ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    حكم أكل الضبع

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    حكم أكل الضبع Empty حكم أكل الضبع

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد أغسطس 15, 2010 3:50 pm

    ورد في كتب السُّنن حديثٌ بإباحة أكله:
    عَنْ عَبْدالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْداللهِ بْنِ أبي عَمَّارٍ، قَال: سَأَلْتُ جَابِرًا، فقُلْتُ: الضَّبُعَ آكُلُها؟ قال: نَعَمْ، قَال: قُلْتُ: أصَيْدٌ هِيَ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ: أسَمِعْتَ ذَاكَ مِن نَبِيِّ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قَال: نَعَمْ[1].

    وأمَّا الأحاديث النَّاهية عن أكْلِه، ففيهِ الأحاديث المُتواتِرة كما عند البُخاري ومسلم وغيرهما:
    عن أبِي ثعْلبة - رضِي الله عنْه - قال: "ثمَّ نَهى النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن أكْلِ كلِّ ذي نابٍ من السَّبُع"[2].

    مناقشة الموضوع:
    لقد ذكر المانِعون لأكْلِ لحْم الضَّبع أنَّ سبب التَّحريم أنَّها تُعَدُّ من السِّباع، ومن ذوات الأنياب وتأْكُل الجِيَف، وأنَّها مستخْبثة وتدخل في معنَى الآية: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: 162]، وذكروا أنَّ حديث أكل كُلِّ ذي ناب أنَّه من المتواتر في طُرُقه، أمَّا حديث إباحة لحْمِه، فلقد انفردَ به عبدالرَّحمن بن أبي عمَّار عن جابر.

    كما جاء في "التَّمهيد" لابن عبدالبرّ قوله: "وليس حديث الضَّبع ممَّا يُعارض به حديث النَّهي عن أكْل كُلِّ ذي ناب؛ لأنَّه حديث انفرد به عبدالرَّحمن بن أبي عمَّار، وليس بِمشهور بنقْل العِلْم، ولا يُحتجُّ به إذا خالفَه مَن هو أثْبت منْه، وقد رُوي النَّهي عن أكْل كلِّ ذي نابٍ من طُرُق متواتِرة؛ عنْ أبِي هُرَيْرة وأبِي ثعْلبة وغيرِهِما، عن النَّبيّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم.
    روى ذلك جماعةٌ من الأئمَّة الثّقات الَّذين تسكُن النَّفس إلى ما نقلوه، ومُحالٌ أن يُعارَضوا بحديثِ ابن أبي عمَّار".

    أمَّا المحلُّون لأكْلِه فيما جاء عن التّرمذي في روايته لحديثِ عبدالرَّحمن بن أبي عمَّار أنَّه قال:
    قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى هذا ولَم يرَوا بأكْلِ الضَّبع بأسًا، وهو قول أحْمد وإسْحاق.

    وذكر ابنُ عبدالبرِّ في "التَّمهيد" عند روايتِه للحديث: "واحتجُّوا أيضًا بِما ذكره ابنُ وهبٍ وعبدالرزَّاق جميعًا، قالا: أخبرَنا ابنُ جُرَيج أنَّ نافعًا أخبرَه، أنَّ رجُلاً أخبر عبدالله بنَ عُمَر أنَّ سعدَ بن أبِي وقَّاص كان يأكُل الضَّبع فلم ينكرْه عبدالله بن عُمر، وقال ابنُ وهب عنِ ابن لهيعة عن أبِي الأسود محمَّد بن عبدالرَّحْمن أنَّه سمع عُروة بن الزُّبَير يقول: ما زالتِ العرَب تأكل الضَّبع ولا ترى بأكلِها بأسًا، قالوا: والضَّبع سبُع لا يُختلَف في ذلك، فلمَّا أجاز رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابُه أكْلَها، علِمْنا أنَّ نَهيه عن أكْلِ كُلِّ ذي نابٍ ليْس من جنس ما أباحه، وإنَّما هو نوعٌ آخَر - والله أعْلم - وهو ما الأغْلَب فيه العداء على النَّاس، هذا قول الشَّافعي ومَن تبعه؛ قال الشَّافعي: ذو النَّاب المحرَّم أكْلُه هو الَّذي يعْدو على النَّاس، كالأسَد والنَّمِر والذِّئْب، قال: ويُؤكَل الضَّبع والثَّعلب، وهو قول اللَّيث بن سعد".


    وجاء في سنن البيهقي عند روايته للحديثِ: "قال الشَّافعي: وما يُباع لحم الضِّباع بمكَّة إلاَّ بين الصَّفا والمرْوة".

    وذكر ابنُ قدامة للحديث نفسه في كتابه "المغني" في مسألة أكْل الضَّبِّ والضَّبع قوله: "فأمَّا الضَّبع فرويت الرُّخصة فيها عن سعْدٍ وابنِ عُمر وأبِي هُريرة، وعروة بن الزّبير وعكرمة وإسحاق، وقال عروة: ما زالتِ العرب تأكُل الضَّبع ولا ترى بأكلِها بأسًا".

    وجاء في "إعلام الموقعين" لابن القيّم في فصل الحكمة في التفرِقة بين الضَّبع وغيره من ذي النَّاب: "وأمَّا قولهم: وحرّم كلّ ذي ناب من السّباع وأباح الضَّبع ولها ناب، فلا ريب أنَّه حرَّم كلَّ ذي ناب من السِّباع, وإن كان بعضُ العُلماء خفِي عليْه تَحريمُه فقال بمبلغ علمه: وأمَّا الضَّبع فرُوي عنه فيه حديث صحَّحه كثيرٌ من أهل العلم بالحديث، فذهبوا إليْه وجعلوه مخصّصًا لعموم أحاديث التَّحريم, كما خصَّت العرايا لأحاديث المزابنة، وطائفة لَم تصحِّحْه وحرَّموا الضَّبع؛ لأنَّه من جُملة ذات الأنياب, وقالوا: وقد تواترتِ الآثار عن النَّبيّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بالنَّهي عن أكْل كلِّ ذي نابٍ من السِّباع, وصحَّته صحَّة لا مطعن فيها من حديث عليّ, وابن عبَّاس, وأبي هُرَيرة, وأبي ثعلبة الخشني, وقالوا: وأمَّا حديث الضَّبع فتفرَّد به عبدالرَّحمن بن أبي عمَّار, وأحاديث تحريم ذوات الأنياب كلّها تخالفه, قالوا: ولفظ الحديث يحتمل معنيَين: أحدُهُما أن يكون جابرٌ رفع الأكْل إلى النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأن يكون إنَّما رَفع إليه كونَها صيدًا فقط, ولا يلزم من كونِها صيدًا أكْلها, فظنَّ جابر أنَّ كونَها صيدًا يدلُّ على أكلها, فأفتى به من قولِه ورفع إلى النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما سمِعَه من كونِها صيدًا، ونحن نذكر لفظ الحديث؛ ليتبيَّن ما ذكرناه:

    فروى التّرمذي في جامعه من حديث عُبيد بن عمر اللَّيثي عن عبدالرَّحمن بن أبي عمَّار قال: قال لجابر بن عبدالله: آكُل الضَّبع؟ قال: نعم, قلتُ: أسَمِعْتَ ذلك من رسولِ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم؟ قال: نعم.

    قال التِّرمذي: سألتُ محمَّدَ بن إسماعيل عن هذا الحديث, فقال: هو صحيح, وهذا يحتمل أنَّ المرفوع منه هو كونُها صيدًا, ويدلّ على ذلك أنَّ جرير بن حازم قال: عن عُبيد عن ابن أبي عمَّار عن جابر عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه سُئِل عن الضَّبع، فقال: "هي صيد, وفيها كبش".

    وأمَّا قولهم: إنَّ الحديث الَّذي رواه ابن أبي عمَّار قد تفرَّد به وليس بمشهور بنقْل العلم، وحديثُه لا يحتجُّ به إذا خالفه مَن هو أثبتُ منْه، وقد رُوي النَّهي عن أكْل كُلّ ذي نابٍ من طرُق متواتِرة عن أبِي هُرَيْرة وأبِي ثعلبة وغيرِهِما عن النَّبيّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وروى ذلك جماعةٌ من الأئمَّة الثّقات الَّذين تسكن النَّفس إلى ما تقوله، ومحال أن يعارضوا بهذا الحديث، كما ذكره ابن عبدالبرّ في "التَّمهيد"، نوضّح أنَّ الأئمَّة الثَّلاثة - أبو حنيفة والشَّافعي وأحمد - يأخذون بخبر الآحاد إذا استوفت فيه شروط الرّواية الصَّحيحة، ولقد جاء في سبُل السَّلام للصَّنعاني قولُه عن راوي الحديث: هو عبدالرحمن بن أبي عمَّار المكّي، وثَّقه أبو زرعة والنَّسائي ولم يتكلَّم فيه أحد، ويسمَّى القسّ؛ لعبادته، ووَهِم ابنُ عبدالبرّ في إعلاله، وقال البيْهقي: إنَّ الحديث صحيح.

    وجاء في "التَّمهيد" عند ذِكْر الحديث: وهو حديثٌ انفرد به عبدالرَّحمن بن عبدالله بن أبي عمَّار، وقد وثَّقه جماعة من أئمَّة الحديث، وروَوا عنْه حديثَه هذا، واحتجُّوا به؛ قال عليُّ بن المديني: عبدالرَّحمن بن أبي عمَّار ثقة مكي.

    وفي "تهذيب التَّهذيب" في ذِكْر ابن أبي عمَّار: "وعبدالرَّحمن بن عبدالله بن أبي عمَّار المكّي القُرَشي كان يلقَّب بالقسّ لعبادته، روى عن أبِي هُريرة وابنِ عمر وابن الزُّبير وجابر، وشدَّاد بن الهاد وعبدالله بن بابيه، وعنْه عبدالملك بن عُبيد بن عمير، وابن جرير، وعَمرو بن دينار، ويوسف بن ماهَك وعكرمة بن خالد، قال ابن سعدٍ وأبو زُرعة والنَّسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالِحُ الحديث، وذكره ابنُ حبَّان في الثِّقات، وقال ابنُ أبي خيْثمة: وكان حليفًا لبَنِي جُمح وكان ينزل مكَّة وكان من عبَّادها، فسمِّي القَسَّ؛ لعبادته، ثمَّ ذكر قصَّته مع سلامة، وشغفَه بها، وبعْض أشعارِه فيها، ورجوعه إلى حالتِه الأولى، وأنَّها اشتُرِيَت له فلم يقبلْها، قلتُ: ونقل ابن خَلْفون توثيقَه عن ابن المديني"؛ اهـ.

    وفي حديث كراهة أكْل لحم الضَّبع الَّذي رواه التّرمذي بسنده عن خُزيمة بن جزء، قال التّرمذي أبو عيسى: هذا حديثٌ ليس إسنادُه بالقويّ؛ لا نعْرِفه إلاَّ من حديث إسماعيل وعبدالكريم أبي أميَّة، وهو عبدالكريم بن قيس بن أبي المُخارق، وعبدالكريم بن مالك الجزري ثقة.

    قال الشَّيخ الألباني - رحِمه الله - في "إرواء الغليل" (4 /242):
    وفي الضَّبع كبش "لأنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حكَمَ فيها بذلك"؛ رواه أبو داود وغيرُه (ص 254)، صحيح؛ أخرجه أبو داود (3801) والدَّارمي (2 /74)، والطَّحاوي في (مشكل الآثار) (4 /370 - 371)، وابن الجارود (439) وابن حبَّان (979) والدَّارقطني (266) والحاكم (1 /452) والبيْهقي (5 /183)، وأبو يعْلى (119 /2) من طرُق عن جرير بن حازم عن عبدالله بن عبيد، عن عبدالرَّحمن بن أبي عمَّار عن جابر بن عبدالله قال: سألتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الضَّبع؟ فقال: ((هو صيْد، ويُجعل فيه كبش إذا صادَه المُحْرِم))، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشَّيخَين.

    قلتُ: وسكتَ عليْه الذَّهبي، وإنَّما هو على شرْط مُسلِم وحْدَه؛ لأنَّ عبدالرَّحْمن بن أبي عمَّار لم يُخْرِج له البُخاري.

    وقد تابعه ابنُ جُرَيج: أخبرني عبدالله بن عُبيد بن عمير أنَّ عبدالله بن عبدالرَّحمن بن أبي عمَّار أخبره، قال: سألتُ جابرًا، فقُلتُ: الضَّبع آكلُها؟ قال: نعم، قال: قلتُ: أصيْدٌ هي؟ قال: نعم، قلتُ: أسمِعْتَ ذاك من نبيِّ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: نعم؛ أخرجه النَّسائي (2 /27، 199)، والتّرمذي (1 /162)، والدَّارمي والطَّحاوي وابنُ حبَّان أيضًا (1068)، وابن الجارود (438)، والدَّارقطني والبيهقي وأحمد (3 /318، 322)، وقال التّرمذي: "حديث حسن صحيح"، وقال في "علله الكبرى": قال البُخاري: حديث صحيح، كما نقله؛ "نصب الراية" (3 /134).

    وتابعه أيضًا إسماعيل بن أميَّة عن عبدالله بن عبيدٍ به، ليس فيه ذكر الكبْش؛ أخرَجَه ابنُ ماجه (3236)، والطَّحاوي والدَّارقطني وأحمد (3 /297)، وأبو يَعْلَى (118 /2).

    قلتُ: وقد يبْدو من هذا التَّخريج أنَّ ذِكْرَ الكبْش زيادة تفرَّد بها جرير بنُ حازم، فتكون شاذَّة، وليس كذلك، فقد جاءت من طريقٍ أُخْرى عن جابرٍ - رضِي الله عنْه - يَرويها حسَّان بن إبراهيم: ثنا إبراهيم الصَّائغ عن عطاء عنْه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الضَّبع صيدٌ؛ فإذا أصابه المُحْرِم ففيه جزاء كبْش مسنّ ويؤْكل))؛ أخرجه الطحاوي (4 /372 - وسقط منْه متنه) وابن خزيمة (2648) والدَّارقطني والحاكم والبيْهقي من طرُق ثلاث عن حسَّان به.

    وقال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحٌ ولم يُخْرجاه، وإبراهيم بن ميمون الصَّائغ زاهد عالِم أدْرَكَ الشّهادة - رضِي الله عنْه".
    ووافقه الذَّهبي.

    قلت: وهو صحيح الإسناد كما قال الحاكم - رحِمه الله - وعطاء هو ابنُ أبي رباح كما جزم بذلك الطَّحاوي، وقول المعلِّق على "المستدرك": هو عطاء بن نافع - وهمٌ سبَبُه أنَّه رأى في ترْجَمتِه أنَّه روى عن جابرٍ، فتوهَّم أنَّه هو ولَم يتنبَّه أنَّهم لَم يذْكروا في الرّواة عنْه إبراهيم الصَّائغ، ولو رجع إلى ترْجمة إبراهيم هذا، لَرَأى في شيوخِه عطاء بن أبي رباح.

    وقد أعلَّ هذه الطَّريق الطَّحاوي بالوقف، فقد رواه من طَريق هُشَيمٍ عن منصورِ بن زاذان، ومن طريق زُهير بن معاوية عن عبدالكريم بن مالك، كلاهما عن عطاءٍ عن جابِر، قال: "في الضَّبع إذا أصابه المُحْرِم كبش".

    قلتُ - الألْباني -: "هذا الموقوف لا يُنافي المرفوع؛ لأنَّ الرَّاوي قد ينشط أحيانًا، فيرفع الحديث وأحيانًا يوقفه، ومَن رفعه فهي زيادة مِن ثقةٍ مقبولة، وقد رفعها ثِقتان أحدُهما ابنُ أبي عمَّار عن جابر، والآخَر إبراهيم الصَّائغ عن عطاءٍ عنْه، ولا سبيل إلى توْهيمِهما وهما ثِقتان لمجرَّد مخالفة منصور بن زاذان وعبدالكريم بن مالك عن عطاء وإيقافهما إيَّاه، لاسيَّما وفي الطَّريق إلى ابْنِ زاذان هشيم، وهو مدلِّس وقد عنعَنَه، لكنَّه قد صرَّح بالسَّماع عند البيْهقي (5 /183).

    وللحديث شاهد مُرْسَل؛ قال الشَّافعي (989): "أخبرَنا سعيدٌ عن ابنِ جُرَيْج عن عِكْرمة مولى ابنِ عبَّاس يقول: "أنزل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ضَبعًا صيْدًا، وقضى فيها كبشًا".
    قلتُ: ورجاله ثقات، وقد وصله الدَّارقطني (266).

    وعند البيْهقي من طريق ابنِ أبِي السَّري، نا الوليد عن ابنِ جُريْج عن عمْرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عبَّاس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((الضَّبع صيْد، وجعل فيها كبشًا)).
    قلت: وهذا سنَد ضعيفٌ من أجل ابنِ أبي السَّري، واسمُه محمَّد بن المتوكِّل العسقلاني؛ فإنَّه ضعيف وقد اتّهم.

    وأمَّا أثر ابنِ عبَّاس فأخرجه الشَّافعي (988) وعنْه البيهقي: أخبرنا سعيدٌ عن ابنِ جُرَيج عن عطاء أنَّه سمِع ابن عبَّاس يقول: "في الضبع كبش".
    قلتُ: وهذا إسناد حسَن إذا كان ابنُ جُرَيْج سمِعَه من عطاء ولَم يدلِّسْه، فقد روى أبو بكْر بن أبي خيثمة بسندٍ صحيح عن ابنِ جُرَيْج قال: "إذا قلتُ: قال عطاء، فأنا سمِعْتُه منه، وإنْ لم أقُل: سمعت".
    قلتُ: وهذه فائدة هامَّة جدًّا تدلّنا على أنَّ عنعنة ابنِ جُرَيْج عن عطاء في حكم السَّماع".

    وقد سُئِل سماحة العلاَّمة عبدالعزيز بن باز - رحِمه الله - عن ذلك، بما نصُّه:
    بعض الإخوة يحلِّلون أكْلَ الضَّبع، ويقولون: إنَّ سماحتكم قد أجاز أكْلَها، فنرجو إفادَتَنا في ذلك.
    فأجابه سماحتُه - رحمه الله -: "النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال إنَّها صيد؛ فالضَّبع صيد في الحديث الصَّحيح عن النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولله فيها حُكْم.
    فالَّذين يعرفون لحمَها وجرَّبوه يقولون: فيه فوائد كثيرة لأمراض كثيرة، والمقصود أنَّها حِلّ إذا ذبَحها ونظَّفها وألْقى ما في بطنها، وطبخها، فإنَّها حِلٌّ[3]".

    ومنها يتبيَّن حلّها، والله أعلم.

    وإنَّ من واجب المسلم التَّسليمَ لأوامر الشَّرع دون معرفة العلَّة أو الغاية من الحكم.

    وبالله التَّوفيق.


    http://www.alukah.net/Sharia/1048/22933/

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 11:48 pm