لما قدم ميسرة إلى سيدته خديجة الحازمة اللبيبة، وأخبرها بما شاهده من بركات النبي صلى الله عليه وسلم وإكرام الله تعالى له، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت له: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وصدق حديثك، وقد خاطبته بابن العم على عادة العرب من تخاطب الأقرباء من جهة الأبوة بابن العم، حيث يجتمع أصولهما في (قصي) فإنها من بني أسد بن عبد العزى بن قصي، وكانت خديجة قد ذكرت ما سمعت من غلامها ميسرة لابن عمها ورقة بن نوفل -من المتتبعين للكتب والأخبار- فكان يقول لها: يا خديجة إن محمداً لنبي هذه الأمة، وقد عرفت أنه كان لهذه الأمة نبي يُنتظر، هذا زمانه.
وكانت خديجة مرغوبا فيها لشرف نسبها ورفعة قدرها بين قومها، فعرض النبي صلى الله عليه وسلم الأمر على أعمامه فوافقوه على زواجه صلى الله عليه وسلم، بها وتوجهوا معه إليها، وأتموا عقد الزواج بينهما ، وتولاه عنها عمها (عمرو بن أسد)، كما تولاه عن النبي صلى الله عليه وسلم عمه (أبو طالب) ، وكان صداقها عشرين بِكْرة ، وكان سن السيدة خديجة أربعين سنة وسنه صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة ، ولم يتزوج عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفيت رضى الله عنها، وكانت متزوجة قبله صلى الله عليه وسلم برجل اسمه (هند)، ولدت منه ولداً اسمه (هالة)، فكان ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد مكث صلى الله عليه وسلم بعد زواجه بالسيدة خديجة يشتغل بالتجارة والتنسك، حتى بعثه الله رحمة للعالمين.