ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    شرح حديث آية المنافق ثلاث

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    شرح حديث آية المنافق ثلاث Empty شرح حديث آية المنافق ثلاث

    مُساهمة من طرف أحمد الثلاثاء فبراير 23, 2010 7:09 am

    السؤال: ما هو شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( آية المنافق ثلاث ، إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان )، وحديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين أيضا فيه زيادة : ( وإذا خاصم فجر ، وإذا عاهد غدر )، ما معنى : ( إذا خاصم فجر ) ؟ نرجو التوضيح ، وجزاكم الله خيرا .

    الجواب :
    الحمد لله

    يمكن أن نتكلم على هذين الحديثين بالمسائل المختصرة الآتية :

    أولا :

    نص الحديثين

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) رواه البخاري (33) ومسلم (59)

    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

    ( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ )

    رواه البخاري (34) ومسلم (58)

    ثانيا :

    معنى كون هذه الصفات من علامات النفاق

    الكذب ، وإخلاف الوعد ، والخيانة ، والغدر ، والفجور عند المخاصمة : من أبرز صفات المنافقين من أهل المدينة الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، والقرآن مليء بالآيات التي تصف حالهم هذا ، وهم إنما عرفوا بها ، والله عز وجل يقول : ( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ) محمد/30.

    فإذا اتصف أحد المسلمين - الذين يشهدون بكلمة التوحيد - بشيء من هذه الصفات : فقد اتصف بصفات المنافقين التي ذمها الله عز وجل ، وعمل أعمالهم ، وحصل له من النفاق بقدر ما عمل .

    ولكن ذلك لا يستلزم أن يكون هذا المسلم المتصف بالخيانة أو الكذب مثلا قد خرج عن الإيمان بالكلية ؛ لأن الإيمان يرفعه درجاتٍ عن النفاق ، ولكنه يحاسب على هذه الأخلاق الذميمة ، ولذلك يسمِّي العلماء هذه الآفات المهلكات بـ : " النفاق العملي "، يقصدون أن المتصف بها آثم مستحق للعقوبة ، ولكنه ليس في درجة المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر .

    ولذلك ذهب العلماء في تأويل هذا الحديث إلى خمسة أقوال :

    1- المقصود بالحديث هو تشبيه المسلم المتصف بهذه الأخلاق الذميمة بالمنافق ، فالحديث على سبيل المجاز وليس على سبيل الحقيقة ، وهذا جواب النووي .

    2- المقصود بالنفاق هنا النفاق العملي ، وليس النفاق الاعتقادي ، وهذا جواب القرطبي ، ورجحه الحافظ ابن رجب ، والحافظ ابن حجر العسقلاني ، وهذا أرجح الأقوال .

    3- وقيل المراد بإطلاق النفاق الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال ، وهذا ارتضاه الخطابي .

    4- المراد : من اعتاد هذه الصفات حتى أصبحت له سجية وخلقا دائما ، حتى تهاون بها، واستخف أمرها ، فهذا كأنه مستحل لها ، ومثله يغلب عليه فساد الاعتقاد .

    5- المقصود بالحديث ليس المسلمين ، وإنما المنافقون الحقيقيون الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن ضعَّف هذا الوجه الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (1/430)

    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

    " قال النووي : هذا الحديث عده جماعة من العلماء مشكلا من حيث إن هذه الخصال قد توجد في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره . قال : وليس فيه إشكال ، بل معناه صحيح ، والذي قاله المحققون إن معناه : أنَّ هذه خصال نفاق ، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم .

    قلت – أي الحافظ ابن حجر - : ومحصل هذا الجواب الحمل في التسمية على المجاز ، أي : صاحب هذه الخصال كالمنافق ، وهو بناء على أن المراد بالنفاق نفاق الكفر .

    وقد قيل في الجواب عنه : إن المراد بالنفاق نفاق العمل كما قدمناه . وهذا ارتضاه القرطبي واستدل له بقول عمر لحذيفة : هل تعلم فيَّ شيئا من النفاق ؟ فإنه لم يرد بذلك نفاق الكفر ، وإنما أراد نفاق العمل .

    ويؤيده وصفه بالخالص في الحديث الثاني بقوله : ( كان منافقا خالصا ) .

    وقيل : المراد بإطلاق النفاق الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال ، وإن الظاهر غير مراد ، وهذا ارتضاه الخطابي .

    وذكر أيضا أنه يحتمل أن المتصف بذلك هو من اعتاد ذلك وصار له ديدنا . قال : ويدل عليه التعبير بإذا ، فإنها تدل على تكرر الفعل . كذا قال .

    والأولى ما قال الكرماني : إن حذف المفعول من " حدث " يدل على العموم ، أي: إذا حدث في كل شيء كذب فيه . أو يصير قاصرا ، أي إذا وجد ماهية التحديث كذب .

    وقيل : هو محمول على من غلبت عليه هذه الخصال ، وتهاون بها ، واستخف بأمرها ، فإن من كان كذلك كان فاسد الاعتقاد غالبا .

    وهذه الأجوبة كلها مبنية على أن اللام في المنافق للجنس .

    ومنهم من ادعى أنها للعهد فقال : إنه ورد في حق شخص معين ، أو في حق المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وتمسك هؤلاء بأحاديث ضعيفة جاءت في ذلك لو ثبت شيء منها لتعين المصير إليه .

    وأحسن الأجوبة ما ارتضاه القرطبي . والله أعلم " انتهى.

    " فتح الباري " (1/90-91) .

    وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

    " الذي فسره به أهل العلم المعتبرون أن النفاق في الشرع ينقسم إلى قسمين : أحدهما النفاق الأكبر ، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه ، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم ، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار .

    والثاني : النفاق الأصغر ، وهو نفاق العمل : وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة ، ويبطن ما يخالف ذلك .

    وحاصل الأمر : أن النفاق الأصغر كله يرجع إلى اختلاف السريرة والعلانية كما قاله الحسن ، والنفاق الأصغر وسيلة إلى النفاق الأكبر ، كما أن المعاصي بريد الكفر ، وكما يخشي على من أصر على المعصية أن يُسلب الإيمان عند الموت ، كذلك يخشي على من أصر على خصال النفاق أن يسلب الإيمان فيصير منافقا خالصا . وسئل الإمام أحمد : ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق ؟ قال : ومن يأمن على نفسه النفاق " انتهى باختصار.

    " جامع العلوم والحكم " (1/429-432)



    ثالثا : أخلاق المنافقين المذمومة هذه ليست على سبيل الحصر ، وإنما على سبيل المثال .

    يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

    " وجه الاقتصار على هذه العلامات الثلاثة أنها منبهة على ما عداها ، إذ أصل الديانة منحصر في ثلاث : القول ، والفعل ، والنية . فنبَّه على فساد القول بالكذب ، وعلى فساد الفعل بالخيانة ، وعلى فساد النية بالخلف " انتهى.

    " فتح الباري " (1/90)



    رابعا : معنى الفجور عند المخاصمة

    يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله :

    " ( إذا خاصم فجر ) يعني بالفجور : أن يَخرج عن الحق عمدا حتى يصيِّرَ الحق باطلا والباطل حقا ، وهذا مما يدعو إليه الكذب ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ) ، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ) ، فإذا كان الرجل ذا قدرة عند الخصومة – سواء كانت خصومته في الدين أو في الدنيا – على أن ينتصر للباطل ، ويخيل للسامع أنه حق ، ويوهن الحق ، ويخرجه في صورة الباطل ، كان ذلك من أقبح المحرمات ، وأخبث خصال النفاق ، وفي سنن أبي داود عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع ) وفي رواية له أيضا : ( ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله )" انتهى باختصار.

    " جامع العلوم والحكم " (1/432)

    ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

    " ( إذا خاصم فجر ) الخصومة : هي المخاصمة عند القاضي ونحوه ، فإذا خاصم فجر .

    والفجور في الخصومة على نوعين :

    أحدهما : أن يدعي ما ليس له .

    والثاني : أن ينكر ما يجب عليه .

    مثال الأول : ادعى شخص على آخر فقال عند القاضي : أنا أطلب من هذا الرجل ألف ريال ، وهو كاذب ، وحلف على هذه الدعوى ، وأتى بشاهد زور ، فحَكَم له القاضي ، فهذا خاصم ففجر ؛ لأنه ادعى ما ليس له ، وحلف عليه .

    مثال الثاني : أن يكون عند شخص ألف ريال فيأتيه صاحب الحق فيقول : أوفني حقي ، فيقول : ليس لك عندي شيء ، فإذا اختصما عند القاضي ولم يكن للمدعى بينة حلف هذا المنكر الكاذب في إنكاره أنه ليس في ذمته له شيء ، فيحكم القاضي ببراءته ، فهذه خصومة فجور ، والعياذ بالله .

    وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من حلف على يمين صبر ليقتطع بها حق امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ) نعوذ بالله .

    وهذه الخصال الأربع إذا اجتمعت في المرء كان منافقا خالصا ؛ لأنه استوفى خصال النفاق والعياذ بالله ، وإذا كان فيه واحدة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها " انتهى باختصار.

    " شرح رياض الصالحين " (4/49-50) .

    خامسا : في هذا الحديث دليل على أن المسلم قد تجتمع فيه خصال الخير والشر

    يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

    " فيه أيضا دليل على أن الإنسان قد يجتمع فيه خصال إيمان وخصال نفاق ، لقوله : ( كان فيه خصلة من النفاق ) هذا مذهب أهل السنة والجماعة : أن الإنسان يكون فيه خصلة نفاق وخصلة فسوق ، وخصلة عدالة ، وخصلة عداوة ، وخصلة ولاية ، يعني أن الإنسان ليس بالضرورة أن يكون كافرا خالصا ، أو مؤمنا خالصا ، بل قد يكون فيه خصال من الكفر ، وهو مؤمن ، وخصال من الإيمان " انتهى.

    " شرح رياض الصالحين " (4/50) .

    وينظر الأجوبة الآتية : (12387) ، (23317) ، (30861)



    والله أعلم .





    الإسلام سؤال وجواب

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 12:04 am