تعريف بكلمة القانون :
يجب قبل التطرق إلى فكرة المدخل إلى علم القانون، التعرف على كلمة القانون و على القانون نفسه.
اشتقاقيا فكلمة ” قانون ” هي اقتباس من اليونانية حيث كلمة ” Kanon ”
تعني ” العصا المستقيمة ” و يعبرون بها مجازيا عن القاعدة ( ”Regula”: la Règle) ، و منها إلى فكرة الخط المستقيم التي هو عكس الخط المنحني أو المنحرف أو المنكسر، و هذا تعبير إستعاري للدلالة على الأفكار التالية : الاستقامة (la Rectitude) و الصراحة ( la Franchise) و النزاهة ( la Loyauté) في العلاقات الإنسانية .
و يستخلص من هذا أن كلمة ” قانون” تستعمل كمعيار لقياس انحراف الأشخاص عن الطريق المستقيم أي عن الطريق التي سطره لهم القانون لكي يتبعوه في معاملاتهم. ولكن، لا يستخلص من هذه المعاني إلى فكرة تقريبية عن القانون، فيجب إذا تفحص استعمال كلمة القانون التي لها عدة معاني.
II تعدد معاني كلمة ” قانون”
يقصد بكلمة ” قانون ”تارة معنى واسع و تارة معنى ضيق.
* بمعنى واسع جدا، يقصد بكلمة ” قانون ”، القانون الوضعي ( Droit Positif)،
وهو مجموعة القواعد القانونية السارية المفعول في زمن معين وفي مكان محدد ( دولة ) . (به بالخصوص القانون الداخلي للدولة ( أو القانون الوطني ) والتي هو يكون النظام القانوني ( Ordre Juridique) الوطني ككل.
مثلا: القانون المدني +القانون التجاري +قانون العقوبات +القانون الدستوري ……. و غيرها من القوانين السائدة في الدولة.
ملاحظة: خاصة بكلمة ” التشريع ” التي يقصد به عدة معان:
مجموعة القواعد القانونية التي يصادق عليها المجلس الشعبي الوطني .
مجموعة قوانين دولة أو منطقة(O.U.AF . Ligue arabe. C.E.Européenne.
مجموعة القوانين المتعلقة بفرع من فروع القانون، و التي تنظم ميدان واحد من ميادين الحياة الاجتماعية ( مثلا: التشريع الجنائي (أو الجزائي أو الإجرامي) : قانون العقوبات +قانون الإجراءات الجزائية +قانون إصلاح السجون +كل القواعد القمعية المتواجدة في قوانين أخرى ( قانون العمل – قانون الإعلام – التشريع الأسعار ….).
* كما تستعمل كلمة ” قانون ” للدلالة على مجموعة نصوص قانونية ( قانون : Loi – أمر: Ordonnance – مرسوم écret – قرار: (Arrêtéجمعت بصفة متناسقة و منظمة بحيث تخص فرعا معين من التشريع و يطلق عليها البعض إسم ” مدونة” ( Code )
مثلا: القانون المدني(Code Civil ) ، قانون الإجراءات المدنية (Code de Procédure Civil) ، قانون العقوبات (Code Pénal ) …
وعادة ما يقسم هذه المجموعة القانونية (Code) إلى مواد (Articles)مرتبة ( ترقيم )، التي هي بدورها قد تنقسم ( أي المادة ) إلى فقرتين أو أكثر.
هذه أفكار عامة عن مدلول كلمة ” قانون ” التي يجب أن نتطرق إلى أهدافه في المجتمع السياسي المنظم (الدولة) فأحد أهداف الدولة هو المحافظة على حقوق الأفراد المتعلقة بحماية أرواحهم و أعراضهم و أموالهم.
و هذا يقودنا إلى القول بأنه من وظائف الدولة هناك وظيفة المحافظة علىالنظام الاجتماعي. و بما أنه لا يجد نظام اجتماعي تلقائي ( عفوي)، و بما أن حالة الفوضى لا تكون إلا حكم الأقوى ، فللقانون وظيفة عامة التي هي تكريس و ضمان النظام الاجتماعي.
غير أن هذا النظام الاجتماعي لا يكون الهدف النهائي للمجتمعات ، حيث يهدف المجتمع إلى غايات أدبية أو اجتماعية سواء كانت فردية أو جماعية، و هذه الغايات متعددة و أحيانا متناقظة، فيلجأ القانون إلى اختيار البعض و تكريس كل غاية بقواعد قانونية.
مثلا:
غايات أدبية : حسن السيرة و الأخلاق – العدالة ……
غايات مادية : إدارات – مصالح عمومية : جيش تربية و التعليم الصحة …. و تشجيع بعض الأنشطة الاقتصادية و تحديد البعض الآخر….
و نستخلص من هذه المعطيات بأن للفرد حقوق يحميها القانون و مقابل ذلك عليه واجبات هو ملزم باحترامها، و من هنا تبرز فكرتا الحق و القانون.
* فالحق مزية أو قدرة يقرها القانون و يحميها لشخص معين على شخص آخر ( طبيعي أو معنوي ) أو على شيء معين ( مادي أو أدبي: مثلا: حق الملكية حق الانتخاب Droits Subjectifs ) .
* أما القانون فهو بصفة عامة مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تحكم سلوك الأفراد و علاقاتهم في المجتمع ،و تتضمن أحكاما موضوعية تبين الحقوق و الواجبات المختلفة في مجتمع ما و التي تسهر على احترامها السلطة العمومية (Droit Objectif).
III تقسيمات القانون :
دولي و داخلي :
يقسم القانون إلى قانون دولي (Droit International) و إلى قانون داخلي(أو وطني) .
أما القانون الدولي فهو ينظم العلاقات التي يدخل فيها عنصر أجنبي، و بدوره ينقسم إلى قانون دولي عام و قانون دولي خاص.
* فالقانون الدولي العام هو مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بأشخاص المجتمع الدولي ( دولة منظمات دولية ) و هي كذلك مجموعة المعايير القانونية التي تنظم العلاقات الدولية.
و القانون الدولي الخاص هو فرع من فروع القانون الخاص ( الداخلي) يسير العلاقات القانونية بين الأشخاص المختلف الجنسية، و يحكمه مفهومي الجنسية وتنازع القوانين من حيث المكان ( م.9 إلى 24 قانون مدني(..
عام و خاص :
تقسيم القانون يرجع إلى زمن بعيد حيث كان معروفا لدى الرومان الذين قسموا القانون إلى عام و خاص.
إن معيار التفرقة لديهم كان مناطه أن كل ما يتعلق بتنظيم الشيء العموميو تحقيق المصلحة العامة للمجتمع يعتبر من قبيل القانون العام، أما القواعد التي تتعلق بتنظيم معاملات الأفراد و مصالحهم فهي من قبيل القانون الخاص.
و لكن إلى يومنا هذا لازال الجدل قائم حول معيار تقسيم القانون إلى عام وخاص (1)غير أن معظم الفقهاء متفق على هذا التقسيم.
و مع ذلك فأحيانا تكون قواعد القانون منظمة لعلاقات بين الأفراد والدولة باعتبارها شخصا معنويا يسعى لتحقيق مصلحة خاصة كفرد عادي.وهنا تكون ( مثلا: بيع أملاك الدولة تأجير عقاراتها …)، ففي هذه الحالات لا تمارس الدولة سلطانها لتحقيق مصلحة عامة، بل تتعامل مع الأفراد لتحقيق مصلحة خاصة.
* و نستخلص من هذا أن القانون العام هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات، أي كان نوعها، كلما كانت الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة سلطة و سيادة.
* أما القانون الخاص، فهو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات أيا كان نوعها فيما بين الأفراد أو فيما بين الأفراد و الدولة باعتبارها شخصا معنويا لا يمارس سيادة و لا سلطة.
و يقصد بالقانون العام ” الداخلي ” ( أو الوطني). خمسة فروع من القانون يكون مجالها داخل الدولة، وهي:
* القانون الدستوري: و هو القانون الأساسي للدولة و يتكون من مجموعة القواعد القانونية ( الدستور) التي تنظم نظام الحكم في الدولة و تبين السلطات العامة فيها(تشريعية تنفيذية قضائية ) و ممارسة السلطة السياسية.
* القانون الإداري:.
* القانون المالي: و هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المالية العامة للدولة وتدير ميزانيتها السنوية حيث تحدد فيها مسبقا في بداية العام، مصادر إيرادات الخزينة العامة( ضرائب رسوم تصدير ثرواتها …) و على جانب آخر تبين مصروفاتها .
* القانون العقوبات: و هو مجموعة القواعد القانونية التي تستهدف معاقبة الجرائم.
* قانون الإجراءات الجزائية (أو الجنائية ): وهو مجموعة القواعد القانونية التي يجب إتباعها من أجل القيام بإثبات الجرائم والبحث عن مرتكبيها، والمتابعات والملاحقات القضائية، والتحقيق في القضايا والحكم فيها.
أما القانون الخاص الداخلي فهو يحتوي على عدة فروع و أهمهم:
* القانون المدني: الذي هو يمثل القانون العام إذ غالبا ما استمدت منه فروع القانون الأخرى مفاهيم أو قواعد عامة التي تحكم العلاقات الخاصة فيما بين الأفراد ما لم يحكمها نص قانوني في فرع آخر من فروع القانون الخاص تأسيسا على قاعدة ” الخاص يقيد العام” ( مثلا: القانون التجاري قانون العمل.(
أما قواعد القانون المدني نفسه، فهي تعالج تنظيم الحقوق الخاصة التي يمكن أن يباشرها الأفراد في علاقاتهم فيما بينهم (حالة وأهلية الأشخاص، الذمة المالية، العقود…).
* القانون التجاري: و هو يحتوي على جميع القواعد القانونية المتعلقة بالتصرفات التجارية، التجارة، المحلات التجارية، الإجراءات التسوية القضائية، الشركات التجارية …
* القانون البحري: و هو مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بالملاحة البحرية بما فيها نقل المسافرين و البضائع بحرا.
* القانون الجوي: و هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات الناشئة عن النشاط الإنساني في الغلاف الجوي، حيث تكون أداته الرئيسية هي الطائرة و خاصة الطيران التجاري…
*القانون الدولي الخاص:
* قانون العمل: و هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين المستخدمين والمستخدمين، كما يسير علاقات العمل بما فيها صلة هؤلاء ببعضهم، و الأجور.
* قانون الإجراءات المدنية: وهو مجموعة القواعد القانونية التي من شأنها أن تنظم سير الدعاوي المدنية أو التجارية من البداية إلى النهاية ( التحقيق في القضية، إجراء الخبرات، البحوث، الطلبات العارضة، طرق الطعن العادية و غير العادية …).
IVالمدخل إلى علم القانون :
من المعروف أن المدخل إلى أي علم من العلوم يقصد به تعريف هذا العلم و بيان الخصائص التي يتميز بها عن غيره من العلوم الأخرى، مع تقديم المبادىء الأساسية فيهو شرح الأفكار الرئيسية و بعرض القواعد العامة التي يقوم عليها، و بتعبير آخر نقول أن المدخل أي علم هو هيكلة الخطوط العريضة لذلك العلم لتكون بمثابة الأساس المتين المترابط الذي يسهل للدارس أن يستوعب تفاصيل ذلك العلم عند الدخول إلى فروعهوتقسيماته المتعددة، وفهم النظريات المختلفة التي تحكم تلك التفصيلات.
ومن هذا المنطلق نقول أن المدخل إلى علم القانون هو دراسة تمهيدية وشرح للمبادئ العامة المشتركة في العلوم القانونية. وهذا يعني ابتداء أن المدخل إلى علم القانون ليس مرتبطا بفرع معين من فروع القانون التي تنتظم جميعها في إطار عام هو النظام القانوني للدولة، لأنه يرتبط بكل فروع النظام القانوني، فهو يمهد للفروع القانونية جميعها.
ولكن مع التسليم بصحة هذا الرأي، فقد جرى العمل على أن دراسة المدخل إلى علم القانون تلحق بالقانون المدني، و ذلك تأسيسا على أن القانون المدني هو القانون العام حيث أختص بنصيب الأسد فيما يتعلق بالنص على أغلب المبادىء و القواعد العامة التي تدخل الدراسة التمهيدية للقانون.
ونستخلص من هذا إلى القول بأن النظام القانوني في أي دولة بما يشمله من القانون العام والقانون الخاص بفروعهما، يقوم على أسس و مبادئ و نظريات عامة، تستخدم فيها تعبيرات ومصطلحات قانونية مشتركة، لها مدلولات ثابتة لا تتغير، وهي موضوع الدراسة دائما في المدخل إلى العلوم القانونية، وهي التي تتضمنها بوجه عام النظريتان الآسيتان وهما النظرية العامة في القانون والنظرية العامة في الحق، ولهذا ستكون هتان النظريتان هما موضوع هذه الدراسة.
يجب قبل التطرق إلى فكرة المدخل إلى علم القانون، التعرف على كلمة القانون و على القانون نفسه.
اشتقاقيا فكلمة ” قانون ” هي اقتباس من اليونانية حيث كلمة ” Kanon ”
تعني ” العصا المستقيمة ” و يعبرون بها مجازيا عن القاعدة ( ”Regula”: la Règle) ، و منها إلى فكرة الخط المستقيم التي هو عكس الخط المنحني أو المنحرف أو المنكسر، و هذا تعبير إستعاري للدلالة على الأفكار التالية : الاستقامة (la Rectitude) و الصراحة ( la Franchise) و النزاهة ( la Loyauté) في العلاقات الإنسانية .
و يستخلص من هذا أن كلمة ” قانون” تستعمل كمعيار لقياس انحراف الأشخاص عن الطريق المستقيم أي عن الطريق التي سطره لهم القانون لكي يتبعوه في معاملاتهم. ولكن، لا يستخلص من هذه المعاني إلى فكرة تقريبية عن القانون، فيجب إذا تفحص استعمال كلمة القانون التي لها عدة معاني.
II تعدد معاني كلمة ” قانون”
يقصد بكلمة ” قانون ”تارة معنى واسع و تارة معنى ضيق.
* بمعنى واسع جدا، يقصد بكلمة ” قانون ”، القانون الوضعي ( Droit Positif)،
وهو مجموعة القواعد القانونية السارية المفعول في زمن معين وفي مكان محدد ( دولة ) . (به بالخصوص القانون الداخلي للدولة ( أو القانون الوطني ) والتي هو يكون النظام القانوني ( Ordre Juridique) الوطني ككل.
مثلا: القانون المدني +القانون التجاري +قانون العقوبات +القانون الدستوري ……. و غيرها من القوانين السائدة في الدولة.
ملاحظة: خاصة بكلمة ” التشريع ” التي يقصد به عدة معان:
مجموعة القواعد القانونية التي يصادق عليها المجلس الشعبي الوطني .
مجموعة قوانين دولة أو منطقة(O.U.AF . Ligue arabe. C.E.Européenne.
مجموعة القوانين المتعلقة بفرع من فروع القانون، و التي تنظم ميدان واحد من ميادين الحياة الاجتماعية ( مثلا: التشريع الجنائي (أو الجزائي أو الإجرامي) : قانون العقوبات +قانون الإجراءات الجزائية +قانون إصلاح السجون +كل القواعد القمعية المتواجدة في قوانين أخرى ( قانون العمل – قانون الإعلام – التشريع الأسعار ….).
* كما تستعمل كلمة ” قانون ” للدلالة على مجموعة نصوص قانونية ( قانون : Loi – أمر: Ordonnance – مرسوم écret – قرار: (Arrêtéجمعت بصفة متناسقة و منظمة بحيث تخص فرعا معين من التشريع و يطلق عليها البعض إسم ” مدونة” ( Code )
مثلا: القانون المدني(Code Civil ) ، قانون الإجراءات المدنية (Code de Procédure Civil) ، قانون العقوبات (Code Pénal ) …
وعادة ما يقسم هذه المجموعة القانونية (Code) إلى مواد (Articles)مرتبة ( ترقيم )، التي هي بدورها قد تنقسم ( أي المادة ) إلى فقرتين أو أكثر.
هذه أفكار عامة عن مدلول كلمة ” قانون ” التي يجب أن نتطرق إلى أهدافه في المجتمع السياسي المنظم (الدولة) فأحد أهداف الدولة هو المحافظة على حقوق الأفراد المتعلقة بحماية أرواحهم و أعراضهم و أموالهم.
و هذا يقودنا إلى القول بأنه من وظائف الدولة هناك وظيفة المحافظة علىالنظام الاجتماعي. و بما أنه لا يجد نظام اجتماعي تلقائي ( عفوي)، و بما أن حالة الفوضى لا تكون إلا حكم الأقوى ، فللقانون وظيفة عامة التي هي تكريس و ضمان النظام الاجتماعي.
غير أن هذا النظام الاجتماعي لا يكون الهدف النهائي للمجتمعات ، حيث يهدف المجتمع إلى غايات أدبية أو اجتماعية سواء كانت فردية أو جماعية، و هذه الغايات متعددة و أحيانا متناقظة، فيلجأ القانون إلى اختيار البعض و تكريس كل غاية بقواعد قانونية.
مثلا:
غايات أدبية : حسن السيرة و الأخلاق – العدالة ……
غايات مادية : إدارات – مصالح عمومية : جيش تربية و التعليم الصحة …. و تشجيع بعض الأنشطة الاقتصادية و تحديد البعض الآخر….
و نستخلص من هذه المعطيات بأن للفرد حقوق يحميها القانون و مقابل ذلك عليه واجبات هو ملزم باحترامها، و من هنا تبرز فكرتا الحق و القانون.
* فالحق مزية أو قدرة يقرها القانون و يحميها لشخص معين على شخص آخر ( طبيعي أو معنوي ) أو على شيء معين ( مادي أو أدبي: مثلا: حق الملكية حق الانتخاب Droits Subjectifs ) .
* أما القانون فهو بصفة عامة مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تحكم سلوك الأفراد و علاقاتهم في المجتمع ،و تتضمن أحكاما موضوعية تبين الحقوق و الواجبات المختلفة في مجتمع ما و التي تسهر على احترامها السلطة العمومية (Droit Objectif).
III تقسيمات القانون :
دولي و داخلي :
يقسم القانون إلى قانون دولي (Droit International) و إلى قانون داخلي(أو وطني) .
أما القانون الدولي فهو ينظم العلاقات التي يدخل فيها عنصر أجنبي، و بدوره ينقسم إلى قانون دولي عام و قانون دولي خاص.
* فالقانون الدولي العام هو مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بأشخاص المجتمع الدولي ( دولة منظمات دولية ) و هي كذلك مجموعة المعايير القانونية التي تنظم العلاقات الدولية.
و القانون الدولي الخاص هو فرع من فروع القانون الخاص ( الداخلي) يسير العلاقات القانونية بين الأشخاص المختلف الجنسية، و يحكمه مفهومي الجنسية وتنازع القوانين من حيث المكان ( م.9 إلى 24 قانون مدني(..
عام و خاص :
تقسيم القانون يرجع إلى زمن بعيد حيث كان معروفا لدى الرومان الذين قسموا القانون إلى عام و خاص.
إن معيار التفرقة لديهم كان مناطه أن كل ما يتعلق بتنظيم الشيء العموميو تحقيق المصلحة العامة للمجتمع يعتبر من قبيل القانون العام، أما القواعد التي تتعلق بتنظيم معاملات الأفراد و مصالحهم فهي من قبيل القانون الخاص.
و لكن إلى يومنا هذا لازال الجدل قائم حول معيار تقسيم القانون إلى عام وخاص (1)غير أن معظم الفقهاء متفق على هذا التقسيم.
و مع ذلك فأحيانا تكون قواعد القانون منظمة لعلاقات بين الأفراد والدولة باعتبارها شخصا معنويا يسعى لتحقيق مصلحة خاصة كفرد عادي.وهنا تكون ( مثلا: بيع أملاك الدولة تأجير عقاراتها …)، ففي هذه الحالات لا تمارس الدولة سلطانها لتحقيق مصلحة عامة، بل تتعامل مع الأفراد لتحقيق مصلحة خاصة.
* و نستخلص من هذا أن القانون العام هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات، أي كان نوعها، كلما كانت الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة سلطة و سيادة.
* أما القانون الخاص، فهو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات أيا كان نوعها فيما بين الأفراد أو فيما بين الأفراد و الدولة باعتبارها شخصا معنويا لا يمارس سيادة و لا سلطة.
و يقصد بالقانون العام ” الداخلي ” ( أو الوطني). خمسة فروع من القانون يكون مجالها داخل الدولة، وهي:
* القانون الدستوري: و هو القانون الأساسي للدولة و يتكون من مجموعة القواعد القانونية ( الدستور) التي تنظم نظام الحكم في الدولة و تبين السلطات العامة فيها(تشريعية تنفيذية قضائية ) و ممارسة السلطة السياسية.
* القانون الإداري:.
* القانون المالي: و هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المالية العامة للدولة وتدير ميزانيتها السنوية حيث تحدد فيها مسبقا في بداية العام، مصادر إيرادات الخزينة العامة( ضرائب رسوم تصدير ثرواتها …) و على جانب آخر تبين مصروفاتها .
* القانون العقوبات: و هو مجموعة القواعد القانونية التي تستهدف معاقبة الجرائم.
* قانون الإجراءات الجزائية (أو الجنائية ): وهو مجموعة القواعد القانونية التي يجب إتباعها من أجل القيام بإثبات الجرائم والبحث عن مرتكبيها، والمتابعات والملاحقات القضائية، والتحقيق في القضايا والحكم فيها.
أما القانون الخاص الداخلي فهو يحتوي على عدة فروع و أهمهم:
* القانون المدني: الذي هو يمثل القانون العام إذ غالبا ما استمدت منه فروع القانون الأخرى مفاهيم أو قواعد عامة التي تحكم العلاقات الخاصة فيما بين الأفراد ما لم يحكمها نص قانوني في فرع آخر من فروع القانون الخاص تأسيسا على قاعدة ” الخاص يقيد العام” ( مثلا: القانون التجاري قانون العمل.(
أما قواعد القانون المدني نفسه، فهي تعالج تنظيم الحقوق الخاصة التي يمكن أن يباشرها الأفراد في علاقاتهم فيما بينهم (حالة وأهلية الأشخاص، الذمة المالية، العقود…).
* القانون التجاري: و هو يحتوي على جميع القواعد القانونية المتعلقة بالتصرفات التجارية، التجارة، المحلات التجارية، الإجراءات التسوية القضائية، الشركات التجارية …
* القانون البحري: و هو مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بالملاحة البحرية بما فيها نقل المسافرين و البضائع بحرا.
* القانون الجوي: و هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات الناشئة عن النشاط الإنساني في الغلاف الجوي، حيث تكون أداته الرئيسية هي الطائرة و خاصة الطيران التجاري…
*القانون الدولي الخاص:
* قانون العمل: و هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين المستخدمين والمستخدمين، كما يسير علاقات العمل بما فيها صلة هؤلاء ببعضهم، و الأجور.
* قانون الإجراءات المدنية: وهو مجموعة القواعد القانونية التي من شأنها أن تنظم سير الدعاوي المدنية أو التجارية من البداية إلى النهاية ( التحقيق في القضية، إجراء الخبرات، البحوث، الطلبات العارضة، طرق الطعن العادية و غير العادية …).
IVالمدخل إلى علم القانون :
من المعروف أن المدخل إلى أي علم من العلوم يقصد به تعريف هذا العلم و بيان الخصائص التي يتميز بها عن غيره من العلوم الأخرى، مع تقديم المبادىء الأساسية فيهو شرح الأفكار الرئيسية و بعرض القواعد العامة التي يقوم عليها، و بتعبير آخر نقول أن المدخل أي علم هو هيكلة الخطوط العريضة لذلك العلم لتكون بمثابة الأساس المتين المترابط الذي يسهل للدارس أن يستوعب تفاصيل ذلك العلم عند الدخول إلى فروعهوتقسيماته المتعددة، وفهم النظريات المختلفة التي تحكم تلك التفصيلات.
ومن هذا المنطلق نقول أن المدخل إلى علم القانون هو دراسة تمهيدية وشرح للمبادئ العامة المشتركة في العلوم القانونية. وهذا يعني ابتداء أن المدخل إلى علم القانون ليس مرتبطا بفرع معين من فروع القانون التي تنتظم جميعها في إطار عام هو النظام القانوني للدولة، لأنه يرتبط بكل فروع النظام القانوني، فهو يمهد للفروع القانونية جميعها.
ولكن مع التسليم بصحة هذا الرأي، فقد جرى العمل على أن دراسة المدخل إلى علم القانون تلحق بالقانون المدني، و ذلك تأسيسا على أن القانون المدني هو القانون العام حيث أختص بنصيب الأسد فيما يتعلق بالنص على أغلب المبادىء و القواعد العامة التي تدخل الدراسة التمهيدية للقانون.
ونستخلص من هذا إلى القول بأن النظام القانوني في أي دولة بما يشمله من القانون العام والقانون الخاص بفروعهما، يقوم على أسس و مبادئ و نظريات عامة، تستخدم فيها تعبيرات ومصطلحات قانونية مشتركة، لها مدلولات ثابتة لا تتغير، وهي موضوع الدراسة دائما في المدخل إلى العلوم القانونية، وهي التي تتضمنها بوجه عام النظريتان الآسيتان وهما النظرية العامة في القانون والنظرية العامة في الحق، ولهذا ستكون هتان النظريتان هما موضوع هذه الدراسة.