ومع أحاديث من صحيح البخاري في كتاب التمني، يتساءل ويسأل الأكثر! عن لفظٍ يُطلقه كثير من الناس، ما صحة هذا اللفظ؟ وما مدى مصداقية هذا اللفظ؟ وهل يعارض هذا اللفظ القضاء والقدر؟ وما هو موقف القرآن والسنة من هذا اللفظ؟
قال رحمه الله تعالى: باب ما يجوز من اللَّو وقوله تعالى: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [هود:80] ما هي كلمة "لو"؟ والبخاري سرد أحاديث على "لو ولولا" هل يجوز لك أن تقول: لو؟ لو فعلت كذا لكان كذا وكذا؟
عندما تمرض فتقول: لو أني ذهبت إلى الطبيب قبل مرضي لما مرضت؟ يرسب ابنك، فتقول: لو أني ذاكرت مع ابني أو راجعت له دروسه ما رسب، هل هذا جائز أم لا؟
ذلك ما سوف يجيبنا عليه الإمام البخاري ، وسوف يحلق بنا المصطفى عليه الصلاة والسلام في أحاديث لندخل رياضاً يانعة، ولنسمع أقوال أهل العلم وهم يحللون هذه الألفاظ (لو ولولا).
قول لوط لقومه: ( لوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّة )
قال: وقوله تعالى: لوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّة [هود:80].
لوط عليه السلام هو الذي قال هذه المقالة، لما هجم عليه المجرمون يريدون ضيوفه من الملائكة، وكان قوم لوط قوم سوء -أهل فاحشة- فلما رآهم خرج إليهم، وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ [هود:78] أما عندكم إيمان؟ أما عندكم عقول؟
ثم تأسف وتحسر! وقال من شدة الغضب: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [هود:80] لو أستطيع أن أقارعكم وأجاولكم وأصاولكم هذا اليوم لفعلت، ثم انتقل وقال: أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود:80].
ما هو الركن الشديد؟
الأسرة القوية، قال: يا ليت عندي قوة في نفسي هذا اليوم، أو يا ليت عندي أسرة قوية وعشيرة مؤيدة لأخمدكم هذا اليوم.
قال عليه الصلاة والسلام وهو يقرأ هذه الآيات: {رحم الله أخي لوط، لقد كان يأوي إلى ركن شديد } والركن الشديد هو الله عز وجل فيقول: كأن الرسول عليه الصلاة والسلام تعجب! كيف يقول: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، وكأنه نسي الله من الغضب، ولا أقوى وأجل وأعظم من الله!! لكنه قالها مع الغضب.
أعلى الصفحة
" لو " في حديث عن يوسف
والرسول عليه الصلاة والسلام كان يتابع بعض قصص الأنبياء باستغراب، وربما علق عليه الصلاة والسلام، قرأ سورة يوسف يوم وصل يوسف السجن ويوم عاد الرسول إلى الملك، فقال عليه الصلاة والسلام: {رحم الله يوسف! لو لبثت ما لبث يوسف في السجن لأجبت الداعي } كأنه يقول: يوسف أفضل منا على هذا، ويوسف عليه السلام رفض أن يخرج من السجن إلا ببراءة، قال الملك: أريد أن أستخلصه لنفسي، قال: لا. ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [يوسف:50].
يقول: لا أخرج حتى يكتب لي براءة أني ما خنت وما أخطأت وما تعديت؟ وفي الأخير خرج ببراءة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أكبر قيمته.
أعلى الصفحة
" لو " في حديث عن موسى والخضر
وقرأ صلى الله عليه وسلم سورة الكهف، وتابع القصة باستغراق بين موسى والخضر عليهما السلام، فلما انتهت القصة، قال عليه الصلاة والسلام وهو يتبسم: {رحم الله موسى! لوددنا أنه صبر وقص علينا من نبأهما } يقول: ليته مكث قليلاً حتى يزداد علماً بهذه السيرة والرحلة العجيبة الغريبة.
أعلى الصفحة
حديث البخاري في باب ما يجوز من اللو
ثم قال البخاري : باب ما يجوز من اللو؛ لأنه ورد عند مسلم وابن ماجة وأبي داود وأحمد بألفاظ متباينة، يقول عليه الصلاة والسلام: {المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله، وإن أصابك شيء؛ فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل } فالآن هل يجوز لنا مع هذا النهي في الحديث أن نطلق "لو" وأن نتلفظ بها؟ هذا ما سيظهر لنا من مقصود البخاري .
قال حدثنا علي بن عبد الله .
علي بن عبد الله هو: المديني شيخ الإمام البخاري ، إمام كبير وأمير المؤمنين في الحديث، كان حفظه للحديث كالسحر، يقول البخاري على جلالته في الإسلام: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني .
قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، سفيان في السند اثنان: سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وكلاهما جليلان، وحماد في السند اثنان: حماد بن سلمة وحماد بن زيد وكلامها جليلان أيضاً.
حدثنا: أبو الزناد ، عن القاسم بن محمد ، قال: { ذكر ابن عباس المتلاعنين، فقال عبد الله بن شداد : أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت راجماً امرأة من غير بينة؟ قال: لا! تلك امرأةٌ أعلنت } الشاهد هنا "لو".
أما قصة هذا الحديث فهو أنه أتى رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال: يا رسول الله! إذا وجد الرجل مع امرأته رجلاً آخر ماذا يفعل؟
فكره عليه الصلاة والسلام هذه المسألة؛ لأنها لم تقع بعد والإنسان يطلب ستر الله وعفوه وكرمه، فكره صلى الله عليه وسلم المسألة، ولم يجب عليه الصلاة والسلام الرجل، فوقع الرجل في هذه المغبة والمسألة، فذهب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فشكى امرأته إليه، فقال عليه الصلاة والسلام: {البينة وإلا حد في ظهرك، قال: يا رسول الله! والله ما كذبت ولا كُذبت، قال: البينة وإلا حد في ظهرك } أنت قاذف والقاذف يجلد ثمانين جلدة، قال: {يا رسول الله! ما كذبت ولا كُذبت } وخرج يسأل الله أن يجعل الله له مخرجاً، إما أن يجلد وتفارقه زوجته؛ لأنه قاذف، وإلا أن يقيم البينة، وتُرجم زوجته، فأنزل الله عز وجل الحل لهذا الملاعنة في سورة النور، فاستدعاها صلى الله عليه وسلم واستدعاه، ووعظه بالله وذكَّره بلقائه وموعوده والعرض عليه، فلاعن وتقدم، ثم أخذها وذكرها بموعود الله والعرض على الله، والوقوف بين يديه، فتقدمت، وفي الأخير قال عليه الصلاة والسلام: {انظروا لها وقد حملت! إن أتت به كيت وكيت فهو شبيه بزوجها، وإن أتت به كيت وكيت فهو شبيه بالرجل الذي رميت به } فوضعت بالرجل التي رميت به، نسأل الله العافية!
قال عليه الصلاة والسلام: {والذي نفسي بيده! لولا ما سبق من الكتاب لكان لي ولها شأن } أي: لولا آية سورة النور لكان لي ولها شأن -يعني: الرجم- وقال عليه الصلاة والسلام: {لو كنت راجماً امرأة من غير بينة } أي: لرجمتها، فـ"لو" هنا استخدمها صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
شروط جواز استخدام " لو "
يجوز استخدام (لو) بشروط: ألا تعارض مشيئة الله تبارك وتعالى، فإذا عارضت القضاء والقدر حرم استخدام (لو) فلا يقع إنسان في حادث ومصيبة، فيقول: لو فعلت كذا وكذا؛ لما وقعت عليك المصيبة، هذا معارضة للقضاء والقدر، لكن لك أن تتحسر على أمر فات عليك، تقول: لو كنت في شبابي، أو لو استقبلت من شبابي ما استدبرت؛ لتبت إلى الله عز وجل، هذا تأسف على العمل الصالح وقد جوَّزه بعض أهل العلم.
فيجوز إطلاقها لمن جزم بمشيئة الله سبحانه وتعالى وهذا رأي ابن حجر العسقلاني في الفتح .
وإن كان العمل للاستقبال فيجوز ذلك، وهو قول القاضي عياض المالكي ، تقول: لو أتت العطلة الصيفية لحفظت القرآن، أما الماضي فلا يجوز عند القاضي عياض ، لكن سوف يرد عليه أهل العلم برد وهو ما كان فيه مصلحة وفائدة، كان يتحسر عليها ويقول: لو أني استطعت أن أذهب إلى الجهاد لذهبت وفي الحديث: {لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي } فالرسول عليه الصلاة والسلام تحسَّر على أمر فات ومضى.
نواصل مع البخاري في صحيحه ثم نأتي إلى المسائل التي في الحديث.
قال عطاء : أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعشاء، فخرج عمر رضي الله عنه، فقال: الصلاة يا رسول الله! رقد النساء والصبيان، فخرج ورأسه يقطر يقول: {لولا أن أشق على أمتي -أو على الناس- لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة } الحديث.
(لولا) هنا ليست كـ(لو) فإن لو أداة امتناع الشيء لامتناع غيره، تقول: لو أتاني الضيف لأكرمته، فما أكرمته لامتناع مجيئه، لو ذاكر الطالب لنجح، امتنع نجاحه لامتناع مذاكرته.
_______________
جزء من محاضرة : ( احرص على ما ينفعك ) للشيخ : ( عائض القرني )
قال رحمه الله تعالى: باب ما يجوز من اللَّو وقوله تعالى: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [هود:80] ما هي كلمة "لو"؟ والبخاري سرد أحاديث على "لو ولولا" هل يجوز لك أن تقول: لو؟ لو فعلت كذا لكان كذا وكذا؟
عندما تمرض فتقول: لو أني ذهبت إلى الطبيب قبل مرضي لما مرضت؟ يرسب ابنك، فتقول: لو أني ذاكرت مع ابني أو راجعت له دروسه ما رسب، هل هذا جائز أم لا؟
ذلك ما سوف يجيبنا عليه الإمام البخاري ، وسوف يحلق بنا المصطفى عليه الصلاة والسلام في أحاديث لندخل رياضاً يانعة، ولنسمع أقوال أهل العلم وهم يحللون هذه الألفاظ (لو ولولا).
قول لوط لقومه: ( لوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّة )
قال: وقوله تعالى: لوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّة [هود:80].
لوط عليه السلام هو الذي قال هذه المقالة، لما هجم عليه المجرمون يريدون ضيوفه من الملائكة، وكان قوم لوط قوم سوء -أهل فاحشة- فلما رآهم خرج إليهم، وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ [هود:78] أما عندكم إيمان؟ أما عندكم عقول؟
ثم تأسف وتحسر! وقال من شدة الغضب: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [هود:80] لو أستطيع أن أقارعكم وأجاولكم وأصاولكم هذا اليوم لفعلت، ثم انتقل وقال: أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود:80].
ما هو الركن الشديد؟
الأسرة القوية، قال: يا ليت عندي قوة في نفسي هذا اليوم، أو يا ليت عندي أسرة قوية وعشيرة مؤيدة لأخمدكم هذا اليوم.
قال عليه الصلاة والسلام وهو يقرأ هذه الآيات: {رحم الله أخي لوط، لقد كان يأوي إلى ركن شديد } والركن الشديد هو الله عز وجل فيقول: كأن الرسول عليه الصلاة والسلام تعجب! كيف يقول: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، وكأنه نسي الله من الغضب، ولا أقوى وأجل وأعظم من الله!! لكنه قالها مع الغضب.
أعلى الصفحة
" لو " في حديث عن يوسف
والرسول عليه الصلاة والسلام كان يتابع بعض قصص الأنبياء باستغراب، وربما علق عليه الصلاة والسلام، قرأ سورة يوسف يوم وصل يوسف السجن ويوم عاد الرسول إلى الملك، فقال عليه الصلاة والسلام: {رحم الله يوسف! لو لبثت ما لبث يوسف في السجن لأجبت الداعي } كأنه يقول: يوسف أفضل منا على هذا، ويوسف عليه السلام رفض أن يخرج من السجن إلا ببراءة، قال الملك: أريد أن أستخلصه لنفسي، قال: لا. ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [يوسف:50].
يقول: لا أخرج حتى يكتب لي براءة أني ما خنت وما أخطأت وما تعديت؟ وفي الأخير خرج ببراءة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أكبر قيمته.
أعلى الصفحة
" لو " في حديث عن موسى والخضر
وقرأ صلى الله عليه وسلم سورة الكهف، وتابع القصة باستغراق بين موسى والخضر عليهما السلام، فلما انتهت القصة، قال عليه الصلاة والسلام وهو يتبسم: {رحم الله موسى! لوددنا أنه صبر وقص علينا من نبأهما } يقول: ليته مكث قليلاً حتى يزداد علماً بهذه السيرة والرحلة العجيبة الغريبة.
أعلى الصفحة
حديث البخاري في باب ما يجوز من اللو
ثم قال البخاري : باب ما يجوز من اللو؛ لأنه ورد عند مسلم وابن ماجة وأبي داود وأحمد بألفاظ متباينة، يقول عليه الصلاة والسلام: {المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله، وإن أصابك شيء؛ فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل } فالآن هل يجوز لنا مع هذا النهي في الحديث أن نطلق "لو" وأن نتلفظ بها؟ هذا ما سيظهر لنا من مقصود البخاري .
قال حدثنا علي بن عبد الله .
علي بن عبد الله هو: المديني شيخ الإمام البخاري ، إمام كبير وأمير المؤمنين في الحديث، كان حفظه للحديث كالسحر، يقول البخاري على جلالته في الإسلام: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني .
قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، سفيان في السند اثنان: سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وكلاهما جليلان، وحماد في السند اثنان: حماد بن سلمة وحماد بن زيد وكلامها جليلان أيضاً.
حدثنا: أبو الزناد ، عن القاسم بن محمد ، قال: { ذكر ابن عباس المتلاعنين، فقال عبد الله بن شداد : أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت راجماً امرأة من غير بينة؟ قال: لا! تلك امرأةٌ أعلنت } الشاهد هنا "لو".
أما قصة هذا الحديث فهو أنه أتى رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال: يا رسول الله! إذا وجد الرجل مع امرأته رجلاً آخر ماذا يفعل؟
فكره عليه الصلاة والسلام هذه المسألة؛ لأنها لم تقع بعد والإنسان يطلب ستر الله وعفوه وكرمه، فكره صلى الله عليه وسلم المسألة، ولم يجب عليه الصلاة والسلام الرجل، فوقع الرجل في هذه المغبة والمسألة، فذهب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فشكى امرأته إليه، فقال عليه الصلاة والسلام: {البينة وإلا حد في ظهرك، قال: يا رسول الله! والله ما كذبت ولا كُذبت، قال: البينة وإلا حد في ظهرك } أنت قاذف والقاذف يجلد ثمانين جلدة، قال: {يا رسول الله! ما كذبت ولا كُذبت } وخرج يسأل الله أن يجعل الله له مخرجاً، إما أن يجلد وتفارقه زوجته؛ لأنه قاذف، وإلا أن يقيم البينة، وتُرجم زوجته، فأنزل الله عز وجل الحل لهذا الملاعنة في سورة النور، فاستدعاها صلى الله عليه وسلم واستدعاه، ووعظه بالله وذكَّره بلقائه وموعوده والعرض عليه، فلاعن وتقدم، ثم أخذها وذكرها بموعود الله والعرض على الله، والوقوف بين يديه، فتقدمت، وفي الأخير قال عليه الصلاة والسلام: {انظروا لها وقد حملت! إن أتت به كيت وكيت فهو شبيه بزوجها، وإن أتت به كيت وكيت فهو شبيه بالرجل الذي رميت به } فوضعت بالرجل التي رميت به، نسأل الله العافية!
قال عليه الصلاة والسلام: {والذي نفسي بيده! لولا ما سبق من الكتاب لكان لي ولها شأن } أي: لولا آية سورة النور لكان لي ولها شأن -يعني: الرجم- وقال عليه الصلاة والسلام: {لو كنت راجماً امرأة من غير بينة } أي: لرجمتها، فـ"لو" هنا استخدمها صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
شروط جواز استخدام " لو "
يجوز استخدام (لو) بشروط: ألا تعارض مشيئة الله تبارك وتعالى، فإذا عارضت القضاء والقدر حرم استخدام (لو) فلا يقع إنسان في حادث ومصيبة، فيقول: لو فعلت كذا وكذا؛ لما وقعت عليك المصيبة، هذا معارضة للقضاء والقدر، لكن لك أن تتحسر على أمر فات عليك، تقول: لو كنت في شبابي، أو لو استقبلت من شبابي ما استدبرت؛ لتبت إلى الله عز وجل، هذا تأسف على العمل الصالح وقد جوَّزه بعض أهل العلم.
فيجوز إطلاقها لمن جزم بمشيئة الله سبحانه وتعالى وهذا رأي ابن حجر العسقلاني في الفتح .
وإن كان العمل للاستقبال فيجوز ذلك، وهو قول القاضي عياض المالكي ، تقول: لو أتت العطلة الصيفية لحفظت القرآن، أما الماضي فلا يجوز عند القاضي عياض ، لكن سوف يرد عليه أهل العلم برد وهو ما كان فيه مصلحة وفائدة، كان يتحسر عليها ويقول: لو أني استطعت أن أذهب إلى الجهاد لذهبت وفي الحديث: {لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي } فالرسول عليه الصلاة والسلام تحسَّر على أمر فات ومضى.
نواصل مع البخاري في صحيحه ثم نأتي إلى المسائل التي في الحديث.
قال عطاء : أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعشاء، فخرج عمر رضي الله عنه، فقال: الصلاة يا رسول الله! رقد النساء والصبيان، فخرج ورأسه يقطر يقول: {لولا أن أشق على أمتي -أو على الناس- لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة } الحديث.
(لولا) هنا ليست كـ(لو) فإن لو أداة امتناع الشيء لامتناع غيره، تقول: لو أتاني الضيف لأكرمته، فما أكرمته لامتناع مجيئه، لو ذاكر الطالب لنجح، امتنع نجاحه لامتناع مذاكرته.
_______________
جزء من محاضرة : ( احرص على ما ينفعك ) للشيخ : ( عائض القرني )