ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    الأطعمة و الأشربة (بحث)

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:43 am

    الكلام في أصول هذا الكتاب يتعلق بجملتين:

    الجملة الأولى: نذكر فيها المحرمات في حال الاختيار.

    الجملة الثانية: نذكر فيها أحوالها في حال الاضطرار.

    (الجملة الأولى): - والأغذية الإنسانية نبات وحيوان. فأما الحيوان الذي يتغذى به، فمنه حلال في الشرع، ومنه حرام، وهذا منه بري ومنه بحري. والمحرمة منها ما تكون محرمة لعينها، ومنها ما تكون لسبب وارد عليها. وكل هذه منها ما اتفقوا عليه، ومنها ما اختلفوا فيه.

    =======
    المصدر: بداية المجتهد.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:43 am

    مبدأ تناول الطعام والشراب
    عني الإسلام بالجسم والنفس، فأوجب تناول الحد الأدنى أو الضروري من الطعام والشراب للحفاظ على الحياة، ودفع الهلاك عن النفس ، وللقيام بالواجبات الدينية من صلاة وصيام ونحوهما، وما عدا قدر الضرورة يباح تناوله ما لم يصل إلى حد الإسراف، فالإسراف في الأكل والشرب فوق الطاقة الجسمية ضرر، وخطر، وحرام.

    والاعتدال هو المطلوب. واستثنى الحنفية من التحريم إذا لم يخش الضرر حالة قصد التقوي على صوم الغد أو لئلا يستحي ضيفه ونحو ذلك، قال تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين} [الأعراف:31/7].


    والملبوس والمأكول: هو الحلال، الطيب، فقد أحل الله للإنسان كل نافع في الأرض: {خلق لكم ما في الأرض جميعاً} [البقرة:29/2] وقد أردف الله تعالى الآية السابقة بقوله: {قل: من حرم زينة الله التي أخرج لعباده، والطيبات من الرزق} [الأعراف:32/7].

    وتوالت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في تقرير هذا المباح، فقال تعالى: {ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً} [البقرة:168/2] وقال أيضاً: {ويحل لهم الطيبات. ويحرم عليهم الخبائث} [الأعراف:157/7].


    وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «كلوا واشربوا، وتصدقوا، والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة ـ كبر وإعجاب بالنفس ـ فإن الله يحب أن يرى أثر نعمه على عبده» (رواه أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجه والحاكم عن عبد الله بن عمرو.) .

    ==========

    * الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:44 am

    محرمات لعينها مختلف فيها
    الأغذية المحرمة لعينها المختلف فيها فأربعة:

    أحدها لحوم السباع من الطير ومن ذوات الأربع.

    والثاني ذوات الحافر الإنسية.

    والثالث لحوم الحيوان المأمور بقتله في الحرم.

    والرابع لحوم الحيوانات التي تعافها النفوس وتستخبثها بالطبع.

    وحكى أبو حامد عن الشافعي أنه يحرم لحم الحيوان المنهي عن أكله قال: كالخطاف والنحل فيكون هذا جنسا خامسا من المختلف فيه.

    - (فأما المسألة الأولى) وهي السباع ذوات الأربع، فروى ابن القاسم عن مالك أنها مكروهة، وعلى هذا القول عول جمهور أصحابه وهو المنصور عندهم؛ وذكر مالك في الموطأ ما دليله أنها عنده محرمة، وذلك أنه قال بعقب حديث أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" وعلى ذلك الأمر عندنا، وإلى تحريمها ذهب الشافعي وأشهب وأصحاب مالك وأبو حنيفة.

    إلا أنهم اختلفوا في جنس السباع المحرمة فقال أبو حنيفة: كل ما أكل اللحم فهو سبع حتى الفيل والضبع واليربوع عنده من السباع، وكذلك السنور؛ وقال الشافعي: يؤكل الضبع والثعلب، وإنما السباع المحرمة التي تعدو على الناس كالأسد والنمر والذئب، وكلا القولين في المذهب، وجمهورهم على أن القرد لا يؤكل ولا ينتفع به؛ وعند الشافعي أيضا أن الكلب حرام لا ينتفع به، لأنه فهم من النهي عن سؤره نجاسة عينه.

    وسبب اختلافهم في تحريم لحوم السباع من ذوات الأربع معارضة الكتاب للآثار، وذلك أن ظاهر قوله {قل لا أجد فيما أوحي إلى إلا محرما على طاعم يطعمه} الآية، أن ما عدا المذكور في هذه الآية حلال، وظاهر حديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع إن السباع محرمة" هكذا رواه البخاري ومسلم. وأما مالك فما رواه في هذا المعنى من طريق أبي هريرة هو أبين في المعارضة وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" وذلك أن الحديث الأول قد يمكن الجمع بينه وبين الآية بأن يحمل النهي المذكور فيه على الكراهية. وأما حديث أبي هريرة فليس يمكن الجمع بينه وبين الآية إلا أن يعتقد أنه ناسخ للآية عند من رأى أن الزيادة نسخ وأن القرآن ينسخ بالسنة المتواترة. فمن جمع بين حديث أبي ثعلبة والآية حمل حديث لحوم السباع على الكراهية. ومن رأى أن حديث أبي هريرة يتضمن زيادة على ما في الآية حرم لحوم السباع، ومن اعتقد أن الضبع والثعلب محرمان فاستدلا بعموم لفظ السباع؛ ومن خصص من ذلك العادية فمصيرا لما روى عبد الرحمن ابن عمار قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع آكلها؟ قال: نعم، قلت: أصيد هي؟ قال: نعم، قلت: فأنت سمعت ذلك من رسول صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. وهذا الحديث وإن كان انفرد به عبد الرحمن فهو ثقة عند جماعة أئمة الحديث، ولما ثبت من إقراره عليه الصلاة والسلام على أكل الضب بين يديه. وأما سباع الطير، فالجمهور على أنها حلال لمكان الآية المتكررة وحرمها قوم لما جاء في حديث ابن عباس أنه قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل مخلب من الطير" إلا أن هذا الحديث لم يخرجه الشيخان، وإنما ذكره أبو داود.

    - (وأما المسألة الثانية) وهي اختلافهم في ذوات الحافر الإنسي: أعني الخيل والبغال والحمير، فإن جمهور العلماء على تحريم لحوم الحمر الإنسية، إلا ما روي عن ابن عباس وعائشة أنهما كانا يبيحانها، وعن مالك أنه كان يكرهها، رواية ثانية مثل قول الجمهور؛ وكذلك الجمهور على تحريم البغال، وقوم كرهوها ولم يحرموها، وهو مروي عن مالك. وأما الخيل فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة إلى أنها محرمة؛ وذهب الشافعي وأبو يوسف ومحمد وجماعة إلى إباحتها.

    والسبب في اختلافهم في الحمر الإنسية معارضة الآية المذكورة للأحاديث الثابتة في ذلك من حديث جابر وغيره قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل" فمن جمع بين الآية وهذا الحديث حملها على الكراهية؛ ومن رأى النسخ قال بتحريم الحمر أو قال بالزيادة دون أن يوجب عنده نسخا، وقد احتج من لم ير تحريمها بما روي عن أبي إسحق الشيباني عن ابن أبي أوفى قال "أصبنا حمرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر وطبخناها، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكفئوا القدور بما فيها". قال ابن إسحق: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: إنما نهي عنها لأنها كانت تأكل الجلة.

    وأما اختلافهم في البغال، فسببه معارضة دليل الخطاب في قوله تعالى {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} وقوله مع أن ذلك من الأنعام {لتركبوا منها ومنها تأكلون} للآية الحاصرة للمحرمات، لأنه يدل مفهوم الخطاب فيها أن المباح في البغال إنما هو الركوب مع قياس البغل أيضا على الحمار.

    وأما سبب اختلافهم في الخيل فمعارضة دليل الخطاب في هذه الآية لحديث جابر، ومعارضة قياس الفرس على البغل والحمار له، لكن إباحة لحم الخيل نص في حديث جابر فلا ينبغي أن يعارض بقياس ولا بدليل خطاب.

    - (وأما المسألة الثالثة) وهي اختلافهم في الحيوان المأمور بقتله في الحرم وهي الخمس المنصوص عليها: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور، فإن قوما فهموا من الأمر بالقتل لها مع النهي عن قتل البهائم المباحة الأكل أن العلة في ذلك هو كونها محرمة، وهو مذهب الشافعي؛ وقوما فهموا من ذلك معنى التعدي لا معنى التحريم، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وجمهور أصحابهما. وأما الجنس الرابع، وهو الذي تستخبثه النفوس كالحشرات والضفادع والسرطانات والسلحفات وما في معناها، فإن الشافعي حرمها وأباحها الغير؛ ومنهم من كرهها فقط.

    وسبب اختلافهم اختلافهم في مفهوم ما ينطلق عليه اسم الخبائث في قوله تعالى {ويحرم عليهم الخبائث} فمن رأى أنها المحرمات بنص الشرع لم يحرم من ذلك ما تستخبثه النفوس مما لم يرد فيه نص؛ ومن رأى أن الخبائث هي ما تستخبثه النفوس قال: هي محرمة. وأما ما حكاه أبو حامد عن الشافعي في تحريمه الحيوان المنهي عن قتله كالخطاف والنحل زعم فإني لست أدري أين وقعت الآثار الواردة في ذلك، ولعلها في غير الكتب المشهورة عندنا. وأما الحيوان البحري، فإن العلماء أجمعوا على تحليل ما لم يكن منه موافقا بالاسم لحيوان في البر محرم، فقال مالك: لا بأس بأكل جميع حيوان البحر، إلا أنه كره خنزير الماء وقال: أنتم تسمونه خنزيرا، وبه قال ابن أبي ليلى والأوزاعي ومجاهد وجمهور العلماء، إلا أن منهم من يشترط في غير السمك التذكية، وقد تقدم ذلك. وقال الليث بن سعد: أما إنسان الماء وخنزير الماء فلا يؤكلان على شيء من الحالات.

    وسبب اختلافهم هو هل يتناول لغة أو شرعا اسم الخنزير والإنسان خنزير الماء وإنسانه، وعلى هذا يجب أن يتطرق الكلام إلى كل حيوان في البحر مشارك بالاسم في اللغة أو في العرف لحيوان محرم في البر مثل الكلب عند من يرى تحريمه، والنظر في هذه المسألة يرجع إلى أمرين: أحدهما هل هذه الأسماء لغوية؟ والثاني هل للاسم المشترك عموم أم ليس له؟ فإن إنسان الماء وخنزيره يقالان مع خنزير البر وإنسانه باشتراك الاسم، فمن سلم أن هذه الأسماء لغوية ورأى أن للاسم المشترك عموما لزمه أن يقول بتحريمها، ولذلك توقف مالك في ذلك وقال: أنتم تسمونه خنزيرا.

    فهذه حال الحيوان المحرم الأكل في الشرع والحيوان المباح الأكل.

    =======
    المصدر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:44 am

    محرّمات لعينها متفق عليها
    الأغذية المحرمة لعينها، منها ما اتفقوا عليه، ومنها ما اختلفوا فيه.

    فأما المتفق منها عليه فاتفق المسلمون منها على اثنين: لحم الخنزير، والدم. فأما الخنزير فاتفقوا على تحريم شحمه ولحمه وجلده.

    واختلفوا في الانتفاع بشعره وفي طهارة جلده مدبوغا وغير مدبوغ، وقد تقدم ذلك في كتاب الطهارة. وأما الدم فاتفقوا على تحريم المسفوح منه من الحيوان المذكى.

    واختلفوا في غير المسفوح منه.

    وكذلك اختلفوا في دم الحوت؛ فمنهم من رآه نجسا؛ ومنهم من لم يره نجسا، والاختلاف في هذا كله موجود في مذهب مالك وخارجا عنه.

    وسبب اختلافهم في غير المسفوح معارضة الإطلاق للتقييد، وذلك أن قوله تعالى {حرمت عليكم الميتة والدم} يقتضي تحريم مسفوح الدم وغيره، وقوله تعالى {أو دما مسفوحا} يقتضي بحسب دليل الخطاب تحريم المسفوح فقط؛ فمن رد المطلق إلى المقيد اشترط في التحريم السفح؛ ومن رأى أن الإطلاق يقتضي حكما زائدا على التقييد، وأن معارضة المقيد للمطلق إنما هو من باب دليل الخطاب، والمطلق عام، والعام أقوى من دليل الخطاب قضى بالمطلق على المقيد، وقال: يحرم قليل الدم وكثيره. والسفح المشترط في حرمية الدم إنما هو دم الحيوان المذكى، أعني أنه الذي يسيل عند التذكية من الحيوان الحلال الأكل. وأما أكل دم يسيل من الحيوان الحي فقليله وكثيره حرام؛ وكذلك الدم من الحيوان المحرم الأكل، وإن ذكى فقليله وكثيره حرام، ولا خلاف في هذا.

    وأما سبب اختلافهم في دم الحوت فمعارضة العموم للقياس. أما العموم فقوله تعالى {والدم} . وأما القياس فما يمكن أن يتوهم من كون الدم تابعا في التحريم لميتة الحيوان، أعني أن ما حرم ميتته حرم دمه، وما حل ميتته حل دمه، ولذلك رأى مالك أن ما لا دم له فليس بميتة. قال القاضي: وقد تكلمنا في هذه المسألة في كتاب الطهارة، ويذكر الفقهاء في هذا حديثا مخصصا لعموم الدم قوله عليه الصلاة والسلام "أحلت لنا ميتتان ودمان" وهذا الحديث في غالب ظني ليس هو في الكتب المشهورة من كتب الحديث.

    =======
    المصدر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:45 am

    النبات
    النبات الذي هو غذاء فكله حلال إلا الخمر وسائر الأنبذة المتخذة من العصارات التي تتخمر ومن العسل نفسه. أما الخمر فإنهم اتفقوا على تحريم قليلها وكثيرها: أعني التي هي من عصير العنب.

    وأما الأنبذة فإنهم اختلفوا في القليل منها الذي لا يسكر، وأجمعوا على أن المسكر منها حرام، فقال جمهور فقهاء الحجاز وجمهور المحدثين: قليل الأنبذة وكثيرها المسكرة حرام. وقال العراقيون إبراهيم النخعي من التابعين وسفيان الثوري وابن أبي ليلى وشريك وابن شبرمة وأبو حنيفة وسائر فقهاء الكوفيين وأكثر علماء البصرين: إن المحرم من سائر الأنبذة المسكرة هو السكر نفسه لا العين.

    وسبب اختلافهم تعارض الآثار والأقيسة في هذا الباب، فللحجازيين في تثبيت مذهبهم طريقتان: الطريقة الأولى الآثار الواردة في ذلك. والطريقة الثانية تسمية الأنبذة بأجمعها خمرا. فمن أشهر الآثار التي تمسك بها أهل الحجاز ما رواه مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع وعن نبيذ العسل؟ فقال: كل شراب أسكر فهو حرام" خرجه البخاري. وقال يحيى بن معين: هذا أصح حديث روي عن النبي عليه الصلاة والسلام في تحريم المسكر؛ ومنها أيضا ما خرجه مسلم عن ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" فهذان حديثان صحيحان. أما الأول فاتفق الكل عليه. وأما الثاني فانفرد بتصحيحه مسلم. وخرج الترمذي وأبو داود والنسائي عن جابر بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قال "ما أسكر كثيره فقليله حرام" وهو نص في موضع الخلاف. وأما الاستدلال الثاني من أن الأنبذة كلها تسمى خمرا، فلهم في ذلك طريقتان: إحداهما من جهة إثبات الأسماء بطريق الاشتقاق، والثاني من جهة السماع. فأما التي من جهة الاشتقاق فإنهم قالوا إنه معلوم عند أهل اللغة أن الخمر إنما سميت خمرا لمخامرتها العقل، فوجب لذلك أن ينطلق اسم الخمر لغة على كل ما خامر العقل.

    وهذه هي الطريقة من إثبات الأسماء فيها اختلاف بين الأصوليين، وهي غير مرضية عند الخراسانيين. وأما الطريقة الثانية التي من جهة السماع، فإنهم قالوا إنه وإن لم يسلم لنا أن الأنبذة تسمى في اللغة خمرا شرعا، واحتجوا في ذلك بحديث ابن عمر المتقدم، وبما روي أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة" وما روي أيضا عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن من العنب خمرا، وإن من العسل خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن الحنطة خمرا وأنا أنهاكم عن كل مسكر" فهذه هي عمدة الحجازيين في تحريم الأنبذة. وأما الكوفيون فإنهم تمسكوا لمذهبهم بظاهر قوله تعالى {ومن ثمر النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} وبآثار رووها في هذا الباب، وبالقياس المعنوي.

    أما احتجاجهم بالآية فإنهم قالوا: السكر هو المسكر ولو كان محرم العين لما سماه الله رزقا حسنا.

    وأما الآثار التي اعتمدوها في هذا الباب، فمن أشهرها عندهم حديث أبي عون الثقفي عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس عن النبي عليه الصلاة والسلام قال "حرمت عليكم الخمر لعينها" والسكر من غيرها وقالوا: هذا نص لا يحتمل التأويل، وضعفه أهل الحجاز لأن بعض رواته روى "والمسكر من غيرها" ومنها حديث شريك عن سماك بن حرب بإسناده عن أبي بردة بن نيار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني كنت نهيتكم عن الشراب في الأوعية فاشربوا فيما بدا لكم ولا تسكروا" خرجها الطحاوي. ورووا عن ابن مسعود أنه قال: شهدت تحريم النبيذ كما شهدتم، ثم شهدت تحليله فحفظت ونسيتم. ورووا عن أبي موسى قال "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ومعاذا إلى اليمن، فقلنا: يا رسول الله إن بها شرابين يصنعان من البر والشعير: أحدهما يقال له المزر، والآخر يقال له البتع، فما نشرب؟ فقال عليه الصلاة والسلام: اشربا ولا تسكرا" خرجه الطحاوي أيضا إلى غير ذلك من الآثار التي ذكروها في هذا الباب.

    وأما احتجاجهم من جهة النظر فإنهم قالوا: قد نص القرآن أن علة التحريم في الخمر إنما هي الصد عن ذكر الله ووقوع العداوة والبغضاء كما قال تعالى {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة} وهذه العلة توجد في القدر المسكر لا فيما دون ذلك، فوجب أن يكون ذلك القدر هو الحرام إلا ما انعقد عليه الإجماع من تحريم قليل الخمر وكثيرها، قالوا: وهذا النوع من القياس يلحق بالنص، وهو القياس الذي ينبه الشرع على العلة فيه.

    وقال المتأخرون من أهل النظر: حجة الحجازيين من طريق السمع أقوى، وحجة العراقيين من طريق القياس أظهر. وإذا كان هذا كما قالوا فيرجع الخلاف إلى اختلافهم في تغليب الأثر على القياس، أو تغليب القياس على الأثر إذا تعارضا، وهي مسألة مختلف فيها، لكن الحق أن الأثر إذا كان نصا ثابتا، فالواجب أن يغلب على القياس. وأما إذا كان ظاهر اللفظ محتملا للتأويل فهنا يتردد النظر هل يجمع بينهما بأن يتأول اللفظ أو يغلب ظاهر اللفظ على مقتضى القياس؟ وذلك مختلف بحسب قوة لفظ من الألفاظ الظاهرة، وقوة قياس من القياسات التي تقابلها ولا يدرك الفرق بينهما إلا بالذوق العقلي كما يدرك الموزون من الكلام من غير الموزون، وربما كان الذوقان على التساوي؛ ولذلك كثر الاختلاف في هذا النوع حتى قال كثير من الناس: كل مجتهد مصيب.

    قال القاضي: والذي يظهر لي والله أعلم أن قوله عليه الصلاة والسلام "كل مسكر حرام" وإن كان يحتمل أن يراد به القدر المسكر لا الجنس المسكر، فإن ظهوره في تعليق التحريم بالجنس أغلب على الظن من تعليقه بالقدر لمكان معارضة ذلك القياس له على ما تأوله الكوفيون، فإنه لا يبعد أن يحرم الشارع قليل المسكر وكثيره سدا للذريعة وتغليظا، مع أن الضرر إنما يوجد في الكثير، وقد ثبت من حال الشرع بالإجماع أنه اعتبر في الخمر الجنس دون القدر الواجب، فوجب كل ما وجدت فيه علة الخمر أن يلحق بالخمر، وأن يكون على من زعم وجود الفرق إقامة الدليل على ذلك، هذا إن لم يسلموا لنا صحة قوله عليه الصلاة والسلام "ما أسكر كثيره فقليله حرام" فإنهم إن سلموه لم يجدوا انفكاكا فإنه نص في موضع الخلاف، ولا يصح أن تعارض النصوص بالمقاييس، وأيضا فإن الشرع قد أخبر أن في الخمر مضرة ومنفعة، فقال تعالى {قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس} وكان القياس إذا قصد الجمع بين انتقاء المضرة ووجود المنفعة أن يحرم كثيرها ويحلل قليلها؛ فلما غلب الشرع حكم المضرة على المنفعة في الخمر ومنع القليل منها والكثير، وجب أن يكون الأمر كذلك في كل ما يوجد فيه على تحريم الخمر، إلا أن يثبت في ذلك فارق شرعي.

    واتفقوا على أن الانتباذ حلال ما لم تحدث فيه الشدة المطربة الخمرية لقوله عليه الصلاة والسلام "فانتبذوا وكل مسكر حرام"، ولما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام "أنه كان ينتبذ، وأنه كان يريقه في اليوم الثاني أو الثالث".

    واختلفوا في ذلك في مسئلتين: إحداهما: في الأواني التي ينتبذ فيها. والثانية: في انتباذ شيئين مثل البسر والرطب، والتمر والزبيب.

    - (فأما المسألة الأولى) فإنهم أجمعوا على جواز الانتباذ في الأسقية.

    واختلفوا فيما سواها؛ فروى ابن القاسم عن مالك أنه كره الانتباذ في الدباء والمزفت ولم يكره غير ذلك؛ وكره الثوري الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير والمزفت؛ وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا بأس بالانتباذ في جميع الظروف والأواني.

    وسبب اختلافهم اختلاف الآثار في هذا الباب، وذلك أنه ورد من طريق ابن عباس النهي عن الانتباذ في الأربع التي كرهها الثوري وهو حديث ثابت. وروى مالك عن ابن عمر في الموطأ "أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الانتباذ في الدباء والمزفت" وجاء في حديث جابر عن النبي عليه الصلاة والسلام من طريق شريك عن سماك أنه قال "كنت نهيتكم أن تنبذوا في الدباء والحنتم والنقير والمزفت فانتبذوا ولا أحل مسكرا" وحديث أبي سعيد الخدري الذي رواه مالك في الموطأ، وهو أنه عليه الصلاة والسلام قال "كنت نهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا، وكل مسكر حرام". فمن رأى أن النهي المتقدم الذي نسخ إنما كان نهيا عن الانتباذ في هذه الأواني إذ لم يعلم ههنا نهي متقدم غير ذلك قال: يجوز الانتباذ في كل شيء؛ ومن قال إن النهي المتقدم الذي نسخ إنما كان نهيا عن الانتباذ مطلقا قال: بقي النهي عن الانتباذ في هذه الأواني؛ فمن اعتمد في ذلك حديث ابن عمر قال بالآيتين المذكورتين فيه؛ ومن اعتمد في ذلك حديث ابن عباس قال بالأربعة، لأنه يتضمن مزيدا، والمعارضة بينه وبين حديث ابن عمر إنما هي من باب دليل الخطاب. وفي كتاب مسلم النهي عن الانتباذ في الحنتم، وفيه أنه رخص لهم فيه إذا كان غير مزفت.

    - (وأما المسألة الثانية) وهي انتباذ الخليطين، فإن الجمهور قالوا بتحريم الخليطين من الأشياء التي من شأنها أن تقبل الانتباذ؛ وقال قوم: بل الانتباذ مكروه؛ وقال قوم: هو مباح؛ وقال قوم: كل خليطين فهما حرام وإن لم يكونا مما يقبلان الانتباذ فيما أحسب الآن.

    والسبب في اختلافهم ترددهم في هل النهي الوارد في ذلك هو على الكراهة أو على الحظر؟ وإذا قلنا إنه على الحظر، فهل يدل على فساد المنهى عنه أم لا؟ وذلك أنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام "أنه نهى عن أن يخلط التمر والزبيب، والزهو والرطب، والبسر والزبيب" وفي بعضها أنه قال عليه الصلاة والسلام "لا تنتبذوا الزهو والزبيب جميعا، ولا التمر والزبيب جميعا، وانتبذوا كل واحد منهما على حدة" فيخرج في ذلك بحسب التأويل الأقاويل الثلاثة: قول بتحريمه، وقول بتحليله مع الإثم في الانتباذ، وقول بكراهية ذلك. وأما من قال إنه مباح، فلعله اعتمد في ذلك عموم الأثر بالانتباذ في حديث أبي سعيد الخدري. وأما من منع كل خليطين، فإما أن يكون ذهب إلى أن علة المنع هو الاختلاط لا ما يحدث عن الاختلاط من الشدة في النبيذ، وإما أن يكون قد تمسك بعموم ما ورد أنه نهى عن الخليطين؛ وأجمعوا على أن الخمر إذا تخللت من ذاتها جاز أكلها.

    واختلفوا إذا قصد تخليلها على ثلاثة أقوال: التحريم، والكراهية، والإباحة.

    وسبب اختلافهم معارضة القياس للأثر واختلافهم في مفهوم الأثر، وذلك أن أبا داود خرج من حديث أنس بن مالك أن أبا طلحة "سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن أيتام ورثوا خمرا، فقال: أهرقها، قال: أفلا أجعلها خلا؟ قال: لا" فمن فهم من المنع سد ذريعة حمل ذلك على الكراهية؛ ومن فهم النهي لغير علة قال بالتحريم؛ ويخرج على هذا أن لا تحريم أيضا على مذهب من يرى أن النهي لا يعود بفساد المنهي. والقياس المعارض لحمل الخل على التحريم أنه قد علم من ضرورة الشرع أن الأحكام المختلفة إنما هي للذوات المختلفة، وأن الخمر غير ذات الخل، والخل بإجماع حلال، فإذا انتقلت ذات الخمر إلى ذات الخل وجب أن يكون حلالا كيفما انتقل.

    =======
    المصدر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:45 am

    ما لا نص فيه ـ الاحتكام للذوق العربي
    قال الشافعية والحنابلة : الحيوان الذي لا نص فيه من كتاب أو سنة أو إجماع، لا خاص ولا عام بتحريم ولا تحليل، ولا ورد فيه أمر بقتله ولا بعدم قتله: إن استطابه أهل يسار (أي ثروة وخصب) وأهل طباع سليمة من أكثر العرب ـ سكان بلاد أو قرى، في حال رفاهية عند الشافعية، أو أهل الحجاز أهل الأمصار عند الحنابلة: حل أكله. لقوله تعالى: {ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث} [الأعراف:157/7] ولأن العرب هم الذين نزل عليهم الكتاب، وخوطبوا به، وبالسنة وفيهم بعث النبي صلّى الله عليه وسلم ، فيرجع في مطلق ألفاظهما إلى عرفهم، دون غيرهم.


    وعليه تكون القاعدة: المحرم من الحيوان: ما نص الله تعالى عليه في كتابه. وما كانت العرب تسميه طيباً فهو حلال، وما كانت تسميه خبيثاً فهو محرم.


    ولا يعتبر قول الأجلاف من أهل البادية والفقراء وأهل الضرورة؛ لأنهم للضرورة والمجاعة، يأكلون ما وجدوا.


    وما لم يوجد عند أهل الحجاز عند الحنابلة، رد إلى أقرب ما يشبهه في الحجاز. فإن لم يشبه شيئاً منها، فهو مباح، لدخوله في عموم قوله تعالى: {قل: لا أجد في ما أوحي إليّ محرماً} .. [الأنعام:145/6] الآية، ولقول النبي صلّى الله عليه وسلم : «وما سكت الله عنه فهو مما عفا عنه» ( أخرجه الترمذي وابن ماجه عن سلمان الفارسي ) .


    وقال الشافعية: إن جهل اسم حيوان، سئل العرب عنه، وعمل بتسميتهم له مما هو حلال أو حرام؛ لأن المرجع في ذلك إلى الاسم وهم أهل اللسان. وإن لم يكن له اسم عندهم، ألحق بالأشبه به من الحيوان، في الصورة، أو الطبع، أو الطعم في اللحم. فإن تساوى الشبهان، أو فقد ما يشبهه، حل على الأصح، لقوله تعالى: {قل: لا أجد فيما أوحي إليَّ محرماً..} [الأنعام:145/6] الآية.

    وعملاً بهذا المبدأ أذكر بإيجاز ما يحرم وما يحل من الحيوان عند الشافعية: أما ما يحرم: فيشمل الحشرات كلها كالنمل والذباب والخنافس والحيَّات والدود والبق والقمل والصُّرصُر والوزع: وهو سام أبرص.

    ويَحرم ذوات السم وكل ما يندب قتله كالنحل والزنابير والعقارب والفئران والغربان والأفاعي والحِدأ.


    ويحرم من الطيور: الخُفَّاش (الوطواط) والخُطَّاف (طائر أسود الظهر أبيض البطن) والببَّغا )طائر أخضر يحاكي الأصوات) والطاوس، والرَّخمة (طائر يشبه النسر) والبُغَاثة (طائر أبيض بطيء الطيران أصغر من الحدأة) ويحرم كل ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير.

    ويحرم كل متنجس لا يمكن تطهيره كخل وزيت ودبس، وما يضر البدن كالحجر والتراب والزجاج والسم والأفيون.

    وأما ما يحل: فيشمل طيور النعامة والبط والحجل والإوَز والدجاج والقطا وغراب الزرع والحمام. ويشمل أيضاً كل طاهر لا ضرر فيه ولا تعافه النفس كالبيض والجبن، أما ما تعافه النفس وتستقذره كالمخاط والمني ونحوهما فحرام. وتحل ألبان الحيوانات المأكولة اللحم، ولا تحل ألبان الحيوانات غير المأكولة اللحم كلبن إناث الحمير، لكن لبن الإنسان طاهر.


    ويحرم كل ما استخبثه العرب في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم كالحشرات ونحوها إلا ما أباحه الشرع كاليربوع (دابة كالفأرة لكن ذنبه أطول) والضَّب (دابة كالجرذون) والوَبْر (دابة أصغر من الهر) والسمُّور (دابة كالسنور) وابن عرس (دابة رقيقة تطارد الفئران).

    وتحل حيوانات البحر، لأن العرب استطابتها، وتباح الأنعام (الإبل والبقر والغنم والمعز) وحُمُر الوحش والظباء والأرانب ونحوها مما استطابته العرب، إلا ما حرمه الشرع كالبغال والحمر الأهلية.

    ==========
    *فتح القدير
    *الشرح الكبير
    *القوانين الفقهية
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:46 am

    أنواع الأطعمة وحكم كل نوع منها



    الغذاء الإنساني الذي يؤكل نوعان: نبات وحيوان.

    أما النبات المأكول: فكله حلال إلا النجس والضار والمسكر .

    أما النجس أو ما خالطته نجاسة (المتنجس)، فلا يؤكل، لقوله تعالى: {ويحرم عليهم الخبائث} [الأعراف:157/7] والنجس: خبيث.

    ولو تنجس طاهر كخل، ودبس ودهن ذائب، وزيت، حرم، لقوله صلّى الله عليه وسلم في الفأرة تقع في السمن، وتموت فيه: «إن كان جامداً فألقوها وما حولها، وكلوه، وإن كان مائعاً فأريقوه» (رواه البخاري وأحمد والنسائي عن ميمونة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم ) فلو حل أكله، لم يأمر بإراقته.


    وأما المسكر: فحرام لقوله تعالى فيه {رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة:90/5].


    وأما الضار: فلا يحل أكله، كالسُّم والمخاط والمني والتراب والحجر، لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء:29/4] وقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195/2] وأكل هذه الأشياء تهلكة، فوجب ألا تحل.

    لكن قال المالكية: قيل: الطين مكروه. وقيل: حرام، وهو الأرجح.


    ويحل أكل ما لا يضر كالفواكه والحبوب، لقوله تعالى: {قل: من حرم زينة الله التي أخرج لعباده، والطيبات من الرزق} [الأعراف:32/7].

    وأما الحيوان فنوعان: مائي، وبري. أذكر هنا الحلال والحرام باختصار، وأحيل التفصيل على بحث الحيوان الذبيح في الذبائح والصيد.


    أما المائي: فيحل منه السمك بالاتفاق، إلا الطافي منه فلا يحل عند الحنفية، ويحل عند غيرهم. وكره مالك خنزير الماء، والمعتمد عند المالكية أن خنزير الماء وكلب الماء مباح.


    ولا يحل أكل الضفدع عند الجمهور غير المالكية، لنهي النبي صلّى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع ؛ ولو حل أكله لم ينه عن قتله.

    وأباح المالكية أكل الضفادع، إذ لم يرد نص بتحريمها.


    وأما البري: فيحرم منه أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به (أي ما ذكر عند ذبحه اسم معبود غير الله )، والمنخنقة (التي ماتت خنقاً) والنطيحة (التي نطحها حيوان فماتت)، والموقوذة (التي ضربت فماتت)، والمتردية (التي سقطت من مرتفع فماتت)، وما بقر الحيوان المفترس بطنها، إلا إذا ذبحت، وفيها حياة، فيحل كل ما ذكر.


    ويحرم أكل الحيوانات المفترسة كالذئب والأسد والنمر عند الجمهور، وقال المالكية: هي مكروهة.

    كما يحرم أكل الطيور الجارحة كالصقر والباز والنسر ونحوها. وقال المالكية: هي مباحة، إلا الوطواط، فيكره أكله على الراجح.


    ويحرم أكل الكلاب والحمير الأهلية والبغال؛ لأن الكلب من الخبائث، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلم : «الكلب خبيث، خبيث ثمنه» (روى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي عن رافع بن خديج) ولنهي النبي صلّى الله عليه وسلم يوم خيبر عن الحُمُر والبغال (رواه الحاكم في المستدرك عن جابر بن عبد الله، ) والمعتمد عند المالكية: أن الكلب الإنسي مكروه، وأن كلب الماء مباح.


    ويحرم أكل حشرات الأرض (صغار دوابها) كالعقرب والثعبان والفأرة والنمل والنحل لسُّميتها واستخباث الطباع السليمة لها.


    ويحرم المتولد من مأكول وغير مأكول كالبغل المتولد من الحمير والخيل، والحمار المتولد من حمار الوحش والحمار الأهلي؛ لأنه مخلوق مما يؤكل ومما لا يؤكل، فيغلب التحريم ؛ عملاً بقاعدة تقديم الحاظر على المبيح.


    وقال المالكية: يباح بالذكاة أكل خَشاش الأرض كعقرب وخنفساء وبنات ورَدْان وجندب ونمل ودود وسوس. ويباح أيضاً أكل حية أمن سمها إن ذبحت بحلقها .


    ويحل أكل الخيل بأنواعها الأصيلة وغير الأصيلة عند الشافعية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة لإذن النبي صلّى الله عليه وسلم يوم خيبر بها (أخرجه البخاري ومسلم ) .

    وقال أبو حنيفة بكراهتها كراهة تنزيهية، لورود حديث ينهى عن لحوم الخيل (ر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن خالد بن الوليد ) .

    والمشهور عند المالكية تحريم الخيل .


    وأباح الشافعية والحنابلة أكل الضَّب والضَّبُع. وعند الشافعية: والثعلب، وحرمه الحنابلة.

    وحرم الحنفية أكل ذلك كله.

    وأما المالكية فقد أباحوا مع الكراهة أكل كل السباع كما تقدم.


    ويجوز بالإجماع أكل الأنعام ( الإبل والبقر والغنم ) لإباحتها بنص القرآن الكريم، كما يجوز أكل الطيور غير الجارحة كالحمام والبط والنعامة والأوز، والسمان، والقنبر، والزرزور، والقطا، والكروان، والبلبل وغير ذلك من العصافير.


    ويحل أكل الوحوش غير الضارية، كالظباء، وبقر الوحش وحماره لإذن النبي صلّى الله عليه وسلم بأكلها ( رواه البخاري ومسلم) .


    ويباح أكل الأرنب والجراد، لثبوت الإباحة في السنة النبوية. الدود وحده يحرم عند غير المالكية، لكن دود الطعام والفاكهة وسوس الحبوب، ودود الخل، إذا أكل معه ميتاً، وطابت به النفس ولم تعافه، يحل أكله لتعسر تمييزه .


    خلاصة مذهب المالكية في المباح والمحرم :


    يظهر مما سبق أن مذهب المالكية أوسع المذاهب في إباحة الأطعمة والأشربة، لذا أستحسن إعطاء خلاصة عنه:


    المباح:

    يباح حال الاختيار أكلاً أوشرباً كل طعام طاهر، والحيوان البحري، ولو آدميه وخنزيره، وإن كان البحري ميتاً، والطير بجميع أنواعه ولو كان جلاَّلة (أي مستعملاً للنجاسة. والجلالة لغة: البقرة التي تستعمل النجاسة. والفقهاء يستعملونها في كل حيوان يستعملها.) ، أو ذا مخلب كالباز والعقاب والرخم، إلا الوطواط، فيكره أكله على الراجح، والنَّعَم (الإبل والبقر والغنم ولو جلالة)، والوحش غير المفترس كغزال وحمر وحش ويربوع، وخُلْد، ووَبْر (اليربوع: دابة قدر بنت عرس، رجلاها أطول من يديها. والخلد: فأر أعمى لا يصل للنجاسة. والوبر: فوق اليربوع كالأرنب يعتلف النبات والبقول، ودون السنور، طحلاء اللون أي بين البياض والغبرة) ، وأرنب، وقُنْفُذ، وضُرْبوب (القنفذ: أكبر من الفأر، كله شوك إلا رأسه وبطنه ويديه ورجليه، والضربوب: كالقنفذ في الشوك، إلا أنه قريب من خلقة الشاة. وأباح الحنابلة أكل اليربوع والوبر والضب والضبع ) ، وحية أمن سمها (أمن سمها لمستعملها، ويجوز أكلها بسمها لمن ينفعه ذلك لمرض.) إن ذكيت بحلقها.


    ويباح أيضاً هوام الأرض كخنفساء وبنات وَرْدان، وجندب ( بنت وردان: دويبة كريهة الرائحة، تألف الأماكن القذرة في البيوت، وهي ذات ألوان مختلفة وأرجل جانبية متعددة. والجندب: نوع من الجراد.) ، ونمل ودود وسوس.


    ويباح عصير ماء العنب أول عصره، وفُقَّآع، وعقيد وسوبيا (الفقاع: شراب يتخذ من القمح والتمر. والسوبيا: شراب يميل إلى الحموضة بما يضاف إليه من عجوة ونحوها. وعقيد: هو ماء العنب يغلى على النار حتى ينعقد ويذهب إسكاره. ويسمى بالرُّب الصامت.) أمن سكره.


    المحرم:


    ويحرم تناول النجس من جامد أو مائع ، والخنزير البري ، والبغل والفرس والحمار ، ولو كان حمارا وحشياً تأنس .

    والأرجح تحريم أكل الطين والتراب والعظام والخبز المحروق بالنار ، منعاً لأذى البدن.


    المكروه: ويكره سبع وضبع وثعلب وذئب، وهر ولو كان وحشياً، وفيل وفهد ودب ونمر ونمس (وتسمى كل تلك الحيوانات ما عدا الهر الوحوش المفترسة) ، وكلب إنسي على المعتمد. والأظهر كراهة أكل القرد والنسناس، والمشهور أن فأر البيوت الذي يصل إلى النجاسة يكره، فإن شك في وصوله لها، لم يكره، وإن لم يصل للنجاسة فهو مباح.


    لحم الجلالة:

    الجلالة كما عرفها الحنفية: هي التي تعتاد أكل الجيف والنجاسات فقط، ولا تخلط معها طعاماً غيره ويكون لها ريح منتنة. وهي عند غير الحنفية: هي التى أكثر طعامها النجاسة، وقد اختلف الفقهاء في حكم أكل لحمها.


    فأباح المالكية كما تقدم أكل لحم الجلالة.

    وكرهها مالك، وأحمد في رواية عنه والحنفية والشافعية ، وحرمها الحنابلة .


    وسبب اختلافهم معارضة القياس للأثر.

    أما الأثر فهو ما روى ابن عمر: «نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن غريب. ) وروى الخلال بإسناده عن عبد الله بن عمرو: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها، ولا يحمل عليها إلا الأدمُ (الجلود المدبوغة)، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة» .


    وأما القياس المعارض لهذا: فهو أن ما يرد جوف الحيوان ينقلب إلى لحم، فالمالكية القائلون بالحل نظروا إلى الانقلاب أو التحول إلى لحم، كانقلاب الدم لحماً.


    والحنابلة أخذوا بظاهر النهي المقتضي للتحريم، ولأن اللحم يتولد من النجاسة، فيكون نجساً، كرماد النجاسة. والحنفية والشافعية حملوا الحديث على الكراهة التنزيهية.


    وعبارة الحنفية: يكره لحم الجلالة ولبنها، كما يكره لحم الأتان ولبنها ولبن الخيل، وبول الإبل، وأجازه (أي بول الإبل ولحم الفرس) أبو يوسف للتداوي به.

    وتحبس الجلالة حتى يذهب نتن لحمها، وقدر بثلاثة أيام لدجاجة، وأربعة لشاة، وعشرة لإبل وبقر على الأظهر. ولو أكلت الجلالة النجاسة وغيرها بحيث لم ينتن لحمها، حلت، كما حل أكل جدي غذي بلبن خنزير؛ لأن لحمه لا يتغير، وما غذي به يصير مستهلكاً لا يبقى له أثر. وعليه: لا بأس بأكل الدجاج، لأنه يخلط أكل النجس مع غيره، ولا يتغير لحمه (وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل الدجاج. وما روي أن الدجاج يحبس ثلاثة أيام، ثم يذبح، فذاك على سبيل التنزه، لا أنه شرط ) .


    وعبارة الشافعية: يكره أكل الجلالة: وهي التي أكثر أكلها العَذِرَة (الغائط) من ناقة أو شاة، و بقرة، أو ديك، أو دجاجة؛ لحديث ابن عمر المتقدم: ولا يحرم أكلها، لأنه ليس فيها أكثر من تغيير لحمها، وهذا لا يوجب التحريم. فإن أطعم الجلالة طعاماً طاهراً لم يكره، لقول ابن عمر: «تعلف الجلالة علفاً طاهراً: إن كانت ناقة أربعين يوماً، وإن كانت شاة سبعة أيام، وإن كانت دجاجة ثلاثة أيام» .


    وعبارة الحنابلة: وتحرم الجلالة: وهي التي أكثر طعامها النجاسة، كما تحرم ألبانها وهي رواية عن أحمد، وفي رواية أخرى أنها مكروهة غير محرمة، وتزول الكراهة بحبسها اتفاقاً. واختلف في قدره فروي عن أحمد أنها تحبس ثلاثاً، سواء أكانت طائراً أم بهيمة. وروي عنه أيضاً: تحبس الدجاجة ثلاثاً، والبعير والبقرة ونحوهما يحبس أربعين ، ويكره ركوب الجلالة.

    ==========
    * الدر المختار
    *بداية المجتهد
    *الشرح الكبير
    *المهذب
    *المغنى
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:47 am

    حكم الأشربة
    اتفق العلماء على أن الأصل في الأشربة والأطعمة الإباحة، لقوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً} [البقرة:29/2] فكل ما نزل من السماء أو نبع من الأرض، أو عصر من التمر والزهر فهو حلال. واتفقت المذاهب (المفتى به ـ وهو رأي محمد ـ عند الحنفية، وغير الحنفية) على تحريم جميع الأشربة المسكرة، قليلها وكثيرها، نيئها ومطبوخها، سواء أكانت خمراً (وهي عصير العنب المتخمر) أم غيرها من الأشربة الأخرى المتخذة من الزبيب أو التمر أو العسل والتين، أو الحبوب كالقمح والشعير والذرة، ونحوها، ويحد كما سأوضح في بحث الحدود شارب القليل أو الكثير منها عند غير الحنفية، ولا يحد إلا بالسكر من الأشربة غير الخمر، أو بشرب القليل أو الكثير من الخمر عند الحنفية، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» (رواه مسلم والدارقطني عن ابن عمر).

    «أنهاكم عن قليل ما أسكر قليله»

    «ما أسكر كثيره، فقليله حرام» (روي عن تسعة من الصحابة ) .

    «إن من العنب خمراً، وإن من العسل خمراً، ومن الزبيب خمراً، ومن الحنطة خمراً، ومن التمر خمراً، وأنا أنهاكم عن كل مسكر» (رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن النعمان بن بشير ) .

    ويحرم جميع ما هو ضار من الأشربة كالسم وغيره، وكل ما هو نجس كالدم المسفوح والبول، ولبن الحيوان غير المأكول عدا الإنسان، وكل ما هو متنجس كالمائع الذي وقعت فيه نجاسة لما فيه من الضرر على الإنسان.

    ==========

    * الدر المختار
    * بداية المجتهد
    *الشرح الكبير
    *القوانين الفقهية
    * مغني المحتاج
    *المغني
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:47 am

    حالة الضرورة
    الضرورة نظرية متكاملة تشمل جميع أحكام الشرع، يترتب عليها إباحة المحظور، وترك الواجب.

    تعريف الضرورة وحكمها:

    هي الخوف على النفس من الهلاك علماً (أي قطعاً) أو ظناً. فلا يشترط أن يصبر حتى يشرف على الموت.


    وحكمها في المذاهب الأربعة :

    وجوب الأكل من المحرَّم، بمقدار ما يسد رمَقَه (أي بقية حياته)، ويأمن معه الموت، لقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد، فلا إثم عليه} [البقرة:173/2] وقوله: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195/2] وقوله: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء:29/4].

    فإن ترك الأكل والشرب حتى هلك، فقد عصى، لأن فيه إلقاء إلى التهلكة، وهو منهي عنه في محكم التنزيل، ولأنه قادر على إحياء نفسه بما أحله الله له، فلزمه، كما لو كان معه طعام حلال.


    بخلاف من امتنع عن التداوي حتى مات، لا يجب عليه، ولا يعصي بالترك، إذ لا يتيقن أن الدواء يشفيه. هذا وقد قرر الحنابلة أنه يجب على المضطر تقديم السؤال ، أي الاستجداء على أكل الميتة.


    وقيل عند البعض كأبي يوسف وأبي إسحاق صاحب المهذب وفي وجه عند الحنابلة: لا يجب على المضطر الأكل من الميتة أو لحم الخنزير، بل يباح لأنه له غرضاً في تركه، وهو أن يجتنب ما حرم عليه، وربما لم تطب نفسه بتناول الميتة، ولما روي عن عبد الله بن حذافة السَّهْمي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم : « أن طاغية الروم حبسه في بيت، وجعل معه خمراً ممزوجاً بماء، ولحم خنزير مشوي ثلاثة أيام، فلم يأكل ، ولم يشرب، حتى مال رأسه من الجوع والعطش، وخشوا موته، فأخرجوه، فقال : قد كان الله أحله لي، لأني مضطر، ولكن لم أكن لأشمتك بدين الإسلام » ولأن إباحة الأكل رخصة، فلا تجب عليه كسائر الرخص ، ولأن قوله تعالى: { وقد فصَّل لكم ماحَرَّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } [الأنعام:119/6] استثناء من التحريم، والاستثناء من التحريم حل أو إباحة كما يقرر الأصوليون.


    وبهذا يظهر أن الإضراب عن الطعام في السجون ونحوها، لا يحل إذا أدى إلى الموت، على كلا الرأيين السابقين.


    شروط الضرورة أو ضوابطها :

    ليس كل من ادعى الضرورة يسلَّم له ادعاؤه، أو يباح له فعل الحرام، وإنما لابد من توافر شروط أو ضوابط للضرورة، وهي ما يأتي :


    1ً - أن تكون الضرورة قائمة لا منتظرة في المستقبل، أي أن يحصل في الواقع خوف الهلاك على النفس أو المال بغلبة الظن بحسب التجارب، أو التحقق من خطر التلف، لو لم يأكل، ويكفي في ذلك الظن، كما في الإكراه على أكل الحرام، فلا يشترط فيه التيقن ولا الإشراف على الموت، بل لو انتهى إلى هذه الحالة لم يفد الأكل ولم يحل الأكل كما صرح الشافعية.


    2ً - أن يتعين على المضطر ارتكاب المحظور الشرعي أي ألا يكون هناك وسيلة أخرى من المباحات لدفع الخطر إلا تناول الحرام؛ لأن سبب استعمال المحرمات في حال الاضطرار هو ضرورة التغذي أعني إذا لم يجد شيئاً حلالاً يتغذى به. وهذا لاخلاف فيه.


    3ً - أن يتوافر عذر يبيح الإقدام على الحرام، كالحفاظ على النفس أو العضو بأن خاف التلف إما من جوع، أو يخاف إن ترك الأكل عجز عن المشي وانقطع عن الرفقة فيهلك، أو يعجز عن الركوب فيهلك، وبه يظهر أن كل ما يبيح التيمم ـ كماصرح الشافعية والحنابلة ـ يبيح تناول الحرام أو ارتكاب المحظور، فيعتبر خوف حصول الشين الفاحش في عضو ظاهر كخوف طول المرض، كل منهما يبيح الأكل من المحرمات.


    4ً - ألا يخالف المضطر مبادئ الإسلام، فلا يحل الزنا والقتل والكفر والغصب بأي حال؛ لأنها مفاسد في ذاتها، وإن كان يرخص حال الإكراه في الكفر باللسان مع اطمئنان القلب بالإسلام، كما يرخص بأخذ طعام الغير ولو قهراً إذا لم يكن هو أيضاً مضطراً إليه. وبه يظهر أن الإباحة تختلف عن الرخصة؛ لأن الإباحة تقلب الحرام حلالاً، وتزيل عنه صفة الحرمة، وأما الرخصة فتمنع الإثم ويظل الفعل حراماً.


    ولا يباح أصلاً قتل آدمي وأكله، كما لايباح عند الجمهور غير الشافعية أكل آدمي ميت، كما سأبين، ويحرم على الراجح عند أئمة المذاهب الأربعة تناول الخمر إلا لإزالة غُصة عند عدم مايسيغها به من غيرها، ولايحل عند المالكية تناول شيء من الدم أو العَذِرة، أو ضالة الإبل.


    5ً - أن يقتصر في رأي الجمهور على الحد الأدنى أو القدر اللازم لدفع الضرر، كما سأوضح؛ لأن إباحة الحرام ضرورة، والضرورة تقد ر بقدرها.


    6ً - أن يصف المحرم ـ في حال ضرورة الدواء ـ طبيب عدل ثقة في دينه وعلمه، وألا يوجد من غير المحرَّم علاج آخر، يقوم مقامه.


    ولا يتقيد الاضطرار بزمن مخصوص لاختلاف الأشخاص في ذلك .


    هل تشمل الضرورة حالة السفر والحضر جميعاً؟

    تباح المحرمات عند الاضطرار إليها في الحضر والسفر جميعاً؛ لأن آية الضرورة { فمن اضطر } [البقرة:173/2] مطلقة غير مقيدة بحالة معينة من هاتين الحالتين، وهو لفظ عام في حق كل مضطر، ولأن الاضطرار يكون في الحضر في سنة المجاعة العامة، وسبب الإباحة: الحاجة إلى حفظ النفس عن الهلاك، وهو عام في الحالين .


    وهذا باتفاق المذاهب الأربعة، ولم يميز الحنفية بين السفر المقصود به أصلاً المعصية، أو طروء المعصية في أثناء سفر مباح. وهو الراجح عند الحنابلة كما في الحاشية .

    والمشهور من مذهب مالك : أن المضطر يجوز له الأكل من الميتة ونحوها في سفر المعصية ،ولايجوز له القصر والفطر لقوله تعالى: { غير باغ ولا عاد } [البقرة:173/2].

    وفرق المالكية في المشهور والشافعية والحنابلة بين المعصية بالسفر، والمعصية في السفر أي أثنائه. فمن أنشأ سفراً يعتبر في ذاته معصية كالمرأة الناشز، وقاطع الطريق، والمسافر لظلم الناس، لايباح له الأكل من الميتة، أو استعمال الرخص الشرعية؛ لأن الرخص لاتناط بالمعاصي، ولقوله تعالى: { فمن اضطر غير باغ ولا عاد، فلا إثم عليه } [البقرة:173/2] قال مجاهد: غير باغ على المسلمين ولا عاد عليهم.


    ومن سافر سفراً مباحاً، وعصى أثناء سفره، كأن شرب الخمر، فهو عاص في سفره، تباح له الرخص الشرعية، لأنها منوطة بالسفر، ونفس السفر ليس معصية، ولا إثم به.

    ==========
    *فتح القدير
    *بداية المجتهد
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:47 am

    جنس الشيء المستباح للضرورة
    يستباح للضرورة في المذاهب الأربعة كل شيء محرم، يرد جوعاً أو عطشاً، كالميتة من كل حيوان والخنزير وطعام الغيرونحوه .


    واستثنى الحنابلة السم ونحوه مما يضر.


    واستثنى المالكية الآدمي والدم والخنزير والأطعمة النجسة كالعذرة والأشربة النجسة إلا الخمر، لإزالة الغُصة، ولا تباح لجوع ولا لعطش لأنها لا تدفعه، وقيل: تباح، ولا يحل التداوي بها ولو لخوف الموت في المشهور.


    كما استثنوا ضالة الإبل، إلا إن تعينت عند انفرادها، وتقدم عليها الميتة عند وجودهما.

    واتفق أئمة المذاهب على أنه لا يباح قتل إنسان مسلم أو كافر معصوم أو إتلاف عضو منه لضرورة الأكل، لأنه مُثلة، فلا يجوز أن يبقي نفسه بإتلافه. فلا يباح إذن الإنسان الحي. كما لا يباح الأكل من الإنسان الميت عند الجمهور غير الشافعية، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «كسر عظم الميت ككسره حياً» (رواه أحمد في مسنده، وأبو داود ، وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها. ) . وإن قال شخص لآخر


    مثلاً: اقطع يدي وكلها، لا يحل؛ لأن لحم الإنسان لا يباح في الاضطرار لكرامته.


    وأجاز الشافعية للمضطر أكل آدمي ميت إذا لم يجد ميتة غيره؛ لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، إلا إذا كان الميت نبياً، فإنه لا يجوز الأكل منه قطعاً، أو كان الميت مسلماً والمضطر كافراً، فإنه لا يجوز له الأكل منه لشرف الإسلام. وقال الخطيب الشربيني شارح المنهاج: بل لنا وجه: أنه لا يجوز أكل الميت المسلم، ولو كان المضطر مسلماً. وبهذه الاستثناءات اقترب الشافعية من غيرهم.


    وأجاز الحنابلة أكل الآدمي غير المعصوم أي مباح الدم كالحربي والمرتد والزاني المحصن والقاتل في المحاربة .


    كذلك أجاز الشافعية والحنابلة للمضطر قتل حربي ومرتد وأكله، ولا يجوز له قطع بعض أعضائه، لأنهما ـ أي في حالة القتل ـ غير معصومين، فيباح قتلهما، إذ لا حرمة لهما، فكانا بمنزلة السباع، وللمضطر أكله بعد موته، لعدم حرمته.


    وللمضطر أيضاً عندهم (الشافعية والحنابلة) قتل الزاني المحصن، والمحارب (قاطع الطريق) ومن عليه قصاص، وإن لم يأذن الإمام في القتل؛ لأن قتلهم مستحق، وإنما يعتبر إذن الإمام في غير حال الضرورة تأدباً معه، وحال الضرورة ليس فيها رعاية أدب.


    ولا يجوز للمضطر قتل ذمي ومستأمن ومعاهد، لحرمة قتلهم. والأصح له حل قتل صبي حربي وامرأة حربية، لأنهما ليسا بمعصومين، ومنع قتلهما في غير الضرورة لا لحرمتهما، بل لحق الغانمين.

    ==========
    *فتح القدير
    *الشرح الصغير
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:48 am

    التداوي بالخمر
    قال أئمة المذاهب الأربعة : يحرم على الراجح الانتفاع بالخمر وسائر المسكرات للمداواة وغيرها، كاستخدامها في دُهن أو طعام أو إذابة دواء أو بَلَّ طين، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» (رواه البخاري عن ابن مسعود.) ،وروى طارق ابن سويد أنه سأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه، أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء؟ فقال: «إنه ليس بدواء، ولكنه داء» (رواه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والترمذي وصححه) .


    لكن قال الحنفية : يجوز التداوي بالمحرم إن علم يقيناً أن فيه شفاء، ولا يقوم غيره مقامه، أما بالظن فلا يجوز. وقول الطبيب لا يحصل به اليقين. ولايرخص التداوي بلحم الخنزير، وإن تعين.


    وقيد الشافعية حرمة التداوي بالخمر إذا كانت صرفاً، غير ممزوجة بشيء آخر تستهلك فيه. أما الترياق المعجون بها ونحوه مما تستهلك فيه، فيجوز التداوي به عند فقد ما يقوم به، مما يحصل به التداوي من الطاهرات، كالتداوي بنجس كلحم حية وبول. وكذا يجوز التداوي بما ذكر لتعجيل شفاء بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك، أو معرفته للتداوي به.

    وبشرط أن يكون القدر المستعمل قليلاً لايسكر.


    قال العز بن عبد السلام : جاز التداوي بالنجاسات إذا لم يجد طاهراً يقوم مقامها؛ لأن مصلحة العافية والسلامة أكمل من مصلحة اجتناب النجاسة، ولا يجوز التداوي بالخمر على الأصح إلا إذا علم أن الشفاء يحصل بها، ولم يجد دواء غيرها.


    وأبان ابن العربي والقرطبي المالكيان أنه يجوز الانتفاع بالخمر للضرورة،
    لقوله تعالى : {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} [البقرة:173/2] فرفعت الضرورة التحريم، وخصصت الضرورة الحرام؛ لأن إهمال تعاطي الدواء قد يسبب الوفاة.


    شرب الخمر حالة العطش :

    أجاز جمهور الفقهاء شرب الخمر عند ضرورة العطش أو الغصص أو الإكراه قدر ما تندفع به الضرورة؛ لأن الحفاظ على الحياة يقتضي إباحة كل ما يطفئ الظمأ.


    وقيد الحنابلة شرب الخمر لضر ورة العطش بما إذا كانت ممزوجة بما يروي من العطش، فتباح حينئذ فقط. فإن شربها صرفاً أو ممزوجة بشيء يسير لا يروي من العطش، لم يبح له ذلك، وعليه عقوبة الحد المقررة.

    ==========
    *فتح القدير
    *الشرح الصغير
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:48 am

    كيفية ترتيب الأفضلية بين مطعومات الضرورة
    إذا وجد المضطر ميتة وطعاماً لغيره وصيداً لمحرم أو مأكولاً غير مذبوح، فهل يقدم الميتة أو غيرها؟ للفقهاء رأيان:


    1 - قال الجمهور (الحنفية، والشافعية في المعتمد عندهم، والحنابلة) : إنه يأكل الميتة؛ لأن أكل الميتة ثبت بالنص، وطعام الغير أو إباحة الصيد ثبت بالاجتهاد، والأخذ بالمنصوص عليه أولى، ولأن الميتة لا تبعة فيها لأحد من الناس في الدنيا ولا في الآخرة، فكان أكلها أخف من أكل طعام الغير، إذ حقوق الناس مبنية على التشديد، وحق الله تعالى أوسع. ولو حصل ضرر بأكل الميتة يرجى الشفاء منه بالمداواة. ويجب عند الحنابلة تقديم السؤال على آكل الميتة.


    وإن وجد المحرم صيداً حياً وميتة، أكل الميتة؛ لأن ذبح الصيد جناية لا تجوز له حال الإحرام. فإن لم يجد المضطر ميتة، ذبح الصيد وأكله.


    وإن لم يجد المضطر شيئاً يأكله، لم يبح له عند الحنابلة أكل بعض أعضائه؛ لأن أكله من نفسه ربما قتله، فيكون قاتلاً لنفسه، ولا يتيقن حصول البقاء بأكل جزء من جسده.


    وقال النووي في المنهاج : الأصح جواز قطع بعضه، لا كله، لأنه إتلاف بعضه لاستبقاء كله.

    وشرط الجواز أمران: أحدهما ـ فقد الميتة ونحوها.

    والثاني ـ أن يكون الخوف في قطعه أقل من الخوف في ترك الأكل. فإن كان مثله أو أكثر، حرم جزماً. كما يحرم جزماً على شخص قطع بعض نفسه لغيره من المضطرين؛ لأن قطعه لغيره ليس فيه قطع البعض لاستبقاء الكل. ويحرم على مضطر أيضاً أن يقطع لنفسه قطعة من حيوان معصوم.


    2- وقال المالكية : تقدم الميتة وجوباً على أكل لحم الخنزير، لأنه حرام لذاته، وحرمة الميتة عارضة، كما تقدم الميتة للمضطر المحرم على الصيد الحي الذي صاده المحرم أو أعان عليه، ما لم تكن الميتة متغيرة يخاف على نفسه من أكلها، وإلا قدم الصيد المذكور. فإن كان المضطر حلالاً قدم صيد المحرم على الميتة.


    ويقدم طعام الغير ندباً، لا وجوباً على أكل الميتة، إن لم يخف الأذى من قطع عضو، أو ضرب ونحوه؛ لأن الطعام طاهر، ولأن الغالب أن الإنسان يبذل طعامه للمضطر ولا يتلكأ في ذلك. وهذا المذهب هو المعقول، بل إني أرى وجوب تقديم طعام الغير على أكل الميتة، دفعاً للضرر.


    قال ابن كثير : إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير بحيث لا ضرر فيه ولا أذى، فإنه لا يحل له أكل الميتة، بل يأكل طعام الغير بغير خلاف .( تفسير ابن كثير لكن هناك خلاف فى المسألة )


    ===========
    *بداية المجتهد
    *الشرح الصغير
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:48 am

    حكم استعمال هذه المحرمات
    والأصل في هذا الباب قوله تعالى {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} والنظر في هذا الباب في السبب المحلل وفي جنس الشيء المحلل وفي مقداره.

    فأما السبب، فهو ضرورة التغذي: أعني إذا لم يجد شيئا حلالا يتغذى به، وهو لا خلاف فيه. وأما السبب الثاني طلب البرء، وهذا المختلف فيه؛ فمن أجازه احتج بإباحة النبي عليه الصلاة والسلام الحرير لعبد الرحمن بن عوف لمكان حكة به؛ ومن منعه فلقوله عليه الصلاة والسلام "إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها". وأما جنس الشيء المستباح فهو كل شيء محرم مثل الميتة وغيرها.

    والاختلاف في الخمر عندهم هو من قبل التداوي بها لا من قبل استعمالها في التغذي، ولذلك أجازوا للعطشان أن يشربها إن كان منها ري، وللشرق أن يزيل شرقه بها. وأما مقدار ما يؤكل من الميتة وغيرها فإن مالكا قال: حد ذلك الشبع والتزود منها حتى يجد غيرها؛ وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يأكل منها إلا ما يمسك الرمق، وبه قال بعض أصحاب مالك.

    وسبب الاختلاف هل المباح له في الاضطرار هو جميعها؟ أم ما يمسك الرمق فقط؟ والظاهر أنه جميعها لقوله تعالى {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} واتفق مالك والشافعي على أنه لا يحل للمضطر أكل الميتة إذا كان عاصيا بسفره لقوله تعالى {غير باغ ولا عاد} وذهب غيره إلى جواز ذلك.

    =======
    المصدر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:48 am

    مقدار الجائز تناوله للضرورة
    هل يقتصر المضطر من تناول الحرام كالميتة على مقدار دفع الضرر، أو يباح له الشبع؟

    رأيان للفقهاء:


    1 - قال الجمهور (الحنفية، والأظهر عند الشافعية، وأصح الروايتين عند الحنابلة، وبعض المالكية كابن الماجشون وابن حبيب) : يأكل المضطر للغذاء، ويشرب للعطش، ولو من حرام أو ميتة و مال غيره، مقدار ما يدفع الهلاك عن نفسه أو يؤمن معه الموت: وهو مقدار ما يتمكن به من الصلاة قائماً، ومن الصوم، وهو لقيمات معدودة، ويمتد ذلك من حالة عدم القوت إلى حالة وجوده ؛ لقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولاعاد، فلا إثم عليه} [البقرة:173/2] (أي غير متجاوز حد الضرورة، ولا باغ في الأكل بما يزيد عن حاجته.)

    ولأن (ما جاز للضرورة يتقدر بقدرها) ويكون المضطر بعد سد الرمق غير مضطر، فلم يحل له الأكل، فيصير بعد سد رمقه كما كان قبل أن يضطر، وحينئذ لم يبيح له الأكل، فكذا بعد زوال حالة الضرورة.


    2 - وقال المالكية على المعتمد : يجوز للمضطر التناول من الحرام حتى يشبع، وله التزود (ادخار الزاد) من الميتة ونحوها، إذا خشي الضرورة في سفره، فإذا استغنى عنها طرحها، لأنه لا ضرر في استصحابها، ولا في إعدادها لدفع ضرورته وقضاء حاجته، ولكن لا يأكل منها إلا عند ضرورته.


    ودليلهم أن الضرورة ترفع التحريم، فتعود الميتة جميعها ونحوها مباحة لظاهر قوله تعالى: { فمن اضطر غير باغ ولا عاد } [البقرة:173/2]. ومقدار الضرورة إنما هو في حالة عدم القوت إلى حالة وجوده، ولأن كل طعام يباح، جاز أن يأكل منه الإنسان قدر سد الرمق، جاز له أن يشبع منه كالطعام الحلال.


    هذا إذا كانت المخمصة نادرة في وقت ما، فإن كانت المجاعة عامة مستمرة، فلا خلاف بين العلماء في جواز الشبع من الميتة ونحوها من سائر المحظورات.


    ويتفق الشافعية، والحنابلة في أصح الروايتين مع المالكية في جواز التزود من المحرَّمات، ولو رجا الوصول إلى الحلال. ويبدأ وجوباً بلقمة حلال ظفر بها، فلا يجوز له أن يأكل من الحرام حتى يأكلها لتتحقق الضرورة.


    وصرح الشافعية: لو عمَّ الحرام الأرض بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادراً، جاز استعمال ما يحتاج إليه، ولا يقتصر على الضرورة، بل على الحاجة. وعلل العز بن عبد السلام جواز تناول الحرام حينئذ، دون أن يقتصر على الضرورات بقوله: لأن المصلحة العامة كالضرورة الخاصة.


    ==========

    * بداية المجتهد
    * الشرح الكبير
    *قواعد الأحكام
    *مغني المحتاج
    * المغني
    * الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:48 am

    حكم أخذ طعام قهراً للضرورة
    لا خلاف بين الفقهاء في أنه يجب على مالك الطعام أو المال، إذا لم يكن مضطراً إليه في الحال، أن يبذله إلى المحتاج إليه بقيمته، ليدفع عنه أذى الجوع أو العطش أو الحر أو البرد أو الضرر الذي قد يلحق به. فإن امتنع أو طلب أكثر من ثمن المثل، فيجوز قتاله ولو كان مسلماً؛ لأخذه جبراً عنه؛ لأن المسلمين متكافلون متعاونون على السراء والضراء، قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة:2/5]، ولأن امتناع مالك المال أو الطعام من بذله للمضطر إليه إعانة على قتله، وقد ورد: «من أعان على قتل امرئ مسلم، ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه:آيس من رحمة الله » ( رواه ابن ماجه عن أبي هريرة، وهو حديث ضعيف.)

    وقد ذم الله على منع ذلك مطلقاً بقوله تعالى: {ويمنعون الماعون} [الماعون:7/107].


    ولا يجوز للمضطر في هذه الحالة أن يأكل الميتة، لأنه غير مضطر، والتزامه بدفع قيمة الطعام أمر مقرر شرعاً؛ لأن الإباحة للاضطرار لا تنافي الضمان .

    وتنص القاعدة: ( الاضطرار لا يبطل حق الغير ).


    وأما في حال المجاعة العامة فلا يلزم المرء ببذل الطعام للمضطرين؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر.

    ==========

    *رد المحتار
    * الشرح الكبير
    * مغني المحتاج:
    *المهذب
    *المغني
    *الفقه اإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:49 am

    حالات خاصة للضرورة أو الحاجة
    هناك حالات خاصة بالمار ببستان الغير والأكل من الزرع أو الفاكهة، والمار بماشية الغير، هل يجوز التناول منه أو لا؟

    1 ً ـ الأكل من ثمار البساتين :

    من مر في طريقه ببستان فيه أشجار مثمرة، فله أن يأكل من فاكهته الرطبة ولو كان هناك حائط عند الضرورة بشرط الضمان أي دفع القيمة.

    فإن لم يكن هناك ضرورة للأكل، فلا يجوز للمار عند جمهور الفقهاء أن يأخذ منه شيئاً بغير إذن صاحبه، كما لا يجوز له أن يحمل معه شيئاً؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم : «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه» (رواه الحاكم وابن حبان في صحيحهما عن أبي حميد الساعدي بلفظ) وقوله عليه السلام: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا» ( رواه البخاري ومسلم. وروى مسلم عن أبي هريرة) وهذا الرأي أنزه وأورع وأحوط ديناً.


    وقال الحنابلة ( : يجوز في حال الجوع والحاجة لمن مر بثمرة أن يأكل منها، ولا يحمل. قال أحمد: إذا لم يكن للبستان حائط، يأكل الإنسان منها إذا كان جائعاً، وإذا لم يكن جائعاً، فلا يأكل. وقد فعله غير واحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم فإذا كان عليه حائط لم يأكل، لأنه قد صار شبه الحريم، ولقول ابن عباس: «إن كان عليها حائط فهو حريم، فلا تأكل، وإن لم يكن عليها حائط، فلا بأس» ، ولأن إحراز الثمار بالحائط يدل على شح صاحبه به، وعدم المسامحة فيه.


    والدليل على جواز الأكل للحاجة في حال عدم وجود حائط للبستان قوله صلّى الله عليه وسلم : «ما أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خُبْنة (الخبنة: ما تحمله في حضنك.) ، فلا شيء عليه، ومن أخرج منه شيئاً، فعليه غرامة مثليه، والعقوبة» ( رواه الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم.)

    وقوله أيضاً: «إذا أتيت على حائط ـ أي بستان ـ فناد صاحب البستان ثلاثاً، فإن أجابك ، وإلا فكل، من غير أن تفسد» ( رواه أحمد وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري، ورجاله ثقات. وروى سعيد عن الحسن عن سمرة مثله.) . وروي عن أبي زينب التميمي، قال: «سافرت مع أنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة وأبي بردة، فكانوا يمرون بالثمار، فيأكلون في أفواههم» وهو قول عمر وابن عباس وأبي بردة، قال عمر: «يأكل ولا يتخذ خبنة» .


    وهناك رواية أخرى عن الإمام أحمد أنه أجاز الأكل من ثمار البساتين غير المحوطة مطلقاً، سواء أكان المار جائعاً، أم لا. جاء في متن الإقناع وكشاف القناع : من مر بثمر على شجر بستان، أو مر بثمر ساقط تحت الشجر، لا حائط عليه، ولا ناظر(حافظ) ولو كان المار به غير مسافر ولا مضطر، فله أن يأكل منه مجاناً، ولو لغير حاجة إلى أكله، وكذا لو أكله من غصونه من غير رميه بشيء ولا ضربه، ولا صعود شجرة، لحديث الخدري السابق: «إذا أتيت حائط بستان..» . والحقيقة أن هذا كان سائداً بحسب العرف القائم بين الناس، فإنهم كانوا يتسامحون عادة في الأكل للمار، وفي تناول الثمار الساقطة بلا إذن صاحبها، إلا إذا كان قائماً بالتقاطها، أو نهى الناس عن التناول منها .

    2 ً ـ الأكل من الزرع :


    روي عن أحمد روايتان فيمن مر بزرع الغير، فأراد الأكل منه ، أي للحاجة:


    إحداهما ـ قال: لا يأكل، إنما رخص في الثمار ليس في الزرع، وقال: ما سمعنا في الزرع أن يمس منه. والفرق بين الثمر والزرع: أن الثمار خلقها الله تعالى للأكل رطبة، والنفوس تتوق إليها، أما الزرع فهو بخلاف ذلك.

    والثانية ـ قال: يأكل من الفريك؛ لأن العادة جارية بأكله رطباً، فأشبه الثمر.

    قال ابن قدامة: والأولى في الثمار وغيرها ألا يأكل منها إلا بإذن صاحبها لما فيه من الخلاف والأخبار الدالة على التحريم.

    3 ً ـ حلب ماشية الغير :


    عن أحمد أيضاً روايتان في حلب لبن الماشية :


    إحداهما ـ يجوز ـ أي للمحتاج ـ أن يحلب ويشرب من ماشية الغير، ولكن لا يحمل معه شيئاً، لحديث سمرة: «إذا أتى أحدكم على ماشية، فإن كان فيها صاحبها، فليستأذنه، فإن أذن، فليحلب وليشرب، وإن لم يكن فيها، فليصوت ثلاثاً، فإن أجابه أحد، فليستأذنه، وإن لم يجبه


    أحد، فليحلب وليشرب، ولايحمل» .


    والثانية ـ لا يجوز له أن يحلب ولا يشرب، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته، فتكسر خزانته، فَيُنْتَقَل ُطعامه، فإنما تَخْزُن ُلهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه» ، وفي لفظ: «فإن ما في ضروع مواشيهم، مثل ما في مشاربهم» .(رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح) .

    ============

    *فتح القدير
    *الشرح الصغير
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:50 am

    آداب الطعام والشراب
    ورد في السنة آداب كثيرة للطعام والشراب منها ما يأتي :


    يسن للأكل أو الشرب البسملة عند أول الطعام ،

    والحمدلة آخره، وللأكل غسل اليدين قبله وبعده بأن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فإن نسي البسملة فليقل: بسم الله على أوله، وعلى آخره. ويرفع الصوت بها لتلقين من معه، ولا يرفع بالحمد إلا إذا فرغ الحضور من الأكل، فيقول: «الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه»
    أو : «الحمد لله الذي أطعمني وسقاني من غير حول مني ولا قوة» .

    ويستحب الأكل والشرب باليمين، ودليل ما سبق قول النبي صلّى الله عليه وسلم لعمر بن أبي مسلمة: «بسم الله ، وكل بيمينك، وكل مما يليك» (البخاري.)

    وقوله عليه السلام: «إذا أكل أحدكم، فليأكل بيمينه، وإذا شرب، فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله» ( رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه عن ابن عمر ) .


    والأكل مما يليه من موضع واحد، إلا أن يكون طبقاً فيه ألوان الثمار، فيأكل من حيث شاء، لأنه ألوان، كما ورد في الأثر.

    ويستحب الأكل بثلاث أصابع لما ثبت عن النبي (رواه أحمد عن كعب بن مالك.) .والتقليل من الأكل فيجعل ثلثاً للطعام، وثلثاً للشراب، وثلثاً للنَّفَس. وترك التبسط في الطعام، كما هو خلُق السلف. وألا يأكل متكئاً (روى الجماعة إلا مسلماً والنسائي عن أبي جحيفة) ، وقال الحنفية: لا بأس به. وألا ينفخ في الطعام ولا في الشراب، ولا يتنفس في الإناء.

    وأن يوافق من يأكل معه في تصغير اللقم، وإطالة المضغ، والتمهل في الأكل، وألا يشرب من فم الإناء. ويجوز الشرب قائماً، والأفضل القعود. وإذا كان جماعة يدار عليهم ماء الشرب، يأخذ بعد الأول: الأيمن فالأيمن.


    ويسن تناول الحلو من الأطعمة، وكثرة الأيدي على الطعام، وإكرام الضيف، والحديث الحسن القليل على الأكل، ويكره السكوت، لأنه تشبه بالمجوس.


    ويكره ذم الطعام إذا كان الطعام لغيره، لما فيه من الإيذاء، فإن كان له فلا.


    ويسن أن يأكل من أسفل الصحفة، ويكره من أعلاها، أو وسطها، فإن البركة تنزل في وسطها .

    ومن السنةالبداءة بالملح والختم به؛ لأن فيه شفاء من سبعين داء. ويبسط رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ولا يأكل الطعام حاراً، ولا يشمه.

    ============
    *الدر المختار
    *الشرح الكبير
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *نيل الأوطار
    *الفقه الإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:50 am

    إجابة الولائم و حكم شهود موائد المنكر
    إجابة الوليمة مشروعة، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «شر الطعام: طعام الوليمة، يُمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لا يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله» (رواه مسلم عن أبي هريرة، ورواه الباقون إلا الترمذي موقوفاً عن أبي هريرة )

    ولا خلاف في أن وليمة العرس سنة مشروعة لقول النبي صلّى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف حين تزوج: «أولم ولو بشاة» ( رواه مالك وأحمد وأصحاب الكتب الستة عن أنس بن مالك) .

    والمنصوص لدى أصحاب الشافعي أنها واجبة، لهذا الحديث.

    ومنهم من قال: هي مستحبة، لأنه طعام لحادث سرور، فلم تجب كسائر الولائم. وهذا قول أكثر العلماء .


    وإجابة الدعوة سنة عند الحنفية (1) ، وتجب الإجابة إذا لم يكن فيها منكر أو لهو عند الشافعية والحنابلة (2) وتجب الإجابة لوليمة النكاح عند المالكية وفاقاً للشافعية والحنابلة (3) ، وتستحب إجابة ما يفعله الرجل بخواص إخوانه تودداً. وتجوز إجابته كدعوة العقيقة، وتكره إجابته: وهو ما يفعل للفخر والمباهاة. وتحرم إجابته: وهو ما يفعله الرجل لمن تحرم عليه هديته كالغريم (الدائن)، وأحد الخصمين للقاضي. وهذا تفصيل حسن لدى المالكية.
    والمستحب لمن فرغ من الطعام أن يدعو لصاحب الطعام، لما روى ابن ماجه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، قال: «أفطر رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فقال: أفطر عندكم الصائمون، وصلت عليكم الملائكة، وأكل طعامكم الأبرار» .


    مانع المنكر من إجابة الدعوة :

    إن علم المدعو بوجود منكر كلعب وغناء وملاهٍ ونصب تماثيل وصور مجسمة على الحيطان أو الأستار أو الوسائد، قبل حضوره، فلا يحضر، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخمر والخنزير والخزَّ والمعازف» (أخرجه البخاري وأبو داود عن عبد الرحمن بن غُنْم ) .

    وفي لفظ: «ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات ، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير » (رواه ابن ماجه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري) .



    وإن حضر المدعو، ففوجئ بالمنكر: فإن كان على المائدة كالخمر، فلا يقعد، لقوله تعالى: {فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} [الأنعام:68/6].


    وروى أبو داود وابن ماجه والحاكم عن ابن عمر: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه» .


    وإن كان في المنزل، لا على المائدة الجالس عليها:


    فإن قدر على المنع، منعهم، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري) .

    وإن لم يقدر على المنع: فإن كان قدوة، خرج ولم يقعد؛ لأن في ذلك شين الدين، وفتح باب المعصية على المسلمين.


    وإن لم يكن قدوة، صبر، وقعد، وأكل، ولا يخرج؛ لأن إجابة الدعوة سنة .


    ==========

    *فتح القدير
    *الشرح الصغير
    *مغني المحتاج
    *المغني
    * نيل الأوطار
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:50 am

    حكم الأشربة
    اتفق العلماء على أن الأصل في الأشربة والأطعمة الإباحة، لقوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً} [البقرة:29/2] فكل ما نزل من السماء أو نبع من الأرض، أو عصر من التمر والزهر فهو حلال.

    واتفقت المذاهب (المفتى به ـ وهو رأي محمد ـ عند الحنفية، وغير الحنفية) على تحريم جميع الأشربة المسكرة، قليلها وكثيرها، نيئها ومطبوخها، سواء أكانت خمراً (وهي عصير العنب المتخمر) أم غيرها من الأشربة الأخرى المتخذة من الزبيب أو التمر أو العسل والتين، أو الحبوب كالقمح والشعير والذرة، ونحوها، ويحد كما سأوضح في بحث الحدود شارب القليل أو الكثير منها عند غير الحنفية، ولا يحد إلا بالسكر من الأشربة غير الخمر، أو بشرب القليل أو الكثير من الخمر عند الحنفية، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» ( رواه مسلم والدارقطني عن ابن عمر) «أنهاكم عن قليل ما أسكر قليله»

    «ما أسكر كثيره، فقليله حرام»(روي عن تسعة من الصحابة)

    «إن من العنب خمراً، وإن من العسل خمراً، ومن الزبيب خمراً، ومن الحنطة خمراً، ومن التمر خمراً، وأنا أنهاكم عن كل مسكر» (رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن النعمان بن بشير) .


    ويحرم جميع ما هو ضار من الأشربة كالسم وغيره، وكل ما هو نجس كالدم المسفوح والبول، ولبن الحيوان غير المأكول عدا الإنسان، وكل ما هو متنجس كالمائع الذي وقعت فيه نجاسة لما فيه من الضرر على الإنسان.
    ==========

    *الدر المختار
    * بداية المجتهد
    * الشرح الكبير والدسوقي
    * مغني المحتاج
    * المغني
    *الفقه الإسلامى وأدلته

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:50 am

    خلط الخمر بغيرها
    يحرم بالاتفاق شرب الماء الممزوج بالخمر، لما فيه من ذرات الخمر، ويعزَّر الشارب، ويجب الحد إن كانت الخمر أكثر من الماء، لبقاء اسم الخمر ومعناها. كما يحرم شرب الخمر المطبوخة؛ لأن الطبخ لا يحل حراماً، ولو شربها يجب الحد، لبقاء اسم الخمر ومعناها .


    ويكره تحريماً عند الحنفية أكل الخبز المعجون بالخمر، لوجود ذرات الخمرفيه، وفيه التعزير. ويحرم ذلك عند غير الحنفية، ولا حد فيه عند الكل، والخلاف في التسمية والاصطلاح فقط. فما ثبت بدليل ظني كالقياس وخبر الآحاد يسميه الحنفية مكروهاً تحريماً يعاقب فاعله، والجمهور يسمونه حراماً.

    ويكره تحريماً أيضاً عند الحنفية الاحتقان بالخمر (بأخذها حقنة شرجية) أو جعلها في سَعُوط (ما يصب في الأنف من دواء ونحوه)؛ لأنه انتفاع بالمحرَّم النجس، ولكن لا يجب الحد، لأن الحد مرتبط بالشُّرْب.

    كذلك لا يحد بالاحتقان والسَّعُوط عند الشافعية والمالكية. ولا يحد بالاحتقان بالخمر عند الحنابلة، لكن يحد إن استعط به، لأنه أوصله إلى باطنه من حلقه .

    ويكره تحريماً عند الحنفية شرب دُرْدِي الخمر ( أي كدره أو عكره، ودردي الشيء: مايبقى أسفله. فالمراد به: مافي أسفل وعاء الخمر من عكر.) ، والامتشاط به، ليزيد بريقَ الشَّعَر؛ لأن فيه ذرات الخمر المتناثرة فيه، وقليله ككثيره، للأحاديث المتقدمة. ولكن لا يحد شاربه إلا إذا سكر منه، لأنه لا يسمى خمراً.



    وقال غير الحنفية : يحرم شرب دردي الخمر، ويحد به، لأنه خمر بلا شك.

    الأدوية السامة: قال الحنابلة في الأصح: ما فيه السموم من الأدوية: إن كان الغالب من شربه واستعماله الهلاك به أو الجنون، لم يبح شربه. وإن كان الغالب منه السلامة، ويرجى منه المنفعة، فالأولى إباحة شربه، لدفع ما هو أخطر منه كغيره من الأدوية، ولأن كثيراً من الأدوية يخاف منه، وقد أبيح لدفع ما هو أضر منه.

    المخدرات:

    تحرم جميع المخدرات وهي كل ما يضر بالجسم والعقل كالبنج والأفيون والحشيشة ونحوها، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتِّر» (أخرجه أحمد وأبو داود) ولما فيها من الإضرار بالعقل والجسم، ولما تؤدي إليه من تعطيل الأعمال والكسل والاسترخاء والخمول.


    ما يستثنى من حكم المسكرات والمخدرات: يباح تناول شيء من المسكر للضرورة كإزالة اللقمة بالغصة إذا لم يوجد شراب آخر غير الخمر، ويباح التداوي بالأدوية الممزوجة بالكحول للضرورة أو الحاجة إذا لم يتوافر دواء آخر سواها. ويحل استعمال المخدر في العمليات الجراحية وتسكين الآلام الشديدة بحقنة أو شرب أو ابتلاع للضرورة.


    غير المسكر: يحل شرب كل الأشربة غير المسكرة؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة.


    لكن يكره تحريماً من غيرالمسكر :

    المنصَّف:

    وهو ما يعمل من تمر ورطب، والخليطان: وهو ما يعمل من بُسْر ورطب، أو تمر وزبيب، ما لم يغل، أو لم تأتِ عليه ثلاثة أيام، فإن قصرت المدة، فلا كراهة. فيباح الانتباذ (طرح التمر أو الزبيب أو الحبوب في الماء) إذا بقي مدة يسيرة كيوم أو ليلة ونحوها بحيث لا يحتمل توقع الإسكار فيها، بدليل ما روى أحمد ومسلم وأبو داود عن ابن عباس: أنه كان ينقع الزبيب للنبي، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الليلة الثالثة، ثم يأمر به فيهراق.


    ودليل الكراهة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن الخليطين، فقال: «لا تَنْبُذوا الزَّهْو ( الزهو: هو البسر الملون الذي بدأ فيه حمرة أو صفرة وطاب. والبسر: نوع من تمر النخل معروف.) والرطب جميعاً، ولا تنبذوا الزبيب والرطب جميعاً، ولكن انبذوا كل واحد منهما على حدته» (متفق عليه عن أبي قتادة ) . وعن أبي سعيد « أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما، وعن التمر والبسر أن يخلط بينهما يعني في الانتباذ (رواه أحمد ومسلم ) » .


    ولأن الإسكار يسرع إلى ذلك بسبب الخلط، قبل أن يتغير، فيظن الشارب أنه ليس بمسكر، ويكون مسكراً.


    وصرح المالكية والحنابلة بأنه لابأس بالفُقَّاع ( وهو شراب يتخذ من قمح وتمر، وقيل: ماجعل فيه زبيب ونحوه حتى انحل فيه ) لأنه غير مسكر، وإنما يتخذ لهضم الطعام.

    ويحل عندهم شراب السوبيا: وهو مايتخذ من الأرز بطبخه طبخاً شديداً حتى يذوب في الماء، ويصفى ويوضع فيه السُّكَّر ليحلو به.

    ويحل عقيد العنب: وهو ماء العنب المغلي حتى يعقد ويذهب إسكاره الذي حصل في ابتداء غليانه، ويسمى الرُّب الصامت. ولاتحل هذه الأشربة إلا إذا أمن السكر منها. وبه يظهر أن الدبس ونحوه من المربَّيات مباح لعدم الإسكار.

    ==========

    *فتح القدير
    *الشرح الكبير
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *الفقه اإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:51 am

    الانتباذ في الظروف والأواني
    اتفق العلماء على أنه يجوز الانتباذ ( اتخاذ النبيذ المباح ) في الأوعية المصنوعة من جلد، وهي الأسقية، واختلفوا فيما عداها:


    فقال الحنفية : لابأس بالانتباذ في جميع الظروف والأواني، سواء الدُّبَّاء والحَنْتم والمُزفَّت والنَّقير (الدباء: القرعة اليابسة المجعولة وعاء. والحنتم: الجرار الخضراء المدهونة. والمزفت: الوعاء المطلي بالزفت وهو القار، وهذا مما يحدث التغير في الشراب سريعاً. والنقير: خشبة تنقر أو تحفر كقصعة وقدح، وينبذ فيها.) ؛ لأن الشراب الحاصل ليست فيه شدة مطربة.

    والنهي عن الانتباذ في هذه الأوعية منسوخ بقوله صلّى الله عليه وسلم : « كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأَدَم ـ الجلود المدبوغة ـ فاشربوا في كل وعاء، غير ألا تشربوا مسكراً » (رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي عن بريدة) .

    وفي رواية: « نهيتكم عن الظروف، وإن ظرفاً لايحل شيئاً، ولايُحرِّمه، وكل مسكر حرام » ( رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود عن بريدة. ) .


    وقال المالكية : يكره الانتباذ في الدباء والمزفت فقط، ولايكره في غير ذلك من الفخار وغيره من الظروف وإن طالت المدة مالم يظن به الإسكار. وعلة الكراهة خوف تعجيل الإسكار، لما ينبذ فيها، إذ شأنها ذلك بخلاف غيرها.


    وقال الشافعية والحنابلة كالحنفية: يجوز الانتباذ في الأوعية كلها.


    ==========
    * فتح القدير
    *الشرح الصغير
    *مغنى المحتاج
    *المغنى
    *الفقه اإسلامى وأدلته
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأطعمة و الأشربة (بحث) Empty رد: الأطعمة و الأشربة (بحث)

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء مايو 15, 2013 1:51 am

    تخلل الخمر وتخليلها
    اتفق الفقهاء على أن الخمر إذا تخللت بنفسها، جاز أكلها، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «نعم الأُدْم الخل» (رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن الأربعة عن جابر بن عبد الله ) .


    وإذا نقلت الخمر من الظل إلى الشمس أو بالعكس، ولو بقصد التخليل، حل الخل عند الحنفية والشافعية والظاهرية، وفي احتمال عند الحنابلة؛ لأن الشدة المطربة ( أي الإسكار) التي هي علة النجاسة والتحريم، قد زالت من غير أن تعقب نجاسة في الوعاء، فتطهر.


    ويحتمل في وجه آخر عند الحنابلة ألا تطهر، لأنها خللت بفعل، كما لو ألقي فيها شيء .


    ويعرف التخلل عند أبي حنيفة بالتغير من المرارة إلى الحموضة، بحيث لا يبقى فيها مرارة أصلاً، فلو بقي فيها بعض المرارة، لا يحل شربها؛ لأن الخمر عنده لا تصير خلاً إلا بعد تكامل معنى الخلية فيه، كما لا يصير العصير عنده خمراً إلا بعد تكامل معنى الخمرية، كما سأذكر في حد الشرب.

    وقال الصاحبان: تصير الخمر خلاً بظهور قليل من الحموضة فيها، اكتفاء بظهور الخَلِّية فيها، كما أن العصير يصير خمراً بظهور دليل الخمرية عندهما. ويظهر أن هذا هو رأي بقية الفقهاء.


    وأما تخليل الخمر بعلاج بإلقاء جسم غريب عنها كالملح أو الخل أو السمك أوالخبز الحار، أو البصل، أو بإيقاد النار قربها، حتى صارت حامضاً، فيجوز، ويحل شربها عند الحنفية، لأنه إصلاح، والإصلاح مباح، قياساً على دبغ الجلد، فإن الدباغ يطهره، كما ثبت في السنة النبوية: «أيما إهاب دبغ، فقد طهر» (أخرجه النسائي والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن ابن عباس. وأخرجه الدارقطني بإسناد حسن عن ابن عمر) .

    وقال صلّى الله عليه وسلم عن جلد الشاة الميتة: «إن دباغها يُحلِّه، كما يُحِلُّ خَلَّ الخمر» (2) فأجاز النبي التخليل، كما ثبت حل الخل شرعاً، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلم : «خير خلكم خل خمركم» (3) . والحديث السابق: «نعم الأدمْ الخل» لم يفرق بين التخلل بنفسه، والتخليل، فالنص مطلق .


    ولأن التخليل يزيل الوصف المفسد، ويجعل في الخمر صفة الصلاح، والإصلاح مباح، كما تقدم، لأنه يشبه إراقة الخمر.

    وإذا صارت الخمر خلاً، يطهر ما يجاورها من الإناء، كما يطهر أعلى الإناء (وهو الذي نقص منه الخمر) تبعاً.


    وللمالكية في تخليل الخمر بمعالجة أقوال ثلاثة:





    قول بالمنع أو التحريم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر بإراقة راوية خمر، أهداها له رجل ( رواه مالك في الموطأ وأحمد ومسلم والنسائي) ، ولو جاز تخليلها، لما أباح له إراقتها، ولنبهه على تخليلها.


    وقول بالجواز مع الكراهة؛ لأن علة تحريم الخمر الشدة المطربة، فإذا زالت زال التحريم، كما لو تخللت بنفسها.

    وقول بالتفصيل: يجوز تخليل الخمر الذي تخمر عند صاحبه، بدون قصد الخمرية، ولا يجوز تخليل الخمر المتخذة خمراً.


    وقال الشافعية والحنابلة: لا يحل تخليل الخمر بالعلاج، ولا تطهر حينئذ؛ لأننا مأمورون باجتنابها، فيكون التخليل اقتراباً من الخمر على وجه التموُّل، وهو مخالف للأمر بالاجتناب، ولأن الشيء المطروح في الخمر يتنجس بملاقاتها، فينجسها بعد انقلابها خلاً، ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلم أمر بإهراق الخمر بعد نزول آية المائدة بتحريمها.

    وعن أبي طلحة: أنه سأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً، فقال: «أهرقها» قال: «أفلا أخللها؟ قال: لا» ( أخرجه مسلم وأبو داود) وهذا نهي يقتضي التحريم. ولو كان إلى استصلاحها سبيل مشروع لم تجز إراقتها، بل أرشدهم إليه، لاسيما وهي لأيتام، يحرم التفريط في أموالهم .

    ==========
    *فتح القدير
    *الشرح الكبير
    *مغنى المحتاج
    * المغنى
    *الفقه الإسلامى وأدلته

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 9:28 am