خلال أربعة عشر قرنًا ظهرت عدة دولة قوية استطاعت أن تحمي الإسلام وأن تنشره وسط محيطها بل خارج هذا المحيط، وكانت دولة الموحدين والتي نشأت في بلاد المغرب العربي لها دور قوي في حفظ مكانة المسلمين في هذه البلاد، ويعد من مؤسسيها الأقوياء التي ظهرت فيها.. فمن يكون؟
يوسف المغرب هو يوسف بن تاشفين ناصر الدين بن تالاكاكين الصنهاجي (ح. 1006- 1106) ثاني ملوك المرابطين في المغرب بعد عمه أو ابن عمه أبو بكر بن عمر. واتخذ لقب "أمير المسلمين" أعظم ملك مسلم في وقته. أسس أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي من حدود تونس حتى غانا جنوبًا والأندلس شمالاً وأنقذ الأندلس من ضياع محقق وهو بطل معركة الزلاقة وقائدها. وحد وضم كل ملوك الطوائف في الأندلس إلى دولته بالمغرب (1090) بعدما استنجد به أمير أشبيلية، عرف بالتقشف والزهد رغم اتساع إمبراطوريته كما اتصف بالشجاعة.
ولد على الأرجح بصحراء موريتانيا ولما شب ولاه ابن عمه أمير المرابطين أبو بكر بن عمر اللمتوني قيادة الجيش المرابطي أثناء الانتفاضة البرغواطية، فزحف شمالاً نحو المغرب الأقصى حيث أخضع الثائرين وبنى مدينة مراكش ثم توسع شرقًا إلى أن دان له المغرب الأوسط (الجزائر) والأدنى (تونس).
كان ابن تاشفين حليمًا كريمًا، دينًا خيرًا، يحب أهل العلم والدين، ويحكّمهم في بلاده، ويبالغ في إكرام العلماء والوقوف عند إشارتهم، وكان إذا وعظه أحدُهم، خشع عند استماع الموعظة، ولان قلبُه لها، وظهر ذلك عليه، وكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام.
بدأ بتعمير البلاد وحكمها بالعدل، وكان يختار رجالاً من أهل الفقه والقضاء لتطبيق الإسلام على الناس، واهتم ببناء المساجد باعتبارها مراكز دعوة وانطلاق وتوحيد للمسلمين تحت إمارته، ثم بدأ يتوسع شرقًا وجنوبًا وشمالاً فكانت المواجهة بينه وبين الإمارة البرغواطية الضالة أمرًا لا مفر منه. استعان ابن تاشفين في البداية بالمعتمد بن عباد- وهو أحد أمراء الأندلس الصالحين- لمحاربة البرغواطيين، فأمدّه المعتمد بقوة بحرية ساعدته في القضاء على الإمارة الضالة، وهكذا استطاع أن يوحد كل المغرب حتى مدينة الجزائر شرقًا، وحتى غانة جنوبًا، وكان ذلك عام 476هـ.
اشتهر يوسف بن تاشفين بميوله نحو أهل العلم فكان يختار رجالاً من أهل الفقه والقضاء لتطبيق الإسلام على الناس، كما اهتمَّ ببناء المساجد، وكان له الفضل في توحيد المسلمين بالغرب الإسلامي.
في معركة الزلاقة
ناشده مسلمو الأندلس الغوث والنجدة، حيث كانت أحوال بلادهم تسوء يومًا بعد يوم، وأخذ ملوك الطوائف يستعينون بالملوك النصارى على حساب إخوانهم المسلمين، واستجاب ابن تاشفين لطلب المسلمين المستضعفين، ودخل المعتمد مع ابن تاشفين الأندلس شمالاً وقاد ابن تاشفين الجيوش الإسلامية وقاتل النصارى قتالاً شديدًا وكانت موقعة الزلاّقة من أكبر المعارك التي انتصر فيها المسلمون انتصارًا كبيرًا على الأسبان، وانهُزم ملكهم ألفونسو السادس هزيمة منكرة. وعلى أثر هذه الموقعة خَلَعَ ابنُ تاشفين جميعَ ملوك الطوائف من مناصبهم ووحّد الأندلس مع المغرب في ولاية واحدة لتصبح: أكبر ولاية إسلامية في دولة الخلافة.
خاض ابن تاشفين معركة الزلاقة ضد جيوش قشتالة وليون التي كان يقودها الملك ألفونسو السادس يوم 12 رجب 479هـ الموافق 23 أكتوبر/ تشرين الأول 1086م، فاسترد المسلمون بهذه الواقعة مدينة بلنسية وعادت إليهم السيادة على الجزيرة الخضراء.
وقد بايع ملوك الأندلس وأمراؤها ابن تاشفين فتسمى لأول مرة في التاريخ الإسلامي بلقب "أمير المسلمين". ثم أرسل إلى الخليفة العباسي في بغداد المستظهر بالله سفيرين هما عبد الله بن محمد بن العربي المعافري الإشبيلي، وولده القاضي أبو بكر بن العربي يحملان هدايا وطلب تقليده الولاية، فبعث إليه الخليفة بمرسوم الولاية.
وفي عام 481هـ اجتاز ابن تاشفين البحر إلى الأندلس للمرة الثانية فاستولى على غرناطة ومالقة. وفي المرة الثالثة استولى على إسبانيا الإسلامية كلها عام 496هـ (1103م).
عاد إلى مراكش بعد وقعة الزلاقة فجهز جيشًا كبيرًا، وفي سنة 481هـ عبر ابن تاشفين للمرة الثانية البحر في اتجاه الأندلس، فتمكن من الاستيلاء على عدة مدن أبرزها غرناطة ومالقة.
ولما تم الاستيلاء على إسبانيا اجتاز ابن تاشفين البحر إلى الأندلس للمرة الثالثة سنة 496 هـ (1103م)، حيث دعا في قرطبة القادة والولاة وزعماء القبائل المغربية إلى اجتماع أعلن فيه توليته العهد إلى ابنه علي الذي كان قد صحبه هذه المرة، وكتبت بذلك وثيقة أشهد عليها المجتمعين فبايعوا عليًّا، وعاد ابن تاشفين إلى مراكش وخلف ابنه عليًّا في الأندلس واليًا عليها وحاكمًا بها.
استقر يوسف ابن تاشفين بعد ذلك في قصره بمراكش، إلى أن توفي سنة 500هـ عن عمر ناهز المائة سنة بعد حياة حبلى بالإنجازات والبطولات.
ولا شك في أن يوسف بن تاشفين يعد من أعاظم رجالات المغرب الإسلامي الذين كان لهم أثر ملموس في توجيه تاريخه، إذ قام بدور طلائعي في تاريخ المغرب. فقد قاد حركة واسعة لتعريب القبائل البربرية سواء في جنوب المغرب أو في شرقه. كما أسهم بشكل فعال في ترسيخ مبادئ الإسلام في المغرب أولاً، ثم في الأندلس بعد ذلك. فإليه يرجع الفضل أولاً وأخيرًا في إنقاذ الإسلام في الأندلس مما يهدده من أخطار خاصة خلال النصف الثاني من القرن الخامس الهجري.
ويؤكد المؤرخون أن ظهور ابن تاشفين وعبوره إلى الشاطئ الآخر وقتاله للجيوش المعادية للعرب والمسلمين قد تسبب في تأجيل سقوط الأندلس حيث حقق انتصارات باهرة وتراجعت أمامه أحلام العدو المتربص بالمسلمين في الأندلس.
وفاته
توفي يوسف بن تاشفين في شهر محرم من عام 500هـ عن عمر يقارب المائة عام.
يوسف المغرب هو يوسف بن تاشفين ناصر الدين بن تالاكاكين الصنهاجي (ح. 1006- 1106) ثاني ملوك المرابطين في المغرب بعد عمه أو ابن عمه أبو بكر بن عمر. واتخذ لقب "أمير المسلمين" أعظم ملك مسلم في وقته. أسس أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي من حدود تونس حتى غانا جنوبًا والأندلس شمالاً وأنقذ الأندلس من ضياع محقق وهو بطل معركة الزلاقة وقائدها. وحد وضم كل ملوك الطوائف في الأندلس إلى دولته بالمغرب (1090) بعدما استنجد به أمير أشبيلية، عرف بالتقشف والزهد رغم اتساع إمبراطوريته كما اتصف بالشجاعة.
ولد على الأرجح بصحراء موريتانيا ولما شب ولاه ابن عمه أمير المرابطين أبو بكر بن عمر اللمتوني قيادة الجيش المرابطي أثناء الانتفاضة البرغواطية، فزحف شمالاً نحو المغرب الأقصى حيث أخضع الثائرين وبنى مدينة مراكش ثم توسع شرقًا إلى أن دان له المغرب الأوسط (الجزائر) والأدنى (تونس).
كان ابن تاشفين حليمًا كريمًا، دينًا خيرًا، يحب أهل العلم والدين، ويحكّمهم في بلاده، ويبالغ في إكرام العلماء والوقوف عند إشارتهم، وكان إذا وعظه أحدُهم، خشع عند استماع الموعظة، ولان قلبُه لها، وظهر ذلك عليه، وكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام.
بدأ بتعمير البلاد وحكمها بالعدل، وكان يختار رجالاً من أهل الفقه والقضاء لتطبيق الإسلام على الناس، واهتم ببناء المساجد باعتبارها مراكز دعوة وانطلاق وتوحيد للمسلمين تحت إمارته، ثم بدأ يتوسع شرقًا وجنوبًا وشمالاً فكانت المواجهة بينه وبين الإمارة البرغواطية الضالة أمرًا لا مفر منه. استعان ابن تاشفين في البداية بالمعتمد بن عباد- وهو أحد أمراء الأندلس الصالحين- لمحاربة البرغواطيين، فأمدّه المعتمد بقوة بحرية ساعدته في القضاء على الإمارة الضالة، وهكذا استطاع أن يوحد كل المغرب حتى مدينة الجزائر شرقًا، وحتى غانة جنوبًا، وكان ذلك عام 476هـ.
اشتهر يوسف بن تاشفين بميوله نحو أهل العلم فكان يختار رجالاً من أهل الفقه والقضاء لتطبيق الإسلام على الناس، كما اهتمَّ ببناء المساجد، وكان له الفضل في توحيد المسلمين بالغرب الإسلامي.
في معركة الزلاقة
ناشده مسلمو الأندلس الغوث والنجدة، حيث كانت أحوال بلادهم تسوء يومًا بعد يوم، وأخذ ملوك الطوائف يستعينون بالملوك النصارى على حساب إخوانهم المسلمين، واستجاب ابن تاشفين لطلب المسلمين المستضعفين، ودخل المعتمد مع ابن تاشفين الأندلس شمالاً وقاد ابن تاشفين الجيوش الإسلامية وقاتل النصارى قتالاً شديدًا وكانت موقعة الزلاّقة من أكبر المعارك التي انتصر فيها المسلمون انتصارًا كبيرًا على الأسبان، وانهُزم ملكهم ألفونسو السادس هزيمة منكرة. وعلى أثر هذه الموقعة خَلَعَ ابنُ تاشفين جميعَ ملوك الطوائف من مناصبهم ووحّد الأندلس مع المغرب في ولاية واحدة لتصبح: أكبر ولاية إسلامية في دولة الخلافة.
خاض ابن تاشفين معركة الزلاقة ضد جيوش قشتالة وليون التي كان يقودها الملك ألفونسو السادس يوم 12 رجب 479هـ الموافق 23 أكتوبر/ تشرين الأول 1086م، فاسترد المسلمون بهذه الواقعة مدينة بلنسية وعادت إليهم السيادة على الجزيرة الخضراء.
وقد بايع ملوك الأندلس وأمراؤها ابن تاشفين فتسمى لأول مرة في التاريخ الإسلامي بلقب "أمير المسلمين". ثم أرسل إلى الخليفة العباسي في بغداد المستظهر بالله سفيرين هما عبد الله بن محمد بن العربي المعافري الإشبيلي، وولده القاضي أبو بكر بن العربي يحملان هدايا وطلب تقليده الولاية، فبعث إليه الخليفة بمرسوم الولاية.
وفي عام 481هـ اجتاز ابن تاشفين البحر إلى الأندلس للمرة الثانية فاستولى على غرناطة ومالقة. وفي المرة الثالثة استولى على إسبانيا الإسلامية كلها عام 496هـ (1103م).
عاد إلى مراكش بعد وقعة الزلاقة فجهز جيشًا كبيرًا، وفي سنة 481هـ عبر ابن تاشفين للمرة الثانية البحر في اتجاه الأندلس، فتمكن من الاستيلاء على عدة مدن أبرزها غرناطة ومالقة.
ولما تم الاستيلاء على إسبانيا اجتاز ابن تاشفين البحر إلى الأندلس للمرة الثالثة سنة 496 هـ (1103م)، حيث دعا في قرطبة القادة والولاة وزعماء القبائل المغربية إلى اجتماع أعلن فيه توليته العهد إلى ابنه علي الذي كان قد صحبه هذه المرة، وكتبت بذلك وثيقة أشهد عليها المجتمعين فبايعوا عليًّا، وعاد ابن تاشفين إلى مراكش وخلف ابنه عليًّا في الأندلس واليًا عليها وحاكمًا بها.
استقر يوسف ابن تاشفين بعد ذلك في قصره بمراكش، إلى أن توفي سنة 500هـ عن عمر ناهز المائة سنة بعد حياة حبلى بالإنجازات والبطولات.
ولا شك في أن يوسف بن تاشفين يعد من أعاظم رجالات المغرب الإسلامي الذين كان لهم أثر ملموس في توجيه تاريخه، إذ قام بدور طلائعي في تاريخ المغرب. فقد قاد حركة واسعة لتعريب القبائل البربرية سواء في جنوب المغرب أو في شرقه. كما أسهم بشكل فعال في ترسيخ مبادئ الإسلام في المغرب أولاً، ثم في الأندلس بعد ذلك. فإليه يرجع الفضل أولاً وأخيرًا في إنقاذ الإسلام في الأندلس مما يهدده من أخطار خاصة خلال النصف الثاني من القرن الخامس الهجري.
ويؤكد المؤرخون أن ظهور ابن تاشفين وعبوره إلى الشاطئ الآخر وقتاله للجيوش المعادية للعرب والمسلمين قد تسبب في تأجيل سقوط الأندلس حيث حقق انتصارات باهرة وتراجعت أمامه أحلام العدو المتربص بالمسلمين في الأندلس.
وفاته
توفي يوسف بن تاشفين في شهر محرم من عام 500هـ عن عمر يقارب المائة عام.