وفرَّقوا بين القعود و الجلوس، في قولِ رسولِ الله : "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ .. " .
قال الإمام المناويّ: "وقد يُقال أجلسه من نومه إذا أيقظه، والحديث ورد بهما، والظاهر أن لفظ الرسول فيجلسانه وبعض الرواة أبدله بيقعدانه؛ لِأنّ الفصحاء يستعملون الإقعاد إذا كان من قيام، والإجلاس إذا كان من اضطجاع... ولا تسمعهم يقولون: القيام والجلوس.
يُقال: قعد عن قيامه، وجلس عن مضجعه واستلقائه.
وحُكي أنَّ النَّضْرَ بن شُمَيل دخل على المأمون فسلَّم، فقال له: اجلس. فقال: يا أمير المؤمنين، لستُ بمضطجع فأجلس، فقال: كيف أقول؟. قال: اقعُدْ.
فالمُختار من الروايتين الإجلاس؛ لموافقته دقيق المعنى وتصحيح الكلام، وهو الأجدر ببلاغة المصطفى ، ولعلّ من روى: "يقعدانه" ظنَّ أن اللفظين بمعنىً، ولهذا أنكروا رواية الحديث بالمعنى خشية أن يزل في الألفاظ المُشتركة، فيذهب عن المعنى المُراد، وردَّه الطيبيّ بأنّ الأقرب الترادف، وأنّ استعمال القعود مع القيام، والجلوس مع الاضطجاع مُناسبة لفظيّة، ونحنُ نقول به إذا كانا مذكورَين معاً، نحو: الذينَ يَذكُرُونَ اللّهَ قِياماً وقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِم لا إذا لم يكن أحدُهما مَذكُوراً..
ولذا؛ علّقَ محمد محي الدين على شاهد الكوفيين:
إذا جلسوا مِنَّا ولا مِن سَوائِنا *** ولا يَنْطِقُ المَكرُوهَ مَن كانَ مِنهُم
أنّ البيت ورد في الكتاب، لِسيبويه، بلفظ: "إذا قعدوا"، فقال: "والمعنى واحد".
وعندي أنّه يحتمل الصِّحة، لِعدم اللبس، على أنّ الرواية التي في الكتاب أصحّ، إذا ما أخذنا بالفرق اللغويّ.
الدكتور أسامة الصفار
قال الإمام المناويّ: "وقد يُقال أجلسه من نومه إذا أيقظه، والحديث ورد بهما، والظاهر أن لفظ الرسول فيجلسانه وبعض الرواة أبدله بيقعدانه؛ لِأنّ الفصحاء يستعملون الإقعاد إذا كان من قيام، والإجلاس إذا كان من اضطجاع... ولا تسمعهم يقولون: القيام والجلوس.
يُقال: قعد عن قيامه، وجلس عن مضجعه واستلقائه.
وحُكي أنَّ النَّضْرَ بن شُمَيل دخل على المأمون فسلَّم، فقال له: اجلس. فقال: يا أمير المؤمنين، لستُ بمضطجع فأجلس، فقال: كيف أقول؟. قال: اقعُدْ.
فالمُختار من الروايتين الإجلاس؛ لموافقته دقيق المعنى وتصحيح الكلام، وهو الأجدر ببلاغة المصطفى ، ولعلّ من روى: "يقعدانه" ظنَّ أن اللفظين بمعنىً، ولهذا أنكروا رواية الحديث بالمعنى خشية أن يزل في الألفاظ المُشتركة، فيذهب عن المعنى المُراد، وردَّه الطيبيّ بأنّ الأقرب الترادف، وأنّ استعمال القعود مع القيام، والجلوس مع الاضطجاع مُناسبة لفظيّة، ونحنُ نقول به إذا كانا مذكورَين معاً، نحو: الذينَ يَذكُرُونَ اللّهَ قِياماً وقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِم لا إذا لم يكن أحدُهما مَذكُوراً..
ولذا؛ علّقَ محمد محي الدين على شاهد الكوفيين:
إذا جلسوا مِنَّا ولا مِن سَوائِنا *** ولا يَنْطِقُ المَكرُوهَ مَن كانَ مِنهُم
أنّ البيت ورد في الكتاب، لِسيبويه، بلفظ: "إذا قعدوا"، فقال: "والمعنى واحد".
وعندي أنّه يحتمل الصِّحة، لِعدم اللبس، على أنّ الرواية التي في الكتاب أصحّ، إذا ما أخذنا بالفرق اللغويّ.
الدكتور أسامة الصفار