ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    الفيلسوف العربي ابن باجة

    تاج العروبة (الفوهرر)
    تاج العروبة (الفوهرر)
    فيلسوف ثمار الأوراق
    فيلسوف ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 598
    العمر : 40
    الموقع : العراق
    العمل/الترفيه : خريج كليه الاداب - قسم الفلسفة
    المزاج : الارادة مفتاح النصر
    نقاط : 104
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الفيلسوف العربي ابن باجة Empty الفيلسوف العربي ابن باجة

    مُساهمة من طرف تاج العروبة (الفوهرر) السبت سبتمبر 20, 2008 7:33 pm

    ابن باجة


    حياته:ـ

    هو أبو بكر محمد بن يحيى الصائغ المعروف بابن باجة(بتشديد الجيم ثم هاء ساكنة) والباجة بلغة الفرنجة (نصارى) الأندلس – الفضة . ويطلق عليه رجال المدرسة اللاتينية في أوربا أسم أفنبس AVENNEPES . ولا يعرف من حياة ابن باجة في نشأتها وتطورها أشياء كثيرة من شأنها إن تعطي عنه ترجمة كاملة اوتعين على تأليف سيرة كاملة . وكل مانعرف عنه انه ولد في سرقسطة(1) حين كان القرن الخامس الهجري قد اشرف على نهايته , وانه قضى حياته كلها في ظل دولة المرابطين الذين كانوا يحكمون المغرب الإسلامي حينذاك . ويقول المؤرخون إن ابن باجة استوزر لأبي بكر بن إبراهيم الذي كان واليا على غرناطة ثم على سرفسطة ودامت وزارته عشرون عاما , وبعد سقوط سرقطة رحل ابن باجة إلى غرناطة ومن بعدها إلى فأس حيث أقبل على بلاط المرابطين فيها , وهنالك أحاطت به الدسائس ودبرت له المكائد إذا ألب خصومة ومن بينهم الفتح بن خاقان , السلطان والجمهور عليه . ألانه قد كتبت له النجاة أولا ثم لم يلبث بعد ذلك طويلا حتى دبرت له إن يموت مسموما سنه 533هـ (1138م) على يد الطبيب ابن زهر الذي عرف بحقده له وحسده عليه وهكذا توفي ابن باجة في شهر رمضان المبارك وهذا ما أكده القفطي في كتابه (إخبار العلماء بأخبار الحكماء) وابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان .
    ويرى المستشرق دي بور إن حياه ابن باجه بالرغم من قصرها لم تكن حياة سعيدة وكثيرا ماتمنى الموت ليجد فيه الراحة الأخيرة . وأكبر عامل أخمد جدوة نفسه إلى جانب الفاقة , انه كان في وحدة عقلية , ولم يجد أنيسا يشاطره آراءه وما خلص ألينا من كتبه يدل دلالة قوية على انه لم يكن يأنس إلى عصره ولا إلى بيئته.

    ثقافته:ـ
    كان ابن باجة متميز في اللغة حافظا للقران , أديبا شاعرا بارعا في الغزل والرثاء والمديح متقنا لصناعة الموسيقى جيد الضرب على العود , ثم هو من الأفاضل في صناعة الطب مع المقدرة في العلوم الفلسفية والرياضيات والفلك والطبيعيات . وابن باجة أول الفلاسفة العقليين على الحصر أخذ بالفلسفة منفصلة عن الدين ومعزولة عن العامة ثم أقامها على أساس من الرياضيات والطبيعيات , وشهرة أبن باجة إنما هي في المبادئ الفلسفية التي وضعها وفي الإلهيات . وهو أشبه بالفارابي من الإسلاميين وبأرسطو من القدماء .

    مكانته عند ابن طفيل وابن رشد:ـ
    حصل ابن باجة على شهرة كبيرة كمفكر بارز وهذه الشهرة نجدها بقول الكاتب الغرناطي الشهير علي بن عبد العزيز ابن الإمام الذي كان تلميذا وصاحبا له بأنه ((أعجوبة دهره ونادرة الفلك في زمانه ... وإذا قرنت أقاويله في العلوم العقلية بأقاويل ابن سينا والغزالي ... بأن لك الرجحاب في أقاويله وفي حسن فهمه لأقاويل أرسطو والثلاثة أئمة دون ريب .... ))
    ______________________________________________________
    الهوامش/ (1) يرى عـــــــــــــمر فــــــروخ إن ولادة ابـــــــــن بـــــــاجة كـــــانت نــــــحو سنة 475 هـ (1082م)
    أنظر تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون ص 607

    إما مكانته عند ابن طفيل فهو يصف لنا ابن باجة بقوله (( ثم خلف من بعدهم خلف أخر أخذت منهم نظرا واقرب إلى الحقيقة ولم يكن فيهم أثقب ذهنا ولا أصح نظرا ولا أصدق روية من أبي بكر الصائغ و غير انه شغلته الدنيا حتى أخترحته المنية قبل ظهور خزائن علمه وخفايا حكمته ,وأكثر مايوجد له من التالف فإنما هي غير كاملة ومجذومة من أخرها ككتابه في النفس وتدبير المتوحد وماكتبه في علم الطبيعة(1) وإما ماكتبه الكاملة فهي كتب وجيزة ورسائل مختلفة وقد صرح هو بذلك )) إما عن مكانته عند ابن رشد فقد روى لنا أبن أبي اصيبعه في كتابه (عيون الابناء) أن القاضي أبا وليد محمد بن رشد كان من جملة تلاميذ ابن بأجه قبل سن الثالثة عشرة إذ إن تاريخ ولادته المتفق عليه هو سنة 520هـ.

    مــؤلفـــــاته:ـ أحصى كل من أبن أبي أصيبعة والقفطي وغيرهما طائفة من مؤلفات هذا الفيلسوف منها شروح وتعليقات على بعض كتب أرسطو والفارابي ومؤلفات في النفس والعقل ومنها رسالة الوداع , وهي الرسالة التي تدعها لصديق من أصدقائه عندما كان فيلسوف على وشك سفر طويل وهو يخشى إلا يلتقي بعد عودته بهذا الصديق. ولهذه الرسالة قيمة فلسفية خاصة لان فيها أراء ابن باجة عن المحرك الأول في الإنسان وهو العقل وهو الغاية الحقيقية للإنسان والعلم والبحث الفلسفي وهي القرب من الله والاتصال بالعقل الفعال الذي هو فيض من الله وسبيل هذا الاتصال وذلك القرب أنما هو عبارة عن منهج علمي وبحث عملي وبحث نظري وتعقل فلسفي لاكما يعتقده الصوفية من ذوق ووجد . ومن مؤلفات ابن باجة.

    تدابير المتوحد: جمع فيه آراءه, ولكنه لم يمته ولأكتبه بلغة سهلة وهو يشبه((المدينة الفاضلة للفارابي )) إلا أن الفارابي فصل بين الإلهيات عن بحث السياسة واهتم با(االدول) بينما ابن باجة اهتم بالسياسة المدنية (حياة الفرد في المجتمع) ثم صرف آراءه الفلسفية أثناء ذلك .
    ونعرف عن تدبير المتوحد مخطوطين : المخطوطة الأولى – المخطوطة البودليانية , وهي مفصلة ولكنها ناقصة (وقد نشرها ميغل أسبن بالاثيوس)0والمخطوطة الأخرى في القاهرة وهي أتم ولكنها موجزة.

    ومن مؤلفاته 0كتاب النفس حيث أراد ابن باجة أن يستوفي الكلام على النفس مما قاله فلاسفة اليونان خاصة . وهذا الكتاب لايزال بحاجة إلى دراسة موضوعية مفصلة . ومن مؤلفاته رسالة الاتصال . فضلا عن كتب أخرى قدمها ابن باجة كشروحات وتلخيصات وتعليقات على كتب جالينوس والرازي وغيرهم وله مؤلفات في المنطق والنفس والعقل والطب ويبدو ان هذا الكتب قد ضاعت .في زمن متقدم وأخر ماضاع له مجموع كان في مكتبة برلين ومجموع اصغر منه كان يملكه السيد عبد الرزاق الحسني البغدادي وقد ضاع المجموعات إثناء الحرب العالمية الثانية .


    الهوامش/ (1) ربما كان هذا احد الأسباب التي دفعت المستشرق دي بور إلى القول عن ابن باجة بان ملاحظاته شتات لارباط بينها وانه يبدأ في الكلام في شيء ثم يستطرد في كلام جديد وكان لايزال يحاول النفود إلى أفكار اليونان والى علوم القدماء من نواحيها المختلفة وهو لايستطيع إن يتخلص من الفلسفة ولا يستطيع إن يتقنها وهذا قد يظهر لأول وهلة في صورة مضطربة الاانه كما يرى دي بور استطاع فيما بعد إلى طريقة وجد في بحثه عن الحقيقة والعدل سعادة اجتمعت حولها نفسه
    انظر تاريخ الفلسفة في الإسلام – الأستاذ ت . ح دي بور – ترجمة عبد الهدي أبو ربده ص 241 – 242




    إذا أردنا إن نتكلم عن موضوع السعادة ونظرية الاتصال فمن الأولى إن نتكلم عن النفس الإنسانية وموقف ابن باجة منها وعن العقل الإنساني وكيف يحصل اتصاله بالعقول الأخرى ...
    وإذا أردنا الحديث عن السعادة وكيف نظر لها ابن باجة فمن الأولى دراسة الأفعال الإنسانية المختلفة لمعرفة أي الإعمال يؤدي بالإنسان إلى السعادة . ولنبدأ بموضوع قوى النفس الإنسانية عند ابن باجة.

    قوى النفس:ـ
    للنفس عند ابن باجة ستة مجموعات من القوى : الفكرية , الروحانية , الحاسة , المولدة , الغاذية , الاسطقسية (كسقوط الجسم وتأثره بالحس والحرارة) والقوة الغاذية والقوة الاسطقسية يسميان معا قوى الطبيعة, ويغلب عليها الاضطرار, ولكن على درجات متفاوتة . فسقوط الأجسام والشعور بالحرارة اضطراري محض , أما الغذاء فليس باختيار أصلا ولابأضطرار صرفا. والبصر مثلا أقرب إلى الاختيار , ولكن اللمس اضطرار محض وكذلك القوة الفكرية تكون بالاضطرار , ولو لا ذلك لاستطاع الإنسان إن يمسك عقله عن التصور والتصديق ,ولكنة لايستطيع.
    ومن المعرف عن ابن باجة انه تكلم عن قوة الطبيعية عرضا وعلى غاية الوجازية ولايهمه منها ألاما أتصل بالسلوك الإنساني . أما القوة الفكرية والروحانية فهي عرضه الأقصى من بحوثه جميعا فهو في حديثة عن العقل . اعتبر البحث في العقل والذي اعتبره المصدر الأول في مراتب الأهمية حيث أكد على المعرفة الصحيحة تكون بالعقل , والمعرفة المطلقة تكون بالعقل , والسعادة تنال بالعقل , والأخلاق مبنية على العقل , العقل صادق فيما يعرف , فالإنسان يستطيع في عقله إن يعرف كل شيء من أدنى الموجودات (المادية) إلى أعلى درجات الوجود(الإلهي). والأساس الذي يبني عليه ابن باجة هذا النوع من التفكير الفلسفي أساس مادي لأنه يرى إن العقل يعرف من تلقاء نفسه لايتأثير روحاني عليه من الخارج كما يزعم المتصوفة أنهم يعرفون من خلال تأثير روحاني خارج عن العقل .فلابد إن نبين ذلك في حديثنا عن موضوع نظرية الاتصال.

    نظرية الاتصال:ـ
    من المعروف عن ابن بأجه إن مذهبه يقوم على القول بان الهيولى لايمكن أن توجد مجردة عن صورة ما, أما الصورة فقد توجد مجردة عن الهيولى , وإلا لما استطعنا إن نتصور أمكان أي تغير,لان التغير إنما يكون ممكنا بتعاقب الصور الجوهرية , وهذه الصور من أدناه هي الصورة الهيولانية , إلى أعلاها , وهي العقل المفارق , تؤلف سلسلة , والعقل الإنساني يجتاز في تكامله , مراحل تقابل تلك السلسلة حتى يصير عقلا كاملا , ومتصل بالعقل الفعال وواجب الإنسان هو إن يدرك الصور المعقولة جميعا فيدرك أولا الصور المعقولة للجسمانيات , ثم تصورات النفس المترددة بين الحس والعقل , ثم العقل الإنساني ذاته والعقل الفعال الذي فوقه,



    يرى ابن باجة ان الإنسان قد يوجد في حالة يشبه فيها النبات وذلك في الزمان الذي يحتوي الرحم فيه على الجنين فأنه يختلق أولا ثم يتغذى وينمو وهي أفعال يشارك فيها النبات في أول وجوده ويوجد له غيرها في تلك المرحلة . والحار الغريزي هوا لذي يفعل هذه الأفعال فاذا خرج الجنين من بطن أمه وأستعمل حواسه صار يشبه الحيوان غير الناطق وعندها يتحرك في المكان ويرغب بالأشياء. فهو يشارك النبات في القوة الغاذية كذلك يشارك الحيوان فضلا عن ذلك انه أي الإنسان يشارك النبات والحيوان بالقوة المولدة والمنمية الحية.باغبار ان كل منهم يمر بأطوار عديدة حتى يكتمل في نموه


    ثم ينتهي إلى إدراك عقول الأفلاك المفارقة . والإنسان بعروجة في درجات متتالية , وترقيه من الجزئي والمحسوس – وتصورهما موضوع العقل – يصل إلى مافوق صور العقل , والى ماهو ألهي. والذي يرشد الإنسان في هذا العروج هو الفلسفة معرفة الكلي التي تحصل من معرفة الجزيئات والنظر فيها , ولكن بشروق نور العقل الفعال وكل أحساس أو تخيل غير معرفة الكلي أو اللامتناهي , الذي يكون فيه الموجود عين مايعقل منه فهو معرفه خادعة . وعلى هذا فالعقل الإنساني يصل إلى كماله بالمعرفة العقلية , لابالخيالات الصوفية الدينية التي لأتبرأ من شوائب الحس. والنظر العقلي هو السعادة العظمى , لان غايته المعقولات كلها . وإذا كان الكلي بهذه المثابة فلايمكن القول ببقاء العقول الإنسانية الجزئية بعد هذه الحياة . إما النفس التي تدرك الجزئيات بتخيلها لها على النحو يجمع بين الإحساس والتعقل , والتي يتجلى وجودها في شهوات وأفعال متنوعة, فقد يستطيع البقاء بعد الموت وتلقى الثواب أو العقاب . فإما العقل أو الجزء المفكر في النفس فهو واحد في كل عاقل .وعقل الإنسانية في جملتها هو وحده الأزلي , وذلك باتحاده بالعقل الفعال , وإذن فهذه النظرية التي دخلت في العالم المسيحي في القرون الوسطى باسم نظرية ابن رشد , موجودة عند ابن بأجه وهي وان لم تكن قد اتضحت له تماما فهي على كل حال أوضح منها عند الفارابي,

    موقف ابن بأجه في نظرية الاتصال من الغزالي:ـ
    ان ابن بأجه يلوم الغزالي لأنه يحاول ان يصل إلى الله من خلال الأحوال الصوفية وترك التفكير فهو برى أي ابن باجة ان الغزالي حسب الأمر هينا حينما ظن ان يستطيع معرفة الحقيقة بنور يقذفه الله في النفس , وان هذه المعرفة وحدها سبيل السعادة. ويرى ابن بأجه خلافا لهذا , وان الفيلسوف يجب ان يكون قادرا على الزهد في كل السعادة حبا منه في الحقيقة , وان الطريقة الصوفية بما فيها من صور حسية تحجب الحقيقة أكثر مما تكشفها ,والنظر الفلسفي الذي لاتشوبه لذة حسية هو وحده الموصل إلى مشاهدة الله . فضلا عن ذلك الطريقة الصوفية الدينية تمنح الخيال مجالا واسعا وهذه الخيالات تحوي على شوائب الحس فهو جعل من نظرية الاتصال قائمة على أساس التفكير العقلي والذي ينتقل من العامل المادي إلى العالم الإلهي وهذا ماذكرناه في حديثنا عن نظرية الاتصال وكيف يتدرج العقل بالمعرفة وصلا إلى ماهو ألهي.

    السعادة عند ابن باجه:ـ
    من المعروف ان ابن بأجه قسم الأفعال الإنسانية إلى قسمين – قسما بهيميا وقسما إنسانيا والقسم البهيمي هو مايبتني على الحاجة أو على الانفعال ويساق إليه الفرد بأحد هذين العاملين أوبهما . فالفرد إذا اندفع إلى الطعام بدافع من الجوع المحض فانما يعمل عملا بهيميا إذ ان البهيم يقدم على الطعام أو الشراب بدافع الغريزة فقط وليس له غاية وراء الشبع أوالري. وكذلك الانفعال , فان البهيم إذا ترك وشانه لم يؤذ أحدا ولم ينفع أحدا وإذا أسيء إليه أنفعل ضرورة وصدرت منه ردود فعل مختلفة وهو في كل هذا لايفكر بان فعله هذا سيؤدي إلى نتيجة ما حسنة أو سيئة ,ولا بان فعله هذا سينقده على الأقل ان عمله ليس إلا انفعالا طبيعيا يؤدي إلى نتيجة لادخل لإرادته فيها . هذه حال البهم على الحصر , ولذلك يسمى ابن بأجه هذا النوع من الانفعال أفعالا بهيمية سواء صدرت عن بهم أو عن إنسان . فمرد السعادة لايعود إلى هذه الإعمال وإنما إلى الإعمال المقصودة هي التي تؤدي إلى السعادة التي هي سبب الخلود أو طريق الشعور بالخلود على الأصح. وعلى هذا الأساس فالإعمال التي يعملها الإنسان اتفاقا اوهو مكره أو غافل عن حقيقتها جاهل بها , لاقيمة لها والإعمال المقصودة والتي توجب السعادة ويكون بها الخلود ثلاثة أنواع : وهي
    (أ‌) – الإعمال التي بها رفاهية البدن ولذته , كالطعام اللذيذ واللباس الفاخر , ويدخل في ذلك السكر ولعب الشطرنج والعيد والالتذاذ, والذين يعملون هذه الإعمال هم الذين أخلدوا إلى الأرض كما يقول ابن باجة سعادتهم لاتتجاوز مدة فعلهم هذه الأفعال , وليس لهم فضل عند الناس ولاقيمة . ثم ان أمثال هولاء إنما يوجد ونفي أواخر الدول وقبل.انقرا منها ومثل هولاء(المتجملون) وهم الذين يحرصون على ان يعرف عنهم أنهم أغنياء أو مترفون بينما هم فقراء أو مستوردن فقط فنجد احدهم ((يستبطن جزء الآثار (الثوب) الخسيس عما يلي جده ويبرز للناس جزء الدثار (الأحسن) وهولاء أيضا لاسعادة حقيقية لهم ولا خلود.
    (ب‌) – الإعمال التي تحدث انفعالا في النفس من غضب اورضى, ومن سرور أو حزن ومن تردد أو بغض ومن قلق أو اطمئنان وهذه الإعمال نفسها نوعان :ـ
    1- نوع كاذب أي ان الإنسان قد يظهر الرضا وهو غير راضي أو يتظاهر بالحمية والأنفة وهو لايمس في نفسه شيء منها . كهذه الإعمال التي على هذا الشكل تسمى الرياء وهي لاقيمة لها أيضا في السعادة أو الخلود.
    2- نوع صادق أي ان الإنسان يميل في ذلك فعلا إلى فعل الخير والى الإحسان إلى الناس , وإذا أبدى غيره على أمر اوحمية أو سبيل إنسان , أخر كان صادقا . هذا الإنسان يفعل مايفعله عن علم بقيمة مايفعل واعتقاد بصواب مايفعل ((أو انه يفعل طاعة لأمر ديني أو وازع اجتماعي)) فاذا فعل ذلك الإنسان لاعتقاده ان فعله هذا فضيلة , ثم اورثما ذلك خشوعا في قلبه فهو عند ابن باجة من((الذين أجرهم على الله)) وهولاء كلهم لايتناولهم بحث السعادة والخلود عند ابن باجة .
    إما بحث السعادة والخلود عند ابن باجة فيفهم من الطريق التالية :
    لكل إنسان عمران : عمره الجسدي الذي يحياه على هذه الأرض , ثم عمره الثاني اوهو ((تذكر الناس له بعد موته)) والسعادة والخلود في رأي ابن باجة تكون في عمر الإنسان الثاني وهذا هذا نجده بقوله 0(إذا بلغ الإنساني حياته مرتبة صحيحة من العلم أو الحكمة أو الشجاعة أو الكرم , وكان يعرف انه عالم أو حكيم أو شجاع أو كريم , ثم كان يعمل بما يعلم صادقا غير متظاهر بما يعمله رثاء الناس ولا قاصدا جلب منفعة مادية , فانه يشعر حينئذ باطمئنان في نفسه وبادراك كامل لحقيقة الحياة والوجود وهذا هو السعادة)).

    إما الخلود فهو شعور هذا الإنسان قبل موته , ان الإنسان سيظلون يذكرون ذلك منه دهرا طويلا بعد ان يموت يفنى جسده)) فهذا الشعور السابق في الإنسان هو الخلود )) المتعلق بالإنسان . وإما المدة التي يبقى فيها ذكره فهوراء في الناس بعد موته فهو الخلود المتعلق بإعمال ذلك الإنسان .. ويمدح ابن باجة الذكر الحسن بالأخص إذا كان صادقا. وهنا تمكن السعادة عند ابن باجة . وجدير بالذكر انه تكلم عن السعادة التي تتعلق بالمعرفة حيث انه اعتبر النظر العقلي هو السعادة العظمى لان غايته معرفة المعقولات كلها, وابن باجة وان تكلم عن السعادة والخلود الاانه تكلم عنها في حياة الإنسان وبعد مماته عندما تخلد ذكراه عند الآخرين في الدنيا . إما الخلود والسعادة الأخروية فلم يتكلم عنها في مؤلفاته وهذا ماذهب إليه كثيرا من الباحثين والمهتمين بدراسة ابن باجة كفيلسوف من فلاسفة الأندلس.

    أرجو أن ينال هذا الموضوع إعجابكم


    حسين الخزاعي (الفوهرر) من العراق

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 4:27 pm