عرف عصرنا ـ عصر الانكسار في تاريخ هذه الأمة ـ مجموعة من الهدّامين الذين أُتيحت لهم الفرص للظهور والانتشار وارتقاء أعلى المناصب والرُتب في حياتنا الثقافية والفكرية، ولم يكن مصادفة أن يُعطي "طه حسين" لقب "عميد الأدب العربي" بعد أن شكّك في القرآن، ونفى صفة العروبة عن مصر وقال إنّها إغريقية التفكير أوربية الانتماء، ولم يكن مصادفة أن يُعطى "أحمد لطفي السيّد" لقب "أستاذ الجيل" بعد أن دعا إلى فرعونية مصر وأيّد النزعات الشعوبية ودعا إلى العامية وفتن بالفلسفة الإغريقية وأضاع جيلاً كاملاً قبل أن يتوب عن ذلك كله ويصبح رئيساً لمجمع اللغة العربية التي حاربها.
وارتفع نجم "سلامة موسى" القبطي كداعية للتحرر من قيود العادات الاجتماعية واستتر وراء راية الماركسية التي كانت في ذلك الوقت "موضة" العصر واشتهر بمجاهداته العدائية للإسلام.
دعا سلامة موسى إلى اعتماد اللهجات العامية كلغات رسمية للبلدان العربية وأعطى دعوته عدّة عناوين برّاقة ولامعة كتلك التي يجيدها الشيوعيون في كل مكان، وكان يريد الأمة العربية أن تتمزّق كما تمزّقت أوربا حين اتخذت كل دولة من لهجتها لغة رسمية تكتب بها أدبها وتعيش بها حياتها اليومية، وقضى سلامة موسى ولم تجد دعوته صدى إلا لدى قلّة من المرضى بهوس الغرب وضعاف النفوس من عملاء الثقافة الغربية والحملات التبشيرية.
خلفه "لويس عوض" الذي مات في أغسطس 1990م بعد أن ظلّ يهدم بقلمه في تاريخ هذه الأمة وتراثها ولغتها لأكثر من أربعين عاماً ولم يفلح!! لقد هلك قبل أن ينجح في زحزحة حرف عربي عن مكانه، ومما يورث في القلب حزناً مقيماً أن الكثير من الصحف العربية قد نقلت خبر وفاة الرجل وكأنّها خسارة جسيمة للفكر العربي الإسلامي!! فإن كان هذا جهلاً بحقيقة الرجل، فإنّ هذه واحدة من أكبر المصائب التي مُنيت بها هذه الأمة في عصر الانكسار، ولقد لفت نظري ما نشرته جريدة "الشرق الأوسط" بتاريخ 29/10/1990م عدد "4353" عن "ندوة لويس عوض بهيئة الكتاب المصرية" كان خير من تحدّث فيها الناقد الكبير الدكتور عبدالقادر القط والأستاذ سامي خشبة، ووضع الدكتور القط النقاط على الحروف حيث تحدّث عن سطحية مفاهيم لويس عوض للشعر حين قال :"كان لويس عوض قد رأي في ديوانه الأول أنّ الشعر العربي قد مات بموت شوقي، ولم يقل لنا ما هو هذا الشعر الذي مات، ولذلك تولّد نوع من التناقض في رؤيته للشعر؛ لأنّه رفع شعارات وعبارات حماسية فقط ولم يذهب أبعد من ذلك".
أما الأستاذ سامي خشبة فقد قال :" إنّ علاقة لويس عوض بالتراث العربي كانت واهية وضعيفة ولم يكلّف نفسه عناء قراءته" بل إنّه قال "إنّ لويس عوض لم يكن يجيد حتى قراءة النص الشعري" ثمّ لخص نتيجة جهاد لويس عوض في الحياة الأدبية بالكلمة التالية: "لقد كانت كتاباته عن الثقافة العربية على درجة كبيرة من السطحية والضعف والوهن.. ولذلك أعتقد ـ والكلام لسامي خشبة ـ أن دوره الفكري سينتهي مع مرور السنوات ومع ظهور أجيال جديدة أكثر اعتماداً على المناهج العلمية وأعمق معرفة بالثقافة العربية" .
وهذه كلمة حق قالها ناقد محايد لم نعرف عنه عداوة للويس عوض، ولو قال هذه الكلمة قلم إسلامي جهير الصوت لانبرى له العلمانيون بالقول إنّه متحامل ومتعصّب.. وغيرها من النعوت التي يطلقونها على كل من يشمّون منه رائحة الإسلام.
لقد مضى لويس عوض كما مضى من قبله سلامة موسى وغيره، وذهبت معهم جهودهم في الكيد للغة العربية هباء، وما وعوا قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. وأن كيدهم يرتد إلى نحورهم وأنّهم ليسوا أول هادم ولا آخر هادم في تاريخ أمّة الإسلام، ولكن تظل الحقيقة: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ}.
*************************************************************************
من مقال( الهدّامون.. ضجة بلا طائل)00د.محمد أبو بكر حميد
وارتفع نجم "سلامة موسى" القبطي كداعية للتحرر من قيود العادات الاجتماعية واستتر وراء راية الماركسية التي كانت في ذلك الوقت "موضة" العصر واشتهر بمجاهداته العدائية للإسلام.
دعا سلامة موسى إلى اعتماد اللهجات العامية كلغات رسمية للبلدان العربية وأعطى دعوته عدّة عناوين برّاقة ولامعة كتلك التي يجيدها الشيوعيون في كل مكان، وكان يريد الأمة العربية أن تتمزّق كما تمزّقت أوربا حين اتخذت كل دولة من لهجتها لغة رسمية تكتب بها أدبها وتعيش بها حياتها اليومية، وقضى سلامة موسى ولم تجد دعوته صدى إلا لدى قلّة من المرضى بهوس الغرب وضعاف النفوس من عملاء الثقافة الغربية والحملات التبشيرية.
خلفه "لويس عوض" الذي مات في أغسطس 1990م بعد أن ظلّ يهدم بقلمه في تاريخ هذه الأمة وتراثها ولغتها لأكثر من أربعين عاماً ولم يفلح!! لقد هلك قبل أن ينجح في زحزحة حرف عربي عن مكانه، ومما يورث في القلب حزناً مقيماً أن الكثير من الصحف العربية قد نقلت خبر وفاة الرجل وكأنّها خسارة جسيمة للفكر العربي الإسلامي!! فإن كان هذا جهلاً بحقيقة الرجل، فإنّ هذه واحدة من أكبر المصائب التي مُنيت بها هذه الأمة في عصر الانكسار، ولقد لفت نظري ما نشرته جريدة "الشرق الأوسط" بتاريخ 29/10/1990م عدد "4353" عن "ندوة لويس عوض بهيئة الكتاب المصرية" كان خير من تحدّث فيها الناقد الكبير الدكتور عبدالقادر القط والأستاذ سامي خشبة، ووضع الدكتور القط النقاط على الحروف حيث تحدّث عن سطحية مفاهيم لويس عوض للشعر حين قال :"كان لويس عوض قد رأي في ديوانه الأول أنّ الشعر العربي قد مات بموت شوقي، ولم يقل لنا ما هو هذا الشعر الذي مات، ولذلك تولّد نوع من التناقض في رؤيته للشعر؛ لأنّه رفع شعارات وعبارات حماسية فقط ولم يذهب أبعد من ذلك".
أما الأستاذ سامي خشبة فقد قال :" إنّ علاقة لويس عوض بالتراث العربي كانت واهية وضعيفة ولم يكلّف نفسه عناء قراءته" بل إنّه قال "إنّ لويس عوض لم يكن يجيد حتى قراءة النص الشعري" ثمّ لخص نتيجة جهاد لويس عوض في الحياة الأدبية بالكلمة التالية: "لقد كانت كتاباته عن الثقافة العربية على درجة كبيرة من السطحية والضعف والوهن.. ولذلك أعتقد ـ والكلام لسامي خشبة ـ أن دوره الفكري سينتهي مع مرور السنوات ومع ظهور أجيال جديدة أكثر اعتماداً على المناهج العلمية وأعمق معرفة بالثقافة العربية" .
وهذه كلمة حق قالها ناقد محايد لم نعرف عنه عداوة للويس عوض، ولو قال هذه الكلمة قلم إسلامي جهير الصوت لانبرى له العلمانيون بالقول إنّه متحامل ومتعصّب.. وغيرها من النعوت التي يطلقونها على كل من يشمّون منه رائحة الإسلام.
لقد مضى لويس عوض كما مضى من قبله سلامة موسى وغيره، وذهبت معهم جهودهم في الكيد للغة العربية هباء، وما وعوا قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. وأن كيدهم يرتد إلى نحورهم وأنّهم ليسوا أول هادم ولا آخر هادم في تاريخ أمّة الإسلام، ولكن تظل الحقيقة: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ}.
*************************************************************************
من مقال( الهدّامون.. ضجة بلا طائل)00د.محمد أبو بكر حميد
عدل سابقا من قبل أحمد في الثلاثاء مارس 04, 2014 10:46 pm عدل 1 مرات