بقلم: د. أحمد النقيب
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله"(1)
ويقول الأديب والمفكر الألمعي المصري الرافعي: "ما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمرها في ذهاب وإدبار، ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضًا على الأمة التي يستعمرها، ويركبهم بها، ويشعرهم عظمته فيها ...."(2)
بدأ الاحتلال الأمريكي للعراق في 9/4/2003 م، ومن يومها إلى الآن تمر الأمة العربية المسلمة العراقية (لا سيما أهل السنة) بأزمة حقيقية، ليس على مستوى تدمير الدول، ولا على مستوى ضياع العزة والكرامة، والخضوع تحت جناح المحتل الصليبي، لكن هذه الأزمة تتمثل في ضياع الهُوية العربية؛ بضياع ومحاولة تضييع اللغة العربية بالعراق.
ومن مظاهر ذلك:
1ـ هجر اللغة العربية من قِبل الجيل المعاصر؛ حيث زاد في المقابل إقبال العراقيين على تعلم الإنجليزية وإجادتها؛ بغية الحصول على الوظائف الحكومية أو الخاصة.
2ـ ازدياد المفردات الإنجليزية في التعامل اليومي؛ جراء المحاككة اليومية المستمرة في نقاط التفتيش والمداهمات؛ مما أفسد اللغة العربية التى كان يتكلم بها أكثر من 97% من الشعب العراقي، لدرجة أنها كانت تدرس في سائر الكليات حتى العلمية والعملية منها؛ كالطب والصيدلة، بل أصدر العراق عام 1977م قانونًا لصالح اللغة العربية، وهو قانون (سلامة اللغة العربية) الذي ينص على ضرورة أن يحترم مستعمل اللغة العربية بالعراق سلامتَها، وألا يخطىء في كتابتها أو النطق بها، بل كانت الدول المتقدمة تقوم بعقد دورات لغوية لرجالات الدولة.
ومن مآثر العراق قبل الاحتلال الصليبي الرافضي:
• جهد المجمع اللغوي العراقي في تعريب المصطلحات الأجنبية والعلمية، والمشاركة الفاعلة في صياغة الأسماء التي تطلق على الشوارع والمحال العامة، والخروج بقرارات لغوية دورية تحافظ على سلامة اللغة.
• درست للموظفين في دوائر الحكومة اللغة العربية، ولعل من أمثلة ذلك كتاب "نحو الموظف" للدكتور/ رشيد العبيدي رحمه الله.
• وقد تجلى هذا الاهتمام اللغوي في خطابات وبيانات رجال الدولة قبل الاحتلال الصيبلي الرافضي؛ حيث نجد التأثير الشديد بالشعر والأدب واللسان العربي، وليس هذا بغريب؛ فالعراق هي مهد المدارس اللغوية النحوية (مدرسة الكوفة، مدرسة البصرة، مدرسة بغداد) كما أن بداية وضع النحو على يد أبي الأسود الدؤلي كان بها، كما أن عاصمتها "بغداد" هي نفسها عاصمة الدولة العباسية المجيدة.
كل هذه المجهودات وهذا المجد التليد ذهب أدراج الرياح منذ الاحتلال الصليبي الرافضي الخبيث، الذى كان يعمد إلى طمس الهوية العربية لهذا البلد المسلم المتأصل في عروبته على مدى الزمن؛ إنهم يحاولون محو هذا التراث ليكون العراق عراقًا هزيلًا وشيجًا ضعيفًا، لا يقوى على مطاولة هؤلاء الأقزام من الصليبيين والرافضة، ولا يقدر على مصادتهم فيقع صريعًا لليدين وللفم!!
3ـ من مظاهر تضبيع اللغة العربية محاولة كل أقلية أن تتكلم بلسانها عازفة عن اللسان العربى، ومن أمثله ذلك: تخلى الأكراد في شمال العراق عن اللغة العربية واستبدالها باللهجة الكردية، بل إن بعض الأكراد صاروا يدعون إلى الكتابة بالحروف اللاتنبية؛ لإحداث الفصل التام بين الشعب الكردي وبين دينه وأمته، بل إن متطرفيهم وغلاتهم يطالبون بأداء الصلاة باللغة الكردية (3).
4ـ ضياع تفعيل دور المجامع اللغوية، وأيضًا سرقة عشرات الآلاف من المخطوطات العربية وكنوز التراث العربى الإسلامى، وتهجير مدرسي اللغة العربية، بل وسجنهم، بل وقتلهم أحيانًا كثيرة (4).
إنها المؤامرة التي اتضحت أبعادها وكثير من أبعاضها؛ فلنكن على حذر، والله غالب على أمره، وهو المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم /203.
(2) الرافعي: وحي القلم 2/33.
(3) انظر إبراهيم النعمة: لغتنا والمؤامرة ص/9، أنوار دجلة بغداد، ط 1-2004 م.
(4) انظر هذا كله في البحث الماتع الذى أعده د. أحمد قاسم كسار بعنوان "آثار الحرب والاحتلال على اللغة العربية"، العراق نموذجًا ص/157-185، مجلة "حضارة" العدد الأول محرم 1430 هـ = 2009 م.
المصدر/ موقع البصيرة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله"(1)
ويقول الأديب والمفكر الألمعي المصري الرافعي: "ما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمرها في ذهاب وإدبار، ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضًا على الأمة التي يستعمرها، ويركبهم بها، ويشعرهم عظمته فيها ...."(2)
بدأ الاحتلال الأمريكي للعراق في 9/4/2003 م، ومن يومها إلى الآن تمر الأمة العربية المسلمة العراقية (لا سيما أهل السنة) بأزمة حقيقية، ليس على مستوى تدمير الدول، ولا على مستوى ضياع العزة والكرامة، والخضوع تحت جناح المحتل الصليبي، لكن هذه الأزمة تتمثل في ضياع الهُوية العربية؛ بضياع ومحاولة تضييع اللغة العربية بالعراق.
ومن مظاهر ذلك:
1ـ هجر اللغة العربية من قِبل الجيل المعاصر؛ حيث زاد في المقابل إقبال العراقيين على تعلم الإنجليزية وإجادتها؛ بغية الحصول على الوظائف الحكومية أو الخاصة.
2ـ ازدياد المفردات الإنجليزية في التعامل اليومي؛ جراء المحاككة اليومية المستمرة في نقاط التفتيش والمداهمات؛ مما أفسد اللغة العربية التى كان يتكلم بها أكثر من 97% من الشعب العراقي، لدرجة أنها كانت تدرس في سائر الكليات حتى العلمية والعملية منها؛ كالطب والصيدلة، بل أصدر العراق عام 1977م قانونًا لصالح اللغة العربية، وهو قانون (سلامة اللغة العربية) الذي ينص على ضرورة أن يحترم مستعمل اللغة العربية بالعراق سلامتَها، وألا يخطىء في كتابتها أو النطق بها، بل كانت الدول المتقدمة تقوم بعقد دورات لغوية لرجالات الدولة.
ومن مآثر العراق قبل الاحتلال الصليبي الرافضي:
• جهد المجمع اللغوي العراقي في تعريب المصطلحات الأجنبية والعلمية، والمشاركة الفاعلة في صياغة الأسماء التي تطلق على الشوارع والمحال العامة، والخروج بقرارات لغوية دورية تحافظ على سلامة اللغة.
• درست للموظفين في دوائر الحكومة اللغة العربية، ولعل من أمثلة ذلك كتاب "نحو الموظف" للدكتور/ رشيد العبيدي رحمه الله.
• وقد تجلى هذا الاهتمام اللغوي في خطابات وبيانات رجال الدولة قبل الاحتلال الصيبلي الرافضي؛ حيث نجد التأثير الشديد بالشعر والأدب واللسان العربي، وليس هذا بغريب؛ فالعراق هي مهد المدارس اللغوية النحوية (مدرسة الكوفة، مدرسة البصرة، مدرسة بغداد) كما أن بداية وضع النحو على يد أبي الأسود الدؤلي كان بها، كما أن عاصمتها "بغداد" هي نفسها عاصمة الدولة العباسية المجيدة.
كل هذه المجهودات وهذا المجد التليد ذهب أدراج الرياح منذ الاحتلال الصليبي الرافضي الخبيث، الذى كان يعمد إلى طمس الهوية العربية لهذا البلد المسلم المتأصل في عروبته على مدى الزمن؛ إنهم يحاولون محو هذا التراث ليكون العراق عراقًا هزيلًا وشيجًا ضعيفًا، لا يقوى على مطاولة هؤلاء الأقزام من الصليبيين والرافضة، ولا يقدر على مصادتهم فيقع صريعًا لليدين وللفم!!
3ـ من مظاهر تضبيع اللغة العربية محاولة كل أقلية أن تتكلم بلسانها عازفة عن اللسان العربى، ومن أمثله ذلك: تخلى الأكراد في شمال العراق عن اللغة العربية واستبدالها باللهجة الكردية، بل إن بعض الأكراد صاروا يدعون إلى الكتابة بالحروف اللاتنبية؛ لإحداث الفصل التام بين الشعب الكردي وبين دينه وأمته، بل إن متطرفيهم وغلاتهم يطالبون بأداء الصلاة باللغة الكردية (3).
4ـ ضياع تفعيل دور المجامع اللغوية، وأيضًا سرقة عشرات الآلاف من المخطوطات العربية وكنوز التراث العربى الإسلامى، وتهجير مدرسي اللغة العربية، بل وسجنهم، بل وقتلهم أحيانًا كثيرة (4).
إنها المؤامرة التي اتضحت أبعادها وكثير من أبعاضها؛ فلنكن على حذر، والله غالب على أمره، وهو المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم /203.
(2) الرافعي: وحي القلم 2/33.
(3) انظر إبراهيم النعمة: لغتنا والمؤامرة ص/9، أنوار دجلة بغداد، ط 1-2004 م.
(4) انظر هذا كله في البحث الماتع الذى أعده د. أحمد قاسم كسار بعنوان "آثار الحرب والاحتلال على اللغة العربية"، العراق نموذجًا ص/157-185، مجلة "حضارة" العدد الأول محرم 1430 هـ = 2009 م.
المصدر/ موقع البصيرة