ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    القضايا المشتركة بين النحاة والأصوليين- دراسة مقارنة

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39131
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القضايا المشتركة بين النحاة والأصوليين- دراسة مقارنة Empty القضايا المشتركة بين النحاة والأصوليين- دراسة مقارنة

    مُساهمة من طرف أحمد الثلاثاء يونيو 09, 2015 2:13 am

    القضايا المشتركة بين النحاة والأصوليين- دراسة مقارنة


    نوع الدراسة: PHD
    معد الملخص: جمال عبدالناصر
    البلد: مصر
    الجامعة: القاهرة
    الكلية: دار العلوم
    التخصص: النحو والصرف والعروض
    المشرف: أ.د. محمد حماسة عبداللطيف


    ملخص الرسالة
    العلوم الإسلامية كلُّها مرتبطةٌ ببعضها أيَّما ارتباط، وأيُّ باحث في أيٍّ من هذه العلوم لا بدَّ أن يحيطَ من كلِّ علم بطرَف، وإلاَّ جاء بحثُه ينقصه الكثير، غير أنَّ هناك بعض العلوم تلتقي مع بعضها الْتِقاءً كبيرًا، وتشترك في الأصول والأدوات التي تقوم عليها.

    كذلك الْتقى علمُ النحو مع عِلم أصول الفقه في قواعدَ ومبادئَ مهمَّة، وتحت هذا العنوان "القضايا المشتركة بين النحاة والأصوليين - دراسة مقارنة" تقدَّم الباحث ثروت السيد رحيم بقسم النحو والصرف والعروض بأطروحته للدكتوراه، ونال بها درجةَ الدكتوراه في النحو والصرف والعروض بمرتبة الشرف الأولى.

    وكانتِ الرسالة بإشراف الأستاذ ِالدكتور: محمد حماسة عبداللطيف، العالِم الكبير، والأديبِ الألْمعي، عضوِ مجمع اللغة العربية، وأستاذِ النحو والصرف والعَروض بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور: محمد أحمد عبدالهادي سراج، أستاذِ الدِّراسات الإسلامية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، كمشرف مشارك.

    وناقش هذه الرسالة كلٌّ من الأستاذ الدكتور محمد صلاح الدين مصطفى بكر، عميد كلية دار العلوم الأسْبق بجامعة الفيوم، وأستاذ النحو والصرف والعروض بها، والأستاذ الدكتور أحمد محمد عبدالدايم، وكيل كلية دار العلوم الأسبق، وأستاذ النحو والصرف والعَروض بها.

    وقُدِّر لهذه الرسالة هذا الجمْع الطيب من العلماء الفضلاء ما بيْن دراعمة وأزاهرة؛ ليحدثَ التلاقح الثقافي، والتواصل الفكري، وقُدِّر لها أيضًا أنْ يقوم بها باحثٌ دقيق مِن حَفَظَة كتاب الله تعالى، وممَّن لهم باع في الدعوة إلى الله تعالى، وواحدٌ مِن دعاة المركز الإسلامي بأمريكا، وأحَد تلامذة الأستاذ الدكتور أسامة عبدالعظيم الداعية المعروف، والأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، فهيا بنا نستعرِض ملخص هذه الرسالة كما خطَّه كاتبها.

    من نافلة القولِ: أنَّ علومَ اللغةِ العربيةِ ما قامتْ إلا خدمةً لنصوصِ الشريعةِ الإسلامية، وعلى رأسها كتابُ الله المنزَّلُ (القرآنُ الكريم)، ولا شكَّ أنَّ عِلمَ النحوِ كان أقوى تلك العلوم تأثيرًا في فَهْم هذه النصوص المقدَّسة، وتوجيهِ دَلالاتِها، وتحديدِ معانيها، فقامتْ علاقةٌ حميمةٌ بيْنه وبيْن علوم الشريعة الغرَّاء.

    ولا ريبَ أنَّ علمَ النحوِ وعلمَ أصولِ الفقهِ مِن أخصِّ العلوم التي نشأتْ في رحاب القرآن، فالنحو نشأ منذ بدايته للحِفاظ على لغة القرآن مِن أن يتطرَّقَ إليها لحنٌ، أو يلحقَها تبديل، وأصول الفقه نشأ للحِفاظ على دَلالات القرآن مِن أن يخطئَ في فهمها فقيهٌ، أو يتأولَها على غير وجهها.

    ومهما تخصَّصتِ العلومُ وتباينت؛ فستبقَى بينها - ولا بدَّ -مناطقُ مشتركةٌ، لها طابَع يميِّزها، وهو أنها مختلِطةٌ غيرُ واضحِة المعالِم والحدود، وتلك طبيعتها التي لا تتغيَّر، فتجد في النحو قضايا من عِلم أصول الفقه، وقضايا من عِلم المنطق، وأخرى مِن علوم البلاغة، ورابعةً من عِلم الكلام، وهلمَّ جرًّا، والعكس أيضًا صحيح؛ فلا تخلو كلُّ هذه العلومِ مِن قضايا النحو، بل إنَّه في بعضها شديدُ الصِّلة به، عظيمُ اللُّصوق بقضاياه، كعِلم الفقه وأصوله مثلاً.

    ووجوه التقارُب والتلاقِي بيْن النحو وأصول الفِقه أكثرُ من أن تُحصَى، ويَكفي لتوضيح ذلك من جانبِ الأصوليِّين ما ذكروه هم أنفسُهم أنَّ أحدَ أهمِّ روافدِ عِلمِهم مستمَدٌّ بالأساس مِن علوم العربية، التي كان يجمعها علمُ النحو في تسميته القديمة.

    ويُوضِّحه من جانبِ النحاة ما ذَهَب إليه أكثرُ الباحثين في اللغة أنَّ علم (أصولِ النحوِ) يكادُ يكونُ صورةً أخرى مِن علم (أصول الفقه)، وهذا لا يخفَى على ناظر في العِلمين؛ فالموضوعات هي هي، والتقسيمات هي هي، والمنهجُ وطرائقُ البحْث هي هي، مع فروق طفيفة، فرضتْها طبيعةُ النصِّ المدروس بينها، والهدفُ الجزئيُّ الذي سعَى إليه كل منهما.

    ومما لا يخفَى أنَّ علماءَ الأصول دقَّقوا في فَهْم أشياءَ مِن كلام العرب لم يصلْ إليها النحاة، ولا اللغويون - كما قال الإمام السُّبكي - فإنَّ كلام العرب متَّسِع جدًّا، والنظرَ فيه متشعِّب، فكُتب اللغة تضبط الألفاظَ ومعانيَها الظاهرة، دون المعاني الدقيقةِ التي تحتاج إلى نظرِ الأُصولي، واستقراءٍ زائد على استقراءِ اللغوي.

    مثاله: دلالة صِيغةِ (افعلْ) على الوجوب، و(لا تفعلْ) على التحريم، وكونُ (كُلّ) وأخواتِها للعموم، وما أشبهَ ذلك؛ فلو فتشتَ كتبَ اللغةِ لم تجد فيها شفاءً في ذلك، ولا تعرضًا لِمَا ذَكَرَه الأصوليُّون.

    وكذلك كُتب النحو؛ لو طلبتَ معنى الاستثناء، وأنَّ الإخراج: هل هو قبل الحُكم أو بعدَ الحُكم، ونحوَ ذلك مِن الدقائق التي تعرَّض لها الأصوليُّون، وأخذوها باستقراءٍ خاص مِن كلام العرب، وأدلَّة خاصَّة، لا تقتضيها صناعةُ النحو، فهذا ونحوه مما تكفَّل به أصولُ الفقه.

    فما الذي أضافه علماءُ الأصول إلى النحو عندَما تناولوا بعضَ قضاياه ومسائِله في بحوثهم؟ وما أثَرُ تلك الإضافة على أصول النحو وفروعه؟

    مِن أجل ذلك كان عنوانُ هذا البحث: (القضايا المشترَكة بين النحاة والأصوليين - دراسة مقارنة).

    فهو محاولةٌ للوقوف على الأُطرِ الفِكرية، والأصولِ المنهجية، التي انطلَق منها كلٌّ من النحاةِ والأصوليِّين، فصاغتْ تفكيرَهم، وبنَوا عليها أكبرَ عِلمين أثَّرَا في الثقافة الإسلامية بوجهٍ عام، وهُمَا: علم النحو، وعلمُ أصول الفقه.

    والتقارب الواضِح بيْن النحو وأصول الفِقه قد جذَب اهتمامَ الباحثين المحدَثين للنظر في مقولةِ التأثير والتأثُّر بيْن النحاة والأصوليِّين، وشغلَهم بها، وصرَف جهدهم إليها؛ لِمَا لاحظوه من التشابه الكبير في بحْث قضايا النحو وأصول الفِقه، ولم يحاول أحدٌ - فيما أعلم - أن يقِفَ على الأُطر الفكرية، والأصول المنهجية التي وجَّهتْ عقولَ النحاة والأصوليِّين، وجمعتْ بينهما في القضايا التي عالجوها، ولماذا دَرَسوها؟ وكيف كان درْسُهم لها؟ وما النتائج التي وصَلوا إليها؟ وهل طوَّرتِ العلم وأسهمتْ في تيسيره، أو عوقت مسيرتَه، وعسَّرت سبيله؟

    فرأيتُنا بحاجةٍ إلى تفسير علمي يقوم على تحليلِ الأُطر المشترَكة بينهما، والأصولِ العامَّة التي جعلتْهم ينتجون ما أنتجوا، ويَصلون إلى ما وَصلوا مِن هذا الميراث العِلمي الضخْم، المثقَلِ بالمشكِلات التي تحتاج إلى أدواتٍ جديدة؛ لتحليلها وفَهْم طبيعتها، وإيجادِ مفاتيحَ جديدةٍ لتفسيرِ هذه المشكِلات، أو تقديم حلٍّ لبعضها.

    ذلك هو ما حاولَ هذا البحثُ جاهدًا أن يُسهِمَ فيه من خلالِ النظر في نصوصِ هؤلاء العلماء الأجلاَّء التي سطَروها في كِلاَ العِلمين؛ بغيةَ تحليلِ بعضها، وتقديمِ تفسير مناسِب لمعطياتها، والوقوفِ على الخيوط الأُولى التي أوحَتْ بها إليهم، وما كان لها مِن أثَرٍ في فروع النحو والأصول، وكذلك ما أورثتْه من مشكلات أثَّرَتْ في نظرة العلماء والمتعلمين - على حدٍّ سواء - إلى هذين العِلمين.
    خطة البحث:
    ينبغي في البداية التنبيهُ على أنَّ عِلمَ أصولِ الفقه الذي أنتجَه الأصوليُّون يقابلُ نوعين مِنَ العِلم الذي أنتجه النحاة: الأول: علمُ أصولِ النحو، والثاني: علمُ النحوِ ذاتِه.

    فأصول الفِقه قد جمَع قضايا تشترك مع عِلم أصول النحو، وقضايا أخرى تشترك مع عِلم النحو ذاتِه؛ لذلكَ كانتِ المقارنة على مستوى هذه العلوم الثلاثة، فوقَف أصولُ الفقه في جانب منها، ووقف علمُ النحو وأصولُه في الجانب الآخر.

    ولَمَّا كانتِ القضايا المشتركة بيْن النحوِ وأصولِه وعلمِ أصولِ الفِقه يتنازعها مظهران: الأول: قضايا أصولية، والثاني: قضايا نحوية - استتبع ذلك أنْ ينقسمَ البحث إلى بابين؛ يختصُّ الباب الأول منهما بدِراسة القضايا الأصوليَّة المشترَكة عندَ كلٍّ من النحاة والأصوليِّين، ويختصُّ البابُ الثاني بدراسة القضايا النحوية المشترَكة بيْن الفريقين.

    وفي صَدر الدِّراسة يأتي مدخلٌ يكشف عن قضيتين مهمَّتين بيْن يدي هذا البحْث:
    الأولى: تتناول باختصارٍ مقولةَ التأثير والتأثر بيْن النحاة والأصوليِّين، التي شغلتِ الباحثين، وسحَبوها على كثيرٍ من العلوم التي أنتجتْها البيئة الإسلامية.
    والثانية: تدرس موقِفَ النحاة مِن القضية القديمة الجديدة، وهي قضيةُ الشكل والمضمون، والعَلاقةُ الجدليةُ بينهما، فقدِ اشتُهر أنَّ النحاةَ اهتموا بالشكل على حسابِ المضمون، وأنهم انشغلوا بالإعراب الظاهري، وأهمَلوا الجانب الدَّلالي، أمَّا الأصوليُّون فكان سعيُهم متوجِّهًا من أوَّله إلى آخرِه نحوَ المعنى والدَّلالة.

    وأما الباب الأول، فقدِ اشتمل على تمهيد، وسبعة فصول، اختصَّ كلُّ فصل منها بقضية مِن القضايا الأصولية المشتركة بيْن النحاة والأصوليِّين، فيدرس الفصل الأول قضية: (السماع والنقل) كما يُسمِّيها النحاة، وأو (النص والخبر) كما يسمِّيها الأصوليُّون.

    ويدرس الفصل الثاني قضية: (الإجماع)، ويدرس الفصل الثالث قضية: (القياس)، ويدرس الفصل الرابع قضية: (الاستصحاب)، ويدرس الفصل الخامس قضية: (الاستحسان)، ويدرس الفصل السادس قضية: (التعارض والترجيح)، ويدرس الفصل السابع: (صفات المجتهد) عندَ الفريقين.

    وأما الباب الثاني من البحث - والذي يدرُس القضايا النحْوية المشترَكة باختيار الأصوليِّين لها؛ لأسبابٍ مذكورة بيْن يدي الباب كذلك - فقدِ اشتمل على تمهيد، وسبعة فصول، يدرس الفصلُ الأول منها قضية (أقسام الكلام)، ويدرس الفصل الثاني قضية (أقل الجمع)، ويدرس الفصل الثالث قضية (التوكيد والتابع)، ويتناول الفصل الرابع من هذا الباب (حروف المعاني)، وأما الفصل الخامس؛ فيتناول قضية (الأمر) عندَ الفريقين، ويتبعه في الفصل السادس قضية (النهي).

    وأما الفصل السابع، فيتناول مخصصاتِ العموم عندَ الأصوليِّين، وهي موضوعاتٌ شتَّى عند النحاة، وقد تناولها البحث - جامعًا لها - في خمسة مباحثَ: المبحث الأول يدرس قضية (الاستثناء)، والمبحث الثاني يدرس قضية (الشرط)، والمبحث الثالث يدرس قضية (الصفة)، والمبحث الرابع يدرس قضية (الغاية)، والمبحث الخامس يدرس (مخصصات أخرى عند الأصوليِّين) لم يتَّفقوا عليها، وهي: بدل البعض مِن الكل، والتمييز، والحال، والظرف، والجار والمجرور، والمفعول له، والمفعول معه، وأضاف البحْث إليها مخصِّصًا آخر، وهو النكرة المضافة.

    من أهداف هذا البحث ما يلي:
    أولاً: خِدمة نصوص الشريعة الغرَّاء، وذلك بمساعدةِ الفقيه عن طريقِ إمداده بمجموعة من المفاتيح النحْوية، والأدوات اللغوية التي يعالج بها النصَّ الشرعي؛ بغيةَ تفسيره بطريقة عِلمية صحيحة، واستنباطِ دَلالاته، واستخراجِ معانيه وأحكامِه.
    ثانيًا: الوقوف على المصادرِ والأصول التي اعتمدَ عليها النحاةُ والأصوليُّون، وصاغتْ تفكيرهم، وأثرت فيما أنتجوه مِن مسائلَ وقضايا، وبنوا عليها عِلمَي النحو والأصول، والتي أضحتْ أساسًا، يجب أن يقفَ عليه كلُّ مَن يضطلع بقضايا هذين العِلمين.
    ثالثًا: رصْد الأهداف المشتركة التي سعَى إليها كلٌّ من النحاة والأصوليِّين فيما عالجوه مِن قضاياهم، ومدى اقترابهم منها، أو بُعدهم عنها، ومدَى إسهامها في مسيرة النحو والأصول.
    رابعًا: محاولة الوقوفِ على مناهج البحث، وطُرق التفكير، وأساليب التناول التي استخدمَها النحاةُ والأصوليُّون، وكان لها أكبرُ الأثَر فيما وصَلوا إليه من نتائجَ في كِلا العِلمين.
    خامسًا: تحليل مجموعة مِنَ النصوص التي أنشأها علماءُ النحو والأصول في مجموعة مِنَ القضايا التي تناولوها؛ بغيةَ التعرُّف على الأُطر الثقافية والفنيَّة والوظيفية المشترَكة، التي جمعتْ بينهم، ووجهتْ تفكيرهم، وأثرتْ في إنتاجهم.
    سادسًا: محاولة الربط بيْن الأهداف التي سعَى إليها النحاةُ والأصوليُّون، والنتائج التي وصَلوا إليها، ومدَى ما حقَّقوه مِن نجاح أو إخفاقٍ في ذلك.
    سابعًا: التدرُّب على التحليلِ والمقارنة والاستنباط عن طريقِ إبراز علاقات التشابه والاختلاف، والفرْع والأصل، والعِلَّة والحُكم، والنظرية والتطبيق.

    من النتائج التي توصل إليها البحث ما يلي:
    أولاً: الأصول التي ابتناها النحاة لعلمهم، والتي لاطَف بينها ابنُ جني وأصحابه، وشادَ أركانها الأنباريُّ، وجمَع شتاتَها السيوطيُّ - إنما تخلَّقتْ في عقول الفقهاء أولاً، وضمتْها مِن قَبلُ بطونُ كتبِهم، ثم نقلَها النحاة عنهم إلى حقْلهم.
    ثانيًا: اضطرابُ المصطلحات، واختلاطُ المفاهيم أحيانًا عند كلٍّ من الفريقَيْن، كما حدَث للأصوليِّين في مصطلحي التواتُر والشذوذ في القراءات القرآنية، وكما وقَع للنحاة في ضوابطِ النقل ومقاييس السَّماع.
    ثالثًا: تأثُّر النحاة والأصوليِّين بمباحثِ الفلسفة والمنطق، وعِلْم الكلام، وقد انعكستْ آثار ذلك على كثيرٍ منَ النتائج التي توصَّل إليها كلٌّ منهما، وقد ظهَر هذا التأثُّر في عدَّة مسائل مِن خلال البحْث، كما كان في التقسيمِ الثلاثي للدَّلالة، وفي الإلْحاح على فِكْرة الحدود والتعريفات، والوَلَع بالتقسيمات المنطقية التي لُوحِظتْ بكثرة عندَ الفريقين، وقد بلغتْ هذه الصِّفة ذروتَها في بابِ القياس، الذي يُعدُّ أهمَّ ما أنتجَه الفريقان في التأليف النحوي، والأصولي على حدٍّ سواء.
    رابعًا: لم تخلُ مباحِثُ النحاة والأصوليِّين من التزيُّد والتطويل الذي لا يخدم العِلم، ولا يُفيد المتعلِّم، ولا يثقف العالِم، فوقعتْ لهم عدَّة مسائلَ ينبغي حذفُها مِن عِلمي النحو والأصول.
    خامسًا: لم يتعبَّدِ الأصوليُّون بآراءِ النحاة ومذاهبهم، بل خرَجوا عنها في عدَّة مسائل، واشتقُّوا لهم مذهبًا نحويًّا خاصًّا بهم، إذا رأوا لهذا الخروج تأثيرًا في الأصول والفروع، كما وقَع لهم في قضيةِ "أقل الجمع"، فلا يكاد يُعرَف للنحاة خلافٌ فيها، فكلُّ مَن وقفتُ على كلامه مِن النحاة في هذه المسألة وجدتُه يقول: "إنَّ أقل الجمع ثلاثة"، فالمصير إلى القول بإجماع النحاة على هذا الحُكم غير بعيد، وعلى الرغم مِن ذلك خالفَهم الأصوليُّون.
    سادسًا: اتَّضح مِن خلال الباب الثاني من الدِّراسة الفروعُ الكثيرة التي زادَها الأصوليُّون في القضايا النحويَّة، وليس العجب مِنَ النُّحاة لو زادوا فروعًا في هذه المباحِث، فتِلْك بضاعتُهم رُدَّتْ إليهم، ولكن العجَب مِنَ الأصوليِّين لو فعلوها، وأمثلتها في البحْث كثيرة.
    سابعًا: ظهَر من خلالِ البحث أنَّ النظر الأصولي بدَأ مِن زمن الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - حيث ظهرتْ مقولةُ (الخاص والعام)، وكذلك فكرةُ (المفهوم)، وفكرةُ (القياس) وشرائطُ العمل.

    وقد تكلَّم الصحابة - رضي الله عنهم - في العِلل، وكان ذلك لازمًا لهم؛ لأنَّ كثيرًا من الواقعات لم تندرجْ في النصوص الثابتة، فقاسَها الصحابةُ بما ثبَت، وألْحقوها بما نُصَّ عليه بشروطٍ في ذلك الإلْحاق، تُصحِّح المساواةَ بيْن الشبيهين أو المِثْلينِ، حتَّى يغلبَ على الظن أنَّ حُكمَ الله تعالى فيهما واحِد، وصار ذلك دليلاً شرعيًّا بإجماعهم، إلى غير ذلك من النتائج.

    نسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يبارِكَ في باحثي هذه الأمَّة وعلمائها، وأن يجعلَ أبناء المسلمين في طليعةِ رُوَّاد البحث العلمي، إنه سبحانه وليُّ ذلك، والقادر عليه.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/library/0/24754/#ixzz3cYCeKlDJ

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13, 2024 1:30 am