عن "ابن الأنبارى" أنه قال :
ركب "الكندى" المتفلسف إلى "أبى العبَّاس" [أى المبرد] وقال له:
إنى لأجد فى كلام العرب حشوا.
فقال له أبو العباس: فى أى موضع وجدته ذلك؟
فقال: أجد العرب يقولون: "عبد الله قائم" ثم يقولون "إن عبد الله قائم"
ثم يقولون: "إن عبد الله لقائم"
فالألفاظ متكررة ، والمعنى واحد.
فقال أبو العباس: بل المعانى مختلفة لاختلاف الألفاظ.
(تعليق لى :يقول علماء اللغة اختلاف المبنى-الالفاظ و الحروف - يؤدي الى اختلاف المعنى .و هذه قاعدة يؤمن بها كل علماء اللغة )
فقولهم: "عبد الله قائم" إخبار عن قيامه.
وقولهم: "إن عبد الله قائم" جواب عن سؤال سائل
وقوله: "إن عبد الله لقائم" جواب عن إنكار منكر قيامه
فقد تكررت الألفاظ لتكرر المعانى
قال: فما أحار المتفلسف جوابا
وإذا كان "الكندى" يذهب هذا عليه حتى يركب فيه ركوب مستفهم أو معترض ، فما ظنك بالعامة ومن هو فى عداد العامَّة ممن لا يخطر شبه هذا بباله"
******************
**يقسم علماء البلاغة أنواع الكلام الخبري (الكلام الذي يحتمل الصواب و الخطأ ،يحتمل التصديق و التكذيب) إلى ثلاثة أقسام :
1- خبر ابتدائي :مثل (محمد رسول الله)
حيث تخبر بهذ الجملة من هو خال الذهن تماما من هذه القضية(تقولها لشخص لا يعرف أن محمدا صلى الله عليه و سلم رسول الله).
2- خبر طلبي : مثل (إن محمدا رسول الله).
تخبر بها من تجده مترددا في التصديق بها فتؤكدها له ب(إن)التوكيدية
3- خبر إنكاري : مثل: (إن محمد لرسول الله) أو (و الله إن محمدا لرسول الله).
تخبر بها شخصا ينكر رسالة النبي صلى الله عليه و سلم 0فتؤكد له جملتك بأكثر من أداة توكيد إما بأداتين (إن و لام التوكيد المزحلقة )أو بثلاث أدوات(بزيادة القسم بالله عليها).
***********************
مثال تطبيقي من القرءان الكريم :
****************
يقول الله تعالى حكاية عن رسل المسيح عليه السلام الى أهل أنطاكية(كما يقول جمهور المفسرين و الله اعلم) :
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ، إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ).
فلما كذبهم أهل القرية استخدموا الخبر الطلبي حيث أكدوا كلامهم بأداة توكيد واحدة فقط هى (إن)0
(... قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَانُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ، قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ، وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ).
فلما اشتد أهل القرية في تكذيبهم و إنكار رسالتهم استخدم الرسل الخبر الإنكاري فأكدوا كلامهم بأداتين (إن و اللام التوكيدية المزحلقة)
***********
حتى الآن مفهوم؟
نعم ، كلام سهل واضح .
إذا سأخبرك بما يوقعك في الحيرة!
سأقول لك مسألة أعرف جوابها لكنى أطمع أن أشركك معي في الحوار ، لذا سأذكر السؤال فقط ثم أستمع لردودكم و أرجو أن تحاولوا ثم أرسل بعدها الجواب.
فما رأيكم إخوتى؟
السؤال هو
كل البشر - كافرهم قبل مؤمنهم -يؤمنون جميعا بحقيقة الموت ، و الخلاف يأتى فيما بعد الموت ..فالمؤمن يؤمن يقينا بالبعث..بينما الكافر ينكره.
فالموت كلنا نعلم اننا سنموت ، الكافر يعلم و المؤمن يعلم.
فلماذا قال الله تعالى : (ثم إنكم بعد ذلك لميتون) ، بتأكيد الجملة بأداتى توكيد (خبر إنكاري) مع أن البشر جميعا لا ينكرون الموت ؛الكافر قبل المؤمن!
ثم قال تعالى بعدها مباشرة: (ثم إنكم يوم القيامة تبعثون)، فلم يقل تعالى : (لتبعثون) مع أن الكافر ينكر البعث!
و نحن بعقولنا البشرية القاصرة قد نقول إن الموقف هنا يقتضي التاكيد بينما في الاول لا يقتضي .
كما قلت لكم كنت أنوى ذكر الجواب بطريقة تلقينية لكننى طمعت أن اجعلكم تشاركوننى في الحوار0و لا بأس في الرجوع الى كتب البلاغة للاستفادة.
_____________
5 /9 /2008 ميلاديا
عدل سابقا من قبل أحمد في الإثنين يناير 07, 2013 12:30 pm عدل 2 مرات (السبب : تنسيق الموضوع ؛ تكبير الخط و تلوينه .)