يقوم المفهوم الإسلامي للفن على استحالة التناقض مع الفطرة فإذا كانت الفنون من روح الفطرة وجب ألا تخالف أو تناقض دين الفطرة: دين الإسلام في شيء فإذا خالفت الفنون الدين في أصوله ودعت صراحة أو ضمنًَا إلى رذيلة من أمهات الرذائل التي جاء الدين لمحاربتها وعاقت الإنسان أن يعمل بالفضائل التي جاء الدين لإيجابها على الإنسان حتى يبلغ ما قدر له من الرقي في النفس والروح، إذا خالفت الفنون الدين في شيء من هذا أو في شيء غير هذا فهي بالصورة التي تخالف بها الدين فنون باطلة، فنون جانبت الحق وأخطأت الفطرة التي فطر الله عليها الناس والخلق (محمد أحمد الغمراوي).
### ومفهوم الفن في الإسلام يقوم على أساس أنه عنصر من عناصر الفكر يتكامل مع الأدب والاجتماع والأخلاق والدين والحضارة، وهو في - ابن الأثير ، العز : أسد الغابة له طابعه الأصيل الواضح المباين لمفهوم الفن في الثقافات والحضارات الأخرى، وقوامه الأخلاق وطابعه التوحيد، يتسامى بالغرائز ويرتفع بالنفس الإنسانية إلى الكمال دون أن يبعد عن الواقع – والفن في نظر الإسلام أداة تجميل الحياة ووسيلة الإسعاد الروحي والنفسي بتحرير الإنسان من عالم الأهواء والغرائز وإطلاقه في نظرة حرة إلى الكون والوجود يعرف فيها قدرة الله وعظمته ويزداد بها إيمانًا.
وقد كان الفن اليوناني بطابعه المادي الوثني يجعل الأولوية للتماثيل المجسمة، إعجابًا بالأجساد وعبادة لصور الجمال ومظاهر القوة ولكن الفن الإسلامي مستمدًا من مقوماته الأساسية يجعل البيان والشعر والأدب في مقدمة قائمة الفنون، الكلمة البليغة والفكرة الموحية، وذلك انتقالاً من عالم المادة إلى عالم الفكر، فالتأمل أوسع العوالم، والتفكر في لق الله أعظم معطيات العقل والروح: [نون والقلم وما يسطرون] وبذلك أصبح رائد الفن: البيان الذي يتمثل في أسمى صورة بالقرآن الكريم وبذلك دفع الإسلام الفكر البشري إلى الأمام انتقالاً من مفهوم الماديات في الفن إلى مفهوم المعنويات، وسلك المعنويات والماديات في إطار جامع متكامل، وبذلك فقد حرر البشرية من مفهوم المادية الخالصة التي تقدس الجسد والشهوات والغرائز والوثنيات وتقيم لها المهرجانات والطقوس. ودفع البشرية إلى الانتقال من تجسيد البطولة في صورة مادية إلى تكريم عمل الإنسان نفسه.
وأبرز سمات الفن في الفكر الغربي لا تجد في مجال الفكر الإسلامي مجالاً لها.
أولاً: المسلم لا يعبد الجسد الجميل عبادة وثنية بحيث تقدم له القرابين وكل ما يتصل بذلك من أساطير الحب والجمال عند الإغريق وهي حافلة بالمباذل لا تجد في أفق المجتمع الإسلامي قبولاً.
ثانيًا: الإسلام لا يقر الصراع بين الآلهة والإنسان أو بين القدر والإنسان، على النحو الذي يقوم عليه الفن الغربي، ولا يؤمن المسلم بأن الإنسان يثبت ذاته بمصارعة القدر والآلهة ولا بأن البطل الصالح يتحطم على يد القدر والآلهة وكل هذه المعاني المأسوية مستمدة من فكرة "الخطيئة" الأصلية.
ثالثًا: المسلم لا يؤمن بتعدد الآلهة ولا تجسيد الإله في صورة وثن حسي ملموس كالتماثيل العديدة في العقائد الغربية. في ذلك الخلط العجيب بين المسيحية والهلينية.
رابعًا: المسلم لا يؤمن بعبادة الطبيعة أو المحسوسات.
ومن هنا فإن مفهوم الفن في الإسلام محرر من كثير من هذه القيم التي يقوم عليها الفن الغربي والتي تتعارض أساسًا مع الإيمان بالله الواحد.
2- كذلك فإن الإسلام لا يقر تجسيد في صورة مادية، ليس فقط حفاظًا على مفهوم التوحيد من حظر الاتصال بالتماثيل والأصنام التي كانت تمثل عبادات ما قبل الإسلام. ولكنه ارتفاع بالنفس الإنسانية من أن تتمثل في مفهوم مادي، بينما جاء الإسلام محررًا للبشرية من التجزئة بين الماديات والمعنويات.
والفنان المسلم له طابعه المبدع متحررًا من الخضوع للمذاهب الوثنية التي تقول بتقليد الطبيعة أو التفوق عليها ولذلك فهو قد طرق آفاقًا أخرى غير هذه الآفاق، في التعبير عن المعاني فأوجد أنواعًا من الخطوط والدوائر والزخارف والوحدات المتشابكة والمتداخلة.
قد أبدع الفن الإسلامي في مجال رسوم الحيوان والطير، وتصوير الأحياء، وغزا الفنان المسلم جميع فروع الفن الإسلامي من مخطوطات وأخشاب وعمارة وزجاج ومعادن وعاج وزخرف ومنسوجات كما زينوا كتب العلم والأدب والدين والتاريخ بصور تفسر بعض ما تتضمنه من بحوث وأحداث وقد خلق الفنان المسلم من الحروف العربية ذات الأشكال المتباينة والأوضاع المختلفة طرازًا زخرفيًا يتمثل فيه الجمال والقوة، وأقام فن "الرقش" أو الأرابسك على وحدات متناسقة على نحو غاية في البهجة والرونق الجميل.
وهكذا حقق الفن الإسلامي مذهبًا جديدًا مستمدًا من حقائق الإسلام، فكان فنًا منطلقًا وتجريديًا معبرًا وليس جامدًا، وأن المرقشة يحيى الفن الإسلامي حيث لا مبدأ لها ولا منتهي، إنما تمثل مفهومًا من مفاهيم التوحيد لأنها تسعى وراء الله الذي هو الأول والآخر ومنه تنتهي الأسباب وإليه تنتهي المسببات والرقش حين يمتد بال نهاية إنما يسعى وراء الصورة المثلى وهذه اللانهائية إنما تحمل دلالات هامة للروح الإسلامية التي آمنت بالله غير المنظور وغير المحدود وإليه اتجهت قلوب المؤمنين لترتفع إلى مستوى هذا المثل الأعلى عن طريق العمل الصالح أو طريق الاجتهاد والإبداع (بتصرف عن بشر فارس ومحمد عبد العزيز مرزوق).
### وينطلق الفن الإسلامي من مفهوم الفكر الإسلامي الذي يرتكز إلى حد بعيد على القاعدة والعقل ويبتعد عن "الهوى والأسطورة والارتجال"، ولقد كان قبول الفن الإسلامي لنظام التوحيد مصدر المحافظة على الوحدة والمتانة والشخصية وبقيت بذلك الروح الإسلامية هي المنبع الأساسي للمصادر الجمالية والدلالات العميقة للمشاعر المبدعة.
3- وقد شهد جوستاف لوبون وبرجسون وهاملتون جيب على أن الفن الإسلامي يحمل شخصية مستقلة متماسكة جديرة بالإعجاب، وأن الحد الذي وقف عنده الفن الإسلامي في إبراز عملية الخلق هو حد "الإسلام" الذي جاء على مبدأ التوحيد ولذلك فهو يرفض كل شريك لله في قدرته الخالقة.
وقد أشار الباحثون إلى أن الخط في الفن الإسلامي كالكلمة في الشعر يسير وفق تأثير داخلي في الرسام، فكما أن الشاعر يستعمل الكلمة حسب وزن الشعر وقافيته، كذلك الرسام المسلم يكيف الشكل وفق صيغة موزونة موفقة وبخطوط لينة منسابة بانتظام تشكل تناظرًا مضطردًا بحركة دائمة لا تقف عند حد، واللون في الفن الإسلامي مرتبط بروح الأمة وبمناخ الحياة التي تعيشها.
(2)
يتميز الذوق الإسلامي بعدة ملامح لها أثرها في الفن الإسلامي:
المسلمون لم يخلقوا من الحجارة ما خلقته الأمم الأخرى من فراعنة ورومان من تماثيل وهياكل وأوابد الحضارة الإسلامية لم تسجل بالصخور بل بالأعمال الحية. كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز: يستأذنه في أن يبني لمدينته سورًا. فقال عمر: حصن مدينتك بالعدل. وتمثل الهياكل الرومانية والأهرام، في ظل مفهوم العبودية المرير الذي تحطمت فيه مناكب البشر تحت أثقال الصخور. ولذلك فإن العرب أخذا من هذا المفهوم لم يتعلقوا بالآثار الضخمة وإنما تعلقوا بالأطلال التي تحمل ريح الأحباب، وفن العمارة الإسلامي لم يتعلق بالضخامة مثلما تميز بالجمال والرقة، والذوق العربي لم يتعلق بالتصوير كفن من الفنون الجميلة، لأن الروح العربية (العميق الاستمداد من الحنيفية الإبراهيمية إلى الإسلام في عصر محمد) لا تميل إليه كفن يمسح الأشكال الحية الجميلة بحيويتها ويحيلها إلى صور جامدة. وأن الفن الذي تعلق به العرب هو "الشعر" لأنه أرضى نزعتهم في الحيوية والاستثارة والموسيقى امتداد للشعر، وحضارة المسلمين والعرب حضارة أعمال خالدة لا آثار خالدة، وفنونهم فنون عواطف جياشة لا فنون أخيلة جامدة (عبد السلام العجيلي بتصرف).
2- والفن الإسلامي لا يهدر كرامة الفرد ولا يهدر حق الجماعة، ومن النقوش الكثيرة في الإسلام إذا ما نظرت إلى الجزء الصغير وجدت له ذاتيته ووجوده وحدوده ولكن في نفس الوقت يمكن أن يكون جزءًا في كل كبير، وذلك أن الإسلام كما يخدم الجماعة يخدم الفرد، ويوجد هذا التناسق في مجتمعنا الحي بين الفردية والجماعية، كما يوجد في الفن بين الجزء الصغير والجزء الكبير احترام الإسلام للفرد واحترام الإسلام للجماعة في القرآن (عبد العزيز كامل).
(3)
يرفض الإسلام: النقل المباشر عن الطبيعة وهو ما يطلق عليه في الفن الغربي "المحاكاة".
"فقد قرر الإسلام وأكد التحريم القاطع للنقل المباشر عن الطبيعة، ذلك النقل الفج الذي يعيد نسخ المخلوقات
______________
الموضوع نقلته من كتاب (الفن) لأستاذي الحبيب أنور الجندي
جزاه الله عنا خير الجزاء
### ومفهوم الفن في الإسلام يقوم على أساس أنه عنصر من عناصر الفكر يتكامل مع الأدب والاجتماع والأخلاق والدين والحضارة، وهو في - ابن الأثير ، العز : أسد الغابة له طابعه الأصيل الواضح المباين لمفهوم الفن في الثقافات والحضارات الأخرى، وقوامه الأخلاق وطابعه التوحيد، يتسامى بالغرائز ويرتفع بالنفس الإنسانية إلى الكمال دون أن يبعد عن الواقع – والفن في نظر الإسلام أداة تجميل الحياة ووسيلة الإسعاد الروحي والنفسي بتحرير الإنسان من عالم الأهواء والغرائز وإطلاقه في نظرة حرة إلى الكون والوجود يعرف فيها قدرة الله وعظمته ويزداد بها إيمانًا.
وقد كان الفن اليوناني بطابعه المادي الوثني يجعل الأولوية للتماثيل المجسمة، إعجابًا بالأجساد وعبادة لصور الجمال ومظاهر القوة ولكن الفن الإسلامي مستمدًا من مقوماته الأساسية يجعل البيان والشعر والأدب في مقدمة قائمة الفنون، الكلمة البليغة والفكرة الموحية، وذلك انتقالاً من عالم المادة إلى عالم الفكر، فالتأمل أوسع العوالم، والتفكر في لق الله أعظم معطيات العقل والروح: [نون والقلم وما يسطرون] وبذلك أصبح رائد الفن: البيان الذي يتمثل في أسمى صورة بالقرآن الكريم وبذلك دفع الإسلام الفكر البشري إلى الأمام انتقالاً من مفهوم الماديات في الفن إلى مفهوم المعنويات، وسلك المعنويات والماديات في إطار جامع متكامل، وبذلك فقد حرر البشرية من مفهوم المادية الخالصة التي تقدس الجسد والشهوات والغرائز والوثنيات وتقيم لها المهرجانات والطقوس. ودفع البشرية إلى الانتقال من تجسيد البطولة في صورة مادية إلى تكريم عمل الإنسان نفسه.
وأبرز سمات الفن في الفكر الغربي لا تجد في مجال الفكر الإسلامي مجالاً لها.
أولاً: المسلم لا يعبد الجسد الجميل عبادة وثنية بحيث تقدم له القرابين وكل ما يتصل بذلك من أساطير الحب والجمال عند الإغريق وهي حافلة بالمباذل لا تجد في أفق المجتمع الإسلامي قبولاً.
ثانيًا: الإسلام لا يقر الصراع بين الآلهة والإنسان أو بين القدر والإنسان، على النحو الذي يقوم عليه الفن الغربي، ولا يؤمن المسلم بأن الإنسان يثبت ذاته بمصارعة القدر والآلهة ولا بأن البطل الصالح يتحطم على يد القدر والآلهة وكل هذه المعاني المأسوية مستمدة من فكرة "الخطيئة" الأصلية.
ثالثًا: المسلم لا يؤمن بتعدد الآلهة ولا تجسيد الإله في صورة وثن حسي ملموس كالتماثيل العديدة في العقائد الغربية. في ذلك الخلط العجيب بين المسيحية والهلينية.
رابعًا: المسلم لا يؤمن بعبادة الطبيعة أو المحسوسات.
ومن هنا فإن مفهوم الفن في الإسلام محرر من كثير من هذه القيم التي يقوم عليها الفن الغربي والتي تتعارض أساسًا مع الإيمان بالله الواحد.
2- كذلك فإن الإسلام لا يقر تجسيد في صورة مادية، ليس فقط حفاظًا على مفهوم التوحيد من حظر الاتصال بالتماثيل والأصنام التي كانت تمثل عبادات ما قبل الإسلام. ولكنه ارتفاع بالنفس الإنسانية من أن تتمثل في مفهوم مادي، بينما جاء الإسلام محررًا للبشرية من التجزئة بين الماديات والمعنويات.
والفنان المسلم له طابعه المبدع متحررًا من الخضوع للمذاهب الوثنية التي تقول بتقليد الطبيعة أو التفوق عليها ولذلك فهو قد طرق آفاقًا أخرى غير هذه الآفاق، في التعبير عن المعاني فأوجد أنواعًا من الخطوط والدوائر والزخارف والوحدات المتشابكة والمتداخلة.
قد أبدع الفن الإسلامي في مجال رسوم الحيوان والطير، وتصوير الأحياء، وغزا الفنان المسلم جميع فروع الفن الإسلامي من مخطوطات وأخشاب وعمارة وزجاج ومعادن وعاج وزخرف ومنسوجات كما زينوا كتب العلم والأدب والدين والتاريخ بصور تفسر بعض ما تتضمنه من بحوث وأحداث وقد خلق الفنان المسلم من الحروف العربية ذات الأشكال المتباينة والأوضاع المختلفة طرازًا زخرفيًا يتمثل فيه الجمال والقوة، وأقام فن "الرقش" أو الأرابسك على وحدات متناسقة على نحو غاية في البهجة والرونق الجميل.
وهكذا حقق الفن الإسلامي مذهبًا جديدًا مستمدًا من حقائق الإسلام، فكان فنًا منطلقًا وتجريديًا معبرًا وليس جامدًا، وأن المرقشة يحيى الفن الإسلامي حيث لا مبدأ لها ولا منتهي، إنما تمثل مفهومًا من مفاهيم التوحيد لأنها تسعى وراء الله الذي هو الأول والآخر ومنه تنتهي الأسباب وإليه تنتهي المسببات والرقش حين يمتد بال نهاية إنما يسعى وراء الصورة المثلى وهذه اللانهائية إنما تحمل دلالات هامة للروح الإسلامية التي آمنت بالله غير المنظور وغير المحدود وإليه اتجهت قلوب المؤمنين لترتفع إلى مستوى هذا المثل الأعلى عن طريق العمل الصالح أو طريق الاجتهاد والإبداع (بتصرف عن بشر فارس ومحمد عبد العزيز مرزوق).
### وينطلق الفن الإسلامي من مفهوم الفكر الإسلامي الذي يرتكز إلى حد بعيد على القاعدة والعقل ويبتعد عن "الهوى والأسطورة والارتجال"، ولقد كان قبول الفن الإسلامي لنظام التوحيد مصدر المحافظة على الوحدة والمتانة والشخصية وبقيت بذلك الروح الإسلامية هي المنبع الأساسي للمصادر الجمالية والدلالات العميقة للمشاعر المبدعة.
3- وقد شهد جوستاف لوبون وبرجسون وهاملتون جيب على أن الفن الإسلامي يحمل شخصية مستقلة متماسكة جديرة بالإعجاب، وأن الحد الذي وقف عنده الفن الإسلامي في إبراز عملية الخلق هو حد "الإسلام" الذي جاء على مبدأ التوحيد ولذلك فهو يرفض كل شريك لله في قدرته الخالقة.
وقد أشار الباحثون إلى أن الخط في الفن الإسلامي كالكلمة في الشعر يسير وفق تأثير داخلي في الرسام، فكما أن الشاعر يستعمل الكلمة حسب وزن الشعر وقافيته، كذلك الرسام المسلم يكيف الشكل وفق صيغة موزونة موفقة وبخطوط لينة منسابة بانتظام تشكل تناظرًا مضطردًا بحركة دائمة لا تقف عند حد، واللون في الفن الإسلامي مرتبط بروح الأمة وبمناخ الحياة التي تعيشها.
(2)
يتميز الذوق الإسلامي بعدة ملامح لها أثرها في الفن الإسلامي:
المسلمون لم يخلقوا من الحجارة ما خلقته الأمم الأخرى من فراعنة ورومان من تماثيل وهياكل وأوابد الحضارة الإسلامية لم تسجل بالصخور بل بالأعمال الحية. كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز: يستأذنه في أن يبني لمدينته سورًا. فقال عمر: حصن مدينتك بالعدل. وتمثل الهياكل الرومانية والأهرام، في ظل مفهوم العبودية المرير الذي تحطمت فيه مناكب البشر تحت أثقال الصخور. ولذلك فإن العرب أخذا من هذا المفهوم لم يتعلقوا بالآثار الضخمة وإنما تعلقوا بالأطلال التي تحمل ريح الأحباب، وفن العمارة الإسلامي لم يتعلق بالضخامة مثلما تميز بالجمال والرقة، والذوق العربي لم يتعلق بالتصوير كفن من الفنون الجميلة، لأن الروح العربية (العميق الاستمداد من الحنيفية الإبراهيمية إلى الإسلام في عصر محمد) لا تميل إليه كفن يمسح الأشكال الحية الجميلة بحيويتها ويحيلها إلى صور جامدة. وأن الفن الذي تعلق به العرب هو "الشعر" لأنه أرضى نزعتهم في الحيوية والاستثارة والموسيقى امتداد للشعر، وحضارة المسلمين والعرب حضارة أعمال خالدة لا آثار خالدة، وفنونهم فنون عواطف جياشة لا فنون أخيلة جامدة (عبد السلام العجيلي بتصرف).
2- والفن الإسلامي لا يهدر كرامة الفرد ولا يهدر حق الجماعة، ومن النقوش الكثيرة في الإسلام إذا ما نظرت إلى الجزء الصغير وجدت له ذاتيته ووجوده وحدوده ولكن في نفس الوقت يمكن أن يكون جزءًا في كل كبير، وذلك أن الإسلام كما يخدم الجماعة يخدم الفرد، ويوجد هذا التناسق في مجتمعنا الحي بين الفردية والجماعية، كما يوجد في الفن بين الجزء الصغير والجزء الكبير احترام الإسلام للفرد واحترام الإسلام للجماعة في القرآن (عبد العزيز كامل).
(3)
يرفض الإسلام: النقل المباشر عن الطبيعة وهو ما يطلق عليه في الفن الغربي "المحاكاة".
"فقد قرر الإسلام وأكد التحريم القاطع للنقل المباشر عن الطبيعة، ذلك النقل الفج الذي يعيد نسخ المخلوقات
______________
الموضوع نقلته من كتاب (الفن) لأستاذي الحبيب أنور الجندي
جزاه الله عنا خير الجزاء