ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    روجيه غار ودي - مَنْ أكون في اعتقادكم ؟

    تاج العروبة (الفوهرر)
    تاج العروبة (الفوهرر)
    فيلسوف ثمار الأوراق
    فيلسوف ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 598
    العمر : 40
    الموقع : العراق
    العمل/الترفيه : خريج كليه الاداب - قسم الفلسفة
    المزاج : الارادة مفتاح النصر
    نقاط : 104
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    روجيه غار ودي - مَنْ أكون في اعتقادكم ؟ Empty روجيه غار ودي - مَنْ أكون في اعتقادكم ؟

    مُساهمة من طرف تاج العروبة (الفوهرر) الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 8:07 pm

    روجيه غار ودي - مَنْ أكون في اعتقادكم ؟


    روجيه غار ودي المفكر والفيلسوف الفرنسي المولود في فرنسا سنة 1913 أشهر من أن يعّرف إلى عالمنا العربي، خاصة بعد أن أشهر إسلامه سنة 1982 وأصبح يُعرف باسم « رجاء غار ودي». عاش عمراً طويلاً ينَّظر للاشتراكية والماركسية قبل أن يعتنق الإسلام ،
    وهو خصم عنيد للصهيونية ويرى أن ادعاء اليهود حدوث محرقة تعرضوا لها خلال الحرب العالمية الثانية شملت ستة ملايين يهودي أمر مبالغ فيه جداً وهو الأمر الذي أكّده في كتبه التي زادت على الخمسين كتاباً واضطره ذلك إلى مواجهة المحكمة الفرنسية سنة 1988 بدعوى معاداته للسامية، وحكم عليه بغرامة مالية قدرها 50 ألف دولار.

    ومن أطرف ما يذكره رجاء غار ودي كيفية نجاته من الموت حين أسر من قِبل النازيين في الجزائر خلال الحرب العالمية الثانية في الفترة ما بين 1940- 1943، فقد قضت الأوامر بإطلاق النار عليه وهو في المعتقل غير أن الحراس الجزائريين رفضوا تنفيذ الأوامر وذلك لإيمانهم بأن ليس من شرف المحارب أن يطلق الرجل المسلح النار على أعزل .

    وفي روايته « مَنْ أكون في اعتقادكم » يتحدث غار ودي عن الجيل الضائع بعد الحرب لذا يقول :« إن بطلي الرئيسي ينتمي إلى جيل يبهرني .. الجيل الذي ولد منتصف القرن تماماً، وقد بلغ الثامنة عشرة سنة 1968، وسيبلغ الخمسين سنة 2000، ولقد عرف المخدرات واشترك في العصابات وسلك طريق « كاتماندو» وعانى أحلام تشي غيفارا، وكذلك قلق العصر النووي.
    لقد بدأ كلَّ شيء مبكراً جداً.. ربما وأنا في السادسة من عمري. إنَّ صورة العنف الأولى، الساذجة جداً، التي لا تزال تلاحقني مع ذلك هي صورة لبلابه وردية وبيضاء.. كانت اللبلابة تومئ إليَّ، كانت تبتسم لي بعذوبة مداعبة وكنت أجيبها ببسمة. بالاختصار، بداية حياتي .. زهاء عشرين عاماً من السأم والتمرد.
    لم يكن بي جوع للحياة بعد إلا جوع الانتقام. كنا نسرق، وللمرة الأولى في حياتي أحسست أني سعيد مع العصابة، حس المشاركة، كانت السرقة كل يوم هي المأثرة، التجديد، المخاطرة، والانحراف كما يقولون. وكانت في نظري نقيض المدرسة والأسرة والجيش ونظام العمل المسلسل.. كانت هي الحرية..!


    ويعيش بطل الرواية مع رفاقه وفي مقدمتهم صديقته بالونا وعددهم جميعاً سبعة، وهم العملاق واثنان من أصغر الشبان وبالونا والحطابان وهو، يعيش لحظات مطاردة شرسة من قبل الميليشيا والجيش وسط الغابة حيث يقوم الحطابان إن بفتح ثغرات عبر الأدغال لم يسبق لقدم إنسان أن وطئتها.

    ويقول العملاق مشجعاً رفاقه: إن أخطرالاعداء هو الخوف. والأمر الجوهري هو ألا ننتظر المسيح.. إن البشر لا يموتون حقاً إلا إذا فقدوا مبرراتهم في الحياة، وهذا وحده ما يجعلني أعيش بعد.

    ألف من رجال الميليشيا والجيش يقتفون أثر السبعة في مضيق حول شلال بأسفل الجبل، يطاردون ستة من الرجال وامرأة نهشهم الجوع الحقيقي، والغاية أن يصلوا أعلى القمة التالية لتحديد طريقهم في الهرب .. اثنان منهما تزل قدم أحدهما فيسحب الثاني معه نحو القاع ويبقى خمسة، امرأة وأربعة رجال. ولكن المطاردة تنتهي بمقتل العملاق وأسر الآخرين حيث يأمر القائد بتجريد بالونا من ملابسها وإباحتها لجنده ثم يقوم باغتصابها هو قبل أن يقتلها.يُعزل بطل الرواية في مشفى للأمراض النفسية بانتظار تسليمه لبلده بعد مفاوضات ومساومات،
    وهناك في بلده ينقل إلى جزيرة معزولة فيها مفاعل نووي يواجَه بمعارضة قوية لبنائه.. تمرد في الجزيرة.. اضطرابات.. حريق.. جنون القتل.. ثورة.. قادة الثورة.. ودم ولهيب. وسط صيحات: الطاقة الذرية الممركزة تقودنا إلى نظام بوليسي.. ..« سنقرأ عليكَ الحكم الذي سيبرئك. » ويرد عليهم: هل يناسبكم جميعاً أن أكون مجنوناً وألاّ أكون قد ارتكبت أية جريمة. وألاّ يكون ما تسمونه اعترافاتي إلا تخيلات وخزعبلات خادعة.؟!!..

    لم يكن باقياً لي بعد إلا أن أموت أمام نفسي، أمام مشاريعي، أمام قدري. أما قائد الشرطة فكان قد أفضى بي إلى قاع اليأس، حتى الجنون. عليَّ أن أكون ما كان هذا الشعب ينتظره مني، كان بحاجة وهو في تلك المرحلة من كفاحه إلى بطل، إلى نبي، ولم يكن شيء قد أعدنّي لهذه المهمة. لقد كان كافياً بمناسبة محاكمة مبتذلة أن يطرح رجل هومع ذلك قاتل سؤال « اللماذا » حتى ينهار عالم لا هدف له..

    وردا على العصيان والثورة قامت القاذفات بقصف الجزيرة وأصابت إحدى القذائف المحطة النووية في الصميم، صعد بعدها الدخان لبضعة كيلومترات ثم انتشرت بقعة الفطر السوداء وامتد قطاع الموت على مسافة أربعين كيلومتراً. توقفت الحياة في كل مكان، فيلم من أفلام الرعب الحقيقية. مئات الحرائق، دمروا كل شيء وخمسة وعشرون ألف قتيل في الساعات الأولى وبات الخوف من تفشي الأوبئة مع كل تلك الجاثمين والتشوهات، لقد أصبح الجميع على أرض الجزيرة ينتمون إلى هذه الفوضى، غرباء في عالم الأموات.

    وتساءل البعض هل سنصّنف منطقة ملوثة مثل ناجازاكي بعد القنبلة. ولكن ليس ثمة من يرغب في إجلاء الناس هناك، بعدها وضع الجميع تحت رحمة الحصار والحجر الصحي بعد أن باتوا وباءً محتملاً.. استمر الحصار لعشرين عاماً. وهناك عاش جيل اللاعودة.
    وفي خضم الإحداث هرب من تمكن من الهرب، ومن شدّة الذعر ترك البعض أولادهم أو ماتوا وتركوهم للضياع والتيه، استطاع بطلنا أن يتبنى طفلين ولد سمى نفسه مارك وفتاة لم تعرف اسمها فسماها بالونا إحياءً لذكرى حبيبته وشاهدهما يكبران مع الجزيرة. أحب مارك بالونا الجميلة


    ولكن هواها كان مع دانيال الموسيقار والرسام ابن ألخوري، ظلَّ مارك مخلصاً لحبه حتى أنها عندما تعرضت لحادث وهي تراقص دانيال فداها بدمه فعاشت هيَّ وفقد مارك حياته، وهو الأمر الذي جعلها تًصدم لعظمة حب مارك لها ثم عزفت عن علاقتها بدانيال رغم وجود الجنين في أحشائها. وحين ولدت أسمت ابنها « مارك » لأنها عرفت في مارك الحب الكامل والحقيقي ولكن بعد موته.

    بلغ بطل الرواية الذي لم يجعل له المؤلف سميا لأنه أراد أن يكون أي واحد منا، بلغ الخمسين، شاخ فيها قبل أوانه وهو يتذكر كيف كان يجب أن يُحكم عليه بالموت قبل عشرين عاماً. ويتذكر الثورة وقد آمن أن الطرق المختصرة تكلف الثورات غالياً، حتى أنه كان يقوم بمشاهدة صوره عبر تلك الفترة لجرد أخطائه ويرى فيها مرآة للأمل المكسور.

    وخلال تلك السنوات الطويلة تكّيف البعض مع طبيعة الجزيرة وقام بعضهم باختراعات علمية متطورة كما اكتشف البعض الآخر طرقاً لحل مشكلة المجاعة في العالم وكانوا يودون لو يبادلون هذه الاختراعات والاكتشافات بحريتهم واكتساب حقوقهم ليكونوا أسياد بلدهم غير أن الرد كان إنذاراً أرسلته القارة بالراديو والتقطته ألوف الأجهزة لاحتلال الجزيرة على الرغم من معرفتهم بعدم وجود جيش أو قوة تقاومهم. ارتأى البعض أن يواجهونهم خاصة وأنهم متحدون في وجه التعذيب والجوع والتنكيل والموت :
    « فهم يريدون تدميرنا اليوم بعد عشرين عاماً من الحصار لأن وجودنا بات يفضح ضلالهم. »

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 11:28 pm