الولايات المتحدة جمهورية اتحادية، وهي خامس دول العالم مساحة (9629091كم2 مع البحيرات العظمى) بعد روسيا الاتحادية والصين وكندا والبرازيل، تمتد من درجة العرض 25 ْ شمالاً عند الطرف الجنوبي لشبه جزيرة فلوريدا حتى درجة العرض 49 ْ شمالاً، وهو الخط الذي يساير في معظمه الحدود السياسية بين كندا والولايات المتحدة، وهذا يعني أنها تقع في عروض وسطى وشبه مدارية.
وتمتد أيضاً بين خطي طول 67 ْ غرباً و124 ْ غرباً، وقد بلغ عدد سكانها نحو 229.6 مليون نسمة في عام 2006، والكثافة هي 32 ن/كم2، ويتركز نحو نصف السكان في الولايات المتحدة الشرقية والشمالية الوسطى الواقعة جنوب البحيرات العظمى، وهي ما يعرف بنطاق الصناعة الأمريكي، ونسبة الحضر 80.1%.
تتألف الولايات المتحدة من 51 ولاية، لكل منها كيانها الخاص من مجلس إدارة خاص بها، يحق له فرض الضرائب المحلية، والإشراف على النظام التعليمي…إلخ، بمعنى وجود حكم ذاتي مع خضوع الولايات كلها للحكومة الاتحادية، ومركزها واشنطن. دي. سي Washington D.C. وعدد سكانها نحو 4.1 مليون نسمة.
ويتكون السكان من عناصر مختلفة، معظمهم من غربي القارة الأوربية ووسطها، إلى جانب عناصر من الشرق الأوسط ومن الشرق الأقصى؛ ولاسيما الصين واليابان.
أما تاريخها فهو حديث نوعاً ما، فقد بدأ تعميرها منذ النصف الثاني من القرن السادس عشر. وكان معظم المهاجرين إليها استقروا في الجوانب الشرقية منها، ثم قامت حرب الاستقلال بعد نشوء المستعمرات البريطانية (وعددها 13 ولاية)، ومعظمها يقع في الجانب الشرقي من الولايات المتحدة. وقد قامت هذه المستعمرات بثورة ضد بريطانيا إثر نمو الشعور القومي، وتحررت منها في سنوات 1775ـ1783.
جُلبت العناصر الزنجية لاستغلال الولايات الجنوبية، ولاسيما في زراعة القطن وقطع الأخشاب، وارتبط بذلك استغلال الزنوج عبيداً في الولايات الجنوبية؛ مما دعا إلى خلاف بين البيض الذين يسكنون الولايات الشمالية والبيض الذين يسكنون الولايات الجنوبية؛ مما أدى إلى قيام الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب بين 1860ـ1865، وانتهت بانتصار الشمال ومن ثم تحرير العبيد، وامتد أثر ذلك إلى العالم كله (تبلغ نسبة البيض 75.1% ونسبة السود 21.3%).
ولاشك في أن التطور التاريخي للولايات المتحدة يفسر مظاهر كثيرة من حيث مقومات الشعب الأمريكي والتقدم العظيم الذي وصل إليه، على الرغم من حداثة عمره وتاريخه، فالهجرات التي كانت تصل إلى الأرض الأمريكية على شكل موجات بشرية، كل منها يتولى الإعمار دفعة واحدة، وهناك الفاصل البحري بينها وبين القارة الأوربية، إذ كان بمنزلة مصفى، لا يمر عبره سوى العناصر المغامرة والمخاطرة؛ مما كان له أكبر الأثر في تكوين الشعب الأمريكي.
أما الأثر الآخر فيمكن أن يتضح من عزلة الولايات المتحدة عن الأحداث الأوربية؛ مما ساعد على المزيد من التفاهم والتلاحم بين السكان منذ العهود الأولى. ولاشك في أن غنى الأرض الأمريكية بالموارد المتعددة قد ساعد المهاجرين الأوائل على الاستقرار، فالجوانب الشرقية غنية بالغابات والمجاري المائية والخلجان، وكلها تساعد المهاجرين على النزول فيها والاستقرار.
الأقاليم الطبيعية:
تتألف الولايات المتحدة من خمسة أقاليم رئيسة، وهي:
السهل الساحلي، مرتفعات الآبالاش، السهول الوسطى، السهول العظمى، المرتفعات الغربية.
ـ السهل الساحلي: يمتد إلى جانب المحيط الأطلسي وخليج المكسيك، وهو ضيق في الشمال، حيث تشرف مرتفعات الآبالاش الالتوائية على الساحل مباشرة في الولايات الشمالية الشرقية أو ما يعرف بإنكلترا الجديدة (نيو إنغلند) New England، وتتسع جنوباً حتى خليج المكسيك. ويشتهر هذا الساحل بخلجانه البحرية في القسم الأوسط، حيث تقوم الموانئ الرئيسة في هذه المنطقة للاتصال بغربي أوربا.
ويشتهر السهل الساحلي بتنوع تربته ومناخه، ومن أمثلة ذلك: التربة الرملية في شبه جزيرة فلوريدا، حيث تزرع الحمضيات، والرواسب الكلسية التي تحللت فيها بقايا الحشائش التي كانت تنمو في هذه التكوينات، ونجم عنها ما يعرف باسم نطاق التربة السوداء Black belt، وذلك في شمال خليج المكسيك، وهي تلائم زراعة القطن، ورواسب حديثة في دلتا الميسيسبي، وهي تربة خصبة، تستعمل في زراعة قصب السكر والأرز حيث تكثر المياه. وأما الأجزاء المجاورة للخليج فهي تشكل تكوينات قبابية، تحمل في طياتها النفط، مثل تكساس وغيرها.
ـ مرتفعات الآبالاش: تمتد مرتفعات الآبالاش من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، من ولايات نيو إنغلند (وتشمل الولايات الست: مين Maine ومساتشوستس Massachusetts ونيو هامشاير New Hampshire ورود آيلند Rhode Island وفرمونت Vermont وكونِّيتيكَت Connecticut) التي تشرف على الساحل إلى وسط ألاباما Alabama، ويراوح ارتفاعها بين 600م في الشمال إلى 1200م في الوسط إلى 1800م في الجنوب.
تبدأ مرتفعات الآبالاش من السهل الساحلي بما يعرف بالحضيض ـ أو أقدام الجبال Piedmont ـ الذي يرتفع نحو 335م، وتعرف منطقة الاتصال بين السهل الساحلي والحضيض (البيدمونت) بخط السقوط، وفيها تنتشر المدن الصناعية التي ترجع نشأتها إلى هذه الظاهرة الطبيعية (خط السقوط) التي تتشكل فيها الشلالات ومساقط المياه، ومن أمثلة هذه المدن فيلاديلفيا Philadelphia، وتقع شمالي خط السقوط، وريتشموند Richmond ورالي Raleigh والعاصمة واشنطن دي. سي، وكلها أفادت من ميزة منطقة السقوط، إضافة إلى أهميتها الاستراتيجية الحربية في مواقعها المرتفعة.
ـ تلي منطقة أقدام الجبال (البيدمونت) جبال الآبالاش الالتوائية في الغرب، ويليها وادي جبال الآبالاش العظيم، ثم سلاسل جبلية التوائية طولية عظيمة، تضم فيما بينها أودية طولية، تحتوي على تكوينات الفحم المشهورة التي قامت عليها المدن المشهورة بالفحم مثل بتسبورغ Pittsburgh في ولاية بنسلفانيا Pennsylvania، وأشهر مركز صناعي في الولايات المتحدة في الصناعات الثقيلة برمنغهام Birmingham الواقعة على خط السقوط في ولاية ألاباما، ثم هضاب الآبالاش الواقعة غرب جبال الآبالاش الساحلية، ولها أسماء محلية، مثل هضبة كمبرلاند Cumberland وآلليغني Allegheny، وإلى الشمال هناك وادي سانت لورانس Saint Lawrence، وهو منخفض يقع بين جبال الآبالاش الالتوائية جنوباً والكتلة اللورنسية القديمة في الشمال.
ـ السهول الوسطى: تنحدر الآبالاش تدريجياً نحو السهول الوسطى، حيث يجري نهر المسيسيبي الأوسط، ويرفده نهران من الجانب الشرقي وهما أوهايو وتنيسي اللذان ينحدران من هضاب الآبالاش. وتمتد هذه السهول من البحيرات العظمى التي تكونت على أطراف الكتلة اللورنسية بسبب تقدم الغطاء الجليدي نحو الجنوب، في حين أنها كانت أودية بسيطة قبل ذلك العصر الجليدي. وتقع البحيرات بين السهول العظمى والكتلة اللورنسية باستثناء القسم الجنوبي من بحيرة سوبيريور Superior، وهي غنية بالحديد والنحاس، وأشهرها المناجم الواقعة في غرب بحيرة سوبيريور وجنوبها.
ـ السهول العظمى أو العليا: تقع إلى الغرب من السهول الوسطى، حيث ترتفع الأرض تدريجياً من منطقة خط طول 100 ْ غرباً حتى سفوح جبال روكي، وهو إقليم طولي يمتد على طول الولايات المتحدة، ويعرف باسم السهول العظمى، يرتفع من 457م في الحافة الشرقية إلى 1676م عند أقدام جبال روكي، ويبلغ عرض هذا الإقليم نحو 644 كيلو متراً، وانحداره بطيء جداً، يبلغ نحو 3 أمتار كل 1600 متر، ومن ثم فهي سهول شديدة الاستواء على الرغم من انحدارها التدريجي نحو الشرق. تقطع هذه السهول روافد المسيسيبي الغربية، وأهمها نهر ميسوري Missouri، ونهر أركانصو Arkansas والنهر الأحمر Red River، وكلها تنبع من جبال روكي Rocky mountains.
ـ الكورديلّيرا الغربية: تعادل ثلث مساحة الدولة، وتتألف من هضاب وجبال، يمكن أن تقسم إلى ثلاثة نظم فرعية:
ـ جبال روكي: وتقع إلى الشرق من هذه المنظومة، ويبلغ ارتفاعها نحو 4267م، وتشرف على السهول الوسطى في بعض أجزائها، حيث ترتفع ارتفاعاً شديداً، وتغطي الثلوج الدائمة قممها. وتضم هذه الجبال أحواضاً ذات قيعان مستوية تعرف باسم Parks (وهي أحواض بين الجبال مغطاة بالغابات) ذات أهمية سياحية.
ـ إقليم الهضاب العالية: تشمل القسم الأوسط، وتقع بين جبال روكي في الشرق والمحيط الهادئ من الغرب. ولهذه الهضاب أسماء محلية من الجنوب إلى الشمال: هضبة كولورادو المشهورة بالخوانق، وأهمها الغراند كانيون Grand Canyon وعمقه نحو 1828م، ويقع في ولاية أريزونا، ويراوح ارتفاع الهضبة نفسها من 1524ـ 3353م، وتنحدر نحو الجنوب الغربي، حيث يصب نهر كولورادو في خليج كاليفورينا مخترقاً مناطق صحراوية، ويُشبّه بنيل مصر.
يلي ذلك شمالاً هضبة الحوض العظيم Great Basin Plateau، وهي جبال انكسارية طولية على شكل سلاسل متوازية، يراوح ارتفاعها بين 3048ـ3353م، تحصر بينها أحواضاً واسعة مغلقة في معظمها، ذات تصريف داخلي، ويمتد قاعها على مستوى يراوح بين 1524م و2134م، ومن أشهر تلك الأحواض حوض البحيرة المالحة العظيمة Salt Lake، أكبر بحيرة في شمالي ولاية يوتاه Utah، ويبلغ عمقها نحو 45 متراً، ومساحتها نحو 5180كم2، وهي شديدة الملوحة (تبلغ سبعة أمثال ملوحة المحيط، بين 32ـ37%).
ـ هضبة نهري سنيك Snake وكولومبيا: تقع إلى الشمال من هضبة الحوض العظيم، ويراوح ارتفاعها بين 2134 ـ 2743م، وهي أعظم هضاب اللافا الغطائية في العالم، وتشبه هضبة الدكن والحبشة إلى حد ما، ويزيد فيها سمك المواد البركانية على 1524م، وتتكون هذه الهضبة في مجموعها من اللافا التي تنشأ عنها تربة بركانية، تنقلها الرياح باستمرار نحو الجهات الوسطى والشرقية، ولهذه التربة أهمية اقتصادية عظيمة في الزراعة.
وقد استطاعت بعض الأنهار شق أودية سحيقة وضيقة على شكل أخاديد وسط هذه الصخور البركانية، ولاسيما أخدود نهر سنيك وخانقه، أحد الروافد الجنوبية لنهر كولومبيا، والذي يحصر بينه وبين نهر كولومبيا هضبة صغيرة ذات تربة خصبة مؤلفة من اللوس Loess تدعى هضبة البالوس Palouse في ولاية واشنطن، وفيها أحد نطاقات القمح المشهورة بارتفاع غلة الهكتار، ومعظم الزراعة هنا على نظام الزراعة الجافة.
ـ مرتفعات الباسيفيك، أو السلاسل الساحلية الغربية، تتألف من منظومة جبلية معقدة شديدة الارتفاع، حديثة التكوين، تتألف من كتل انكسارية والتواءات طولية متعددة وجبال بركانية، ومن مجموع هذه العناصر الثلاثة يتألف هذا النطاق في الشرق، إضافة إلى سلاسل ساحلية في الغرب، وبينهما منخفضات طولية.
فالنطاق الشرقي يتكون من كتلة جبال سييرانيفادا، يليها غرباً وادي كاليفورنيا العظيم، ويليها غرباً أيضاً ثلاث سلاسل جبلية طولية. ويبلغ ارتفاع سييرانيفادا نحو 4267م، صخورها من الغرانيت، وتغطي قممها الثلوج، ومن هنا جاءت تسميتها سييرانيفادا (وتعني الجبال ذات الغطاء الثلجي).
وتحصر السلاسل الساحلية الغربية فيما بينها أودية طولية مهمة في الزراعة، يراوح ارتفاعها بين 914ـ2743م. وهذا النظام الطبيعي يتكرر في الشمال في ولاية أوريغون Oregon وإلى شمالها أيضاً في ولاية واشنطن.
ومن الملاحظ أن هذه المنظومة الجبلية Cordillera تشتمل على مناطق زراعية محدودة، ولذا كان للأودية المحصورة بينها أهمية عظيمة.
وتمتد أيضاً بين خطي طول 67 ْ غرباً و124 ْ غرباً، وقد بلغ عدد سكانها نحو 229.6 مليون نسمة في عام 2006، والكثافة هي 32 ن/كم2، ويتركز نحو نصف السكان في الولايات المتحدة الشرقية والشمالية الوسطى الواقعة جنوب البحيرات العظمى، وهي ما يعرف بنطاق الصناعة الأمريكي، ونسبة الحضر 80.1%.
تتألف الولايات المتحدة من 51 ولاية، لكل منها كيانها الخاص من مجلس إدارة خاص بها، يحق له فرض الضرائب المحلية، والإشراف على النظام التعليمي…إلخ، بمعنى وجود حكم ذاتي مع خضوع الولايات كلها للحكومة الاتحادية، ومركزها واشنطن. دي. سي Washington D.C. وعدد سكانها نحو 4.1 مليون نسمة.
ويتكون السكان من عناصر مختلفة، معظمهم من غربي القارة الأوربية ووسطها، إلى جانب عناصر من الشرق الأوسط ومن الشرق الأقصى؛ ولاسيما الصين واليابان.
أما تاريخها فهو حديث نوعاً ما، فقد بدأ تعميرها منذ النصف الثاني من القرن السادس عشر. وكان معظم المهاجرين إليها استقروا في الجوانب الشرقية منها، ثم قامت حرب الاستقلال بعد نشوء المستعمرات البريطانية (وعددها 13 ولاية)، ومعظمها يقع في الجانب الشرقي من الولايات المتحدة. وقد قامت هذه المستعمرات بثورة ضد بريطانيا إثر نمو الشعور القومي، وتحررت منها في سنوات 1775ـ1783.
جُلبت العناصر الزنجية لاستغلال الولايات الجنوبية، ولاسيما في زراعة القطن وقطع الأخشاب، وارتبط بذلك استغلال الزنوج عبيداً في الولايات الجنوبية؛ مما دعا إلى خلاف بين البيض الذين يسكنون الولايات الشمالية والبيض الذين يسكنون الولايات الجنوبية؛ مما أدى إلى قيام الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب بين 1860ـ1865، وانتهت بانتصار الشمال ومن ثم تحرير العبيد، وامتد أثر ذلك إلى العالم كله (تبلغ نسبة البيض 75.1% ونسبة السود 21.3%).
ولاشك في أن التطور التاريخي للولايات المتحدة يفسر مظاهر كثيرة من حيث مقومات الشعب الأمريكي والتقدم العظيم الذي وصل إليه، على الرغم من حداثة عمره وتاريخه، فالهجرات التي كانت تصل إلى الأرض الأمريكية على شكل موجات بشرية، كل منها يتولى الإعمار دفعة واحدة، وهناك الفاصل البحري بينها وبين القارة الأوربية، إذ كان بمنزلة مصفى، لا يمر عبره سوى العناصر المغامرة والمخاطرة؛ مما كان له أكبر الأثر في تكوين الشعب الأمريكي.
أما الأثر الآخر فيمكن أن يتضح من عزلة الولايات المتحدة عن الأحداث الأوربية؛ مما ساعد على المزيد من التفاهم والتلاحم بين السكان منذ العهود الأولى. ولاشك في أن غنى الأرض الأمريكية بالموارد المتعددة قد ساعد المهاجرين الأوائل على الاستقرار، فالجوانب الشرقية غنية بالغابات والمجاري المائية والخلجان، وكلها تساعد المهاجرين على النزول فيها والاستقرار.
الأقاليم الطبيعية:
تتألف الولايات المتحدة من خمسة أقاليم رئيسة، وهي:
السهل الساحلي، مرتفعات الآبالاش، السهول الوسطى، السهول العظمى، المرتفعات الغربية.
ـ السهل الساحلي: يمتد إلى جانب المحيط الأطلسي وخليج المكسيك، وهو ضيق في الشمال، حيث تشرف مرتفعات الآبالاش الالتوائية على الساحل مباشرة في الولايات الشمالية الشرقية أو ما يعرف بإنكلترا الجديدة (نيو إنغلند) New England، وتتسع جنوباً حتى خليج المكسيك. ويشتهر هذا الساحل بخلجانه البحرية في القسم الأوسط، حيث تقوم الموانئ الرئيسة في هذه المنطقة للاتصال بغربي أوربا.
ويشتهر السهل الساحلي بتنوع تربته ومناخه، ومن أمثلة ذلك: التربة الرملية في شبه جزيرة فلوريدا، حيث تزرع الحمضيات، والرواسب الكلسية التي تحللت فيها بقايا الحشائش التي كانت تنمو في هذه التكوينات، ونجم عنها ما يعرف باسم نطاق التربة السوداء Black belt، وذلك في شمال خليج المكسيك، وهي تلائم زراعة القطن، ورواسب حديثة في دلتا الميسيسبي، وهي تربة خصبة، تستعمل في زراعة قصب السكر والأرز حيث تكثر المياه. وأما الأجزاء المجاورة للخليج فهي تشكل تكوينات قبابية، تحمل في طياتها النفط، مثل تكساس وغيرها.
ـ مرتفعات الآبالاش: تمتد مرتفعات الآبالاش من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، من ولايات نيو إنغلند (وتشمل الولايات الست: مين Maine ومساتشوستس Massachusetts ونيو هامشاير New Hampshire ورود آيلند Rhode Island وفرمونت Vermont وكونِّيتيكَت Connecticut) التي تشرف على الساحل إلى وسط ألاباما Alabama، ويراوح ارتفاعها بين 600م في الشمال إلى 1200م في الوسط إلى 1800م في الجنوب.
تبدأ مرتفعات الآبالاش من السهل الساحلي بما يعرف بالحضيض ـ أو أقدام الجبال Piedmont ـ الذي يرتفع نحو 335م، وتعرف منطقة الاتصال بين السهل الساحلي والحضيض (البيدمونت) بخط السقوط، وفيها تنتشر المدن الصناعية التي ترجع نشأتها إلى هذه الظاهرة الطبيعية (خط السقوط) التي تتشكل فيها الشلالات ومساقط المياه، ومن أمثلة هذه المدن فيلاديلفيا Philadelphia، وتقع شمالي خط السقوط، وريتشموند Richmond ورالي Raleigh والعاصمة واشنطن دي. سي، وكلها أفادت من ميزة منطقة السقوط، إضافة إلى أهميتها الاستراتيجية الحربية في مواقعها المرتفعة.
ـ تلي منطقة أقدام الجبال (البيدمونت) جبال الآبالاش الالتوائية في الغرب، ويليها وادي جبال الآبالاش العظيم، ثم سلاسل جبلية التوائية طولية عظيمة، تضم فيما بينها أودية طولية، تحتوي على تكوينات الفحم المشهورة التي قامت عليها المدن المشهورة بالفحم مثل بتسبورغ Pittsburgh في ولاية بنسلفانيا Pennsylvania، وأشهر مركز صناعي في الولايات المتحدة في الصناعات الثقيلة برمنغهام Birmingham الواقعة على خط السقوط في ولاية ألاباما، ثم هضاب الآبالاش الواقعة غرب جبال الآبالاش الساحلية، ولها أسماء محلية، مثل هضبة كمبرلاند Cumberland وآلليغني Allegheny، وإلى الشمال هناك وادي سانت لورانس Saint Lawrence، وهو منخفض يقع بين جبال الآبالاش الالتوائية جنوباً والكتلة اللورنسية القديمة في الشمال.
ـ السهول الوسطى: تنحدر الآبالاش تدريجياً نحو السهول الوسطى، حيث يجري نهر المسيسيبي الأوسط، ويرفده نهران من الجانب الشرقي وهما أوهايو وتنيسي اللذان ينحدران من هضاب الآبالاش. وتمتد هذه السهول من البحيرات العظمى التي تكونت على أطراف الكتلة اللورنسية بسبب تقدم الغطاء الجليدي نحو الجنوب، في حين أنها كانت أودية بسيطة قبل ذلك العصر الجليدي. وتقع البحيرات بين السهول العظمى والكتلة اللورنسية باستثناء القسم الجنوبي من بحيرة سوبيريور Superior، وهي غنية بالحديد والنحاس، وأشهرها المناجم الواقعة في غرب بحيرة سوبيريور وجنوبها.
ـ السهول العظمى أو العليا: تقع إلى الغرب من السهول الوسطى، حيث ترتفع الأرض تدريجياً من منطقة خط طول 100 ْ غرباً حتى سفوح جبال روكي، وهو إقليم طولي يمتد على طول الولايات المتحدة، ويعرف باسم السهول العظمى، يرتفع من 457م في الحافة الشرقية إلى 1676م عند أقدام جبال روكي، ويبلغ عرض هذا الإقليم نحو 644 كيلو متراً، وانحداره بطيء جداً، يبلغ نحو 3 أمتار كل 1600 متر، ومن ثم فهي سهول شديدة الاستواء على الرغم من انحدارها التدريجي نحو الشرق. تقطع هذه السهول روافد المسيسيبي الغربية، وأهمها نهر ميسوري Missouri، ونهر أركانصو Arkansas والنهر الأحمر Red River، وكلها تنبع من جبال روكي Rocky mountains.
ـ الكورديلّيرا الغربية: تعادل ثلث مساحة الدولة، وتتألف من هضاب وجبال، يمكن أن تقسم إلى ثلاثة نظم فرعية:
ـ جبال روكي: وتقع إلى الشرق من هذه المنظومة، ويبلغ ارتفاعها نحو 4267م، وتشرف على السهول الوسطى في بعض أجزائها، حيث ترتفع ارتفاعاً شديداً، وتغطي الثلوج الدائمة قممها. وتضم هذه الجبال أحواضاً ذات قيعان مستوية تعرف باسم Parks (وهي أحواض بين الجبال مغطاة بالغابات) ذات أهمية سياحية.
ـ إقليم الهضاب العالية: تشمل القسم الأوسط، وتقع بين جبال روكي في الشرق والمحيط الهادئ من الغرب. ولهذه الهضاب أسماء محلية من الجنوب إلى الشمال: هضبة كولورادو المشهورة بالخوانق، وأهمها الغراند كانيون Grand Canyon وعمقه نحو 1828م، ويقع في ولاية أريزونا، ويراوح ارتفاع الهضبة نفسها من 1524ـ 3353م، وتنحدر نحو الجنوب الغربي، حيث يصب نهر كولورادو في خليج كاليفورينا مخترقاً مناطق صحراوية، ويُشبّه بنيل مصر.
يلي ذلك شمالاً هضبة الحوض العظيم Great Basin Plateau، وهي جبال انكسارية طولية على شكل سلاسل متوازية، يراوح ارتفاعها بين 3048ـ3353م، تحصر بينها أحواضاً واسعة مغلقة في معظمها، ذات تصريف داخلي، ويمتد قاعها على مستوى يراوح بين 1524م و2134م، ومن أشهر تلك الأحواض حوض البحيرة المالحة العظيمة Salt Lake، أكبر بحيرة في شمالي ولاية يوتاه Utah، ويبلغ عمقها نحو 45 متراً، ومساحتها نحو 5180كم2، وهي شديدة الملوحة (تبلغ سبعة أمثال ملوحة المحيط، بين 32ـ37%).
ـ هضبة نهري سنيك Snake وكولومبيا: تقع إلى الشمال من هضبة الحوض العظيم، ويراوح ارتفاعها بين 2134 ـ 2743م، وهي أعظم هضاب اللافا الغطائية في العالم، وتشبه هضبة الدكن والحبشة إلى حد ما، ويزيد فيها سمك المواد البركانية على 1524م، وتتكون هذه الهضبة في مجموعها من اللافا التي تنشأ عنها تربة بركانية، تنقلها الرياح باستمرار نحو الجهات الوسطى والشرقية، ولهذه التربة أهمية اقتصادية عظيمة في الزراعة.
وقد استطاعت بعض الأنهار شق أودية سحيقة وضيقة على شكل أخاديد وسط هذه الصخور البركانية، ولاسيما أخدود نهر سنيك وخانقه، أحد الروافد الجنوبية لنهر كولومبيا، والذي يحصر بينه وبين نهر كولومبيا هضبة صغيرة ذات تربة خصبة مؤلفة من اللوس Loess تدعى هضبة البالوس Palouse في ولاية واشنطن، وفيها أحد نطاقات القمح المشهورة بارتفاع غلة الهكتار، ومعظم الزراعة هنا على نظام الزراعة الجافة.
ـ مرتفعات الباسيفيك، أو السلاسل الساحلية الغربية، تتألف من منظومة جبلية معقدة شديدة الارتفاع، حديثة التكوين، تتألف من كتل انكسارية والتواءات طولية متعددة وجبال بركانية، ومن مجموع هذه العناصر الثلاثة يتألف هذا النطاق في الشرق، إضافة إلى سلاسل ساحلية في الغرب، وبينهما منخفضات طولية.
فالنطاق الشرقي يتكون من كتلة جبال سييرانيفادا، يليها غرباً وادي كاليفورنيا العظيم، ويليها غرباً أيضاً ثلاث سلاسل جبلية طولية. ويبلغ ارتفاع سييرانيفادا نحو 4267م، صخورها من الغرانيت، وتغطي قممها الثلوج، ومن هنا جاءت تسميتها سييرانيفادا (وتعني الجبال ذات الغطاء الثلجي).
وتحصر السلاسل الساحلية الغربية فيما بينها أودية طولية مهمة في الزراعة، يراوح ارتفاعها بين 914ـ2743م. وهذا النظام الطبيعي يتكرر في الشمال في ولاية أوريغون Oregon وإلى شمالها أيضاً في ولاية واشنطن.
ومن الملاحظ أن هذه المنظومة الجبلية Cordillera تشتمل على مناطق زراعية محدودة، ولذا كان للأودية المحصورة بينها أهمية عظيمة.