التصريف
من شرح ابن عقيل على الفية ابن مالك
[ 529]
التصريف حرف وشبهه من الصرف برى * وما سواهما بتصريف حرى
التصريف عبارة عن: علم يبحث فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية، وما لحروفها من أصالة وزيادة، وصحة وإعلال، وشبه ذلك. ولا يتعلق إلا بالاسماء المتمكنة والافعال، فأما الحروف وشبهها فلا تعلق لعلم التصريف بها.
* * * وليس أدنى من ثلاثى يرى * قابل تصريف سوى ما غيرا
[ 530 ]
يعنى أنه لا يقبل التصريف من الاسماء والافعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين، إلا إن كان محذوفا منه، فأقل ما تبنى عليه الاسماء المتمكنة والافعال ثلاثة أحرف، ثم قد يعرض لبعضها نقص ك " يد " و " قل " و " م الله " و " ق زيدا ".
ومنتهى اسم خمس ان تجردا * وإن يزد فيه فما سبعا
عدا الاسم قسمان: مزيد فيه، ومجرد عن الزيادة. فالمزيد فيه هو: ما بعض حروفه ساقط وضعا، وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف، نحو: احرنجام، واشهيباب. والمجرد عن الزيادة هو: ما بعض حروفه ليس ساقطا في أصل الوضع، وهو: إما ثلاثى كفلس، أو رباعى كجعفر، وإما خماسى - وهو غايته - كسفرجل.
[ 531 ]
وغير آخر الثلاثي افتح وضم * واكسر، وزد تسكين ثانيه تعم
العبرة في وزن الكلمة بما عدا الحرف الاخير منها، وحينئذ فالاسم الثلاثي: إما أن يكون مضموم الاول أو مكسوره أو مفتوحه، وعلى كل من هذه التقادير: إما أن يكون مضموم الثاني أو مكسوره أو مفتوحه، أو ساكنه، فتخرج من هذا اثنا عشر بناء حاصلة من ضرب ثلاثة في أربعة، وذلك نحو: قفل، وعنق، ودئل، وصرد، ونحو: علم، وحبك، وإبل، وعنب، ونحو: فلس، وفرس، وعضد، وكبد.
* * * وفعل أهمل، والعكس يقل * لقصدهم تخصيص فعل بفعل
[ 532 ]
يعنى أن من الابنية الاثنى عشر بناءين أحدهما مهمل والآخر قليل. فالاول: ما كان على وزن فعل - بكسر الاول، وضم الثاني - وهذا بناء من المصنف على عدم إثبات حبك. والثانى: ما كان على وزن فعل - بضم الاول، وكسر الثاني - كدئل، وإنما قل ذلك في الاسماء لانهم قصدوا تخصيص هذا الوزن بفعل ما لم يسم فاعله كضرب وقتل.
* * * وافتح وضم واكسر الثاني من * فعل ثلاثى، وزد نحو ضمن ومنتهاه أربع إن جردا * وإن يزد فيه فما ستا عدا الفعل ينقسم إلى مجرد، و [ إلى ] مزيد فيه، كما انقسم الاسم إلى ذلك،
[ 533 ]
وأكثر ما يكون عليه المجرد أربعة أحرف، وأكثر ما ينتهى في الزيادة إلى ستة. وللثلاثي المجرد أربعة أوزان: ثلاثة لفعل الفاعل، وواحد لفعل المفعول، فالتى لفعل الفاعل فعل - بفتح العين - كضرب، وفعل - بكسرها - كشرب، وفعل - بضمها - كشرف. والذى لفعل المفعول فعل - بضم الفاء، وكسر العين - كضمن. ولا تكون الفاء في المبنى للفاعل إلا مفتوحة، ولهذا قال المصنف " وافتح وضم واكسر الثاني " فجعل الثاني مثلثا، وسكت عن الاول، فعلم أنه يكون على حالة واحدة، وتلك الحالة هي الفتح. [ وللرباعي المجرد ثلاثة أوزان: واحد لفعل الفاعل، كد حرج، وواحد لفعل المفعول كدحرج، وواحد لفعل الامر كدحرج ]. وأما المزيد فيه، فإن كان ثلاثيا صار بالزيادة على أربعة أحرف: كضارب، أو على خمسة: كانطلق، أو على ستة: كاستخرج، وإن كان رباعيا صار بالزيادة على خمسة: كتدحرج، أو على ستة: كاحرنجم.
* * *
[ 534 ]
لاسم مجرد رباع فعلل * وفعلل وفعلل وفعلل ومع فعل فعلل، وإن علا * فمع فعلل حوى فعلللا كذا فعلل وفعلل، وما * غاير للزيد أو النقص انتمى الاسم الرباعي المجرد له ستة أوزان: الاول: فعلل - بفتح أوله وثالثه، وسكون ثانيه - نحو: جعفر.
[ 535 ]
الثاني: فعلل - بكسر أوله وثالثه، وسكون ثانيه - نحو: زبرج. الثالث: فعلل - بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه - نحو: درهم [ وهجرع ]. الرابع: فعلل - بضم أوله وثالثه، وسكون ثانيه - نحو: برثن. الخامس: فعل - بكسر أوله، وفتح ثانيه، وسكون ثالثه - نحو هزبر. السادس: فعلل - بضم أوله، وفتح ثالثه، وسكون ثانيه - نحو: جخدب. وأشار بقوله: " فإن علا - إلخ " إلى أبنية الخماسي، وهى أربعة: الاول: فعلل - بفتح أوله وثانيه، وسكون ثالثه، وفتح رابعه - نحو: سفرجل. الثاني: فعللل - بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، وكسر رابعه - نحو: جحمرش. الثالث: فعلل - بضم أوله، وفتح ثانيه، وسكون ثالثه، وكسر رابعه - نحو: قذعمل.
[ 536 ]
الرابع: فعلل - بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، وسكون رابعه - نحو: قرطعب. وأشار بقوله: " وما غاير - إلخ " إلى أنه إذا جاء شئ على خلاف ما ذكر، فهو إما ناقص، وإما مزيد فيه، فالاول كيد ودم، والثانى كاستخراج واقتدار.
* * * والحرف إن يلزم فأصل، والذى * لا يلزم الزائد، مثل تا احتذى الحرف الذى يلزم تصاريف الكلمة هو الحرف الاصلى، والذى يسقط في بعض تصاريف الكلمة هو الزائد، نحو ضارب ومضروب.
* * * بضمن فعل قابل الاصول في * وزن، وزائد بلفظه اكتفى
[ 537 ]
وضاعف اللام إذا أصل بقى * كراء جعفر وقاف فستق إذا أريد وزن الكلمة قوبلت أصولها بالفاء والعين واللام، فيقابل أولها بالفاء، وثانيها بالعين، وثالثها باللام، فإن بقى بعد هذه الثلاثة أصل عبر عنه باللام. فإن قيل: ما وزن ضرب ؟ فقل: فعل، وما وزن زيد ؟ فقل: فعل، وما وزن جعفر ؟ فقل: فعلل، وما وزن فستق ؟ تقل: فعلل، وتكرر اللام على حسب الاصول. وإن كان في الكلمة زائد عبر عنه بلفظه، فإذا قيل: ما وزن ضارب ؟ فقل: فاعل، وما وزن جوهر ؟ فقل: فوعل، وما وزن مستخرج ؟ فقل: مستفعل. هذا إذا لم يكن الزائد ضعف حرف أصلى، فإن كان ضعفه عبر عنه بما عبر به عن ذلك الاصلى، وهو المراد بقوله:
* * *
[ 538 ]
وإن يك الزائد ضعف أصلى * فاجعل له في الوزن اما للاصل فتقول في وزن اغدودن: افعوعل، فتعبر عن الدال الثانية بالعين كما عبرت بها عن الدال الاولى، لان الثانية ضعفها، وتقول في وزن قتل: فعل، ووزن كرم فعل، فتعبر عن الثاني بما عبرت به عن الاول، ولا يجوز أن تعبر عن هذا الزائد بلفظه، فلا تقول في وزن اغدودن افعودل، ولا في وزن قتل فعتل، ولا في وزن كرم فعرل.
* * * واحكم بتأصيل حروف سمسم * ونحوه، والخلف في كلملم
[ 539 ]
المراد يسمسم الرباعي الذى تكررت فاؤه وعينه، ولم يكن أحد المكررين صالحا للسقوط، فهذا النوع بحكم على حروفه كلها بأنها أصول، فإذا صلح أحد المكررين للسقوط ففى الحكم عليه بالزيادة خلاف - وذلك نحو " لملم " أمر من لملم، و " كفكف " أمر من كفكف، فاللام الثانية والكاف الثانية صالحان للسقوط، بدليل صحة لم وكف - فاختلف الناس في ذلك، فقيل: هما مادتان، وليس كفكف من كف ولا لملم من لم، فلا تكون اللام والكاف زائدتين، وقيل: اللام زائدة وكذا الكاف، وقيل: هما بدلان من حرف مضاعف، والاصل لمم وكفف، ثم أبدل من أحد المضاعفين: لام في لملم، وكاف في كفكف.
* * * فألف أكثر من أصلين * صاحب - زائد بغير مين إذا صحبت الالف ثلاثة أحرف أصول حكم بزيادتها، نحو: ضارب
[ 540 ]
وغضبى، فإن صحبت أصلين فقط فليست زائدة، بل هي إما أصل: كإلى، وإما بدل من أصل: كقال وباع.
* * * واليا كذا والواو إن لم يقعا * كما هما في يؤيؤ ووعوعا أي: كذلك إذا صحبت الياء أو الواو ثلاثة أحرف أصول، فإنه يحكم بزيادتها، إلا في الثنائي المكرر. فالاول: كصيرف، ويعمل، وجوهر، وعجوز. والثانى: كيؤيؤ - لطائر ذى مخلب - ووعوعة - مصدر وعوع إذا صوت.
[ 541 ]
فالياء والواو في الاول زائدتان، وفي الثاني أصليتان.
* * * وهكذا همز وميم سبقا * ثلاثة تأصيلها تحققا أي: كذلك يحكم على الهمزة والميم بالزيادة إذا تقدمتا على ثلاثة أحرف أصول، كأحمد ومكرم، فإن سبقا أصلين حكم بأصالتهما كإبل ومهد.
* * * كذاك همز آخر بعد ألف * أكثر من حرفين لفظها ردف أي: كذلك يحكم على الهمزة بالزيادة إذا وقعت آخرا بعد ألف تقدمها أكثر من حرفين، نحو: حمراء، وعاشوراء، وقاصعاء.
[ 542 ]
قإن تقدم الالف حرفان فالهمزة غير زائدة، نحو: كساء، ورداء، فالهمزة في الاول بدل من واو، وفي الثاني بدل من ياء، وكذلك إذا تقدم على الالف حرف واحد، كماء، وداء.
* * * والنون في الآخر كالهمز، وفي * نحو " غضنفر " أصالة كفى النون إذا وقعت آخرا بعد ألف، تقدمها أكثر من حرفين - حكم عليها بالزيادة، كما حكم على الهمزة حين وقعت كذلك، وذلك نحو زعفران، وسكران. فإن لم يسبقها ثلاثة فهى أصلية، نحو مكان، وزمان. ويحكم أيضا على النون بالزيادة إذا وقعت بعد حرفين وبعدها حرفان كغضنفر.
* * *
[ 543 ]
والتاء في التأنيث والمضارعة * ونحو الاستفعال والمطاوعة تزاد التاء إذا كانت للتأنيث، كقائمة، وللمضارعة، نحو أنت تفعل، أو مع السين في الاستفعال وفروعه، نحو استخراج ومستخرج واستخرج، أو مطاوعة فعل نحو علمته فتعلم، أو فعلل كتد حرج.
* * * والهاء وقفا كلمه ولم تره * واللام في الاشارة المشتهرة تزاد الهاء في الوقف، نحو لمه ولم تره، وقد سبق في باب الوقف بيان ما تزاد فيه، وهو " ما " الاستفهامية المجرورة، والفعل المحذوف اللام للوقف، نحو " ره "، أو المجزوم، نحو " لم تره " وكل مبنى على حركة نحو " كيفه " إلا ما قطع عن الاضافة كقبل وبعد، واسم " لا " التى لنفى الجنس نحو " لارجل " والمنادى نحو " يا زيد " والفعل الماضي نحو " ضرب ".
[ 544 ]
واطرد أيضا زيادة اللام في أسماء الاشارة، نحو ذلك، وتلك، وهنالك.
* * * وامنع زيادة بلا قيد ثبت * إن لم تبين حجة كحظلت إذا وقع شئ من حروف الزيادة العشرة التى يجمعها قولك: " سألتمونيها " حاليا عما قيدت به زيادته فاحكم بأصالته، إلا إن قام على زيادته حجة بينة: كسقوط همزة " شمأل " في قولهم: " شملت الريح شمولا " إذا هبت شمالا، وكسقوط نون " حنظل " في قولهم " حظلت الابل " إذا آذاها أكل الحنظل، وكسقوط تاء " ملكوت " في " الملك ".
[ 545 ]
فصل في زيادة همزة الوصل للوصل همز سابق لا يثبت * إلا إذا ابتدى به كاستثبتوا لا يبتدأ بساكن، كمالا يوقف على متحرك، فإذا كان أول الكلمة ساكنا وجب الاتيان بهمزة متحركة، توصلا للنطق بالساكن، وتسمى [ هذه الهمزة ] همزة وصل، وشأنها أنها تثبت في الابتداء وتسقط في الدرج، نحو استثبتوا - أمر للجماعة بالاستثبات.
* * * وهو لفعل ماض احتوى على * أكثر من أربعة، نحو انجلى والامر والمصدر منه، وكذا * أمر الثلاثي كاخش وامض وانفذا
[ 546 ]
لما كان الفعل أصلا في التصريف اختص بكثرة مجئ أوله ساكنا، فاحتاج إلى همزة الوصل، فكل فعل ماض احتوى على أكثر من أربعة أحرف يجب الاتيان في أوله بهمزة الوصل، نحو استخرج وانطلق، وكذلك الامر منه نحو استخرج وانطلق، والمصدر نحو استخراج وانطلاق، وكذلك تجب الهمزة في أمر الثلاثي، نحو اخش وامض وانفذ، من خشى ومضى ونفذ.
* * * وفي اسم است ابن ابنم سمع * واثنين وامرئ وتأنيث تبع وايمن، همز أل كذا، ويبدل * مدا في الاستفهام أو يسهل لم تحفظ همزة الوصل في الاسماء التى ليست مصادر لفعل زائد على أربعة، إلا في عشرة أسماء: اسم، واست، وابن، وابنم، واثنين، وامرئ، وامرأة، وابنة، واثنتين، وايمن - في القسم.
[ 547 ]
ولم تحفظ في الحروف إلا في " أل "، ولما كانت الهمزة مع " أل " مفتوحة، وكانت همزة الاستفهام مفتوحة - لم يجز حذف همزة الاستفهام، لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، بل وجب إبدال همزة الوصل ألفا، نحو: آلامير قائم ؟ أو تسهيلها، ومنه قوله: 358 - أألحق - إن دار الرباب تباعدت * أو انبت حبل - أن قلبك طائر
* * *
[ 548 ]
الابدال أحرف الابدال " هدأت موطيا " * فأبدل الهمزة من واو ويا آخرا اثر ألف زيد، وفي * فاعل ما أعل عينا ذا اقتفى هذا الباب عفده المصنف لبيان الحروف التى تبدل من غيرها إبدالا شائعا، وهى تسعة أحرف، جمعها المصنف رحمه الله تعالى في قوله " هدأت موطيا " ومعنى " هدأت " سكنت، و " موطيا " اسم فاعل من " أوطأت الرحل " إذا جعلته وسيئا، لكنه خفف همزته بإبدالها ياء لانفتاحها وكسر ما قبلها. وأما غير هذه الحروف فإبدالها من غيرها شاذ، أو قليل، فلم يتعرض المصنف له، وذلك كقولهم في اضطجع: " الطجع " وفي أصيلان:
[ 549 ]
" أصيلال ". فتبدل الهمزة من كل واو أو ياء، تطرفتا، ووقعتا بعد ألف زائدة، نحو دعاء، وبناء، والاصل دعاو وبناى، فإن كانت الالف التى قبل الياء أو الواو غير زائدة، لم تبدل، نحو آية وراية، وكذلك إن لم تتطرف الياء أو الواو كتباين وتعاون. وأشار بقوله: " وفي فاعل ما أعل عينا ذا اقتفى " إلى أن الهمزة تبدل من الياء والواو قياسا [ متبعا ] إذا وقعت كل منهما عين اسم فاعل وأعلت في فعله، نحو قائل وبائع، وأصلهما قاول وبايع، ولكن أعلوا حملا على الفعل، فكما قالوا قال وباع فقلبوا العين ألفا قالوا قائل وبائع فقلبوا عين اسم الفاعل همزة، فإن لم تعل العين في الفعل صحت في اسم الفاعل، نحو عور فهو عاور وعين فهو عاين.
* * * والمد زيد ثالثا في الواحد * همزا يرى في مثل كالقلائد
[ 550 ]
تبدل الهمزة - [ أيضا ] - مما ولى ألف الجمع الذى على مثال مفاعل، إن كان مدة مزيدة في الواحد، نحو قلادة وقلائد، وصحيفة وصحائف، وعجوز وعجائز، فلو كان غير مدة لم تبدل، نحو قسورة وقساور، وهكذا إن كان مدة غير زائدة نحو مفازة ومفاوز، ومعيشة ومعايش، إلا فيما سمع فيحفظ ولا يقاس عليه، نحو مصيبة ومصائب.
* * * كذاك ثانى لينين اكتنفا * مد مفاعل كجمع نيفا أي: كذلك تبدل الهمزة من ثانى حرفين لينين، توسط بينهما مدة مفاعل، كما لو سميت [ رجلا ] بنيف ثم كسرته فإنك تقول: نيائف - بإبدال الياء
[ 551 ]
الواقعة بعد ألف الجمع همزة - ومثله أول وأوائل، فلو توسط بينهما مدة مفاعيل، امتنع قلب الثاني منهما همزة، كطواويس، ولهذا قيد المصنف - رحمه الله تعالى ! - ذلك بمدة مفاعل.
* * * وافتح ورد الهمزيا فيما أعل * لاما، وفي مثل هراوة جعل واوا، وهمزا أول الواو بن رد * في بدء غير شبه ووفي الاشد قد سبق أنه يجب إبدال المدة الزائدة في الواحد همزة، إذا وقعت بعد ألف الجمع نحو صحيفة وصحائف، وأنه إذا توسط ألف مفاعل بين حرفين لينين قلب الثاني منهما همزة، نحو نيف ونيائف.
[ 552 ]
وذكر هنا أنه إذا اعتل لام أحد هذين النوعين فإنه يخفف بإبدال كسرة الهمزة فتحة ثم إبدالها ياء. فمثال الاول قضية وقضايا - وأصله قضائي، بإبدال مدة الواحد همزة، كما فعل في صحيفة وصحائف، فأبدلوا كسرة الهمزة فتحة، فحينئذ: تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت قضاءا، فأبدلت الهمزة ياء، فصار " قضايا ". ومثال الثاني زاوية وزوايا - وأصله: زوائى، بإبدال الواو الواقعة بعد ألف الجمع همزة كنيف ونيائف، فقلبوا كسرة الهمزة فتحة، فحيئنذ قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها [ فصارت زواءا ]، ثم قلبوا الهمزة ياء، فصار زوايا. وأشار بقوله: " وفي مثل هراوة جعل واوا " إلى أنه إنما تبدل الهمزة ياء إذا لم تكن اللام واوا سلمت في المفرد كما مثل، فإن كانت اللام واوا سلمت في المفرد، لم تقلب الهمزة ياء، بل تقلب واوا، ليشا كل الجمع واحده، وذلك حيث وقعت الواو رابعة بعد ألف، وذلك نحو قولهم: " هراوة وهراوى " وأصلها هرائو كصحائف، فقلبت كسرة الهمزة فتحة، وقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار هراءا، ثم قلبوا الهمزة واوا، فصار " هراوى ". وأشار بقوله: " وهمزا أول الواوين رد " إلى أنه يجب رد أول الواوين المصدرتين همزة، ما لم تكن الثانية بدلا من ألف فاعل، نحو أواصل في جمع واصلة، والاصل " وواصل " بواوين: الاولى فاء الكلمة، والثانية بدل من ألف فاعلة، فإن كانت الثانية بدلا من ألف فاعل لم يجب الابدال، نحو ووفي وو ورى - أصله وافى ووارى، فلما بنى للمفعول احتيج إلى ضم ما قبل الالف فأبدلت الالف واوا.
[ 553 ]
ومدا ابدل ثانى المهزين من * كلمة ان يسكن كآثر وائتمن أن يفتح اثر ضم أو فتح قلب * واوا، وياء إثر كسر ينقلب ذو الكسر مطلقا كذا، وما يضم * واوا أصر، ما لم يكن لفظا أتم
[ 554 ]
فذاك ياء مطلقا جا، وأؤم * ونحوه وجهين في ثانيه أم إذا اجتمع في كلمة همزتان وجب التخفيف، إن لم يكونا في موضع العين، نحو سئال ورأس، ثم إن تحركت أولاهما وسكنت ثانيتهما، وجب إبدال الثانية مدة تجانس حركة الاولى، فإن كانت حركتها فتحة أبدلت الثانية ألفا، نحو آثرت، وإن كانت ضمة أبدلت واوا، نحو أوثر، وإن كانت كسرة أبدلت ياء، نحو إيثار، وهذا هو المراد بقوله " ومدا ابدل - البيت ". وإن تحركت ثانيتهما: فإن كان حركتها فتحة وحركة ما قبلها فتحة أو ضمة قلبت واوا، فالاول نحو: أوادم جمع آدم، وأصله أآدم، والثانى نحو أويدم، تصغير آدم، وهذا هو المراد بقوله: " إن يفتح اثر ضم أو فتح قلب واوا ". وإن كانت حركة ما قبلها كسرة قلبت ياء، نحو إيم - وهو مثال إصبع من أم، وأصله إئمم، فنقلت حركة الميم الاولى إلى الهمزة التى قبلها، وأدغمت الميم في الميم فصار إئم، ثم قلبت الهمزة الثانية ياء، فصار إيم، وهذا هو المراد من قوله " وياء اثر كسر ينقلب ". وأشار بقوله: " ذو الكسر مطلقا كذا " إلى أن الهمزة الثانية إذا كانت
[ 555 ]
مكسورة تقلب ياء مطلقا - أي: سواء كانت التى قبلها مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة - فالاول نحو أين - مضارع أن - وأصلها اثن، فخففت بإبدال الثانية من جنس حركتها [ فصار أبن ] وقد تحقق، نحو أئن - بهمزتين - ولم تعامل بهذه المعاملة في غير الفعل إلا في " أئمة " فإنها جاءت بالابدال والتصحيح، والثانى نحو: إيم مثال إصبع من أم، وأصله إئمم، نقلت حركة الميم الاولى إلى الهمزة الثانية، وأدغمت الميم في الميم فصار إئم، فخففت الهمزة الثانية بإبدالها من جنس حركتها، فصار إيم، والثالث نحو: أين - أصله أئن [ والاصل أؤنن ] لانه مضارع أأننته: أي جعلته يئن - فدخله النقل ولادعام، ثم خفف بإبدال ثانى همزيته من جنس حركتها [ فصار أين ]. وأشار بقوله: " وما يضم واوا أصر " إلى أنه إذا كانت الهمزة الثانية مضمومة، قلبت واوا، سواء انفتحت الاولى، أو انكسرت، أو انضمت، فالاول نحو أوب - جمع أب، وهو المرعى - أصله أأبب، لانه أفعل، فنقلت حركة عينه إلى فائه، ثم أدغم فصار أؤب، ثم خففت ثانية الهمزتين بإبدالها من جنس حركتها، فصار أوب، والثانى نحو إوم - مثال إصبع من أم، والثالث نحو أوم - مثال أبلم من أم. وأشار بقوله: " ما لم يكن لفظا أتم، فذاك ياء مطلقا جا " إلى أن الهمزة الثانية المضمومة إنما تصير واوا إذا لم تكن طرفا، فإن كانت طرفا صيرت ياء مطلقا، سواء انضمت الاولى، أو انكسرت، أو انفتحت، أو سكنت، فتقول في مثال جعفر من قرأ " قرأ أ " ثم تقلب الهمزة ياء، فتصير قرأيا، فتحركت الياء وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار قرأى، وتقول في مثال زبرج من قرأ " قرئئ " ثم تقلب الهمزة ياء فتصير قرئيا، كالمنقوص، وتقول
[ 556 ]
في مثال برثن من قرأ " قرؤؤ " ثم تقلب الضمة التى على الهمزة الاولى كسرة، فيصير قرئيا مثل القاضى. وأشار بقوله: " وأؤم ونحوه وجهين في ثانيه أم " إلى أنه إذا انضمت الهمزة الثانية وانفتح ما قبلها، وكانت الهمزة الاولى للمتكلم جاز لك في الثانية وجهان: الابدال، والتحقيق، وذلك نحو أؤم - مضارع أم، فإن شئت أبدلت، فقلت: أوم، وإن شئت حققت، فقلت: أؤم - وكذا ما كان نحو أؤم في كون أولى همزتيه للمتكلم، وكسرت ثانيتهما، يجوز في الثانية منهما: الابدال، والتحقيق، نحو أين مضارع أن، فإن شئت أبدلت فقلت: أين، وإن شئت حققت فقلت: أئن.
* * * وياء اقلب ألفا كسرا تلا * أو ياء تصغير، بواو ذا افعلا
[ 557 ]
في آخر، أو قبل تا التأنيث، أو * زيادتي فعلان، ذا أيضا رأوا في مصدر المعتل عينا، والفعل * منه صحيح غالبا، نحو الحول إذا وقعت الالف بعد كسرة وجب قلبها ياء، كقولك في جمع مصباح ودينار: " مصابيح، ودنانير " وكذلك إذا وقعت قبلها ياء التصغير، كقولك في غزال: " غزيل " وفي قذال: " قذيل ".
* * * وأشار بقوله " بواو ذا افعلا في آخر - إلى آخر البيت " إلى أن الواو تقلب أيضا ياء: إذا تطرفت بعد كسرة، أو بعد ياء التصغير، أو وقعت قبل تاء التأنيث، أو قبل زيادتي فعلان، مكسورا ما قبلها.
[ 558 ]
فالاول نحو " رضى، وقوى " أصلهما رضو وقوو، لانهما من الرضوان والقوة، فقلبت الواو ياء. والثانى نحو " جرى " تصغير جرو، وأصله جريو، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. والثالث نحو: شجية، وهى اسم فاعل للمؤنث، وكذا شجية - مصغرا، وأصله شجيوة - من الشجو. والرابع نحو " غزيان " وهو مثال ظريان من الغزو. وأشار بقوله: " ذا أيضا رأوا في مصدر المعتل عينا " إلى أن الواو تقلب بعد الكسرة ياء في مصدر كل فعل اعتلت عينه، نحو " صام صياما، وقام قياما " والاصل صوام وقوام، فأعلت الواو في المصدر حملا له على فعله. فلو صحت الواو في الفعل لم تعتل في المصدر، نحو: لاوذ لواذا، وجاور حوارا. وكذلك تصح إذا لم يكن بعدها ألف وإن اعتلت في الفعل، نحو: حال حولا:
* * *
وجمع ذى عين أعل أو سكن * فاحكم بذا الاعلال فيه حيث عن
[ 559 ]
أي: متى وقعت الواو عين جمع، وأعلت في واحده أو سكنث، وجب قلبها ياء: إن انكسر ما قبلها، ووقع بعدها ألف، نحو ديار، وثياب - أصلهما دوار وثواب، فقلبت الواو ياء في الجمع لانكسار ما قبلها ومجئ الالف بعدها، مع كونها في الواحد إما معتلة كدار، أو شبيهة بالمعتل في كونها حرف لين ساكنا كثوب.
* * *
وصححوا فعلة، وفي فعل * وجهان، والاعلال أولى كالحيل إذا وقعت الواو عين جمع مكسورا ما قبلها واعتلت في واحده، أو سكنت، ولم يقع بعدها الالف، وكان على فعلة - وجب تصحيحها، نحو عود وعودة، وكوز وكوزة، وشذ ثور وثيرة. ومن هنا يعلم أنه إنما تعتل في الجمع إذا وقع بعدها ألف كما سبق تقريره، لانه حكم على فعلة بوجوب التصحيح، وعلى فعل بجواز التصحيح والاعلال،
[ 560 ]
فالتصحيح نحو: حاجة وحوج، والاعلال نحو: قامة وقيم، وديمة وديم، والتصحيح فيها قليل، والاعلال غالب.
* * *
والواو لاما بعد فتح يا انقلب * كالمعطيان يرضيان، ووجب إبدال واو بعد ضم من ألف * وياكموقن، بذالها اعترف إذا وقعت الواو طرفا، رابعة فصاعدا، بعد فتحة، قلبت ياء نحو: أعطيت - أصلة أعطوت، لانه من " عطا يعطو " إذا تناول - فقلبت الواو في الماضي ياء حملا على المضارع نحو " يعطى " كما حمل اسم المفعول نحو: معطيان على اسم الفاعل نحو معطيان، وكذلك يرضيان - أصله يرضوان،
[ 561 ]
لانه من الرضوان - فقلبت واوه بعد الفتحة ياء، حملا لبناء المفعول على بناء الفاعل نحو يرضيان. وقوله " ووجب إبدال واو بعد ضم من ألف " معناه أنه يجب أن يبدل من الالف واو إذا وقعت بعد ضمة كقولك في " بايع ": " بويع "، وفي " ضارب ": " ضورب ". وقوله " ويا كموقن بذالها اعترف " معناه أن الياء إذا سكنت في مفرد بعد ضمة، وجب إبدالها واوا، نحو موقن وموسر - أصلهما ميقن وميسر، لانهما من أيقن وأيسر - فلو تحركت الياء لم تعل، نحو هيام.
* * * ويكسر المضموم في جمع كما * يقال " هيم " عند جمع " أهيما " يجمع فعلاء وأفعل على فعل - بضم الفاء، وسكون العين - كما سبق في التكسير، كحمراء وحمر وأحمر وحمر، فإذا اعتلت عين هذا النوع من الجمع بالياء قلبت الضمة كسرة لتصح الياء، نحو: هيماء وهيم، وبيضاء وبيض، ولم تقلب الياء واوا كما فعلوا في المفرد - كموقن - استثقالا لذلك في الجمع.
* * *
[ 562 ]
وواوا اثر الضم رد اليا متى * ألفى لام فعل أو من قبل تا كتاء بان من رمى كمقدره * كذا إذا كسبعان صيره إذا وقعت الياء لام فعل، أو من قبل تاء التأنيث، أو زيادتي فعلان، وانضم ما قبلها في الاصول الثلاثة - وجب قلبها واوا. فالاول: نحو قضو الرجل.
[ 563 ]
والثانى: كما إذا بنيت من رمى اسما على وزن مقدرة، فإنك تقول: مرموة. والثالث: كما إذا بنيت من رمى اسما على وزن سبعان، فإنك تقول: رموان. فتقلب الياء واوا في هذه المواضع الثلاثة لانضمام ما قبلها.
* * * وإن تكن عينا لفعلى وصفا * فذاك بالوجهين عنهم يلفى إذا وقعت الياء عينا لصفة، على وزن فعلى - جاز فيها وجهان: أحدهما: قلب الضمة كسرة لتصح الياء. والثانى: إبقاء الضمة، فتقلب الياء واوا، نحو: الضيقى، والكيسى، والضوقى، والكوسى، وهما تأنيث الاضيق والاكيس.
* * *
[ 564 ]
فصل من لام فعلى اسما أتى الواو بدل * ياء، كتقوى، غالبا جاذا البدل تبدل الواو من الياء الواقعة لام اسم على وزن فعلى، نحو تقوى، وأصله تقيا، لانه من تقيت - فإن كانت فعلى صفة لم تبدل الياء واوا، نحو صديا وخزيا، ومثل تقوى: فتوى - بمعنى الفتيا، وبقوى - بمعنى البقيا، واحترز بقوله " غالبا " مما لم تبدل الياء فيه، واوا وهى لام اسم على فعلى كقولهم للرائحة: ريا.
* * * بالعكس جاء لام فعلى وصفا * وكون قصوى نادرا لا يخفى أي: تبدل الواو الواقعة لاما لفعلى وصفا ياء، نحو الدنيا، والعليا، وشذ
[ 565 ]
قول أهل الحجاز: القصوى، فإن كان فعلى اسما سلمت الواو، كحزوى.
* * * فصل إن يسكن السابق من واو ويا * واتصلا ومن عروض عريا فياء الواو اقلبن مدغما * وشذ معطى غير ما قد رسما إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة، وسبقت إحداهما بالسكون، وكان
[ 566 ]
سكونها أصليا - أبدلت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وذلك نحو " سيد، وميت " - والاصل سيود وميوت، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، فصار سيد وميت - فإن كانت الياء والواو في كلمتين لم يؤثر ذلك، نحو يعطى واقد، وكذا إن عرضت الياء أو الواو للسكون كقولك في رؤية: " رؤية " وفي " قوى ": " قوى " وشذ التصحيح في قولهم: " يوم أيوم " وشذ - أيضا - إبدال الياء واوا في قولهم: " عوى الكلب عوة ".
* * * من ياء أو واو بتحريك أصل * ألفا ابدل بعد فتح متصل
[ 567 ]
إن حرك التالى، وإن سكن كف * إعلال غير اللام، وهى لا يكف إعلالها بساكن غير ألف * أو ياء التشديد فيها قد ألف إذا وقعت الواو والياء متحركة بعد فتحة قلبت ألفا، نحو قال وباع، أصلهما قول وبيع، فقلبت [ الواو والياء ] ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، هذا إن كانت حركتهما أصلية، فإن كانت عارضة لم يعتد بها كجيل وتوم - أصلهما جيأل وتوأم، نقلت حركة الهمزة إلى الياء والواو فصار جيلا وتوما. فلو سكن ما بعد الياء أو الواو ولم تكن لاما وجب التصحيح، نحو بيان وطويل، فإن كانتا لاما وجب الاعلال، ما لم يكن الساكن بعدهما ألفا
[ 568 ]
اؤ ياء مشددة - كرميا وعلوى، وذلك نحو يخشون - أصله يخشيون فقلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت، لالتقائها ساكنة مع الواو الساكنة.
* * *
وصح عين فعل وفعلا * ذا أفعل كأغيد وأحولا كل فعل كان اسم الفاعل منه على وزن أفعل فإنه يلزم عينه التصحيح، نحو عور فهو أعور، وهيف فهو أهيف، وغيد فهو أغيد، [ وحول فهو أحول ] وحمل المصدر على فعله، نحو هيف وغيد وعور وحول.
* * *
وإن يبن تفاعل من افتعل * والعين واو سلمت ولم تعل إذا كان افتعل معتل العين فحقه أن تبدل عينه ألفا - نحو اعتاد وارتاد - لتحركها وانفتاح ما قبلها، فإن أبان افتعل معنى تفاعل - وهو
[ 569 ]
الاشتراك في الفاعلية والمفعولية - حمل عليه في التصحيح إن كان واويا نحو اشتوروا، فإن كانت العين ياء وجب إعلالها، نحو ابتاعوا، واستافوا - أي: تضاربوا بالسيوف.
* * *
وإن لحرفين ذا الاعلال استحق * صحح أول، وعكس قد يحق إذا كان في كلمة حرفا علة، كل واحد متحرك، مفتوح ما قبله - لم يجز إعلالهما معا، لئلا يتوالى في كلمة واحدة إعلالان، فيجب إعلال أحدهما وتصحيح الآخر، والاحق منهما بالاعلال الثاني، نحو الحيا والهوى، والاصل حيى وهوى، فوجد في كل من العين واللام سب الاعلال، فعمل به في اللام وحدها لكونها طرفا، والاطراف محل التغيير. وشذ إعلال العين وتصحيح اللام نحو " غاية ".
* * *
[ 570 ]
وعين ما آخره قد زيد ما * يخص الاسم واجب أن يسلما إذا كان عين الكلمة واوا، متحركة، مفتوحا ما قبلها، أو ياء متحركة مفتوحا ما قبلها، وكان في آخرها زيادة تخص الاسم - لم يجز قبلها ألفا، بل يجب تصحيحها، وذلك نحو " جولان، وهيمان " وشذ " ماهان، وداران ".
* * * وقبل با افلب ميما النون، إذا * كان مسكنا كمن بت انبذا لما كان النطق بالنون الساكنة قبل الباء عسرا وجب قلب النون ميما،
[ 571 ]
ولا فرق في ذلك بين المتصلة والمنفصلة، ويجمعهما قوله " من بت انبذا " أي: من قطعك فألقه عن بالك واطرحه، وألف " انبذا " مبدلة من نون التوكيد الخفيفة.
* * * فصل لساكن صح انقل التحريك من * ذى لين آت عين فعل كأبن إذا كانت عين الفعل ياء أو واوا متحركة، وكان ما قبلها ساكنا صحيحا - وجب نقل حركة العين إلى الساكن قبلها، نحو: يبين ويقوم، والاصل يبين ويقوم - بكسر الياء، وضم الواو - فنقلت حركتهما إلى الساكن قبلهما - وهو الباء، والقاف - وكذلك في " أبن ". فإن كان الساكن غير صحيح لم تنقل الحركة، نحو: بايع وبين وعوق
* * *
[ 572 ]
ما لم يكن فعل تعجب، ولا * كابيض أو أهوى بلام عللا أي: إنما تنقل حركة العين إلى الساكن الصحيح قبلها إذا لم يكن الفعل للتعجب، أو مضاعفا، أو معتل اللام، فإن كان كذلك فلا نقل، نحو: ما أبين الشئ وأبين به، وما أقومه وأقوم به، ونحو: ابيض واسود، ونحو: أهوى.
* * *
ومثل فعل في ذا الاعلال اسم * ضاهى مضارعا وفيه وسم يعنى أنه يثبت للاسم الذى يشبه الفعل المضارع - في زيادته فقط، أو في وزنه فقط - من الاعلال بالنقل ما يثبت للفعل.
[ 573 ]
فالذي أشبه المضارع في زيادته فقط تبيع، وهو مثال تحلئ من البيع، الاصل تبيع - بكسر التاء وسكون الياء - فنقلت حركة الياء إلى الباء فصار تبيع. والذى أشبه المضارع في وزنه فقط مقام، والاصل مقوم، فنقلت حركة الواو إلى القاف، ثم قلبت الواو ألفا لمجانسة الفتحة. فإن أشبهه في الزيادة والزنة، فإما أن يكون منقولا من فعل، أولا، فإن كان منقولا منه أعل كيزيد، وإلا صح كأبيض وأسود.
* * *
ومفعل صحح كالمفعال * وألف الافعال واستفعال أزل لذا الاعلال، والتا الزم عوض، * وحذفها بالنقل ربما عرض
[ 574 ]
لما كان مفعال غير مشبه للفعل استحق التصحيح كمسواك، وحمل أيضا مفعل عليه، لمشابهته له في المعنى، فصحح كما صحح مفعال كمقول ومقوال. وأشار بقوله " وألف الافعال واستفعال أزل - إلى آخره " إلى أن المصدر إذا كان على وزن إفعال أو استفعال، وكان معتل العين، فإن ألفه تحذف لالنقائها ساكنة مع الالف المبدلة من عين المصدر، وذلك نحو إقامة واستقامة، وأصله إفوام واستقوام، فنقلت حركة العين إلى الفاء، وقلبت الواو ألفا لمجانسة الفتحة قبلها، فالتقى ألفان، فحذفت الثانية منهما، ثم عوض منها تاء التأنيث، فصار إقامة واستقامة، وقد تحذف هذه التاء كقولهم: أجاب إجابا، ومنه قوله تعالى: (وإقام الصلاة).
* * *
[ 575 ]
ومالافعال - من الحذف، ومن * نقل فمفعول به أيضا قمن نحو مبيع ومصون، وندر * تصحيح ذى الواو، وفي ذى اليا اشتهر إذا بنى مفعول من الفعل المعتل العين - بالياء أو الواو - وجب فيه ما وجب في إفعال واستفعال من النقل والحذف، فتقول في مفعول من باع وقال: " مبيع ومقول " والاصل مبيوع ومقوول، فنقلت حركة العين إلى الساكن قبلها، فالتقى ساكنان: العين، وواو مفعول، فحذفت واو مفعول، فصار مبيع ومقول - وكان حق مبيع أن يقال فيه: مبوع، لكن قلبوا الضمة كسرة لتصح الياء، ندر التصحيح فيما عينه واو، قالوا: ثوب مصوون،
[ 576 ]
والقياس مصون، ولغة تميم تصحيح ما عينه ياء، فيقولون: مبيوع، ومخيوط، ولهذا قال المصنف رحمه الله تعالى: " وندر تصحيح ذى الواو، وفي ذى اليا اشتهر ".
* * *
[ 577 ]
وصحح المفعول من نحو عدا * وأعلل ان لم تتحر الاجودا إذا بنى مفعول من فعل معتل اللام، فلا يخلو: إما أن يكون معتلا بالياء أو بالواو. فإن كان معتلا بالياء وجب إعلاله بقلب واو مفعول ياء وإدغامها في لام الكلمة، نحو مرمى - والاصل - مرموى، فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء - وإنما لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى هذا هنا لانه قد تقدم ذكره. وإن كان معتلا بالواو، فالاجود التصحيح، إن لم يكن الفعل على فعل، نحو " معدو " من عدا، ولهذا قال المصنف: " من نحو عدا "، ومنهم من يعل، فيقول: معدى، فإن كان الواوى على فعل، فالصحيح الاعلال، نحو: " مرضى " من رضى، قال الله تعالى: (ارجعي إلى ربك راضية مرضية)، والتصحيح قليل، نحو مرضو.
* * *
[ 578 ]
كذاك ذا وجهين جا الفعول من * ذى الواو لام جمع أو فرد يعن إذا بنى اسم على فعول، فإن كان جمعا، وكانت لامه واوا - جاز فيه وجهان: التصحيح، والاعلال، نحو: عصى ودلى، في جمع عصا ودلو، وأبو، ونجو، جمع أب ونجو، والاعلال أجود من التصحيح في الجمع، وإن
[ 579 ]
كان مفردا جاز فيه وجهان: الاعلال، والتصحيح، والتصحيح أجود، نحو علا علوا، وعتاعتوا، ويقل الاعلال نحو " قساقسيا " - أي قسوة -.
* * *
وشاع نحو نيم في نوم * ونحو نيام شذوذه نمى إذا كان فعل جمعا لما عينه واو جاز تصحيحه وإعلاله، إن لم يكن قبل لامه ألف، كقولك في جمع صائم: صوم وصيم، وفي جمع نائم: نوم ونيم. فإن كان قبل اللام ألف وجب التصحيح، والاعلال شاذ، نحو " صوام "، و " نوام " ومن الاعلال قوله: 359 - * فما أرق النيام إلا كلامها
* * * *
[ 580 ]
فصل ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا * وشذ في ذى الهمز نحو ائتكلا إذا بنى افتعال وفروعه من كلمة فاؤها حرف لين - وجب إبدال حرف اللين تاء نحو: اتصال، واتصل، ومتصل - والاصل فيه: أو تصال، واوتصل، وموتصل، فإن كان حرف اللين بدلا من همزة لم يجز إبداله تاء،
[ 581 ]
فتقول في افتعل من الاكل: ائتكل، ثم تبدل الهمزة ياء، فتقول: ايتكل، ولا يجوز إبدال الياء تاء، وشذ قولهم: اتزر " بإبدال الياء تاء.
* * *
طا تا افتعال رد إثر مطبق * في ادان وازدد وادكر دالا بقى
[ 582 ]
إذا وقعت تاء افتعال بعد حرف من حروف الاطباق - وهى: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء - وجب إبداله طاء، كقولك: اصطبر، واضطجع، واظطعنوا، واظطلموا. والاصل: اصتبر، واضتجع، واظتعنوا، واظتلموا، فأبدل من تاء الافتعال طاء. وإن وقعت تاء الافتعال بعد الدال والزاى والذال قلبت دالا، نحو ادان، وازدد، وادكر. والاصل: ادتان، وازتد، واذتكر، فاستثقلت التاء بعد هذه الاحرف، فأبدلت دالا، وأدغمت الدال في الدال.
فصل فاأمر أو مضارع من كوعد * احذف، وفي كعدة ذاك اطرد
[ 583 ]
وحذف همز أفعل استمر في * مضارع وبنيتى متصف إذا كان الفعل الماضي معتل الفاء كوعد - وجب حذف الفاء: في الامر، والمضارع، والمصدر إذا كان بالتاء، وذلك نحو: عد، ويعد، وعدة، فإن لم يكن المصدر بالتاء لم يجز حذف الفاء، كوعد. وكذلك يجب حذف الهمزة الثانية في الماضي مع المضارع، واسم الفاعل، واسم المفعول، نحو قولك في أكرم: يكرم، والاصل يؤكرم، ونحو:
[ 584 ]
مكرم، ومكرم، والاصل مؤكرم ومؤكرم، فحذفت الهمزة في اسم الفاعل واسم المفعول.
ظلت وظلت في ظللت استعملا * وقرن في اقررن، وقرن نقلا
إذا أسند الفعل الماضي، المضاعف، المكسور العين، إلى تاء الضمير أو نونه - جاز فيه ثلاثة أوجه: أحدها: إتمامه، نحو: ظللت أفعل كذا، إذا عملته بالنهار. والثانى: حذف لامه، ونقل حركة العين إلى الفاء، نحو: ظلت. والثالث: حذف لامه، وإبقاء فائه على حركتها، نحو: ظلت. وأشار بقوله: " وقرن في اقررن " إلى أن الفعل المضارع، المضاعف، الذى على وزن يفعلن، إذا اتصل بنون الاناث - جاز تخفيفه بحذف عينه بعد نقل حركتها إلى الفاء، وكذا الامر منه، وذلك نحو قولك في يقررن: " يقرن "، وفي اقررن: " قرن ".
[ 585 ]
وأشار بقوله " وقرن نقلا " إلى قراءة نافع وعاصم: (وقرن في بيوتكن) - بفتح القاف - وأصله اقررن، من قولهم: قر بالمكان يقر، بمعنى يقر، حكاه ابن القطاع، ثم خفف بالحذف بعد نقل الحركة - وهو نادر، لان هذا التخفيف إنما هو للمكسور العين.
* * *
[ 586 ]
الادغام أول مثلين محركين في * كلمة ادغم لا كمثل صفف وذلل وكلل ولبب * ولا كجسس ولا كاخصص ابى ولا كهيلل، وشذ في ألل * ونحوه فك بنقل فقبل إذا تحرك المثلان في كلمة أدغم أولهما في ثانيهما، إن لم يتصدرا، ولم يكن ماهما فيه اسما على وزن فعل، أو على وزن فعل، أو فعل، أو فعل، ولم يتصل أول المثلين بمدغم، ولم تكن حركة الثاني منهما عارضة، ولا ماهما فيه ملحقا بغيره.
[ 587 ]
فإن تصدرا فلا إدغام كددن، وكذا إن وجد واحد مما سبق ذكره، فالاول كصفف ودرر، والثانى: كذلل، وجدد، والثالث: ككلل ولمم، والرابع: كطلل ولبب، والخامس: كجسس - جمع جاس - والسادس: كاخصص ابى، [ وأصله اخصص أبى ] فنقلت الهمزة إلى الصاد، والسابع: كهيلل - أي أكثر من قول لا إله إلا الله، ونحوه: قردد، ومهدد. فإن لم يكن شئ من ذلك وجب الادغام، نحو: رد، وضن - أي: بخل - ولب، والاصل: ردد، وضنن، ولبب. وأشار بقوله " وشذ في ألل ونحوه فك بنقل فقبل " إلى أنه قد جاء الفك في ألفاظ قياسها وجوب الادغام، فجعل شاذا يحفظ ولا يقاس عليه، نحو " ألل السقاء " إذا تغيرت رائحته، و " لححت عينه " إذ التصب بالرمص.
* * *
[ 588 ]
وحبى افكك وادغم دون حذو * كذاك نحو تتجلى واستتر أشار في هذا البيت إلى ما يجوز فيه الادغام والفك. وفهم منه: أن ما ذكره قبل ذلك واجب الادغام. والمراد بحيى: ما كان المثلان فيه ياءين لازما تحريكهما، نحو: حيى وعيى، فيجوز الادغام، نحو: حى وعى، فلو كانت حركة أحد المثلين عارضة بسبب العامل لم يجز الادغام اتفاقا نحو: لن يحيى.
[ 589 ]
وأشار بقوله: " كذاك نحو تتجلى واستتر " إلى أن الفعل المبتدأ بتاءين مثل " تتجلى " يجوز فيه الفك والادغام، فمن فك - وهو القياس - نظر إلى أن المثلين مصدر ان، ومن أدغم أراد التخفيف، فيقول: اتجلى، فيدغم أحد المثلين في الآخر فتسكن إحدى التاءين، فيؤتى بهمزة الوصل توصلا للنطق بالساكن. وكذلك قياس تاء " استتر " الفك لسكون ما قبل المثلين، ويجوز الادغام فيه بعد نقل حركة أول المثلين إلى الساكن، نحو: ستر يستر ستارا.
وما بتاءين ابتدى قد يقتصر * فيه على تا كتبين العبر
[ 590 ]
يقال في تتعلم وتتنزل وتتبين ونحوها: " تعلم، وتنزل، وتبين: بحذف إحدى التاءين وإبقاء الاخرى، وهو كثير جدا، ومنه قوله تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها).
وفك حيث مدغم فيه سكن * لكونه بمضمر الرفع اقترن
نحو: حللت ما حللته، وفي * جزم وشبه الجزم تخيير قفى
[ 591 ]
إذا اتصل بالفعل المدغم عينه في لامه ضمير رفع سكن آخره، فيجب حينئذ الفك، نحو: حللت، وحللنا، والهندات حللن، فإذا دخل عليه جازم جاز الفك، نحو: لم يحلل، ومنه قوله تعالى: (ومن يحلل عليه غضبى) وقوله: (ومن يرتدد منكم عن دينه) والفك لغة أهل الحجاز، وجاز الادغام، نحو " لم يحل "، ومنه قوله تعالى: (ومن يشاق الله ورسوله - في سورة الحشر) وهى لغة تميم، والمراد بشبه الجزم سكون الآخر في الامر، نحو: احلل، وإن شئت قلت: حل، لان حكم الامر كحكم [ المضارع ] المجزوم.
وفك أفعل في التعجب التزم * والتزم الادغام أيضا في هلم
ولما ذكر أن فعل الامر يجوز فيه وجهان - نحو احلل، وحل - استثنى من ذلك شيئين: أحدهما: أفعل في التعجب، فإنه يجب فكه، نحو: أحبب بزيد، وأشدد ببياض وجهه. الثاني: هلم، فإنهم التزموا إدغامه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[ 592 ]
وما بجمعه عنيت قد كمل * نظما على جل المهمات اشتمل
أحصى من الكافية الخلاصه * كما اقتضى غنى بلا خصاصه
فأحمد الله مصليا على * محمد خير نبى أرسلا
وآله الغر الكرام البرره * وصحبه المنتخبين الخيره .
من شرح ابن عقيل على الفية ابن مالك
[ 529]
التصريف حرف وشبهه من الصرف برى * وما سواهما بتصريف حرى
التصريف عبارة عن: علم يبحث فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية، وما لحروفها من أصالة وزيادة، وصحة وإعلال، وشبه ذلك. ولا يتعلق إلا بالاسماء المتمكنة والافعال، فأما الحروف وشبهها فلا تعلق لعلم التصريف بها.
* * * وليس أدنى من ثلاثى يرى * قابل تصريف سوى ما غيرا
[ 530 ]
يعنى أنه لا يقبل التصريف من الاسماء والافعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين، إلا إن كان محذوفا منه، فأقل ما تبنى عليه الاسماء المتمكنة والافعال ثلاثة أحرف، ثم قد يعرض لبعضها نقص ك " يد " و " قل " و " م الله " و " ق زيدا ".
ومنتهى اسم خمس ان تجردا * وإن يزد فيه فما سبعا
عدا الاسم قسمان: مزيد فيه، ومجرد عن الزيادة. فالمزيد فيه هو: ما بعض حروفه ساقط وضعا، وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف، نحو: احرنجام، واشهيباب. والمجرد عن الزيادة هو: ما بعض حروفه ليس ساقطا في أصل الوضع، وهو: إما ثلاثى كفلس، أو رباعى كجعفر، وإما خماسى - وهو غايته - كسفرجل.
[ 531 ]
وغير آخر الثلاثي افتح وضم * واكسر، وزد تسكين ثانيه تعم
العبرة في وزن الكلمة بما عدا الحرف الاخير منها، وحينئذ فالاسم الثلاثي: إما أن يكون مضموم الاول أو مكسوره أو مفتوحه، وعلى كل من هذه التقادير: إما أن يكون مضموم الثاني أو مكسوره أو مفتوحه، أو ساكنه، فتخرج من هذا اثنا عشر بناء حاصلة من ضرب ثلاثة في أربعة، وذلك نحو: قفل، وعنق، ودئل، وصرد، ونحو: علم، وحبك، وإبل، وعنب، ونحو: فلس، وفرس، وعضد، وكبد.
* * * وفعل أهمل، والعكس يقل * لقصدهم تخصيص فعل بفعل
[ 532 ]
يعنى أن من الابنية الاثنى عشر بناءين أحدهما مهمل والآخر قليل. فالاول: ما كان على وزن فعل - بكسر الاول، وضم الثاني - وهذا بناء من المصنف على عدم إثبات حبك. والثانى: ما كان على وزن فعل - بضم الاول، وكسر الثاني - كدئل، وإنما قل ذلك في الاسماء لانهم قصدوا تخصيص هذا الوزن بفعل ما لم يسم فاعله كضرب وقتل.
* * * وافتح وضم واكسر الثاني من * فعل ثلاثى، وزد نحو ضمن ومنتهاه أربع إن جردا * وإن يزد فيه فما ستا عدا الفعل ينقسم إلى مجرد، و [ إلى ] مزيد فيه، كما انقسم الاسم إلى ذلك،
[ 533 ]
وأكثر ما يكون عليه المجرد أربعة أحرف، وأكثر ما ينتهى في الزيادة إلى ستة. وللثلاثي المجرد أربعة أوزان: ثلاثة لفعل الفاعل، وواحد لفعل المفعول، فالتى لفعل الفاعل فعل - بفتح العين - كضرب، وفعل - بكسرها - كشرب، وفعل - بضمها - كشرف. والذى لفعل المفعول فعل - بضم الفاء، وكسر العين - كضمن. ولا تكون الفاء في المبنى للفاعل إلا مفتوحة، ولهذا قال المصنف " وافتح وضم واكسر الثاني " فجعل الثاني مثلثا، وسكت عن الاول، فعلم أنه يكون على حالة واحدة، وتلك الحالة هي الفتح. [ وللرباعي المجرد ثلاثة أوزان: واحد لفعل الفاعل، كد حرج، وواحد لفعل المفعول كدحرج، وواحد لفعل الامر كدحرج ]. وأما المزيد فيه، فإن كان ثلاثيا صار بالزيادة على أربعة أحرف: كضارب، أو على خمسة: كانطلق، أو على ستة: كاستخرج، وإن كان رباعيا صار بالزيادة على خمسة: كتدحرج، أو على ستة: كاحرنجم.
* * *
[ 534 ]
لاسم مجرد رباع فعلل * وفعلل وفعلل وفعلل ومع فعل فعلل، وإن علا * فمع فعلل حوى فعلللا كذا فعلل وفعلل، وما * غاير للزيد أو النقص انتمى الاسم الرباعي المجرد له ستة أوزان: الاول: فعلل - بفتح أوله وثالثه، وسكون ثانيه - نحو: جعفر.
[ 535 ]
الثاني: فعلل - بكسر أوله وثالثه، وسكون ثانيه - نحو: زبرج. الثالث: فعلل - بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه - نحو: درهم [ وهجرع ]. الرابع: فعلل - بضم أوله وثالثه، وسكون ثانيه - نحو: برثن. الخامس: فعل - بكسر أوله، وفتح ثانيه، وسكون ثالثه - نحو هزبر. السادس: فعلل - بضم أوله، وفتح ثالثه، وسكون ثانيه - نحو: جخدب. وأشار بقوله: " فإن علا - إلخ " إلى أبنية الخماسي، وهى أربعة: الاول: فعلل - بفتح أوله وثانيه، وسكون ثالثه، وفتح رابعه - نحو: سفرجل. الثاني: فعللل - بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، وكسر رابعه - نحو: جحمرش. الثالث: فعلل - بضم أوله، وفتح ثانيه، وسكون ثالثه، وكسر رابعه - نحو: قذعمل.
[ 536 ]
الرابع: فعلل - بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، وسكون رابعه - نحو: قرطعب. وأشار بقوله: " وما غاير - إلخ " إلى أنه إذا جاء شئ على خلاف ما ذكر، فهو إما ناقص، وإما مزيد فيه، فالاول كيد ودم، والثانى كاستخراج واقتدار.
* * * والحرف إن يلزم فأصل، والذى * لا يلزم الزائد، مثل تا احتذى الحرف الذى يلزم تصاريف الكلمة هو الحرف الاصلى، والذى يسقط في بعض تصاريف الكلمة هو الزائد، نحو ضارب ومضروب.
* * * بضمن فعل قابل الاصول في * وزن، وزائد بلفظه اكتفى
[ 537 ]
وضاعف اللام إذا أصل بقى * كراء جعفر وقاف فستق إذا أريد وزن الكلمة قوبلت أصولها بالفاء والعين واللام، فيقابل أولها بالفاء، وثانيها بالعين، وثالثها باللام، فإن بقى بعد هذه الثلاثة أصل عبر عنه باللام. فإن قيل: ما وزن ضرب ؟ فقل: فعل، وما وزن زيد ؟ فقل: فعل، وما وزن جعفر ؟ فقل: فعلل، وما وزن فستق ؟ تقل: فعلل، وتكرر اللام على حسب الاصول. وإن كان في الكلمة زائد عبر عنه بلفظه، فإذا قيل: ما وزن ضارب ؟ فقل: فاعل، وما وزن جوهر ؟ فقل: فوعل، وما وزن مستخرج ؟ فقل: مستفعل. هذا إذا لم يكن الزائد ضعف حرف أصلى، فإن كان ضعفه عبر عنه بما عبر به عن ذلك الاصلى، وهو المراد بقوله:
* * *
[ 538 ]
وإن يك الزائد ضعف أصلى * فاجعل له في الوزن اما للاصل فتقول في وزن اغدودن: افعوعل، فتعبر عن الدال الثانية بالعين كما عبرت بها عن الدال الاولى، لان الثانية ضعفها، وتقول في وزن قتل: فعل، ووزن كرم فعل، فتعبر عن الثاني بما عبرت به عن الاول، ولا يجوز أن تعبر عن هذا الزائد بلفظه، فلا تقول في وزن اغدودن افعودل، ولا في وزن قتل فعتل، ولا في وزن كرم فعرل.
* * * واحكم بتأصيل حروف سمسم * ونحوه، والخلف في كلملم
[ 539 ]
المراد يسمسم الرباعي الذى تكررت فاؤه وعينه، ولم يكن أحد المكررين صالحا للسقوط، فهذا النوع بحكم على حروفه كلها بأنها أصول، فإذا صلح أحد المكررين للسقوط ففى الحكم عليه بالزيادة خلاف - وذلك نحو " لملم " أمر من لملم، و " كفكف " أمر من كفكف، فاللام الثانية والكاف الثانية صالحان للسقوط، بدليل صحة لم وكف - فاختلف الناس في ذلك، فقيل: هما مادتان، وليس كفكف من كف ولا لملم من لم، فلا تكون اللام والكاف زائدتين، وقيل: اللام زائدة وكذا الكاف، وقيل: هما بدلان من حرف مضاعف، والاصل لمم وكفف، ثم أبدل من أحد المضاعفين: لام في لملم، وكاف في كفكف.
* * * فألف أكثر من أصلين * صاحب - زائد بغير مين إذا صحبت الالف ثلاثة أحرف أصول حكم بزيادتها، نحو: ضارب
[ 540 ]
وغضبى، فإن صحبت أصلين فقط فليست زائدة، بل هي إما أصل: كإلى، وإما بدل من أصل: كقال وباع.
* * * واليا كذا والواو إن لم يقعا * كما هما في يؤيؤ ووعوعا أي: كذلك إذا صحبت الياء أو الواو ثلاثة أحرف أصول، فإنه يحكم بزيادتها، إلا في الثنائي المكرر. فالاول: كصيرف، ويعمل، وجوهر، وعجوز. والثانى: كيؤيؤ - لطائر ذى مخلب - ووعوعة - مصدر وعوع إذا صوت.
[ 541 ]
فالياء والواو في الاول زائدتان، وفي الثاني أصليتان.
* * * وهكذا همز وميم سبقا * ثلاثة تأصيلها تحققا أي: كذلك يحكم على الهمزة والميم بالزيادة إذا تقدمتا على ثلاثة أحرف أصول، كأحمد ومكرم، فإن سبقا أصلين حكم بأصالتهما كإبل ومهد.
* * * كذاك همز آخر بعد ألف * أكثر من حرفين لفظها ردف أي: كذلك يحكم على الهمزة بالزيادة إذا وقعت آخرا بعد ألف تقدمها أكثر من حرفين، نحو: حمراء، وعاشوراء، وقاصعاء.
[ 542 ]
قإن تقدم الالف حرفان فالهمزة غير زائدة، نحو: كساء، ورداء، فالهمزة في الاول بدل من واو، وفي الثاني بدل من ياء، وكذلك إذا تقدم على الالف حرف واحد، كماء، وداء.
* * * والنون في الآخر كالهمز، وفي * نحو " غضنفر " أصالة كفى النون إذا وقعت آخرا بعد ألف، تقدمها أكثر من حرفين - حكم عليها بالزيادة، كما حكم على الهمزة حين وقعت كذلك، وذلك نحو زعفران، وسكران. فإن لم يسبقها ثلاثة فهى أصلية، نحو مكان، وزمان. ويحكم أيضا على النون بالزيادة إذا وقعت بعد حرفين وبعدها حرفان كغضنفر.
* * *
[ 543 ]
والتاء في التأنيث والمضارعة * ونحو الاستفعال والمطاوعة تزاد التاء إذا كانت للتأنيث، كقائمة، وللمضارعة، نحو أنت تفعل، أو مع السين في الاستفعال وفروعه، نحو استخراج ومستخرج واستخرج، أو مطاوعة فعل نحو علمته فتعلم، أو فعلل كتد حرج.
* * * والهاء وقفا كلمه ولم تره * واللام في الاشارة المشتهرة تزاد الهاء في الوقف، نحو لمه ولم تره، وقد سبق في باب الوقف بيان ما تزاد فيه، وهو " ما " الاستفهامية المجرورة، والفعل المحذوف اللام للوقف، نحو " ره "، أو المجزوم، نحو " لم تره " وكل مبنى على حركة نحو " كيفه " إلا ما قطع عن الاضافة كقبل وبعد، واسم " لا " التى لنفى الجنس نحو " لارجل " والمنادى نحو " يا زيد " والفعل الماضي نحو " ضرب ".
[ 544 ]
واطرد أيضا زيادة اللام في أسماء الاشارة، نحو ذلك، وتلك، وهنالك.
* * * وامنع زيادة بلا قيد ثبت * إن لم تبين حجة كحظلت إذا وقع شئ من حروف الزيادة العشرة التى يجمعها قولك: " سألتمونيها " حاليا عما قيدت به زيادته فاحكم بأصالته، إلا إن قام على زيادته حجة بينة: كسقوط همزة " شمأل " في قولهم: " شملت الريح شمولا " إذا هبت شمالا، وكسقوط نون " حنظل " في قولهم " حظلت الابل " إذا آذاها أكل الحنظل، وكسقوط تاء " ملكوت " في " الملك ".
[ 545 ]
فصل في زيادة همزة الوصل للوصل همز سابق لا يثبت * إلا إذا ابتدى به كاستثبتوا لا يبتدأ بساكن، كمالا يوقف على متحرك، فإذا كان أول الكلمة ساكنا وجب الاتيان بهمزة متحركة، توصلا للنطق بالساكن، وتسمى [ هذه الهمزة ] همزة وصل، وشأنها أنها تثبت في الابتداء وتسقط في الدرج، نحو استثبتوا - أمر للجماعة بالاستثبات.
* * * وهو لفعل ماض احتوى على * أكثر من أربعة، نحو انجلى والامر والمصدر منه، وكذا * أمر الثلاثي كاخش وامض وانفذا
[ 546 ]
لما كان الفعل أصلا في التصريف اختص بكثرة مجئ أوله ساكنا، فاحتاج إلى همزة الوصل، فكل فعل ماض احتوى على أكثر من أربعة أحرف يجب الاتيان في أوله بهمزة الوصل، نحو استخرج وانطلق، وكذلك الامر منه نحو استخرج وانطلق، والمصدر نحو استخراج وانطلاق، وكذلك تجب الهمزة في أمر الثلاثي، نحو اخش وامض وانفذ، من خشى ومضى ونفذ.
* * * وفي اسم است ابن ابنم سمع * واثنين وامرئ وتأنيث تبع وايمن، همز أل كذا، ويبدل * مدا في الاستفهام أو يسهل لم تحفظ همزة الوصل في الاسماء التى ليست مصادر لفعل زائد على أربعة، إلا في عشرة أسماء: اسم، واست، وابن، وابنم، واثنين، وامرئ، وامرأة، وابنة، واثنتين، وايمن - في القسم.
[ 547 ]
ولم تحفظ في الحروف إلا في " أل "، ولما كانت الهمزة مع " أل " مفتوحة، وكانت همزة الاستفهام مفتوحة - لم يجز حذف همزة الاستفهام، لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، بل وجب إبدال همزة الوصل ألفا، نحو: آلامير قائم ؟ أو تسهيلها، ومنه قوله: 358 - أألحق - إن دار الرباب تباعدت * أو انبت حبل - أن قلبك طائر
* * *
[ 548 ]
الابدال أحرف الابدال " هدأت موطيا " * فأبدل الهمزة من واو ويا آخرا اثر ألف زيد، وفي * فاعل ما أعل عينا ذا اقتفى هذا الباب عفده المصنف لبيان الحروف التى تبدل من غيرها إبدالا شائعا، وهى تسعة أحرف، جمعها المصنف رحمه الله تعالى في قوله " هدأت موطيا " ومعنى " هدأت " سكنت، و " موطيا " اسم فاعل من " أوطأت الرحل " إذا جعلته وسيئا، لكنه خفف همزته بإبدالها ياء لانفتاحها وكسر ما قبلها. وأما غير هذه الحروف فإبدالها من غيرها شاذ، أو قليل، فلم يتعرض المصنف له، وذلك كقولهم في اضطجع: " الطجع " وفي أصيلان:
[ 549 ]
" أصيلال ". فتبدل الهمزة من كل واو أو ياء، تطرفتا، ووقعتا بعد ألف زائدة، نحو دعاء، وبناء، والاصل دعاو وبناى، فإن كانت الالف التى قبل الياء أو الواو غير زائدة، لم تبدل، نحو آية وراية، وكذلك إن لم تتطرف الياء أو الواو كتباين وتعاون. وأشار بقوله: " وفي فاعل ما أعل عينا ذا اقتفى " إلى أن الهمزة تبدل من الياء والواو قياسا [ متبعا ] إذا وقعت كل منهما عين اسم فاعل وأعلت في فعله، نحو قائل وبائع، وأصلهما قاول وبايع، ولكن أعلوا حملا على الفعل، فكما قالوا قال وباع فقلبوا العين ألفا قالوا قائل وبائع فقلبوا عين اسم الفاعل همزة، فإن لم تعل العين في الفعل صحت في اسم الفاعل، نحو عور فهو عاور وعين فهو عاين.
* * * والمد زيد ثالثا في الواحد * همزا يرى في مثل كالقلائد
[ 550 ]
تبدل الهمزة - [ أيضا ] - مما ولى ألف الجمع الذى على مثال مفاعل، إن كان مدة مزيدة في الواحد، نحو قلادة وقلائد، وصحيفة وصحائف، وعجوز وعجائز، فلو كان غير مدة لم تبدل، نحو قسورة وقساور، وهكذا إن كان مدة غير زائدة نحو مفازة ومفاوز، ومعيشة ومعايش، إلا فيما سمع فيحفظ ولا يقاس عليه، نحو مصيبة ومصائب.
* * * كذاك ثانى لينين اكتنفا * مد مفاعل كجمع نيفا أي: كذلك تبدل الهمزة من ثانى حرفين لينين، توسط بينهما مدة مفاعل، كما لو سميت [ رجلا ] بنيف ثم كسرته فإنك تقول: نيائف - بإبدال الياء
[ 551 ]
الواقعة بعد ألف الجمع همزة - ومثله أول وأوائل، فلو توسط بينهما مدة مفاعيل، امتنع قلب الثاني منهما همزة، كطواويس، ولهذا قيد المصنف - رحمه الله تعالى ! - ذلك بمدة مفاعل.
* * * وافتح ورد الهمزيا فيما أعل * لاما، وفي مثل هراوة جعل واوا، وهمزا أول الواو بن رد * في بدء غير شبه ووفي الاشد قد سبق أنه يجب إبدال المدة الزائدة في الواحد همزة، إذا وقعت بعد ألف الجمع نحو صحيفة وصحائف، وأنه إذا توسط ألف مفاعل بين حرفين لينين قلب الثاني منهما همزة، نحو نيف ونيائف.
[ 552 ]
وذكر هنا أنه إذا اعتل لام أحد هذين النوعين فإنه يخفف بإبدال كسرة الهمزة فتحة ثم إبدالها ياء. فمثال الاول قضية وقضايا - وأصله قضائي، بإبدال مدة الواحد همزة، كما فعل في صحيفة وصحائف، فأبدلوا كسرة الهمزة فتحة، فحينئذ: تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت قضاءا، فأبدلت الهمزة ياء، فصار " قضايا ". ومثال الثاني زاوية وزوايا - وأصله: زوائى، بإبدال الواو الواقعة بعد ألف الجمع همزة كنيف ونيائف، فقلبوا كسرة الهمزة فتحة، فحيئنذ قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها [ فصارت زواءا ]، ثم قلبوا الهمزة ياء، فصار زوايا. وأشار بقوله: " وفي مثل هراوة جعل واوا " إلى أنه إنما تبدل الهمزة ياء إذا لم تكن اللام واوا سلمت في المفرد كما مثل، فإن كانت اللام واوا سلمت في المفرد، لم تقلب الهمزة ياء، بل تقلب واوا، ليشا كل الجمع واحده، وذلك حيث وقعت الواو رابعة بعد ألف، وذلك نحو قولهم: " هراوة وهراوى " وأصلها هرائو كصحائف، فقلبت كسرة الهمزة فتحة، وقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار هراءا، ثم قلبوا الهمزة واوا، فصار " هراوى ". وأشار بقوله: " وهمزا أول الواوين رد " إلى أنه يجب رد أول الواوين المصدرتين همزة، ما لم تكن الثانية بدلا من ألف فاعل، نحو أواصل في جمع واصلة، والاصل " وواصل " بواوين: الاولى فاء الكلمة، والثانية بدل من ألف فاعلة، فإن كانت الثانية بدلا من ألف فاعل لم يجب الابدال، نحو ووفي وو ورى - أصله وافى ووارى، فلما بنى للمفعول احتيج إلى ضم ما قبل الالف فأبدلت الالف واوا.
[ 553 ]
ومدا ابدل ثانى المهزين من * كلمة ان يسكن كآثر وائتمن أن يفتح اثر ضم أو فتح قلب * واوا، وياء إثر كسر ينقلب ذو الكسر مطلقا كذا، وما يضم * واوا أصر، ما لم يكن لفظا أتم
[ 554 ]
فذاك ياء مطلقا جا، وأؤم * ونحوه وجهين في ثانيه أم إذا اجتمع في كلمة همزتان وجب التخفيف، إن لم يكونا في موضع العين، نحو سئال ورأس، ثم إن تحركت أولاهما وسكنت ثانيتهما، وجب إبدال الثانية مدة تجانس حركة الاولى، فإن كانت حركتها فتحة أبدلت الثانية ألفا، نحو آثرت، وإن كانت ضمة أبدلت واوا، نحو أوثر، وإن كانت كسرة أبدلت ياء، نحو إيثار، وهذا هو المراد بقوله " ومدا ابدل - البيت ". وإن تحركت ثانيتهما: فإن كان حركتها فتحة وحركة ما قبلها فتحة أو ضمة قلبت واوا، فالاول نحو: أوادم جمع آدم، وأصله أآدم، والثانى نحو أويدم، تصغير آدم، وهذا هو المراد بقوله: " إن يفتح اثر ضم أو فتح قلب واوا ". وإن كانت حركة ما قبلها كسرة قلبت ياء، نحو إيم - وهو مثال إصبع من أم، وأصله إئمم، فنقلت حركة الميم الاولى إلى الهمزة التى قبلها، وأدغمت الميم في الميم فصار إئم، ثم قلبت الهمزة الثانية ياء، فصار إيم، وهذا هو المراد من قوله " وياء اثر كسر ينقلب ". وأشار بقوله: " ذو الكسر مطلقا كذا " إلى أن الهمزة الثانية إذا كانت
[ 555 ]
مكسورة تقلب ياء مطلقا - أي: سواء كانت التى قبلها مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة - فالاول نحو أين - مضارع أن - وأصلها اثن، فخففت بإبدال الثانية من جنس حركتها [ فصار أبن ] وقد تحقق، نحو أئن - بهمزتين - ولم تعامل بهذه المعاملة في غير الفعل إلا في " أئمة " فإنها جاءت بالابدال والتصحيح، والثانى نحو: إيم مثال إصبع من أم، وأصله إئمم، نقلت حركة الميم الاولى إلى الهمزة الثانية، وأدغمت الميم في الميم فصار إئم، فخففت الهمزة الثانية بإبدالها من جنس حركتها، فصار إيم، والثالث نحو: أين - أصله أئن [ والاصل أؤنن ] لانه مضارع أأننته: أي جعلته يئن - فدخله النقل ولادعام، ثم خفف بإبدال ثانى همزيته من جنس حركتها [ فصار أين ]. وأشار بقوله: " وما يضم واوا أصر " إلى أنه إذا كانت الهمزة الثانية مضمومة، قلبت واوا، سواء انفتحت الاولى، أو انكسرت، أو انضمت، فالاول نحو أوب - جمع أب، وهو المرعى - أصله أأبب، لانه أفعل، فنقلت حركة عينه إلى فائه، ثم أدغم فصار أؤب، ثم خففت ثانية الهمزتين بإبدالها من جنس حركتها، فصار أوب، والثانى نحو إوم - مثال إصبع من أم، والثالث نحو أوم - مثال أبلم من أم. وأشار بقوله: " ما لم يكن لفظا أتم، فذاك ياء مطلقا جا " إلى أن الهمزة الثانية المضمومة إنما تصير واوا إذا لم تكن طرفا، فإن كانت طرفا صيرت ياء مطلقا، سواء انضمت الاولى، أو انكسرت، أو انفتحت، أو سكنت، فتقول في مثال جعفر من قرأ " قرأ أ " ثم تقلب الهمزة ياء، فتصير قرأيا، فتحركت الياء وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار قرأى، وتقول في مثال زبرج من قرأ " قرئئ " ثم تقلب الهمزة ياء فتصير قرئيا، كالمنقوص، وتقول
[ 556 ]
في مثال برثن من قرأ " قرؤؤ " ثم تقلب الضمة التى على الهمزة الاولى كسرة، فيصير قرئيا مثل القاضى. وأشار بقوله: " وأؤم ونحوه وجهين في ثانيه أم " إلى أنه إذا انضمت الهمزة الثانية وانفتح ما قبلها، وكانت الهمزة الاولى للمتكلم جاز لك في الثانية وجهان: الابدال، والتحقيق، وذلك نحو أؤم - مضارع أم، فإن شئت أبدلت، فقلت: أوم، وإن شئت حققت، فقلت: أؤم - وكذا ما كان نحو أؤم في كون أولى همزتيه للمتكلم، وكسرت ثانيتهما، يجوز في الثانية منهما: الابدال، والتحقيق، نحو أين مضارع أن، فإن شئت أبدلت فقلت: أين، وإن شئت حققت فقلت: أئن.
* * * وياء اقلب ألفا كسرا تلا * أو ياء تصغير، بواو ذا افعلا
[ 557 ]
في آخر، أو قبل تا التأنيث، أو * زيادتي فعلان، ذا أيضا رأوا في مصدر المعتل عينا، والفعل * منه صحيح غالبا، نحو الحول إذا وقعت الالف بعد كسرة وجب قلبها ياء، كقولك في جمع مصباح ودينار: " مصابيح، ودنانير " وكذلك إذا وقعت قبلها ياء التصغير، كقولك في غزال: " غزيل " وفي قذال: " قذيل ".
* * * وأشار بقوله " بواو ذا افعلا في آخر - إلى آخر البيت " إلى أن الواو تقلب أيضا ياء: إذا تطرفت بعد كسرة، أو بعد ياء التصغير، أو وقعت قبل تاء التأنيث، أو قبل زيادتي فعلان، مكسورا ما قبلها.
[ 558 ]
فالاول نحو " رضى، وقوى " أصلهما رضو وقوو، لانهما من الرضوان والقوة، فقلبت الواو ياء. والثانى نحو " جرى " تصغير جرو، وأصله جريو، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. والثالث نحو: شجية، وهى اسم فاعل للمؤنث، وكذا شجية - مصغرا، وأصله شجيوة - من الشجو. والرابع نحو " غزيان " وهو مثال ظريان من الغزو. وأشار بقوله: " ذا أيضا رأوا في مصدر المعتل عينا " إلى أن الواو تقلب بعد الكسرة ياء في مصدر كل فعل اعتلت عينه، نحو " صام صياما، وقام قياما " والاصل صوام وقوام، فأعلت الواو في المصدر حملا له على فعله. فلو صحت الواو في الفعل لم تعتل في المصدر، نحو: لاوذ لواذا، وجاور حوارا. وكذلك تصح إذا لم يكن بعدها ألف وإن اعتلت في الفعل، نحو: حال حولا:
* * *
وجمع ذى عين أعل أو سكن * فاحكم بذا الاعلال فيه حيث عن
[ 559 ]
أي: متى وقعت الواو عين جمع، وأعلت في واحده أو سكنث، وجب قلبها ياء: إن انكسر ما قبلها، ووقع بعدها ألف، نحو ديار، وثياب - أصلهما دوار وثواب، فقلبت الواو ياء في الجمع لانكسار ما قبلها ومجئ الالف بعدها، مع كونها في الواحد إما معتلة كدار، أو شبيهة بالمعتل في كونها حرف لين ساكنا كثوب.
* * *
وصححوا فعلة، وفي فعل * وجهان، والاعلال أولى كالحيل إذا وقعت الواو عين جمع مكسورا ما قبلها واعتلت في واحده، أو سكنت، ولم يقع بعدها الالف، وكان على فعلة - وجب تصحيحها، نحو عود وعودة، وكوز وكوزة، وشذ ثور وثيرة. ومن هنا يعلم أنه إنما تعتل في الجمع إذا وقع بعدها ألف كما سبق تقريره، لانه حكم على فعلة بوجوب التصحيح، وعلى فعل بجواز التصحيح والاعلال،
[ 560 ]
فالتصحيح نحو: حاجة وحوج، والاعلال نحو: قامة وقيم، وديمة وديم، والتصحيح فيها قليل، والاعلال غالب.
* * *
والواو لاما بعد فتح يا انقلب * كالمعطيان يرضيان، ووجب إبدال واو بعد ضم من ألف * وياكموقن، بذالها اعترف إذا وقعت الواو طرفا، رابعة فصاعدا، بعد فتحة، قلبت ياء نحو: أعطيت - أصلة أعطوت، لانه من " عطا يعطو " إذا تناول - فقلبت الواو في الماضي ياء حملا على المضارع نحو " يعطى " كما حمل اسم المفعول نحو: معطيان على اسم الفاعل نحو معطيان، وكذلك يرضيان - أصله يرضوان،
[ 561 ]
لانه من الرضوان - فقلبت واوه بعد الفتحة ياء، حملا لبناء المفعول على بناء الفاعل نحو يرضيان. وقوله " ووجب إبدال واو بعد ضم من ألف " معناه أنه يجب أن يبدل من الالف واو إذا وقعت بعد ضمة كقولك في " بايع ": " بويع "، وفي " ضارب ": " ضورب ". وقوله " ويا كموقن بذالها اعترف " معناه أن الياء إذا سكنت في مفرد بعد ضمة، وجب إبدالها واوا، نحو موقن وموسر - أصلهما ميقن وميسر، لانهما من أيقن وأيسر - فلو تحركت الياء لم تعل، نحو هيام.
* * * ويكسر المضموم في جمع كما * يقال " هيم " عند جمع " أهيما " يجمع فعلاء وأفعل على فعل - بضم الفاء، وسكون العين - كما سبق في التكسير، كحمراء وحمر وأحمر وحمر، فإذا اعتلت عين هذا النوع من الجمع بالياء قلبت الضمة كسرة لتصح الياء، نحو: هيماء وهيم، وبيضاء وبيض، ولم تقلب الياء واوا كما فعلوا في المفرد - كموقن - استثقالا لذلك في الجمع.
* * *
[ 562 ]
وواوا اثر الضم رد اليا متى * ألفى لام فعل أو من قبل تا كتاء بان من رمى كمقدره * كذا إذا كسبعان صيره إذا وقعت الياء لام فعل، أو من قبل تاء التأنيث، أو زيادتي فعلان، وانضم ما قبلها في الاصول الثلاثة - وجب قلبها واوا. فالاول: نحو قضو الرجل.
[ 563 ]
والثانى: كما إذا بنيت من رمى اسما على وزن مقدرة، فإنك تقول: مرموة. والثالث: كما إذا بنيت من رمى اسما على وزن سبعان، فإنك تقول: رموان. فتقلب الياء واوا في هذه المواضع الثلاثة لانضمام ما قبلها.
* * * وإن تكن عينا لفعلى وصفا * فذاك بالوجهين عنهم يلفى إذا وقعت الياء عينا لصفة، على وزن فعلى - جاز فيها وجهان: أحدهما: قلب الضمة كسرة لتصح الياء. والثانى: إبقاء الضمة، فتقلب الياء واوا، نحو: الضيقى، والكيسى، والضوقى، والكوسى، وهما تأنيث الاضيق والاكيس.
* * *
[ 564 ]
فصل من لام فعلى اسما أتى الواو بدل * ياء، كتقوى، غالبا جاذا البدل تبدل الواو من الياء الواقعة لام اسم على وزن فعلى، نحو تقوى، وأصله تقيا، لانه من تقيت - فإن كانت فعلى صفة لم تبدل الياء واوا، نحو صديا وخزيا، ومثل تقوى: فتوى - بمعنى الفتيا، وبقوى - بمعنى البقيا، واحترز بقوله " غالبا " مما لم تبدل الياء فيه، واوا وهى لام اسم على فعلى كقولهم للرائحة: ريا.
* * * بالعكس جاء لام فعلى وصفا * وكون قصوى نادرا لا يخفى أي: تبدل الواو الواقعة لاما لفعلى وصفا ياء، نحو الدنيا، والعليا، وشذ
[ 565 ]
قول أهل الحجاز: القصوى، فإن كان فعلى اسما سلمت الواو، كحزوى.
* * * فصل إن يسكن السابق من واو ويا * واتصلا ومن عروض عريا فياء الواو اقلبن مدغما * وشذ معطى غير ما قد رسما إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة، وسبقت إحداهما بالسكون، وكان
[ 566 ]
سكونها أصليا - أبدلت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وذلك نحو " سيد، وميت " - والاصل سيود وميوت، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، فصار سيد وميت - فإن كانت الياء والواو في كلمتين لم يؤثر ذلك، نحو يعطى واقد، وكذا إن عرضت الياء أو الواو للسكون كقولك في رؤية: " رؤية " وفي " قوى ": " قوى " وشذ التصحيح في قولهم: " يوم أيوم " وشذ - أيضا - إبدال الياء واوا في قولهم: " عوى الكلب عوة ".
* * * من ياء أو واو بتحريك أصل * ألفا ابدل بعد فتح متصل
[ 567 ]
إن حرك التالى، وإن سكن كف * إعلال غير اللام، وهى لا يكف إعلالها بساكن غير ألف * أو ياء التشديد فيها قد ألف إذا وقعت الواو والياء متحركة بعد فتحة قلبت ألفا، نحو قال وباع، أصلهما قول وبيع، فقلبت [ الواو والياء ] ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، هذا إن كانت حركتهما أصلية، فإن كانت عارضة لم يعتد بها كجيل وتوم - أصلهما جيأل وتوأم، نقلت حركة الهمزة إلى الياء والواو فصار جيلا وتوما. فلو سكن ما بعد الياء أو الواو ولم تكن لاما وجب التصحيح، نحو بيان وطويل، فإن كانتا لاما وجب الاعلال، ما لم يكن الساكن بعدهما ألفا
[ 568 ]
اؤ ياء مشددة - كرميا وعلوى، وذلك نحو يخشون - أصله يخشيون فقلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت، لالتقائها ساكنة مع الواو الساكنة.
* * *
وصح عين فعل وفعلا * ذا أفعل كأغيد وأحولا كل فعل كان اسم الفاعل منه على وزن أفعل فإنه يلزم عينه التصحيح، نحو عور فهو أعور، وهيف فهو أهيف، وغيد فهو أغيد، [ وحول فهو أحول ] وحمل المصدر على فعله، نحو هيف وغيد وعور وحول.
* * *
وإن يبن تفاعل من افتعل * والعين واو سلمت ولم تعل إذا كان افتعل معتل العين فحقه أن تبدل عينه ألفا - نحو اعتاد وارتاد - لتحركها وانفتاح ما قبلها، فإن أبان افتعل معنى تفاعل - وهو
[ 569 ]
الاشتراك في الفاعلية والمفعولية - حمل عليه في التصحيح إن كان واويا نحو اشتوروا، فإن كانت العين ياء وجب إعلالها، نحو ابتاعوا، واستافوا - أي: تضاربوا بالسيوف.
* * *
وإن لحرفين ذا الاعلال استحق * صحح أول، وعكس قد يحق إذا كان في كلمة حرفا علة، كل واحد متحرك، مفتوح ما قبله - لم يجز إعلالهما معا، لئلا يتوالى في كلمة واحدة إعلالان، فيجب إعلال أحدهما وتصحيح الآخر، والاحق منهما بالاعلال الثاني، نحو الحيا والهوى، والاصل حيى وهوى، فوجد في كل من العين واللام سب الاعلال، فعمل به في اللام وحدها لكونها طرفا، والاطراف محل التغيير. وشذ إعلال العين وتصحيح اللام نحو " غاية ".
* * *
[ 570 ]
وعين ما آخره قد زيد ما * يخص الاسم واجب أن يسلما إذا كان عين الكلمة واوا، متحركة، مفتوحا ما قبلها، أو ياء متحركة مفتوحا ما قبلها، وكان في آخرها زيادة تخص الاسم - لم يجز قبلها ألفا، بل يجب تصحيحها، وذلك نحو " جولان، وهيمان " وشذ " ماهان، وداران ".
* * * وقبل با افلب ميما النون، إذا * كان مسكنا كمن بت انبذا لما كان النطق بالنون الساكنة قبل الباء عسرا وجب قلب النون ميما،
[ 571 ]
ولا فرق في ذلك بين المتصلة والمنفصلة، ويجمعهما قوله " من بت انبذا " أي: من قطعك فألقه عن بالك واطرحه، وألف " انبذا " مبدلة من نون التوكيد الخفيفة.
* * * فصل لساكن صح انقل التحريك من * ذى لين آت عين فعل كأبن إذا كانت عين الفعل ياء أو واوا متحركة، وكان ما قبلها ساكنا صحيحا - وجب نقل حركة العين إلى الساكن قبلها، نحو: يبين ويقوم، والاصل يبين ويقوم - بكسر الياء، وضم الواو - فنقلت حركتهما إلى الساكن قبلهما - وهو الباء، والقاف - وكذلك في " أبن ". فإن كان الساكن غير صحيح لم تنقل الحركة، نحو: بايع وبين وعوق
* * *
[ 572 ]
ما لم يكن فعل تعجب، ولا * كابيض أو أهوى بلام عللا أي: إنما تنقل حركة العين إلى الساكن الصحيح قبلها إذا لم يكن الفعل للتعجب، أو مضاعفا، أو معتل اللام، فإن كان كذلك فلا نقل، نحو: ما أبين الشئ وأبين به، وما أقومه وأقوم به، ونحو: ابيض واسود، ونحو: أهوى.
* * *
ومثل فعل في ذا الاعلال اسم * ضاهى مضارعا وفيه وسم يعنى أنه يثبت للاسم الذى يشبه الفعل المضارع - في زيادته فقط، أو في وزنه فقط - من الاعلال بالنقل ما يثبت للفعل.
[ 573 ]
فالذي أشبه المضارع في زيادته فقط تبيع، وهو مثال تحلئ من البيع، الاصل تبيع - بكسر التاء وسكون الياء - فنقلت حركة الياء إلى الباء فصار تبيع. والذى أشبه المضارع في وزنه فقط مقام، والاصل مقوم، فنقلت حركة الواو إلى القاف، ثم قلبت الواو ألفا لمجانسة الفتحة. فإن أشبهه في الزيادة والزنة، فإما أن يكون منقولا من فعل، أولا، فإن كان منقولا منه أعل كيزيد، وإلا صح كأبيض وأسود.
* * *
ومفعل صحح كالمفعال * وألف الافعال واستفعال أزل لذا الاعلال، والتا الزم عوض، * وحذفها بالنقل ربما عرض
[ 574 ]
لما كان مفعال غير مشبه للفعل استحق التصحيح كمسواك، وحمل أيضا مفعل عليه، لمشابهته له في المعنى، فصحح كما صحح مفعال كمقول ومقوال. وأشار بقوله " وألف الافعال واستفعال أزل - إلى آخره " إلى أن المصدر إذا كان على وزن إفعال أو استفعال، وكان معتل العين، فإن ألفه تحذف لالنقائها ساكنة مع الالف المبدلة من عين المصدر، وذلك نحو إقامة واستقامة، وأصله إفوام واستقوام، فنقلت حركة العين إلى الفاء، وقلبت الواو ألفا لمجانسة الفتحة قبلها، فالتقى ألفان، فحذفت الثانية منهما، ثم عوض منها تاء التأنيث، فصار إقامة واستقامة، وقد تحذف هذه التاء كقولهم: أجاب إجابا، ومنه قوله تعالى: (وإقام الصلاة).
* * *
[ 575 ]
ومالافعال - من الحذف، ومن * نقل فمفعول به أيضا قمن نحو مبيع ومصون، وندر * تصحيح ذى الواو، وفي ذى اليا اشتهر إذا بنى مفعول من الفعل المعتل العين - بالياء أو الواو - وجب فيه ما وجب في إفعال واستفعال من النقل والحذف، فتقول في مفعول من باع وقال: " مبيع ومقول " والاصل مبيوع ومقوول، فنقلت حركة العين إلى الساكن قبلها، فالتقى ساكنان: العين، وواو مفعول، فحذفت واو مفعول، فصار مبيع ومقول - وكان حق مبيع أن يقال فيه: مبوع، لكن قلبوا الضمة كسرة لتصح الياء، ندر التصحيح فيما عينه واو، قالوا: ثوب مصوون،
[ 576 ]
والقياس مصون، ولغة تميم تصحيح ما عينه ياء، فيقولون: مبيوع، ومخيوط، ولهذا قال المصنف رحمه الله تعالى: " وندر تصحيح ذى الواو، وفي ذى اليا اشتهر ".
* * *
[ 577 ]
وصحح المفعول من نحو عدا * وأعلل ان لم تتحر الاجودا إذا بنى مفعول من فعل معتل اللام، فلا يخلو: إما أن يكون معتلا بالياء أو بالواو. فإن كان معتلا بالياء وجب إعلاله بقلب واو مفعول ياء وإدغامها في لام الكلمة، نحو مرمى - والاصل - مرموى، فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء - وإنما لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى هذا هنا لانه قد تقدم ذكره. وإن كان معتلا بالواو، فالاجود التصحيح، إن لم يكن الفعل على فعل، نحو " معدو " من عدا، ولهذا قال المصنف: " من نحو عدا "، ومنهم من يعل، فيقول: معدى، فإن كان الواوى على فعل، فالصحيح الاعلال، نحو: " مرضى " من رضى، قال الله تعالى: (ارجعي إلى ربك راضية مرضية)، والتصحيح قليل، نحو مرضو.
* * *
[ 578 ]
كذاك ذا وجهين جا الفعول من * ذى الواو لام جمع أو فرد يعن إذا بنى اسم على فعول، فإن كان جمعا، وكانت لامه واوا - جاز فيه وجهان: التصحيح، والاعلال، نحو: عصى ودلى، في جمع عصا ودلو، وأبو، ونجو، جمع أب ونجو، والاعلال أجود من التصحيح في الجمع، وإن
[ 579 ]
كان مفردا جاز فيه وجهان: الاعلال، والتصحيح، والتصحيح أجود، نحو علا علوا، وعتاعتوا، ويقل الاعلال نحو " قساقسيا " - أي قسوة -.
* * *
وشاع نحو نيم في نوم * ونحو نيام شذوذه نمى إذا كان فعل جمعا لما عينه واو جاز تصحيحه وإعلاله، إن لم يكن قبل لامه ألف، كقولك في جمع صائم: صوم وصيم، وفي جمع نائم: نوم ونيم. فإن كان قبل اللام ألف وجب التصحيح، والاعلال شاذ، نحو " صوام "، و " نوام " ومن الاعلال قوله: 359 - * فما أرق النيام إلا كلامها
* * * *
[ 580 ]
فصل ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا * وشذ في ذى الهمز نحو ائتكلا إذا بنى افتعال وفروعه من كلمة فاؤها حرف لين - وجب إبدال حرف اللين تاء نحو: اتصال، واتصل، ومتصل - والاصل فيه: أو تصال، واوتصل، وموتصل، فإن كان حرف اللين بدلا من همزة لم يجز إبداله تاء،
[ 581 ]
فتقول في افتعل من الاكل: ائتكل، ثم تبدل الهمزة ياء، فتقول: ايتكل، ولا يجوز إبدال الياء تاء، وشذ قولهم: اتزر " بإبدال الياء تاء.
* * *
طا تا افتعال رد إثر مطبق * في ادان وازدد وادكر دالا بقى
[ 582 ]
إذا وقعت تاء افتعال بعد حرف من حروف الاطباق - وهى: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء - وجب إبداله طاء، كقولك: اصطبر، واضطجع، واظطعنوا، واظطلموا. والاصل: اصتبر، واضتجع، واظتعنوا، واظتلموا، فأبدل من تاء الافتعال طاء. وإن وقعت تاء الافتعال بعد الدال والزاى والذال قلبت دالا، نحو ادان، وازدد، وادكر. والاصل: ادتان، وازتد، واذتكر، فاستثقلت التاء بعد هذه الاحرف، فأبدلت دالا، وأدغمت الدال في الدال.
فصل فاأمر أو مضارع من كوعد * احذف، وفي كعدة ذاك اطرد
[ 583 ]
وحذف همز أفعل استمر في * مضارع وبنيتى متصف إذا كان الفعل الماضي معتل الفاء كوعد - وجب حذف الفاء: في الامر، والمضارع، والمصدر إذا كان بالتاء، وذلك نحو: عد، ويعد، وعدة، فإن لم يكن المصدر بالتاء لم يجز حذف الفاء، كوعد. وكذلك يجب حذف الهمزة الثانية في الماضي مع المضارع، واسم الفاعل، واسم المفعول، نحو قولك في أكرم: يكرم، والاصل يؤكرم، ونحو:
[ 584 ]
مكرم، ومكرم، والاصل مؤكرم ومؤكرم، فحذفت الهمزة في اسم الفاعل واسم المفعول.
ظلت وظلت في ظللت استعملا * وقرن في اقررن، وقرن نقلا
إذا أسند الفعل الماضي، المضاعف، المكسور العين، إلى تاء الضمير أو نونه - جاز فيه ثلاثة أوجه: أحدها: إتمامه، نحو: ظللت أفعل كذا، إذا عملته بالنهار. والثانى: حذف لامه، ونقل حركة العين إلى الفاء، نحو: ظلت. والثالث: حذف لامه، وإبقاء فائه على حركتها، نحو: ظلت. وأشار بقوله: " وقرن في اقررن " إلى أن الفعل المضارع، المضاعف، الذى على وزن يفعلن، إذا اتصل بنون الاناث - جاز تخفيفه بحذف عينه بعد نقل حركتها إلى الفاء، وكذا الامر منه، وذلك نحو قولك في يقررن: " يقرن "، وفي اقررن: " قرن ".
[ 585 ]
وأشار بقوله " وقرن نقلا " إلى قراءة نافع وعاصم: (وقرن في بيوتكن) - بفتح القاف - وأصله اقررن، من قولهم: قر بالمكان يقر، بمعنى يقر، حكاه ابن القطاع، ثم خفف بالحذف بعد نقل الحركة - وهو نادر، لان هذا التخفيف إنما هو للمكسور العين.
* * *
[ 586 ]
الادغام أول مثلين محركين في * كلمة ادغم لا كمثل صفف وذلل وكلل ولبب * ولا كجسس ولا كاخصص ابى ولا كهيلل، وشذ في ألل * ونحوه فك بنقل فقبل إذا تحرك المثلان في كلمة أدغم أولهما في ثانيهما، إن لم يتصدرا، ولم يكن ماهما فيه اسما على وزن فعل، أو على وزن فعل، أو فعل، أو فعل، ولم يتصل أول المثلين بمدغم، ولم تكن حركة الثاني منهما عارضة، ولا ماهما فيه ملحقا بغيره.
[ 587 ]
فإن تصدرا فلا إدغام كددن، وكذا إن وجد واحد مما سبق ذكره، فالاول كصفف ودرر، والثانى: كذلل، وجدد، والثالث: ككلل ولمم، والرابع: كطلل ولبب، والخامس: كجسس - جمع جاس - والسادس: كاخصص ابى، [ وأصله اخصص أبى ] فنقلت الهمزة إلى الصاد، والسابع: كهيلل - أي أكثر من قول لا إله إلا الله، ونحوه: قردد، ومهدد. فإن لم يكن شئ من ذلك وجب الادغام، نحو: رد، وضن - أي: بخل - ولب، والاصل: ردد، وضنن، ولبب. وأشار بقوله " وشذ في ألل ونحوه فك بنقل فقبل " إلى أنه قد جاء الفك في ألفاظ قياسها وجوب الادغام، فجعل شاذا يحفظ ولا يقاس عليه، نحو " ألل السقاء " إذا تغيرت رائحته، و " لححت عينه " إذ التصب بالرمص.
* * *
[ 588 ]
وحبى افكك وادغم دون حذو * كذاك نحو تتجلى واستتر أشار في هذا البيت إلى ما يجوز فيه الادغام والفك. وفهم منه: أن ما ذكره قبل ذلك واجب الادغام. والمراد بحيى: ما كان المثلان فيه ياءين لازما تحريكهما، نحو: حيى وعيى، فيجوز الادغام، نحو: حى وعى، فلو كانت حركة أحد المثلين عارضة بسبب العامل لم يجز الادغام اتفاقا نحو: لن يحيى.
[ 589 ]
وأشار بقوله: " كذاك نحو تتجلى واستتر " إلى أن الفعل المبتدأ بتاءين مثل " تتجلى " يجوز فيه الفك والادغام، فمن فك - وهو القياس - نظر إلى أن المثلين مصدر ان، ومن أدغم أراد التخفيف، فيقول: اتجلى، فيدغم أحد المثلين في الآخر فتسكن إحدى التاءين، فيؤتى بهمزة الوصل توصلا للنطق بالساكن. وكذلك قياس تاء " استتر " الفك لسكون ما قبل المثلين، ويجوز الادغام فيه بعد نقل حركة أول المثلين إلى الساكن، نحو: ستر يستر ستارا.
وما بتاءين ابتدى قد يقتصر * فيه على تا كتبين العبر
[ 590 ]
يقال في تتعلم وتتنزل وتتبين ونحوها: " تعلم، وتنزل، وتبين: بحذف إحدى التاءين وإبقاء الاخرى، وهو كثير جدا، ومنه قوله تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها).
وفك حيث مدغم فيه سكن * لكونه بمضمر الرفع اقترن
نحو: حللت ما حللته، وفي * جزم وشبه الجزم تخيير قفى
[ 591 ]
إذا اتصل بالفعل المدغم عينه في لامه ضمير رفع سكن آخره، فيجب حينئذ الفك، نحو: حللت، وحللنا، والهندات حللن، فإذا دخل عليه جازم جاز الفك، نحو: لم يحلل، ومنه قوله تعالى: (ومن يحلل عليه غضبى) وقوله: (ومن يرتدد منكم عن دينه) والفك لغة أهل الحجاز، وجاز الادغام، نحو " لم يحل "، ومنه قوله تعالى: (ومن يشاق الله ورسوله - في سورة الحشر) وهى لغة تميم، والمراد بشبه الجزم سكون الآخر في الامر، نحو: احلل، وإن شئت قلت: حل، لان حكم الامر كحكم [ المضارع ] المجزوم.
وفك أفعل في التعجب التزم * والتزم الادغام أيضا في هلم
ولما ذكر أن فعل الامر يجوز فيه وجهان - نحو احلل، وحل - استثنى من ذلك شيئين: أحدهما: أفعل في التعجب، فإنه يجب فكه، نحو: أحبب بزيد، وأشدد ببياض وجهه. الثاني: هلم، فإنهم التزموا إدغامه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[ 592 ]
وما بجمعه عنيت قد كمل * نظما على جل المهمات اشتمل
أحصى من الكافية الخلاصه * كما اقتضى غنى بلا خصاصه
فأحمد الله مصليا على * محمد خير نبى أرسلا
وآله الغر الكرام البرره * وصحبه المنتخبين الخيره .