خرج الحجَّاج يريد العراق والياً عليها، في اثنَيْ عشر راكباً على النّجائب، حتَّى دخل الكوفة فَجأَةً حين انتشرَ النّهار؛ وقد كان بشرُ بنُ مروان بَعث المهلَّبَ إلى الحَروُريّة؛ فبدأ الحجَّاج بالمسجد فدخَلَه، ثم صعِدَ المنبَر وهو متلثّم بعمامة خَزٍّ حمراء، فقال: عليّ بالناس فحسِبوه وأصحابَه خوارجَ، فهمُّوا به، حتّى إذا اجتمع النّاسُ في المسجد قام فكشَفَ عن وجهه، ثم قال:
"أنا ابنُ جَلاَ وطَلاّعُ الثّنايامَتَى أضَعِ العمامةَ تعرفوني
أمَا واللَّه إني لأحتملُ الشّرّ بحمْله، وأحذُوه بنَعله، وأجزيه بمثله، وإني لأَرَى رؤوساً قد أينعَتْ وحان قِطافُها، وإنِّي لَصَاحِبُها، وإنّي لأنظُرُ إلى الدِّماء تَرَقْرَقُ بين العمائم واللِّحَى،
قد شمّرت عن ساقها فشمِّرا
ثم قال:
هذا أوانُ الشَّدّ فاشتدِّي زِيَمْقد لَفّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
ليسَ براعِي إبلٍ ولا غَنَـمْولا بجزّارٍ على ظَهر وَضَمْ
وقال أيضا:
قد لفّها اللَّيْلُ بعَصْلَبِيّأرْوَعَ خَرَّاجٍ من الدَّوِّيّ
مهاجِرٍ ليسَ بأعرابيِّ
إنّي واللَّه يا أهلَ العراق، والشِّقاق والنِّفاق، ومساوئ الأخلاق، ما أُغْمَزُ تَغمازَ التِّين، ولا يُقعقَع لي بالشِّنان،، ولقد فُرِرت عن ذَكاءٍ، ولقد فُتِّشت عن تَجْرِبة، وجَرَيْت مِن الغاية، إنَّ أميرَ المؤمنين كبَّ كِنانَتَه ثم عَجَم عيدانَها، فوجدني أمَرَّها عوداً، وأصلبَها عموداً، فوجَّهنِي إليكم؛ فإنَّكم طالما أوضعتُم في الفِتن، واضطجعتم في مراقد الضَّلال، وسننتم سُنَنَ الغَيِّ، أمَا واللَّه لألحوَنَّكم لَحوَ العصا، ولأَعصِبنَّكم عَصْبَ السَّلَمَة، ولأضرِبنّكم ضَرْبَ غرائب الإبل؛ فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنّة يأتيها رزقها رغداً من كُلِّ مكانٍ فكَفرت بأنعُم اللَّه فأذاقها اللَّه لباسَ الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، إنِّي واللّه لا أعِدُ إلاّ وفَيت، ولا أهُمُّ إلاّ أمضيت، ولا أخلُقُ إلاّ فريت، فإيّايَ وهذه الجماعاتِ، وقالَ وقيلَ، وما تقولون؟ وفيم أنتم وذلك؟ أمَا واللَّه لتَستقيمُنَّ على طريق الحقِّ أو لأَدَعَنَّ لكلِّ رجلٍ منكم شُغْلاً في جَسَده، مَن وجدتُ بعد ثالثةٍ من بَعث المهلَّب سفكتُ دمه، وانتهبْتُ مالَه ."
"أنا ابنُ جَلاَ وطَلاّعُ الثّنايامَتَى أضَعِ العمامةَ تعرفوني
أمَا واللَّه إني لأحتملُ الشّرّ بحمْله، وأحذُوه بنَعله، وأجزيه بمثله، وإني لأَرَى رؤوساً قد أينعَتْ وحان قِطافُها، وإنِّي لَصَاحِبُها، وإنّي لأنظُرُ إلى الدِّماء تَرَقْرَقُ بين العمائم واللِّحَى،
قد شمّرت عن ساقها فشمِّرا
ثم قال:
هذا أوانُ الشَّدّ فاشتدِّي زِيَمْقد لَفّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
ليسَ براعِي إبلٍ ولا غَنَـمْولا بجزّارٍ على ظَهر وَضَمْ
وقال أيضا:
قد لفّها اللَّيْلُ بعَصْلَبِيّأرْوَعَ خَرَّاجٍ من الدَّوِّيّ
مهاجِرٍ ليسَ بأعرابيِّ
إنّي واللَّه يا أهلَ العراق، والشِّقاق والنِّفاق، ومساوئ الأخلاق، ما أُغْمَزُ تَغمازَ التِّين، ولا يُقعقَع لي بالشِّنان،، ولقد فُرِرت عن ذَكاءٍ، ولقد فُتِّشت عن تَجْرِبة، وجَرَيْت مِن الغاية، إنَّ أميرَ المؤمنين كبَّ كِنانَتَه ثم عَجَم عيدانَها، فوجدني أمَرَّها عوداً، وأصلبَها عموداً، فوجَّهنِي إليكم؛ فإنَّكم طالما أوضعتُم في الفِتن، واضطجعتم في مراقد الضَّلال، وسننتم سُنَنَ الغَيِّ، أمَا واللَّه لألحوَنَّكم لَحوَ العصا، ولأَعصِبنَّكم عَصْبَ السَّلَمَة، ولأضرِبنّكم ضَرْبَ غرائب الإبل؛ فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنّة يأتيها رزقها رغداً من كُلِّ مكانٍ فكَفرت بأنعُم اللَّه فأذاقها اللَّه لباسَ الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، إنِّي واللّه لا أعِدُ إلاّ وفَيت، ولا أهُمُّ إلاّ أمضيت، ولا أخلُقُ إلاّ فريت، فإيّايَ وهذه الجماعاتِ، وقالَ وقيلَ، وما تقولون؟ وفيم أنتم وذلك؟ أمَا واللَّه لتَستقيمُنَّ على طريق الحقِّ أو لأَدَعَنَّ لكلِّ رجلٍ منكم شُغْلاً في جَسَده، مَن وجدتُ بعد ثالثةٍ من بَعث المهلَّب سفكتُ دمه، وانتهبْتُ مالَه ."