ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    نهاية الملكية العراقية - الجزء الثاني

    تاج العروبة (الفوهرر)
    تاج العروبة (الفوهرر)
    فيلسوف ثمار الأوراق
    فيلسوف ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 598
    العمر : 40
    الموقع : العراق
    العمل/الترفيه : خريج كليه الاداب - قسم الفلسفة
    المزاج : الارادة مفتاح النصر
    نقاط : 104
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    نهاية الملكية العراقية - الجزء الثاني Empty نهاية الملكية العراقية - الجزء الثاني

    مُساهمة من طرف تاج العروبة (الفوهرر) الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 7:52 am

    نهاية الملكية العراقية - الجزء الثاني

    الساعات الاخيرة للملك فيصل الثاني
    في يوم الاحد المصادف الثالث عشر من تموز 1958 كان الملك فيصل الثاني متواجداً في القصر الملكي مجتمعاً مع عائلته وبعض الزوار وقد احيّوا حفلا عائليا صغيرا بمناسبة عيد ميلاد الملك ، تخللته فقرات ترفيهية من أحد السحرة البهلوانيين الذي استقدمه الامير عبد الاله وكان مدعوا للحفل عدد من المقربي بضمنهم قائد الفرقة الثالثة الفريق غازي الداغستاني والتي انطلقت منها الحركة دون علمه . وبعد الحفل كان الملك يتداول موضوع زواجه المرتقب وهّم بعض افراد الاسرة بوضع الترتيبات الخاصة بسفرالملك إلى تركيا ثم إلى بريطانيا ، حيث من المقرر ان يلتقي خطيبته وفي لندن . كان الملك الشاب الذي يبلغ من العمر 23 سنة ً يعاني من الربو، هاديء في طبعه مثقف خجول إلى حد ما وكانت له نزعة وطنية مبنية على حبه للعراق ، كان يقتدي بسيرة والده الملك غازي المعروف بمناصبته العداء لبريطانيا والذي قتل هو الاخر في حادث اصطدام سيارة غامض عام 1939. وكان يؤثر عليه وعلى قراراته بشكل خطير خاله الوصي السابق على العرش . وكان من المقرر أن يلتقي الملك فيصل الثاني بخطيبته الاميرة فاضلة في لندن حيث تقرر زواجهما خلال شهرين ، وكان مقررا أن يرافقه في سفره رئيس وزرائه نوري السعيد وبعض الوزراء بصمنهم غازي الداغستاني قائد الفرقة الثالثة الذي قام أحد الالوية التابعة له بالقيام بالحركة . ومن العائلة كان سيرافقه بعض أميرات الاسرة وأزواجهن. كان الملك طوال الامسية منتشياً بسبب خططه على المستوى العئلي بالزواج وعن القصر الذي يشرف عاى تشييده في كرادة مريم ، والذي صادرته الدولة بحد اعلان الجمهورية ، حيث تم تتوسيعه واكماله وافتتاحه عام 1965 ليكون القصر الجمهوري كمقر رسمي ومكتب رئيس الجمهورية ، والذي تم احتلاله من قبل القوات الاميركية عام 2003 والتي حولته إلى السفارة الاميركية.

    كان الملك قد خطط الانتقال للقصر الجديد ليكون مقره وسكنه بعد زواجه وهي خطوة منه لفصل نفسه وقراراته وسياسته عن الوصي السابق عبد الاله ، ليبدا بسياسة جديدة نابعة من فهمه ومبادئه . ومن المفارقات كانت خاله الاميرة هيام تبدي ملاحظاتها المتكررة للملك بأن يذكر عبارة " ان شاء الله " ، حيث علق مازحا ، "نعم نعم.. ان شاء الله .. ان شاء الله ، ولكن لماذا هذا الالحاح وكأننا سنموت غدا؟ "
    وقبل ظهر ذلك اليوم استقبل الملك بعض زائريه في مكتبه وتناول طعام الغداء مع أغلب افراد أسرته ، ودخل جناحه الخاص للاشراف على اعداد حقائب السفر. ورغم الاجواء المرحة للمناسبة السعيدة والذي ساد اجتماع افراد الاسرة وهم يتناولون الشاي فان شيئا من القلق والتوجس كان يسيطر على مشاعر بعض الاميرات وبخاصة الاميرتان عابدية وبديعة. وقبل الغروب بحوالي الساعة وصلت سيارة شاهدها أفراد العائلة وهم جالسون في شرفات القصر، توقفت وترجل منها ضابط يحمل رسالة سلمها للملك، تطلع اليها الملك مليا وقد اكتسى وجهه بالوجوم طالباً الاتصال بطيار الملك الخاص المقدم جسام لجلب الطائرة المروحية في باحة القصر. وناولها إلى الامير عبدالاله الذي لم يقدر على اخفاء ارتباكه حال الاطلاع عليها, موجها الملك بانه لاداعي للطائرة للهرب وانه سيتصرف لمعاقبة القطعات المتمردة لانه عرف من اين انطلقت ويشتبه ببعض عناصرها ، ثم استأذن الحاضرين وخرج من القصر.
    كانت الرسالة من مدير الامن العام تتضمن معلومات مقتضبة تفيد بوجود تحركات مريبة من قبل الجيش، دون ايراد تفاصيل، وكان خروج عبدالاله من القصر لكي يستدعي مدير الامن العام ليبحث معه مصادر المعلومات وماهية هذه التحركات. لكن الوقت كان مثل السيف، ولم يتح فرصة كافية لاحتواء الموقف، وحينما عاد عبدالاله إلى القصر تاركا التحقيق في الامر إلى اليوم التالي، كان تحرك اللواء العشرين بقيادة عبد السلام عارف على طريق جلولاء- بغداد قد بدأ. وأصبح حكم القدر قاب قوسين عن قصر الرحاب. وكان الملك الشاب يحاول اخفاء هواحسه التي تنطوي عليها تساؤلات الاميرات عن سبب غياب الوصي ومحتوى الرسالة. وبعد العشاء عانق الملك خالاته وقريباته من الاميرات عناقا كان يبدو وكأنه الوداع الاخير او العشاء الملكي الاخير. ثم توجه الملك إلى جناح نومه أملا للنهوض مبكرا استعدادا ليوم عمل شاق يتخلله التحضير للسفر. وما أن حان منتصف الليل حتى أطفئت انوار قصر الرحاب. بانتظار صباح جديد.
    وفي حدود الساعة الخامسة من يوم الاثنين صباح 14 يوليو/ تموز من ذلك العام استيقظ الجميع على أصوات طلقات نارية. هب الجميع فزعين: الملك والوصي والاميرات والخدم. وخرج أفراد الحرس الملكي إلى حدائق القصر يستقصون مصدر النيران. وازداد رشق الرصاص والاطلاق نحو جهة القصر. ولم يهتد الحرس إلى مصدر النيران في البداية. وخرج الملك فيصل من جناحه وقد ارتدى ملابسه، وخاطب الحراس من أعلى الشرفة مستفسرا عما حصل. ومن شرفة قريبة طلب عبدالاله من حراس آخرين بأن يذهبوا إلى خارج القصر ليروا ماذا حصل. وعاد الحراس ليخبروا الملك الواقف على الشرفة مع أفراد الاسرة بانهم شاهدوا عددا من الجنود يطوقون القصر. وبع استفسار الملك عن الموضوع اخبره آمر الحرس الملكي بان اوامر صدرت لهم بتطويق القصر والمرابطة أمامه.
    وسرعان ما انهال الرصاص ورشقات الرصاص على القصر. وتراجع الجميع إلى الداخل ليتبادلوا الرأي حول ما حدث. وقال عبدالاله انه يعتقد أن هذه حركة مسلحة لقلب نظام الحكم . قام الملك وعبد الاله بعدد من الاتصالات مع بعض الامرين طالبين منهم استجلاء الموقف والتحرك السريع وجائت التطمينات بان القطعات الموالية ستجري اللازم للتصدي للمهاجمين مما طمأن الملك وعائلته بالبقاء في القصر وعدم الاتحصن والاختباء في اماكن أكثر امنا ، الا انه في حقيقة الامر كانت القطعات الموالية للملك تشتبك بصعوبة مع القوات الحركة المهاجمة في مواقع مختلفة من العاصمة لان قوات عبد السلام عارف امنت عنصر المباغتة وسيطرت على أهم المواقع الاستراتيجية في العاصمة قبل تحرك القوات الموالية للملك.
    دخل آمر الحرس الملكي مستأذنا مقابلة الملك، ليخبره بان الجيش قام بحركة عسكرية. وقد اخبر امر الحرس الملك بان قوات الحرس المرابطة حولة مشتبكة مع المهاجمين. وقد استفسر الامير عبد الاله من امر الحرس الملكي عن هوية المهاجمين فذكر له أسماء بعضهم ممن وردت اسمائهم من قبل المهاجمين ، وسارع الملك عبد الاله لفتح المذياع لسماع البيان الاول للحركة وصوت عبد السلام عارف كالرعد يشق مسامعهم ومع مرور الوقت سريعاً بدأت تتوالى بيانات الثورة وترد أسماء الضباط المساهمين بالحركة.
    وفي المرة الثانية اخبر آمر الحرس الملكي الملك بان قطعات الجيش المتمردة سيطرت على النقاط الرئيسية في بغداد واعلنوا الجمهورية وأنهم يطلبون من العائلة الملكية تسليم نفسها. وقد حققت سيطرة عبد السلام عارف على أهم المواقع الاستراتيجية في العاصمة قبل تحرك القوات الموالية للملك و اذاعة عبد السلام عارف شخصيا للبيان الاول اسهم باعطاء الانطباع بان كل شيء قد انتهى ، وان الخطوة الاخير للنظام هي الاستسلام.
    وبعد ان اصبح القتال حول القصر الملكي أكثر ضراوةً وتوالي اعلان بيانات الحركة الرنانة ذات الشعارات الثورية والتي كانت تعقبها مارشات عسكرية واناشيد وطنية واهازيج عراقية تلتها انشودة "الله اكبر" و "اخي جاوز الضالمون المدي" للموسيقار محمد عبد الوهاب وبعض اناشيد الاخرى المؤثرة كانشودة "والله زمان ياسلاحي" لام كلثوم والذي اصبح لاحقا السلام الجمهوري للعراق ومصر وسوريا لمدة عشرين سنة.
    وتذكر بعض المصادر الضعيفة بان الاميرعبدالاله حاول الاتصال تلفونيا بعبدالسلام عارف للتفاوض الا انه اخفق بالتعرف على مكان تواجده. وقد فوجيء الملك وعبد الاله براديو بغداد وهو يذيع اسم العميد ناجي طالب مرافق الملك السابق من بين أسماء الحكومة الجديدة .
    وعلى وقع تسارع الاحداث وحصار الملك واسرته ، توصلت العائلة الملكية بعد مداولة مرتبكة بانه لامانع لديهم من الرحيل من البلد اذا كانت رغبة قادة الحركة ذلك.
    اشتد الرمي على القصر، وشعرت العائلة الملكية بحصار ينذر بالموت. فيما كان العقيد الركن عبدالسلام عارف يذيع البيانات المتتالية للحركة ويدعو الناس لمؤازرة النظام الجمهوري الجديد بصد هجوم القطعات الموالية للنظام الملكي والهجوم على ما تبقى من معاقله.
    وعند الساعة الثامنة صباحا اعلن الملك استسلامه وطلب منه الخروج مع من معه ، ودخل أحد الضباط المهاجمين إلى القصر لاستقبال الملك وعائلته وهو الضابط عبدالستار سبع العبوسي, وخرج مع الملك كل من الامير عبد الاله وامه الملكة نفيسة جدة الملك والأميرة عابدية زوجه عبد الاله ، ثم الأميرة هيام اخته ، والوصيفة رازقية وطباخ تركي واحد المرافقين واثنان من عناصر الحرس الملكي.
    خرج الجميع يتقدمهم المقدم محمد الشيخ لطيف ، والعقيد طه و النقيب مصطفى عبدالله الذي كان متوترا وبعض الضباط الاخرين . وبعد تجمع الاسرة في باحة صغيرة في الحديقة فتح النار النقيب عبد الستار سبع العبوسي بدون أي اوامر من الضباط الارفع رتبة والذي كان بمعيتهم ، وهو في خلف الجمع وقد اصاب الملك في مقتل برصاصتين في راسه ورقبته واصيب الامير عبد الاله في ظهره ثم لفي حتفه هو الاخر وتوفيت على الفور الملكة نفيسة والاميرة عابدية وجرخت الاميرة هيام في فخذها. وتذكر بعض المصادر بان حادث اطلاق النار جاء بطريق الخطا من قبل الحرس الملكي الذي رد عليه المهاجمون وكانت العائلة الملكة في منتصف خط الرمي. وتذكر مصادر اخرى بان حالة الحماس والارتباك حملت بعض الضباط من صغار الرتب من غير المنضبطين ومن ذوى الانتماءات الماركسية بالشروع باطلاق النار.
    وتوفي أحد عناصر الحرس الملكي بعدة طلقات نارية صرعته فوراً، وجرحت الوصيفة رازقية ، وقتل الطباخ التركي ، وقتل أحد افراد المرافقين في المكان ذاته. واصيب وقتل عدد من ضباط ومراتب الحرس الملكي .

    ومن القوة المهاجمة اصيب النقيب مصطفى عبدالله بطلقة نارية بصدره ، و النقيب حميد السراج ، وقد أصابته طلقة نارية في كعب قدمه، وسقط ضابط صف برتبة رئيس عرفاء قتيلاً من المهاجمين ، أما الأميرة هيام فقد تم اخلائهما إلى المستشفى الملكي لمعالجتها ومعها الوصيفة رازقية حيث شفيتا من جراحهما.
    وتم نقل الجثامين إلى دائرة الطب العدلي في المستشفى المدني في الباب المعظم حيث ووريت جثث النساء في المقبرة المجاورة. واحيل باقي الجرحى إلى مستشفى الرشيد العسكري عدا جثة الامير عبد الاله التي تم سحلها ثم تعليقها على باب وزارة الدفاع في نفس المكان الذي اصدر اوامره باعدام الضباط الاربعة الوزراء في ثورة رشيد عالي باشا الكيلاني عام 1941 .
    وفي مستشفى الرشيد العسكري حيث نقلت جثة الملك إلى إحدى غرف العمليات، للتحقق من وفاة الملك. وفي مساء اليوم نفسه حفرت حفرة قريبة من المستشفى في معسكر الرشيد، وأنزلت فيها الجثة واهيل عليها التراب، ووضعت بعض العلامات الفارقة معها لتدل على مكانها فيما بعد، ثم تم نقل الجثة بشكل خفي ودفنها في المقبرة الملكية في الاعظمية في مكان خفي يقال تحت احدى الممرات خوفا من الغوغاء والعابثين من نبش القبر.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 15, 2024 2:57 am