ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    نقد الحضارة الأوربية الصناعية - فردريك نيتشه نموذجا

    تاج العروبة (الفوهرر)
    تاج العروبة (الفوهرر)
    فيلسوف ثمار الأوراق
    فيلسوف ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 598
    العمر : 40
    الموقع : العراق
    العمل/الترفيه : خريج كليه الاداب - قسم الفلسفة
    المزاج : الارادة مفتاح النصر
    نقاط : 104
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    نقد الحضارة الأوربية الصناعية - فردريك نيتشه نموذجا Empty نقد الحضارة الأوربية الصناعية - فردريك نيتشه نموذجا

    مُساهمة من طرف تاج العروبة (الفوهرر) الخميس سبتمبر 25, 2008 7:32 pm

    نقد الحضارة الأوربية الصناعية - فردريك نيتشه نموذجا


    شهد القرن التاسع عشر وكما هو معروف تطورا كبيراً في الحضارة الأوربية سحرت الكثير من المفكرين و الفلاسفة. في ذلك الوقت. إلا أن فريدريك نيتشه لم يرض بذلك. فقام بنقدها نقداً شديداً وقاسياً لدرجة أن بعض الباحثين قد عده ناقداً أو مقوما للحضارة التي يعيشها. بل عد ستيبان اودويف. نقده للحضارة الأوربية والسايكولوجيا الأخلاقية. الموضوعين الأولين لاهتماماته النظرية.
    وفي الحقيقة أن الحضارة الأوربية في عصر نيتشه كانت انعكاساً وامتداداً لعصر النهضة من جهة غير مباشرة. ولعصر التنوير أو الحداثة بصورة مباشرة. فالحداثة تشير إلى الفترة التاريخية من القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين والتي كانت تسبح في أجوائها مجموعة من الشروط الحضارية والمعتقدات الخاصة بفكر عصر التنوير. مثل الإيمان بالعلم والحقيقة الموضوعية والعقلانية وتوقع التقدم المحتوم في ظل الحركة الرأسمالية ومشاريعها الصناعية. والتي تخللت نشأتها في عصر النهضة هزات عنيفة وتقلبات شديدة على المستويات المجتمعية والسياسية والفكرية. وبعيداً عن نتاجات الحداثة المختلفة فأنه من المهم التأكيد على أن فكرة الحداثة تنطلق دائماً من الثقة بالعقل. وتقوم على حركة أثبات المعقول واستبعاد اللامعقول. كما يمكن أن نعد العلم والتكنولوجيا. من أهم الدعائم التي قامت عليها الحداثة(. حيث يمكن أن نعد التكنولوجيا والآلات والمكتشفات الحديثة. وسائل هذه الحضارة التي بدأت تباشيرها منذ عصر النهضة. الذي وصفه نيتشه "بالعصر التاريخي العظيم". وقد تعرضت الحداثة. بشكل عام. لهجوم شرس من قبل نيتشه في كتابه "ما وراء الخير والشر" الذي صوره فيلسوفنا بأنه "في جوهره نقد للحداثة وللعلوم الطبيعية والفنون الحديثة" التي يزعم البعض أنها جلبت السعادة والرخاء والقوة لإنسان أوربا. فيتعجب نيتشه من اعتقاد البعض أن غاية العلم هي السعادة ودفع الضرر والألم . ويتساءل "ما الذي يقال؟ أن أسمى غاية للعلم هي أن يجلب للإنسان اكبر قدر من اللذة. ويجنبه اقل قدر من الكدر". ويجيب نيتشه على ذلك بقوله: "كيف سيتمكن العلم من ذلك. إذا كانت اللذة والكدر يشكلان عقدة واحدة. لدرجة إن من يريد أن يحصل على أكبر قدر ممكن من اللذة. عليه أن يعاني القدر عينه على الأقل من الكدر". وهذا لا يعني إن نيتشه لا يرى هنالك فرقاً بين اللذة والألم. كما تقول. بصورة خاطئة. سعاد حرب. لأن الألم شي مختلف عن اللذة. مع انه ليس نقيضها. بل أنه. كما يقول نيتشه. "أب للسرور". وليس السرور بعينه. وهذا يعني انه بواسطة العلم يمكن ترجيح الهدف الأول (أي تحصيل اللذة) كما الهدف الثاني (أي اجتناب الكدر). حيث من الممكن أن يجلب العلم قدراً من اللذة كما من الممكن أن يجلب قدراً معيناً أخر من الألم. إلا أن العلم. كما يصوره نيتشه. يُعرف اليوم أكثر بواسطة وسائله العظيمة. وبقدرته على سلب الإنسان أفراحه. وعلى جعله أشد بروداً وأشد شبهاً بتمثال. مما يعني أن فيلسوفنا يرى أن العلم يسلب الإنسان سعادته أكثر من تحقيقه الرخاء. والازدهار. والتطور له. إن نقد نيتشه للمنجزات الحضارية للعلم والهجوم عليه قد تضمن كذلك نقداً لوسائل العلم. فالمنجزات الحضارية. كالتجارة والصناعة. تستتبع في رأيه ضعفاً قاتلاً في الأمم ينتهي بتدميرها.وقد بدأ الهجوم على وسائل العلم (الآلة ). إلا أنه سرعان ما تخطاها إلى التكنولوجيا. ومنها إلى العلم والحضارة العلمية. وطبقاً لموقف نيتشه السلبي من الحضارة ووسائلها العلمية. فأن المشروع الغربي الثقافي يعاني - انسجاماً مع هذا الطرح - من وطأة مشاكله مع التقنية. ويحاول أعادة تأسيس ذاته فيما يتجاوز أخطر وأعلى ما واجهه في تاريخه. وهو انسحاقه تحت منظومة التقنية التي تولف أهم نتاجاته. فالتكنولوجيا تمثل. بالنسبة لنيتشه. تهديداً مستمراً لإنسانية الإنسان بذاته التي فقدها إنسان حضارة الغرب بعد أن "نما فيها الكم على حساب النوع. والإنسان الخارجي. بلغة نيتشه. على حساب الإنسان الداخلي" كما يقول أستاذنا علي حسين الجابري. وبالتالي. سيكون الإنسان في ظل حضارة كهذه. ضحية للآلة التي كان يعطي لها قيمة كبيرة. ومثلما يعتقد فيلسوفنا في كتابه "أرادة القوة". "أن كل حركة إنسانية مثمرة وقوية تخلق في الوقت نفسه حركة عدمية"على حد تعبيره. وأن كل الأمور العظيمة تفسد من تلقاء ذاتها تفسد بفعل التهافت الذاتي. فأن الحضارة التي نعيش فيها. وعلى نحو مشابه. تفسد وتضمحل بواسطة وسائلها. فيقول نيتشه في عبارة رائعة: "أننا في عصر حضارته مهددة بالتدمير من طرق وسائلها هي نفسها "بل أننا نراه يقول. في عصر الحضارة الأوربية الصناعية الضخمة. "إن الحضارة الصناعية. بشكلها الحالي. أحط شكل من أشكال الوجود التي أمكننا أن نراها اليوم". وهو في مقابل ذلك يمجد الحضارة العسكرية. كما يطلق عليها. باعتبارها أرفع بكثير من كل ما يقال له حضارة صناعية. كما أنه في عين الوقت. يعلن سروره وغبطته. حول تطور أوربا العسكري. و يعتقد نيتشه إن ما يرى في المجتمع من التقدم الصناعي بواسطة العلم هو في الحقيقة فقدان في العظمة. فوسائل الحضارة تقود نحو التفكك. وبالضرورة نحو الانحطاط. وهو أمر لا يثير التعجب عند فيلسوف يرى هذه الرؤية القاتمة في ذلك العصر. فقد كانت وساوس الانحطاط (انحطاط العالم والبشر) قد تسلطت على نيتشه. لدرجة أنه كان يقول بصراحة " بأنني الآن المرجع الأعلى في العالم حول موضوع الأنحلال والتهرؤ". فكل القيم التي تلخّص تطلعات البشرية العليا هي قيم انحطاط. سواء كانت علمية أم غيرها. بل أن الامر عند نيتشه أسوء من ذلك بكثير. إذ إن كل شي يسير في رأيه نحو الانحطاط. ونراه يتساءل كعادته في كتابه "هذا هو الإنسان" عن هذا الأمر. فيقول:"أيعقل أن تكون الإنسانية بصدد الانحطاط؟ أم تراها كانت منحطة دوماً "؟. وهو يجيب عن ذلك بقوله: "أن الثابت في الأمر هو أنها ظلّت لا تلقى سوى قيم الانحطاط كقيم أسمى". وإذا كان الأمر على هذا النحو. " فأن حضارتنا الأوربية. والكلام هنا لنيتشه. تتحرك نحو كارثة. مع توتر شديد يتعاظم من عقد إلى آخر باضطراب وتهور وطيش. مثل نهر يسير نحو نهايته. ولا يرغب بالرجوع. بل و يخاف الرجوع. أما بالنسبة لإنسان أوربا. سواء كان الشخص الذي صنع هذه الحضارة أو الذي عاش في كنفها. فنراه كما يصف نيتشه "لا هو بالسعيد ولا هو بمانح السعادة" التي يتوقع البعض أنه سيجنيها من هذه الحضارة. والتي بدورها لم تحقق حتى الآن سوى مثل إنسانية خاطئة. وأصبحت أدواتها عار على البشر الذين يسكنوها أو الذين صنعوها بأيديهم عبر تلك الاكتشافات. ولم يكتف نيتشه بذلك. بل رأى في هذه الحضارة نوعاً من المرض والآفات المعدية بحيث. أنه عند معاشرة الأمم المتحضرة للبرابرة. فأن الحضارة الأدنى تبدأ بتبني آفات وسخافات. وشطط الحضارة الأخرى (أي الحضارة المعاصرة ) فينتهي البربري. بفعل السخافات والآفات المكتسبة. من الحضارة العليا. فهو يعترف بان للبرابرة حضارة أدنى من حضارة أوربا الصناعية كما يسميها بنفسه إلا انه يرى. في الأخيرة. من الآفات والإمراض ما لا يراه في الأولى. ولهذا فأن البربري. في رأيه. عندما يعود إلى الطبيعة فأنه يشفى من الحضارة. التي تعمل كما يقول نيتشه على" ترويض الإنسان الحيواني". وتدجينه. وبالتالي تخليصه من غريزته وإحلال العقل محلها. وهكذا تساهم الحضارة في أفساد البربري. الذي كان نيتشه يرى فيه البشر الأكمل. ويجب التنبيه-أخيراً - إلى ثلاثة نقاط مهمة تتعلق بالموضوع الذي يدور حوله النقاش: الأولى. أن نقد نيتشه للحضارة. قد أنصب على صورة الحضارة الأوربية التي كانت في رأيه من صنع العرق الشمالي. منقوووووول

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 10:10 am