وردت بعض الأسماء المنتهية بالتاء المربوطة وقد كتبت تاؤها مفتوحة في القرآن الكريم مثل : امرأت لوط ، امرأت العزيز… وهذه كتابةٌ لا يجوز اعتمادها في كتاباتنا العادية و هي خاصة بالقرآن الكريم وحــــده .
لقول ابن درستويه في كتابه كتاب الكُتَّاب: (خطَّان لا يقاسان ولا يُقاس عليهما خطُّ المصحف ، وخطُّ العَروض)
الرسم القرآني (طريقة كتابة القرآن) من المسائل التي شغلت اهتمام العلماء ، فمن المعلوم أن للقرآن الكريم منهجًا خاصًا في الكتابة ، يختلف نوعًا ما عن الكتابة التي ألِفَها الناس.
وقد قسم العلماء الرسم الكتابي إلى قسمين رئيسين ، الأول أطلقوا عليه اسم الرسم القياسي ، ويقصدون به كتابة الكلمة كما تُلفظ ، مع الأخذ بعين الاعتبار حالتي الابتداء بها والوقف عليها.
أما القسم الثاني فأطلقوا عليه اسم الرسم التوقيفي ، ويقصدون به الرسم العثماني ، نسبة إلى عثمان رضي الله عنه ، إذ هو الرسم الذي كُتبت به المصاحف.
وبعض هذه الكلمات التي كتبت فيها التاءات مبسوطة راعى فيها الصحابة رضوان الله عليهم أنها تقرأ في بعض القراءات بالإفراد ، وفي بعضها بجمع المؤنث السالم ، فبكتابتها بالتاء المبسوطة تكون الكلمات صالحة لكل من القراءتين ؛ كما قال ابن الجزري رحمه الله في مقدمته:
....... وكل ما اختلف**** جمعًا وفردًا فيه بالتاء عرف.
ومن الأمثلة على ما اختلف في إفراده وجمعه فكتب بالتاء مراعاة لذلك : (بينت) في قوله {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَت مِّنْهُ} فاطر:40 و(غيابت) في قوله {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَت الْجُبِّ} يوسف:10 و(جمالت) في قوله {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} المرسلات: 23 فهذه الكلمات قرأها حفص بالإفراد ، وفيها قراءات أخرى بالجمع كما ذكر الجزري في النشر.
ثم إنا ننبه إلى أن الرسم توقيفي يجب اتباع الطريقة التي كتبه الصحابة بها ، ولا يجوز خلافهم فيها كما نص عليه الإمام مالك وأحمد وغيرهما ، رحمة الله تعالى على الجميع ، فإن الرسم العثماني خالف الرسم القياسي من بعض الوجوه .
والمراد برسم المصحف الكيفية التي كُتبت بها حروفه وكلماته ، وَفق المصاحف العثمانية ، فمن المعلوم أن الصحف التي كُتبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، والمصاحف العثمانية التي وُزعت على البلدان الإسلامية فيما بعد ، كانت خالية من الشكل والنقط.
ولا ريب أن رسم المصاحف العثمانية كان يقوم على إملاءٍ خاصٍ به ، يختلف عن الرسم الإملائي المعروف لدينا اليوم.
وظل الناس يقرؤون القرآن في تلك المصاحف على تلك الشاكلة ، إلى أن تطرق الفساد والخلل إلى اللسان العربي نتيجة الاختلاط بالأعاجم ، ما دفع أولي الأمر إلى ضرورة كتابة المصحف بالشكل والنقط وغيرها ، حفاظًا على القرآن من أن يُقرأ على غير الوجه الصحيح.
وكان أبو الأسود الدؤلي - وهو تابعي - أول من وضع ضوابط اللسان العربي ، وقام بتشكيل القرآن الكريم بأمر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكان السبب المباشر لهذه الخطوة ما سمعه من قارئٍ يقرأ خطأً ، قوله تعالى: {إن الله بريء من المشركين ورسولَه} (التوبة:3) فقرأ الآية بجر اللام من كلمة (رسوله) فغيَّر بذلك المعنى تغييرًا كليًّا ، فأفزع هذا الخطأ أبا الأسود ما دفعه إلى وضع علامات لشكل الحروف والكلمات ، فجعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف ، وعلامة الكسرة نقطة أسفله ، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف ، وجعل علامة السكون نقطتين ، وقد أعانه على هذه المهمة بعض العلماء ، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي كان أول من صنف كتابًا في رسم نقط الحروف وعلاماتها ، وكان كذلك أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من العلامات الضابطة ، ثم دُوِّن علم النحو ليكون خادمًا وضابطًا لقراءة القرآن على الوجه السليم.
وقد صنف العلماء في هذا المجال ما عُرف بـ "علم الرسم القرآني" ووضعوا كُتُبًا خاصة في هذا الموضوع ، منها على سبيل المثال لا الحصر ، كتاب "المقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار" لـ أبي عمرو الداني ، وكتاب "التنـزيل" لـ أبي داود سليمان نجاح .
ـــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــ
وظائف التاء المربوطة:
1. تُستخدم للتفريق بين المذكّر والمؤنث ، مثل: قائم ، قائمة ، امرؤ: امرأة ، بائع: بائعة.
2. تُستخدم مع الأعداد من ثلاثة حتى تسعة إذا كان المعدود مذكّرًا. فنقول مثلا : خمسة مقاعد ، سبعة أقلام.
3. للتفريق بين اسم الجمع والمفرد ، مثل: شجر: شجرة ، شعير: شعيرة ، ورق: ورقة ، ثمر : ثمرة ، نخل: نخلة ، بقر: بقرة ، بلح : بلحة ، نحل: نحلة ، تَمْر: تمرة.
4. توكيد التأنيث في المفرد ، نحو:(ناقة) ، والناقة في الأصل مؤنّث من جهة المعنى ؛ لأنَّ مذكّرها (جمل) ؛ فلم يكن اللفظ محتاجًا إلى علامة التأنيث ، وصار دخول تاء التأنيث على سبيل التوكيد ؛ لأنّ التأنيث كان حاصلا قبل دخوله.
5. توكـيد التأنيـث في الجـمع الذي على وزنَي فِعال وفُعولة ، مثل: حجر/ حِجارة ، جمل /جِمالة ؛ عم/ عُمومة ، خال/ خُئولة.
6. المبالغة في المدح ، مثل: علّامة ، رحّالة ، راوية ، نابغة.
7. المبالغة في الذمّ ، مثل: لحّانة (كثير الخطأ في الكلام) ، هِلْبَاجَة(الأحمق) ، بَقاقة (كثير الكلام)
8. يؤتى بها عوضًا عن ياء (مفاعيل) ، نحو: زنادقة ، غطارفة ، جحاجحة ، عباقرة ؛ لأنَّ أصولها هي: زناديق ، غطاريف ، جحاجيح ، عباقير.
9. يؤتى بها عوضًا عن ياء النَّسب ، نحو: مشارقة ، مغاربة ، صيارفة ، غساسنة ؛ لأنّ أصولها هي: مشرقيّ ، مغربيّ ، صَيْرَفِيّ ، غسانيّ.
10. للتعويض عن حرف محذوف في المصدر: مثل: لغة –من لَغَوَ- عوضًا عن حذف لام الكلمة ، إقامة –من إقوام- مصدر على وزن إفعال ، حذفت عينه وعوِّضت تاء ، هبة من وهب ، عوضًا عن حذف فاء الكلمة.
11. تبيُّن عدد المرات ، وذلك في مصدر المرَّة ، نحو: أكل أكلة ، شرب شَرْبة ، جرع جَرْعة.
12. تستخدم للدلالة على الواحد من جنس الحيوان ، نحو: بطَّة للذكر والأنثى ، ونحو: دجاجة ، وحيّة ، وثعلب ، وضَبُع ، وبقرة.
13. تستخدم للدلالة على العُجْمَة ، نحو: الأساورة (قوم من العجم بالبصرة ، نزلوها قديمًا). ونحو: الأحامرة (قوم من العجم نزلوا الكوفة قديمًا). ومن أمثلتها أيضًا: الأكاسرة ، والأباطرة ، والأزارقة.
14.للعوض عن حرفٍ مكرَّر، كالعبادلة (لجماعة اسم كلٍّ منهم عبد الله أو الجد عبد الله) ، وقِسْ عليها: المرازقة ، المناصرة ، المواجدة.
جمع / أبي مالك سامح حمودة
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=66524