ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    صاحب العقيده الراسخه(سعيد بن عامر)

    ابو مصعب
    ابو مصعب
    ركن أساسي ساهم في رفعة المنتدى
    ركن أساسي ساهم في رفعة المنتدى


    عدد الرسائل : 189
    العمر : 37
    العمل/الترفيه : طالب جامعى
    المزاج : اريد حياة صالحة والرزق والصحة
    نقاط : 138
    تاريخ التسجيل : 04/10/2008

    صاحب العقيده الراسخه(سعيد بن عامر) Empty صاحب العقيده الراسخه(سعيد بن عامر)

    مُساهمة من طرف ابو مصعب الخميس نوفمبر 27, 2008 1:50 pm

    [color=blue][size=24]قليل من الناس، في هذه الأيام، من يسمع باسم الصحابي الجليل سعيد بن عامر بن حديم القرشي الذي أسلم في السنة السادسة للهجرة، ولازم الرسول صلى الله عليه وسلم في معظم مشاهده وغزواته، وأسهم في بناء الأمة والدولة، واتصف بإيمانه الراسخ وعقيدته القوية، وزهده في الدنيا فقد كان منفقاً أمواله في سبيل الله، وفي مساعدة الفقراء والمحتاجين، وكان متقشفاً في معيشته ومتواضعا، ويلبس الملابس البسيطة والأسمال البالية. لذا فإنني أحببت في هذه العجالة أن ألقي الضوء على جوانب من حياته وسيرته المشرقة العطرة العظيمة، بإيجاز:
    فكّر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا في اختيار الوالي المناسب لولاية حمص في بلاد الشام، الى أن وقع اختياره على سعيد بن عامر، ولكن سعيدا يعتذر قائلا: لا تفتني يا أمير المؤمنين. فلقد عدّ هذا الصحابي استلام ولاية حمص فتنة له وانشغالا بالدنيا عن الآخرة، فيصيح به عمر قائلا، لا أدعك، تضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي، ثم تتركوني!؟
    فاقتنع سعيد بعد ذلك واستجاب لقرار عمر لأنه ليس من العدل أن يقلدوا عمر الأمانة والمسؤولية والخلافة ثم يتركونه وحيدا في الميدان، ويد الله مع الجماعة.

    التجارة الرابحة

    خرج سعيد الى حمص ومعه زوجته، وزوده أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بقدر كاف من المال لتأثيث بيته الجديد في حمص ولشراء حاجاته الضرورية، وبعد أن وصل سعيد الى حمص واشترى الأشياء الأساسية التي يحتاجها توفر جزء من المال، فأشارت زوجته عليه أن يستثمر هذا المال في مجال التجارة باعتبار أن هذا المال حق لهما، فوافقها على ذلك.
    والسؤال: كيف تصرف سعيد فيما تبقى من المال؟ لقد ذهب الى السوق ووزع المال على الفقراء والمحتاجين، ولكن لم يشعر زوجته بما قام به، ومرت الأيام وزوجته تسأله بين الحين والآخر عن التجارة بالمال، وكم بلغت الأرباح؟ وفي كل مرة يجيبها سعيد: إنها تجارة موفقة، وأن الأرباح تنمو وتزيد بإذن الله، الى أن صارحها بالحقيقة بعد ذلك: ان هذه التجارة ليست تجارة دنيوية، إنما هي تجارة أخروية، وأن الله عز وجل سيزيد لنا الحسنات من عشرة أمثالها الى سبعمائة ضعف الى ما شاء الله من الحسنات، وهكذا كان أجدادنا يتصرفون، فدانت لهم الدنيا عدلا وحضارة وإنسانية، ونجحوا في الآخرة فنالوا الفرودس الأعلى.

    من فقراء حمص

    زود المسؤول عن بيت المال في ولاية حمص أمير المؤمنين بقائمة تضم أسماء الفقراء في حمص، وكان من ضمن الأسماء اسم سعيد بن عامر! فاستهجن عمر وسأل: مَنْ سعيد بن عامر، هل هو الوالي في حمص؟
    فقالوا له: نعم، فقال عمر: وهل هو من الفقراء، فقالوا له: نعم.
    وهذا ما دفع بعمر أمير المؤمنين الى أن يقوم بزيارة ولاية حمص، وهناك سأل أهلها في جمع حاشد: ما تقولون في الوالي سعيد؟ فقالوا: إنه إنسان مستقيم نقي ورع نظيف مخلص، ولكن لنا أربع شكاوى ضده، وهي:

    1- لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار، أي يأتي متأخرا في دوامه الصباحي إلى مكتبه في الولاية.
    2- لا يجيب أحدا بليل، أي لا يستقبل أحداً في بيته بعد صلاة العشاء.
    3- له في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه.
    4 - تأخذه الغشية - أي الإغماء - بين الحين والحين.
    فأطرق عمر بعد أن سمع هذه الشكاوى من أهل حمص، وابتهل الى الله العلي القدير ألا يخيب ظنه في سعيد.
    فطلب عمر من سعيد أن يجيب عن هذه الشكاوى وأن يوضوح الأمور وأن يدافع عن نفسه وأن يرد هذه التهم.


    البراءة من التهم

    لقد حاول سعيد أن يمتنع عن الإجابة عن هذه التهم، وطلب من أمير المؤمنين أن يعفيه من الرد وأن يقبل استقالته، فأصر عمر على سعيد أن يجيب لأنه أصبح في موضع اتهام. فأجاب:

    1 - أما قولهم: إنني لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، انه ليس لزوجتي المريض خادم يقوم بشأنها فأنا أعجن العجين ثم أدعه حتى يختمر، ثم أخبزه ثم أتوضأ للضحى ثم أخرج اليهم، فتهلل وجه عمر، وقال الحمد لله، والثانية؟
    2 - أما قولهم: لا أجيب أحداً بليل، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إنني جعلت النهار لهم، والليل لربي أعبده، وأستغفره، وأتلو القرآن الكريم.
    3 - أما قولهم: لا أخرج إليهم يومين من كل شهر، فليس لي خادم يغسل ثوبي وليس لي ثياب غيره، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر حتى يجف بعد حين، وفي آخر النهار أخرج إليهم.
    4 - أما قولهم: ان الغشية تأخذني بين الحين والحين، فقد شهدت استشهاد الصحابي الجليل خُبيب بن عدي الأنصاري بمكة المكرمة، وقد قطعت قريش أطرافه وحملوه على جذع شجرة وهم يقولون له: أتحب أن محمداً مكانك الآن وأنت سليم معافى؟ فيجيبهم خبيب قائلا: والله ما أحب أني في أهلي وولدي ومعي عافية الدنيا ونعيمها ويصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة.
    ويستطرد سعيد قائلا: فكلما تذكرت ذلك المشهد الذي رأيته وأنا يومئذ من المشركين ثم تذكرت نصرة خُبيب يومها فإني أرتجف خوفا من عذاب الله، يغشاني الذي يغشاني.
    وما ان انتهى سعيد من هذه الردود حتى كبّر عمر، وقال: الحمد لله الذي لم يخيب فراستي في سعيد، وعانق سعيداً وقبّل جبهته المضيئة المشرقة بالإيمان.
    وفي العام العشرين من الهجرة لقي سعيد ربه راضيا مرضيا أنصع ما يكون صفحة وأنقى ما يكون قلبا، وأنضر ما يكون سيرة. انه من الرعيل الأول من الصحابة الكرام الذين نذروا حياتهم لرفع راية الإسلام وخدمة المسلمين وإسعاد البشرية جمعاء، وكان لهم ذلك فجاءت لهم الدنيا صاغرة.
    سلام على سعيد، وسلام على الكرام البررة، رضوان الله عليهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.[/size][/color]

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 15, 2024 2:58 am