السؤال: أود أن أستأنس برأيكم في رأي مجموعة من الأطباء الذين يقومون بالإشراف على علاج والدتي المريضة بعدة أمراض والتي تسببت بدخولها لقسم العناية المركزة بالمستشفى لمرتين في حالة خطرة مما استدعت وضع جهاز التنفس الصناعي لها في المرتين لعدة أيام وأصيبت بالشلل النصفي ، والحمد لله هي الآن بخير وتتنفس بشكل طبيعي . فوجئنا أنا وإخوتي بطلب الأطباء أن نوافق على عدم إسعاف والدتي بجهاز التنفس الاصطناعي مرة أخرى في حال احتاجت إليه بحجة إننا سنكون السبب في عذابها من صعوبة إدخال أنبوب الجهاز إلى الرئة وأن لا رجاء في شفائها ، وأن هذا هو الرأي العلمي لديهم . ( مع العلم بأن جميع الأطباء مسلمون) ووالدتي بخير في الوقت الحاضر ، وتتكلم معنا بشكل طبيعي ، وقمنا أنا وإخوتي باستنكار يئسهم ، ورفضنا قبول مجرد التفكير بهذا الحل الذي لديهم . وكل ما نحتاجه هو الرأي منكم .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز رفع أو منع جهاز التنفس الصناعي عن المريض إلا في حال الجزم بأنه في حكم الميت لتعطل جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً ، أو لتوقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً بحيث يحكم الأطباء بأن هذه التوقف لا رجعة فيه .
وقد جاء في قرار المجلس الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة في 24/2/1408هـ : " المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه نهائياً ، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء ، أن التعطل لا رجعة فيه ، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً ، بفعل الأجهزة المركبة ، لكن لا يحكم بموته شرعاً إلا إذا توقف التنفس والقلب ، توقفاً تاماً بعد رفع هذه الأجهزة " انتهى .
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة الأردن من 8-13 صفر 1407هـ /11-16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م ، بعد التداول في سائر النواحي التي أثيرت حول موضوع أجهزة الإنعاش واستماعه إلى شرح مستفيض من الأطباء المختصين : " يعد شرعاً أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعا للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين :
1) إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً وحكم الأطباء بأن هذه التوقف لا رجعة فيه .
2) إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً ، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه ، وأخذ دماغه في التحلل .
وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء كالقلب مثلاً ، لا يزال يعمل آليا بفعل الأجهزة المركبة " انتهى .
ثانياً :
لا يجوز ما يسمى بقتل الرحمة سواء كان بمنع الدواء عن المريض أو بغير ذلك من الوسائل ، وهو من القتل المحرم الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما سبق ذكره فيمن كان في حكم الموتى .
وأما منع الدواء الذي تتوقف عليه الحياة ، بحجة التخفيف عن المريض وإنهاء تألمه ومعاناته فلا يجوز وهو من القتل المحرم .
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (5 /495) قال : "ولا يجوز قتلها ، أي : البهيمة ، ولا ذبحها للإراحة ، لأنها مال ، ما دامت حية , وذبحها إتلاف لها ، وقد نهي عن إتلاف المال ، كالآدمي المتألم بالأمراض الصعبة أو المصلوب بنحو حديد ؛ لأنه معصوم مادام حيا" انتهى .
ونسأل الله تعالى أن يشفي والدتكم ويعافيها .
الإسلام سؤال وجواب