ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    نظرية العامل

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    نظرية العامل Empty نظرية العامل

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس فبراير 21, 2013 12:02 pm

    وضع النحويون نظرية اسمها (نظرية العامل)، وفيها يتخيل هؤلاء أن كل عمل من الأعمال النحوية لا بد أن يكون له سبب، وهذا السبب يسمونه (عاملا)، فأنت مثلا إذا قلت: ضرب زيدٌ عمرًا، فأنت تقول: (زيد) مرفوع؛ لأنه فاعل (ضرب)، و(عمرو) منصوب؛ لأنه مفعول (ضرب)، فالسبب الذي جعلك ترفع زيدا وتنصب عمرا هو الفعل (ضرب).
    وهذه النظرية التي وضعها النحويون إنما هي للتيسير والتوضيح، وليس معناها أن الأشياء تؤثر بنفسها، أو أن الفعل يرفع بنفسه وينصب بنفسه كما ظن بعض الجهال، وإنما معناه أن هذه الأشياء أسباب وعلامات لمعرفة الإعراب.
    والنظريات عادة تكون للإيضاح والتسهيل وضم بعض المعلومات إلى جانب بعض لتندرج في قاعدة واحدة يسهل حفظها.
    افترض النحويون أن كل شيء في النحو له (أصل)، ثم بعد ذلك قد يكون له فرع أو فروع، ولكن لا بد أن يكون هناك شيء اسمه الأصل، فمثلا الأصل في الأسماء أنها معربة، فإذا وجدنا اسما مبنيا كان على خلاف الأصل فيجب حينئذ أن نبحث عن السبب الذي جعله مبنيا، والأصل في الأفعال البناء، فإذا وجدنا فعلا معربا كان على خلاف الأصل، فيجب حينئذ أن نبحث عن السبب الذي جعله معربا، ولكن إذا جاءك الاسم معربا والفعل مبنيا فلا تبحث عن السبب؛ لأن هذا هو الأصل.
    وبناء على ما سبق قرر النحويون أن الأصل في العامل هو الفعل؛ لأن أكثر ما يرد عن العرب من أسباب العمل وعلاماته إنما هي للأفعال، وهذا معناه أننا إذا وجدنا شيئا غير الفعل عاملا فيجب أن نبحث عن السبب الذي جعله عاملا، ولهذا مثلا نقول: لماذا نصب اسم (إن) ورفع خبرها؟ وهي حرف لا فعل؟ يقال: لأن (إن) تشبه الأفعال من وجه كذا وكذا، وهي خمسة أوجه ذكرها النحويون يُرجع إليها. فلما شابهت الأفعال استحقت أن تعمل عملها، وهي حروف.
    وكذلك الاسم إذا وجدناه يعمل فإننا نبحث عن السبب الذي جعله يعمل، كما لو قلنا: أنت ضاربٌ زيدًا، فهنا الاسم (ضارب) عمل النصب في (زيد)، والسبب في ذلك أنه شابه الفعل أيضا؛ لأنك تقول: (أنت تضرب زيدا) كما تقول: (أنت ضارب زيدا)، فشابهها من عدة جهات.
    وكل هذه النظريات والتعليلات إنما هي اجتهادات قد يختلف فيها النحويون، وليس المراد منها الافتيات على كلام العرب ولا الكذب عليهم، وإنما المراد التيسير على المتعلمين بضم النظير إلى نظيره وانتظام المسائل النحوية في قواعد عامة يسهل حفظها.

    فرحم الله علماءنا الأجلاء، كم يسروا علينا، وكم أتعبوا أنفسهم حتى يوصلوا إلينا هذه العلوم عذبة سلسة، ولكننا مع ذلك متهاونون متكاسلون، والله المستعان. *
    ----------
    * الكاتب : أبو مالك العوضي - وفقه الله -.
    الموضوع : للمختصين في النحو ، سؤال عن قاعدة نحوية
    المجلس : مجلس اللغة العربية وعلومها
    .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    نظرية العامل Empty رد: نظرية العامل

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة فبراير 22, 2013 8:38 am

    نظرية العامل
    نشأتها ومفهومها وأنواعها ، وموقف العلماء القدماء والمحدثين منها
    انطلق النحو العربي لغاية ضبط الكلام وتنويعه على قواعد العربية وما نطقت به في أصولها دون لحن أو تغيير ، وبدأ النحاة بوضع القواعد تلك بناء على ما يسمعونه من ألسنة العرب في البوادي وما قاله الشعر وما جاء عليه القرآن الكريم من فصاحة اللفظ والتراكيب النحوية ، ومن ثم قاسوا عليها كل ما قيل بعد ذلك وشرطوا عدم الخروج عن ذاك القياس وإلا كان شاذا أو لحنا غير مقبول .
    اعتاد العقل البشري ألا يقبل شيء من دون سبب وأن يتأمل في كل أمر ويبحث عن موجده أو مسببه ، وذلك ما كان شائعا في الفلسفة الأرسطية إذا لا وجود لسبب من دون مسبب ، ولكل حادث محدث ، وبذلك لم تقبل العقول العربية أوضاع الأحكام النحوية من رفع وخفض ونصب وجزم دون مبرر لها لذلك ، فما الذي يحكم أن يكون الفاعل مرفوعا ، والمفعول منصوبا ، ولمَ لا يكون الفاعل منصوبا مثلا ، فلماذا الرفع بالتحديد ؟ وهذه الأسئلة لم يغفل عنها علماء العربية وإنما بنوها أثناء عملهم في تقعيد القواعد وانطلقوا منها لتأسيس مادتهم النحوية ، ونشأ من ذلك ما يسمى بالعامل .
    فما المقصود بالعامل النحوي ؟
    وردت لفظة عامل لغويا بمعنى : عمل يعمل عملا ، وفاعلها عامل ، وقيل في لسان العرب : ((والعامِلُ: هو الذي يتوَلَّى أُمور الرجل في ماله ومِلْكِه وعمَلِه، ومنه قيل للذي يَسْتَخْرج الزكاة: عامِل.
    والعَمَل المِهْنة والفِعْل ... )) (1) ولم تخرج المعاجم العربية عن توضيح ابن منظور لكلمة العامل .
    ومن ذلك أُخذ الاسم ( عامل ) بمعنى المهنة والوظيفة وأسقط على النحو في الشيء الذي جعل الكلمة مرفوعة أو مجرورة أو مجزومة أو منصوبة ، وأطلق عليها العامل النحوي كما عرفه الجرجاني بأنه : (( ما أوجب كون آخر الكلمة مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا أو ساكنا )) (2 ) ومن ذلك يبعد من ظن أن العامل يحدث الإعراب ، وإنما هو الموجب للحكم الإعرابي في أواخر الكلم .
    تاريخ نظرية العامل :
    نشأت جذور نظرية العامل لدى عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي ، وحذا حذوه عيسى بن عمر ، وتأسس واتسع عند الخليل بن أحمد الفراهيدي ، وطبقت النظرية في النحو على يد سيبويه في كتابه الذي انطلق فيه من نظرية العامل في تقسيم أبوابه ، وتقسيم الكلام من الأفعال والأسماء والحروف . وسار من بعده عدد كبير من العلماء في إنجازاتهم ومؤلفاتهم النحوية بناء على فكرة العامل وأثرها في التراكيب النحوية .( 3)
    ووضع العلماء للعامل أنواعا ودرجات ، فمنها : ( 4)

    1- اللفظي : وهو العامل فيما بعده الظاهر من القول . كالحروف والأفعال والأسماء .
    2-المعنوي : وهو العامل فيما بعده المضمر أو المخفي الذي لا يصحبه قرائن لفظية ، كالابتداء .
    ودرجات العامل انقسمت إلى : قوية ، كالأفعال ( لأنها حدث ترتبط به مقيدات أو متعلقات تحدد جهة من جهاته ، كالمحدِث والمحدَث والعلة والزمان والمكـان والهيئة )( 5)، وضعيفة كالأسماء ، ودرجات القوة والضعف تكون تدريجيا إذ قصدوا بالقوة أي قدرتها على التأثير في المعمول والارتباط به على نحو مخصوص ، وعدوا أقوى العوامل الفعل ، ومن ثم قوة اسمي الفاعل والمفعول ، ومن ثم قوة المصادر ، ومن ثم قوة الصفات ، ومن ثم قوة ما يجري مجرى الفعل ، ومن ثم قوة ما يجري مجرى اسمي الفاعل والمفعول .
    وأيضا قسموا العامل إلى عوامل أصلية كالأفعال والحروف ، وعوامل فرعية كالأسماء .

    موقف العلماء القدامى والمحدثين من العامل :

    اختلف النحاة في نظرية العامل ومسوغاته ( في البحث عن طريقة تضبط التغيرات وتربط مكونات الجملة وتفسر نظامها ، وتعين على إدراك العلاقات بين عناصرها وما ينجم عن هذه العلاقات من آثار معنوية ولفظية )( 6) ، واعتمدها النحويون القدامى بما أنهم المؤسسون لها وساروا عليها وانطلقوا منها في تأسيس القواعد النحوية ، مما يدل على أنها ركن مهم في النحو العربي فمن دونها لا يقوم إعراب ولا تحدد هوية الكلمة ، إلى أن جاء في العصر الأندلسي ابن مضاء القرطبي الذي نادى بإلغاء العامل ووجوب هدمه ، وإلغاء جوانب كثيرة من النظريات النحوية كالعلل الثواني والثوالث ، والقياس وإلغاء التقدير وغير ذلك . وقيل أنه قد أُلهم ذلك من قول ابن جني أن العامل يكون للمتكلم : (( فأما في الحقيقة ومحصول الحديث ، فالعمل من الرفع والنصب والجر والجزم ، إنما هو للمتكلم نفسه ، لا لشيء غيره ... ))( 7) [وكأن ابن مضاء فهم أن ابن جني قد رفض العامل وأوكله للمتكلم نفسه لا غير .]
    [ وفي الحقيقة أرى أن ابن مضاء ربما قد أساء فهم ابن جني في توكيله العامل للمتكلم ، وهذا صحيح ، ولكنه لم يرفض فكرة العامل إطلاقا ، وإنما اختلفت رؤيته في ماهية العامل وكينونته وذلك بدليل قوله في بداية كلامه في باب مقاييس العربية في كتابه الخصائص ، إذ وضح نوعي العوامل بين لفظي ومعنوي فقال : (( مقاييس العربية وهي ضربان : أحدهما معنوي ، والآخر لفظي . وهذان الضربان وإن عمّا وفشوا في هذه اللغة ، فإن أقواهما وأوسعها هو القياس المعنوي ... ومثله اعتبارك باب الفاعل والمفعول به ، بأن تقول : رفعت هذا لأنه فاعل ، ونصبت هذا لأنه مفعول . فهذا اعتبار معنوي لا لفظي ...)) فمن تفسيره هذا في رفع الفاعل ونصب المفعول يدل على مفهوم العامل المعنوي وهو الفاعلية ، وهو بذلك يقرّ بنظرية العامل فهو موجود حقيقة وله أهميته ودوره . ومما يوضح تفسيري قوله : (( وإنما قال النحويون : عامل لفظي ، وعامل معنوي ؛ ليروك أن بعض العمل يأتي مسببا عن لفظ يصحبه ؛ كمررت بزيد ، وليت عمرا قائما ، وبعضه يأتي عاريا من مصاحبة لفظ يتعلق به ، كرفع المبتدأ بالابتداء ورفع الفعل لوقوعه مع الاسم ؛ هذا ظاهر الأمر ، وعليه صفحة القول . فأما في الحقيقة ومحصول الحديث ، فالعمل من الرفع والنصب والجر والجزم ، إنما هو للمتكلم نفسه ، لا لشيء غيره ، وإنما قالوا : لفظي ومعنوي لما ظهرت آثار فعل المتكلم بمضامة اللفظ للفظ ، أو باشتمال المعنى على اللفظ . وهذا واضح . )) ( 8) فذكر بداية قول النحويين في العامل وأنواعه ، ثم ذكر رأيه في العامل أنه يعود للمتكلم وليس العامل نفسه هو المسبب للوجه الإعرابي .
    وفي رأيي أن ابن جني وعلماء النحو يلتقيان في نقطة واحدة في العامل ، فإن كان العامل هو المسبب أو هو المتكلم فلا خلاف في ذلك ، لأن من المتكلم ينشأ المقصد أو معنى الجملة ، وبناء على مقصده يحدد العامل أثره فيما بعده فإن قصد المتكلم الفعل عمل فيما بعده ورفعه وكذلك نصب مفعوله ، وإن قصد الإخبار رفع الاسمين ( المبتدأ والخبر ) وهكذا ...ودليل ذلك أقوال كثيرة لدى سيبويه ترجع سبب الحكم الإعرابي إلى قصد المتكلم فيقول مثلا فيما يرتفع أو ينتصب على الحال : (( هذا باب ما يرتفع فيه الخبر ؛ لأنه مبني على مبتدأ ، أو ينتصب فيه الخبر لأنه حال لمعروف مبني على مبتدأ ...( فذكر في حالة النصب ) وأما النصب فقولك : هذا الرجل منطلقا ، جعلت الرجل مبنيا على ( هذا ) وجعلت الخبر حالا له قد صار فيها ، فصار كقولك : هذا عبد الله منطلقا . وإنما تريد في هذا الموضع أن تذكِّر المخاطب برجل قد عرفه قبل ذلك ، وهو في الرفع لا يريد أن يذكِّره بأحد ، وإنما أشار فقال : هذا منطلق ))(9 )
    وفي موضع آخر قال في ( هذا باب ما ينتصب ؛ لأنه ليس من اسم ما قبـلـه ، ولا هــو هــو ) على لسان الخليل في مسألة ما أُجري مجرى المصادر ويكون فيه الوجه الإعرابي إما النصب وإما الرفع فضرب مثالا : هذه مئة وزنَ سبعة ، فقال فيها الخليل : (( إذا جعلت (وزن) مصدرا نصبت ، وإن جعلته اسما وصفت )) (10 ) ويقصد بالوصف أن يكون مرفوعا بدلــيــل قوله : (( وإن شئت قلت : وزنُ سبعةٍ ))
    فلا يقوم كلام من دون معنى يريده المتكلم . ]
    اتهم ابن مضاء سيبويه بالفساد البيّن في النحو وفي كتابه الذي قام على نظرية العامل ، وعارض كل من قال بها وأخذ بها من العلماء وإن أجمعوا عليها ، فبرر بأن ذلك ليس حجة للقبول والتسيلم بها ، فيقول : (( إن إجماعهم ليس حجة علينا ، وقد صرّح بذلك كبير حذاقهم ، ومقدم في الصناعة من مقدميهم ، وهو أبو الفتح بن جني في خصائصه إذ يقول : " اعلم أن إجماع أهل البلدين ( يعني البصرة والكوفة ) إنما يكون حجة إذا أعطاك خصمك يده ألا تخالف المنصوص والمقيس على المنصوص ، فإذا لم يعط يده بذلك فلا يكون إجماعهم حجة عليه " وإذن فالاعتراض بإجماع النحاة على نظرية العامل لا يعطي المعترض شيئا ما دامت النظرية فاسدة في نفسها . )) ( 11) [ وربما ساعده أكثر قول الخليل وسماحته في تصويب أخطائه إن وجدت ] : (( فإن سنح لغيري علة لما عللته من النحو هو أليق مما ذكرته بالمعــلــول فــلـيــأتِ بها ))( 12)
    واتهم النظرية وكل من أخذ بها بالجنون والفساد ، فقال : (( وأما القول بأن الألفاظ يحدث بعضها بعضا فباطل عقلا وشرعا ، لا يقول بها أحد من العقلاء لمعانٍ يطول ذكرها فيما المقصد إيجازه : منها أن شرط الفاعل أن يكون موجودا حينما يفعل فعله ، ولا يحدث الإعراب فيما يحدث فيه إلا بعد عدم العامل ، فلا يُنصب زيد بعد إنّ في قولنا ( إن زيدا ) إلا بعد عدم إن . فإن قيل بمَ يُردُ على من يعتقد أن معاني هذه الألفاظ هي العاملة ؟ قيل الفاعل عند القائلين به إما أن يفعل بإرادة كالحيوان ، وإما أن يفعل بالطبع كما تحرق النار ويبرد الماء ، ولا فاعل إلا الله عند أهل الحق ، وفعلُ الإنسان وسائر الحيوان فعل الله تعالى ، كذلك الماء والنار وسائر ما يفعل ، وقد تبين هذا في موضعه . وأما العوامل النحوية فلم يقل بعملها عاقل ، لا ألفاظها ولا معانيها لأنها لا تفعل لا بإرادة ولا بطبع )) [ فحمل مصطلح العمل على ظاهره ، وربط الأحكام الإعرابية بالشريعة وأحكامها العقدية ، فتناول لفظ ( الفاعل ) بإرادة الله تعالى دون البشر إذ نزع معنى الفاعلية منهم ، وتلك مسألة عميقة خاصة بالعقيدة لا مجال لنا في التفصيل فيها ولا في إقحامها في علم النحو وأحكامه ، وبذلك يوحي لي أن ابن مضاء كان قاصر العلم في النحو ومبادئه ومسائله ، ضحل التمعن في جوهره وأحكامه وأهدافه . فكان حادا في الهجوم على النظرية وأهلها ، وشديد الدعوة بهدمها ، وحازما في رأيه ، ومبررا لكل مسألة حسب ما يريد هواه . وقد يكون سبب ذلك تخصصه في مجال الفقه والقضاء ، وأثر مذهبه الفقهي الظاهري عليه وإسقاطه على مبادئ النحو ومسائله وأحكامه مما دعاه لرفض كل مسبب أو عامل في المسائل النحوية والقواعد المنطلقة منها ، ودعا إلى إيجاد نحو جديد يخالف تلك المنطلقات .]
    ولم يؤخذ بنظرية ابن مضاء ولم ينظر في أمره ، وخمد وميض فكرته سريعا ، إلى أن جاء العصر الحديث وخرج من أحياها ، فنادى بعض المحدثين بما نادى به واعتمدوا أقواله واقتادوا به ، مثل : إبراهيم مصطفى ، وعباس حسن ، وقيل أيضا تمام حسان في كتابه ( اللغة العربية معناها ومبناها ).
    وختاما : [ نرى أن العامل ليس مجرد نظرية فحسب وإنما هو أمر منطقي يراد به تحديد الكلم ومعناه ، وسياقه على ما ساقته العرب في ألفاظها دون الخروج عنها ، معللين لكل حكم ووجه إعرابي بعامله دون المبالغة أو إيجاد ما ليس فيه ، فالنظرية في بدايتها كانت معتدلة منطقية لم تأخذ ذاك المنحى الخلافي الشديد بين العلماء ، وإنما كان ذلك في عصور متأخرة عن مؤسسي النحو ورواده وعباقرته ، مما يدل على ضعفهم في الجوانب النحوية وقصور النظر لديهم ، وسوء فهمهم لأهداف العامل وكينونته وربطه بمسائل أخرى لا يجب ربطها بها ، إضافة إلى ما تنادي به النفس بإزالتها لصعوبتها على أنفسهم أو لعدم استيعابهم الكافي لها ، فآثروا الإلغاء على التمعن أو التبسيط لها أو – على أقل تقدير – الأخذ بها كما هي قديما باعتدالها ، فغالوا في دراستها ومناقشتها والغوص فيها . فإن ضاع العامل وهدم لهدم النحو كله ، ولخرجنا من ذلك دون قواعد ثابتة للغتنا ولعدنا إلى سابق عهدنا قبل خمسة عشر قرنا هجريا ، دون قواعد لغوية عربية ، ولضاع مدلول الكلام بين مشيئة المتكلم في رفعه مرة ونصبه مرة وجره مرة جزمه مرة . وذلك كله أمر لا يصح ولا يقبله عقل اعتاد على المنطقية والنظام في الكون . ]

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المراجع :
    1- ابن منظور ، لسان العرب ، موقع الباحث العربي للمعاجم ، [فقط الأعضاء المسجلين يمكنهم رؤية الروابط. ]
    2 - السيد ، عبد الحميد مصطفى ، نظرية العامل في النحو العربي ودراسة التراكيب ، مجلة جامعة دمشق ، المجلد 18 ، العدد 3+4 ، عام 2002 م ، ص 47 .
    3- - السيد ، عبد الحميد مصطفى ، نظرية العامل في النحو العربي ودراسة التراكيب ، ( العامل وحقيقته ) ص 46 .
    4- المرجع السابق ، 48 .
    5- المرجع السابق ، ص 49 .
    6 - المرجع السابق ، ص 45 .
    7 - ابن جني ، أبو الفتح عثمان ، الخصائص ، تحقيق محمد علي النجار ، دار عالم الكتب ، بيروت ، 2006 م –
    1427 هـ ، ط 1 ، ج1 ( باب في مقاييس العربية ) ، 117 .
    8- ابن جني ، أبو الفتح عثمان ، الخصائص ، ص 117 .
    9- سيبويه ، الكتاب ، تحقيق محمد كاظم البكاء ، دار البشير ، بيروت ، 2004 م – 1425 هـ ، ط 1 ، ج 2 ، ص 179 .
    10 - المرجع السابق ، ص 224 .
    11- - القرطبي ، ابن مضاء ، الرد على النحاة ، تحقيق شوقي ضيف ، دار المعارف ، 1982 م ، ط 2 ، ص 82 .
    12 - الزجاجي ، أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق ، الإيضاح في علل النحو ، تحقيق مازن المبارك ، دار النفائس ، بيروت ، 1986م ، ط 2 ، ص 66 .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 1:05 pm