ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    قاعدة لا ضرر و لا ضرار

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    قاعدة لا ضرر و لا ضرار  Empty قاعدة لا ضرر و لا ضرار

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:25 am

    ألفاظ القاعدة

    لهذه القاعدة لفظان عند أهل العلم:

    اللفظ الأول:( لا ضرر ولا ضرار) وهذا هو لفظ القاعدة عند المتأخرين وأول من ذكر القاعدة بهذا اللفظ هم مؤلفو مجلة الأحكام العدلية ,إذاً هذا هو اللفظ الذي انتشر واشتهر عند المتأخرين وهو اللفظ الذي استقر عليه في عصرنا الحاضر أول من ذكر القاعدة بهذا اللفظ هم من قام بتأليف مجلة الأحكام العدلية ,, والقاعدة وردت بهذا اللفظ في هذه المجلة.

    الفظ الثاني : ( الضرر يزال ) وهذا هو لفظ القاعدة عند المتقدمين أكثر من كتب في القواعد الفقهية من المتقدمين ذكر القاعدة بهذا اللفظ فنجد أن ابن السبكي في كتابه الأشباه والنظائر, والسيوطي كذلك في كتابه الأشباه والنظائر وابن نجيم في كتابه الأشباه والنظائر وبالمناسبة ابن نجيم كثيراً ما يتبع السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر, فهذا اللفظ هو المنتشر والمشتهر عند المتقدمين ( الضرر يزال ) ، إذا أردنا أن نرجح أحد هذين التعبيرين فلا شك أن التعبير الأول أفضل من التعبير الثاني، التعبير الأول الذي هو ( لا ضرر ولا ضرار ) هو أنسب من التعبير الثاني وذلك لسببين اثنين.

    السبب الأول: أن هذا اللفظ هو الذي ورد في النص الشرعي فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا ضرر ولا ضرار " ، ولاشك أن التزام ما ورد في النص الشرعي هو الأنسب وهو الأفضل ؛من جهتين الجهة الأولى أن هذا فيه نوع من التعبد فإن الإنسان يكون ملتزماً بما جاء عن الله أو بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    كذلك أن القاعدة الفقهية إذا كانت واردة بنصها في حديث نبوي أو آية قرآنية فذلك يعطيها قوة وشرفاً وميزة، هذه المسألة نحتاج إليها في قضية الاستدلال بالقواعد الفقهية لأن قضية الاستدلال بالقواعد الفقهية على الأحكام قضية مختلف فيها بين العلماء لكن إذا كانت القاعدة عبارة عن نص شرعي فقد خرجت من هذا الخلاف, واتفق العلماء على مشروعية الاحتجاج بها، طائفة يرون أن الاحتجاج بلفظ القاعدة الفقهية وطائفة أخرى ترى أن الاحتجاج إنما هو بالنص النبوي لا فرق بين المذهبين في حقيقة الأمر وواقعة فالفريقان متفقان على أن هذه القاعدة محتج بها سواء أطلقنا عليها وصف القاعدة أو اقتصرنا على وصف الحديث أو وصف النص الشرعي ,



    السبب الثاني الذي يدعونا إلى ترجيح هذا اللفظ على لفظ ( الضرر يزال ) أن لفظ (لا ضرر ولا ضرار) أشمل وأعم لأنه يشمل إزالة الضرر قبل وقوعه وبعد وقوعه, أما لفظ ( الضرر يزال) فإنه مشعر برفع الضرر بعد الوقوع فقط .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    قاعدة لا ضرر و لا ضرار  Empty رد: قاعدة لا ضرر و لا ضرار

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:25 am

    معنى القاعدة




    المعنى اللغوي :

    فمادة الكلمتين: الضرر والضرار واحدة وهذه المادة هي الأصل اللغوي الذي اشتقت منه هاتان الكلمتان وهو الضر ومعناه في اللغة خلاف النفع, إذاً من الناحية اللغوية لا فرق بين اللفظين فكلاهما عائد إلى أصل واحد وهو الضر ومعناه في اللغة خلاف النفع

    أما في الاصطلاح:

    فيرى بعض العلماء أن الضرر والضرار لفظان دالان على معنى واحد وأن الثانية تأكيد للأولى يعني قوله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " الضرر والضرار المعنى واحد فاللفظ الأول هو الذي يبين المعنى واللفظ الثاني تأكيد للفظ الأول بينما يرى فريق آخر أن الضرر مختلف عن الضرار والراجح مذهب من لم يرى الفرق بين اللفظين ؛ لأن المذهب الأول قائم على التأكيد فالمذهب الأول يرى أن الضرار تأكيد للضرر والمذهب الثاني لا يرى ذلك، وإنما معنى التأسيس فيقول الضرر له معنى والضرار له معنى ومن القواعد المشتهرة عند أهل العلم أن التأسيس أولى من التأكيد, نظراً لأن الألفاظ الشرعية إنما جاءت من باب بيان الأحكام الشرعية للناس وإذا كان بالإمكان أن يدل اللفظ على معنى معين وهذا اللفظ يكون له معنى جديد وهذا هو الأولى, ولذلك فإن الاتجاه الذي يسير وفقه الكثير من العلماء على أن الضرار يختلف عن الضرر هو الاتجاه الذي يرجحه كثير من المحققين.

    ولكن هنا يبرز سؤال ما الفرق بين الضرر والضرار ؟ بناءً على المذهب الأول لا نحتاج إلى التفريق لأنهما لفظان مترادفان دالان على معنى واحد أما المذهب الثاني فإننا بحاجة إلى بيان الفرق بينهما طبعاً اختلف العلماء في بيان الفرق بين الضرر والضرار فقال بعضهم إن الضرر عبارة عن إلحاق الإنسان مفسدة بغيره بحيث ينتفع بتلك المفسدة يعني الضرر أن يلحق الإنسان بغيره مفسدة ينتفع هو بهذه المفسدة, مثلاً: لو جاء إنسان إلى طعام إنسان آخر وأخذه وأكله هذا يسمى ضرر ؛ لأن هذا الإنسان الذي أكل الطعام ألحق مفسدة بغيره حيث فوت عليه طعامه ولكنه استفاد هو من هذا الطعام أما الضرار فهو إلحاق الإنسان مفسدة بغيره بحيث لا ينتفع هو بتلك ، إذاً الفرق بين المسألتين؛ إن الضرر فيه إلحاق مفسدة والضرار فيه إلحاق مفسدة لكن الضرر يترتب عليه أن ينتفع الإنسان بإلحاق المفسدة بغيره كما في مثال الطعام الذي أكله هذا الإنسان أما الضرار فإنه لا ينتفع بتلك المفسدة ، هناك اتجاه آخر للعلماء في التفريق بين الضرر والضرار حيث قالوا أن الضرر هو إلحاق الإنسان مفسدة بغيره ابتداءً, أما الضرار فهو إلحاق الإنسان مفسدة بغيره على سبيل المجازاة أو المقابلة ، مثلاً يأتي شخص إلى شخص آخر فيقوم بضربه أو بإفساد ماله أو ما إلى ذلك من أنواع المضرة هذا يسمى ماذا؟ يسمى ضرر لأن الإنسان فعله ابتداءً إذا أتى هذا الشخص الذي اعتدي عليه بإهلاك ماله أو طعامه أو ضرب من قبل غيره فيرد على من اعتدى عليه إما بضرب أو باعتداء أو بإهلاك أو بإفساد طعام وما إلى ذلك هذا يسمى ضرار, قال الشيخ أحمد الزرقاء في شرح القواعد الفقهية وهذا أليق بلفظ الضرار لماذا؟ قال: إذ الفعال مصدر قياس لفاعل الذي يدل على المشاركة، الآن الشيخ أحمد الزرقاء يرجح الاتجاه الثاني لماذا؟ قال: لأن الضرار مصدر وهو من الفعال والفعال إنما يكون من باب المشاركة أو من باب المقابلة فإذا أضر به الإنسان قمت وألحقت به المضرة من باب المشاركة ومن باب المقابلة هذا المعنى هو الذي يرجحه الشيخ أحمد الزرقاء - رحمه الله - إذا الآن تبين لنا معنى الضرر والضرار سواء قلنا أن معناهما واحد أو فرقنا بينهما على حسب ما ذكرناه قريباً ,أظن الآن أن المعنى الإجمالي لهذه القاعدة واضح منقول في معنى القاعدة الإجمالي ( أن الضرر والضرار بحسب ما تقدم من معانيهما محرمان في الإسلام) لأن " لا " المذكورة في هذه القاعدة نافية وهي ليست في نفي الوقوع لأن الضرر والضرار يقعان كثيراً وإذا كانت ليست في نفي الوقوع فإنها لنفي الجواز فيثبت المقصود وهو أن الضرر والضرار محرمان في الإسلام هذا هو معنى القاعدة ما الدليل على أنهما محرمان ؟ لأن هذه القاعدة كما جاء في الحديث النبوي " لا ضرر ولا ضرار " هذه القاعدة ورد فيها لفظ لا و لا نافية وهي إما أن تكون نافية لوقوع هذا الضرر والضرار أو نافية لجوازهما ، أما نفي الوقوع فهو غير وارد لأن الضرر والضرار يقعان كثيراً فيثبت أنها لنفي الجواز فيثبت تحريم الضرر والضرار.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    قاعدة لا ضرر و لا ضرار  Empty رد: قاعدة لا ضرر و لا ضرار

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:25 am

    ضابط الضرر المحرم

    الضرر والضرار المحرمان في الإسلام هما ما كانا في غير وجه حق أي ضرر أو ضرار بغير وجه حق فهو محرم أما ما كان منها بوجه حق فإنه لا يكون محرماً.


    فالضرر والضرار قد يكون بوجه حق فإذا كان بوجه حق كما دلت عليه الأدلة الشرعية أو بعضها فإن الحكم يختلف من التحريم إلى الجواز فمثلاً من تعدى حدود الله تعالى فإنه يعاقب على ذلك كشارب الخمر, والقاذف, والسارق والزاني, ونحوهم فهؤلاء تعدوا حدود الله تعالى، و المشروع في حق هؤلاء أن يرفعوا إلى الإمام والإمام يحكم فيهم بما حكم الله به في كتابه أو بما حكم به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ولذلك فإنهم يعاقبون على ذلك ولا شك في أن هذه العقوبات إضراراً بهم لكن لما كانت هذه العقوبات بحق فإنها لا تكون محرمة بل هي مشروعة بل قد تكون واجبة فمثلاً القصاص إذا جاء شخص وقتل غيره عمداً وعدواناً ورفع الأمر إلى الإمام وحكم بالقصاص ولم يعفو أولياء الدم فإن القصاص ينفذ في هذا القاتل.

    ولا شك أن تنفيذ القصاص هو من أعظم المضرة بالإنسان ولكن لما كان هذا الأمر بحق لأن الله سبحانه وتعالى يقول:{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ } لما كان هذا الأمر بحق فإنه لا يعد محرماً بل هو مشروع بل قد يكون واجباً إذا تحققت فيه الشروط ولم يتنازل أولياء الدم إذاً الضابط في الضرر المحرم وغير المحرم أن ننظر هل هذا الضرر مشروع أو غير مشروع ؟ إذا كان مشروعاً فإنه لا يكون محرماً ولا يدخل في القاعدة أما إذا كان غير مشروع فإنه يكون محرماً ويكون داخلاً في القاعدة, و هذه القاعدة مختصة بالضرر المحرم والضرر الذي ألحقه الإنسان بغيره بغير وجه شرعي أو بغير حق أما ما كان بحق فإنه لا يدخل في القاعدة ولا يكون محرماً.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    قاعدة لا ضرر و لا ضرار  Empty رد: قاعدة لا ضرر و لا ضرار

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:26 am

    أصل القاعدة

    المراد بالأصل في هذا الموضع هو الدليل لأن الأصل يطلق عند أهل العلم ويراد به معاني متعددة ,فقد يراد به الدليل كما في مقامنا هذا فلما مثلاً عندما يقول العالم فالأصل في هذه المسألة قول الله عز وجل ,أو الأصل في هذه المسألة قوله صلى الله عليه وسلم فإن المقصود بالأصل هنا الدليل قد يكون المقصود بالأصل القاعدة كأن يقول العالم الأصل بقاء ما كان على ما كان أو الأصل في الأشياء الإباحة أو الأصل البقاء أو الأصل الطهارة فالمقصود بالأصل هنا القاعدة قد يكون المقصود بالأصل الراجح, كأن يقال الأصل في الكلام الحقيقة يعني الراجح في الكلام أنه يحمل على الحقيقة ,قد يكون المقصود بالأصل المستصحب وقد يكون بالأصل المقيس عليه, إذاً هي معان متعددة المناسب منها في هذا المقام أو المقصود منها في هذا المقام هو الدليل, فنقول: دل على هذه القاعدة عدد من الأدلة الشرعية أولها وأوضحها وأصلحها وأقواها الحديث النبوي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال " لا ضرر ولا ضرار "كما ذكرنا قبل قليل أن هذا الحديث هو اللفظ المعتبر لهذه القاعدة وذكرنا السبب في ذلك الموضع وهو أن كون القاعدة عبارة عن حديث نبوي فلا شك أن هذا يعطيها قوة وشرفاً ومكانة ، هذا الحديث أخرجه الإمام مالك في الموطأ وأخرجه الإمام أحمد في المسند ,وغيرهما من أصحاب السنن و المسانيد.

    وهذا الحديث وإن كان في بعض طرقه مقال إلا أن له طرقاً متعددة يقوي بعضها بعضاً ,ولذلك تلقى جماهير أهل العلم هذا الحديث بالقبول واحتجوا به وبالمناسبة بعض الأحاديث يكون في ثبوتها إشكال, أو في بعض طرقها مقال ولكن العلماء يتلقونها بالقبول ,فإذا تلقى العلماء أي حديث بالقبول فإن ذلك مشعر بصحته وبمشروعية الاستدلال به, وإن الإنسان لا يتعب نفسه في البحث عن صحة هذا الحديث فتلقي العلماء لحديث ما بالقبول فهو مشعر بصحته وبمشروعية الاستدلال به كما دل على مشروعية هذه القاعدة وصحتها القرآن الكريم طبعاً السنة دلت على هذه القاعدة بلفظها بما فيه من عموم وشمول ,أما القرآن الكريم فقد دل على هذه القاعدة من خلال بعض التطبيقات نجد بعض الأحكام الفقهية الواردة في القرآن عللت أو ذكر بعدها ما يتعلق بنفي الضرر عن الإنسان أو عن غيره ، دل القرآن الكريم على هذه القاعدة في بعض الصور فمن ذلك تحريم المضارة في الوصية كما قال تعالى:{ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ } فالإنسان إذا أراد أن يوصي فيجب عليه أن يبتعد عن المضرة بأي أحد كان .

    فإن الله سبحانه وتعالى قال :{ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ } ومن ذلك تحريم مضارة الوالدة والوالد بولدهما في قوله سبحانه تعالى :{ لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ } أيضاً من ذلك تحريم مضارة الكاتب والشهيد

    قال تعالى :{ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ } ومن ذلك أيضاً تحريم مضارة المطلقات في قوله تعالى :{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ }

    ومن ذلك تحريم المضارة بالرجعة كما قال تعالى :{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ } إذاً هذه الأمثلة وغيرها تدل على أصل واحد وهو تحريم الضرر وتحريم الضرار وتحريم المضارة بالغير سواء كان ذلك في طلاق أو في وصية أو في رجعة أو في معاملة أو في أي أمر كان .

    فهناك دليلان عامان على هذه القاعدة:

    الدليل الأول الحديث النبوي وهو الدليل الأقوى على مشروعية هذه القاعدة ، الدليل الثاني ما ينتظم من الأمثلة الواردة في القرآن الكريم حول بعض القضايا التي حرم فيها الضرر والمضارة مما يدل على أن الأصل وهو تحريم المضارة على العموم والشمول مما يدل على أن هذا الأصل معتبر شرعاً
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    قاعدة لا ضرر و لا ضرار  Empty رد: قاعدة لا ضرر و لا ضرار

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:26 am

    أهمية القاعدة



    وما ينبني عليها من أبواب الفقه فتقول قاعدة لا ضرر ولا ضرار إحدى القواعد الخمس الكبرى اللاتي وضعهن أهل العلم بأنهن يدخلن في جميع كتب الفقه وأبوابه كما أشار إليه العلائي ونقله عنه السيوطي ونظمه أبو بكر الأهدل فقال:
    الفقه مبنيٌّ على قواعدْ
    خمسٍ هي الأمورُ بالمقاصدْ

    وبعدها اليقينُ لا يزالُ
    بالشَّكِّ فاستمعْ لما يُقالُ

    وتجلب المشقة التيسيرا
    ثالثها فكن بها خبيرا

    رابعها فيما يقالُ الضررُ
    يزال قولا ليس فيه غررُ

    خامسها العادةُ قلْ : محَكَّمهْ
    فهذه الخمس جميعاً محكمهْ

    إذاً هذه القواعد الخمس الكبرى وهذه القواعد وصفهن أهل العلم بالعموم والشمول وأنهن يدخلن في جميع كتب الفقه وأبوابه وهذا أمر يتضح من خلال التطبيق والتفريع على مثل هذه القواعد إذاً قاعدة الأمور بمقاصدها ، اليقين لا يزال بالشك ، المشقة تجلب التيسير ، لا ضرر ولا ضرار وهي ولذلك إن هذه القاعدة ينبني عليها كثير من أبواب الفقه في الخيار وفي الحجر وفي الشفعة وفي النكاح وفي المعاملا

    وإن كان أكثر إيراد هذه القاعدة يكون فيما يتعلق بعلاقة الناس فيما بينهم لأن الضرر والضرار غالباً ما يكون ناتجاً عن العلاقة البشرية التي فطر الناس عليها ولذلك نجد أن تطبيقات القاعدة في باب المعاملات وباب الجنايات وباب المناكحات أكثر منه في باب العبادات نظراً لأن باب العبادات مبني على علاقة الإنسان بربه وهذا الباب مبني على المسامحة و المساهلة كما هو مشهور عند أهل العلم أما الأبواب الأخرى فهي مبنية على المشاحة نظراً لأن كل إنسان يريد الأخذ بحقه كاملاً دون نقص وإذا تعرض حقه للبخس أو النقص أو الإضرار فإنه يطالب بما يزيل ذلك فمن ذلك الخيار بأنواعه وأنتم تعلمون أن الخيار في البيوع أنواع متعددة وهذه الأنواع من الخيار إنما شرعت من أجل ماذا؟ شرعت من أجل رفع الضرر الذي قد يلحق بأحد المتعاقدين فمثلاً خيار العيب فإنه شرع ليرفع الضرر عن المشتري الذي أخذ سلعة معيبة وكذلك خيار الشرط فإنه يرفع الضرر الذي قد يلحق بالمشتري

    ذلك الحجر أيضاً والحجر له نوعان مشهوران وهو حجر السفه وحجر الفلس ,فحجر الفلس شرع لرفع ضرر الغرماء وحجر السفه شرع لدفع ضرر السفيه المحجور عليه ، الحجر عن السفيه تختلف عن الحجر عن المفلس وفي كلا النوعين رفع للضرر إما عن المحجور نفسه ,أو عن الغرماء الذين سبب لهم هذا المحجور عليه بعض الضرر ومن ذلك الشفعة فإنها شرعت لدفع ضرر الشريك الذي لا يريده وهذا بالنسبة للمال المشترك فإذا كان هناك طرفان اشتركا في مال معين ثم أراد أحد الطرفين أن يبيع ماله وباعه على شخص أجنبي فإن الشريك الأول له أن يشفع ومعنى الشفعة أنه يأخذ الجزء المبيع بنفس السعر لأن هذا الإنسان قد يتضرر بدخول شريك جديد فشرعت الشفعة لرفع هذا الضرر, وكذلك أيضاً في مسألة الجار والمعلوم أن الجار شديد الصلة بجاره فبعض أهل العلم يثبت الشفعة للجار فإن الجار قد يرضى بأن يجاور فلان من الناس أو فلان من الناس ولكن إذا باع جاره بيته لغيره فإنه قد يتضرر بمجاورة من لا يحب أن يجاوره نظراً لنفور في الطبع بينهما أو بعض الأمور الأخرى التي غالباً ما تحصل بين المتجاورين فإما هذا الجار له الحق في الشفعة فيشتري هذا البيت الذي باعه جاره بنفس السعر هذه الشفعة إنما شرعت من باب دفع الضرر أو رفع الضرر عن الجار ومن ذلك أيضاً مشروعية القصاص فإنه شرع لرفع الضرر وهذا الضرر قد يكون واقعاً على المعتدى عليه وقد يكون واقعاً عليه وعلى غيره فمثلاً إذا ضرب الإنسان في يده فكسرت يده أو كسر سنه أو فوقِعت عينه أو ما إلى ذلك من الأمور التي يجري فيها القصاص في الأطراف فإن القصاص شرع في رفع الضرر عن هذا الإنسان الذي اعتدى عليه ,وإذا ضربنا مثلاً على أن أحداً قتل شخصاً آخر فإن هذا الضرر قد وقع على هذا الشخص وقد وقع على أولياء الدم فإن أولياء الدم بإمكانهم رفع ضررهم لإقامة القصاص على القاتل, ولذلك قال الله سبحانه وتعالى :{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } والقصاص في الحقيقة هو قتل ولكن لما كان هذا القتل سبيل إلى استقرار الحياة بين الناس وإلى رفع الظلم وإلى دفع الضرر سماه سبحانه وتعالى كما جاء في هذه الآية ووصفه بكونه حياة للناس ومن ذلك أيضاً نصب الأئمة والقضاة والحكام فإنه شرع من أجل رفع الضرر الواقع على المظلومين ، و إنما نصب القضاة لفصل الخصومات بين الناس والجميع يعلم أن الناس يحصل بينهم من الخلاف والنزاع ما لا يخفى, فإذا حصل مثل هذا فلو وكل الأمر إلى كل أحد أن يأخذ حقه بنفسه لانتشر الفساد بين الناس و لأنتشر القتل والهرج والمرج ولكن لما أمر الشارع بنصب القضاة وأمرهم بتحري الحق وبالبحث عما يحقق العدالة بين الناس فإن في هذا رفع للضرر عن المظلومين, وكذلك نصب الأئمة والخلفاء والحكام والأمراء إنما هو من هذا الباب, لأن الناس لابد لهم من قائد يقودهم ولذلك شدد الإسلام في مسألة الولاية والخلافة وأوجب على الناس أن يطيعوا من ولاَّهم الله عليهم إذا لم يأمروا في معصية ، هذه الأمور كلها إنما شرعت من باب دفع الضرر الذي وجد أو قد يوجد الضرر إما قد يكون موجوداً أو أنه متوقع الوجود كما سيأتي معنا بعد قليل في القواعد المتفرعة, ومن ذلك أيضاً مشروعية الحدود ومشروعية الفسوق والضمان والقسمة وقتال المشركين والبغاة وما إلى ذلك فهذه الأمور كلها إنما شرعها الله سبحانه وتعالى من باب دفع الضرر عن الناس.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    قاعدة لا ضرر و لا ضرار  Empty رد: قاعدة لا ضرر و لا ضرار

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:26 am

    القواعد المتفرعة من قاعدة لا ضرر ولا ضرار

    مقدمة


    ذكر العلماء عدداً كثيراً من القواعد التي تندرج تحت قاعدة ( لا ضرر ولا ضرار ) ،وهذه القواعد إما أن تكون بمعنى القاعدة الكبرى من حيث العموم أو تكون من باب التنصيص على بعض الشروط والقيود والتفصيلات للقاعدة الكبرى, وهذا هو شأن القواعد المتفرعة فإن القواعد المتفرعة ؛ إما أن تمثل جانباً معيناً من جوانب القاعدة ،أو أن تكون ممثلة لشرط ، أو قيد لابد من تحققه من أجل العمل بالقاعدة الكبرى، القاعدة الفرعية الأولى الضرر يدفع بقدر الإمكان ,ونحن راعينا في ترتيب القواعد الفرعية مسألة الضرر فإذا كان الضرر لم يقع فإن له حكماً نص عليه العلماء وإذا كان الضرر متوقع الحدوث والوقوع فأيضاً له حكم ذكره العلماء وإذا كان الضرر قد وقع فعلاً فله حكم ثم هذا الحكم يختلف باختلاف الضرر الواقع وإذا كان الضرر قد يتعارض مع غيره من الأضرار الأخرى فأيضاً له حكم ذكره العلماء نحن سنسير وفق هذا المنهج بذكر القواعد الفرعية التي تخدم هذه الجوانب كلها.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    قاعدة لا ضرر و لا ضرار  Empty رد: قاعدة لا ضرر و لا ضرار

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:26 am

    القاعدة الفرعية الأولى : الضرر يدفع بقدر الإمكان.


    الدفع في هذه القاعدة لا يراد به إزالة الضرر قبل وقوعه خاصة بل يراد به إزالة الضرر قبل الوقوع وكذا بعده، الضرر يدفع بقدر الإمكان ، الدفع في هذه القاعدة ليس خاصاً بجانب دون جانب بل يدخل تحت الضرر الواقع ويدخل تحت الضرر غير الواقع

    معنى القاعدة :

    أن الشريعة الإسلامية جاءت بالوسائل التي تكفل إزالة الضرر وذلك بقدر الإمكان فإذا أمكن إزالة الضرر بالكلية فبها ونعمت ، وهو المطلوب وإن لم يمكن فإنه يزال الضرر بالقدر المستطاع , فمعنى هذه القاعدة أنه إذا افترضنا أن الضرر قد وقع فعلاً فنحن بين أمرين إما أن نتمكن من إزالة الضرر بالكلية فإذا أمكن ذلك فهو الواجب ، وإن لم يمكن إزالة الضرر بالكلية فإنه يجب علينا أن نزيل الضرر بالقدر المستطاع .


    أمثلة القاعدة:

    التمثيل على على نوعين : أضرار أمكن إزالتها بالكلية وسنمثل على أضرار لم يمكن إزالتها بالكلية فوجب إزالتها بالقدر الممكن وهو القدر المستطاع.

    النوع الأول:


    من أمثلة الوسائل التي تزيل الضرر بالكلية (أي ترفعه من أساسه ولا يبقى له وجود) مشروعية الخيار بأنواعه ، حجر السفه والشفعة .
    تفصيل الكلام حول بعض هذه الأمثلة :


    مثلاً الحجر على السفيه, إذا كان الإنسان سفيهاً لا يحسن المعاملة مع الناس وربما أضر بنفسه وأضر بغيره فإن القاضي يحجر عليه وهذا النوع من الحجر يسمى الحجر على السفيه ,وهذا الحجر فيه رفع للضرر بالكلية فليس باستطاعة هذا السفيه أن يبيع ولا يشتري ولا يتعاقد, وإذا فعلنا هذا فإننا رفعنا الضرر الذي قد يتسبب هذا السفيه في إلحاقه بنفسه أو بغيره .


    كذلك في الشفعة فإذا افترضنا أن رجلين اشتركا في أرض واحدة وكل من هذين الرجلين يرضى بمشاركة صاحبه ثم قام أحدهما فباع نصيبه على رجل أجنبي ,فربما أن الشريك الباقي الذي لم يقم ببيع أرضه ربما أنه لا يرضى بمشاركة هذا الشريك الجديد ,إما لنفور في الطبع أو لعدم معرفة أو لاختلاف في الصفات أو لأي سبب من الأسباب, فإن هذا الشريك قد يتضرر بوجود هذا الشريك الأجنبي ,ولذلك شرع الله سبحانه وتعالى له الشفعة فبإمكانه أن يأخذ الحصة التي اشتراها ذلك الشريك الأجنبي بنفس السعر الذي حصل عليها به, فإذا فعل هذا الأمر فأن الضرر قد زال بالكلية .

    وكذلك مشروعية الخيار بأنواعه فمثلاً خيار المجلس إذا تبايعا طرفان وقبل أحدهما البيع وحصل الإيجاب والقبول فما داما في المجلس فلكل واحد منهما الرجوع من العقد ربما الإنسان لما اشترى سلعة معينة تأمل بعد ذلك وتفكر وتدبر ثم رأى أن في هذا البيع إضراراً به، كيف يزيل الضرر هو ؟ يزيل الضرر هو باستخدام هذا الخيار من أنواع الخيار وهو خيار المجلس فيقول أنا تراجعت عن البيع أو تراجعت عن الشراء .

    إذا تأملنا هذه الأمثلة نجد أنها تزيل الضرر بالكلية فلا يبقى له أي أثر

    ومعنى القاعدة ؛ إذا أمكن أن يزال الضرر بالكلية فهو الواجب أما إذا لم يمكن أن يزال الضرر بالكلية فهل نستسلم ويبقى الضرر على ما هو أو نقول إننا نرفع الضرر بالقدر المستطاع لا شك أن الواجب أننا نرفع الضرر بالقدر المستطاع.


    النوع الثاني:

    من أمثلة الوسائل التي تزيل الضرر بالقدر المستطاع يعني الضرر باقي ما انتهى لكن زال بعضه وبقي بعضه وذلك حسب الاستطاعة والقدرة .

    المثال الأول :

    مثال مشروعية الدية عند عفو بعض أولياء الدم ,فإن من لم يعفو لا يزول ضرره إلا بالقتل أي إلا بالقصاص ولما كان ذلك غير ممكن بعد عفو بعض الأولياء فإنه يزال ضرر من لم يعفو بالقدر الممكن وهو الدية فإذا جاء شخص وقتل شخصاً آخر عمداً عدواناً, فإن أولياء الدم وهم أولياء الشخص القتيل لهم أحد أمرين ,إما أن يطالبوا بالقصاص ,وإما أن يرضوا بالدية إذا طالبوا كلهم بالقصاص فإن القصاص يقام على الجاني , وإذا طالبوا كلهم بالدية فإن الدية يأخذونها ويسقط القصاص, وهذا الأمر لا إشكال فيه لو أن بعضهم طالب بالقصاص وبعضهم طالب بالدية فإن الحكم في هذه المسألة أن القصاص يسقط وتثبت الدية لماذا؟ لأن الشارع الحكيم يتشوف إلى درء القتل بين الناس ,فإذا عفا بعض أولياء الدم فإن القصاص لا يقام في هذه الحالة من طلب القصاص فإن ضرره لا يزول إلا بإقامة القصاص على الجاني ولكن لما كان ذلك غير ممكن بعد عفو بعض الأولياء فإنه لا يمكننا أن نزيل ضرره بالكلية ولكنه يمكننا أن نزيل بعض ضرره وذلك بأخذه للدية.

    المثال الثانى:

    مشروعية رد العين المغصوبة إذا كانت ناقصة مع ضمان الغاصب لما نقص من قيمتها, فإن المغصوب منه يزول ضرره بالكلية برد العين المغصوبة سليمة ولكن لما كان هذا غير ممكن لأن هذه العين المغصوبة قد لحقها العيب فإنه لا يمكننا إلا أن نقول أن هذا المعتدي يرد العين المغصوبة ويرد معها قيمة ما نقص منها .


    المثال الثالث:

    مشروعية الحجر على المفلس ثم محاصة الغرماء مال المفلس على قدر ديونهم, فإن الغريم لا يزول ضرره بالكلية إلا بأخذ دينه كاملاً ,ولكن لما كان ذلك غير ممكن بسبب إفلاس المدين فإنه يزال ضرر الغريم بالقدر الممكن فهو أخذه لحصته من مال المدين.


    شرح هذا المثال

    هب أن شخصاً يتعامل مع عدد من الناس فأصبح مديناً لهذا ولهذا ولهذا وهذا فأصبح الرجل مفلساً, فإن القاضي يحجر على هذا المفلس, لما طيب لما حجر على هذا المفلس ماذا يفعل الغرماء؟ الغرماء يريدون ديونهم كاملة ولكن لما كان هذا الأمر غير ممكن بسبب إفلاس
    هذه الأمثلة الثلاث التي ذكرناها قبل قليل وهي مشروعية الخيار ومشروعية رد العين المغصوبة ومشروعية الحجر على المفلس هذه كلها أمثلة تنطبق على قاعدة الضرر يدفع بقدر الإمكان ولكن يجب أن نفرق بين أمرين لأن بعض الأمثلة فيها رفع للضرر بالكلية كما في مثال الخيار والشفعة والحجر على السفيه هذه فيها رفع للضرر بالكلية ، القسم الثاني فيها رفع للضرر ولكنه ليس رفعاً بالكلية وإنما رفعاً بالقدر المستطاع مثل مشروعية الدية ومثل مشروعية رد العين المغصوبة ومثل مشروعية الحجر على المفلس.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 10:28 am