق إنما شبهوا بالمنعوق به, وإنما المعنى: ومثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع, ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى))(16), وهذا هو الإحتباك بعينه حيث حذف من الأول (داعي الكافرين) لدلالة (الذي ينعق) عليه في الثاني , وحذف من الثاني (المنعوق به) لدلالة الأول عليه وهو (الذين كفروا).

    ثم ذكر المفسرون تباعاً بعد سيبويه إشارات لا يمكن أن ترقى إلى مستوى التنظير, منها ما ذكره الطبري (310هـ) عند تفسيره لقوله تعالى:}وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{(البقرة/ 135) ما في معناه وهذا يعني قالت اليهود كونوا هوداً تهتدوا , وقالت النصارى كونوا نصارى تهتدوا(17), وهذا من الإحتباك أيضاً لأنه حذف من الأول (تهتدوا) لدلالة (تهتدوا) الثانية عليه , وحذف من الثاني (كونوا) لدلالة (كونوا) في الأول عليه , إذ المعلوم أن اليهودية تكفر النصرانية ولا تجوزها والنصرانية تكفر اليهودية ولا تجوزها , فلا يجوز أن يراد به التخيير(18).

    أما أبن عطية (ت 478 هـ) فقد وردت عنده إشارة واضحة إلى الإحتباك في قوله تعالى:}لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً{(الأحزاب/24) حيث قال : ((تعذيب المنافقين ثمرة إدامتهم الإقامة على النفاق إلى موتهم, والتوبة موازية لتلك الإدامة , وثمرة التوبة تركهم دون عذاب , فهما درجتان إقامةٌ على نفاق

    أو توبة منه , وعنهما ثمرتان تعذيبٌ أو رحمة , فذكر تعالى على جهة الإيجاز واحدة من هذين ودل ما ذكر على ما ترك ذكره ))(19), وبهذا القول تصبح الآية من الإحتباك لأنَّ الحذف وقع من الطرفين فذكر (العذاب) أولاً يدل على (الرحمة) والنعيم ثانياً, وذكر (التوبة) ثانياً يدل على ( عدم التوبة ) أولاً.

    وجاء بعده الزمخشري (ت 538هـ) فقد وردت عنده إشارة واضحة جداً إلى الإحتباك في تفسيره الكشاف عند وقوفه على قوله تعالى:}وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{(يونس /107) بقوله: ((فإن قلت : لم ذكر المس في أحدهما والإرادة في الثاني قلت ‏:‏ كأنه أراد أن يذكر الأمرين جميعاً : الإرادة والإصابة في كل واحد من الضر والخير وأنه لا راد لما يريده منهما ولا مزيل لما يصيب به منهما فأوجز الكلام بأن ذكر المس وهو الإصابة في أحدهما والإرادة في الآخر ليدل بما ذكر على ما ترك))(20), وهذا من أول واهم الإشارات الواضحة على الإحتباك وذلك لأنَّه حذف من الأول (الإرادة) لدلالة الثاني عليه (يردك) , وحذف من الثاني (المس) لدلالة الأول عليه (يمسسك) .

    وجاء بعد صاحب الكشاف الرازي (ت 606هـ) وذكر عند تفسيره قوله تعالى:}وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ{(غافر/ 41) أن معناها: (( أنا ادعوكم إلى الإيمان الذي يوجب النجاة وتدعونني إلى الكفر الذي يوجب النار))(21),وهذه الآية من الإحتباك لأنَّه ذكر النجاة الملازمة للإيمان أولا دليلاً على حذف الهلاك الملازم للكفران ثانياً , والنار ثانياً دليلاً على حذف الجنة أولاً.

    أما القرطبي (ت 671هـ) فقد ذكر إشارة أخرى عندما قال معلقاً على قوله تعالى:}وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{(البقرة / 228): (( أي لهن من الحقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن))(22), وهذا مما عُدَّ من الإحتباك أيضاً لأنَّه حذف من الأول (على الرجال) لدلالة (عليهن) في الثاني عليه وحذف من الثاني (للرجال) لدلالة (لهن) في الأول عليه.

    أما النسفي (ت710هـ) فقد ذكر عند وقوفه على قوله تعالى} :وَكَم مِّن قَرْيَةٍأَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ{(الأعراف / 4) أنَّه ((إذا قيل بياتاً : ليلاً , أي ليلاً وهم نائمون أو نهاراً وهم قائلون))(23), وعلى هذا تكون الآية من الإحتباك أيضاً وذلك لأنَّه حذف من الأول (نائمون) لدلالة الثاني عليه (قائلون), وحذف من الثاني (نهاراً) لدلالة الأول عليه وهو (بياتاً أي ليلاً).

    هذه ابرز الإشارات التي وردت عند علمائنا الأوائل والتي كانت الأساس والنواة في تأسيس الإحتباك.

    ثم بعد ذلك نضجت الفكرة من خلال هذه الإشارات ونمت حتى ان أبا حيان الأندلسي (ت745هـ) الذي يعد من أوائل الذين بينوا الإحتباك ووضحوه إلا أنَّه لم يسمه بالإحتباك, فعندما فسر الآية التي مرت أنفاً عند القرطبي وهي قوله تعالى:}وَلَهنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ قال معلقاً عليها: ((هذا من بديع الكلام، إذ حذف شيئاً من الأول أثبت نظيره في الآخر، وأثبت شيئاً في الأول حذف نظيره في الآخر، وأصل التركيب ولهنّ على أزواجهنّ مثل الذي لأزواجهنّ عليهنّ، فحذفت على أزواجهنّ لإثبات: عليهنّ، وحذف لأزواجهنّ لإثبات لهنّ))(24)وهذا هو الإحتباك المتناظر الذي يحذف من كلٍّ من الطرفين ما اثبت نظيره من الآخر, وقال في قوله تعالى:}لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً{(الأحزاب / 8) : ((ويجوز أن يكون حذف من الأول ما أثيب به الصادقون، وهم المؤمنون، وذكرت العلة؛ وحذف من الثاني العلة، وذكر ما عوقبوا به. وكان التقدير: ليسأل الصادقين عن صدقهم، فأثابهم؛ويسأل الكافرين عما أجابوا به رسلهم))(25)وهذا من الإحتباك الضدي الذي يحذف من كلٍّ من الطرفين ضد الاخر , وغيرها من الآيات التي سوف نتناولها في هذا البحث , ومن هذا الكلام نستنتج ان أبا حيان فرق بين الألفاظ المحذوفة , وهو أول من ذكر الإحتباك ونظر له من غير أن يسميه , وعده من الفصاحة والبيان , ومن بديع الحذف والكلام , فكل من جاء بعده نقل عنه وأخذ الفكرة ولم يذكر انه نقل عنه , وبهذا يعد أبو حيان هو المنظر الأول – إذا صح التعبير – لمفهوم الإحتباك إلاّ أنه لم يطلق عليه مصطلحاً , والذين جاءوا من بعده أخذوا الفكرة منه كما قلنا ثمَّ وضعوا له مصطلحات أشهرها الإحتباك .

    وهذا ابن القيم (ت751 هـ)-رحمه الله- جعله من الإيجاز الحسن من غير أن يسميه عند تعليقه على عدد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى:}…..إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ{(الأعراف/56) فقال : ((إنَّ هذا من باب الاستغناء بأحد المذكورين عن الاخر , لكونه تبعاً له , ومعنىً من معانيه , فإنَّه ذكرٌ أغنى عن ذكره لأنَّه يفهم منه ((……..)) فعلى هذا يكون الأصل في الآية:إنَّ الله قريبٌ من المحسنين, وإنَّ رحمة الله قريبة من المحسنين))(26). وعند قوله تعالى:}…وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً{( المزمل / 8 ) قال: ((ومصدر بتل إليه (تبتلاً) كالتعلم والتفهم, ولكن جاء على (التفعيل) مصدر (فَعَّلَ) لسرٍ لطيف فإنَّ في هذا الفعل إيذاناً بالتدريج والتكلف والتعمل والتكثر والمبالغة, فأتى بالفعل الدال على أحدهما , وبالمصدر الدال على الآخر فكأنة قيل: بتل نفسك إلى الله تبتيلا وتبتل إليه تبتلا, ففهم المعنيان من الفعل ومصدره . وهذا كثير في القرآن, وهو من حسن الاختصار والإيجاز))(27).

    فابن القيم في هذين الموضعين يبين المحذوف والمذكور ويدل عليهما ويجعله من الإيجاز الحسن.

    وجاء بعد ابن القيم الزركشي (ت 794هـ) فذكره بالبرهان وأطلق عليه اسم (الحذف المقابلي) وقال عنه : ((هو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كلِّ واحدٍ منهما مقابله لدلالة الآخر عليه))(28).

    أما بعد الزركشي فقد اخذ العلماء يسمونه بالإحتباك وأول من ورد عنده هذا الاسم علي الجرجاني المعروف بالشريف الجرجاني (ت 816هـ) في كتابه التعريفات وأورد له نفس كلام الزركشي(29).

    ومن بعد علي الجرجاني جاء الإمام برهان الدين البقاعي (ت855هـ) – رحمه الله – الذي اهتم به كثيراً , حتى إنَّ تفسيره (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) ورد فيه الإحتباك بكثرة , ونظر له أيضاً فقال في احد المواضع : ((هو أن يحذف من جملةٍ شيءٌ إيجازاً ويذكر في الجملة الأخرى ما يدل عليه))(30), ولم يكتف بذكره في تفسيره بل صنف له كتاباً خاصاً

    وسماه (الإدراك لفن الإحتباك) كما يقول هو : ((وقد جمعت فيه كتاباً حسناً ذكرت فيه تعريفه ومأخذه من اللغة وما حضرني من أمثلته من الكتاب العزيز وكلام الفقهاء وسميته (الإدراك لفن الإحتباك)))(31), وبعد البحث عن هذا الكتاب لم نعثر عليه ولعله من كتبه المفقودة , وينسب بعض العلماء هذا الفن إليه(32)بسبب اهتمامه به , فهو كثيراً ما يقف على الآيات الكريمات التي فيها احتباك ويذكر ويبين ما حذف وما ذكر من الأخر من حيث التضاد والتشابه والنفي ...الخ .

    وكل من جاء بعد الجرجاني والبقاعي اخذ يذكره باسمه ولكن بحدودٍ مختلفة , فبعد البقاعي ذكره الإمام السيوطي (911هـ) باسمه وجعله واحداً من اقسام الحذف في كتبه(33), ونظر له وعده من أجمل أنواع الحذف والإيجاز وعزاه إلى البقاعي فقال عنه : ((هو من ألطف الأنواع وأبدعها وقل من تنبه له أو نبه عليه من أهل فن البلاغة ولم أره إلا في شرح بديعية الأعمى لرفيقه الأندلسي وذكره الزركشي في البرهان ولم يسمه هذا الاسم بل سماه الحذف المقابلي وأفرده في التصنيف من أهل العصر العلامة برهان الدين البقاعي . قال الأندلسي في شرح البديعية : من أنواع البديع الإحتباك وهو نوع عزيز وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول كقوله تعالى :{ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق} الآية التقدير: ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق والذي ينعق به فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذي ينعق عليه ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة الذين كفروا عليه. وقوله : {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء} التقدير تدخل غير بيضاء وأخرجها تخرج بيضاء فحذف من الأول تدخل غير بيضاء ومن الثاني وأخرجها. وقال الزركشي: وهو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كل واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه كقوله تعالى: ((أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون)) التقدير : ((إن افتريته فعليّ إجرامي وأنتم برآء منه وعليكم إجرامكم وأنا بريء مما تجرمون))(34).

    أما من جاء بعد السيوطي فلم يضف شيئاً على ما ذكره العلماء آنفاً في الإحتباك مكتفين غالباً بالأمثلة التي أوردها الذين من قبلهم, منهم الالوسي(35)والقاسمي(36), والقِنوجي(37), والعلامة الجمل(38), والشيخ الصاوي(39),,ابن عاشور(40)والشنقيطي(41),والصابوني(42), وعبد الفتاح الحموز(43)،أما الشعراوي فقد ذكر له اسماً أخر مع الإحتباك وهو ( تربيب الفائدة) فقال: ((وهذا ما يسميه العلماء احتباك , وهو أن يأتي المتكلم بأمرين كلُّ أمر فيه عنصران المتكلم يريد أن يربي الفائدة بإيجازٍ دقيق فيجيء من العنصر الأول عنصر ويحذف مقابله من العنصر الثاني,ويجيء من العنصر الثاني عنصرٌ ويحذف مقابله في الأول ))(44).

    الإحتباك في القرآن الكريم أنواعه, شروطه, بلاغته

    أولاً. أنواعه

    الإحتباك في القرآن الكريم أمثلته كثيرة وأنواعه متعددة, وهذا التنوع والاختلاف يرجع إلى تقدير المحذوف , والمحذوف نفسه يفهم غالباً من السياق أو بوجود قرينة تدل عليه , ومن خلال دراستنا للإحتباك , وتقدير المحذوف, ومن خلال كلام العلماء وتعاريفهم له يمكن أن نقسم الإحتباك إلى خمسة أقسام, الأول اصطلحنا على تسميته بـ (الإحتباك الضدي) وهو ما كان تقابل الألفاظ فيه بالتضاد, والثاني(الإحتباك المتشابه) وهو ما كان تقابل الألفاظ فيه بالتشابه, والثالث (الإحتباك المتناظر) وهو ما كان تقابل الألفاظ فيه بالتناظر (التشابه ببعض الصفات), والرابع (الإحتباك المنفي المثبت) وهو ما كان تقابل الألفاظ فيه بالنفي والإثبات والنوع الخامس هو (الإحتباك المشترك) الذي يشرك نوعين في كلَّ موضع, وهذه الأنواع دائماً يحذف عنصرٌ من الأول لدلالة الثاني عليه, ومن الثاني لدلالة الأول عليه وحسب القرائن السابقة (تضاد, تشابه....الخ), وفيما يأتي بيان لهذه الأنواع:


    1.الإحتباك الضدي

    هو الذي يقع بين ألفاظٍ العلاقة بينهما قائمة على التضاد , والضد كما يقول ابن السكيت : ((خلاف الشيء))(45), ويقول ابن فارس: (( المتضادان الشيئان لا يجوز اجتماعهما

    في وقتٍ واحدٍ كالليل والنهار))(46), فالضدُّ إذن هو كلُّ شيءٍ تضادد مع الآخر بحيث لا يجتمع معه في وقتٍ واحد(47), ونحن أطلقنا هذا الاسم على هذا النوع من الإحتباك من خلال كلام عدد من العلماء عند تعليقهم على الآيات القرآنية التي فيها احتباك بين ألفاظٍ متضادة منهم البقاعي – رحمه الله – عندما يقول : حذف من الأول ما اثبت ضده في الثاني ومن الثاني ما اثبت ضده في الأول(48).

    ومن خلال هذا العرض اليسير يمكن القول إنَّ الإحتباك الضدي: هو أن يؤتى بكلامين في كلٍ منهما متقابلان متضادان لما في الأخرى ,فيحذف من الأول ما أٌثبِتَ ضده في الثاني ومن الثاني ما اثبت ضده في الأول , ويدل ما ذكر على ما حذف في كلٍّ منهما ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي :

    مذكور + محذوف مذكور + محذوف

    (1) (2) (2) (1)

    (ضدي) (ضدي) (ضدي) (ضدي)

    (الجنة) (المؤمنون) (الكافرون) (النار)

    والإحتباك الضدي من أكثر أنواع الإحتباك وروداً في القرآن الكريم مقارنةً بالأنواع الأخرى , وذلك لأنَّه من الأساليب التي استخدمها القرآن الكريم في التمييز بين ضدين ونقيضين , فقد ورد سبعاً وستين مرة , ونعني بالألفاظ المتقابلة بالضدية بين لفظةٍ وضدها معنىً ودلالةً بين الأسماء والأسماء , والأفعال والأفعال , أو بين الأفعال والأسماء نحو (الجنة - النار) (يهدي – يضل) (امنوا والكافرون) ... وغيرها من الألفاظ المتضادة الواردة في الآيات القرآنية .

    ومن أمثلته قوله تعالى:}هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ{(يونس / 67) , حيث حذف من الأول (مظلماً) لدلالة ضده عليه في الثاني (مبصراً) , وحذف من الثاني (لتنتشروا فيه وتبتغوا من فضله) لدلالة ضده عليه في الأول (لتسكنوا فيه) , وعليه يكون تقدير الآية الكريمة هو :

    هو الذي جعل لكم الليلمظلماًلتسكنوا فيه

    والنهار مبصراًلتنتشروا فيه ولتبتغوا من فضله

    2. الإحتباك المتشابه

    هو الذي يقع الحذف فيه بين ألفاظٍ متشابهة , والشبه : المثل ، ويقال هذا مثله أي شبهه(49), فالكلمة نفسها التي تذكر في الجملة الأولى تحذف من الثانية , ومن الثانية الأولى نفسها , وأطلقنا عليه هذا الاسم من خلال الألفاظ المذكورة والمحذوفة التي دلَّ عليها كلام العلماء مثل قولهم : فحذف من الأول ما اثبت مثله في الثاني ومن الثاني ما اثبت مثله في الأول(50), وعلى هذا يمكننا القول بأن المتشابه أنْ يؤتى بجملتين في كلٍّ منهما متشابهان لما في الأخرى فيحذف من الأول لدلالة مثله عليه في الثاني ومن الثاني لدلالة مثله عليه في الأول ويكون ما بقي دليلاً على ما حذف في كلٍّ منهما , ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي :

    مذكور + محذوف مذكور + محذوف

    (1) (2) (2) (1)

    متشابه متشابه متشابه متشابه

    ( الحزن ) ( الكذب ) ( الكذب ) ( الحزن )

    ويأتي الإحتباك المتشابه بعد الإحتباك الضدي من حيث النسبة التي ورد فيها في القرآن الكريم,فقد ورد ثمانيَ وأربعين مرة في الكتاب العزيز , وهذا التشابه بين الألفاظ المذكورة والمحذوفة يكون بين اسمٍ واسم نحو (الجنة – الجنة) ,أو فعلٍ وفعل نحو (يؤمنون – يؤمنون) , أو اسمٍ وفعل نحو (يغفر – الغفور) ...الخ من الألفاظ المذكورة في القرآن الكريم تحت هذا النوع .

    ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى :}يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ{(الأنفال / 65) , ففي هذه الآية حذف من الجملة الأولى (من الذين كفروا) لدلالة مثله عليه في الثاني , وحذف من الثاني (صابرة) لدلالة مثله عليه في الأول , وعليه يكون تقدير الآية الكريمة كما يأتي :

    إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتينمن الذين كفروا

    وان يكن منكم مائةصابرةيغلبوا ألفاً من الذين كفروا.....

    3.الإحتباك المتناظر


    هو الذي يقع بين ألفاظٍ بينها صفاتٍ مشتركة , أي التشابه في بعض الصفات وليس تشابهاً كلياً لفظاً ومعنىً , بل تشابهاً جزئياً , فعندما يقال : التقى وزير الدولة بنظيره وزير الدولة الأخرى , فهما ليسا نفس الشخص بل هما مشتركان في صفةٍ هي إن كليهما وزير , وهذا الذي نعني بـ (التناظر) , وأفدنا من تعريف السيوطي للاحتباك في وضع اسمه وتعريفه , وهو قوله : ((هو أن يحذف من الأول ما اثبت نظيره في الثاني , ومن الثاني ما اثبت نظيره في الأول))(51), ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي:

    مذكور + محذوف مذكور + محذوف

    (1) (2) (2) (1)

    متناظر متناظر متناظر متناظر

    (الذين كفروا) ( الداعي) (الذي ينعق) (الغنم)

    وهذا النوع من اقل الأنواع وروداً في القرآن الكريم , فقد ورد عشرُ مرات فقط, ومن أمثلة التناظر بين الألفاظ (الذي ينعق – الداعي) (الكفار – الغنم) في قوله تعالى :}وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ{(البقرة -171) , حيث حذف من الجملة الأولى (داعي الكفار محمدr) لدلالة نظيره عليه في الثاني وهو الراعي (الذي ينعق), وحذف من الثاني المنعوق به وهي (الغنم أو ما يرعى من البهائم) لدلالة نظيره عليه في الأول وهو المدعو (الذين كفروا)(52), وعليه يكون تقدير الآية :


    مثلك يامحمد-r- ومثل الذين

    كفروا كمثل الناعقوالمنعوق به

    فالصفة التي تجمع بين المتقابلات المتناظرة , هي الدعاء والنداء بين داعي الكفار والراعي , وعدم الاستجابة والفهم وعدم التدبر بين الكفار والمنعوق به .

    4.الإحتباك المنفي المثبت

    هو الذي يقع بين ألفاظٍ العلاقة بينهما قائمة على النفي والإثبات , وفي هذا النوع يحذف من الأول كلمة مثبتة لدلالة نفيها عليها في الثاني , ومن الثاني كلمة مثبتة لدلالة نفيها عليها في الأول , أو بالعكس يبقى المنفي ويحذف المثبت , وأفدنا من كلام البقاعي في بيان هذا النوع في قوله : حذف من الأول ما اثبت نفيه في الثاني , ومن الثاني ما اثبت نفيه في الأول(53), ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي :

    مذكور + محذوف مذكور + محذوف

    (1) (2) (2) (1)

    مثبت منفي مثبت منفي

    (يؤمن) (لا يكفر) (يكفر) (لا يؤمن)

    وهذا النوع من الأنواع القليلة التي ذكرت في القرآن الكريم , فقد ورد في أحد عشر موضعاً , ومن ألفاظه (يشفقون – لا يشفقون) (يستعجلون – لا يستعجلون) كما في قوله تعالى :}يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاّ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ{(الشورى : 18) , فقد حذف من الأول ( لا يشفقون منها ) للدلالة عليه في الثاني وهو (يشفقون) , وحذف من الثاني (لا يستعجلونها) للدلالة عليه في الأول وهو (يستعجل)(54), وعليه يكون التقدير :

    يستعجل بها الذين لا يؤمنون بهافلا يشفقون منهاوالذين آمنوا

    مشفقون منهاولا يستعجلونهاويعلمون أنها الحق من ربهم ....


    5. الإحتباك المشترك

    هذا النوع يختلف عن الأنواع الأخرى من حيث إنَّه لا يلتزم بنوعٍ واحدٍ من الإحتباك بل يجمع نوعين في الآية الواحدة , فهو يشرك جميع الأنواع فيما بينها فيحذف من الأول ما يدل عليه نفيه في الثاني , ومن الثاني ما يدل عليه ضده في الأول , أو يحذف من الأول ما يدل عليه مثله في الثاني , ومن الثاني ما يدل عليه ضده في الأول, أو بين المتشابه والمتناظر .... الخ , أو بالعكس , وأطلقنا على هذا النوع بـ (الإحتباك المشترك) ، لأنَّه يجمع ويشرك جميع الأنواع الماضية تحت أثناءه (الضدي والمتشابه والمنفي والمتناظر) في الكلام الواحد , فتكون إحدى الألفاظ المذكورة ضدية والأخرى منفية أو متشابهة أو متناظرة , وبالعكس , ويمكن توضيحه بالمخطط الأتي :

    مذكور + محذوف مذكور + محذوف

    (1) (2) (2) (1)

    (مثبت) (ضدي) (ضدي) (منفٍ)

    (يسمعون) (الاحياء) (الأموات) (لا يسمعون)

    أو

    مذكور + محذوف مذكور + محذوف

    (1) (2) (2) (1)

    (متشابه) (ضدي) (ضدي) (متشابه)

    (النبات) (وافياً حسناً) (نكدا) (النبات)

    أو

    مذكور + محذوف مذكور + محذوف

    (1) (2) (2) (1)

    (متشابه) (متناظر) (متناظر) (متشابه)

    (عليه) (صلاةً) (تسليماً) (عليه)

    وورد هذا النوع اثنين وثلاثين مرة في القرآن الكريم , ومن ألفاظه ( يؤمن – لا يؤمن) ( الجنة – النار) ... الخ من الألفاظ , ومن أمثلته قوله تعالى :}وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ{(الأعراف/58) , فحذف من الأول (وافياً حسناً) لدلالة ضده عليه في الثاني وهو (نكداً)(55), وحذف من الثاني (نباته) لدلالة مثله عليه في الأول , وعليه يكون تقدير الآية الكريمة :

    والبلد الطيب يخرج نباتهوافياً حسناً طيباًبإذن

    ربه والذي خبث لا يخرجنباتهإلا نكدا ....

    وقبل البدء بذكر شروطه وبلاغته لابد من ذكر عدد من شواهد الاحتباك في الشعر والتي تدلل على أصالة الإحتباك في الكلام العربي وأهميته في بناء الكلام على نحو فني متماسك في أداء مقاصده , ومن هذه الشواهد قول أبي صغر الهذلي :

    وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر(56)

    ففي هذا البيت وقع حذفٌ متشابه لأنه حذف أولاً من الصدر (الانتفاض) لدلالة مثله عليه في العجز (انتفض), وحذف ثانياً من العجز (اهتز) لدلالة مثله عليه في الصدر (هزة), وعليه يكون التقدير:

    وإني لتعروني لذكراك هزة بعدانتفاضة كما انتفض العصفور بلله القطر ثماهتز(57)

    ومن أمثلته أيضاً في الشعر قول الفرزدق يهجو جريراً:

    كَم خالَةٍ لَكَ يا جَريرُ وَعَمَّةٍ فَدعاءَ قَد حَلَبَت عَلَيَّ عِشاري(58)

    فقد حذف أولا من الصدر (فدعاء) لدلالة مثله عليه في العجز (فدعاء), وحذف من العجز (لك) لدلالة مثله عليه في الصدر ( لك ) , والتقدير :

    كَم خالَةٍ لَكَ يا جريرفدعاءوَعَمَّةٍ فَدعاءَلكقَد حَلَبَت عَلَيَّ عِشاري(59)

    ومنه أيضاً قول الأعشى الكبير:

    وَكَأسٍ شَرِبتُ عَلى لَذَّةٍ وَأُخرى تَداوَيتُ مِنها بِها(60)

    ووقع في هذا البيت حذف ضدي لأنَّه حذف أولا من الصدر (فأمرضتني) لدلالة ضده عليه في العجز ( تداويت ), وحذف ثانياً من العجز ( شربتها ) لدلالة مثله عليه في الصدر , وعليه يكون التقدير:

    وَكَأسٍ شَرِبتُ عَلى لَذَّةٍفأمرضتني وَأُخرىشربتهافتَداوَيتُ مِنها بِها(61)

    ثانياً. شروطه

    لا بد للإحتباك من شروط وضوابط تسوغه منها ما هو عام ومنها ما هو خاص بالإحتباك فمن الشروط العامة للحذف التي ينبغي توفرها في الإحتباك :

    1. أن يدعو إليه داعٍ بلاغي يجعل الحذف ابلغ من الذكر .

    2. أن يكون في الكلام بعد الحذف دليلٌ على المحذوف(62).

    أما الخاصة بالإحتباك:

    1. وجود متقابلين في كلٍّ من الجملتين في الكلام.

    2. حذف من كلتا الجملتين ما اثبت في الأخرى.

    3. دلالة ما بقي على ما حذف من الأخرى.

    هذه هي الشروط التي يجب أن تتوفر في النص ليكون فيه احتباك وإلاّ كان في النص نوعٌ من التكلف .

    ثالثاً. بلاغته

    يمتاز القرآن الكريم بأساليبه الفنية المعجزة ومن هذه الأساليب الإيجاز , ولغة القرآن هي العربية واللغة العربية هي أكثر اللغات إيجازاً , وبما أنَّ الإحتباك هو ضربٌ من إيجاز حذف , فلابد من فوائد بلاغية لهذا الفن ؛ وذلك لأنَّ الإيجاز من أكثر الأساليب دقة وحكمة , وأحسنها بلاغة , وأغزرها معنىً , ونستطيع أن نحدد بعض هذه الفوائد البلاغية التي يحققها الإحتباك في الكلام منها :

    1. إحكام النظم بحذف فضول الكلام وما يمكن الاستغناء عنه , مع قلة الألفاظ وكثرة المعاني التي تدل عليها , وهذه هي غاية البلاغة المتمثلة في استثمار اقل ما يمكن من الألفاظ في أكثر ما يمكن من المعاني(63).

    2. تحقيق فضيلة الإيجاز , وسرعة الوصول إلى الأمر المطلوب , فاستخدام الإحتباك يعطي دلالات أوضح , ويكون ذا اثرٍ بالغ في إيصال المعنى .

    3. تنبيه المتلقي الى البحث عن المحذوف, فيجعله يتجاوب مع ما يقرأ, فترسخ المعلومة في نفسه ويقل نسيانه, وهذا مطلب من مطالب الحذف في القرآن الكريم(64).

    4. تهذيب العبارة ؛ لأنَّ المعنى الذي يدركه الفهم إدراكاً قوياً مع حذف الألفاظ الدالة عليه يكون في ذكرها فضولٌ يتنزه عنه البيان الحكيم.

    5. صيانة الكلام من الثقل والترهل اللذين يحدثان من ذكر ما تدل عليه القرينة(65).

    المصادر والمراجع

    §ابن القيم وحسه البلاغي في تفسير القرآن ،د.عبد الفتاح لاشين ، دار الرائد العربي بيروت ، ط1،1402هـ-1982م.

    §الإتقان في علوم القرآن ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر محمد السيوطي (911هـ)، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975 م.

    §أساس البلاغة ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت538 هـ) دار صادر، دار بيروت ، بيروت ، 1385 هـ - 1965م.

    §إصلاح المنطق ، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق ابن السكيت (ت244 هـ) ، ت: احمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون،دار المعارف،القاهرة ،ط4،1949م.

    §أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، محمد الأمين المختار الشنقيطي (ت1393 هـ)، ت :عطية محمد سالم ، دار إحياء التراث العربي،بيروت ط1 , , 1417هـ-1997م .

    §إعراب القرآن الكريم وبيانه وصرفه ، محي الدين الدرويش ، دار ابن كثير ، بيروت ، 1412 هـ .

    §البحر المحيط ، محمد بن يوسف أبو حيان الاندلسي(ت 745هـ)، ت: عادل عبد الموجود وعلي محمد عوض ، دار الكتب العلمية ، بيروت, 1422 هـ -2001م.

    §بدائع التفسير الجامع لتفسير الأمام ابن القيم الجوزية ، جمع: يسرى السيد حسن ، دار ابن الجوزي ، السعودية ، ط1، 1414 هـ - 1993م.

    §بدائع الفوائد ، أبو عبد الله محمد ابن أبي بكر بن القيم الجوزية (ت751 هـ)، ت: هشام عبد العزيز عطا وعبد الحميد العدوي واشرف احمد الج ، مكتبة نزار مصطفى الباز ، مكة المكرمة ، ط1 ، 1416 هـ - 1996م.

    §البرهان في علوم القرآن ، بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (ت794 هـ) ، ت:محمد أبو الفضل إبراهيم ، عيسى البابي وشركاءه ، ط2 ، د-ت .

    §التأويل النحوي في القرآن الكريم،د.عبد الفتاح احمد الحموز،مكتبة الرشد الرياض،،ط1، 1404 هـ -1984م.

    §التحرير والتنوير (تحرير المعنى السديد وتنور العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد) ، محمد الطاهر بن عاشور (ت1972 هـ)، الدار التونسية ، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع ، د-ت.

    §التعريفات ، علي بن محمد بن علي الجرجاني (ت816هـ)، ت: إبراهيم الأبياري ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط1، 1985م.

    §التفسير القيم ، جمع : محمد اويس الندوي ، ت: محمد حامد الفقي ، لجنة إحياء التراث العربي ، بيروت, 1948 م.

    §التفسير الكبير ، فخر الدين محمد عمر الرازي (ت606 هـ) ، دار الفكر ، ط3 ، 1405 هـ-1985.

    §التقابل والتماثل في القرآن الكريم ، فايز عبد الله القرعان ، المركز الجامعي الحديث، اربد ، ط1، 1415 هـ -1995م.

    §جامع البيان عن تأويل آي القرآن، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310 هـ)، ت: محمود شاكر ، دار أحياء التراث العربي ، بيروت ، ط1، 1421 هـ -2001م.

    §الجامع لأحكام القرآن، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن فرج القرطبي(ت671 هـ)، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1، 1988م.

    §حاشية العلامة الصاوي على تفسير الجلالين ، احمد بن محمد الصاوي الخلوتي ، (ت1241هـ)ت:عبد العزيز سيد الأهل،مصر,د-ت .

    §خِزانة الأدب ولُبُّ لُبَاب لسان العرب، عبد القادر بن محمد البغدادي (ت1093 هـ)، ت: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ط1، 1986م.

    §خصائص التراكيب دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني ، د. محمد أبو موسى ، مكتبة وهبة ، دار التضامن ، القاهرة ، ط2، 1400 هـ -1980م.

    §ديوان الأعشى الكبير (ميمون بن قيس),شرح وتعليق :د. محمد حسين, منشورات مكتبة الآداب بالجماميزت, المطبعة النموذجية .

    §ديوان الفرزدق، دار صادر , بيروت , 1386هـ -1966م .

    §ديوان مجنون ليلى(قيس بن الملوح) ,جمع وتحقيق: عبد الستار احمد خرّاج , مكتبة مصر , القاهرة , د- ت .

    §روائع الأعجاز في القصص القرآني ، محمود السيد حسن ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية , د-ت .

    §روح البيان ،إسماعيل حقي البروسوي (ت1137هـ ) دار الفكر ، بيروت ، د-ت.

    §روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ، محمود الالوسي أبو الفضل (ت1270 هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، د-ت.

    §الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ، إسماعيل بن حماد الجوهري (ت398 هـ)، ت: احمد عبد الغفور عطار ، دار العلم للملايين ، القاهرة ، ط1 ، 1987م.

    §صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني، المكتبة العصرية، بيروت، 1424هـ-2003م.

    §العين ، الخليل بن احمد الفراهيدي (ت175 هـ)، ت: مهدي المخزومي و د. إبراهيم السامرائي ، دار ومكتبة الهلال ، ط1، 1995م.

    §غريب الحديث ، القاسم بن سلام الهروي أبو عبيد (ت224هـ) ، ت: محمد عبد المعين خان ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط1 ، 1396 هـ -1976م.

    §الفائق في غريب الحديث ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت538 هـ)، ت: محمد علي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، عيسى البابي الحلبي وشركاءه ، بيروت ، ط2 ، د-ت .

    §فتح البيان ، أبو الطيب صديق بن علي القنوجي (ت1307 هـ)، عبدا لله بن إبراهيم الأبياري ، دار إحياء التراث الإسلامي ، قطر ، 1410 هـ - 1979م.

    §القاموس المحيط ، محمد بن يعقوب الفيروزبادي (ت817 هـ) ، دار الفكر، بيروت، 1983م.

    §الكتاب ، أبو بشر عمر بن عثمان بن قنبر سيبويه (ت180 هـ) ، ت: عبد السلام هارون ، مكتبه الخانجي ، دار الرفاعي, مطبعة المدني ، الرياض ، ، ط3، 1988م.

    §كشاف اصطلاحات الفنون ، محمد علي الفاروقي التهانوي ، ت: لطفي عبد البديع ، المؤسسة المصرية ، دار الكتاب العربي ،1977م.

    §الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التنزيل ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (ت538 هـ)، اعتنى به وخرج أحاديثه : خليل مأمون شيحا ، دار المعرفة ، بيروت ، ط1 ، 1423 هـ -2002م.

    §الكليات (معجم في المصطلحات والفروق اللغوية)، أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي (ت1094 هـ)، ت: عدنان درويش ومحمد المصري ، مؤسسة الرسالة ، ط2 , 1419هـ-1998.

    §لسان العرب ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الأفريقي (ت711هـ)، دار صادر ، بيروت ، ط3 ، 1414 هـ -1994م.

    §محاسن التأويل ، محمد جمال الدين القاسمي (ت1332 هـ)، ت: محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء الكتب العربية ، ط1 ، 1377 هـ -1958م.

    §المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، أبو محمد عبد الحق بن عطية الاندلسي (ت541 هـ) ، ت: عبد الله الأنصاري والسيد عبد العال إبراهيم ، مؤسسة دار العلوم, الدوحة ، ط1 ، 1398 هـ /1407 هـ،1977-1978م.

    §مدارك التنزيل وحقائق التأويل ، عبد الله بن احمد بن محمود النسفي (ت710 هـ)، اعتنى به : عبد المجيد طعمة حلبي , دار المعرفة ، بيروت ، ط1، 1421 هـ -2000م

    §المصباح المنير،احمد المقري الفيومي (ت770 هـ)،المكتبة العلمية،بيروت ، د-ت .

    §معترك الأقران في إعجاز القرآن ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر محمد السيوطي (ت911 هـ)، ت: احمد شمس الدين ، دار الكتب العلمية , بيروت ، ط1, 1408 هـ -1988م.

    §معجم الأفعال التي حذف مفعولها غير الصريح في القرآن الكريم ، عبد الفتاح احمد الحموز , دار الفيحاء, دار عمار ، عمان ، ط1، 1406 هـ -1986م.

    §معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ، د.احمد مطلوب ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد ، ط1، 1403 هـ - 1983م.

    §معجم مقاييس اللغة ، أبو الحسين احمد بن فارس بن زكريا (ت395 هـ)، ت: عبد السلام محمد هارون ، مصطفى البابي الحلبي وشركاؤه ، مصر , ط2، 1390 هـ-1970م.

    §مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، جمال الدين أبو محمد عبدا لله بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت761 هـ) ، ت : د. مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ، دار الفكر, بيروت ، ط6 ، 1985م.

    §المنتخب من تفسير الشعراوي ، محمد متولي الشعراوي ، دار العودة ، بيروت ، 1980م.

    §النبأ العظيم (نظرات جديدة في القرآن) , محمد عبد الله دراز ، دار القلم ، الكويت ، ط2، 1390 هـ-1970م.

    §نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ، برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي (ت855 هـ)، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ، ط1، 1389 هـ-1969م.

    §الوسيلة الأدبية للعلوم العربية ، حسين المرصفي ، مطابع المدارس الملكية ، مصر، ط1، 1292 هـ.

    الرسائل الجامعية

    تعاقب الذكر والحذف في آيات القرآن الكريم، فاطمة فضل محمود السعدي، أطروحة دكتوراه، مقدمة إلى كلية الدراسات العليا- الجامعة الأردنية، بإشراف: د.جعفر عبابنة ، 1998م.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 4:00 am

    الاحتباك باب من البديع مبني على مبدأ الحذف والاختصار....
    وصورته الشكلية كالتالي:
    لنفرض متوالية مكونة من أربعة عناصر نرمز لها بالأرقام:

    1-2-3-4
    نقسم الرباعي إلى ثنائيتين.
    1-2
    3-4
    أفقيا توجد علاقة تقابل فردي –زوجي.
    عموديا توجد علاقة تشابه فردي- فردي(3.1)......زوجي- زوجي.(2-4)
    يحصل الاحتباك بحذف عنصرين على المحور الوتري..(1.4) أو(2.3)
    فلا يبقى إلا عنصران: 2 و3.(أو1و4)
    لكننا بواسطة المذكورين نستحضر ذهنيا المحذوفين:
    ف2 المذكورة تدل على مقابلها المحذوف1.
    و3 المذكورة تشير إلى مقابلها المحذوف 4.

    وهذه صورة حقيقية:
    قوله تعالى : ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء.
    ذهب أبو حيان وآخرون إلى أن تخرج بيضاء جواب لأمر مقدر وليس للأمر المذكور أي ادخل يدك......فيكون التقدير العام:
    1-أدخل (يدك في جيبك).........2-تدخل .
    3-أخرجها.............4-تخرج (بيضاء من غير سوء. )

    لكن الآية اقتصرت على 1و4أي فيها احتباك
    ادخل يدك في جيبك....تخرج بيضاء من غير سوء.
    فدل فعل الأمر المذكور(أدخل) على جوابه المحذوف.. (تدخل)
    ودل جواب الأمر المذكور (تخرج بيضاء)على فعله المحذوف. (أخرجها).
    والله أعلم.
    من المفسرين الذين اعتنوا بهذا الوجه البديعي الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير والألوسي في روح المعاني.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 4:01 am

    نقل من ملتقى أهل التفسير:

    الاحتباك فن عزيز من فنون البلاغة ، وسر لطيف من أسرار هذه اللغة ، وهو من ألطف أنواع البديع، وأبدعها. وقلَّ من تنبَّه له، أو نبَّه عليه، من أهل فنِّ البلاغة- كما قال السيوطي في (الإتقان). وقد ذكره الزركشي في(البرهان) ، ولم يسمِّه هذا الاسم، بل سماه:(الحذف المقابلي) ، وقد أكثر منه برهان الدين البقاعي في تفسيره العجيب نظم الدرر وقال عنه : وهو فن عزيز نفيس وقد جمعت فيه كتاباً حسناً ذكرت فيه تعريفه ومأخذه من اللغة وما حضرني من أمثلته من الكتاب العزيز وكلام الفقهاء وسميته " الإدراك لفن الاحتباك ". نظم الدرر(1/31)
    وقد ذكر البقاعي كتابه هذا في فهرسته الذي جمع فيه مؤلفاته برقم (41) وقام بجمعه الدكتور: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
    تعريفه : - قال الجرجاني:
    الاحتباك : هو أن يجتمع في الكلام متقابلان، ويحذف من كل واحد منهما مقابله، لدلالة الآخر عليه كقوله: علفتها تبنا وماء باردا
    أي علفتها تبناً، وسقيتها ماءً بارداً.
    - ونقل الزركشي عن الأندلسي قوله في شرح(البديعية):” من أنواع البديع:(الاحتباك) ؛ وهو نوع عزيز وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول " قال البقاعي : وهو أن يؤتى بكلامين يحذف من كل منهما شيء إيجازاً، يدل ما ذكر من كل على ما حذف من الآخر، وبعبارة أخرى: هو أن يحذف من كل جملة شيء إيجازاً ويذكر في الجملة الأخرى ما يدل عليه " نظم الدرر(2/18).
    وذكر في تفسيره ما يقارب من (250) آية تصلح أن تكون مثالا لهذا الفن البديع، وأوضح الآيات رأيتها تقرب فهم هذا الفن قوله تعالى : "وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ " قال رحمه الله: " وقد علم بهذا أن الآية من الاحتباك حذف من الأول مثل الداعي لدلالة الناعق عليه ومن الثاني المنعوق به لدلالة المدعوين عليه " نظم الدرر (1/148)
    وقوله تعالى : " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ".قال رحمه الله : " قد كان لكم آية " أي عظيمة بدلالة تذكير كان " في فئتين" تثنية فئة ـ للطائفة التي يفيء إليها ـ أي يرجع ـ من يستعظم شيئاً، استناداً إليها حماية بها لقوتها ومنعتها " التقتا "أي في بدر " فئة " أي منهما مؤمنة، لما يرشد إليه قوله: " تقاتل في سبيل الله " أي الملك الأعلى لتكون كلمة الله هي العليا، ومن كان كذلك لم يكن قطعاً إلا مؤمناً "وأخرى " أي منهما "كافرة " أي تقاتل في سبيل الشيطان، فالآية كما ترى من وادي الاحتباك " نظم الدرر (2/18)
    ومن مارس الحواشي والمتون أدرك أن الفقهاء يستعملونه كثيرا كما ذكر البقاعي رحمه الله، وبما أن البقاعي شافعي المذهب فلا شك أنه أكثر من ذكر الأمثلة الفقهية في كتابه " الإدراك لفن الاحتباك " فو أسفاه على ضياع هذا الكتاب ، واقتداء به رحمه الله سنذكر مثالا فقهيا ولكنه على مذهب مالك جاء في مواهب الجليل للحطاب : " والتحريم بعقده ووطئه "
    ش : هو كقول ابن الحاجب في موانع الزوجية : وكل نكاح اختلف فيه اعتبر عقده ووطؤه ما لم يكن بنص , أو سنة ففي عقده قولان . قال في التوضيح : معنى كلامه أن كل نكاح اختلف العلماء في صحته وفساده والمذهب قائل بالفساد ; فإنه يعتبر عقده فيما يعتبر فيه العقد ووطؤه فيما يعتبر فيه الوطء فيحرم بالعقد على أمهاتها وتحرم بالوطء على آبائه وأبنائه وتحرم عليه البنت بالدخول بالأم فيه وقوله : ما لم يكن بنص , أو سنة يعني أنه اعتبر العقد والوطء إلا أن يكون الفساد بنص كتاب الله , أو سنته فحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول ففي عقده قولان , ويعتبر وطؤه بالاتفاق وقال في المقدمات : والمشهور أن الحرمة تقع بكل نكاح لم يتفق على تحريمه ونفى غيره الخلاف ورأى أن المذهب كله على التحريم فإن قلت : كيف يكون فيه نص كتاب الله , أو سنته ويختلف فيه ؟ " ثم قال رحمه الله: فقوله : فحذف من الأول إلخ هو من النوع المسمى بالاحتباك من أنواع البديع وهو أن يحذف من أحد شقي الكلام نظير ما أثبته في الثاني ومن الثاني نظير ما أثبته في الأول ومنه قوله تعالى " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع " أي ومثل الأنبياء والذين كفروا كمثل الذي ينعق وينعق به وجعل منه السيوطي قوله تعالى" لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " على أن المراد بالزمهرير البرد أي لا يرون فيها شمسا ولا قمرا ولا حرا ولا زمهريرا ومنه قوله تعالى" وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء" التقدير تدخل غير بيضاء وأخرجها تخرج بيضاء وذكر أنه لم يقف عليه في شيء من كتب البديع إلا أنه خطر له في الآية المذكورة أعني قوله " لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " وهذا النوع لطيف وإنه لا يعرف في أنواع البديع ما يدخل تحته , ثم ذكر ذلك لصاحبه برهان الدين البقاعي فأفاده أن بعض شيوخه أفاد أن هذا النوع يسمى الاحتباك , ثم وقف عليه في شرح بديعية ابن جابر لصاحبه أحمد بن يوسف الأندلس قال ومن ألطفه قوله تعالى" خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " أي صالحا بسيئ وآخر سيئا بصالح ومأخذه من الحبك الذي معناه الشد والإحكام وتحسين آثار الصنعة وبيانه أن مواضع الحذف أشبهت الفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير فوضع المحذوف مواضعه كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل وقد ذكره الخلوي في بديعيته والله أعلم .
    وللأستاذة البتول وهي إحدى رواد هذا الملتقى المبارك بحث عن البقاعي لعلها تبرز لنا أهمية فن الاحتباك في ادراك المناسبات
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 4:03 am

    مقال الأستاذ فريد البيدق

    الاحتباك

    أولاً - التعريف والتفسير:
    1 - "التعريفات" للجرجانِي:
    38 - الاحتِباك هو أن يَجتمع في الكلام متقابِلان، ويُحذف من كلِّ واحدٍ منهما مُقابِلُه؛ لدلالة الآخَر عليه، كقوله:

    عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءًا بَارِدَا
    أي علفتها تبنًا، وسقيتُها ماء باردًا.

    2 - كتاب "الكليات" لأبي البقاء الكفوي:
    الاحتباك هو من الحَبْك الذي معناه الشدُّ والإحكام، وتَحسين أثر الصَّنعة في الثَّوب، والاحتباك من ألطَفِ أنواع البديع وأبدَعِها، وقد يُسَمَّى حذْفَ المقابل، وهو أن يُحذف من الأول ما أُثبت نظيرُه في الثاني، ومن الثاني ما أُثبت نظيرُه في الأول؛ كقوله تعالى: ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأحزاب: 24]؛ فلا يعذِّبَهم، وكقوله تعالى: ﴿ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ﴾ [آل عمران: 13].

    3 - ألفية البلاغة، المسمَّاة "عقود الجمان في علم المعاني والبيان"، للسيوطي:

    قُلْتُ وَمِنْهُ الاحْتِبَاكُ يُخْتَصَرْ
    مِنْ شِقَّيِ الجُمْلَةِ ضِدَّ مَا ذُكِرْ
    وَهْوُ لَطِيفٌ رَاقٍ لِلْمُقْتَبِسِ
    بَيَّنَهُ ابْنُ يُوسُفَ الأَنْدَلُسِي

    4 - "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم:
    ومأخذ هذه التسمية من الحَبْك الذي معناه: الشدُّ والإحكام، وتحسين أثر الصَّنعة في الثوب، فحَبْكُ الثَّوب سدُّ ما بين خيوطه من الفُرَج، وشدُّه وإحكامُه، بحيث يَمنع عنه الخلل، مع الحسن والرَّونق.

    وبيانُ أخْذِه منه مِن أنَّ مواضع الحذف من الكلام شُبِّهت بالفُرَج بين الخيوط، فلمَّا أدركَها النَّاقد البصير بِصَوغه الماهرِ في نَظمه وحَوْكِه، فوضَعَ المحذوفَ مواضِعَه كان حابِكًا له، مانعًا من خللٍ يَطرُقه، فسدَّ بتقديره ما يَحصل به الخلل، مع ما أكسبه من الحُسن والرونق.

    5 - "البلاغة العربية، أسسها وعلومها وفنونها"، للأستاذ عبدالرحمن الميدانِيِّ:
    وبيان أخذ هذه التسمية من حَبْكِ الثوب أنَّ مواضع الحذف من الكلام شُبِّهَتْ بالْفُرَجِ بين الخيوط، فلمَّا أدْركها المتدبِّر البصير بصياغة الكلام، الماهرُ بإحكام روابطه، وأدْرك مقابلاتِها، تنبَّه إلى ملء الفُرَج بأمثال مقابِلاتِها، كما يفعل الحائِكُ حينما يُجْري حبكًا مُحْكمًا في الثوب الذي ينسجه.

    يقال لغة: حبَكَ الثوبَ، وحَبَّكَه، واحْتَبَكَهُ: إذا أجاد نَسْجه وأتقنَه، وحَبكَ الحبْلَ: إذا شدَّ فتله، وحبَكَ الثوب: إذا ثنَى طرفَه وخاطه.

    ثانيًا - التاريخ:
    1 - "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم:
    النوع الثالث: ما يسمَّى بالاحتباك، وهو من ألطَفِ الأنواع وأبدعها، وقلَّ من تنبَّه له أو نبَّه عليه من أهل فنِّ البلاغة، ولَم أره في "شرح بديعيَّة الأعمى" لرفيقه الأندلسيِّ، وذكَره الزَّركشيُّ في "البرهان"، ولَم يُسَمِّه هذا الاسم، بل سمَّاه الحذفَ المقابلي.

    وأفرده بالتصنيف من أهل العصر العلاَّمةُ برهان الدين البقاعيُّ، قال الأندلسي في "شرح البديعية": من أنواع البديعِ الاحتباكُ، وهو نوعٌ عزيز، وهو أن يُحذف من الأوَّل ما أُثبت نظيرُه في الثاني، ومن الثاني ما أُثبت نظيره في الأول.

    2 - "الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن" للدكتور محمود توفيق محمد سعد:
    أشار المؤلِّفُ في "القسم الثاني: مؤلفاته التي لم أطَّلِع عليها - إلى كتاب "الإدراك لفنِّ الاحتباك"، فقال: ذكَرَه لنفسه في "تفسيره" (1/ 225) وفي "مختصر تفسيره" أيضًا (ق: 3 - أ)، وفي "الأقوال القويمة" (ص 198)، ونسبه إليه تلميذُه السيوطيُّ في "الإتقان" (3/ 182) و"شرح عقود الجمان" (ص 133).

    قال عنه البقاعيُّ: "هو فنٌّ عزيز نفيس، وقد جَمَعتُ فيه كتابًا حسَنًا، ذكَرْتُ تعريفه، ومأخذه من اللُّغة، وما حضرني من أمثلته من الكتاب العزيزِ، وكلامِ الفقهاء، وسمَّيتُه: الإدراك لفن الاحتباك".

    ويقول في مختصر تفسيره "دلالة البرهان القويم": "حذفتُ منه أيضًا التصريح ببيان الاحتباك؛ للاستغناء بكتابي "الإدراك"؛ فقد ذكرت فيه نحوًا من ثلاثِمائة آيةٍ من هذا الفنِّ البديع، والأسلوب المنيع"؛ (ق: 3 - أ).

    ثم ذكر نصَّ السيوطيِّ، فقال: يقول السيوطيُّ في كتابه "التحبير في علم التفسير" "النوع الثالث والسبعون: الاحتباك:

    هذا النَّوع من زياداتي، وهو نوعٌ لطيفٌ، ولَم نرَ أحدًا ذكَره من أهل المعاني والبيان والبديع، وكنت تأمَّلتُ قولَه تعالى: ﴿ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 13]، والقولين اللَّذين في الزمهرير، فقيل: هو القَمر في مقابلة الشَّمس، وقيل: هو البَرْد، فقلتُ: لعلَّ المراد به البَرد، وأفاد بالشمس أنَّه لا قمر فيها، وبالزمهرير أنه لا حرَّ فيها، فحذف مِن كلِّ شقٍّ مُقابِلَ الآخَر، وقلت في نفسي: هذا نوعٌ من البديع لطيف، لكنِّي لا أدري ما اسْمُه، ولا أعرف في أنواع البديع ما يُناسبه، حتَّى قادني بعضُ الأئمة الفضلاء [يقصد شيخَه البقاعيَّ] أنَّه سمع بعض شيوخه قرَّر له مثل ذلك في قوله تعالى: ﴿ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ﴾ [آل عمران: 13].

    قال: وهذا النوع يسمَّى بالاحتباك، قال الإمام الفاضل المذكور: وتطلَّبتُ ذلك في عدَّة كتب، فلم أقف عليه، وأظنُّه في "شرح الحاوي" لابن الأثير، ثُمَّ صنَّف المذكورُ في هذا النوع تأليفًا لطيفًا سمَّاه "الإدراك في فن الاحتباك".

    ثُمَّ وجدتُ هذا النوع بعينه مذكورًا في "شرح بديعية أبي عبدالله بن جابر" لرفيقه أحمد بن يوسف الأندلسيِّ، وهما المشهوران بالأعمى والبَصير، قال مما نصُّه: "من أنواع البديع: "الاحتباك" وهو نوعٌ عزيز، وهو أن يُحذف من الأول ما أُثبت نظيره في الثَّاني، ومن الثاني ما أثبت نظيرُه في الأول، كقوله تعالى: ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ ﴾ [البقرة: 171]؛ التَّقدير: مثَلُ الأنبياء والكفَّار كمثل الذي ينعق والذي ينعق به، فحذف من الأوَّل: الأنبياء؛ لدلالة الذي ينعق عليه، ومن الثاني: الذي ينعق به؛ لدلالة الَّذين كفروا عليه..."[1].

    ثالثًا - أمثلة:
    أ - أمثلة قرآنية:
    1 - "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم:
    كقوله تعالى: ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ ﴾ [البقرة: 171]؛ الآية، التقدير: ومَثَلُ الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق، والذي ينعق به، فحذف من الأوَّل الأنبياء؛ لدلالة "الذي ينعق" عليه، ومن الثاني الذي ينعق به؛ لدلالة "الذين كفروا" عليه.

    وقولِه: ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ ﴾ [النمل: 12] التقدير: تَدْخُلْ غير بيضاء، وأخرِجْها تخرُجْ بيضاء، فحذف من الأول "غير بيضاء"، ومن الثاني "وأخرِجها".

    وقال الزركشيُّ: هو أن يَجتمع في الكلام متقابلان، فيحذف من كلِّ واحد منهما مُقابِلُه؛ لدلالة الآخر عليه؛ كقوله تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ ﴾ [هود: 35]؛ التقدير: "إن افتريتُه فعليَّ إجرامي، وأنتم بُرَآء منه، وعليكم إجرامُكم، وأنا بريءٌ مما تجرمون".

    وقوله: ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأحزاب: 24] التقدير: "ويعذب المنافقين إن شاء فلا يتوب عليهم، أو يتوب عليهم فلا يعذِّبهم".

    وقوله: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 222]؛ أيْ: حتَّى يَطْهُرن من الدَّم، ويتطهَّرن بالماء، فإذا طَهُرن وتطهَّرن فأْتُوهن.

    وقوله: ﴿ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ﴾ [التوبة: 102]؛ أيْ: عملاً صالِحًا بسيِّئ، وآخر سيِّئًا بصالح.

    قلتُ: ومن لطيفِه قولُه: ﴿ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ﴾ [آل عمران: 13]؛ أي: فئةٌ مؤمنةٌ تُقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرةٌ تقاتل في سبيل الطاغوت.

    وفي "الغرائب" للكرماني: في الآية الأُولى التقدير: "مثل الذين كفروا معَك يا محمَّد كمثَلِ النَّاعق مع الغنم"، فحذف من كلِّ طرَفٍ ما يدلُّ عليه الطرفُ الآخر، وله في القرآن نظائر، وهو أبلغ ما يكون من الكلام؛ انتهى.

    ب - "البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها" للأستاذ عبد الرحمن الميدانِي:
    المثال الأول:
    قول الله - عزَّ وجلَّ - في سورة (آل عمران/ 3 مصحف/ 89 نزول): ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 13].

    نُلاحظ في هذه الآية حَذْفًا مِنَ الأَوَائل؛ لدلالة ما في الأواخر، وحذْفًا من الأواخِرِ؛ لِدلالَةِ مَا فِي الأوائل، وهذا من بدائع القرآن، وإيجازِه الرائع.

    إنَّ إبراز المَحاذيف يتطلَّب منا أن نقول: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ ﴾ مُؤْمِنَةٌ ﴿ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ﴾ فئةٌ ﴿ أُخْرَى كَافِرَةٌ ﴾ تُقَاتِلُ فِي سبيل الطَّاغوت ﴿ يَرَوْنَهُمْ... ﴾ إلى آخره.

    فتحقَّقَ "الاحتباكُ" بدلالة ما في الأوائل على المَحذوف من الأواخر، ودلالة ما في الأواخر على المحذوف من الأوائل.

    المثال الثانِي:
    قول الله - عزَّ وجلَّ - في سورة (التوبة/ 9 مصحف/ 113 نزول): ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102].

    قالوا: أيْ: خَلَطُوا عَمَلاً صَالحًا بِسَيِّئ، وعملاً آخَرَ سيّئًا بصالح.

    ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا ﴾؛ أيْ: جَمَعُوا جمعًا مختلطًا أَعَمْالاً مختلفة ﴿ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ﴾، والمعنى: أنَّهم يعملون عملاً صالحًا، ويعملون بعده عملاً سيِّئًا، وهكذا دواليك، فهذا المعنى التتابُعي الذي يَجمع في صحائفهم خليطًا غير متجانس لا يؤدِّيه تقدير: خلطوا عملاً صالحًا بسيِّئ، وعملاً آخر سيِّئًا بصالح.

    المثال الثالث:
    قول الله - عزَّ وجلَّ - في سورة (النمل/ 27 مصحف/ 48 نزول) حكايةً لَما خاطب به موسى - عليه السَّلام - عند تكليمه: ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ﴾ [النمل: 12]؛ التقدير: ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾ تَدْخُلْ غَيْرَ بيضاء، وأَخْرِجْهَا ﴿ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ﴾، فدلَّ لفظ "بيضاء" في الأواخر على عبارة "غير بيضاء" المحذوفة من الأوائل، ودلَّتْ عبارة: "وَأَدْخِلْ" في الأوائل على عبارة "وأخرِجها" المحذوفة من الأواخر، فتمَّ الاحتباك.

    ب - مثالٌ شِعريٌّ من "أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك" لابن هشام، تحقيق يوسف الشيخ محمد البقاعي:

    كَمْ عَمَّةٍ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٍ
    فَدْعَاءَ قَدْ حَلَبَتْ عَلَيَّ عِشَارِي

    ... "فَدْعاء" صفة لـ "خالة" و"لعمَّة" مجرورًا؛ أو منصوب لِمَا ذكَرْنا، ولها صفةٌ أخرى مُماثلة لصفة "عمة" المذكورة معها؛ والتقدير: كم عمَّة لك فدعاء، وخالة لك فدعاء؛ فحذف من كلِّ واحد مِثلَ ما أثبت في الآخر؛ وهذا ما يُسَمَّى في علم البديعِ: الاحتِباك.

    جـ - مثال نثريٌّ من "نَزْع الخافض في الدَّرس النحوي" للأستاذ حسين بن علوي بن سالم الحبشي:
    هـ - قول العرب: "راكبُ الناقةِ طليحان"، لا يطابق الخبَرُ فيه المبتدأ؛ لذا خرَّجه النَّحويُّون على أوجهٍ:
    • تقدير مضاف في موقع الخبَر قام المضافُ إليه مقامه، والتقدير: راكبُ الناقة أحدُ طليحين.

    • تقدير معطوف على المبتدأ؛ أيْ: راكب الناقة والناقة طليحان، وهو الأظهر؛ اكتفاءً بذكر الناقة عن أن يذكرها مرة ثانية.

    أنَّه من باب الاحتباك؛ وذلك بأن يُحذف من الأول ما أُثبِت نظيرُه في الثاني، ومن الثاني ما أُثبِت نظيره في الأول، والتقدير: راكب الناقة طليح، وهما طليحان، وفيه حذفٌ كثير، وتقليل المقدَّر ما أمكَن أولَى.
    [1] "التحبير" للسيوطي: 128 - 129، ط دار الكتب العلمية: 1408 - بيروت.
    وانظر معه: "طراز الحلة وشفاء الغلَّة" لأبي جعفر الرعيني الغرناطي، ص: 508، ت: رجاء السيد الجوهري، مؤسَّسة الثقافة الجامعية - الإسكندرية، وانظر "البرهان" للزركشي: 3/ 129، و"الإتقان" للسيوطي: 3/ 182، "شرح عقود الجمان" 133.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/30283/#ixzz37clnUFOc
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 4:04 am

    http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%D8%A3%D8%B3%D9%84%D9%88%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%83%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1%20%D8%A3%D9%87%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%20%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D9%87%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85%20(%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9%20%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%BA%D9%8A%D8%A9)/i827&p41
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 4:07 am

    الإحتباك في نظم الدرر للبقاعي

    تأليف

    أ.د.يوسف بن عبد الله الانصاري

    أستاذ ورئيس قسم البلاغة والنقد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة البحث

    الحمد لله رب العالمين خلق الإنسان ، علمه البيان ، والصلاة والسلام على من كان خلقه القرآن أفصح من تكلم بلسان سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين . وبعد

    فإن دراسة أي فن من فنون البلاغة دراسة تاريخية ، تتبع نشأة هذا المصطلح ومراحل تطوره في التراث البلاغي ، وتربط بين ما ظهر حوله من آراء للعلماء ربطاً يوضح تطورها التاريخي ، ويحدد معنى المصطلح الذي استقر في الدرس البلاغي هي مما لاشك تعد من الأهمية بمكان بفضل ما يتحقق لها من نتائج يكون لها تأثيرها في مسيرة الدراسة البلاغية ، ولا يخفى أن البلاغة العربية في حاجة كبيرة إلى مثل هذه الدراسات البلاغية الجادة ، التي تقدم هذا الفن البلاغي ومراحل تطوره التاريخي منذ ولادته ونموه إلى أن اكتمل نضجه واستوى عوده وأصبح فناً بلاغياً مستقلاً ، توفرت له كل مقومات الفن البلاغي . كما أن دراسة هذا الفن من حيث نشأته وتطوره تكشف لنا بوضوح أول من أطلق هذا المصطلح العلمي ، ووضع حده وصاغ تعريفه ، ومن من العلماء من عني بدراسة هذا الفن البلاغي ، وأفسخ له مكاناً في كتبه ضمن عنايته بالفنون البلاغية الأخرى ، ومن خصه بدراسة مفردة تعنى بهذا الفن بمزيد من الدراسة والبحث .

    وهذا البحث الذي بين يديك يقوم بدراسة الاحتباك في جانبيه النظري والتطبيقي ، وذلك من خلال تتبع نشأة هذا المصطلح البلاغي ومراحل تطوره حتى اكتسب صبغة المصطلح العلمي المحدد في العصور المتأخرة ، ومن خلال دراسة هذا الفن في تفسير نظم الدرر للإمام برهان الدين البقاعي وهو ممن عنوا بهذا الفن على مستوى النظرية والتطبيق .

    ويهدف هذا البحث إلى تحقيق عدة أمور منها :

    1ـ وضع دراسة مستقلة عن فن الاحتباك تتناوله من جميع جوانبه نشأةً وتاريخاً وتطبيقاً ، تسد جانباً من جوانب النقص في مكتبتنا العربية .

    2ـ إبراز جهد علم من أعلام البلاغة والتفسير في دراسة فن الاحتباك حيث خصه بكتاب سماه " الإدراك في فن الاحتباك " .

    ويتكون هذا البحث من مقدمة ، وتمهيد عرض فيه الباحث ترجمة موجزة عن حياة البقاعي الاجتماعية والعلمية ، ومن فصلين هما كالآتي :

    الفصل الأول : مصطلح الاحتباك في التراث البلاغي .

    الفصل الثاني : الاحتباك لدى البقاعي ، ويقع في عدة مباحث كالآتي :

    المبحث الأول : الاحتباك أهميته ومفهومه ، ومنهج البقاعي في دراسته .

    المبحث الثاني : الاحتباك بدون سره البلاغي .

    المبحث الثالث : الاحتباك وسره البلاغي .

    المبحث الرابع : اقتران الاحتباك باحتباك آخر .

    المبحث الخامس : اقتران الاحتباك بفن بلاغي آخر .

    المبحث السادس : الاحتباك والقراءات القرآنية .

    وخاتمة عرض فيها الباحث أهم النتائج التي  أسفرت عنها الدراسة ، ثم ثبت بالمصادر والمراجع .

    وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وأن ينفع به العلم وأهله إنه نعم المولى ونعم المجيب ، وصلى  الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .

























    الـتمـهـيد
    ترجمة الإمام برهان الدين البقاعي

    اسمه ونسبه :

    هو أبوالحسن برهان الدين إبراهيم بن عمر بن حسن الرُباط ـ  بضم الراء وتخفيف الباء ـ بن علي بن أبي بكر الخرباوي البقاعي الشافعي .

    ولادته ووفاته :

    ولد البقاعي في قرية خربة روحا من عمل البقاع سنة تسع وثمانمائة تقريبا ، وتوفى في دمشق عن ست وسبعين بعد أن تفتت كبده في ليلة السبت الثامن عشر من شهر رجب سنة 885 هـ ، وصلى عليه في الجامع الأموي ودفن خارج دمشق من جهة قبر عاتكة([1]) .

    نشأته وحياته العلمية :

    نشأ البقاعي ـ كغيره من أبناء المسلمين ـ محباً للعلم ، مقبلاً على تحصيله فحفظ القرآن ، وتعلم الكتابة ، وأتقن كثيراً من علوم الشريعة والعربية وطوف في سبيله كثيراً من البلدان الاسلامية حتى صار من أوعية العلم المفرطين في الذكاء ، الجامعين بين علمي المعقول والمنقول (2) وبرع في كثير من العلوم الإسلامية ، فهو من الأئمة المتبحرين في جميع المعارف فهو مؤرخ وأديب ومفسر ومحدث .

    رحلاته :

    رحل في سبيل طلب العلم لينهل من معينه الصافي إلى كثير من المدن الإسلامية التي كانت منارات علمية يفد إليها الطلاب من كل مكان ليأخذوا عن علمائها البارزين .

    ويذكر البقاعي نفسه سبب خروجه من قريته بقوله ( أوقع ناس من قريتنا خربا روحا من البقاع يقال لهم بنو مزاحم بأقاربي بني حسن من القرية المذكورة فقتلوا تسعة أنفس منهم أبي عمر بن حسن الرباط بن علي ابن أبي بكر وأخواه محمد سويد وعلى أخوهما لأبيهما ، وضربت أنا بالسيف ثلاث ضربات إحداها في رأسي فجرحتني وكنت إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة فخرجنا من القرية المذكورة واستمرينا نتنقل في قرى وادي التيم والعرقوب وغيره الى أن أراد الله تعالى بإقبال السعادتين الدنيوية والأخروية فنقلني جدي [ لأبي ] (1)[2] علي بن محمد السليمي إلى دمشق فجودت القرآن وجددت حفظه ، وأفردت القراءات وجمعتها على بعض المشايخ ، ثم على الشمس بن الجزري لما قدم دمشق سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، واشتغلت بالنحو والفقه وغيرها من العلوم ، وكان ما أراد الله تعالى من التنقل في البلاد والفوز بالغزو والحج أدام الله نعمه آمين ) (2) . فالبقاعي يذكر سبب خروجه من قريته ، وأنه تنقل في كثير من القرى إلى أن وصل دمشق فأقام بها وأخذ العلم عن شيوخها النابهين ، ورحل إلى بيت المقدس وسافر إلى حلب وأخذ عن شيوخ الرواية بها ، ورحل إلى القاهرة وسكن بها ، وسافر إلى دمياط والإسكندرية ورحل إلى مكة ليؤدي فريضة الحج ، وأقام بها مدة يسيرة ، وزار الطائف والمدينة ، وركب البحر ، ورابط غير مرة في سبيل الله تعالى ، ثم عاد إلى القاهرة وتولى فيها بعض المناصب كالإفتاء والتدريس فأخذ عنه الطلبة في فنون شتى ، ولما تنكر له الناس وبالغوا في أذاه رحل عن مصر إلى دمشق وأقام بها إلى أن وافته المنية في ليلة السبت الثامن عشر من شهر رجب سنة 885 هـ رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .

    شيوخه :

    أخذ البقاعي العلم عن علماء عصره النابهين ، حيث قرأ على التاج بن بهادر الفقه والنحو ، وعلى الشيخ الجزري القراءات جمعاً للعشرة إلى أثناء سورة البقرة ، وأخذ عن التقي الحصني ، والتاج الغرابيلي ، والعماد بن شرف ، والشرف السبكي ، والعلاء القلقشندي والغاياتي  ، والحافظ بن حجر ، وأبي الفضل المغربي ، والحرالي وغيرهم ، وبرع في كثير من العلوم ، وفاق الأقران ، وتميز وناظر وانتقد حتى على شيوخه ، وصنف مؤلفات عديدة تدل على سعة علمه وعلو مكانته العلمية (1)[3] .

    محنته :

    بعد أن ألف البقاعي كتابه في المناسبة بين الآي والسور الذي سماه " نظم الدرر " ناله من علماء عصره ما ناله من البلاء والمحنة ، حيث أنكروا عليه النقل من التوراة والإنجيل وأغروا به الرؤساء والسفهاء ، وقد ذكر البقاعي ذلك في نهاية تفسيره نظم الدرر بقوله ( وهذا تمام ما أردته من نظم الدرر من تناسب الآي والسور ، ترجمان القرآن مبدي مناسبات الفرقان التفسير الذي لم تسمح الأعصار بمثله ، ولا فاض عليها من التفاسير على كثرة أعدادها كصيب وبله ، فرغته في المسودة يوم الثلاثاء سابع شعبان سنة خمس وسبعين وثمانمائة بمسجدي من رحبة باب العيد بالقاهرة المغزية ، وكان ابتدائي فيه في شعبان سنة إحدى وستين ، فتلك أربع عشرة سنة كاملة ، وفرغته في هذه المبيضة عصر يوم الأحد عاشر شعبان سنة إثنين وثمانين وثمانمائة بمنزلي الملاصق للمدرسة البادرائية من دمشق ، فتلك إثنأن وعشرون سنة بعدد سني النبوة الزاهرة ...... فإني لما توغلت فيه واستقامت لي مبانيه فوصلت إلى قريب من نصفه فبالغ الفضلاء في وصفه لحسن سبكه ... دب داء الحسد في جماعة أولي النكد والمكر ، يريدون الرئاسة بالباطل ، وكل منهم من جوهر العلم عاطل ، مدّ ليل الجهل فيهم ظلامه .... صوبوا سهام الشرور والأباطيل ، وأنواع الزور ، فأكثروا التشييع بالتشنيع ، والتقبيح والتبشيع ، والتخطئة بالنقل من التوراة والإنجيل ، فصنفت في ذلك الأقوال القويمة في حكم النقل من الكتب القديمة ، بينت أن ذلك سنة مستقيمة لتأييد الملة الحنيفية العظيمة ، ..... ، فأطفأ الله نارهم وأظهر عوارهم .... ، ثم قاموا في بدعة دائم المعروف فصنفت فيها القول المعروف ، وبينت مخالفتهم للكتاب والسنة ووقوعهم في عين الفتنة ، فكانوا كمن ألقم الحجر أو ملئ فمه بالماء ، ثم قاموا في فتنة ابن الفارض وكلهم معاند معارض ، وألبوا علي رعاع الناس ، فاشتد شعاع الباس ، ...ولجوا بالخصام في العناد وأفتوا بمحض الباطل وبثوا السم القاتل إلا ناساً قليلاً ، كان الله بنصرهم على ضعفهم كفيلا ....، وصنفت في ذلك عدة مصنفات ، بانت فيها مخازيهم ، وظهرت المخبآت ، ومنها " تدمير المعارض في تكفير ابن الفارض " ومنها تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي " ومنها تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الإتحاد أنفقت فيها عمرا مديدا ، وبددوا فيها أوقاتي بددهم الله تبديدا ...، فذلت أعناقهم ، وضعف شقاقهم وخفي نفاقهم ، غير أنه حصل في كل واحدة من هذه الوقائع من الشرور وعجائب المقدور ما غطى ظلامه الشموس الطوالع ، وطال الأمر في ذلك سنين ، وعم الكرب حتى كثر الأنين والتضرع في الدعاء والحنين ، وثبت الله وزق الصبر والأناة حتى أكمل هذا الكتاب على  ما تراه من الحسن والصواب ) (1)[4] ويوضح الإمام الشوكاني ما حل بالبقاعي في محنته بقوله ( وقد نال منه علماء عصره بسبب تصنيف هذا الكتاب ، وأنكروا عليه النقل من التوراة والإنجيل ، وترسلوا عليه وأغروا به الرؤساء ، ورأيت له رسالة يجيب بها عنهم ، وينقل الأدلة على جواز النقل من الكتابين ، وفيها ما يشفي ، وقد حج ورابط وانجمع فأخذ عنه الطلبة في فنون وصنف التصانيف ، ولما تنكر له الناس وبالغوا في أذاه لّم أطرافه وتوجه إلى دمشق ، وقد كان بلغ جماعة من أهل العلم في التعرض له بكل ما يكره إلى حد التكفير ، حتى رتبوا عليه دعوى عند القاضي المالكي ، أنه قال : إن بعض المغاربة سأله أن يفصل في تفسيره بين كلام الله وبين تفسيره بقوله : أي أو نحوها دفعاً لما لعله يتوهم ، وقد كان رام المالكي الحكم بكفره وإراقة دمه بهذه المقالة ، حتى ترامى المترجم على القاضي الزيني بن مزهر ، فعذره وحكم بإسلامه ، .... ، ولم يزل المترجم له رحمه الله يكابد الشدائد ، ويناهد العظائم قبل رحلته من مصر ، وبعد رحلته إلى دمشـق حتى توفاه الله بعد أن تفتت كبده كما قيل (2)

    ثناء العلماء عليه :

    لعل ما يدل على منزلة البقاعي العلمية ، وعلو كعبه ورسوخ قدمه في العلم ثناء العلماء عليه ، فقد أثنى عليه بن العماد الحنبلي بقوله ( كان من أعاجيب الزمان وحسناته ) (1)[5] وقال عنه الشوكاني ( وإنه من الأئمة المتفننين المتبحرين في جميع المعارف ، ... ، ومن محاسنه التي جعلها السخاوي من جملة عيوبه ما نقله عنه أنه قال في وصف نفسه : إنه لا يخرج عن الكتاب والسنة بل هو متطبع بطباع الصحابة ، انتهى ، وهذه منقبة شريفة ومرتبة منيفة ) (2) غير أن السخاوي بالغ في ذم البقاعي ووصفه بكلام مقذع لا يليق ذكره بسبب ما بينهما من الخلاف الذي يمكن حدوثه بين العلماء ، مما يوجب عدم قبول ما يقوله أحدهما في الآخر ، وقد ذكر الشوكاني ما ذكره السخاوي في ترجمته للبقاعي في كتابه الضوء اللامع بقوله ، وقد ترجم له السخاوي ترجمة مظلمة كلها سب وانتقاص ، وطولها بالمثالب ، بل ما زال يحط عليه في جميع كتابه المسمى بالضوء اللامع لأن المترجم له كتب لأهل عصره تراجم ، ونال من أعراض جماعة منهم ، لاسيما الأكابر الذين أنكروا عليه ، فكان السخاوي ينقل قوله في ترجمة أولئك الأكابر ويناقضه وينتقصه ) (3)

    ومما ذكره السخاوي في ذم البقاعي قول بعض الشعراء فيه واصفاً له بقوله وما أحسن قول بعضهم :

    إن الـبقـاعي البذئ لفـحـشـه       ولـكـذبه ومحـاله وعـقوقه

    لو قال إن الشمس تظهر في السما       وقـفت ذو الألباب عن تصديقه (4)

    مؤلفاته :

    تدل مؤلفات البقاعي على ما حظي به من مكانة مرموقة في العلم ، وتدل على تفوقه في كثير من العلوم الإسلامية فاق بها كثيراً من الأقران ، من أهم كتبه ما يلي :

    نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ، ويعرف بتفسير البقاعي .
    عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والأقران .
    وعنوان العنوان وهو مختصر لكتابه السابق .
    الأقوال المفيدة في حكم النقل من الكتب القديمة .(1)  [6]
    مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور .
    بذل النصح والشفقة بصحبة ورقة .
    جواهر البحار في نظم سيرة المختار ، أتمه في رشيد في مصر في شهر صفر سنة 848 هـ (2)
    الأعلام بسن الهجرة إلى بلاد  الشام .
    مختصر السير النبوية والثلاثة الخلفاء .
    10.القول المفيد في أصول التجويد .

    11 .سر الروح ، وقد اختصره من كتاب الروح لابن قيم الجوزية

    12. القول المعروف في الرد على منكر المعروف .

    13. مصرع التصوف .

    14. رسالة ليس في الإمكان أبدع مما كان ، ردّ فيها على بعض الفلاسفة القائلين بالوحدة المطلقة .

    15. أسواق الأشولق ، اختصر فيه كتاب مصارع العشاق .

    16. الباحة في علم الحساب .

    17. أخبار الجلاد في فتح البلاد .

    18. تنبيه الغبي في تكفير بن الفارض وابن عربي .

    19. تاريخ البقاعي ، ذكره له الزركلي نقلاً عن الشيخ عبد العزيز الميمني في مذكراته ، حيث ذكر أن في مكتبة شـيخ الإسلام بالمدينة مـسودة " تاريخ البقاعي " بخطه سنة 885 ـ870 هـ .



    20ـ له ديوان شعر سماه اشعار الواعي بأشعار البقاعي .(1)   [7]

    نماذج من شعره :

    يقول الشوكاني في وصف شعره وأدبه " وهو كثير النظم ، جيد النثر في تراجمه ومراسلاته ، ومصنفاته ، وهو ممن رثى نفسه  في حياته فقال :

    نعـم إنني عما  قـريب لـمـيت            و مـن ذا الذي يبقى على الحـدثان

    كأني بي أنعـى عـليك وعـندها        تـرى خـبرا صُـمّت لـه الأذنان

    فلا حـسد يبقى لـديك و لا قـلى       فـينطـق في مـدحي بأي معـاني

    وتنظـر أوصافي فـتعـلم أنهـا        عـلت عـن مدان  في أعـز مكان

    و يمسي رجـالاً قد تهدم ركـنهم        فـمـد معـهـم لي دائم الهـملان

    فكـم من عزيز بي يذل جماحـه        ويطـمع فـيه ذو شـقـا وهـوان

    فـيا رب من تفجـأ بهـول بوده        ولو كـنت مـوجوداً لـديه دعـاني

    ويا رب شخـص قد دهته مصيبة       لها القـلب أمسـى دائم الخـفقـان

    فيطلب من يجلو صداها  فلا يرى        ولو كـنت جـلتهـا يدي ولسـاني

    وكم ظـالم نالته مني غـضاضة        لنصـرة مظلـوم ضعـيف جـنان

    وكم خـطة سامت ذووها معـرة        أعـيدت بضـرب من  يدي وطعان

    فإن يرثني من كنت أجمع شـمله        بتشـتيت شـملي فالوفاء  رثاني (2)

    ويقول السخاوي : ومن عنوان نظمه في قصيدة أنشدناها على الأهرام الجبل بالجيزة :

    إنا بنو حـسن و الناس تعرفـنا        وقـت النزال وأسد الحرب في حنق

    كم جئت قفراً ولم يسلك به بشر         غيري ولا أنس إلا السيف في عنقي

    ومن نماذج شعره التي ذكرها له السخاوي ونرى فيها تحامل السخاوي في تعقيبه عليها ، يقول السخاوي وقوله مما هو حجة عليه :

    ما بال قـلبك قد زادت قسـاوته     فـما تزال بأدنى الغـيظ منتقما

    فاكظمه عفوا واحسن راحما ابدا     فرحمة الله مخصوص بها الرحما

    وقوله ايضا وهو حجة عليه :

    إن رمت عيشاَ صافياً أزمانا       فاعمل بهذي الخمس تعظم شانا

    اصفح تحبب دار واصبر       واكتم الشحناء قد أوصي بها عثمانا(1)[8]































































    الفصل الأول

    مصطلح الاحتباك في التراث البلاغي

    دلالة الاحتباك في اللغة والاصطلاح :

       أولاً : في اللغة : الاحتباك مصدر للفعل حبك ومعناه الشد والإحكام ، يقال احتبك إزاره إذا احتبى به وشده إلى يديه ، وقال الأصمعي : الاحتباك الاحتباء ولكن الاحتباك شد الإزار وإحكامه وحبك الثوب يحبكه بالكسر حبكا أي أجاد نسجه ، وذكر ابن الإعرابي أن كل شئ أحكمته وأحسنت عمله فقد احتبكته (1) [9]

    ثانياً : في اصطلاح البلاغيين :

    وردت للاحتباك في كتب العلماء تعريفات عديدة بصياغات مختلفة لكنها في مجملها تدور حول معنى واحد ، من ذلك ما ذكره شهاب الدين أحمد بن يوسف الرعيني الغرناطي ( ت 779 ) في شرحه لبديعية ابن جابر الأندلسي (780 هـ) بقوله ( وفيه أيضا لقب غريب من ألفاظ البديع يقال له الاحتباك وهو عزيز عندهم ، وهو أن تحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ، وتحذف من الثاني ما أثبت نظيره في الأول )(2) . أما الزركشي ( 794 ) فهو عنده من أقسام الحذف وقد سماه بالحذف المقابل وعرفه بقوله ( وهو أن يجتمع في الكلام متقابلان ، فيحذف من واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه ) (3)

    ولعلك تلحظ تناسب وارتباط الدلالة اللغوية للاحتباك بدلالته الاصطلاحية لأن مأخذ التسمية في اللغة ( من الحبك الذي معناه الشد والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب وسد ما بين خيوطه من الفرج وشده وإحكامه بحيث يمنع الخلل مع الحسن والرونق ، وبيان أخذه منه أن مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخيوط ، فلما أدركها الناقد البصير بصوغه ، الماهر في نظمه وحوكه ، فوضع المحذوف في مواضعه كان حابكاً له ، مانعا من خلل بطرفه ، فسد بتقديره ما يحصل به الخلل ، مع ما أكسبه من الحسن والرونق ) (1) [10]

    ومن شواهد الاحتباك التي ذكرها العلماء : قوله تعالى ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداء ) (البقرة 117) التقدير و مثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق ، والذي ينعق به  فحذف من الأول الأنبياء لدلالة والذي ينعق عليه ، ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة " الذين كفروا عليه . وقوله تعالى ( وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ) ( النمل 12 ) . التقدير : تدخل غير بيضاء ، وأخرجها تخرج بيضاء ، فحذف من الأول " غير بيضاء " ومن الثاني " أخرجها " .

    والاحتباك كما ترى ـ في أصله ومبناه قائم على افتراض بناء لغوي غائب حذفت منه أجزاء ، وبقيت أجزاء أخرى للدلالة على ما حذف منه ، وما قرره العلماء ـ رحمهم الله ـ في تعريف الاحتباك هو معايير وضوابط تعين الدارس على تقدير المحذوف في طرفي الاحتباك .

    الاحتباك نشأة وتاريخاً :

    حين نتتبع الاحتباك في التراث البلاغي لا نكاد نعثر في كتب علماء البلاغة والنقد منذ بداية التأليف وإلى منتصف القرن السابع الهجري ، بل وأوائل القرن الثامن ، على أمر ذي بال نستطيع من خلاله بالتحديد معرفة متى ظهر هذا الفن البلاغي ؟ وعلى يد من ظهر من العلماء ؟ . وإن كان الباحث لا يعدم أن يجد في كتب المتقدمين من النحاة والمفسرين شواهد يصلح للاحتباك ذكروها في الحذف دون أن يشيروا إلى أنها من الاحتباك لعدم معرفتهم بهذا الفن . ولعل أول نص يذكر فيه مصطلح الاحتباك هو ما ذكره العلامة الرعيني الغرناطي في شرحه لبديعة صديقه ابن جابر بقوله ( قلت : وفيه أيضا لقب غريب من ألقاب البديع ، يقال له الاحتباك وهو عزيز عندهم وهو أن تحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ، وتحذف من الثاني ما أثبت نظيره في الأول ، وقد تقدم تقريره ، ومنه قول الشاعر :

    وإني لتعروني لذكراك فترة       كما انتفض العصفور بلله القطر

    التقدير : وإني لتعروني لذكراك فترة وانتفاض كفترة العصفور وانتفاضه ، فحذف من الأول الانتفاضة لدلالة الثاني عليه ، وحذف من الثاني الفترة لدلالة الأول عليه ، وقد تتبعت الكتاب العزيز فوجدت من هذا النوع فيه مواضع قليلة فمنها قوله تعالى " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء " ( البقرة 171 ) التقدير عند سيبويه وجماعة من حذاق المتأخرين " مثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق والذي ينعق به فحذف من الأول الأنبياء لدلالة " الذي ينعق " عليه في الثاني ، وحذف من الثاني " الذي ينعق به " لدلالة الذين كفروا عليه في الأول ، ومنها قوله تعالى ( لينذر بأساً شديداً ) مع قوله بعد ( وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ) ( الكهف الآيتان 2 ، 4 ) فإن ( انذر ) يتعدى إلى مفعولين فذكر في الأول المفعول الثاني " وهو بأساً شديداً " وحذف منه المفعول الأول : وهو " الذين قالوا اتخذ الله ولداً " لذكره في الثاني ، وحذف من الثاني المفعول وهو " بأساً شديداً " لذكره في الأول ، ومنها قوله تعالى ( وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ) ( النمل 12 ) التقدير وأدخل يدك في جيبك غير بيضاء لأنه عليه السلام كان آدم اللون ، وأخرجها تخرج بيضاء بما كساها الله تعالى من النور ، فترك الأمر في الأول وحذف الجواب ، وترك الجواب في الثاني وحذف الأمر ، ففيه الحذف في الأول للدلالة عليه في الثاني ، ومنها على هذا التقدير قوله تعالى ( واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء ) ( طه 22 ) التقدير واضمم يدك إلى جناحك تنضم وأخرجها تخرج ...، والله تعالى أعلم ) (1)[11] ونلحظ في هذا النص عدة أمور أولها : أن المؤلف ذكر هذا المصطلح باسمه الذي أصبح فيما بعد سائداً في الدرس البلاغي إلى عصرنا الحاضر .

    الثاني : أن المؤلف ذكر لهذا الفن تعريفا لا يكاد يختلف عن تعريف العلماء له بعد ذلك .

    الثالث : أن المؤلف لم يكن قطعاً أول من أطلق هذا المصطلح على هذا الفن ولم يكن صاحب تسميته به بدليل قوله ( وفيه أيضاً لقب غريب من ألقاب البديع يقال له الاحتباك ، وهو عزيز عندهم ، وقوله في بيان الاحتباك في آية البقرة ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق ) التقدير عند سيبويه وجماعة من حذاق المتأخرين ....

    فقوله " وهو عزيز عندهم " وقوله " وجماعة من حذاق المتأخرين " دال على أن هذا الفن كان معروفاً لدى هؤلاء العلماء المتأخرين الذين وصفهم بالحذاق ، وهؤلاء العلماء لاندري من هم على وجه التحديد ؟ أهم علماء البلاغة المتأخرون الذين ساروا على نهج السكاكي والخطيب القزويني ، ولم تصل إلينا كتبهم ؟ أم هم أصحاب البديعيات الذين عنوا في منظوماتهم الشعرية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بتضمين كل بيت منها فناً من فنون البديع .

    الرابع : أن المؤلف ذكر لإيضاح هذا الفن شاهداً شعرياً وبعض الشواهد القرآنية غير أنه لم يحاول استجلاء ما تضمنه هذا الفن من لطائف البلاغة وأسرارها .

    وفي عقود الجمان للسيوطي الذي نظم فيه كتاب التلخيص للقزويني نجده ينص على أن الذي يبين هذا الفن ابن يوسف الأندلسي في شرحه لبديعية رفيقه ابن جابر الذي سبق لنا نقل كلامه وبيان أنه ليس هو أول من أطلق مصطلح الاحتباك يقول السيوطي :

    قلت ومنه الاحتباك يختصر          من شقي الجملة ضد ما ذكر

           وهو لطـيف راقٍ للمقـتبس          بينه ابن يوسف الأندلسي (1)    [12]

    وقد ذكر السيوطي الاحتباك في عدد من كتبه ، حيث يزعم أنه من زيادته ، وعدم تنبه العلماء له ، ففي كتابه التحبير في علم التفسير يقول ( هذا النوع من زيادتي وهو نوع لطيف ، ولم نر أحداً ذكره من أهل المعاني والبيان والبديع ، وكنت تأملت قوله تعالى ( لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا ) ( الإنسان 13 ) والقولين اللذين في الزمهرير فقيل : هو القمر في مقابلة الشمس ، وقيل  : هو البرد ، فقلت لعل المراد به البرد ، وأفاد بالشمس : أنه لا قمر فيها ، وبالزمهرير : أنه لا حر فيها فحذف من كل شق مقابل الآخر .

    وقلت في نفسي : هذا نوع من البديع لطيف لكني لا أدري ما اسمه ولا أعرف في أنواع البديع ما يناسبه حتى أفادني بعض الأئمة الفضلاء أنه سمع بعض شيوخه قرر له مثل ذلك في قوله تعالى ( فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ) ( آل عمران 13) قال فأفاد بقوله" كافرة " أن الفئة الأولى مؤمنة ، وبقوله" تقاتل في سبيل الله " أن الأخرى تقاتل في سبيل الطاغوت ، قال : وهذا النوع يسمى بالاحتباك ، قال الإمام الفاضل المذكور : وتطلبت ذلك في عدة كتب فلم أقف عليه ، وأظنه في شرح الحاوي لابن الأثير ، ثم صنف المذكور في هذا النوع تأليفاً لطيفاً سماه : الإدراك لفن الاحتباك (1)  [13]ويقول عنه في شرح عقود الجمان " كلها من زيادتي ، فمن أنواع البديع الاحتباك وهو نوع لطيف لم يتنبه له أحد من أهل هذا الفن ولا ذكره أصحاب البديعيات ولم نقف على أحد تعرض لذكره إلا رفيق الأعمى في شرح بديعيته  ، وكنت تأملت قول الله تعالى ( لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً ) وقولهم إن الزمهرير هو البرد أو القمر ، قولان ، فقلت لعل المراد به البرد ،وأشير بالشمس إلى أنه لا حرّ فيها ، فحذف من الأول الحر ، ومن الثاني القمر ، والتقدير لا شمس فيها ولا قمر ولا حر ، ولا برد ، وقلت في نفسي هذا نوع  لطيف لكن لا أعرف في أنواع البديع ما يدخل فيه ، ثم اجتمعت بصاحبنا العلامة برهان الدين البقاعي فذكر أن بعض شيوخه أفاده أن من أنواع البديع ما يسمى الاحتباك وهو أن تذكر جملتان في كل منهما متقابلان ، وتحذف من كل ضد ما ذكر في الأخرى كقوله تعالى ( فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ) فحذف من الأول مؤمنة ، ومن الثاني تقاتل في سبيل الشيطان ، وقال لي لم أقف على من تعرض لهذا النوع ولم أره في كتاب ، وقد ألفت فيه كراسة سميتها الإدراك ، فلما طالعت شرح بديعية ابن جابر لرفيقه أحمد بن يوسف الأندلسي رأيته ذكره في أثناء كلامه استطرادا ... (1)[14]  ثم ذكر نص كلام أحمد بن يوسف الرعيني الذي سبق أن نقلناه فيما مضى ، ونلحظ في كلام السيوطي أموراً عديدة :

    1ـ أن دعوى السيوطي بأن هذا  الفن من زيادته دعوى مبالغ  فيها لأن العلماء قبله قد عرفوا هذا الفن كما نص هو على ذلك بأن هذا الفن ذكره الزركشي ولم يسمه بهذا الاسم (2) وذكره أحمد بن يوسف الأندلسي في شرحه لبديعية ابن جابر ، وأفرده بالتصنيف برهان الدين البقاعي ، أو لعل السيوطي يقصد بأن هذا الفن من زيادته أي من زيادته على التلخيص لعدم وروده في هذا الكتاب ، وليس يقصد أنه من مخترعاته .

    2ـ أن السيوطي يحكي قصته مع هذا الفن ، وحيرته فيه من خلال وقوفه مع الآية القرآنية التي وجد فيها حذفا دل عليه مقابله في الطرف الآخر ، وأن هذا الفن لطيف لكنه لايعرف أي نوع من أنواع البديع هو .

    3ـ أن السيوطي التقى ببعض الفضلاء من أصحابه فأفاده أن بعض شيوخه قرر هذا الفن وعرفه وبينه له في قوله تعالى " فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى .." .

    4ـ أن هذا الفاضل الذي دل السيوطي على فن الاحتباك ـ بحث هذا الفن في كتب العلماء فلم يقف عليه ، ثم صنف فيه تأليفاً لطيفاُ سماه الإدراك لفن الاحتباك .

    5ـ أن هذا الفاضل الذي أبهم السيوطي أمره في كتابه التحبير في علم التفسير ، قد كشف عنه السيوطي في كتبه الأخرى ، إنه الإمام برهان الدين البقاعي .

    6ـ يفهم من كلام البقاعي المتوفى سنة 885 هـ الذي نقله السيوطي أن فن الاحتباك ليس هو أول من أطلق عليه هذا المصطلح عليه ، بل كان معروفاُ قبله لدى بعض شيوخه في أوخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع الهجري .

    ولعلماء التفسير وبخاصة المتأخرين كالشهاب الخفاجي والألوسي وغيرهما عناية بفن الاحتباك أثناء تفسيرهم لآيات القرآن الكريم وبيان ما تزخر به من خصائص التعبير وروائع البلاغة ، من ذلك ما ذكره الشهاب تعقيباً على ما ذكره أبوحيان في تفسير قوله تعالى ( يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا  ... ) (1) ( في البحر انظر إلى فصاحة هـذا الكلام حيث أثبت قـيداً في الجـملة الأولى وهو" صابرون " وحذف نظيره من الثانية ، وأثبت قيداً في الثانية وهو " من الذين كفروا " وحذفه من الأولى ، ولما كان الصبر شديد المغلوبية أثبت في جملتي التخفيف وحذف من الثانية لدلالة السابقة عليه ، ثم ختمت بقوله " والله مع الصابرين " مبالغة في شدة المغلوبية ، ولم يأت في جملتي التخفيف بقيد الكفر اكتفاء بما قبله ، قلت هذا نوع من البديع يسمى الآحتباك (2) [15]فالشهاب كما ترى يوافق أباحيان في تقديره للمحذوف في هذه االاية الكريمة ، ويسمي هذا الفن الموجود في الآية الكريمة بتسميته التي عرف بها وهو الاحتباك .

    ومن ذلك قوله في تفسير قوله تعالى ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً ....) (3) يقول الشهاب " ولا حاجة إلى جعله من الاحتباك وأصله جعل الليل مظلماً لتسكنوا فيه والنهار مبصراً لتتحركوا فيه " (4) فالشهاب ينص على أن في الآية إحتباكاً لكنه يرى أنه لاحاجة له لوضوح التقدير الذي يتضح به أصل الكلام ، بيد أني أرى طالما أن الشهاب قد قدر محذوفاً يستقيم به المعنى فلا حاجة إلى رفض الاحتباك لظهوره في الآية الكريمة .

    ومن ذلك ما ذكره الألوسي في تفسير قوله تعالى ( واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى ) (5) يقول لألوسي ( وأصل الكلام اضمم يدك تنضم وأخرجها تخرج فحذف ما حذف من الأول والثاني وأبقى ما يدل عليه فهو إيجاز يسمى بالاحتباك ) (6) وقوله عند تفسير قوله تعالى ( ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) (1)[16]  ( والمشهور أن في الآية صنعة الاحتباك ، والتقدير جعلنا الليل مظلماً ليسكنوا فيه والنهار مبصراً لينتشروا فيه ) (2)[17]  

    وفي الآية الكريمة السابقة يقول الطاهر بن عاشور 0 ففي الآية إحتباك إذ المعنى جعلنا الليل مظلماً ليسكنوا فيه والنهار مبصراً لينتشروا فيه ) (3)   وفي قوله تعالى ( إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ...) (4)

    يجعل هذه الآية من شبه الاحتباك بقوله ( وقد جئ بجملة " يخرج الحي من الميت "فعلية للدلالة على أن هذا الفعل يتجدد ويتكرر في كل آن ، فهو مراد معلوم ، وليس على سبيل المصادفة والاتفاق .

    وجئ في قوله مخرج الميت من الحي إسماً للدلالة على الدوام والثبوت ، فحصل بمجموع ذلك أن كلاً من الفعلين متجدد وثابت ، أي كثير وذاتي ، وذلك لأن أحد الإخراجين ليس بأولى بالحكم من قرينه فكان في الأسلوب شبه الاحتباك ) . (5) يبدو لي والله أعلم أن الطاهر بن عاشور لم يجعل هذه الآية من الاحتباك بل من شبه الاحتباك لعدم وجود محذوف في الطرفين المتقابلين حتى يصح معه تقدير الاحتباك ، ولهذا جعله من شبه الاحتباك .

    ومن خلال تتبع مسيرة فن الاحتباك في التراث البلاغي يتبين لنا أن هذا الفن عرف كمصطلح بلاغي في أوائل القرن الثامن الهجري أو في منتصفه ، وقد أفرده بالتصنيف الإمام برهان الدين البقاعي في كتابه " الإدراك لفن الاحتباك " ثم ساد هذا الفن في كتب العلماء على اختلاف بيئاتهم العلمية من مفسرين وبلاغيين حتى عصرنا الحاضر .            

     

         





    بسم الله الرحمن الرحيم

    الفصـل الثـاني
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 4:08 am

    الفصـل الثـاني
    الاحـتباك لـدى البقـاعي

    المبحث الأول : الاحتباك أهميته ومفهومه ومنهجه :

    كانت للعلامة البقاعي في تفسيره إشارات عديدة حول فنون البديع كالطباق  والمقابلة واللف والنشر والتقسيم وغيرها وهي في مجملها لا تزيد عن كونها إشارة عابرة إلى هذا الفن أو ذاك في مواضع محدودة غير أن الفن الذي حظي بعناية فائقة لدى البقاعي وكانت له اليد الطولى هو فن الاحتباك فما من موضع يمكن أن يلتمس منه الاحتباك إلا سعى جاهداً في إبرازه ببيان تقدير المحذوف والمذكور في طرفي الاحتباك مبيناً في بعض صوره أسراره البلاغية ، ولعل مرد عناية البقاعي بهذا الفن في تفسيره نظم الدرر أن لديه به صحبة قديمة حيث صنف فيه كتاباً سماه " الإدراك لفن الاحتباك " وقد اشار إليه في نظم الدرر عند تفسير قوله تعالى " إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " (1)[18] بقوله وهذه الآية من عجائب أمر الاحتباك " طلقتم "  يفهم الأزواج من " تعضلوهن " و" تعضلوهن " يفهم الأولياء من " طلقتم " وقد بينت ذلك في كتابي الإدراك . " (2)

    تعريف الاحتباك :

    ذكر البقاعي تعريفاً للاحتباك عند تفسيره لقوله تعالى ( قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ..)(3) بقوله ( فالآية كما ترى من وادي الاحتباك ، وهو أن يؤتى بكلامين يحذف منهما شئ إيجازاً ويدل ما ذكر على ما حذف من الآخر ، وبعبارة أخرى : هو أن يحذف من كل جملة شئ إيجازاً ويذكر في الجملة الأخرى ما يدل عليه ) (1) [19]

    ولعلك تتساءل هل هذا التعريف الذي ذكره البقاعي للاحتباك يختلف عن تعريف الاحتباك السائد في كتب البلاغيين ؟

    الجواب قطعا سيكون بالنفي ، غير أن مما يمكن أن ننبه إليه في تعريف البقاعي للاحتباك ولا نكاد نعثر عليه في تعريف البلاغيين لهذا الفن ـ وهو مما يحسب للبقاعي ـ إشارته إلى أن الحذف في الاحتباك للإيجاز .

    إعجابه بفن الاحتباك :

    ذكر البقاعي في بعض شواهد الاحتباك التي عرض لها في نظم الدرر عبارات تدل على إعجابه بهذا الفن وإشادته به ، من ذلك قوله عـند تفسيره قوله تعالى ( فلا تعـضلوهن أن ينكحـن أزواجـهن ) (2) [20] ( وهـذه الآية من عجـائب أمر الاحتباك ) (3) وقوله عند تفسيره قوله تعالى ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ...) (4) ( فهو من ألطف شاهد الاحتباك )(5) وقوله عند قول الحق عز وجل ( ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذاباً أليما ) (6) ( فالآية من محاسن رياض الاحتباك ) (7)

    يتبين لنا من هذه النصوص إعجاب البقاعي بهذا الفن وإشادته به لأن به من العجب واللطف والحسن بحيث لا يخفى على المتأمل .

    طريقة دراسته لفن الاحتباك :

    يتبادر إلى ذهن الباحث وهو يحاول إبراز جهود البقاعي في دراسته لفن الاحتباك في تفسيره " نظم الدرر " أسئلة عديدة ، كم عدد المواطن التي ذكر فيها الاحتباك ؟ وكيف كانت طريقة دراسته له ؟ وما مقدار المحذوف ونوعه في طرفي الاحتباك ؟ وهل ورد الاحتباك في الأساليب الخبرية والأساليب الإنشائية ؟ وفي أيهما كان أكثر شيوعاً ؟ .

    وغير خافٍ إن الإجابة عن هذه الأسئلة تحتاج من الباحث إلى بذل مزيد من الجهد في البحث والقراءة الجادة في تفسير نظم الدرر بغية الوصول إلى نتائج صحيحة مقرونة بما يؤكد صحتها من الاستقراء الدقيق ، والاستنتاج السليم . وقد أحصيت المواضع التي ذكر فيها البقاعي الاحتباك ـ من خلال القراءة المتأنية ـ ورأيت أنها تستوعبها هذه المحاور التي طرحت الأسئلة حولها ، فبلغت مائة وخمسة وسبعين موضعاً ، وفي مائة وأربعين منها اقتصر فيها على بيان الاحتباك دون إيضاح سره البلاغي ، أما بقية المواضع الأخرى فقد بين فيها البقاعي أسرار الاحتباك البلاغية ، وسنفرد لهذين القسمين مبحثين في هذه الدراسة .

    وقد تنوعت طريقة عرضه لشواهد الاحتباك في القرآن الكريم ، فهناك شواهد اقتصر فيها على ذكر الاحتباك فقط دون بيان لتقدير المحذوف من ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى ( قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ) (1) [21](فالآية كما ترى من وادي الاحتباك ) (2)

    والبقاعي في هذه الآية اكتفى بذكر الاحتباك دون بيان له ، ويظهر الاحتباك من خلال تقدير المحذوف ، فقد ذكرت الآية أولا سبيل الله ـ دليلاً على حذف ضده وهو سبيل الشيطان ، وثانياً كافرة دليلا على ذكر مؤمنة أولا .

    وقوله عند تفسير قوله تعالى ( فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ، ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين ) (3) ( فالآية من الاحتباك لما اشارت اليه القراءتان بالتخفيف والتثقيل ) (1) [22]فالبقاعي كما ترى أشار إلى أن في هذه الآية الكريمة إحتباكاً على قراءة التخفيف أو التشديد دون تقدير المحذوف ، وفي ذكر إهلاك الله للمكذبين من الأمم السابقة أولاً دليل على حذف ضده وهو نجاة الرسل ومن معهم من المؤمنين ، وفي ذكر إنجاء الله لرسله والمؤمنين ثانياً دليل على إهلاك المكذبين أولاً (2) [23].

    وفي نظم الدرر شواهد عديدة حرص فيها البقاعي على بيان تقدير الاحتباك منها قوله عند تفسيره لقوله تعالى ( أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ...) (3)  ( فالآية من الاحتباك ، ذكر الدنيا أولاً يدل على حذف العليا ، وذكر الآخرة ثانياً يدل على حذف العاجلة أولاً ) (4)

    وقوله عند تفسير قوله تعالى ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ...) (5) ( وقد علم بهذا أن الآية من الاحتباك ، حذف من الأول مثل الداعي لدلالة الناعق عليه ، ومن الثاني المنعوق به لدلالة المدعوين عليه ) (6)  وقوله عند تفسير الآية الكريمة ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون ) (7) يقول البقاعي( فالآية من الاحتباك : إثبات الكفر أولاً دل على إرادة الإيمان ثانياً ، وإثبات الرحمة ثانياً دل على حذف اللعنة أولاً ) (8) وقوله عند تفسير قوله تعالى ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ويضل الله الظالمين ) (9) ( فالآية من الاحتباك : ذكر الثبات أولاً دليلاً على حذف ضده ثانياً ، والإضلال ثانياً دليلاً على الهدى أولاً ) (1) [24]

    وقوله عند تفسير قوله تعالى ( وتحمل أثقالهم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ) (2) [25]( والآية من الاحتباك : ذكر حمل الأثقال أولاً دليلاً على حمل الأنفس أولاً ، وذكر مشقة البلوغ ثانياً دليلاً على مشقة الحمل أولاً )(3)

    وهناك شواهد اخرى وهي قليلة لا تكاد تتجاوز أصابع اليد عدّاً ـ بعد أن بين فيها الاحتباك ذهب فيها إلى بيان أصل الآية الكريمة على نحو ما ذكره في قوله تعالى (قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ) (4) ( وقد وضح أن الآية من الآحتباك ، فأصل نظمها : فإن تولوا فإن الله لا يحبهم لكفرانهم ، وإن أقبلوا فإن الله يحبهم لإيمانهم ، فإن الله لا يحب الكافرين ، والله  يحب المؤمنين ، إثبات التولية في الأول يدل على حذف الإقبال من الثاني ، وإثبات الكراهة في الثاني يدل على حذف مثلها في الأول ) (5) ، وقوله عند تفسير قوله تعالى ( وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين ) (6) ، يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك ، ونظمها على الأصل : فنوفيهم لأنا نحبهم والله يحب المؤمنين ، والذين ظلموا نحبط أعمالهم لأنا لا نحبهم والله لا يحب الظالمين ، فتوفية الأجر أولا ينفيها ثانياً ، وإثبات الكراهة ثانياً يثبت ضدها أولاً ) (7)

    وقوله عند تفسير قوله تعالى ( إذ همت طائفتان أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) (8) يقول البقاعي ( والأحسن تنزيل الآية على الاحتباك ، ويكون أصل نظمها والله وليهما لتوكلهما وإيمانهما فلم يكن الفشل منهما ، فتولوا الله وتوكلوا عليه ليصونكم من الوهن ، وعلى الله فليتوكل المؤمنون كلهم ليفعل بهم ذلك ، فالأمر بالتوكل ثانيا دال على وجوده أولاً ، وإثبات الولاية أولاً دال على الأمر بها ثانياً ) (1)[26] . وفي بعض شواهد الاحتباك يذكر البقاعي تقديرين يستحسن أحدهما أحيانأ ، ويرجح تارة أخرى أحدهما بقوله والأقرب أن يكون المحذوف كذا وكذا .....، على نحو ما تراه في قوله عند تفسير الآية الكريمة ( وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتاً أوهم قائلون ) (2) ( الآية من الاحتباك : دل  إثبات " بياتاً " أولاً على حذف " قائلة " ثانياً ، وإثبات " هم قائلون " ثانياً على حذف هم "هم نائمون " أولاً ، والذي أرشدنا إلى هذا المعنى الحسن سوق " هم " من غير واو ، وهذا قريب من قوله تعالى " أفامن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون " فالأقرب أن يكون المحذوف أولاً نائمون ، وثانياً نهاراً ، فيكون التقدير : بياتاً هم فيه نائمون ، أو نهاراً هم فيه قائلون ) (3)

    في هذه الآية الكريمة ذكر البقاعي تقديرين مرجحاً الثاني على الأول بأنه الأقرب ، وهو كما ترى ـ الأليق بالسياق والمقام لوضوحه .

    ومعنى قول البقاعي " والذي أرشد إلى هذا المعنى الحـسن سوق " هم " بغير  " واو " أن الذي دل على هذا الاحتباك الحسن هو مجئ الآية الكريمة بغير الواو في قوله تعالى بياتاً أو هم قائلون " لأنها لو جاءت بالواو تكون الجملة الاسمية " هم قائلون " جملة حالية التقدير فجاءها بأسنا بياتاً حالة كونهم قائلين ، أما مجيئها بالواو فمعناه مجئ البأس مرة بياتأ ، ومرة وهم قائلون ، وهذا يستلزم أن يكون في الكلام احتباك على النحو الذي قدره المؤلف رحمه الله .

    ومن ذلك قوله عند تفسير الآية الكريمة ( من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون ) (1)[27] ( والآية من الاحتباك : حذف أولا عدوانهم على أنفسهم لما دل عليه من المهد ، وثانياً كون العمل خاصاً بهم لما دل عليه من كون الكفر على صاحبه خاصة ، وأحسن من هذا أن يقال : ذكر الكفر الذي هو السبب دليلاً على الإيمان ثانياً ، والعمل الصالح الذي هو الثمرة ثانياً دليلاً على العمل السئ أولاً ) (2)[28] .

    فالبقاعي في هذه الاية الكريمة ذكر تقديرين استحسن فيهما الثاني لوضوح التقابل فيه بين طرفي الاحتباك .

    وتظهر في بعض الشواهد بوضوح موضوعية البقاعي في دراسته لهذا الفن البلاغي حيث نراه لا يقطع بالاحتباك في بعض هذه الشواهد ولا يجزم به بل نراه يقول ويمكن تنزيل الآية على الاحتباك أو قوله ويمكن أن تكون من الاحتباك ، وفي بعض هذه الشواهد يستحسن فيها الاحتباك ، من ذلك قوله في تفسير قوله تعالى ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ..) (3) ( والاية يمكن تنزيلها على الاحتباك : بأن يكون ذكر الحجاب ثانياً دليلاً على نفيه أولاً ، وذكر الوحي الدال على الخفاء أولاً دليلاً على الجهر ثانياً ، والحجاب ثانياً دليل على الرؤية أولاً ، وسره أن ترك التصريح بالرؤية والدلالة عليها بالحجاب أولى بسياق العظمة ) (4)

    ونظير ذلك قوله في تفسير قوله تعالى( وكل شئ أحصيناه كتاباً ) (5) ( ويمكن تنزيل الآية على الاحتباك وهو أحسن : دل فعل الإحصاء على حذف مصدره ، وإثبات مصدر " كتب " عليه أي أحصيناه إحصاءاً وكتبناه كتابأ ، وذلك الإحصاء والكتب لعدم الظلم ) (1)[29] . والبقاعي في عدم جزمه بحمل الآية على الاحتباك بقوله يمكن تنزيلها عليه ، يختار من الوجوه التي يمكن حمل الآية الكريمة عليها ما يراه مناسباً للسياق والمقام ، وهو في هذا ليس بدعاً بل إن كثير من العلماء يحملون كثيراً من الصيغ والصور البلاغية على وجوه متعددة يحتملها التركيب ويتطلبها المقام والسياق . ونحن في غنى عن الاستشهاد   على ما قلناه لوضوحه وشيوعه في كتب العلماء رحمهم الله .

    ومن المواطن التي تتضح فيها موضوعية البقاعي عدم جزمه بالاحتباك لنقص المعنى على نحو ما نراه في تفسير قوله تعالى ( ولم يجعل له عوجاً قيماً لينذر بأساً شديد منه لدنه وبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً ماكثين فيه أبداً ، وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ...) (2)[30] يقول البقاعي ( هم بعض اليهود والنصارى والعرب ، قال الأصبهاني : وعادة القرآن جارية بأنه إذا ذكر قصة عطف عليها بعض جزئياتها تنبيهاً على كون ذلك الجزء أعظم جزئيات ذلك الكل ، ولم أجعل الآية من الاحتباك لنقص المعنى ) (3)

    فالبقاعي لا يرى في هذه الآية الكريمة احتباكاً لنقص المعنى بل يرى أن هذه الآية الكريمة ( وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ) من عطف قصة على قصة ، لأن هذه الآية جاءت خطاباً لأهل الكتاب فهم الذين قالوا اتخذ الله ولدا ، أما الآيات الأولى في قوله تعالى ( ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديد من لدنه ) فهي خطاب للعرب الذين أنزل عليهم القرآن الكريم ، وكأن البقاعي في عدم جعل الآية من الاحتباك يرد من طرف خفي على العلامة أبي جعفر الرعيني الغرناطي الذي جعل هذه الآية الكريمة من الاحتباك بقوله ( ومثلها قوله تعالى ( ولينذر باساً شديداً مع قوله بعد ( وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً ) فإن أنذر يتعدى لمفعولين فذكر في الأول المفعول الثاني وهو " بأساً شديداً " وحذف منه المفعول الأول وهو " الذين قالوا اتخذ الله ولدا " لذكره في الثاني ، وحذف من الثاني المفعول الثاني وهو " بأساً شديداً " لذكره في الأول ) (1)[31] . فما ذهب إليه البقاعي أولى بالقبول من قول القرناطي لبعده عن التكلف والتعسف في التقدير ، لأن قوله تعالى ( لينذر بأساً شديداً ) خطاب للعرب أما قوله ( وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً ) فهو خطاب لأهل الكتاب ، فهو كما ترى من عطف قصة على قصة كما ذكر البقاعي فيما نقله عن الأصبهاني . ومما يؤكد موضوعية البقاعي عدّه لبعض الشواهد بأنها من شبه الاحتباك أو بأنها قريب منه ، من ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى ( ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون  (2) [32]. وقد ظهر أن الآية إما احتباك أو شبيهة به : عدم الشعور دال على حذف الإبطال من الثاني ، وعلى حذف الشعور والإبطـال الذي هو نتيجـته من الأول (3) ولعل كلام البقاعي السابق يحتاج إلى إيضاح ومعناه : مكروا مكرا فأبطلناه ، ومكروا مكرا فلم يبطلوه ، ومكروا وهم لا يشعرون ومكرنا ونحن العالمون .

    ونظير ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى ( تبارك اسم ربك ذي الجـلال والإكرام )(4)  ( الوصفان الأخيران من شبه الاحتباك لأنه حذف من الأول متعلق الصفة الثانية وهي النقمة للأعداء ، ومن الثاني أثر الإكرام وهو الرحمة للأولياء ، فإثبات الصفة أولا ً يدل على حذف ضدها ثانياً ، وإثبات الفعل يدل على حذف ضده أولاً ) (5) يقصد البقاعي أن ذكر الجلال يستلزم إيقاع النقمة أي العذاب بمن كفر من الأعداء ، وذكر الإكرام وهو العطاء يستلزم إيقاع الرحمة على الأولياء .

    ويقول في تفسير قوله تعالى " وكذلك مكنا ليوسف في الأرض لنعلمه من تأويل الأحاديث " (1)[33] ( وأثبت التمكين في الأرض ليدل على لازمة من الملك والتمكين من العدل ، وذكر التعليم ليدل على  ملزومه وهو النبوة ، فدل أولاً بالملزوم على اللازم ، وثانياً باللازم على الملزوم ، ...، فهو احتباك أو قريب منه )

    فقول البقاعي " من شبه الاحتباك ، وقوله قريب منه " هما سواء في الدلالة على المعنى المراد ، لكن السؤال هاهنا ماالسبب الذي جعل البقاعي يتردد في عدّ هذه الشواهد أما من الاحتباك أو من شبهه وإن كان في بعضها ينص فقط بأنها من شبه الاحتباك كما في آية الرحمن ؟

    قبل الإجابه عن هذا السؤال أود أن أبين للقارئ الكريم أن البلاغيين حين لا يندرج شئ بالباب المعروض للدراسة وله تعلق به يلحقونه بذلك الباب ، ترى ذلك بوضوح في حسن التعليل والملحق بحسن التعليل (2) [34]

    لعل السبب الذي دعا البقاعي إلى جعل هذه الشواهد من شبه الاحتباك هو أنه ليس  في جميع هذه الشواهد حذف يستلزم معه تقدير محذوف يجعلها صالحة للاحتباك ، وإنما نرى البقاعي يلتمس الاحتباك من اللوازم الدالة على ملزومها قطعاً ، ولهذا السبب يجعل البقاعي هذه الشواهد من شبه الاحتباك ، وإن كنا نراه في بعض الشواهد الأخرى التي يلتمس فيها الاحتباك من اللوازم يجعلها من الاحتباك وليس من شبه الاحتباك ، وهذا ـ كما ترى ـ توسع شديد في مفهوم الاحتباك سيأتي مزيد بيان ومناقشة له في موضع لاحق من هذه الدراسة  وفي بعض الشواهد ذكر البقاعي  أن الاحتباك ظاهر من منطوق السياق لا من مفهومه كما في قوله عند تفسير قوله تعالى ( فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً و وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً )(1)[35] يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك ، وهو منطوق لما أوجبه من السياق لا مفهوم : ذكر التحري أولاً دليلاً على تركه ثانياً ، وذكر جهنم ثانياً دليلاً على حذف الجنة أولاً ، وسر ذلك انهم في مقام الترهيب فذكروا ما يحذر ، وطووا ما يجب العلم به لأن الله تعالى لا يضيع لأحد أجرا ً بل لا يقتصر على ما يقابل الحسنة في العرف بل لابد أن يزيد عليها تسعة أضعافها وعنده المزيد )(2)

    ذكر البقاعي أن الاحتباك من منطوق ما أوجبه السياق لا من مفهومه وقد كان هذا دأبه في كثير من شوهد الاحتباك القائمة على ذكر متقابلين يحذف فيهما  من الأول لدلالة الثاني عليه ، ومن الثاني لدلالة الأول عليه ، غير أن البقاعي بهذه العبارة السابقة كأنه أراد أن يبين للقارئ بأن منهجه في دراسته للاحتباك لن يقف عند حد استخراج الاحتباك من منطوق السياق بدلالة المذكور على المحذوف منه ، بل ستكون دائرة الاحتباك لديه أوسع مما هي عليه عند غيره من العلماء حيث يستخرج الاحتباك من مفهوم العبارة عن طريق دلالة اللازم على الملزوم.

    ومن طرائق عرضه لشواهد الاحتباك أنه كان يحيل في بيان الاحتباك  وتقديره على مواضع سابقة خاصة في الآيات المتشابهة في بناء صياغتها من ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى ( أفرأيتم ما تحـرثون أأنتم تزرعونه أم نحـن الزارعون ) (3)[36] " فالآية من الاحـتباك بمثل ما مضى في أختها  قريباً سواء ) (4) فالبقاعي يقصد بقوله الآية الكريمة ( أفرأيتم ما  تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) (5) ذكر أولاُ تخلقون دليلاُ على حذف مثله له سبحانه ثانيأ ، وذكر الاسم ثانياً دليلاً على حذف مثله لهم أولاً وسر ذلك أنه ذكر ما هو الأوفق لأعمالهم مما يدل على وقت التجدد ولو وقتا ما ، وما هو الأولى بصفاته مما يدل على على الثبات والدوام (1)[37] وتقدير الاحتباك في الآية السابقة ذكر أولاً " "تحرثون " دليلاً على حذف مثله له " أم نحرثه نحن " وذكر ثانياً الاسم " الخالقون " دليلاً على حذف مثله أولاً " أم انتم الخالقون " وقوله في تفسيره قوله تعالى ( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ) (2) ( والآية من الاحتباك بمثل ما مضى في الآيتين السابقتين سواء ) (3) وفي بعض شواهد الاحتباك يذكر البقاعي في آية واحدة احتباكين كما في قوله عند تفسير قوله تعالى ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد )(4) ( والآية من الاحتباك ذكر أولاً الإفساد ليدل على حذفه ثانياً ، وثانياً الإهلاك ليدل على حذفه أولاً ، وذكر الحرث الذي هو السبب دلالة على الناسل والنسل الذي هو المسبب دلالة على الزرع فهو احتباك ثانٍ ) (5)  ونظير الاية السابقة قوله تعالى ( كما بدأكم تعودون فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ) (6) يقول البقاعي ( وقد تبين أن ههنا إحتباكين : أثبت في أولهما " بدأ " دليلاً على حذف " يعيد " وذكر " تعودون " دليلاً على" تبتدئون " وأثبت الثاني "هدى " دليلاً على حذف "أضل "  وذكر حقوق الضلالة دليلاً على حقوق الهدى ) (7)

    اما عن بيان مقدار المحذوف ونوعه في طرفي الاحتباك أهو مفرد أم جملة ؟ لا شك أن المنبئ عن الاحتباك ، الدال عليه ، هو الداعي  إلى تقدير الاحتباك أن يكون في الكلام نوع من التقابل احد طرفيه موجود ، والآخر غير موجود مما يستدعي تقدير هذا المحذوف ، فإذا كان المذكور في الكلام مفردا يكون المحذوف المقابل مفردا ، وإذا كان المذكور المقابل جملة فإن المحذوف يكون جملة على نحو ما ينبئ عنه التقابل بطبيعة الحال .

    وعلى هذا فإن أغلب شواهد الاحتباك التي ذكرها البقاعي كان المحذوف فيها مفردا من ذلك قوله في تفسير قوله تعالى ( أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ) (1)[38] ( فالآية من الاحتباك : ذكر الدنيا أولا يدل على حذف العليا ثانياً وذكر الآخرة ثانياً يدل على حذف العاجلة أولاً (2) ومن ذلك قوله تعالى ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ) (3) يقول البقاعي ( المعنى خلطوا عملاً صالحأ بسيئ وآخر سيئاً بصالح ، فهو من ألطف شاهد لنوع الاحتباك (4) ومنه قوله تعالى ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) (5) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر " ثابت " أولاً دال على " عالٍ صاعد " ثانياً وذكر " السماء" ثانياً دال على الأرض أولاً " (6) وقوله في تفسير قوله تعالى  ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ..)0(7) " فالآية من الاحتباك : ذكر فعل الهداية أولاً دليلاً على فعل الضلالة ثانياً ، وحقوق الضلالة ثانياً دليل على حقوق الهداية أولاً ) (8) .

    وفي بعض شواهد الاحتباك قدر البقاعي المحذوف جملة كما في قوله تعالى ( قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لايحب الكافرين ) (9) ( وقد وضح أن الآية من الاحتباك : فأصل نظمها فإن تولوا فإن الله لا يحبهم لكفرانهم ، وإن قبلوا فإن الله يحبهم لإيمانهم فإن الله لا يحب الكافرين ، والله يحب المؤمنين ، إثبات التولية في الأول يدل على حذف الإقبال في الثاني ، وإثبات الكراهة في الثاني يدل على حذف مثلها في الأول ) (1)[39]  وقوله " عند تفسير قوله تعالى ( وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فـنوفـيهم أجورهم والله لا يحب الظـالمين ) (2) ( فالآية من الاحتباك ونظمها على الأصل : فنوفيهم لأنا نحبهم والله يحب المؤمنين ، والذين ظلموا نحبط أعمالهم لأنا لا نحبهم والله لا يحب الظالمين ، فتوفية الأجر أولاً ينفيها ثانياً ، وإثبات الكـراهة ثانياً يثبت ضدها أولاً ) (3)

    لعل الداعي إلى هذا التقدير هو هذه المفارقة التي نلحظها في تعقيب توفية أجر المؤمنين ببيان نفي حب الله للظالمين ، لأنه من المتبادر أن يكون نظم الآية " نوفيهم أجورهم والله يحب المؤمنين " لكن لما جاءت الفاصلة القرآنية " والله لا يحب الظالمين " دلت على هذه المفارقة والمباينة في الجزاء على هذا التقدير الذي ذكره البقاعي في هذه الآية ونظائرها .

    ونلحظ أن المحذوف في طرفي الاحتباك سواء أكان مفردا أم جملة يكون ضداً  للمذكور في كثير من الشواهد منها قوله تعالى ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) (4) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك ذكر أولاً " من ضل " دليلاً على حذف ضده ثانياً ، و" المهتدين " ثانياً دليلاً على حذف ضدهم أولاً )(5) وقوله تعالى ( فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرأون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) (6) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : أثبت الإيتاء باليمين والقراءة أولاً دليلاً على حذف ضدهما ثانياً ، وأثبت العمى ثانياً دليلاً على حذف ضده أولاً ) (1)[40] وقوله تعالى ( وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا ) (2) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر اللباس أولاً دليلاً على حذف ضده ثانياً ، والمعاش ثانياً دليلاً على حذف ضده أولاً ) (3) وأحيانا يكون المحذوف هو نفس المذكور غير أن الاختلاف بينهما في إثباتهما أو نفيهما كما في قوله تعالى ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (4)يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر أولاً الضلال دليلاً على حذفه ثانيا وذكر الرجس ثانيا دليلا على حذفه أولاً ) (5) ومن ذلك قوله تعالى ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ) (6)[41]  يقول البقاعي " فالآية من عجيب فن الاحتباك : ذكر الإنذار والأمر أولاً دال على حذفهما ثانياً ، وإثبات الإيمان والصلاة دليل على نفيهما اولاً ) (7) ومراد البقاعي أنه ذكر الإنذار والأم أولاً في قوله " لتنذر أم القرى " دليلاً على حذفهما ثانياً من قوله ( والذين يؤمنون بالآخرة من الذين أنذرتهم من أم القرى وما حولها ) ، وإثبات الإيمان والصلاة ثانياً في قوله ( والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ) دليلاً على نفيهما أولاً في قوله ( لتنذر أم القرى ومن حولها الذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يقيمون الصلاة .

    ومن ذلك قوله تعالى ( فإن يكن منكم فئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله ) (1) [42]يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر في الأول صابرة دليلاً على حذفه ثانياً ، وذكر ثانياً الإذن دليلاً على حـذفه أولاً ) (2) ذكر في الأول صابرة في قوله " فئة صابرة " دليلاً على حذفه ثانياً من قوله " وإن يكن منك ألف " أي صابرة ، وذكر الإذن ثانياً في قوله " يغلبوا ألفين بإذن الله " دليلاً على حذفه من قوله " يغلبوا مئتين " أي بإذن الله .

    أما عن وقوع الاحتباك في الأساليب الخبرية والإنشائية وفي أيهما كان أكثر شيوعاً ووروداً ؟

    غير خافٍ أن القرآن الكريم إما خبر أو إنشاء ، وقد ورد الاحتباك في هذين الأسلوبين من أساليب التعبير في لغتنا العربية ، وبإحصاء مواطن وروده في نظم الدرر تبين أنه اكثر شيوعاً في الأسلوب الخبري ، حيث ورد في الأساليب الإنشائية من مجموع مواطن وروده في واحد وثلاثين موضعاً كان نصيب الإستفهام منها أربعة وعشرين موضعاً منها قوله تعالى ( أفرايتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) (3) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر أولا " تخلقون " دليلاً على حذف مثله له سبحانه ثانياً ، وذكر الاسم ثانياً دليلاً على حذف مثله لهم أولا ) (4) وقوله تعالى ( أمن هو قانت آناء الليل سـاجـداً وقائماً ) (5) يقول البقاعي ( والآية من الاحتباك : ذكر السجود دليلاُ على الركوع ، والقيام دليلاً على القعود ) (6) وقوله تعالى ( أكفاركم خير من أولئك أم لكم براءة في الزبر ) (1)[43] يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك :أثبت الخيرية اولا دليلا على حذفها ثانيا ، والبراءة ثانيا دليلا على حذفها أولا )(2)

    أما الأمر فقد ورد في سبعة مواضع منها قوله تعالى ( واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء ) (3) يقول البقاعي ( فالآية من باب الاحتباك (4) والتقدير واضمم يدك إلى جـناحك تنضم وأخـرجها تخرج بيضاء من غير سوء (5) ، ومنها قوله تعالى ( وتبتل إليه تبتيلا ) (6) يقول البقاعي ( والآية من الاحتباك وهو ظاهر : ذكر فعل التبتل دليلاً على حذف مصدره ، وذكر مصدر بتل دليلا على حذف فعله (7)[44] ولعل البقاعي في هذا التقدير قد أفاد من الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة ونظيرتها (8) وفي موضع واحد اجتمع الأمر والنهي في قوله تعالى ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا ) (9) يقول البقاعي ( والآية من الاحتباك : إثبات الدعاء المقتضي لأصل إكرام المؤمنين مرشد أولا إلى حذف الدعاء المفهم لأصل إهانة الكافرين ثانيا ، وإثبات الدعاء بزيادة التبار ثانيا مفهم لحذف الدعاء الموجب لزيادة المفاز أولا ) (10)





    مفهوم الاحتباك بين التحديد والتوسع عند البقاعي :

    ذكرنا فيما سبق أن الاحتباك في اصله ومبناه قائم على افتراض بناءات لغوية غائبة حذفت منها أجزاء وذكرت أجزاء أخرى داله على المحذوف وما قرره العلماء في تعريف الاحتباك هو بمثابة الضوابط التي تعين الدارس على استخراج الاحتباك ببيان تقدير المحذوف الذي يقابل المذكور في طرفي الاحتباك .

    وبتأمل صور الاحتباك التي ذكرها البقاعي نجده في كثير منها يسير على هدى العلماء ونهجهم في تقدير الاحتباك وبيانه ، ولعل كثيراً من شواهد الاحتباك التي ذكرناها في الصفحات السابقة كان البقاعي يعتمد فيها على استخراج الاحتباك من خلال بيان أصل المعنى القائم على التقابل بتقدير المحذوف المدلول عليه بالمذكور في طرفي الاحتباك ـ وهذا أمر لا يخفى على القارئ الفطن . ومن ذلك قوله تعالى ( أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ) (1)[45] يقول اليقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر الدنيا أولا يدل على حذف العليا ثانيا ، وذكر الآخرة ثانيا يدل على حذف العاجلة أولا ) (2)

    هذا هو مذهب العلماء في الاحتباك أن يحذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، ومن الثاني لدلالة الأول ، والبقاعي كما ذكرنا في كثير من شواهد الاحتباك يسير على النهج اللاحب ، غير أنه في بعض الشواهد يفترض بناءا لغويا فيما لا تدعو الحاجة إلي إفتراضه ، ويلتمس الاحتباك فيما لا يستساغ القول به لوضوح المعنى بحيث لا يحتاج معه القارئ إلى مثل هذا التقدير المتكلف والمتعسف في آن واحد ، وهذا ـ كما ترى ـ توسع شديد في مفهوم الاحتباك كما في قوله تعالى ( كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ) (3) يقول البقاعي ( وقد تبين أن هاهنا إحتباكين : أثبت في أولهما " بدأ " دليلا على حذف " يعيد " وذكر " تعودون " دليلا على حذف " تبتدئون " ، وأثبت في الثاني " هدى " دليلا على حذف " أضل " وذكر حقوق " الضلالة " دليلا على حذف حقوق " الهدى ) (1)[46] فالبقاعي اعتمد على تقدير الاحتباك في الآية الكريمة بناء على أن أصل المعنى كما بدأكم يعيدكم ، وتبتدئون فتعودون ، وفريقا هدى وفريقا أضل ، وفريقا حقت عليهم الضلالة ، وفريقا حقت عليهم الهداية ، وهذا التقدير المتكلف يؤدي إلى ضعف العبارة وركاكتها ، ويمجه الذوق ، ولا يرتضيه السياق لوضوح المعنى واستغنائه عن هذا التعسف في التقدير ، ولو أن البقاعي اكتفى في بيان الاحتباك عند قوله أثبت " هدى " دليلا على حذف " أضل " وذكر حقوق الضلالة دليلا على حذف حقوق الهدى " لكان كلامه مقبولا ولا معترض لنا عليه .      

    ويتمثل هذا التوسع في مفهوم الاحتباك لدى البقاعي في أمرين :

    1ـ انه يلتمس الاحتباك ويستخرجه من دلالة اللازم على الملزوم كما في قوله تعالى " وكذلك مكنا ليوسف في الأرض لنعلمه من تأويل الأحاديث " (2)[47] ( اثبت التمكين في الأرض ليدل على لازمه من الملك والتمكين من العدل ، وذكر التعليم ليدل على ملزومه وهو النبوة ، فدل أولا بالملزوم على اللازم ، وثانيا باللازم على الملزوم ، وهو كقوله تعالى " فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة " (3) ليس في الآية الكريمة حذف أو مقابل يحتاج معه إلى تقدير محذوف ، غير أن البقاعي كما ترى يستخرج الاحتباك هنا من دلالة الملزوم وهو التمكين في الأرض على لازمه وهو الملك والعدل ، ومن اللازم وهو التعليم ليدل على الملزوم وهو النبوة ، وحمل هذه الآية الكريمة على الكناية أولى من القول بالاحتباك لأن فيها لزوما بين المحذوف ـ على افتراض تقديره ـ والمذكور يمكن أن يستغنى به عن الآحتباك .

    ومثله قوله تعالى ( ياصاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه ) (1)[48] يقول البقاعي " والآية من الاحتباك : ذكر ملزوم السلامة والقرب أولا دليلا على العطب ثانيا ، وملزوم العطب ثانيا دليلا على السلامة أولا ) (2) ولا يخفى أن ملزوم السلامة والقرب وهو كونه يسقي ربه خمرا " دال على اللازم وهو السلامة لأنه لا يسقي ربه إلا إذا كان سليما معافى ، وملزوم العطب وهو أن تأكل الطير من رأسه " دال على اللازم وهو العطب والهلاك ، فذكر ملزوم السلامة والقرب أولا دال على الهلاك ، وملزوم العطب ثانيا دال على السلامة أولا .

    ومثله قوله تعالى ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) (3) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : خطف الطير الملزوم للتقطع أولا دال على حذف التقطع ثانيا ، والمكان السحيق الملزوم لبلوغ الأرض ثانيا دليل على حذف ضده اولا ) (4) [49]

    البقاعي في هذه الشواهد يستخرج الاحتباك من اللوازم ، بينما مذهب العلماء في الاحتباك أنهم يشترطون أمرين : أولهما : أن يكون في الكلام متقابلان ، ثانيهما : أن يحذف من كليهما لدلالة المذكور عليه ، أما البقاعي فلا يلتزم بهذين الشرطين لتحقيق الاحتباك كما في الشواهد السابقة ، بل يستخرج الاحتباك من دلالة اللازم على الملزوم وهذا كما ترى توسيع شديد في مفهموم الاحتباك يباين ما اعتاد عليه الدارسون لهذا الفن البلاغي .

    2ـ أنه يستخرج في بعض الشواهد من الآية الواحدة احتباكين اعتمادا على تقدير حذفين من الأول لدلالة ذكرهما في الثاني ، ومن الثاني حذفين لدلالة ذكرهما في الأول ، بينما مذهب العلماء كما بينا يشترطون محذوفا من الأول لدلالة ذكره في الثاني ، ومن الثاني لدلالة ذكره في الأول ، ويتضح ذلك جليا في قوله تعالى ( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم) (1) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر الأعمال الصالحة ودخول الجنة أولا دليلا على حذف الفاسدة ودخول النار ثانيا ، والتمتع والمثوى ثانيا دليلا على حذف التعلل والمأوي أولا ، فهو احتباك في احتباك )(2) فالبقاعي يذكر في هذه الآية الكريمة احتباكين ، فذكر الأعمال الصالحة ودخول الجنة أولا يقابله عدم ذكر الأعمال الفاسدة ودخول النار في الثاني ، وذكر التمتع والمثوى ثانيا يقابله حذف التعلل والمأوى في الأول .

    ومن ذلك قوله تعالى( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المـتقون )(3)  يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر أولا المثوى في جهنم دليلا على حذف ضده ثانيا ، والاتقاء ثانيا دليلا على حذف ضده ، وسره أنه ذكر أنكأ ما للمجرم من الكفر وسوء الجزاء ، وأسر ما للمسلم من قصر التقوى عليه ، وذكر أحب جزائه إليه ، والإشارة  إلى عراقته في الإحسان ، وفي الآيات احتباك آخر وهو أنه ذكر الكذب والتكذيب أولا دليلا على الصدق والتصديق ثانيا ، والاتقاء وجزاءه وما يتبعه ثانيا دليلا على ضده أولا ، وسره أنه ذكر في شق المسئ أنكأ ما يكون من الكذب والتكذيب في أقبح مواضعه ، ولا سيما عند العرب ، وأسر ما يكون في شق المحسن من استقامة الطبع وحسن الجزاء ) (4) . مما تقدم يتضح لنا أن البقاعي في هذه الآيات ونظائرها يعتمد على حذف امرين من الأول إكتفاء بذكرهما في الثاني ، وحذف أمرين من الثاني إكتفاء بذكرهما في الأول ، وهذا توسع شديد في مفهموم الاحتباك يخالف ما هو مقرر لدى العلماء في تحديد مفهوم الاحتباك .









    المبحث الثاني : الاحتباك بدون سره البلاغي

    بلغت عدد شواهد الاحتباك التي ذكرها البقاعي دون بيان أسرارها البلاغية مائة وأربعين شاهدا (1)[50] وسنكتفي في دراستنا لها بعرض بعض الشواهد منها قوله تعالى ( أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ) (2) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك " ذكر الدنيا أولا يدل على حذف العليا  وذكر الآخرة ثانيا يدل حذف العاجلة) (3) ، ومن ذلك قوله تعالى ( وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخـرة خـير للذين يتقون أفـلا تعقـلون ) (4) يقول البقاعي ( فذكر حال الدنيا وحذف نتيجتها لأهلها لدلالة ثمرة الآخـرة عليه ، وحذف حـال الآخرة لدلالة ذكر حال الدنيا عليه  ، فهو احتباك )(5) [51]وقوله تعالى ( فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم الف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ) (6) يقول البقاعي " فالآية من الاحتباك : ذكر في الأول صابرة دلالة على حذفه ثانيا ، وذكر ثانيا الإذن دليلا على حذفه أولا (7) وقوله تعالى ( سواء منكم من اسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) (8) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر  مسـتخف أولا دال على ضده ثانيا وذكر سارب ثانيا دال على ضـده أولا ) (9) وقوله تعالى ( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى والى الله عاقبة الأمور ومن كفر فلا يحزنك كـفره إلينا مرجعهم ...)(1)[52] يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر الحزن ثانيا دليلا على حذف ضده أولا ، وذكر الاستمساك أولا دليلا على حذف ضده ثانيا) (2)

    المبحث الثالث : الاحتباك وسره البلاغي

    أول موضع يذكر فيه البقاعي للاحتباك سره البلاغي قوله تعالى ( وأوحينا إلى آم موسى أن ارضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) (3) ( والآية من الاحتباك : ذكر الارضاع أولا دليل على تركه ثانيا ، والخوف ثانيا دليلا على الأمن أولا ، وسره أنه ذكر المحبوب لها تقوية لقلبها وتسكينا لرعبها) (4) وفي قوله تعالى ( وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير) (5) يذكر البقاعي سرا عاما للاحتباك ـ وهو يصح أن يذكر مع كل حذف ـ في قوله ( فالآية من الاحتباك : ذكر المنذرين أولا دلالة على إرادتهم ثانيا ، وذكر المنذر به وهو يوم الجمع ثانيا دلالة على المنذر به من عذاب الأمم أولا ، ليذهب به الوهم في المخذوف كل مذهب ، فيكون أهول ، وذكر هذا المذكور افخم وأهول " فقول البقاعي ليذهب الوهم في تقدير المحذوف كل مذهب هو مستمد من كلام الرماني الذي كشف فيه بلاغة الإيجاز في قوله " وإنما صار الحذف في مثل هذا أبلغ من الذكر لأن النفس تذهب فيه كل مذهب ) ( 6) وتابعه فيه البلاغيون

    ومن شواهد الاحتباك التي أبرز فيها البقاعي سر الاحتباك قوله تعالى ( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسئ قليلا ما تتذكرون " (1)[53] ( الآية من الاحتباك : ذكر عمل الصالحات أولا دليلا على ضدها ثانيا ، والمسئ ثانيا دليلا على المحسين أولا ، وسره أنه ذكر الصلاح ترغيبا والإساءة ترهيبا ) (2)  ومن ذلك قوله تعالى (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ) (3) يقول البقاعي ( فالآية من الآحتباك ، وهو ظاهر ، ذكر الرحمة أولا دليلا على اللعنة ثانيا ، والظلم وما معه ثانيا دليلا على أضداده أولا ، وسره أنه  ذكر السبب الحقيقي في أهل السعادة ليحملهم على مزيد الشكر ، والسبب الظاهري في أهل الشقاوة لينهاهم عن الكفر (4) وقوله تعالى ( انما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ) (5) يقول البقاعي " والآية من الاحتباك ذكر الحياة الدنيا واللهو واللعب أولا دال على ذكر الآخرة والجد ثانيا ، وذكر الإيمان والتقوى ثانيا دال على حذف ضدها الكفران والجرأة أولا ، وسره أن تصوير الشئ  بحال الصبي والسفيه أشد في الزجر عنه عند ذوي الهمم العالية ، وذكر الأجر المرتب على الخوف الذي فعل الحزمة أعون على تركه (6) وقوله تعالى ( قل تربصوا فإني معكم من المتربصين أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغوت ) يقول البقاعي ( والآية من الاحتباك : ذكر الأحلام أولا  دليلا على ضدها ثانيا ، والطغيان ثانيا دليلا على ضده " العدل السواء " أولا ، وسره أن ما ذكر أشد تنفيرا من الظلم وأعظم تقبيحا له وتحذيرا منه ) (7) وقوله تعالى ( والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) (1)[54] يقول البقاعي ( والآية من الاحتباك : ذكر الصديقين وما معها أولا دليل على أضدادها ثانيا ، والجحيم ثانيا دليل علي النعيم اولا ، سره أن الأول أعظم في الكرامة والثاني والثاني أعظم في الإهانة (2) وقوله تعالى ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم ) (3) يقول البقاعي ( والآية من الاحتباك : ذكر المكب أولا دليلا على ضده ثانيا ، والمستقيم ثانيا دليلا علي المعوج أولا ، وسره أنه ذكر أنكأ ما للمجرم وأسر ما للمسلم (4) وقوله تعالى ( أن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) (5) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك : ذكر الإدخال والرحمة اولا دلالة على الضد ثانيا ، والعقاب ثانيا دلالة على الثواب أولا ، وسر ذلك أن ما ذكره أولى بترغيب أهل العدل فيه وإن ساءت حالهم في الدنيا ، وبترهيب اهل الظلم وإن حسنت حالهم في الدنيا (6) وقوله تعالى ( فذكر إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى وبتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ) (7) يقول البقاعي ( والآية من الاحتباك : ذكر الثمرة في الأول وهي الخشية دليلا على حذف ضدها من الثاني وهي القسوة الناشئة على الحكم بالشقاوة ، وذكر الأصل والسبب في الثاني وهو الشقاوة دليلا على حذف ضده في الأول وهو السعادة ، فالإسعاد سبب والخشية ثمرة ولإشقاء سبب والقساوة ثمرة ومسبب ، وكذا ما تبعه من النار وما نشأ عنها ، وسر ذلك انه ذكر مبدأ السعادة أولا وحث عليه ، ومآل الشقاوة ثانيا تحذيرا منه (8)

    ذكرنا فيما سبق بعضا من أسرار الاحتباك البلاغية التي كشف البقاعي عنها النقاب ، بيد أن من أبرز هذه الأغراض وأكثرها ورودا في تفسيره غرض الترغيب والترهيب وبخاصة في سياق جزاءات المؤمنين وجزاءات الكافرين ، وفي عرض القرآن الكريم لجزاءات المنعمين والمعذبين إبراز للإهانة والتكريم والترغيب والترهيب حين يتقابل الضدان .

    المبحث الرابع : اقتران الاحتباك باحتباك آخر

    ذكر البقاعي في ستة مواضع اقتران الاحتباك باحتباك آخر في الآية الواحدة ، وقد عرضنا لبعض هذه المواضع عند حديثنا عن مفهوم الاحتباك بين التوسيع والتحديد عند البقاعي فيما سبق ، ومن ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ) (1)[55] ( والآية من الاحتباك ، ذكر أولا الإفساد ليدل على حذفه ثانيا ، وثانيا الإهلاك ليدل على حذفه اولا ، وذكر الحرث الذي هو السبب  دلالة على الناسل ، والنسل الذي هوالمسبب دلالة على الزرع فهو احتباك ثان ) (2) ومن ذلك قوله تعالى ( قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوا مخلصين له الدين كما بدأكم تعـودون فـريقا هدى وفريقا حـق عليهم الضلالة ) (3) يقول البقاعي ( وقد تبين ان هاهنا احتباكين : أثبت في أولهما " بدأ " دليلا على حذف " بعيد " وذكر " تعودون " دليلا على حذف
     تبتدئون " ، وأثبت "هدى " دليلا على حذف "أضل " وذكر حقوق الهدى) (4)

    وقوله تعالى ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) (5) يقول البقاعي ( وقد علم أن الآية من الاحتباك ، وأنه مشير إلى احتباك آخر ، فإنه " ذكر الذين آمنوا " أولا دليلا على حذف الذين أفسدوا ثانيا ، وذكر " المفسدين " ثانيا دليلا على " المؤمنين " أولا ، وأفهم ذلك ذكر الذين اتقوا وأضدادهم وسر ما ذكر ما وحذف أنه ذكر أدنى أسنان الايمان تنبيها على شرفه وأنه سبب السعادة ، وإن كان على أدنى الوجوه وذكر أعلى احوال الفساد إشارة إلى أنه لا يوصف بها ويستحق جزاءها إلا الراسخ فيها ترغيبا للمؤمن في أن يترقى إلى أوجها (1)[56] ومن ذلك قوله تعالى ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) (2) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك في الاحتباك : ذكر الصلي دليلا على حذف ضده ثانيا ، وثانيا التزكية دليلا على حذف ضدها أولا ) (3)

    فالبقاعي كما ترى من خلال هذه الشواهد يستخرج من الآية احتباكين ، وهذا إن صح له في بعض الشواهد فلا يصح بل ولا يصلح  في بعضها الآخر لأنه من باب التكلف الواضح في التقدير ، ولعل الذي يدعوه إلى هذا التقدير هو رغبته في توسيع مفهوم الاحتباك وهو بهذا الفهم في تكلف تقدير المحذوف من طرفي الاحتباك يخالف ما هو مقرر لدى البلاغيين في تحديد مفهوم الاحتباك .

    المبحث الخامس : اقتران الاحتباك بفن بلاغي آخر

    يقترن الاحتباك ببعض الفنون البلاغية المتنوعة كالتشبيه والكناية والطباق والمقابلة ومراعاة النظير والاستخدام .

    أولا : الاحتباك والتشبيه :

    تآزر مع الاحتباك التشبيه التمثيلي في بعض شواهده ترغيبا أو ترهيبا من ذلك قوله تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) (4) يقول البقاعي ( فالآية من الاحتباك ، وتقديرها : مثل الذين ينفقون ونفقتهم كمثل حبة وزارعها ، فذكر المنفق أولا دليل على حذف الزارع ، وذكر الحبة ثانيا دليل على حذف النفقة أولا ) (1)[57]

    في الاية الكريمة تشبيه تمثيلي * من خلال تشبيه مضاعفة أجر النفقة بحبة أنبتت سبع سنابل ، ثم إن هذه السنابل لطيبها وطيب معدن أرضها ت
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 4:09 am

    الـخــاتـمــة
    بعد هذه الرحلة المباركة في رحاب هذا الموضوع الذي تناولنا فيه بيان جهود البقاعي رحمه الله في دراسته لفن الاحتباك في كتابه نظم الدرر ، يمكن أن نوجز أهم نتائج البحث وهي كالتالي :-

    1ـ تبين من الدراسة أن فن الاحتباك عرف كمصطلح بلاغي في منتصف القرن السابع أو في أوائل القرن الثامن ، وإن عرفت بعض شواهده في كتب المتقدمين في دراستهم للحذف وتقديره في بعض الشواهد دون أن يشيروا إلى أنها من الاحتباك لعدم معرفتهم به .

    2ـ أن البقاعي أفرد لهذا الفن كتاباً سماه " الإدراك لفن الاحتباك " لكنه لا يزال مفقوداً لم يصل إلينا .

    3ـ تبين من الدراسة أن فن الاحتباك قد حظي بعناية البقاعي دون غيره من فنون البديع ، وأنه كان معجباً به حيث أشاد به في كثير من المواطن لأن له من العجب واللطف والحسن ما لا يخفى على المتأمل .

    4ـ بلغ عدد المواضع التي ذكر فيها البقاعي الاحتباك مائة وخمسة وسبعين موضعاً ، تنوعت فيها طريقة عرضه لهذه الشواهد على النحو الذي بيناه في البحث

    5ـ تبين من الدراسة أن البقاعي في كثير من شواهد الاحتباك يسير على نهج العلماء في تطبيق مفهوم الاحتباك على هذه الشواهد ، غير أنه في بعضها الآخر كان يتوسع في مفهوم الاحتباك حيث كان يستخرجه من اللوازم كدلالة اللازم على الملزوم أو العكس .

    6ـ تآزر مع الاحتباك في كثير من شواهده بعض الفنون البلاغية لعل من أكثرها ورودا الطباق والمقابلة ومراعاة النظير ، وغيرها كالتشبيه والكتابة .

    7ـ أن البقاعي خرًّج بعض القراءات القرآنية على فن الاحتباك ، مما يدل على عنايته بالقرءات القرآنية لاستخراج ما فيها من الوجوه البلاغية .

    والحمد لله في الأولى والآخرة وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

    فهرس تفصيلي لشواهد الاحتباك في نظم الدرر

    شواهد الاحتباك

    السورة ورقم الآية

    موضعه في نظم الدرر

    ملاحظات

    أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة

    البقرة86

    2/14

    المجلد الأول لم أجد فيه شاهد للاحتباك

    إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل ...

    البقرة 164

    2/288



    ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع ...

    البقرة171-172

    2/334



    وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها..

    البقرة206

    3/174



    يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ..

    البقرة216-217

    3/288 وما بعدها

    ذكر فيه كتابه الإدراك

    وإذا طلقتم النساء فلا تعضلوهن ...

    البقرة 232

    3/324 وما بعدها



    مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة ...

    البقرة 261

    4/75



    فمثله كمثل صفوان عليه تراب ...

    البقرة 264

    4/81











    ومثل الذين ينفقون أمولهم ابتغاء مرضاة الله ...

    البقرة 265ـ 266

    4/85



    أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى

    البقرة 282

    4/155



    قد كان لكم آية في فئتين التقتا ...

    آل عمران 12-13

    4/262وما بعدها

    هنا ذكر تعريف الاحتباك

    يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ..

    آل عمران30

    4/430



    قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا ...

    آل عمران32

    4/339وما بعدها



    وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ...

    آل عمران57

    4/423



    ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر ...

    آل عمران97

    5/10



    أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا ...

    آل عمران 106-107

    5/22



    مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح ...

    آل عمران 117

    5/36



    إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما ...

    آل عمران 122

    5/49



    وما جعله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به ...

    آل عمران 126

    5/58



    ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين

    آل عمران 140

    5/80



    وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات ..

    آل عمران144

    5/83

    المجلد السادس لم أجد فيه شاهد الاحتباس

    فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة

    النساء74

    5/326ومابعدها



    ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من قرن مكناهم

    الأنعام6

    7/22ومابعدها



    وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير

    الأنعام32

    7/102



    إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم...

    الأنعام36

    7/102



    وأقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي ..

    الأنعام72

    7/153



    لتنذر أم القرى ومن حولها والذين لا يؤمنون بالآخرة ...

    الأنعام92

    7/188



    فالق الإصباح وجعل الليل سكنا...

    الأنعام96

    7/199وما بعدها



    وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها ..

    الأنعام99

    7/212



    ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله ...

    الأنعام 108

    7/228











    فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره

    للإسلام..

    الأنعام 125

    7/263



    إني عامل فستعلمون من تكون له عاقبة الدار..

    الأنعام135

    7/278



    كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها

    الأنعام 122 وما بعدها

    7/253 وما بعدها



    سيقول الذين أشركوا لوشاء الله ..

    الأنعام148

    7/312



    وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا...

    الأعراف4

    7/357



    كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا..

    الأعراف29-30

    7/385وما بعدها

    ذكر هنا احتباكين

    ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ..

    الأعراف44

    7/405



    والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث ..

    الأعراف58

    7/424



    ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ..

    الأعراف146-147

    8/84



    يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون...

    الأنفال65

    8/322



    فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن ...

    الأنفال66

    8/326











    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر ..

    التوبة 102

    9/10

    فيها ألطف شاهد للاحتباك

    اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ..

    التوبة 19

    8/416

    الآية الكريمة

    أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان ..

    التوبة 109

    9/21



    وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك ..

    يونس46

    9/132



    هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا..

    يونس67

    9/158



    ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ..

    يونس103

    9/214

    فالآية من الاحتباك كما أشارت القراءتان

    أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك ...

    هود12

    9/247



    وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه ..

    يوسف21

    10/49

    احتباك أو قريب منه

    يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ...

    يوسف41

    10/91



    سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو ..

    الرعد 10

    10/291



    قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ...

    الرعد 27-28

    10/336



    لئن شكرتم لأزيدكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ..

    إبراهيم7

    10/385



    ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة ..

    إبراهيم24

    10/411



    يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة ..

    إبراهيم27

    10/415



    وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه ..

    النحل7

    11/109



    وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء ..

    النحل9

    11/111وما بعدها



    فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة

    النحل36

    11/158



    ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة ..

    النحل49-50

    11/175



    إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين

    النحل125

    11/281



    إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون

    النحل128

    11/285



    فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرأون ..

    الإسراء71-72

    11/579

    في12/8لم يجعل الآية من الاحتباك لنقص المعنى

    ومن يهدِ الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد ..

    الإسراء 97

    11/516



    قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا

    مريم75-76

    12/240



    واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء

    طه22

    12/282



    ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض

    الحج18

    13/27



    ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير..

    الحج31

    13/44



    ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون ..

    النمل50

    14/179



    ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا ..

    النمل86

    14/220



    ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض .

    القصص5-6

    14/242



    وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت ..

    القصص7

    14/244

    لأول مرة يذكر سر الاحتباك

    فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون ..

    القصص50

    14/312



    قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا ..

    القصص63

    14/334



    قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى ..

    القصص71-72

    14/344



    ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه

    القصص73

    14/345



    والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله ..

    العنكبوت69

    14/483



    ومن كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ..

    الروم44

    15/110وما بعدها

    ذكر تخريجين للاحتباك

    فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا ..

    الروم47

    15/118



    ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر ..

    لقمان12

    15/160



    ومن يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك ..

    لقمان22-23

    15/190



    فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار ..

    لقمان32

    15/209



    ليسئل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين ..

    الأحزاب8

    15/295

    من محاسن رياض الاحتباك

    ليعذب الله المنافقين والمنافقات ..

    الأحزاب73

    15/427



    الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة ..

    سبأ1

    15/431



    أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين..

    سبأ8

    15/452



    قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ..

    سبأ50

    15/535



    ذلكم الله له الملك والذين تدعون من دونه..

    فاطر13

    16/29



    اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم ..

    يس65

    16/157



    قل يحيها الذي أنشأها أول مرة ..

    يس79

    16/180



    أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين ..

    ص28

    16/373

    ذكر فيها احتباكين

    إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وإنهم عندنا ..

    ص56-57

    16/398



    إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين

    ص74

    16/421



    قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت.

    ص75

    16/423



    ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى..

    الزمر3

    16/445



    أمن هو قانت أناء الله ساجدا وقائما يحذر..

    الزمر9

    16/466



    أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على..

    الزمر22

    16/486



    ذلك هذى الله يهدي من يشاء ومن يضلل

    الزمر23

    16/491



    فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب

    الزمر26

    16/494



    فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق ..

    الزمر32-33

    16/505

    ذكر فيها احتباكين

    الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت..

    الزمر42

    16/518



    وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا.

    غافر28

    17/55



    يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة ..

    غافر39

    17/73



    تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس..

    غافر42

    17/77



    ما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا ..

    غافر 58

    17/97



    وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون ..

    غافر60

    17/100



    الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا..

    غافر 61

    17/101



    ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله ..

    غافر73-74

    17/117



    وزينا السماء الدنيا بصابيح وحفظا ذلك تقدير..

    فصلت12

    17/157



    وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى..

    فصلت17

    17/167



    أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا..

    فصلت40

    17/199



    قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون ..

    فصلت 44

    17/207



    وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونآ بجانبه..

    فصلت51

    17/222



    ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد..

    فصلت52

    17/224



    وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى..

    الشورى7

    17/249



    ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من ..

    الشورى9

    17/253



    لعل الساعة قريب يستعجل بها الذين لا يؤمنون ..

    الشورى17-18

    17/283



    ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع ..

    الشورى22

    17/293



    ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم..

    الشورى26

    17/307











    وإذا أذقنا الانسان منا رحمة فرح بها ..

    الشورى 48

    17/351



    وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا..

    الشورى51

    17/359



    حتى إذا جاءنا قالت يا ليت بيني وبينك بعد..

    الزخرف38-39

    17/433



    هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب..

    الجاثية11

    18/74



    فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم..

    الجاثية30-31

    18/109



    قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد..

    الأحقاف10

    18/139



    وهذا كتاب أنزلناه مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا..

    الأحقاف12

    18/143



    الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين..

    محمد1-2

    18/199



    إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات..

    محمد12

    18/215

    احتباك في احتباك

    مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار..

    محمد15

    18/225



    إنما مثل الحياة الدنيا لعب ولهو..

    محمد36

    18/266



    ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم ..

    الحجرات6

    18/362



    قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن..

    الحجرات14

    18/386



    أم تأمرهم أحلامهم بله هم قوم طاغون..

    الطور32

    19/24



    ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة صيزى ..

    النجم21-22

    19/59



    إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم..

    القمر34-35

    19/125



    أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر..

    القمر43

    19/130



    تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام..

    الرحمن78

    19/194



    أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون..

    الواقعة58-59

    19/220



    أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون..

    الواقعة63-64

    19/223

    أحال الموضع السابق

    أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن ..

    الواقعة68-69

    19/227



    أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها ..

    الواقعة71-72

    19/229



    سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم له ملك ..

    الحديد1-2

    19/254



    والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون..

    الحديد19

    19/286



    لقد كان لكم فيه أسوة حسنة لمن كان يرجو الله ..

    الممتحنة6

    19/505



    وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ..

    التحريم11

    20/212



    أفمن يمشي مكبا على وجه أهدى أمن يمشي سويا ..

    الملك22

    20/258



    قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي فمن يجير ..

    الملك28

    20/268



    يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون..

    القلم42-43

    20/315



    والله أنبتكم من الأرض نباتا..

    نوح20

    20/444



    رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي..

    نوح28

    20/459وما بعدها



    وإنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن ..

    الجن5

    20/471

    الاحتباك على قراءة أبي جعفر

    وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض.

    الجن10

    20/479



    وأنا من المسلمون ومنا القاسطون..

    الجن14

    20/484



    وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا..

    الجن15

    20/486

    الاحتباك من منطوق السياق لا من مفهومه

    وتبتل إليه تبتيلا

    المزمل8

    21/15



    كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب..

    المدثر38-40

    21/32



    كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة..

    القيامة20-21

    21/104



    وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة..

    القيامة22-25

    21/107



    لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا..

    الإنسان13

    21/143



    إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ..

    الإنسان27

    21/158



    إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء..

    الإنسان30-31

    21/163



    وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا..

    النبأ10-11

    21/197



    إنا كل شئ أحصيناه كتابا

    النبأ29

    21/208



    وأما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ..

    عبس5-9

    21/256



    وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه..

    عبس38-42

    21/273



    وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة أزلفت..

    التكوير12-13

    21/282



    فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس..

    التكوير15-18

    21/286



    فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب .

    الإنشقاق7-12

    21/343



    سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى الذي يصلى ..

    الأعلى10-13

    21/400



    قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى.

    الأعلى14-15

    21/403



    بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى..

    الأعلى16-17

    21/406



    يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة..

    البلد15-16

    22/62



    فألهمها فجورها وتقواها ..

    الشمس8

    22/77



    وما خلق الذكر والأنثى ..

    الليل3

    22/88



    لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الأتقى ..

    الليل 15 –18

    22/95



    ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا ..

    التين 5-7

    22/146



    أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت ...

    العلق11-14

    22/167 وما بعدها

    لا يقطع بالاحتباك

    فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه ...

    القارعة 7-9

    22/223وما بعدها



    ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ...

    التكاثر 1-4

    22/230



    فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين

    الماعون 2-3

    22/279





























    ثـبت المصـادر والمـراجـع
    أولا : القرآن الكريم .

    ثانيا : المصادر والمراجع .

    1ـ الإتقان في علوم القرآن . لجلال الدين السيوطي .

    تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم . مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني بالقاهرة الطبعة الأولى 1387هـ / 1967م .

    2ـ أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجاني .

    قرأه وعلق عليه محمود محمد شاكر.الطبعة الأولى 1412هـ .دار المدني بجدة .

    3ـ أسلوب الدعوة القرآنية بلاغة ومنهاجا . للدكتور عبد الغني بركة .

    مكتبة وهبة بالقاهرة . الطبعة الأولى 1403هـ /1983م .

    4ـ أصول البيان العربي . رؤية بلاغية معاصرة .

    للدكتور محمد حسين على الصغير . طبع دار الشؤون الثقافية العامة بالطرق1986 م .

    5ـ الإعلام لخير الدين الزركلي .

    طبع دار العلم للملايين ببيروت . الطبعة الخامسة . 1980 م .

    6ـ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع . محمد بن علي الشوكاني .

    جمعه محمد بن محمد بن زيارة الحسني اليمني سنة 1348 هـ / وضع حواشيه خليل المنصور . طبع دار الكتب العلمية ببيروت . الطبعة الأولى 1418 هـ/1998 م .

    7ـ البرهان في علوم القرآن لبدر الدين الزركشي .

    تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم . دار المعرفة ببيروت ، توزيع دار الباز بمكة الطبعة الثالثة . بدون تاريخ .

    8ـ بغية الإيضاح لعبد المتعال الصعيدي .

    مكتبة الآداب ومطبعتها بالجماميز بالقاهرة . بدون تاريخ .





    9ـ بيان إعجاز القرآن للخطابي . ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن .

    تحقيق محمد خلف الله والدكتور زغلول سلام ، الطبعة الرابعة 1991 دار المعارف بمصر.

    10ـالتبيان في علم المعاني والبديع والبيان لشرف الدين الطيبي .

    تحقيق الدكتور هادي مطر الهلالي . طبع عالم الكتب . والنهضة العربية ببيروت الطبعة الأولى سنة 1407 هـ / 1987م .

    11ـ التحذير في علم التفسير للسيوطي .

    تحقيق الدكتور فتحي عبد القادر فريد . طبع بدار المنار بالقاهرة1406هـ/ 1986م .

    12ـ التصوير البياني للدكتور محمد أبو موسى .

    مكتبة وهبة . الطبعة الثانية 1400هـ / 1980م .

    13ـ تفسير أبي السعود العمادي الحنفي .

    تحقيق عبد القادر أحمد عطا . طبع بمطبعة الرياض الحديثة 1401هـ /1981م.

    14ـ تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي .

    طبع دار الفكر ببيروت . بدون تاريخ .

    15ـ تفسير التحرير والتنوير للطاهر محمد بن عاشور .

    طبع الدار التونسية للنشر 1984م .

    16ـ التفسير الكبير لفخر الدين الرازي .

    طبع دار الفكر ببيروت . بدون تاريخ .

    17ـ التوجيه البلاغي للقراءات القرآنية .

    للدكتور أحمد سعد محمد . طبع مكتبة الآداب بالقاهرة .الطبعة الأولى 1418هـ/1998م .

    18ـ حاشية الشهاب المسمى عناية الفاضي وكفاية الراضي لشهاب الخفاجي .

    طبع دار صادر ببيروت . بدون تاريخ .

    19ـ حاشية محي الدين زادة على تفسير البيضاوي .

    المكتبة الإسلامية تركيا 1283هـ.



    20ـ حجة القراءات لابن زنجلة .

    تحقيق سعيد الأفغاني .

    طبع مؤسسة الرسالة ببيروت . الطبعة الثانية 1418هـ/ 1997م .

    21ـ روح المعاني في تفسير القرآن والسبعة المثاني للألوسي .

    إدارة الطباعة المنبرية / دار إحياء التراث الإسلامي ببيروت .بدون تاريخ .

    22ـ شذرات في أخبار من ذهب . لابن العماد الحنبلي .

    يطلب من المكتب التجاري للطباعة والنشر ببيروت . بدون تاريخ .

    23ـ شرح عقود الجمان للسيوطي .

    طبع مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر 1358هـ/1939م.

    24ـ شروح التخليص طبع مطبعة عيسى البابي وشركاؤه مصر .بدون تاريخ .

    25ـ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري .

    تحقيق أحمد عبد الغفور عطار الطبعة الثانية 1402هـ/1982م .

    26ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لشمس الدين السخاوي .

    طبع دار الجيل ببيروت . بدون تاريخ .

    27ـ طراز الحلة وشفاء الخلة لأبي جعفر شهاب الدين الرعيني الغرناطي .

    تحقيق الدكتورة رجاء السيد الجوهري .طبع مؤسسة الثقافة الجامعية بالأسكندرية بدون تاريخ .

    28ـفي ظلال القرآن لسيد قطب .دار الشروق بجدة . الطبعة الثانية 1403هـ/1983م .

    29ـ في علوم القراءات مدخل ودراسة وتحقيق .للكتور السيد رزق الطويل .

    طبع المكتبة الفيصلية بمكة .الطبعة الأولى 1405هـ/1985م .

    30ـ كتاب الإقناع في القراءات السبع لابن الباذش الأنصاري .

    تحقيق الدكتور عبد المجيد قطامش . طبع بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى الطبعة الأولى 1403هـ.



    31ـ كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد .

    تحقيق الدكتور شوقي ضيف طبع دار المعارف بمصر.الطبعة الثانية 1980م .

    32ـ الكشاف لجار الله محمود بن عمر الزمخشري .

    دار الفكر بيروت . بدون تاريخ .

    33ـ لسان العرب لابن منظور .

    طبعة دار المعارف . بدون تاريخ .

    34ـ لطائف الإشارات في فنون القراءات لشهاب الدين القسطلاني .

    تحقيق الشيخ عامر السيد عثمان والدكتور عبد الصبور شاهين .

    طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة 1392هـ /1972م .

    35ـ المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات لابن جني .

    تحقيق علي النجدي ناصف والدكتور عبد الحليم النجار والدكتور عبد الفتاح شلبي

    طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة 1386هـ .

    36ـ مدخل القراءات في الإعجاز البلاغي .

    للدكتور محمد إبراهيم شادي . طبع مطبعة السعادة بالقاهرة 1408هـ .

    37ـ معترك الأقران في إعجاز القرآن للسيوطي .

    تحقيق علي محمد النجاوي . طبع دار الفكر العربي بالقاهرة . بدون تاريخ .

    38ـ معجم مقاييس اللغة لابن فارس .

    تحقيق عبد السلام محمد هارون . طبع مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر الطبعة الثانية 1389هـ .

    39ـ معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة .

    طبع دار إحياء التراث العربي بيروت . بدون تاريخ .

    40ـ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور . لبرهان الدين البقاعي .

    طبع دار الكتاب الإسلامي بالقاهرة . نسخة مصورة من طبعة دائرة المعارف العثمانية بالهند .

    41ـ نظرات في البيان للدكتور محمد عبد الرحمن الكردي .

    طبع مطبعة السعادة بالقاهرة . الطبعة الثانية 1405هـ .

    42ـ النكت في إعجاز القرآن للرماني . ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن .

    تحقيق محمد خلف الله والدكتور زغلول سلام . طبع دار المعارف . الطبعة الأولى 1991م .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء يوليو 16, 2014 4:10 am



    [1]) ) انظر ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد والحنبلي 7/339 وما بعدها والضوء اللامع للسخاوي 1/110 ـ 111 والبدر الطالع للشوكاني 1/18 والأعلام 1/56 ومعجم المؤلفين 1/71 .

    (2) انظر البدر الطالع 1/19 .

    [2] )) هكذا في النص ولعل الصواب جده لإمه ، لأن جده لأبيه هو حسن بن علي ابن أبي بكر .

    (2) شذرات الذهب 7/339 وما بعدها .



    [3]) ) انظر الضوء اللامع 1/102 وما بعدها وشذرات الذهب 7/240 والبدر الطالع 1/18 وما بعدها

    [4] )) نظم الدرر 22/443 ـ 446

    (2 ) البدر الطالع 1/19

    [5] ) ) شذرات الذهب 7/340

    (2 ) البدر الطالع 1/19 وما بعدها .

    (3) المصدر السابق 1/20 .

    (4)الضوء اللامع 1/105 .

    [6] ) ) ذكر في نظم الدرر 22/444 .

    (2)

    [7] ) ) انظر شذرات الذهب 7/340 والأعلام 1/56 ومعجم المؤلفين .

    (2 ) الضوء اللامع 1/107 والبدر الطالع 1/20

    [8] ) ) الضوء اللامع 1/110 وما بعدها .

    [9] ) ) انظر مادة حبك في معجم مقاييس اللغة 2/130 والصحاح 4/1578 ولسان العرب 2/758

    (2 ) طراز الحلة وشفاء الغلة تحقيق الدكتور رجاء السيد الجوهري ص 508

    (3) البرهان في علوم القرآن 3/129 ، وانظر التحبير في علوم التفسير للسيوطي تحقيق الدكتور فتحي فريد 282 وما بعدها ، والاتقان 3/182 ومعترك الأقران 1/321 وشرح عقود الجمان ص133 .

    [10] ) ) الاتقان للسيوطي 3/183 وينظر شرح عقود الجمان ص133 وما بعدها ومعترك الأقران 1/323 .

    [11] )) طراز الحلة وشفاء الغلة 508 ـ 510 .

    [12] ) ) شرح عقود الجمان ص 133 .

    [13] )) التحبير في علم التفسير 282 وما بعدها .



    [14] )) شرح عقود الجمان ص 133 وانظر الإتقان 3/183 ومعترك الأقران 1/321 وما بعدها .

    (2) انظر الاتقان 3/182

    (1) الأنفال " 65 "

    (2) حاشية الشهاب 4/290

    (3) يونس "67 "

    (4) المصدر السابق 5/47 وانظر للاستزادة 4/360 و 6/197

    (5) طه " 22 "

    (6) روح المعاني 16/179





    [16]) ) النمل " 86 "

    (2) لمصدر السابق 20/29 وانظر 10/32 ، 11/12 .

    (3) التحرير والتنوير 20/45 .

    (4) الأنعام " 95 " .

    (5) السابق 7/389 .

    [18] ) ) البقرة " 232 "

    (2) نظم الدرر 3/324 وينظر شرح عقود الجمان ص 133 .

    (3) آل عمران " 13 " .

    .

    [19] ) ) نظم الدرر 4/263 .

    (2)البقرة " 232 " .

    (3) نظم الدرر 3/324 .

    (4) التوبة " 102" .

    (5) نظم الدرر 9/10 .

    (6) الأحزاب " 8 " .

    (7)نظم الدرر 15/295 وينظر 3/229 .



    [21] ) ) آل عمران " 13 " .

    (2 ) نظم الدرر 4/263 .

    (3) يونس " 102 ـ 103 " .





    [22] ) ) المصدر السابق 9/214 .

    (2)ينظر الدرر 4/155 ، 7/22 ، 7/424 ، 10/385 ، 12/282 .

    (3) البقرة " 86 " .

    (4) نظم الدرر 2/14 .

    (5).البقرة " 17 "

    (6) المصدر السابق 2/334 .

    (7) آل عمران " 106 ـ 107 " .

    (8) المصدر السابق 5/22 .

    (9) إبراهيم " 27 " .

    .



    [24] ) ) المصدر السابق 10/415

    (2) النحل " 7 " .

    (3) المصدر السابق 11/109 .

    (4) آل عمران " 32 " ز

    (5) نظم الدرر 4/339 .

    (6) آل عمران " 57 " .

    (7) المصدر السابق 4/423 .

    (8) آل عمران " 122 "

    [26] ) ) المصدر السابق 5/49 وينظر 4/75 ، 20/444

    (2)الأعراف "4 "

    (3) المصدر السابق 7/357 .

    .



    [27] ) ) الروم "44"

    (2) المصدر السابق .

    (3) الشورى " 51 " .

    (4) نظم الدرر 17/359 .

    (5) النبأ " 29 " .





    [29] ) ) المصدر السابق 21/208 وينظر 18/225 و 22/167 .

    (2) الكهف " 1 ـ 4 " .
    (3) المصدر السابق12/8 .



    [31] ) ) طراز الحلة وشفاء الغلة ص 509 .

    (2) النمل " 50"

    (3) نظم الدرر 14/179

    ( 4) الرحمن " 78 "

    (5) المصدر السابق 19/194



    [33] ) ) يوسف " 21 "

    (2)انظر شروح التلخيص 4/373 وبقية الإيضاح 4/52 ـ 57 وحسن التعليل هو أن يدعى لوصف علة باعتبار لطيف غير حقيقي

    ما به قتل أعاديه ولكن يتقي إخلاف ما ترجو الذئاب

    الملحق بحسن التعليل هو ما بني علي الشك وليس منه كقول الشاعر :

    كأن السحاب الغر غيبن تحتها حبيبا عما ترقا لهن مدامع .



    [35] ) ) الجن " 14 ـ 15 "

    (2) نظم الدرر 20/486 وينظر 21/15

    ( 3) الوقعة " 63ـ 64 " .

    (4) المصدر السابق 19/320

    (5) الواقعة " 58 ـ 59 "





    [37] ) ) المصدر السابق 19/320 .

    (2) الواقعة " 68ـ 69 " .

    (3) المصدر لسابق 19/327 وينظر 19/229

    (4) البقرة " 204 "

    (5) المصدر السابق 3/174

    (6) الأعراف " 29 ـ 30 " .

    (7) المصدر السابق 7/386 وينظر 16/505 وما بعدها 18/21 ، 21/403 .

    [38]) ) البقرة " 86 " .

    (2) المصدر السابق 2/14 .

    (3) التوبة " 102 " .

    (4) المصدر السابق 9/10 .

    (5) إبراهيم " 24 " .

    (6) المصدر السابق 10/411 .

    (7) النحل " 36 " .

    (8) المصدر السابق 11/158 وينظر 10/291 ، 10/336 ، 10/415 ، 12/240 ، 13/27 .

    (9) آل عمران " 32 " .

    [39] ) ) المصدر السابق 4/339 .

    (2) آل عمران " 57 " .

    (3) المصدر السابق 4/423 وينظر 4/330 ، 5/49 ، 5/80 ، 7/188 .

    (4) النحل " 125 " .

    (5) المصدر السابق 11/281 .

    (6) الإسراء " 71 ـ 72 " .

    [40] ) ) المصدر السابق 11/479 .

    (2) النبأ " 10 ـ 11 " .

    (3) المصدر السابق .21/197 وينظر 11/281 ، 12/240 ، 21/104 ، 21/163 ، 22/273 ، 21/400 .

    (4) الأنعام " 125 " ..

    (5) المصدر السايق 7/263 .

    (6) الأنعام " 92 "

    (7) المصدر السابق 7/188 .





    [42] ) )الأنفال " 65 " .

    (2) المصدر السابق 8/326 وينظر 7/288، 7/153 ، 7/312 ، 8/84 ، 8/322 .

    (3) الواقعة " 58 ـ 59 " .

    (4) المصدر السابق 19/220 .

    (5) الزمر " 9 "

    (6) المصدر السابق 16/466 .

    (7)

    (8) المصدر السابق 19/130 وينظر 7/253 ، 8/416 ، 9/21 ، 13/27 ، 14/220 ، 14/344 ، 16/373 ، 16/423 ، 16/486 ، 16/505 ، 17/117 ، 17/199 ، 19/59 ، 19/223 ، 20/268 .



    (1) القمر " 43 "

    (2) المصدر السابق 19/130 وينظر 7/253 ، 8/416 ، 9/21 ، 13/27 ، 14/220 ، 14/344 ، 16/373 ، 16/423 ، 16/486 ، 16/505 ، 17/117 ، 17/199 ، 19/59 ، 19/223 ، 20/268 .

    (3) طه " 22 " .

    (4) المصدر السابق 12/282 .

    (5) ينظر طراز الحلة وشفاء الغلة ص 510 .

    (6) المزمل .

    (7) نظم الدرر 21 /15 .

    (8) ينظر الكشاف 4/177 ونظيرتها في قوله تعالى " والله أنبتكم من الأرض نباتا " " نوح " وينظر الكشاف 4/163 ونظم الدرر 20/444 .

    (9) نوح " 28 " .

    (10) نظم الدرر 20/460 وينظر 5/366 ، 12/240 ، 14/244 ، 17/100 .







    [45] ) ) البقرة " 86 " .

    (2) المصدر السابق 2/14 .

    (3) الأعراف " 29 ـ 30 " .

    [46]) ) المصدر السابق 7/382 .

    (2) يوسف " 21 "

    (3) الآية من سورة آل عمران ونظم الدرر 10/49 ..





    [48] ) ) يوسف " 41 "

    (2) نظم الدرر 10/91 .230 .

    (3) الحج " 31 " ..

    (4) المصدر السابق 13/44 وينظر 17/359 ، 19/194 ، 21/400 ، 22/230 .

    (1) هي في أصلها " 137 " وفي ثلاثة مواضع منها ذكر فيها البقاعي احتباكين ليصبح المجموع " 140 "

    (2) البقرة " 86 ".

    (3) نظم الدرر 2/14 " .

    (4) الأنعام " 32.

    (5) المصدر السابق 7/93

    (6) الأنفال " 66 ".

    (7) المصدر السابق 8/326.

    (8) الرعد " 10.

    (9) المصدر السابق 10/291 .





    [52] ) ) لقمان " 22 ـ 23 "

    (2) المصدر السابق 15/190 .

    (3) القصص " 7 " .

    (4) المصدر السابق 14/244 .

    (5) الشورى " 7 " .

    (6) بيان إعجاز القرآن للخطابي 52 وانظر شروح التلخيص 3/194 وبقية الإيضاح 2/124 .



    [53] ) )غافر " 58 " .

    (2) نظم الدرر 17/97 وانظر 18/139 ، 19/505 .

    (3) الشورى " 8 " .

    (4) المصدر السابق 17/253 .

    (5) محمد "36 " .

    (6) المصدر السابق 18/266 .

    (7) المصدر السابق 19/24 .



    [54] ) ) الحديد " 19 "

    (2) المصدر السابق 19/286 .

    (3) الملك " 21 " .

    (4) المصدر السابق 20/258 وانظر 20/486 .

    (5) الإنسان " 30 ـ 31 " .

    (6) المصدر السابق 21/163 وانظر 21/158

    (7) الأعلى " 9 ـ 12 " .

    (8) المصدر السابق " 21/400 وانظر 21/406 ، 22/62 .

    [55] ) ) البقرة " 205 " .

    (2 ) المصدر السابق 3/174 .

    (3) الأعراف " 29 ـ 30 " .

    (4)المصدر السابق 7/385 .

    (5) ص " 28 " .

    [56] ) ) المصدر السابق 16/373 .

    (2) الأعلى " 14 ـ 15 " .

    (3) المصدر السابق " 21/403 وما بعدها وراجع 16/505 ، 18/215 .

    (4) البقرة " 261 " .

    [57] ) ) المصدر السابق 4/75 .

    (2) انظر الكشاف 1/393 وحاشية الشهاب 2/341 وحاشية زادة 1/576 والتحرير والتنوير 3/41 والتصوير البياني 98 ونظرات في البيان 115 وأسلوب الدعوة والقرآنية 197 .

    (3) الكشاف 3/393 .

    (5) المصدر السابق 1/393 .

    [58] ) ) التقرة " 265 " .

    (2) نظم الدرر 4/84 .

    (3) انظر التصوير البياني للدكتور محمد أبوموسى حنزا و ما بعدها وراجع الكشاف 1/395 وأصول البيان العربي للدكتور محمد حسين علي الصغير ص84 وأسلوب الدعوة القرآنية ص 203 .

    (4) التحرير والتنوير 3/52 .



    [59] ) ) السابق 3/52 .

    (2) نظم الدرر 2/334 وانظر 4/81 ، 5/36 ، 8/416 ، 18/266 .

    (3) في ظلال القرآن المجلد الأول 149 وما بعدها .

    [60] ) ) انظر الكشاف 1/328 والتفسير الكبير 5/9 والبحر المحيط 1/481 وحاشية الشهاب 2/276 وروح المعاني 2/41 والتحرير والتنوير 2/111 وما بعدها والتبيان للطيبي 214 .

    (2) انظر أسرار البلاغة تحقيق محمد محمود شاكر ص108 .

    * تعريف الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة المعنى الحقيقي حينئذ .انظر شروح التلخيص 4/237 وبقية الإيضاح 3/173 .

    (3) يوسف " 21 " .

    [61] ) ) نظم الدرر 10/49 .

    (2) يوسف " 41 " .

    (3) المصدر السابق 10/91 .

    (4) الحج " 31 " .

    (5) المصدر السابق 13/44 .

    *تعريف الطباق : هو الجمع بين معنيين متضادين في الجملة . انظر شروح التلخيص 4/286 وبقية الإيضاح 4/4 .

    [62] ) ) إبراهيم " 27 " .

    (2) نظم الدرر 10/415 .

    (3) سبا " 8 "

    (4) المصدر السابق 15/452 .

    (5) الزمر " 32 ـ 33 " .

    (6) المصدر السابق 16/505 .

    (7) فصلت " 51 " .

    (8) المصدر السابق 17/224 .

    [63] ) ) الشورى " 26 " .

    (2) المصدر السابق 17/307 وانظر للاستزادة 10/291 ،11/111 ، 11/281 / 11/516 ، 11/158 ، 13/27 ، 14/220 ، 14/244 ، 14/345 ، 15/535 ، 16/518 ، 17/55 ، 17/167 ، 17/199 ، 17/220/ 17/351 ، 17/283 ، 18/74 ، 18/109 ، 139 ، 20/258 ، 268 ، 479 21/72، 104 ...الخ

    * تعريف المقابلة : هي أن يؤتى بمعنيين أو أكثر متوافقين ثم بما يقابل ذلك على الترتيب .

    (3) الزمر "22 " .

    (4) المصدر السابق 16/486 .

    (5) فصلت " 44 " .

    (6) المصدر السابق 17/207 .

    [64] ) ) محمد " 1 ـ 2 " .

    (2) المصدر السابق 18/199 .

    (3) محمد " 12 " .

    (4) المصدر السابق 18/215 .

    (5) الأعلى " 16 ـ 17 " .

    (6) المصدر السابق 21/406 وللاستزادة انظر 11/479 ، 18/386 ، 266 19/276 ، 21/158 ، 163 ، 173 ...الخ

    *

    * تعريف مراعاة النظير : هو أن يجمع في الكلام بين أمر و ما يناسبه لا بالتضاد انظر بغية الإيضاح 4/16 شروح التلخيص 4/301

    (1) النحل " 128 " .

    (2) نظم الدرر 11/285 .

    (3) ص " 73 ـ 74 " .

    (4) المصدر السابق 16/421 .

    (5) الزمر " 3 "

    (6) المصدر السابق 16/445 .

    [66] ) ) غافر " 6 " .

    (2) المصدر السابق 17/101 .

    * تعريف الاستخدام : هو أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما ثم براد بضميره معناه الآخر أو يراد بأحد ضميريه أحدهما وبالآخر الآخر .انظر شروح التلخيص 4/326 وما بعدها ، و4/33 . بقية الإيضاح 4/33

    (3) الحج " 18 " .



    [67] ) ) نظم الدرر 13/26 وما بعدها .

    (2) راجع شروح التلخيص 4/327 وبقية الإيضاح 4/33 وما بعدها .



    [68] ) ) مدخل القراءات القرآنية في الإعجاز البلاغي للدكتور محمد إبراهيم شادي ص 10 وانظر التوجيه البلاغي للقراءات القرآنية للدكتور أحمد سعد محمد ص 10 ـ 13 .

    (2) يونس " 103 " .

    (3)

    (4) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص وحجة القراءات لابن زنجلة ص 337 وكتاب الإقناع في القراءات السبع لابن الباذش 2/662 والبحر المحيط 5/195

    (5) الجن " 5" .

    (6) أبوجعفر هو يزيد القعقاع المخزومي المدنئ القارئ ، إمام تابعي ، أحد القراء العشرة روي عنه القراءة نافع وسليمان بن جماز وعيسى بن وردان وغيرهم . انظر لطائف الإشارات في فنون القراءات للقسطلاني ص97 وحجة القراءات ص 63 ، وفي علوم القراءات ص 94 .

    [69] ) ) نظم الدرر 20/471 .

    (2) انظر المحتسب لابن جني 2/333 والبحر المحيط 8/348 .

    (3) التوبة " 19 " .

    (4) نظم الدرر 8/416 وراجع المحتسب لابن جني 1/285 وما بعدها والبحر المحيط 5/20 .

    (5) مدخل القراءات القرآنية في الإعجاز البلاغي ص 7 .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاحتباك Empty رد: الاحتباك

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة أغسطس 01, 2014 12:30 am

    الاحتباك هو الحذف من الثاني لدﻻلة اﻷول وعكسه، مثل -على اللف والنشر المرتب-:
    "واللائي لم يحضن" وقول الشاعر:
    نحن بما عندنا وأنت بما* عندك راض والرأي مختلف.أيمن العوامري

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 15, 2024 12:01 am