البحر
البحر Sea جزء من المحيط تجاوره اليابسة وتحجزه عن المحيط بدرجات مختلفة وقد تقوم الجزر بذلك. ويتميز البحر من المحيط بأبعاده وبنظامه الهيدرولوجي (المائي) الخاص الناتج عن موقعه الهامشي المتأثر بشدة باليابسة وبسعة ارتباطه واتصاله بالمحيط. ويتجلى تأثير اليابسة فيه: في الأحوال المناخية التي تؤثر بشدة على النظام المائي للبحر، وفي الأنهار التي تحمل الماء العذب من اليابسة إليه وتحمل كذلك الجزئيات والمجروفات الصخرية المحمولة والعالقة والمحاليل الترابية والكيمياوية المتنوعة التي تؤثر بمجموعها في نوعية الكائنات الحية وكثافتها في البحر. ويزيد الارتباط المحدود بالمحيط من قوة تأثير اليابسة في البحر وبذلك يزداد اختلاف خصائصه العامة عن المحيط.
أصل البحار
البحار أحواض مائية حديثة المنشأ فأكثرها يعود عمره إلى الحُقبين الثالث والرابع الجيولوجيين، وبعضها لم يزد زمن تكونه على بضعة آلاف من السنين كبحر البلطيق. وقد تكونت البحار إما بسبب عمليات خسف أصابت مناطق المقعرات الأرضية (الجيوسينكلينال) البحرية منها والمحيطية كالبحر المتوسط والأحمر. أو أنها ظهرت نتيجة لعمليات غمر مائية سببها إما ظاهرة خسف أصابت هوامش القارات أو بسبب ارتفاع مستوى الماء في المحيطات، وهو الأغلب، نتيجة لعمليات ذوبان الجليد، في نهاية العصر الجليدي. وهكذا ظهرت بحار كثيرة بهذه الطريقة، ولاسيما بحار القطب الشمالي، وشملت بحار خسف المقعرات وظهور الأقواس الجزرية البحرية بحاراً مهمة كبحر اليابان وبحر الصين الجنوبي وأوخوتسك.
تصنيف البحار
تصنف البحار عامة في ثلاث مجموعات هي:
أ ـ البحار الهامشية: وتقع فوق الأرصفة القارية، وترتبط بالمحيطات بجبهات مائية واسعة وتنفصل عنها بسلاسل من الجزر وأشباه الجزر مثل البحر الأصفر، ومنها كذلك بحار القطب الجنوبي. وأعماق هذه البحار محدودة ولا تزيد على 200م إلا نادراً.
ب ـ البحار الداخلية: وهي بحار موغلة في أعماق القارات وترتبط بالمحيطات أو بالبحار الأخرى بمضائق مثل البحر الأبيض شمال روسية وبحر آزوف. وهي بحار صغيرة وضحلة المياه وتتأثر باليابسة تأثراً كبيراً.
ج ـ البحار المتوسطية: وتشبه البحار الداخلية في توغلها وسط القارات وتأثرها بها، ولكنها لا تقع في قارة واحدة بل بين قارتين أو أكثر عادة كالبحر الأسود والبحر المتوسط، وهي عميقة جداً وقد تتجاوز 3000م عمقاً.
مياه البحر
1ـ المصدر: هنالك مصادر كثيرة لمياه البحار ومن أبرزها مياه المحيطات التي تغذي تلك البحار عن طريق المضائق والفتحات المائية، ومصدر هذه المياه البعيد هو طبقة الوشاح Mantle وهي الطبقة الواقعة تحت القشرة وفوق النواة في الأرض. ويقدر ما يرد سنوياً إلى المحيطات والبحار من هذه المياه بنحو كم3 واحد. كما أن الأنهار تحمل إلى البحار كميات كبيرة سنوياً من المياه وخاصة في الأقاليم الرطبة والباردة حيث يسهم ذوبان الجليد في عملية تغذية البحار بالمياه أيضاً.
2ـ الملوحة: لا تختلف ملوحة مياه البحار عن ملوحة مياه المحيطات تركيباً ونسبةً، ولكن أثر المياه العذبة شديد الاختلاف في الطبقة السطحية، أما أثر الشوارد الكيمياوية وعددها ونسبها فمثله في المحيطات. تعادل ملوحة المياه البحرية وسطياً 35 بالألف إلا أن هذه النسبة تختلف من بحر إلى بحر، ففي بحار العروض الباردة والقطبية تكون قيم الملوحة متدنية كثيراً والمياه شبه عذبة (2.5 بالألف) في بعض الأماكن. لكن هذه القيم ترتفع كثيراً في العروض شبه المدارية والمدارية ولاسيما في مياه البحار الداخلية والمتوسطية، حيث ترتفع في البحر الأحمر والخليج العربي إلى 40- 42 بالألف ولكن بحار الأقاليم الاستوائية ملوحتها معتدلة 35- 36 بالألف نتيجة الهطل الغزير.
3ـ الخصائص الفيزيائية: تتسم مياه البحار بخصائص فيزيائية تبدو شاذة ولكنها تخدم بقاء الحياة على الأرض، وتخدم استمرار وجود الأرض الراهن. ومن أبرز هذه الخصائص:
أـ السعة الحرارية: السعة الحرارية عالية جداً في مياه البحار، ولهذا فإن مياه البحر تتسخن ببطء وتبرد ببطء كذلك وتختزن طاقة حرارية هائلة تطلقها على مدار السنة فتخفض من شدة البرد والحر.
ب ـ الناقلية الحرارية: متدنية جداً أعلى من ناقلية الهواء الجوي، وهذا ما يفسر فقدان كميات كبيرة من الحرارة عند ذوبان الجليد في العروض القطبية. أما حرارة التبخر والتكاثف (الحرارة الكامنة) فأكبر. ودرجة الغليان أكبر من درجة غليان الماء العذب بسبب وجود الأملاح.
ج ـ الكثافة: كثافة الماء البحري أعلى من كثافة الماء العذب لتجمع الأملاح فيه، واختلافها يرتبط أساساً بدرجات الحرارة ونسبة الملوحة. وهي مرتفعة في الأماكن والبحار الباردة (1.0260- 1.0275) وأقل منها في البحار الدافئة والحارة (1.0230- 1.0240).
4ـ حركة المياه البحرية وتطبقها: ترتبط حركة المياه باختلاف قيم الكثافة في البحر الواحد وباختلافها مع المحيطات المجاورة. كما أن هذه الحركة تتعلق بحركات الجو العامة وبالحركات الريحية المحلية في البحر. وعموماً فإن حركات الماء الريحية المنشأ في البحار أقل شدة وتطوراً مما في المحيطات لصغر مساحاتها ولتأثير أشكال القارات. ولكن لتيارات الكثافة دوراً أهم وهي حركات سطحية وباطنية عميقة.
أما ظاهرة تطبق مياه البحار فإنها معقدة كثيراً وذلك لأنها تخضع لاختلاف قيم الكثافة ولدرجة تأثير اليابسة حرارياً ورطوبياً ولشكل قاع البحار وعمق العتبات التي تفصلها عن المحيطات وسعة المنافذ التي تربطها بها. وفي البحار المتوسطية (المتوسط والأحمر) والمغلقة توجد طبقتان علوية محيطية ودنيا محلية.
التضاريس والترسبات القاعية
تضاريس قيعان البحار متنوعة المظاهر، ويمكن من الناحية التضريسية تمييز ثلاث مجموعات من البحار:
1ـ بحار الغمر المائي: وهي بحار هامشية تقع فوق الأرصفة القارية تتصف بضحالتها. وهي حديثة العمر (رباعية). ومن هذه البحار بحر البلطيق وبحار القطب الشمالي عامة. كما يلاحظ أن الأرصفة القارية في أغلبها واسعة جداً وقد تشغل50 -80% من مساحة البحر وقد تزيد على ذلك.
2ـ بحار المقعرات الأرضية المحيطية: تضاريسها معقدة كثيراً لأنها وليدة ابتلاع للقشرة المحيطية المندسة تحت القارات ووليدة حركات بنائية (تكتونية) عنيفة وثورات بركانية هائلة. لذا تتصف قيعانها بالتنافر الكبير، وتتصف هذه البحار أيضاً بقلة سعة الأرصفة القارية وزيادة دور الجروف القارية والسهول العميقة.
3ـ بحار المقعرات الأرضية القارية: وهي بحار عميقة وانهدامية الطابع كالبحر الأحمر وأحواضها مؤلفة من سلسلة من الدرجات الانهدامية (بنية غورية) وتتخللها الخوانق والتصدعات والكتل الصخرية المنزلقة أو الهابطة.
أما الترسبات الصخرية فهنالك إطار عام معروف لها. فقرب خط الشاطئ ينتظم الفتات الصخري الخشن من صخور وحجارة وحصى ورمال، ثم تليه الصخور الأدق من الرمال بأنواعها والأطيان القارية غالباً. وكثيراً ما تُشَاهد هنا الترسبات النهرية المغمورة على شكل دلتا (دلتا نهر النيل) أو مراوح فيضية ونهرية. وفي القيعان العميقة تسيطر الترسبات الطينية الوحلية الدقيقة القارية الصخرية والعضوية البحرية. ويلاحظ عامة أن الترسبات القوقعية كربونية المنشأ في البحار الدافئة وسيليسية في الباردة منها.
الأحوال المناخية
تتباين الأحوال المناخية كثيراً بسبب اختلاف توزع البحار نطاقياً على العروض الجغرافية وبسبب درجة توغلها داخل القارات وتأثير الأحوال المناخية للقارات نفسها. لذلك فإن مناخ البحار أكثر قارية من مناخ المحيطات.
فالمدى الحراري السنوي والفصلي أكبر، كما أن قيم الهطل والتبخر أكثر تبايناً وتنوعاً من المحيطات. كأنها في الواقع مناخات انتقالية قارية محيطية. وتنعكس الخصائص الطبيعية النطاقية بوضوح في سمات المناخات البحرية، على النحو الآتي:
1ـ بحار الأقاليم القطبية: وهي باردة دائماً وقد يغطيها الجليد أكثر من ستة أشهر.
2ـ بحار الأقاليم المتوسطة: تتأثر أحوالها المناخية بالتبدل الحراري الشديد ما بين الشتاء والصيف. فالشتاء بارد ويكاد يشبه البحار القطبية.
3ـ بحار الأقاليم شبه المدارية: لا تكون الفصول فيها واضحة ولكنها أقل حدة من العروض المتوسطة كما يكون تأثر هذه البحار بالقارات كبيراً، فترتفع حرارة مياه البحر المتوسط صيفاً لتكون بين 25 و27 درجة، وتنخفض شتاءً لتكون بين 14 و17 درجة مئوية.
4ـ بحار الإقليم المداري: تقع وسط حركة الرياح التجارية. ومناخها حار بوجه عام.
5ـ البحار الاستوائية وشبه الاستوائية: وتكون الحرارة فيها مرتفعة على مدار السنة ومتجانسة تقريباً.
العالم العضوي
يتنوع العالم العضوي في البحار كثيراً ويخضع للعوامل النطاقية والمحلية والقارية ولاسيما مياه أنهار القارات وسيولها، وتميز في البحار ثلاث مناطق بيئية:
1ـ المنطقة الشاطئية الصخرية: وهي الأقل عمقاً والأكثر إضاءة والأغنى بالنباتات والبلانكتونات، لذا تتجمع هنا أكثر الكائنات البحرية. وهي مراكز الصيد الأساسية (الأرصفة القارية).
2ـ منطقة وسط البحر أو عُرض البحر Pelagos: وتقع في عُرض البحر حيث تعيش الكائنات الحية العائمة (البلانكتونات) النباتية والحيوانية. وحظ الحيوانات الراقية في الحياة محدود هنا.
3ـ منطقة الأعماق Abyssal: وهي أعمق المناطق البيئية، لذا تعيش فيها الحيوانات الرخوية في أطيان القاع والحيوانات ذات الشكل المميز (المستوي أو المفلطح). وعليها جميعاً تحمُّل الظلمة وضغط الماء الكبير.
شاهر جمال آغا
البحر Sea جزء من المحيط تجاوره اليابسة وتحجزه عن المحيط بدرجات مختلفة وقد تقوم الجزر بذلك. ويتميز البحر من المحيط بأبعاده وبنظامه الهيدرولوجي (المائي) الخاص الناتج عن موقعه الهامشي المتأثر بشدة باليابسة وبسعة ارتباطه واتصاله بالمحيط. ويتجلى تأثير اليابسة فيه: في الأحوال المناخية التي تؤثر بشدة على النظام المائي للبحر، وفي الأنهار التي تحمل الماء العذب من اليابسة إليه وتحمل كذلك الجزئيات والمجروفات الصخرية المحمولة والعالقة والمحاليل الترابية والكيمياوية المتنوعة التي تؤثر بمجموعها في نوعية الكائنات الحية وكثافتها في البحر. ويزيد الارتباط المحدود بالمحيط من قوة تأثير اليابسة في البحر وبذلك يزداد اختلاف خصائصه العامة عن المحيط.
أصل البحار
البحار أحواض مائية حديثة المنشأ فأكثرها يعود عمره إلى الحُقبين الثالث والرابع الجيولوجيين، وبعضها لم يزد زمن تكونه على بضعة آلاف من السنين كبحر البلطيق. وقد تكونت البحار إما بسبب عمليات خسف أصابت مناطق المقعرات الأرضية (الجيوسينكلينال) البحرية منها والمحيطية كالبحر المتوسط والأحمر. أو أنها ظهرت نتيجة لعمليات غمر مائية سببها إما ظاهرة خسف أصابت هوامش القارات أو بسبب ارتفاع مستوى الماء في المحيطات، وهو الأغلب، نتيجة لعمليات ذوبان الجليد، في نهاية العصر الجليدي. وهكذا ظهرت بحار كثيرة بهذه الطريقة، ولاسيما بحار القطب الشمالي، وشملت بحار خسف المقعرات وظهور الأقواس الجزرية البحرية بحاراً مهمة كبحر اليابان وبحر الصين الجنوبي وأوخوتسك.
تصنيف البحار
تصنف البحار عامة في ثلاث مجموعات هي:
أ ـ البحار الهامشية: وتقع فوق الأرصفة القارية، وترتبط بالمحيطات بجبهات مائية واسعة وتنفصل عنها بسلاسل من الجزر وأشباه الجزر مثل البحر الأصفر، ومنها كذلك بحار القطب الجنوبي. وأعماق هذه البحار محدودة ولا تزيد على 200م إلا نادراً.
ب ـ البحار الداخلية: وهي بحار موغلة في أعماق القارات وترتبط بالمحيطات أو بالبحار الأخرى بمضائق مثل البحر الأبيض شمال روسية وبحر آزوف. وهي بحار صغيرة وضحلة المياه وتتأثر باليابسة تأثراً كبيراً.
ج ـ البحار المتوسطية: وتشبه البحار الداخلية في توغلها وسط القارات وتأثرها بها، ولكنها لا تقع في قارة واحدة بل بين قارتين أو أكثر عادة كالبحر الأسود والبحر المتوسط، وهي عميقة جداً وقد تتجاوز 3000م عمقاً.
مياه البحر
1ـ المصدر: هنالك مصادر كثيرة لمياه البحار ومن أبرزها مياه المحيطات التي تغذي تلك البحار عن طريق المضائق والفتحات المائية، ومصدر هذه المياه البعيد هو طبقة الوشاح Mantle وهي الطبقة الواقعة تحت القشرة وفوق النواة في الأرض. ويقدر ما يرد سنوياً إلى المحيطات والبحار من هذه المياه بنحو كم3 واحد. كما أن الأنهار تحمل إلى البحار كميات كبيرة سنوياً من المياه وخاصة في الأقاليم الرطبة والباردة حيث يسهم ذوبان الجليد في عملية تغذية البحار بالمياه أيضاً.
2ـ الملوحة: لا تختلف ملوحة مياه البحار عن ملوحة مياه المحيطات تركيباً ونسبةً، ولكن أثر المياه العذبة شديد الاختلاف في الطبقة السطحية، أما أثر الشوارد الكيمياوية وعددها ونسبها فمثله في المحيطات. تعادل ملوحة المياه البحرية وسطياً 35 بالألف إلا أن هذه النسبة تختلف من بحر إلى بحر، ففي بحار العروض الباردة والقطبية تكون قيم الملوحة متدنية كثيراً والمياه شبه عذبة (2.5 بالألف) في بعض الأماكن. لكن هذه القيم ترتفع كثيراً في العروض شبه المدارية والمدارية ولاسيما في مياه البحار الداخلية والمتوسطية، حيث ترتفع في البحر الأحمر والخليج العربي إلى 40- 42 بالألف ولكن بحار الأقاليم الاستوائية ملوحتها معتدلة 35- 36 بالألف نتيجة الهطل الغزير.
3ـ الخصائص الفيزيائية: تتسم مياه البحار بخصائص فيزيائية تبدو شاذة ولكنها تخدم بقاء الحياة على الأرض، وتخدم استمرار وجود الأرض الراهن. ومن أبرز هذه الخصائص:
أـ السعة الحرارية: السعة الحرارية عالية جداً في مياه البحار، ولهذا فإن مياه البحر تتسخن ببطء وتبرد ببطء كذلك وتختزن طاقة حرارية هائلة تطلقها على مدار السنة فتخفض من شدة البرد والحر.
ب ـ الناقلية الحرارية: متدنية جداً أعلى من ناقلية الهواء الجوي، وهذا ما يفسر فقدان كميات كبيرة من الحرارة عند ذوبان الجليد في العروض القطبية. أما حرارة التبخر والتكاثف (الحرارة الكامنة) فأكبر. ودرجة الغليان أكبر من درجة غليان الماء العذب بسبب وجود الأملاح.
ج ـ الكثافة: كثافة الماء البحري أعلى من كثافة الماء العذب لتجمع الأملاح فيه، واختلافها يرتبط أساساً بدرجات الحرارة ونسبة الملوحة. وهي مرتفعة في الأماكن والبحار الباردة (1.0260- 1.0275) وأقل منها في البحار الدافئة والحارة (1.0230- 1.0240).
4ـ حركة المياه البحرية وتطبقها: ترتبط حركة المياه باختلاف قيم الكثافة في البحر الواحد وباختلافها مع المحيطات المجاورة. كما أن هذه الحركة تتعلق بحركات الجو العامة وبالحركات الريحية المحلية في البحر. وعموماً فإن حركات الماء الريحية المنشأ في البحار أقل شدة وتطوراً مما في المحيطات لصغر مساحاتها ولتأثير أشكال القارات. ولكن لتيارات الكثافة دوراً أهم وهي حركات سطحية وباطنية عميقة.
أما ظاهرة تطبق مياه البحار فإنها معقدة كثيراً وذلك لأنها تخضع لاختلاف قيم الكثافة ولدرجة تأثير اليابسة حرارياً ورطوبياً ولشكل قاع البحار وعمق العتبات التي تفصلها عن المحيطات وسعة المنافذ التي تربطها بها. وفي البحار المتوسطية (المتوسط والأحمر) والمغلقة توجد طبقتان علوية محيطية ودنيا محلية.
التضاريس والترسبات القاعية
تضاريس قيعان البحار متنوعة المظاهر، ويمكن من الناحية التضريسية تمييز ثلاث مجموعات من البحار:
1ـ بحار الغمر المائي: وهي بحار هامشية تقع فوق الأرصفة القارية تتصف بضحالتها. وهي حديثة العمر (رباعية). ومن هذه البحار بحر البلطيق وبحار القطب الشمالي عامة. كما يلاحظ أن الأرصفة القارية في أغلبها واسعة جداً وقد تشغل50 -80% من مساحة البحر وقد تزيد على ذلك.
2ـ بحار المقعرات الأرضية المحيطية: تضاريسها معقدة كثيراً لأنها وليدة ابتلاع للقشرة المحيطية المندسة تحت القارات ووليدة حركات بنائية (تكتونية) عنيفة وثورات بركانية هائلة. لذا تتصف قيعانها بالتنافر الكبير، وتتصف هذه البحار أيضاً بقلة سعة الأرصفة القارية وزيادة دور الجروف القارية والسهول العميقة.
3ـ بحار المقعرات الأرضية القارية: وهي بحار عميقة وانهدامية الطابع كالبحر الأحمر وأحواضها مؤلفة من سلسلة من الدرجات الانهدامية (بنية غورية) وتتخللها الخوانق والتصدعات والكتل الصخرية المنزلقة أو الهابطة.
أما الترسبات الصخرية فهنالك إطار عام معروف لها. فقرب خط الشاطئ ينتظم الفتات الصخري الخشن من صخور وحجارة وحصى ورمال، ثم تليه الصخور الأدق من الرمال بأنواعها والأطيان القارية غالباً. وكثيراً ما تُشَاهد هنا الترسبات النهرية المغمورة على شكل دلتا (دلتا نهر النيل) أو مراوح فيضية ونهرية. وفي القيعان العميقة تسيطر الترسبات الطينية الوحلية الدقيقة القارية الصخرية والعضوية البحرية. ويلاحظ عامة أن الترسبات القوقعية كربونية المنشأ في البحار الدافئة وسيليسية في الباردة منها.
الأحوال المناخية
تتباين الأحوال المناخية كثيراً بسبب اختلاف توزع البحار نطاقياً على العروض الجغرافية وبسبب درجة توغلها داخل القارات وتأثير الأحوال المناخية للقارات نفسها. لذلك فإن مناخ البحار أكثر قارية من مناخ المحيطات.
فالمدى الحراري السنوي والفصلي أكبر، كما أن قيم الهطل والتبخر أكثر تبايناً وتنوعاً من المحيطات. كأنها في الواقع مناخات انتقالية قارية محيطية. وتنعكس الخصائص الطبيعية النطاقية بوضوح في سمات المناخات البحرية، على النحو الآتي:
1ـ بحار الأقاليم القطبية: وهي باردة دائماً وقد يغطيها الجليد أكثر من ستة أشهر.
2ـ بحار الأقاليم المتوسطة: تتأثر أحوالها المناخية بالتبدل الحراري الشديد ما بين الشتاء والصيف. فالشتاء بارد ويكاد يشبه البحار القطبية.
3ـ بحار الأقاليم شبه المدارية: لا تكون الفصول فيها واضحة ولكنها أقل حدة من العروض المتوسطة كما يكون تأثر هذه البحار بالقارات كبيراً، فترتفع حرارة مياه البحر المتوسط صيفاً لتكون بين 25 و27 درجة، وتنخفض شتاءً لتكون بين 14 و17 درجة مئوية.
4ـ بحار الإقليم المداري: تقع وسط حركة الرياح التجارية. ومناخها حار بوجه عام.
5ـ البحار الاستوائية وشبه الاستوائية: وتكون الحرارة فيها مرتفعة على مدار السنة ومتجانسة تقريباً.
العالم العضوي
يتنوع العالم العضوي في البحار كثيراً ويخضع للعوامل النطاقية والمحلية والقارية ولاسيما مياه أنهار القارات وسيولها، وتميز في البحار ثلاث مناطق بيئية:
1ـ المنطقة الشاطئية الصخرية: وهي الأقل عمقاً والأكثر إضاءة والأغنى بالنباتات والبلانكتونات، لذا تتجمع هنا أكثر الكائنات البحرية. وهي مراكز الصيد الأساسية (الأرصفة القارية).
2ـ منطقة وسط البحر أو عُرض البحر Pelagos: وتقع في عُرض البحر حيث تعيش الكائنات الحية العائمة (البلانكتونات) النباتية والحيوانية. وحظ الحيوانات الراقية في الحياة محدود هنا.
3ـ منطقة الأعماق Abyssal: وهي أعمق المناطق البيئية، لذا تعيش فيها الحيوانات الرخوية في أطيان القاع والحيوانات ذات الشكل المميز (المستوي أو المفلطح). وعليها جميعاً تحمُّل الظلمة وضغط الماء الكبير.
شاهر جمال آغا