من طرف أحمد الأربعاء أبريل 10, 2013 12:12 pm
الإنشاء
الإنشاء لغة: هو الإيجاد.
وفي الاصطلاح: ما لا يحتمل صدقاً ولا كذباً، كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والنداء وغيرها، فإنك إذا قلت: (اللّهم ارحمني) لا يصح أن يقال لك: صادق أو كاذب، نعم يصح ذلك بالنسبة الى الخبر الضمني المستفاد من الكلام، وهو أنك طالب للمغفرة.
أقسام الإنشاء:
والإنشاء ينقسم إلى (طلبي) و(غير طلبي).
الإنشاء غير الطلبي:
ما لايستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب، وهو على أقسام:
1 ـ المدح والذم، ويكونان بـ (نعم) و(حبذا) و(ساء) و(بئس) و(لاحبذا)، نحو: (نعم الرجل زيد) و(وبئست المرأة هند).
2 ـ العقود، سواء كانت بلفظ الماضي، نحو: (بعت) و(وهبت) أم بغيره، نحو: (امرأتي طالق) و(عبدي حرّ).
3 ـ القَسَم، سواء كان بالواو أو بغيرها، نحو: (والله) و( لعمرك).
4 ـ التعجّب، ويأتي قياساً بصيغة (ما أفعله) و(أفعل به) نحو): (ما أحسن عليّاً ) و(أكرم بالحسين) وسماعاً بغيرهما، نحو: (كيف تكفرون بالله) (البقرة: 28).
5 ـ الرجاء، ويأتي بـ (عسى) و(حرى) و(اخلولق) نحو: (فعسى الله أن يأتي بالفتح)(المائدة :52).
الإنشاء الطلبي:
والإنشاء الطلبي: هو الذي يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب ـ حسب اعتقاد المتكلم ـ وهو المبحوث عنه في علم المعاني لما فيه من اللطائف البلاغيّة، وأنواعه خمسة:
الأمر , والنهي , والاستفهام , والتمني , والنداء.
===============
( أ) الأمر
الأمر: وهو طلب حصول الفعل من المخاطب على سبيل الاستعلاء، وهو إمّا:
1 - بفعل الأمر نحو: { أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ }(الاسراء: من الآية78).
2 - أو بالمضارع المجزوم بلام الأمر نحو: { وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}(البقرة: من الآية282)), ومثله الجملة نحو: (يعيد الصلاة).
3 - أو باسم فعل الامر نحو: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } (المائدة: من الآية105).
4 - أو بالمصدر النائب عن فعل الأمر: نحو: (ذهاباً الى بيت الله).
قالوا: وقد تخرج صيغة الأمر: عن معناها الأصلي ـ المتقدم ـ فيراد منها أحد المعاني الآتية بالقرينة، لكن الظاهر أنها مستعملة في معناها، وإنما تختلف الدواعي، وتحقيقه في الأصول .
1 ـ الدعاء، نحو: { رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ}(الاحقاف: من الآية15) و(النمل: من الآية19).
2 ـ الالتماس، نحو: (اذهب الى الدار) تقوله لمن يساويك.
3 ـ الإرشاد، نحو: { إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ }(البقرة: من الآية282) .
4 ـ التهديد، نحو: { اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(فصلت: من الآية40).
5 ـ التعجيز، نحو: { فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} (البقرة: من الآية23).
6 ـ الإباحة، نحو: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }(البقرة: من الآية187).
7 ـ التسوية، نحو: (اصبروا أو لا تصبروا).
8 ـ الإكرام، نحو: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} (الحجر:46)
9 ـ الإمتنان، نحو: { فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} (النحل: من الآية114).
10 ـ الإهانة، نحو:{ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً} (الاسراء:50).
11 ـ الدوام، نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الفاتحة:6)
12 ـ التمنّي، كقوله: (ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي..).
13 ـ الاعتبار، نحو: { انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ}(الأنعام: من الآية99).
14 ـ الإذن، نحو قولك: (ادخل) لمن طرق الباب.
15 ـ التكوين، نحو قوله تعالى: (كن فيكون).
16 ـ التخيير، نحو: { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ }(النساء: من الآية3).
17 ـ التأديب، نحو: (كل ما بين يديك) لمن يأكل من الاطراف.
18 ـ التعجّب، نحو: { انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ}(الاسراء: من الآية48).
وضع الخبر موضع الإنشاء:
يوضع الخبر موضع الإنشاء لأغراض:
1 ـ التفاؤل، كقوله: (عافاك ربّك من بليتّك التي...) وكقوله: (وفّقك الله) و(أصلحك الله).
2 ـ الإحتراز عن إتيان الشيء بصورة الأمر، تأدباً ونحوه، كقوله: (ينظر سيّدي إلى مقالي..).
3 ـ التنبيه على سهولة الأمر لتوفّر شروطه، كقوله: (تأخذون بنواصي القوم وتنزلونهم من صياصيهم...).
4 ـ المبالغة في الطلب تأكيداً، كقوله: (لا تضربون وجوه الناس بالعمد..) لم يقل: (لا تضربوا) مبالغة في النهي حتّى كأنّهم امتثلوا النهي فأخبر عن امتثالهم.
5 ـ إظهار الرغبة في الشيء، كقوله: (شفّعني الله محمداً وآله).
وضع الإنشاء موضع الخبر:
وقد ينعكس الأمر فيوضع الإنشاء موضع الخبر لأغراض:
1 ـ إظهار العناية بالشيء والإهتمام به، كقوله تعالى: { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (لأعراف: من الآية29) والأصل: وإقامة وجوهكم.. لكنه لعظيم خطر الصلاة اُوتي في صورة الانشاء.
2 ـ التأدب بالنسبة إلى عظيم لئلا يساويه غيره في سوق الكلام، كقوله تعالى: { قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} (هود: من الآية54) لم يقل: وأشهدكم.. لئلا يتشابه الاستشهادان.
==============
( ب) النهي
النهي: هو طلب المتكلم من المخاطب الكف عن الفعل، على سبيل الاستعلاء.
وهو إما:
1 ـ بصيغة المضارع المدخول عليها ال (لا )، كقوله تعالى: { وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } (البقرة: من الآية188).
2 ـ أو بالجملة الدالة على ذلك، كقولك: (حرام أن تفعل كذا).
قالوا: وقد يستفاد من النهي معان أخرى مجازاً بالقرينة، على ما يلي:
1 - الدعاء كقوله تعالى: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (البقرة: من الآية286).
2 - الالتماس، كقولك لأخيك: (لا تفعل خلاف رضاي).
3 - الإرشاد كقوله تعالى: { لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } (المائدة: من الآية101).
4 - الدوام، كقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ }(ابراهيم: من الآية42).
5 - بيان العاقبة، كقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ} (آل عمران: من الآية169).
6 - التيئيس، كقوله تعالى: { لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (التوبة: من الآية66).
7 - التمنّي، كقولك: (يا شمس لا تغربي).
8 - التهديد، كقولك لولدك مهدداً: (لا تذهب إلى مجالس البطالين)
9 - الكراهة، نحو : (لا تشتم الريحان في يوم الصوم).
10 - التوبيخ، كقوله: (لا تنه عن خلق وتأتي مثله).
11 - الايناس، كقوله تعالى: (لا تحزن).
12 - التحقير، كقوله: (دع المكارم لا ترحل لبغيتها..).
===============
( ج) الاستفهام
الاستفهام : وهو طلب الفهم، فيما يكون المستفهم عنه مجهولاً لدى المتكلّم، وقد يكون لغير ذلك كما سيأتي، ويقع الاستفهام بهذه الأدوات:
1 ـ الهمزة كقوله تعالى: { أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ } (مريم: من الآية46).
2 ـ هل، كقوله تعالى: { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (المائدة: من الآية91).
3 ـ ما، كقوله تعالى: { أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (النمل: من الآية84).
4 ـ من، كقوله تعالى: { مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا} (الانبياء: من الآية59).
5 ـ أيّان، كقوله تعالى: {يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} (الذريات:12) .
6 ـ أين، كقوله تعالى: { أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ} (الأنعام: من الآية22).
7 ـ كيف، كقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} (البقرة: من الآية28).
8 ـ أنّى، كقوله تعالى: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} (البقرة: من الآية259).
9 ـ كم، كقوله تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} (المؤمنون:112).
10 ـ أيّ، كقوله تعالى: {أيّ الفريقين خير مقاماً} (مريم:73).
أقسام أدوات الاستفهام
تنقسم أدوات الاستفهام إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ ما يطلب به التصوّر.
2 ـ ما يطلب به التصديق.
3 ـ ما يطلب به التصوّر مرة، والتصديق أخرى.
والتصوّر، هو إدراك المفرد، بمعنى أن لا يكون هناك نسبة، فـ (زيد) و(عمرو) و(القرآن) و(الله).. ونحوها كلّها مفرد، فهي تصورات.
والتصديق: هو إدراك النسبة، أي نسبة الفعل الى فاعله أو المبتدأ إلى خبره، فـ(زيد قائم) و(الله عالم) و(محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي).. ونحوها كلها نسبة، فهي تصديقات.
وجملة القول:
إن العلم إن كان إذاعاناً للنسبة فتصديق، وإلا فتصورّ.
والتصديق كما يكون في الإثبات، نحو (محمد عادل) كذلك يكون في النفي، نحو (خالد فاسق).
همزة الاستفهام:
من أدوات الاستفهام الهمزة، وهي مشتركة، فتأتي تارة لطلب التصور، وأخرى لطلب التصديق.
1- أما ما كان لطلب التصوّر، فيلي الهمزة المسئوول عنه، والسؤال حينئذٍ عن المفرد لا النسبة بمعنى: أن السائل يعلم بالنسبة، وإنما لا يعلم شيئاً من أطرافها.
مثلاً يعلم: أنه وقع فعل ما، لكن لا يعرف المسند، أو المسند اليه، أو المفعول، أو الحال، أو الظرف، أو الصفة.. أو نحوها.
ففي نحو: (ضرب زيدٌ عمراً، الفاسق، راكباً، في الصحراء) يقع المجهول بعد همزة الاستفهام.
فتقول في الجهل بالفعل: (أضربه أم قتله)؟
وتقول في الجهل بالفاعل: (أزيد الضارب أم بكر)؟
وتقول في الجهل بالمفعول: (أعمراً المضروب أم محمداً)
وتقول في الجهل بالصفة: (أعمرا الفاسق أم التاجر)؟
وتقول في الجهل بالحال: (أراكباً كان زيد أم راجلاً)؟
وتقول فيي الجهل بالظرف: (أفي الصحراء أم في البلد)؟
وهكذا..
وقد علم من هذه الأمثلة: أن النسبة معلومة، وإنما المجهول مفرد من المفردات.
2 ـ وأما ما كان لطلب التصديق، فالهمزة تدخل على الجملة، والسؤال يقع عن النسبة، كقولك: (أجاء زيدٌ؟) فيما لم تعلم بالمجيء.
ثم إن الغالب أن يؤتى للهمزة التي لطلب التصور بمعادل، كما عرفت في الأمثلة: من معادلة (أم) للهمزة.
بخلاف طلب التصديق فلا يؤتى للهمزة بمعادل، كما تقدم في المثال.
ثم إن جواب الهمزة التي لطلب التصور: تعيين أحد الشقين:
فتقول في السؤال الاول: (ضربه).
وتقول في السؤال الثاني: (زيدٌ).
وتقول في السؤال الثالث: (عمراً).
وهكذا...
بخلاف الهمزة التي لطلب التصديق، فالجواب: (نعم) أو (لا).
هل الاستفهامية:
من أدوات الاستفهام: هل، وهي مختصة بطلب التصديق، فيراد بها معرفة وقوع النسبة وعدم وقوعها، ولذا لا يذكر معها معادل، كما يكون جوابها: (نعم) أو (لا).
تقول: (هل قام زيد)؟
والجواب: (نعم) أو: (لا).
وتنقسم هل الى:
1 ـ بسيطة، وهي أن يكون المستفهم عنه بها: وجود الشيء وعدمه، كما تقول: (هل العنقاء موجودة)؟
2 ـ مركبة، وهي أن يكون المستفهم عنه بها: صفة زائدة على الوجود، كما تقول: (هل الخفاش يبصر)؟
ما الاستفهامية:
بقية أدوات الاستفهام موضوعة لطلب التصوّر فقط، فيقع السؤال عن معناها.
1 ـ فـ (ما): موضوعة للاستفهام عن غير العقلاء، ويطلب بها أحد أمور ثلاثة:
الأول: إيضاح الاسم، مثلاً يقال: (ما الفدوكس)؟ فيقال في الجواب: (أسد).
الثاني: بيان حقيقة الشيء، مثلاً يقال: (ما الأسد)؟ فيقال في الجواب: (حيوان مفترس).
الثالث: بيان صفة الشيء، مثلاً يقال: (ما الحيوان)؟ فيقال في الجواب: (حساس متحرك بالارادة).
وهنا نكتة لا بأس بالتنبيه عليها، وهي: أن السؤال عن شيء حسب ترتيبه العقلي هكذا:
أ ـ السؤال بـ (ما) الشارحة، تقول: (ما هي الذكاء)؟ فيقال: (الشمس).
ب- السؤال بـ (هل) البسيطة، تقول: (هل الشمس موجودة)؟ فيقال: (نعم).
ج- السؤال بـ (ما) الحقيقية، تقول (ماهي الشمس)؟ فيقال: (جرم علوي مضيء..).
د- السؤال بـ (هل المركبة)، تقول: (هل الشمس أصل الكون)؟ فيقال: (لا).
وذلك لأن الإنسان يطلب أولاً معنى اللفظ، ثم وجوده، ثم حقيقته، ثم صفاته وخصوصياته.
2 ـ و(من): موضوعة للاستفهام عن العقلاء، كقوله تعالى: {مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ } (الأنبياء:59) وقد ينعكس، فتستعمل (ما) للعاقل، و(من) لغيره.
3 ـ و(متى): موضوعه للاستفهام عن الزمان، مستقبلاً كان أم ماضياً، نحو: متى هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم
4 ـ و(أيّان): موضوعة للاستفهام عن زمان المستقبل فقط، قال تعالى: { يسئل أيّان يوم القيامة} (القيامة:6).
5 ـ و(كيف): موضـــوعــــة للاستفـــهام عن الحال، قــــال تعالى: {فكيف اذا جئنا من كل أُمَّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}(النساء:41).
6 ـ و(أين): موضوعة للاستفهام عن المكان، قال تعالى: { أين شركاؤكم} (الآنعام:22).
7 ـ و(أتّى): موضوعة الاستفهام، وتأتي بمعنى:
أ ـ كيف، كقوله تعالى: {أنّى يُحيي هذه الله بعد موتها} (البقرة:259).
ب - وبمعنى من أين، كقوله تعالى: {يا مريم أنّى لكِ هذا} (آل عمران:37).
ج- وبمعنى متى، تقول: (زره أنّى شئت؟).
8 ـ و(كم): موضوعة للاستفهام عن عدد مبهم، كقوله تعالى: { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} (المؤمنون:112)
9 ـ و(أيّ) موضوعة للإستفهام عن تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما: شخصاً، أو زماناً أو مكاناً، أو حالاً، أو عدداً، عاقلاً أو غيره، قال تعالى: { أيُّ الفريقين خير مقاماً} (مريم:73).
خروج أدوات الإستفهام من معانيها:
قالوا: وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معناها الأصلي: وهو طلب الفهم من الجهل، فيستفهم بها عن الشيء مع االعلم به لأغراض أخرى، وأهمها أمور:
1 - الأمر، كقوله تعالى: {فهل أنتم منتهون} (المائدة:91)أي انتهوا.
2 - النهي، كقوله تعالى: {أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه} (التوبة:13). أي لا تخشوهم.
3 - التسوية، كقوله تعالى: {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم} (البقرة:6).
4 - النفي، كقوله تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} (الرحمن:60).
5 - الإنكار، كقوله تعالى:{أغير الله تدعون} (الأنعام:40).
6 - التشويق، كقوله تعالى:{هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم} (الصف:10).
7 - الاستئناس، كقوله تعالى: { وما تلك بيمينك يا موسى} (طه :17).
8 - التقرير، كقوله تعالى: { ألم نشرح لك صدرك} (الشرح:1).
9 - التهويل، كقوله تعالى: {وما أدراك ما الحاقة} (الحاقة:2).
10 - الاستبعاد، كقوله تعالى: { أنّى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين}(الدخان:13).
11 - التعظيم كقوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} (البقرة:255).
12 - التحقير، كقوله تعالى: { أهذا الذي يذكر آلهتكم} (الأنبياء:36).
13 ـ التعجّب، كقوله تعالى: : { ما لهذا الرسول يأكل الطعام} (الفرقان :7).
14 ـ التهكّم، كقوله تعالى: { أصلاتك تأمرك أن نترك ما كان يعبد آباؤنا} (هود:87).
15 - الوعيد، كقوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربّك بعاد} (الفجر:6).
16 - الاستبطاء، كقوله تعالى: {متى نصر الله} (البقرة:214).
17 - التنبيه على الخطأ، كقوله تعالى:{ أتستبدلون الّذي هو أدنى بالذّي هو خير} (البقرة:61).
18 - التنبيه على ضلال الطريق، كقوله تعالى: {فأين تذهبون} (التكوير:26).
19 - التحسّر، كقوله تعالى: {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني الى النار} (غافر:41).
20 - التكثير، كقوله: (أهذا الخلق يحشر في القيامة).
================
( د) التمنّي
التمني: هو طلب المحبوب الذي لا يرجى حصوله، لاستحالته عقلاً أو شرعاً أو عادة، كقولك: (ليت الشباب لنا يعود) و (ليت السواك كان واجباً) وقوله تعالى: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون} (القصص:79).
والفرق بين التمنّي والترجّي ـ كما ذكروا ـ: أن التمنّي يأتي فيما لا يرجى حصوله، ممكناً كان أم ممتنعاً، والترجّي فيما يرجى حصوله.
ويستعمل للترجّي ـ غالباً ـ (عسى) و(لعلّ) قال الله تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح} (المائدة:52), وقال سبحانه: { لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمراً} (الطلاق: 1).
قالوا: وللتمنّي أدوات أخرى تستعمل فيه مجازاً، مثل:
(هل): قال تعالى: { فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا} (الأعراف:53).
و (لو): قال تعالى: { فلو أن لنا كرَّةً فنكون من المؤمنين} (الشعراء:102).
و (لعلّ) كقول الشاعر:
أسرب القطا هل من يعير جناحه لعلّـــي إلى من قد هويت أطير
وقد ينعكس فيؤتى بـ (ليت) مكان (لعل)، قال تعالى: {يا ليتني اتّخذتُ مع الرسول سبيلاً}(الفرقان :27) للتندّم، وقال الشاعر:
فيا ليت ما بيني وبين أحبّتـــي من البعد ما بيني وبين المصائب
================
( هـ) النداء
النداء : وهو طلب توجّه المخاطب الى المتكلّم بحرف يفيد معنى: (أنادي).
وحروف النداء:
1 ـ الهمزة: قال الشاعر: (أسكّان نعمان الاراك تيقّنوا...).
2 ـ يا: قال تعالى: { ياأيّها النبي اتّق الله...}(الأحزاب:1).
3 ـ أيّ: قال الشاعر: (أيها السائل عنهم وعني...).
4 ـ أ: كقوله: (أسيد القوم أنّي لست متّكلاً...).
5 ـ أي: كقوله: (أي ربّ قوّ المسلمين فإنهم...).
6 ـ أيا: كقوله: (أيا من لست أنساه...).
7 ـ هيا: كقوله: (... ويقول من فرح: هيا ربّا).
8 ـ وا: كقوله: (فوا عجباً كم يدّعي الفضلَ ناقص...).
ثم أنهم اختلفوا في هذه الحروف، والمرجحّ: أن (الهمزة) و(أيّ) لنداء القريب، والباقي لنداء البعيد.
وقد يجعل للقريب سائر الأدوات إشارة إلى انحطاط مرتبته فلا يليق بالتكلّم معه عن قريب، أو ارتفاع مرتبته فشأنه أجلّ من أن يتكلّم عن قرب، أو لكونه كالبعيد، كالنائم والغافل..
كما أنه ربما يجعل للبعيد أدوات القريب، إشارة إلى أنه في نفس المتكلّم فهو كالقريب، أو لتنزيل القرب المعنوي منزلة القرب المكاني..
استخدام النداء لأغراض اُخر:
قالوا: وربما يؤتى بحرف النداء لغرض آخر، وأهم الأغراض:
1 ـ الإستغاثة، كقوله: (يا لقومي ويا لأمثال قومي..).
2 ـ الإغراء، كقوله: (يا من رُميت ألا تنهض إلى الثار...).
3 ـ الندبة، كقوله: (يا حسيناً قتلته الأشقياء...).
4 ـ الزجر، كقوله: (أفؤادي متى المتاب؟...).
5 ـ التعجّب، كقوله: (يا أيّها المجنون كيف تفلسف؟...).
6 ـ التضجّر وإظهار الحزن، كقوله: (أيا منزل الاحباب أين الاحبّة؟...).
7 ـ التذكّر، كقوله: (ذكرتك يا معهد المسلمين...).
8 ـ الاختصاص، وهو كالنداء من غير ياء، فيؤتى بالضمير ثم باسم ظاهر يبيّنه، نحو قوله تعالى: { رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت أنّه حميد مجيد}(هود:73) .
ونحو قوله (صلى الله عليه آله وسلم): (إنّا معاشر الأنبياء اُمرنا أن نكلِّم الناس على قدر عقولهم).
==============
كتاب البلاغة : (المعاني . البيان . البديع) للشيرازي.