رواية "عزازيل" اسقاطات تاريخية حاربتها الكنيسة القبطية وانصفها نقاد الرواية
منذ يوم مضى
القاهرة (ا ف ب) - اثارت رواية "عزازيل" ليوسف زيدان الفائزة بجائزة البوكر للرواية العربية جدلا بين النقاد المعجبين الذين يرون فيها اسقاطا تاريخيا على المرحلة المعاصرة، وبين الكنيسة القبطية المصرية التي رات فيها اساءة للعقيدة المسيحية.
واستند كل من الطرفين الى قراءات واستدلالات تؤكد وجهة نظريهما، فيما يقف المؤلف موقفا ثالثا يرى فيه انه "يقدم رؤية لواقع معاصر من خلال اطار تاريخي".
فقد اعتبر زيدان في تصريحات صحافية ان "التاريخ حالة ذهنية لكنه يعيش في داخلنا" مؤكدا "لن اخوض نقاشا على ارضية دينية اسلامية او مسيحية فكلاهما بالنسبة لي تراث".
وراى النقاد وبينهم الناقد جابر عصفور الذي خصص لهذه الرواية للمرة الاولى في كتاباته النقدية ثلاثة مقالات متتالية في صحيفة "الحياة" العربية قبل بضعة اشهر ان "الرواية تحمل اسقاطات تاريخية تصور ماضيا حفل بالتعصب الديني وتقصد به حاضرا نعيشه".
هذه الرؤية ايضا هي التي حكمت قرار لجنة تحكيم الجائزة كما ورد في تقريرها الذي قدمته رئيسة اللجنة يمنى العيد التي قالت ان "اللجنة اختارت رواية +عزازيل+ للفوز بجائزة البوكر على الرغم من الحساسيات الدينية، فالرواية فيها ثراء استخدم كاتبها السرد الكلاسيكي وجاء بموضوعها الى العصر، حاملة معها مجموعة من التساؤلات عن العقيدة والزمن والوجود داعية الى نبذ التعصب".
وقد استلهم الروائي قصته من واقعة حقيقية تتعلق بقتل الفيلسوفة والرياضية اليونانية هابيتا بطريقة همجية على ايدي المسيحيين الاوئل في الاسكندرية ليبرز من خلالها الصراع المسيحي بين النساطرة وبين اليعاقبة.
ويتم الانتقال بين الاحداث التاريخية من خلال قراءة مترجم لمخطوطات جلدية عثر عليها ويصور فيها الراهب هيبا صراعه مع عزازيل الذي اغراه بكتابة هذه الرقوق لتاريخ حياته الشخصية وما يجري في زمانه من احداث لتبرز التناقضات الفكرية بين هيبا (الذي اشتق اسمه من الفيلسوفة هابيتا) وبين عزازيل (احد اسماء ابليس اكثر الملائكة معرفة كما يقول بعض رجالات الدين قبل خروجه عن طاعة الله).
وضمن هذا السياق تصور المخطوطات العلاقات العاطفية في حياة الراهب هيبا والتي تكون اولها مع امراة وثنية تهجره وتطرده من حياتها بعد معرفتها بانه راهب مسيحي، يمكن بسبب تعصبه الديني ان يدمر حلما امضى سنوات في انتظار تحققه.
ورغم مشاعر الاحساس بالذنب التي يحملها هيبا في عقله ووجدانه فانه يقع مجددا في معصية الجسد بعد ان يبدأ علاقة جديدة مع مرتلة الاناشيد الدينية في الكنيسة كنوع من البحث عن استمرارية الحياة خصوصا وانه طبيب ينتصر لصالح الحياة دائما.
في المقابل يرى رجالات الكنيسة في الرواية اساءة للعقيدة المسيحية حيث اعتبر مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري الانبا بيشوي ان الرواية "هاجمت بعنف عامود الدين بطريرك الاسكندرية الرابع والعشرين بعنف (....)".
وتابع في تصريحات صحافية "ومعروف ان الروائي قد اتخذ مصادره في الرواية من اعداء القديس كيرلس بابا الاسكندرية من النساطرة واراد ان يقدمها على انها هي التاريخ الصحيح كما انه من المعروف ان هيبا اسقف الرها في المشرق الانطاكي لم يكن راهبا من صعيد مصر كما صوره في روايته كذلك لدينا ما يثبت براءة الباب كيرلس من مسالة الفيلسوفة هيباتيا".
وهو ما اكده استاذ اللاهوت بالكلية الاكليركية القمص عبد المسيح بسيط مشيرا الى ان "المؤلف يحاول الايحاء للقارئء بان القصة التي الفها قصة حقيقية (...) فهو قد بنى روايته على اساس احداث واقعية وتواريخ معروفة وقد وضع لها ثلاثة اهداف هي الانتصار لمن سمتهم الكنيسة بالهراطقة وتوجيه هجوم شديد للكنيسة ورمزها القديس مرقص الرسول اضافة الى محاولته الايحاء بان +الله لم يخلق الانسان بل ان الانسان هو الذي خلق الله وان فكرة الاله من خيال الانسان+".
من الناحية العملية اعلن عدد من المحامين الاقباط امكانية اقامة دعوى قضائية ضد الرواية وكاتبها بينهم المحامي بيتر النجار الذي اكد على ان "هناك دراسة للرواية وبعد الانتهاء منها سنقوم بتحديد الالفاظ الواردة بها والتي تعتبر ازدراء للمسيحية سنتقدم ببلاغ للنائب العام لمنعها من التداول".
هذه الرؤية المتعارضه بين نقاد الادب ورجالات الكنيسة تستند بطريقة او اخرى الى احداث الرواية التي تحمل عدة اوجه للقراءة فهي تصور من خلال القرون الاولى للمسيحية فكرة التعصب الديني ودوره في تغييب العقل ورفضه لمن حوله اذا ما خالفوه الراي من خلال احداثها المتخيلة ولكنها المالكة لتاريخها ايضا.
وتصور الرواية ايضا التعصب الديني ومعاداة تيار لتيار اخر داخل الدين نفسه وقد عبرت عنها من خلال الصراع الذي دار بين النساطرة واليعاقبة في القرن الخامس الميلادي.
فالنساطرة يؤمنون بالطبيعة البشرية للسيد المسيح وامه العذراء في حين يؤمن اليعاقبة (الاسم الشامي للاقباط المصريين نسبة الى المطران يعقوب البرادعي احد اهم رجالات البابا كيرلس في بلاد الشام) الذين يؤمنون بالطبيعة الالهية للسيد المسيح وامه.
وقد حسم هذا الصراع الداخلي بين تيارات المسيحية المختلفة واضطهاد اتباع كل تيار لاتباع التيار الاخر، اعلان امبراطور بيزنطية تحيزه للاقباط بالاعتراف بالطبيعة الالهية للمسيح وامه ما ادى فيما بعد الى تعرض اتباع البطريرك نسطور لاضطهاد بالغ بعد ان اتهمتهم الكنيسة القبطية بالهرطقة.
وتقع الرواية الصادرة عن دار الشروق المصرية في 380 صفحة من القطع المتوسط وفازت بجائزة البوكر بعد منافسة مع ست روايات تم اختيارها من بين 121 رواية تقدمت للجائزة من 16 دولة عربية.
والروايات المنافسة هي "الجوع" للروائي المصري محمد البساطي و"الحفيدة الاميركية" للكاتبة العراقية انعام كجه جي و"المترجم الخائن" للسوري فواز حداد و"روائح ماري كلير" للتونسي الحبيب السالمي و"الخيول البيضاء" للفلسطيني الاردني ابراهيم نصر الله
منذ يوم مضى
القاهرة (ا ف ب) - اثارت رواية "عزازيل" ليوسف زيدان الفائزة بجائزة البوكر للرواية العربية جدلا بين النقاد المعجبين الذين يرون فيها اسقاطا تاريخيا على المرحلة المعاصرة، وبين الكنيسة القبطية المصرية التي رات فيها اساءة للعقيدة المسيحية.
واستند كل من الطرفين الى قراءات واستدلالات تؤكد وجهة نظريهما، فيما يقف المؤلف موقفا ثالثا يرى فيه انه "يقدم رؤية لواقع معاصر من خلال اطار تاريخي".
فقد اعتبر زيدان في تصريحات صحافية ان "التاريخ حالة ذهنية لكنه يعيش في داخلنا" مؤكدا "لن اخوض نقاشا على ارضية دينية اسلامية او مسيحية فكلاهما بالنسبة لي تراث".
وراى النقاد وبينهم الناقد جابر عصفور الذي خصص لهذه الرواية للمرة الاولى في كتاباته النقدية ثلاثة مقالات متتالية في صحيفة "الحياة" العربية قبل بضعة اشهر ان "الرواية تحمل اسقاطات تاريخية تصور ماضيا حفل بالتعصب الديني وتقصد به حاضرا نعيشه".
هذه الرؤية ايضا هي التي حكمت قرار لجنة تحكيم الجائزة كما ورد في تقريرها الذي قدمته رئيسة اللجنة يمنى العيد التي قالت ان "اللجنة اختارت رواية +عزازيل+ للفوز بجائزة البوكر على الرغم من الحساسيات الدينية، فالرواية فيها ثراء استخدم كاتبها السرد الكلاسيكي وجاء بموضوعها الى العصر، حاملة معها مجموعة من التساؤلات عن العقيدة والزمن والوجود داعية الى نبذ التعصب".
وقد استلهم الروائي قصته من واقعة حقيقية تتعلق بقتل الفيلسوفة والرياضية اليونانية هابيتا بطريقة همجية على ايدي المسيحيين الاوئل في الاسكندرية ليبرز من خلالها الصراع المسيحي بين النساطرة وبين اليعاقبة.
ويتم الانتقال بين الاحداث التاريخية من خلال قراءة مترجم لمخطوطات جلدية عثر عليها ويصور فيها الراهب هيبا صراعه مع عزازيل الذي اغراه بكتابة هذه الرقوق لتاريخ حياته الشخصية وما يجري في زمانه من احداث لتبرز التناقضات الفكرية بين هيبا (الذي اشتق اسمه من الفيلسوفة هابيتا) وبين عزازيل (احد اسماء ابليس اكثر الملائكة معرفة كما يقول بعض رجالات الدين قبل خروجه عن طاعة الله).
وضمن هذا السياق تصور المخطوطات العلاقات العاطفية في حياة الراهب هيبا والتي تكون اولها مع امراة وثنية تهجره وتطرده من حياتها بعد معرفتها بانه راهب مسيحي، يمكن بسبب تعصبه الديني ان يدمر حلما امضى سنوات في انتظار تحققه.
ورغم مشاعر الاحساس بالذنب التي يحملها هيبا في عقله ووجدانه فانه يقع مجددا في معصية الجسد بعد ان يبدأ علاقة جديدة مع مرتلة الاناشيد الدينية في الكنيسة كنوع من البحث عن استمرارية الحياة خصوصا وانه طبيب ينتصر لصالح الحياة دائما.
في المقابل يرى رجالات الكنيسة في الرواية اساءة للعقيدة المسيحية حيث اعتبر مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري الانبا بيشوي ان الرواية "هاجمت بعنف عامود الدين بطريرك الاسكندرية الرابع والعشرين بعنف (....)".
وتابع في تصريحات صحافية "ومعروف ان الروائي قد اتخذ مصادره في الرواية من اعداء القديس كيرلس بابا الاسكندرية من النساطرة واراد ان يقدمها على انها هي التاريخ الصحيح كما انه من المعروف ان هيبا اسقف الرها في المشرق الانطاكي لم يكن راهبا من صعيد مصر كما صوره في روايته كذلك لدينا ما يثبت براءة الباب كيرلس من مسالة الفيلسوفة هيباتيا".
وهو ما اكده استاذ اللاهوت بالكلية الاكليركية القمص عبد المسيح بسيط مشيرا الى ان "المؤلف يحاول الايحاء للقارئء بان القصة التي الفها قصة حقيقية (...) فهو قد بنى روايته على اساس احداث واقعية وتواريخ معروفة وقد وضع لها ثلاثة اهداف هي الانتصار لمن سمتهم الكنيسة بالهراطقة وتوجيه هجوم شديد للكنيسة ورمزها القديس مرقص الرسول اضافة الى محاولته الايحاء بان +الله لم يخلق الانسان بل ان الانسان هو الذي خلق الله وان فكرة الاله من خيال الانسان+".
من الناحية العملية اعلن عدد من المحامين الاقباط امكانية اقامة دعوى قضائية ضد الرواية وكاتبها بينهم المحامي بيتر النجار الذي اكد على ان "هناك دراسة للرواية وبعد الانتهاء منها سنقوم بتحديد الالفاظ الواردة بها والتي تعتبر ازدراء للمسيحية سنتقدم ببلاغ للنائب العام لمنعها من التداول".
هذه الرؤية المتعارضه بين نقاد الادب ورجالات الكنيسة تستند بطريقة او اخرى الى احداث الرواية التي تحمل عدة اوجه للقراءة فهي تصور من خلال القرون الاولى للمسيحية فكرة التعصب الديني ودوره في تغييب العقل ورفضه لمن حوله اذا ما خالفوه الراي من خلال احداثها المتخيلة ولكنها المالكة لتاريخها ايضا.
وتصور الرواية ايضا التعصب الديني ومعاداة تيار لتيار اخر داخل الدين نفسه وقد عبرت عنها من خلال الصراع الذي دار بين النساطرة واليعاقبة في القرن الخامس الميلادي.
فالنساطرة يؤمنون بالطبيعة البشرية للسيد المسيح وامه العذراء في حين يؤمن اليعاقبة (الاسم الشامي للاقباط المصريين نسبة الى المطران يعقوب البرادعي احد اهم رجالات البابا كيرلس في بلاد الشام) الذين يؤمنون بالطبيعة الالهية للسيد المسيح وامه.
وقد حسم هذا الصراع الداخلي بين تيارات المسيحية المختلفة واضطهاد اتباع كل تيار لاتباع التيار الاخر، اعلان امبراطور بيزنطية تحيزه للاقباط بالاعتراف بالطبيعة الالهية للمسيح وامه ما ادى فيما بعد الى تعرض اتباع البطريرك نسطور لاضطهاد بالغ بعد ان اتهمتهم الكنيسة القبطية بالهرطقة.
وتقع الرواية الصادرة عن دار الشروق المصرية في 380 صفحة من القطع المتوسط وفازت بجائزة البوكر بعد منافسة مع ست روايات تم اختيارها من بين 121 رواية تقدمت للجائزة من 16 دولة عربية.
والروايات المنافسة هي "الجوع" للروائي المصري محمد البساطي و"الحفيدة الاميركية" للكاتبة العراقية انعام كجه جي و"المترجم الخائن" للسوري فواز حداد و"روائح ماري كلير" للتونسي الحبيب السالمي و"الخيول البيضاء" للفلسطيني الاردني ابراهيم نصر الله