عبادة بن الصامت رضي الله عنه " ارجع الى مكانك ، فقبح الله أرضاً ليس فيها مثلك " عمر بن الخطاب عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي من أوائل من أسلم بالمدينة المنورة
وبايع الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- بيعتي العقبة الأولى والثانيـة ، واختاره النبي -صلى اللـه عليه وسلم- ضمن الاثنى عشر نقيبا الذين قاموا بنشر الإسلام بين الأوس و الخزرج000 بني قينقاع كانت عائلة عبادة -رضي الله عنه- مرتبطة مع يهود بني قينقاع بحلف قديم ، حتى كانت الأيام التي تلت غزوة بدر وسبقت غزوة أحد ، فشرع اليهود يتنمرون ، وافتعلوا أسبابا للفتنة على المسلمين ، فينبذ عبادة عهدهم وحلفهم قائلا :( إنما أتولى الله ورسوله والمؤمنين )000فيتنزل القرآن محييا موقفه وولائه قائلا في آياته :(000 ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )000 فضله كان له شرف الجهاد في بدر الكبرى و ما تلاها من غزوات ، واستعمله الرسول -صلى الله عليه وسلم- على بعض الصدقات وقال له :( اتقِ الله يا أبا الوليد ! اتقِ لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة لها ثواج )000فقال :( يا رسـول اللـه ! إن ذلك كذلك ؟!)000قال :( إي والذي نفسي بيده إن ذلك لكذلك إلا مَنْ رحِم الله عزّ وجل )000فقال :( فوالذي بعثك بالحق لا اعمل على اثنين أبداً )000 القرآن وكان عبادة -رضي الله عنه- ممن جمع القرآن في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكان يُعلّم أهل الصّفّة القرآن الكريم ، وفي عهد أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- كان أحد الذين شاركوا في جمع القرآن الكريم ، ولمّا فتح المسلمون الشام أرسله عمر بن الخطاب وأرسل معه معاذ بن جبل وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفقهوهم بالدين ، وأقام عبادة بحمص وأبو الدرداء بدمشق ومعاذ بفلسطين ، ومات معاذ عام طاعون عمواس ، وصار عبادة إلى فلسطين ، وكان عبادة أول من ولي قضاء فلسطين000 موقفه من معاوية كان -رضي الله عنه- يقول :( بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ألا نخاف في الله لومة لائم )000لذا كان يعارض سياسة معاوية في الحكم والسلطان ، فعبادة بن الصامت كان من الرعيل الأول الذي تربى على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وكانت أنباء هذه المعارضة تصل قدوة الى كافة أرجاء الدولة الإسلامية ، ولما زادت الهوة بينهما قال عبادة لمعاوية :( والله لا أساكنك أرضا واحدة أبدا )000وغادر فلسطين الى المدينة ، ولكن الخليفة عمر -رضي الله عنه- كان حريصا على أن يبقى رجل مثل عبادة الى جانب معاوية ليكبح طموحه ورغبته في السلطان ، لذا ما كاد يرى عبادة قادما الى المدينة حتى قال له :( ما الذي جاء بك يا عبادة ؟)000فلما أقص عليه ما كان بينه وبين معاوية قال عمر :( ارجع الى مكانك ، فقبح الله أرضاً ليس فيها مثلك )000ثم أرسل عمر الى معاوية كتابا يقول فيه :( لا إمرة لك على عبادة )000فعبادة أمير نفسه000 قول الحق مرّت على عبادة -رضي الله عنه- قِطارة وهو بالشام ، تحمل الخمر فقال :( ما هذه ؟ أزيت ؟ )000قيل :( لا ، بل خمر يُباع لفلان)000فأخذ شفرةً من السوق فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلا بقرها ، وأبو هريرة إذ ذاك بالشام فأرسل فلان إلى أبي هريرة فقال :( ألا تمسك عنّا أخاك عُبادة بن الصامت ، أمّا بالغـدوات فيغدو إلى السـوق فيفسد على أهل الذمّـة متاجرهم ، وأمّا بالعشـيّ فيقعد بالمسجد ليس له عمل إلا شتـم أعراضنـا وعيبنا ، فأمسك عنّا أخاك )000 فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عّبادة ، فقال :( يا عبادة ، ما لك ولمعاوية ؟ ذره وما حمل ، فإن الله تعالى يقول 000 تِلْكَ أمّةٌ قد خَلَت لها ما كسَبَتْ ولكم ما كسبتُم )000سورة البقرة آية (141)000 قال :( يا أبا هريرة ، لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، بايعناه على السمع والطاعة في النشاط و الكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب ، فنمنعه ممّا نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ، ولنا الجنة ، ومن وفّى وفّى الله له الجنة بما بايع عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه )000فلم يكلمه أبو هريرة بشيء فكتب معاوية إلى عثمان بالمدينة :( أن عُبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله ، فإمّا أن يكفّ عبادة وإمّا أن أخلي بينه وبين الشام )000فكتب إليه عثمان أن أرحله إلى داره من المدينة ، فقدم عبادة إلى المدينة ودخل على عثمان الدار وليس فيها إلا رجلٌ من السابقين بعينه ، ومن التابعين الذين أدركوا القوم متوافرين ، فلم يُفْجَ عثمان به إلا وهو قاعد في جانب الدار ، فالتفت إليه وقال :( ما لنا ولك يا عُبادة ؟)000فقام عُبادة قائماً وانتصب لهم في الدار فقال :( إني سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- أبا القاسم يقول :( سيلي أموركم بعدي رجال يُعرِّفونَكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون )000فلا طاعة لمن عصى الله ، فلا تضلوا بربكم ، فوالذي نفس عُبادة بيده أن معاوية لمن أولئك )000فما راجعه عثمان حرفاً000 الذهب بالذهب وكان عُبادة -رضي الله عنه- بالشام فرأى آنية من فضة يباع الإناء بمثلي ما فيه ، أو نحو ذلك ، فمشى إليهم عُبادة فقال :( أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا عبادة بن الصامت ، ألا وإنّي سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مجلس من مجالس الأنصار ليلة الخميس من رمضان ، لم يَصُم رمضان بعده يقول :( الذهب بالذهب مِثْلاً بمثْل ، سواء بسواء ، وزناً بوزن ، يداً بيد ، فما زاد فهو رِبا ، والحنطة بالحنطة ، قفيز بقفيز ، يدٌ بيدٍ ، فما زاد فهو ربا ، والتمر بالتمر ، قفيزٌ بقفيزٍ ، يد بيد ، فما زاد فهو رِبا )000فتفرّق الناس عنه ، فأتِيَ معاوية فأخبِرَ بذلك ، فأرسل إلى عُبادة فأتاه فقال له معاوية :( لئن كنت صحبت النبي -صلى اللـه عليه وسلم- وسمعت منه ، لقد صحبناه وسمعنا منه )000فقال له عُبادة :( لقد صحبته وسمعت منه )000فقال له معاوية :( فما هذا الحديث الذي تذكره ؟)000فأخبره فقال معاوية :( اسكـتْ عن هذا الحديـث ولا تذكـره )000فقال له عبادة :( بلى ، وإن رغم أنفُ معاوية )000ثم قام فقال له معاوية :( ما نجد شيئاً أبلغ فيما بيني وبين أصحاب محمد -صلى اللـه عليه وسلم- من الصفح عنهم )000 الهدية أُهديَت لعُبادة بن الصامت هديةٌ ، وإنّ معه في الدار اثني عشر أهل بيتٍ ، فقال عُبادة :( اذهبوا بهذه إلى آل فلان فهم أحوج إليها منّا )000فما زالوا كلّما جئتُ إلى أهلِ بيتٍ يقولون :( اذهبوا إلى آل فلان ، هم أحوج إليه منّا )000حتى رجعت الهدية إليه قبل الصبح000 بطولته أما بطولته العسكرية فقد تجلت في مواطن كثيرة000فعندما طلب عمرو بن العاص مددا من الخليفة لاتمام فتح مصر أرسل اليه أربعة آلاف رجل على رأس كل منهم قائد حكيم وصفهم الخليفة قائلا: (اني أمددتك بأربعة آلاف رجل000على كل ألف رجل منهم رجل بألف رجل) وكان عبادة بن الصامت واحدا من هؤلاء الأربعة الأبطال000 فتح مصر وقد تجلت مهارته كذلك في مفاوضاته للمقوقس حاكم مصر000ولم يتزحزح عن شروطه التي عرضها عليه بالاسلام أو الجزية أو القتال000فحاول المقوقس أن يطلب من الوفد المفاوض أن يختاروا واحدا غيره فلم يرضوا بغيره بديلا000واستؤنف القتال وتم فتح مصر وكان فتح الاسكندرية على يديه اذ أنها عاصمة مصر آنذاك000 فتح قبرص وعندما توجهت جيوش المسلمين بحرا لفتح جزيرة قبرص عام ( 28هجري 648م ) كان عبادة بن الصامت و زوجته أم حرام بنت ملحان من بينهم0وتحقق للمسلمين النصر وظفر عدد غير قليل من المسلمين بالشهادة ومن بينهم أم حرام التي استشهدت فور نزولها على البر فدفنت في الجزيرة ولايزال قبرها حتى الآن يعرف بقبر المرأة الصالحة000 وفاته ولمّا حضرت عبادة -رضي الله عنه- الوفاة قال :( أخرجوا فراشي إلى الصحن -أي الدار- )000ثم قال :( اجمعوا لي مَوَاليَّ وخدمي وجيراني ، ومن كان يدخل عليّ )000فجُمِعوا له ، فقال :( إنّ يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي عليّ من الدنيا ، وأول ليلة من الآخرة ، وإني لا أدري لعلّه قد فرط منّي إليكم بيدي أو بلساني شيء ، وهو -والذي نفس عبادة بيده- القِصاص يوم القيامة ، وإحرِّج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتصّ مني قبل أن تخرج نفسي )000فقالوا :( بل كنت مؤدباً )000قال :( اللهم اشهد )000 ثم قال :( أمّا لا فاحفظوا وصيّتي : أحرّج على انسانٍ منكم يبكي علي ، فإذا خرجت نفسي فتوضؤوا وأحسنوا الوضوء ، ثم ليدخل كلّ انسان منكم المسجد فيصلي ثم يستغفر لعبادة ولنفسه ، فإن الله تبارك وتعالى قال000 واسْتَعِينُوا بِالصّبْرِ والصّلاة000سورة البقرة آية (45)000 ثم أسرعوا بي إلى حفرتي ، ولا تُتبِعُني ناراً ، ولا تضعوا تحتي أرجواناً )000 وكان ذلك في العام الرابع والثلاثين -أو خمس وأربعين- من الهجرة ، توفي عبادة -رضي الله عنه- في فلسطين بمدينة الرملة ، تاركا في الحياة عبيره وشذاه000
وبايع الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- بيعتي العقبة الأولى والثانيـة ، واختاره النبي -صلى اللـه عليه وسلم- ضمن الاثنى عشر نقيبا الذين قاموا بنشر الإسلام بين الأوس و الخزرج000 بني قينقاع كانت عائلة عبادة -رضي الله عنه- مرتبطة مع يهود بني قينقاع بحلف قديم ، حتى كانت الأيام التي تلت غزوة بدر وسبقت غزوة أحد ، فشرع اليهود يتنمرون ، وافتعلوا أسبابا للفتنة على المسلمين ، فينبذ عبادة عهدهم وحلفهم قائلا :( إنما أتولى الله ورسوله والمؤمنين )000فيتنزل القرآن محييا موقفه وولائه قائلا في آياته :(000 ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )000 فضله كان له شرف الجهاد في بدر الكبرى و ما تلاها من غزوات ، واستعمله الرسول -صلى الله عليه وسلم- على بعض الصدقات وقال له :( اتقِ الله يا أبا الوليد ! اتقِ لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة لها ثواج )000فقال :( يا رسـول اللـه ! إن ذلك كذلك ؟!)000قال :( إي والذي نفسي بيده إن ذلك لكذلك إلا مَنْ رحِم الله عزّ وجل )000فقال :( فوالذي بعثك بالحق لا اعمل على اثنين أبداً )000 القرآن وكان عبادة -رضي الله عنه- ممن جمع القرآن في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكان يُعلّم أهل الصّفّة القرآن الكريم ، وفي عهد أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- كان أحد الذين شاركوا في جمع القرآن الكريم ، ولمّا فتح المسلمون الشام أرسله عمر بن الخطاب وأرسل معه معاذ بن جبل وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفقهوهم بالدين ، وأقام عبادة بحمص وأبو الدرداء بدمشق ومعاذ بفلسطين ، ومات معاذ عام طاعون عمواس ، وصار عبادة إلى فلسطين ، وكان عبادة أول من ولي قضاء فلسطين000 موقفه من معاوية كان -رضي الله عنه- يقول :( بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ألا نخاف في الله لومة لائم )000لذا كان يعارض سياسة معاوية في الحكم والسلطان ، فعبادة بن الصامت كان من الرعيل الأول الذي تربى على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وكانت أنباء هذه المعارضة تصل قدوة الى كافة أرجاء الدولة الإسلامية ، ولما زادت الهوة بينهما قال عبادة لمعاوية :( والله لا أساكنك أرضا واحدة أبدا )000وغادر فلسطين الى المدينة ، ولكن الخليفة عمر -رضي الله عنه- كان حريصا على أن يبقى رجل مثل عبادة الى جانب معاوية ليكبح طموحه ورغبته في السلطان ، لذا ما كاد يرى عبادة قادما الى المدينة حتى قال له :( ما الذي جاء بك يا عبادة ؟)000فلما أقص عليه ما كان بينه وبين معاوية قال عمر :( ارجع الى مكانك ، فقبح الله أرضاً ليس فيها مثلك )000ثم أرسل عمر الى معاوية كتابا يقول فيه :( لا إمرة لك على عبادة )000فعبادة أمير نفسه000 قول الحق مرّت على عبادة -رضي الله عنه- قِطارة وهو بالشام ، تحمل الخمر فقال :( ما هذه ؟ أزيت ؟ )000قيل :( لا ، بل خمر يُباع لفلان)000فأخذ شفرةً من السوق فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلا بقرها ، وأبو هريرة إذ ذاك بالشام فأرسل فلان إلى أبي هريرة فقال :( ألا تمسك عنّا أخاك عُبادة بن الصامت ، أمّا بالغـدوات فيغدو إلى السـوق فيفسد على أهل الذمّـة متاجرهم ، وأمّا بالعشـيّ فيقعد بالمسجد ليس له عمل إلا شتـم أعراضنـا وعيبنا ، فأمسك عنّا أخاك )000 فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عّبادة ، فقال :( يا عبادة ، ما لك ولمعاوية ؟ ذره وما حمل ، فإن الله تعالى يقول 000 تِلْكَ أمّةٌ قد خَلَت لها ما كسَبَتْ ولكم ما كسبتُم )000سورة البقرة آية (141)000 قال :( يا أبا هريرة ، لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، بايعناه على السمع والطاعة في النشاط و الكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب ، فنمنعه ممّا نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ، ولنا الجنة ، ومن وفّى وفّى الله له الجنة بما بايع عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه )000فلم يكلمه أبو هريرة بشيء فكتب معاوية إلى عثمان بالمدينة :( أن عُبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله ، فإمّا أن يكفّ عبادة وإمّا أن أخلي بينه وبين الشام )000فكتب إليه عثمان أن أرحله إلى داره من المدينة ، فقدم عبادة إلى المدينة ودخل على عثمان الدار وليس فيها إلا رجلٌ من السابقين بعينه ، ومن التابعين الذين أدركوا القوم متوافرين ، فلم يُفْجَ عثمان به إلا وهو قاعد في جانب الدار ، فالتفت إليه وقال :( ما لنا ولك يا عُبادة ؟)000فقام عُبادة قائماً وانتصب لهم في الدار فقال :( إني سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- أبا القاسم يقول :( سيلي أموركم بعدي رجال يُعرِّفونَكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون )000فلا طاعة لمن عصى الله ، فلا تضلوا بربكم ، فوالذي نفس عُبادة بيده أن معاوية لمن أولئك )000فما راجعه عثمان حرفاً000 الذهب بالذهب وكان عُبادة -رضي الله عنه- بالشام فرأى آنية من فضة يباع الإناء بمثلي ما فيه ، أو نحو ذلك ، فمشى إليهم عُبادة فقال :( أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا عبادة بن الصامت ، ألا وإنّي سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مجلس من مجالس الأنصار ليلة الخميس من رمضان ، لم يَصُم رمضان بعده يقول :( الذهب بالذهب مِثْلاً بمثْل ، سواء بسواء ، وزناً بوزن ، يداً بيد ، فما زاد فهو رِبا ، والحنطة بالحنطة ، قفيز بقفيز ، يدٌ بيدٍ ، فما زاد فهو ربا ، والتمر بالتمر ، قفيزٌ بقفيزٍ ، يد بيد ، فما زاد فهو رِبا )000فتفرّق الناس عنه ، فأتِيَ معاوية فأخبِرَ بذلك ، فأرسل إلى عُبادة فأتاه فقال له معاوية :( لئن كنت صحبت النبي -صلى اللـه عليه وسلم- وسمعت منه ، لقد صحبناه وسمعنا منه )000فقال له عُبادة :( لقد صحبته وسمعت منه )000فقال له معاوية :( فما هذا الحديث الذي تذكره ؟)000فأخبره فقال معاوية :( اسكـتْ عن هذا الحديـث ولا تذكـره )000فقال له عبادة :( بلى ، وإن رغم أنفُ معاوية )000ثم قام فقال له معاوية :( ما نجد شيئاً أبلغ فيما بيني وبين أصحاب محمد -صلى اللـه عليه وسلم- من الصفح عنهم )000 الهدية أُهديَت لعُبادة بن الصامت هديةٌ ، وإنّ معه في الدار اثني عشر أهل بيتٍ ، فقال عُبادة :( اذهبوا بهذه إلى آل فلان فهم أحوج إليها منّا )000فما زالوا كلّما جئتُ إلى أهلِ بيتٍ يقولون :( اذهبوا إلى آل فلان ، هم أحوج إليه منّا )000حتى رجعت الهدية إليه قبل الصبح000 بطولته أما بطولته العسكرية فقد تجلت في مواطن كثيرة000فعندما طلب عمرو بن العاص مددا من الخليفة لاتمام فتح مصر أرسل اليه أربعة آلاف رجل على رأس كل منهم قائد حكيم وصفهم الخليفة قائلا: (اني أمددتك بأربعة آلاف رجل000على كل ألف رجل منهم رجل بألف رجل) وكان عبادة بن الصامت واحدا من هؤلاء الأربعة الأبطال000 فتح مصر وقد تجلت مهارته كذلك في مفاوضاته للمقوقس حاكم مصر000ولم يتزحزح عن شروطه التي عرضها عليه بالاسلام أو الجزية أو القتال000فحاول المقوقس أن يطلب من الوفد المفاوض أن يختاروا واحدا غيره فلم يرضوا بغيره بديلا000واستؤنف القتال وتم فتح مصر وكان فتح الاسكندرية على يديه اذ أنها عاصمة مصر آنذاك000 فتح قبرص وعندما توجهت جيوش المسلمين بحرا لفتح جزيرة قبرص عام ( 28هجري 648م ) كان عبادة بن الصامت و زوجته أم حرام بنت ملحان من بينهم0وتحقق للمسلمين النصر وظفر عدد غير قليل من المسلمين بالشهادة ومن بينهم أم حرام التي استشهدت فور نزولها على البر فدفنت في الجزيرة ولايزال قبرها حتى الآن يعرف بقبر المرأة الصالحة000 وفاته ولمّا حضرت عبادة -رضي الله عنه- الوفاة قال :( أخرجوا فراشي إلى الصحن -أي الدار- )000ثم قال :( اجمعوا لي مَوَاليَّ وخدمي وجيراني ، ومن كان يدخل عليّ )000فجُمِعوا له ، فقال :( إنّ يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي عليّ من الدنيا ، وأول ليلة من الآخرة ، وإني لا أدري لعلّه قد فرط منّي إليكم بيدي أو بلساني شيء ، وهو -والذي نفس عبادة بيده- القِصاص يوم القيامة ، وإحرِّج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتصّ مني قبل أن تخرج نفسي )000فقالوا :( بل كنت مؤدباً )000قال :( اللهم اشهد )000 ثم قال :( أمّا لا فاحفظوا وصيّتي : أحرّج على انسانٍ منكم يبكي علي ، فإذا خرجت نفسي فتوضؤوا وأحسنوا الوضوء ، ثم ليدخل كلّ انسان منكم المسجد فيصلي ثم يستغفر لعبادة ولنفسه ، فإن الله تبارك وتعالى قال000 واسْتَعِينُوا بِالصّبْرِ والصّلاة000سورة البقرة آية (45)000 ثم أسرعوا بي إلى حفرتي ، ولا تُتبِعُني ناراً ، ولا تضعوا تحتي أرجواناً )000 وكان ذلك في العام الرابع والثلاثين -أو خمس وأربعين- من الهجرة ، توفي عبادة -رضي الله عنه- في فلسطين بمدينة الرملة ، تاركا في الحياة عبيره وشذاه000