ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    حرمة الدماء فى شريعة الإسلام

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    حرمة الدماء فى شريعة الإسلام Empty حرمة الدماء فى شريعة الإسلام

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد مايو 03, 2015 2:04 pm

    حرمة الدماء فى شريعة الإسلام
    إعداد/ د: أحمد عرفة
    معيد بجامعة الأزهر

    بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

    إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبعد:

    فإن من الأسس العظيمة التى قام عليها التشريع الإسلامي تحقيق مصالح العباد جميعاً والحفاظ عليهم ، من أجل ذلك كانت الضروريات الخمس التى أوصت الشريعة بالحفاظ عليها ورعايتها وهى حفظ الدين ، وحفظ النفس ، وحفظ العرض ، وحفظ المال , وحفظ النسل ، ومن حفظ النفس حفظ الدماء من أن تهدر وتسفك بغير حق فى هذه الأيام التى نرى فيها سفك الدماء بالليل والنهار من أجل تعصب حزبي ، ومن أجل تصارع على المناصب والسلطات ، يقتل بسبب ذلك خلق كثير من أجل ذلك كان لابد من إرشاد الجميع إلى خطورة هذا الأمر وذلك من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .

    أولاً: حرمة الدماء فى القرآن الكريم :
    قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)([1]).
    وقال تعالى فى صفات عباد الرحمن : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا(68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70))([2]).
    وقال تعالى:( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32))([3]).

    قال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله:
    وجعل قتل النفس الواحدة كقتل جميع الناس مبالغة في تعظيم أمر القتل الظلم وتفخيما لشأنه أي كما أن قتل جميع الناس أمر عظيم القبح عند كل أحد فكذلك قتل الواحد يجب أن يكون كذلك فالمراد مشاركتهما في أصل الاستعظام لا في قدره إذ تشبيه أحد النظيرين بالآخر لا يقتضي مساواتهما من كل الوجوه وأيضا فالناس لو علموا من إنسان أنه يريد قتلهم جدوا في دفعه وقتله فكذا يلزمهم إذا علموا من إنسان أنه يريد قتل آخر ظلما أن يجدوا في دفعه وأيضا من فعل قتلا ظلما رجح داعية الشر والشهوة والغضب على داعية الطاعة ومن هو كذلك يكون بحيث لو نازعه كل إنسان في مطلوبه وقدر على قتله قتله ونية المؤمن في الخيرات خير من عمله كما ورد فكذلك نيته في الشر شر من عمله فمن قتل إنسانا ظلما فكأنما قتل جميع الناس بهذا الاعتبار([4]).

    وقال ابن عباس رضي الله عنهما: من قتل نبيا أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعا ومن شد عضد أحد فكأنما أحيا الناس جميعا .

    وقال مجاهد رحمه الله: من قتل نفسا محرمة يصلى النار بقتلها كما يصلاها لو قتل الناس جميعا ومن أحياها أي من سلم من قتلها فكأنما سلم من قتل الناس جميعا .

    وقال قتادة رحمه الله: أعظم الله أجرها وأعظم وزرها أي من قتل مسلما ظلما فكأنما قتل الناس جميعا في الإثم لأنهم لا يسلمون منه ومن أحياها وتورع عن قتلها فكأنما أحيا الناس جميعا في الثواب لسلامتهم منه.

    وقال الحسن رحمه الله: فكأنما قتل الناس جميعا أي أنه يجب عليه من القصاص ما يجب عليه لو قتل الكل ومن أحياها أي عفا عمن له عليه قود فكأنما أحيا الناس جميعا([5]).

    ثانياً: حرمة الدماء فى السنة النبوية :
    عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ، ما لم يصب دما حراما "([6]).
    ، عن البراء بن عازب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق " ([7]).
    عن أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج - وهو القتل القتل - حتى يكثر فيكم المال فيفيض" ([8]).
    عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات " ، قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"([9]) .
    عن عبد الله بن عمر ، قال : " إن من ورطات الأمور ، التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها ، سفك الدم الحرام بغير حله "([10]) .
    عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب ، هذا قتلني ، فيقول الله له : لم قتلته ؟ فيقول : قتلته لتكون العزة لك ، فيقول : فإنها لي . ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : إن هذا قتلني ، فيقول الله له : لم قتلته ؟ فيقول : لتكون العزة لفلان ، فيقول : إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه "([11]).
    عن أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل ، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل "([12]).
    عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دما ، يقول : يا رب ، قتلني هذا ، حتى يدنيه من العرش " " قال : فذكروا لابن عباس ، التوبة ، فتلا هذه الآية : ومن يقتل مؤمنا متعمدا ، قال : " ما نسخت هذه الآية ، ولا بدلت ، وأنى له التوبة "([13]).
    عن سالم ، سئل ابن عباس عن رجل قتل مؤمنا ، ثم تاب وآمن وعمل صالحا ، ثم اهتدى ، قال : ويحك ، وأنى له الهدى ، سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم ، يقول : " يجيء المقتول متعلقا بالقاتل ، يقول : يا رب ، سل هذا فيم قتلني ؟ " والله لقد أنزلها الله عز وجل على نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وما نسخها بعد إذ أنزلها ، قال : ويحك ، وأنى له الهدى ؟ *([14]).
    عن ابن عباس ، أنه سأله سائل فقال : يا أبا العباس ، هل للقاتل من توبة ؟ فقال ابن عباس كالمتعجب من شأنه : ماذا تقول ؟ فأعاد عليه المسألة ، فقال له : ماذا تقول ؟ مرتين أو ثلاثا ، ثم قال ابن عباس : أنى له التوبة ؟ سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : " يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه ، متلببا قاتله بيده الأخرى يشخب أوداجه دما ، حتى يأتي به العرش ، فيقول المقتول لله : رب هذا قتلني ، فيقول الله عز وجل للقاتل : تعست ، ويذهب به إلى النار " *([15]).
    عن ابن سيرين ، سمعت أبا هريرة ، يقول : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم :
    " من أشار إلى أخيه بحديدة ، فإن الملائكة تلعنه ، حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه "([16]).

    قال الإمام النووي رحمه الله:
    فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه وقوله صلى الله عليه و سلم وإن كان أخاه لأبيه وأمه مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم فيه ومن لا يتهم وسواء كان هذا هزلا ولعبا أم لا لأن ترويع المسلم حرام بكل حال ، ولأنه قد يسبقه السلاح كما صرح به في الرواية الأخرى ، ولعن الملائكة له يدل على أنه حرام ([17]).
    عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
    " من حمل علينا السلاح فليس منا "([18]).

    قال ابن دقيق العيد رحمه الله:
    قوله: (حمل السلاح) : يجوز أن يراد به ما يضاد وضعه ويكون ذلك كناية عن القتال به وأن يكون حمله ليراد به القتال ودل على ذلك قرينة قوله عليه السلام: "علينا" ويحتمل أن يراد به ما هو أقوى من هذا وهو الحمل للضرب فيه أي في حالة القتال والقصد بالسيف للضرب به وعلى كل حال فهو دليل على تحريم قتال المسلمين وتغليظ الأمر فيه.
    و قوله: "فليس منا": قد يقتضي ظاهره الخروج عن المسلمين لأنه إذا حمل"علينا" على أن المراد به المسلمون كان قوله: "فليس منا" كذلك ، وقد ورد مثل هذا فاحتاجوا إلى تأويله كقوله عليه السلام: "من غشنا فليس منا" ، وقيل فيه: ليس مثلنا أو ليس على طريقتنا أو ما يشبه ذلك ([19]).

    وقال الإمام الصنعاني رحمه الله:
    قوله صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا" أي من حمله لقتال المسلمين بغير حق كني بحمله عن المقاتلة إذ القتل لازم لحمل السيف في الأغلب ويحتمل أنه لا كناية فيه وأن المراد حمله حقيقة لإرادة القتال ويدل له قوله:(علينا) وقوله:(فليس منا) المراد ليس على طريقتنا وهدينا فإن طريقته صلى الله عليه وسلم نصر المسلم والقتال دونه لا ترويعه وإخافته وقتاله ، وهذا في غير المستحل فإن استحل القتال للمسلم بغير حق فإنه يكفر باستحلاله المحرم القطعي والحديث دليل على تحريم قتال المسلم والتشديد فيه ، وأما قتال البغاة من أهل الإسلام فإنه خارج من عموم هذا الحديث بدليل خاص([20]).

    قال الإمام النووي رحمه الله:
    قاعدة مذهب أهل السنة والفقهاء أن من حمل السلاح على المسلمين بغير حق ولا تأويل ولم يستحله فهو عاص ولا يكفر بذلك فإن استحله كفر فأما تأويل الحديث فقيل هو محمول على المستحل بغير تأويل فيكفر ويخرج من الملة وقيل معناه ليس على سيرتنا الكاملة وهدينا.
    وكان سفيان بن عيينة رحمه الله: يكره قول من يفسره بليس على هدينا ويقول: بئس هذا القول يعنى بل يمسك عن تأويله ليكون أوقع فى النفوس وأبلغ فى الزجر والله أعلم([21]).

    وقال الإمام النووي رحمه الله:
    قوله : (فليس منا) : معناه عند أهل العلم أنه ليس ممن اهتدى بهدينا واقتدى بعلمنا وعملنا وحسن طريقتنا كما يقول الرجل لولده إذا لم يرض فعله لست منى وهكذا القول فى كل الأحاديث الواردة بنحو هذا([22]).
    وعن الأحنف بن قيس ، قال : ذهبت لأنصر هذا الرجل ، فلقيني أبو بكرة فقال أين تريد ؟ قلت : أنصر هذا الرجل ، قال : ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " ، فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال : " إنه كان حريصا على قتل صاحبه "([23]).

    قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله :
    هذا إنما يكون كذلك إذا لم يكونا يقتتلان على تأويل إنما على عداوة بينهما و عصبية أو طلب دنيا أو رئاسة أو علو فأما من قاتل أهل البغي على الصفة التي يجب قتالهم بها أو دفع عن نفسه أو حريمه فإنه لا يدخل في هذه لأنه مأمور بالقتال للذب عن نفسه غير قاصد به قتل صاحبه إلا إن كان حريصا على قتل صاحبه و من قاتل باغيا أو قاطع طريق من المسلمين فإنه لا يحرص على قتله إنما يدفعه عن نفسه فإن انتهى صاحبه كف عنه و لم يتبعه فإن الحديث لم يرد في أهل هذه الصفة فأما من خالف هذا النعت فهو الذي يدخل في هذا الحديث الذي ذكرنا و الله أعلم([24]).
    وعن عبد الله بن عمر ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ، ويقول : " ما أطيبك وأطيب ريحك ، ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والذي نفس محمد بيده ، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ، ماله ، ودمه ، وأن نظن به إلا خيرا "([25]).
    وعن يزيد الرقاشي قال : حدثنا أبو الحكم البجلي ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري ، وأبا هريرة يذكران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار "([26]).

    وانظروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يؤسس لنا قواعد حقوق الإنسان فى الإسلام فى هذا الحديث العظيم والخطبة النبوية الجامعة فى حجة الوداع فى الحديث الذى أخرجه البخاري فى صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال : " يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ " ، قالوا : يوم حرام ، قال : " فأي بلد هذا ؟ " ، قالوا : بلد حرام ، قال : " فأي شهر هذا ؟ " ، قالوا : شهر حرام " ، قال : " فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا " ، فأعادها مرارا ، ثم رفع رأسه فقال : " اللهم هل بلغت ، اللهم هل بلغت - قال ابن عباس رضي الله عنهما : فو الذي نفسي بيده ، إنها لوصيته إلى أمته ، فليبلغ الشاهد الغائب ، لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض "([27]).

    حرمة دماء غير المسلم فى الشريعة الإسلامية
    من عظمة الشريعة الإسلامية أن حرمة الدماء ليست قاصرة على المسلمين فحسب بل تشمل كذلك غير المسلمين من المعاهدين والذميين والمسـتأمنين حرم الإسلام الاعتداء عليهم وذلك فى أحاديث كثيرة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم منها:
    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما([28]).
    وعن أبي بكرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل معاهدا في غير كنهه ، حرم الله عليه الجنة "([29]).

    وعن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما "([30]).
    كان هذه بعض الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على حرمة الدماء وكيف أن هذا الدين الإسلامي الحنيف حافظ عليها من أن تسفك بغير حق نسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين .

    والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل

    للتواصل مع الكاتب
    01119133367
    Ahmedarafa11@yahoo.com


    -------------------------------
    ([1])سورة النساء : الآية : 93 .
    ([2])سورة الفرقان : الآيات : 68-70 .
    ([3])سورة المائدة : الآية: 32 .
    ([4])الزواجر عن اقتراف الكبائر : جـ2 صـ692 .
    ([5])الزواجر عن اقتراف الكبائر : جـ2 صـ692 وما بعدها .
    ([6])صحيح البخاري - كتاب الديات- باب قول الله تعالى : ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم - حديث:‏6483‏ .
    ([7]) سنن ابن ماجه - كتاب الديات- باب التغليظ في قتل مسلم ظلما - حديث:‏2615‏ وصححه الألباني فى صحيح سنن ابن ماجة حديث رقم 2668 .
    ([8])صحيح البخاري - كتاب الجمعة- أبواب الاستسقاء - باب ما قيل في الزلازل والآيات- حديث:‏1002‏
    ([9])صحيح البخاري - كتاب الوصايا- باب قول الله تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما - حديث:‏2634‏ .
    ([10]) صحيح البخاري - كتاب الديات- باب قول الله تعالى : ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم - حديث:‏6484‏ .
    ([11])السنن الصغرى - كتاب تحريم الدم- تعظيم الدم - حديث:‏3953‏ وصححه الألباني فى صحيح سنن النسائي حديث رقم 4008 .
    ([12]) صحيح مسلم - كتاب الفتن وأشراط الساعة- باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل - حديث:‏5286‏ .
    ([13]) سنن الترمذي الجامع الصحيح - الذبائح- أبواب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - باب : ومن سورة النساء- حديث:‏3038‏ وصححه الألباني فى صحيح سنن الترمذي حديث رقم 3029 .
    ([14]) مسند أحمد بن حنبل - ومن مسند بني هاشم- مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب - حديث:‏1888‏
    ([15]) المعجم الكبير للطبراني - من اسمه عبد الله- وما أسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما - نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس- حديث:‏10552‏ وصححه الألباني فى صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم 2447 .
    ([16])صحيح مسلم - كتاب البر والصلة والآداب- باب النهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم - حديث:‏4848‏
    ([17])شرح النووي على مسلم : جـ16 صـ170 .
    ([18])صحيح البخاري - كتاب الديات- باب قول الله تعالى : ومن أحياها - حديث:‏6494‏ .
    ([19])إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام : 1 صـ501 وما بعدها طبعة مؤسسة الرسالة – بيروت -1426- 2005م .
    ([20])سبل السلام : جـ3 صـ258 طبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة - الطبعة : الرابعة 1379هـ/ 1960م .
    ([21])شرح النووي على مسلم : جـ2صـ108 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت
    الطبعة الثانية ، 1392 .
    ([22])شرح النووي على مسلم : جـ1 صـ109 .
    ([23])صحيح البخاري - كتاب الإيمان- باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فسماهم المؤمنين - حديث:‏31‏ .
    ([24])الكبائر : للإمام الذهبي صـ12 .
    ([25])سنن ابن ماجه - كتاب الفتن- باب حرمة دم المؤمن وماله - حديث:‏3930‏ وصححه الألباني فى صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم 2441 .
    ([26])سنن الترمذي الجامع الصحيح - أبواب الجنائز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- أبواب الديات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - باب الحكم في الدماء حديث:‏1355‏وصححه الألباني فى صحيح سنن الترمذي حديث رقم 1398 .
    ([27])صحيح البخاري - كتاب الحج باب الخطبة أيام منى - حديث:‏1662‏ .
    ([28])صحيح البخاري - كتاب الجزية- باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم - حديث:‏3011‏ .
    ([29]) سنن الدارمي - ومن كتاب السير- باب : في النهي عن قتل المعاهد - حديث:‏2461‏ وصححه الألباني فى صحيح الجامع حديث رقم 6456 .
    ([30]) السنن الكبرى للنسائي - كتاب القسامة- تعظيم قتل المعاهد - حديث:‏6743‏ وصححه الألباني فى صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم 2452 .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    حرمة الدماء فى شريعة الإسلام Empty رد: حرمة الدماء فى شريعة الإسلام

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد مايو 03, 2015 2:05 pm

    عِظَم حرمة دماء المعصومين وأعراضهم وأموالهم
    من المسلمين وغيرهم[1]

    الخطبة الأولى
    إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد: فيا أيها الناس:
    ﴿ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ﴾ [لقمان: 33].

    عبادَ الله:
    إن الله تعالى حرم دماء المسلمين، وأعراضهم، وأموالهم، وحرم سبحانه وتعالى دماء المعاهدين، والذميين، والمستأمنين من الكفار وأعراضهم وأموالهم، وهذا التحريم جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الصريحة.

    • قال الله تعالى: ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93] فمن كان يرجو الله، ويخشاه، ويخاف عقابه، ولعنته، وغضبه، وعذابه والخلود في ناره، فليبتعد عن كل سبب يوصله إلى الوقوعِ في هذه الجريمة القبيحة، نسأل الله العفو والعافية.

    • والله تعالى قد حكم على من قتل نفساً بغير حق بحكم عظيم تقشعر منه الجلود المؤمنة وتخشع له القلوب الموقنة فقال سبحانه وتعالى: ﴿...مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

    • وقرن سبحانه وتعالى قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق بالشرك بالله تعالى، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70] .

    • وبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أن دم المسلم لا يحل إلا بإحدى ثلاث، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثّيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" [متفق على صحته].

    • وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل الرجل المسلم أعظم من زوال الدنيا بأكملها، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لزوال الدنيا أهونُ على الله من قتل رجلٍ مسلمٍ" [رواه الترمذي، والنسائي]، ولفظ النسائي: "والذي نفسي بيده لقتلُ مؤمنٍ أعظم عند الله من زوال الدنيا"[2]. ورواه ابن ماجه من حديث البراء - رضي الله عنه - بلفظ: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق"[3].

    • ولعظم حرمة الدماء قرن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل المسلم بالكفر، فقال من حديث معاوية رضي الله عنه، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كلُّ ذنبٍ عسى اللهُ أن يغفره، إلا الرجل يقتلُ المؤمن متعمداً، أو الرجلُ يموتُ كافراً" [رواه النسائي][4].

    • ولجرمِ وقبحِ وشناعةِ وفحشِ قتل المسلم، وعظم حرمته بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن أهل السماوات والأرض لو اشتركوا في قتله لعذبهم جميعاً في النار، فعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأكبهم الله في النار" [رواه الترمذي][5].

    • ومما يؤكد حرمة الدماء المعصومة وظلم من تعدَّى عليها حديث عبدالله - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُقتلُ نفسٌ ظلماً إلا كان على ابن آدم الأوَّل كِفلٌ من دَمِها؛ وذلك أنه أوَّلُ مَنْ سنَّ القتْلَ" [رواه النسائي][6].

    • ولشناعة حرمة الدماء أنها أول ما يقضى فيه يوم القيامة، فعن عبد الله - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأوّلُ ما يقضى بين الناس في الدماء" [رواه النسائي والترمذي وابن ماجه واللفظ للنسائي] ولفظ الترمذي: "إن أول ما يُحكم بين العباد في الدماء"[7] ورواه البخاري بلفظ: "أول ما يقضى بين الناس في الدماء"[8].

    • "والمقتول ظلماً يجيء بقاتله يوم القيامة ناصيته ورأسُهُ في يده متعلقاً بالقاتل، وأوداجه تَشْخَبُ دماً، يقول: يا ربِّ سل هذا فيما قتلني" [رواه النسائي بألفاظ، وابن ماجه][9].

    • والمؤمن لا يزال في سعة من دينه ما لم يصب دماً حراماً؛ فإذا فعل ذلك ضاق عليه دينه، ويكون في ضيق بسبب ذنبه العظيم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال المؤمنُ في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصب دماً حراماً" [رواه البخاري][10].

    • وسفك الدم الحرام بغير حق يوقع في الهلال، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "إن من وَرَطات الأمورِ التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سَفْكَ الدَّم الحرام بغير حلِّه" [رواه البخاري][11].

    والمسلم يحرم دمه، وماله، وعرضه، وبشرته؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع "إن دماءكم، وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا..." [رواه مسلم][12] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل وفيه: "... بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه" [رواه مسلم][13].

    فيا عبد الله ابتعدوا عن الوقوع في هذه الجريمة العظيمة، والذنب الكبير، فإنها من السبع الموبقات المهلكات التي حذركم عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اجتنبوا السبع الموبقات" قيل يا رسول الله وما هنّ؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" [متفق عليه][14].

    واعلموا رحمكم الله أنه يدخل في تحريم سفك الدم الحرام قتل النفوس المعصومة: من المعاهدين من الكفار، والذميين، والمستأمنين، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل معاهداً لم يَرَحْ رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً" [رواه البخاري][15].

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    الخطبة الثانية
    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    عباد الله:
    اتقوا الله تعالى وابتعدوا عن كل وسيلة توصل إلى سفك الدماء المعصومة المحترمة امتثالاً لأمر الله تعالى وانتهاءً عما نهاكم عنه؛ فإن من انتهك الدماء المعصومة فقد تعرض لغضب الله وسخطه، وعقابه، ولعنته، أسأل الله لي ولكم العفو والعافية في الدنيا والآخرة. هذا والله أسأل أن يصلّي ويسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأن يرضى عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحابه أجمعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة، وأصلح بهم العباد والبلاد، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، واغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

    عباد الله:
    ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

    [1] خطبة يوم الجمعة، 4/3/1425ه‍ بجامع الفاروق بإسكان القوات المسلحة.
    [2] ت برقم 1395، ن برقم 3997، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/101، وفي صحيح النسائي، 3/73.
    [3] ابن ماجه، برقم 2138-2668، وصححه الألباني.
    [4] ن، برقم 3995، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/73، وفي الصحيحة برقم 511.
    [5] ت برقم 1398، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/103.
    [6] ن، برقم 3996، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/73.
    [7] ن، برقم 4002، و ت برقم 1396، وصححه الألباني، في صحيح النسائي، 3/74، وفي صحيح الترمذي، 2/102.
    [8] البخاري برقم 6864.
    [9] ن، برقم 4009، 4010، 4016، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/76-78.
    [10] البخاري برقم 6862.
    [11] البخاري برقم 6863.
    [12] مسلم، برقم 1218.
    [13] مسلم، برقم 2564.
    [14] البخاري، برقم 2766، ومسلم برقم 90.
    [15] البخاري، برقم 3166، ورقم 6914.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/62170/#ixzz3Z6kZC29y
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    حرمة الدماء فى شريعة الإسلام Empty رد: حرمة الدماء فى شريعة الإسلام

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد مايو 03, 2015 2:07 pm

    حرمة سفك الدماء
    الخطبة الأولى:
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، في السماء ملكه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر عظمته، وفي الجنة رحمته، وفي النار سطوته، وفي كل شيء آيته وحكمته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة، وكشف الله به الغمة، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
    أما بعد:
    فاتقوا الله عباد الله! وعظموا أمره، واشكروا نعمه، وحافظوا على فرائضه، واجتنبوا معاصيه.
    عباد الله! إن توفر الأمن ضرورة من ضرورات الحياة، قد تفوق ضرورة الغذاء والكساء، بل إنه لا يستساغ طعام إذا فُقد الأمان، والأمان في حقيقته ومعناه لا يكون إلا مع الإيمان، والسلام في ماهيته لا يكون إلا مع الإسلام، قال الله - تعالى-:{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} الأنعام (82).
    ومن دخل في الإسلام فقد دخل في دائرة الأمن والأمان، قال عليه الصلاة والسلام: "من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله – عز وجل".
    أيها المسلمون! إننا وفي هذه الأزمنة المتأخِّرة التي أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم-:أن فيها يكثر الهَرْج قالوا: يا رسول الله وما الهرج؟ قال:" القتل" وهذا ما قد رأيناه واقعاً في حياة كثير من المسلمين – والعياذ بالله- فلقد سمعنا وقرأنا في كثير من وسائل الإعلام عن انتشار مثل هذه الظاهرة الخطيرة – ألا وهي القتل والاقتتال وسفك الدماء بدون حق، فلربما قتل الجارُ جارَهُ لأتفه الأسباب، ولربما قتل الأبُ ابنه لأنه لم يمتثل أوامره والابن أباه- والعياذ بالله - ولربما قتل المسلم أخاه المسلم على قطعة من الأرض، ولربما قتل...- ولا حول ولا قوة إلا بالله-.
    أمة الإسلام! لتعلموا أن الله – عز وجل- أكرم عبده المؤمن أيما إكرام، فلقد جعل له حرمة عظيمة، ومكانة عالية، وحرم التعرض له بأي نوع من أنواع الأذى، فقال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه". فكما أنه لا يحل إيذاء المسلم في عرضه بالانتهاك والانتقاص وغير ذلك، فكذلك لايحل سفك دمه وإهراقه بغير إذن شرعي ولا التسبب في ذلك، بل إن دم المسلم من أعظم وأجل ما ينبغي أن يُصان ويُحفظ، قال القرطبي- رحمه الله-: والدماء أحق ما احتيط لها؛ إذ الأصل صيانتها في أهبها، فلا نستبيحها إلا بأمرٍ بين لا إشكال فيه.
    وتعظيماً لأمر قتل النفس بغير حق، وبياناً لشدة خطره، والتحذير منه، وتوعد من أقدم عليه، جاءت الآيات الكريمات، والأحاديث الصحيحات بالنهي عن ذلك، قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} النساء (93) قال الإمام العلامة السعدي- رحمه الله-: وذكر هنا وعيد القاتل عمداً وعيداً ترجف له القلوب، وتنصدع له الأفئدة، وينزعج منه أولو العقول، فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد، بل ولا مثله، ألا وهو الإخبار بأن جزءاه جهنم، أي فهذا الذنب العظيم قد انتهض وحده أن يجازى صاحبه بجنهم بما فيها من العذاب العظيم، والخزي المهين، وسخط الجبار، وفوات الفوز والفلاح، وحصول الخيبة والخسار، فيا عياذاً بالله من كل سبب يُبعد عن رحمته...
    وقال تعالى في وصف عباده المتقين: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} الفرقان(68-69-70).
    فقرن قتل النفس بغير حق بالشرك به، وذلك بياناً لعظم هذا الذنب.
    وأخبر جل وعلا أن مما حرمه على عباده قتل النفس بغير حق، قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}الأنعام 151.
    وقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}المائدة (32) قال ابن عباس – رضي الله عنه -: {من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}. فإحياؤها لا يقتل نفساً حرمها الله، فذاك أحيا الناس جميعاً، يعني أنه من حرم قتلها إلا بحق حيي الناس منه جميعاً. رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم، ووصله الطبري وابن أبي حاتم.
    وقال سعيد بن جبير: مَن استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعاً، ومن حرَّم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعاً.
    وعن سليمان بن علي الربعي قال: قلت للحسن: من أ جل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس .. } الآية أهي لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال: أي والذي لا إله غيره؛ كما كانت لبني إسرائيل، وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا.
    وقال – صلى الله عليه وسلم -: " أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" رواه البخاري ومسلم.
    أيها المسلمون! لقد أكد نبيكم – صلى الله عليه وسلم – في خطبته المشهورة – حرمة سفك دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم فعن أبي بكرة – رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر فقال: " أي يوم هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: " أليس ذو الحجة؟" قلنا: بلى، قال: "أتدرون أي بلد هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أن سيسميه بغير اسمه، فقال: "أليس بالبلدة؟" قلنا: بلى، قال: " فإن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا، وفي شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟" قالوا: نعم، قال: "اللهمّ اشهد، ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغٍ أوعى من سامع، ألا فلا ترجعُن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" رواه البخاري ومسلم. وقد جاء أيضاً من حديث ابن عباس وابن عمر في البخاري، وعند مسلم من حديث جابر.
    وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال:" اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال:" الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق..." رواه البخاري ومسلم.
    وعن ابن عمر – رضي الله عنهما- عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:" مَن حمل علينا السلاح فليس منا" رواه البخاري ومسلم.
    وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة" رواه البخاري ومسلم.
    أمة محمد – صلى الله عليه وسلم -! لقد نظر ابن عمر إلى الكعبة حيث الجمال والجلال والكمال والهيبة والحرمة فقال: ما أعظمك! وما أشد حرمتك، ووالله للمسلم أشد حرمة عند الله منك.
    وقال ابن عمر: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله. رواه البخاري.
    وعند البخاري - أيضاً - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً".
    وأعظم من ذلك كله ما جاء عند أحمد والترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله علبه وسلم قال:" يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني حتى يدنيه من العرش".فماذا عسى أن يكون الجواب عند سؤال رب الأرباب ؟!!.
    وعن عبد الله بن مسعود - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يجيء المقتول متعلقاً بقاتله يوم القيامة آخذاً رأسه بيده، فيقول: يا رب! سل هذا فيم قتلني؟ قال فيقول: قتلته لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له بؤ بإثمه، قال: فيهوى في النار سبعين خريفاً".
    فإياك قتل النفس ظلماً لمؤمن *** فذلك بعد الشرك كبرى التفسد
    كفى زاجراً عنه توعدُ والتقى *** بنفي متاب القاتل المتعمد
    أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين والمؤمنات من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
    الخطبة الثانية:
    الحمد لله العلي الأعلى، قدر فهدى، وأخرج المرعى، والصلاة والسلام على خير الورى، وآله وصحبه مصابيح الدجى، وعلى التابعين لهم بإحسان ما غسق ليل ودجى، وهطل مطر وجرى.
    وبعد:
    عباد الله! ولقد انتشر في الآونة الأخيرة ما يُسمَّى بالانتحار؛ وذلك لأتفه الأمور وأحقرها، والله – عز وجل- حرم ذلك فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا}النساء (29- 30)
    وقال صلى الله عليه وسلم:" من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّب يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم.
    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: " من تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسَّى سماً فقتل نفسه فسمه يتحسَّاه في نار جهنم خالداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديد ته في يده يجأ بها في بطنه في نار جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً" رواه البخاري ومسلم.
    أمة القرآن! وبعد هذا السرد الطويل لآيات القرآن الكريم، وأحاديث سيد المرسلين، وأقوال الأئمة المهديين، فإن دم المسلم وانتهاك حرمته، وارتكاب جريمة القتل لها مضار كثيرة جداً، نلخصها من كتاب ربنا وسنة نبيناً، وأولها: أن في قتل المسلم بغير حق – اعتداء على المجتمع كله.
    ثانياً: أن القتل وسفك دم الأبرياء مجلبة لسخط الرب – تعالى-.
    ثالثا: أن من سفك دم بريء متعمداً، فقد أوجب الله له النار، خالداً فيها – والعياذ بالله-.
    رابعاً: أن القتل كبيرة من كبائر الذنوب.
    خامساً: أن المنتحر - قاتل نفسه- من أهل النار.
    سادساً: أن من حمل السلاح على المسلمين عَدَّه النبي – صلى الله عليه وسلم – ليس من المسلمين.
    سابعاً: أن المسلم في سعة، فإذا ما أصاب دماً حراماً فقد ضيَّق على نفسه في الدنيا والآخرة.
    ثامناً: أن حرص المسلم على قتل أخيه يجعله في النار؛ حتى وإن لم يقتله فعلاً.
    تاسعاً: أن سفك دم المسلمين، والاقتتال بينهم عادة من عادات الجاهلية التي نهانا الإسلام عنها.
    فالحذر الحذر عباد الله! من التساهل في حرمات الله وحرمات خلقه، والبعد كل البعد عن الأقوال والأفعال والنيات التي تغضب الله – عز وجل-.
    أمة الإسلام! ألا هل من معتبر ومتعظ بما حصل في دول حيث فُقد الأمان وحملت البندقية على الإخوان، فسُفكت الدماء البريئة، وهُتكت الأعراض المصونة، واقتُحمت المنازل، وبُقرت بطون الحوامل، وقُتلت الأطفال، وحصل السلب والنهب، والفرقة والاختلاف، والخوف والاضطراب، بعد أن كانوا إخوة آمنين، مقبلين على ربهم، معافين في أهليهم وأبدانهم، فحلَّ بهم ما حلَّ بسبب سفك الدماء، واستطالة المسلم على عرض أخيه المسلم- والعياذ بالله-.
    اللهم!ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، ووفقنا لامتثال أمرك، واجتناب نهيك. اللهم! يا من لا تضره المعصية، ولا تنفعه الطاعة أيقظنا من غفلتنا، ووفقنا لمصالحنا، واعصمنا من قبائحنا، ولا تؤاخذنا بما انطوت عليه ضمائرنا من أنواع القبائح والمصائب التي تعلمها منا.
    اللهم! وفقنا لتعظيم حرماتك، وارزقنا برك وإحسانك، وعمنا جميعاً بفضلك ورحمتك.
    اللهم!وفقنا لقول الحق واتباعه، وخلصنا من وساوس قلوبنا الحاملة على التورط في هوة الباطل وابتداعه، واجعل إيماننا إيماناً خالصاً صادقاً، وكن لنا مؤيداً وناصراً، ولا تجعل لفاجر علينا يداً، واجعل عيشنا عيشاً رغداً، ولا تشمت بنا عدواً ولا حاسداً، وارزقنا في محبتك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وعملاً متقبلاً.
    اللهم!عليك باليهود ومن هاودهم والنصارى ومن ناصرهم، والعلمانيين ومن وقف معهم.
    اللهم! اغفر لمن حضر هذه الجمعة ولوالديه، وافتح للموعظة قلبه وأذنيه.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    حرمة الدماء فى شريعة الإسلام Empty رد: حرمة الدماء فى شريعة الإسلام

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد مايو 03, 2015 2:07 pm

    د. يوسف القرضاوي
    روى البخاري ومسلم، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحلُّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيِّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"[1].
    حرَّم الله سبحانه الدماء والأموال والأعراض، وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرمة هذه الثلاثة، في حَجَّة الوداع، على ملأ من المسلمين، حيث يسمعه عشرات الألوف، في هذه البلد الحرام، وفي اليوم الحرام، قال لهم: "إن الله حرَّم عليكم دماءكم وأعراضكم وأموالكم؛ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا" [2]، وقال: "كُلُّ المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله"[3].
    بل إن النبي صلى الله عليه وسلم، طاف بالكعبة وقال لها: "ما أطيبك وأطيب ريحك، وما أعظمكوأعظم حُرمتك! والذي نفسي محمد بيده لحُرمة المؤمن أعظم عند الله حُرمة منك"[4].
    ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: "لو أن أهل السماوات وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبَّهم الله في النار"[5].
    ذلك أن هذا الإنسان بُنيان الله تعالى، ولا يحق لأحد أن يَهْدم هذا البناء، إلا صاحبه وبانيه، وهو الله عز وجل.
    بل ليس للإنسان نفسه حق في أن يَهدم هذا البناء، وأن يَقتل نفسه، ومَن فعل فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: "بَدَرَني عبدي بنفسه، حرَّمتُ عليه الجنة"[6].
    لقد حرَّم الله هذه الدماء، وجعل لها هذه المنزلة، وحرَّمها في سائر شرائعه، وفي كافة رسالاته ودياناته: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة:32].
    لا يجوز أن تُقتل نفس بغير حق ... أي نفس معصومة، صغيرة كانت أو كبيرة، نفس غني أو نفس فقير، نفس أمير أو نفس خفير ... كل نفس، حرَّم الله قتلها ما دامت غير معتدية بالكفر أو بالظلم، {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام:151].
    متى يُهدر دم المعصوم؟
    وقد جاء في الحديث الذي نحن بصدده بيان هذا الحق، الذي يُبيح الدم، ويُبيح قتل النفس، ويُهدر عصمتها ... وذلك في إحدى ثلاث خصال:
    1-الثيب الزاني:
    أي الزاني المُحصَن المُتزوِّج، فمن زنى وهو مُتزوِّج بعد أن عرَف الطريق إلى الحلال الطيب، وعرَف نعمة الله عليه بالزوجية، ونعمة الله عليه بظلِّ الأسرة يظلِّله، بعد أن عرَف ذلك، ثم خان زوجته، أو عرَفت المرأة ذلك، ثم خانت زوجها؛ مَن فعل ذلك فقد استحقَّ الموت.
    استحقَّ الموت رجمًا ... هكذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيمن زنى وهو مُحصَن، أو زنت وهي مُحصَنة ...
    رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجلاً اسمه ماعز، ورجم امرأة من غامد تعرف بالغامدية[7]، ورجم يهوديين[8]، وأمر أحد صاحبه -واسمه- أُنيس أن يرجم امرأة زنت وهي متزوجة -إذا اعترفت بذلك- فاعترفت فرجمها[9] ...
    متى تنزل العقوبة بالزاني المُحصَن؟
    ولكن الإسلام لا يجعل هذه العقوبة إِلا لمَن يعالن بها، ويَفجُر بها جهرة علانية أمام الناس، بحيث يراه أربعة من الشهود، وهو يرتكب الفاحشة رأي العين، علانية بلا استخفاء ولا استحياء ... أو يقرَّ هو على نفسه أربع مرات بأنه زنى، يقرُّ بذلك في مجلسالحكم والقضاء.
    فمَن فعل ذلك، أي اعترف وأقرَّ على نفسه، وكرَّر الإقرار والاعتراف، أو مَن رآه أربعة من الشهود العدول المؤمنين المستقيمين، الذين لا جرح فيهم، ولا عيب في سلوكهم، مَن فعل ذلك فقد استحقَّ الموت رجما ...
    لماذا الشدة في هذه العقوبة؟
    هذا الخائن، وهذا الذي كفر نعمة الله عليه بالزوجية، يستحق أن يُرجم، ويباح دمه ... حتى لا تنتشر الفاحشة، ولا يستشري الفساد، ولا يشيع التحلُّل في المجتمع.
    فهذا هو الإسلام، يعاقب على الزنى، حسب نوعية هذه الفاحشة، وحسب ظروفها.
    فمَن كان عزبًا، لم يعرف الزواج بعد، فعقوبته أن يُجلد مائة جلدة، كما جاء في القرآن: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور:2].
    وقد جاء بيان ذلك في السنة، أي أن المقصود بهذه الآية من الزانية والزاني: مَن لم يكن مُحصَنا.
    وكأن القرآن الكريم يُشير إلى أن المسلم المُحصَن المُتزوِّج ليس من شأنه أن يزني، فلم ينزل في شأنه قرآن، بل تُرك القرآن ذلك، ليُعلِّم الناس وليدلَّ الناس بالإشارة والإيماء على أن هذا أمر لا ينبغي أن يقع فيه المسلم المُحْصَن ... ولكن السنة فسَّرت وبيَّنت ووضَّحت وفصَّلت بالقول وبالعمل: أن مَن زنى وهو مُحصَن فجزاؤه الرجم نكالاً من الله، والله عزيز حكيم.
    الإسلام يحارب الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، لا ترتكب فيه مثل هذه المُوبقات، وإن ارتكبت، ارتكبت على استحياء واستخفاء، بحيث لا يرى أحد ولا يسمع ... فالمعصية إذا استترت لا تضرُّ ... أما إذا استعلنت -كما نرى في بعض البلاد حيث يُرخص للزنى علانية، وللبِغاء جهارا- يُغرى بها بالطرق المختلفة والأساليب المتنوعة، فهذا ما يُحرِّمه الإسلام ويحاربه.
    الإسلام يسد كل الطرق التي تؤدي إلى الزنا:
    لا تظنوا أن الإسلام منع الزنى وحاربه بمجرد الرجم أو الجلد ... ولكن هذه هي الوسيلة الأخيرة التي لا يُغني شيء عنها.
    أما قبل ذلك فقد حارب الإسلام الزنى والفاحشة، بتيسير سُبُل الزواج، وحاربه بتربية الفرد المسلم، على العفَّة والإحصان، وعلى مراقبة الله -عز وجل- وعلى أن يقوِّي إرادته، إما بالصوم أو بالزواج إن استطاع.
    كما حارب الإسلام الفواحش بتطهير المجتمع من أسبابها ودواعيها، التي تدعو إليها، وتغري الناس بها، وتجرِّئهم على ارتكاب الحرام.
    فالكلمة الخليعة، أو الصورة العارية أو شبه العارية، أو الأغنية المثيرة، أو كل ما نرى ونسمع في هذا العصر من أساليب الإغراء، والدعوة إلى الفجور، يُحرِّمه الإسلام ...
    ثم في آخر ذلك إذا وقع الزنى، عاقب عليه الإسلام بالجلد أو بالرجم ..
    2- قتل النفس التي حرم الله:
    ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والنفس بالنفس".
    أي مَن قتل نفسا يُقتل، فإن نفسه ليست أفضل ولا أعظم من نفس غيره، فمَن قتل نفسا فقد أهدر عصمة نفسه، وأهدر حُرمة دمه، ويجب أن يقتصَّ منه، كما قال الله عز وجل: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179].
    لماذا القصاص؟
    إن الأمر إذا تُرك دون قصاص كانت النتيجة أن يتجرَّأ المُعتدون، وأن يثأر أولياء المقتول بأكثر مما اعتُدي عليهم، حتى ينتشر العدوان، ويتسع الخرق، وتزداد النار اشتعالا، ولا يجدون لها ما يطفئها.
    أما الإسلام فقد قرَّر القصاص، وإعدام القاتل، وهو ما يُسمَّى القَود أو القصاص، يقول تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة:178].
    إلغاء عقوبة الإعدام مرفوض:
    ولهذا فإن الذين يدعون إلى إلغاء عقوبة الإعدام للقاتل: هم قوم يخالفون عن دين الله، ذلك لأن القصاص مفروض في الإسلام بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة:178]، كما أن الصوم مفروض في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] ... فالفريضة في كلا الأمرين سواء ... ومن هنا فإن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام خروج عن دين الله، وتعطيل لحكم مفروض من أحكامه ... ومُحادَّة لله ورسوله جهارا علانية ...
    واعجبا لهؤلاء الناس!
    لماذا يرأفون بالقاتل المجرم، ولا يرأفون بالمقتول وأهل المقتول؟ إن الذي يستأصل شأفة الجريمة ويقضي عليها أن يُعاقب فاعلها ... ويُؤخَذ على يده، ويُردع أن يرتكب مثلها، ويُردع غيره -أيضا- أن يقترفوا مثلما اقترف.
    وهذا هو الإسلام ... {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179].
    والثأر مرفوض:
    وإذا كان بعض الناس يدعون إلى إلغاء عقوبة القصاص والإعدام، فهناك آخرون يبالغون في القصاص، ويبالغون في القتل جزاء القتل.
    كان العرب في الجاهلية، إذا قتل واحد من قبيلة، قتلت قبيلته في المقابل اثنين أو أكثر ... ولا يكتفون بالممثالة في القصاص ... وتجدُر الإشارة هنا إلى أن القصاص معناه المساواة ... أي النفس بالنفس، ولكنهم كانوا يغالون.
    وكان الرومان قبل الإسلام لا يقتلون كل نفس بأي نفس، إنما إذا قتل الشريف رجلا من غير الأشراف والنبلاء، فإنه لا يستحقُّ القتل، ولكن إذا قتل رجل من طبقته، فإنه يستحقُّ القتل ...
    وهكذا قسموا الناس طبقات ... ولكل طبقة معيار خاص، وقالوا: إن المسيحية جاءت تقول: إنه لا داعي لمقابلة القتل بالقتل، ودعت إلى العفو: (مَن لطمك على خدك الأيمن فأَدِر له خدك الأيسر)[10].
    وسطية الإسلام حتى في العقوبة:
    ولكن الإسلام جاء بالأمر الوسط، فليس هناك عفو مفروض واجب، وليس هناك قصاص بأكثر من المثل، وبأكثر من المساواة.
    جاءت الشريعة تُبيح القصاص، وتحثُّ على العفو: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:178]، {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة:237].
    حينما طُعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في رمضان في سنة أربعين هجرية، وكان الذي قتله غدرا أو اغتيالا عبد الرحمن بن مُلجَم، وقد أمسك المسلمون به، فقال علي رضي الله عنه، إن عشت فأنا مالك أمر نفسي، أقتص أو أعفو، فإن مت فضربة بضربة، وأن تعفوا أقرب للتقوى[11]. هذا هو كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
    التمثيل بالقتلى حرام:
    فحينما يقال: (القصاص)، لا يراد منه التمثيل ...
    ولهذا جاء في الحديث: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة"[12].
    فالمرء الذى يُقتل قصاصًا ينبغي أن يكون قتله بغير مُثلة ولا تعذيب، ألا يُقتل إلا إذا قَتل فعلاً.
    لا يُقتل إنسان لتُهمة أنه كان يفكر في القتل، أو أنه أعدَّ مؤامرة ليَقتل، أو دبَّر أمر القتيل، أو أحضر السلاح ليَقتل ...
    كل هذا لا يُبيح قتل امرئ مسلم أبدًا، إنما الذي يُبيح القتل أن تُرتكب عملية القتل بالفعل ...
    فأما إذا لم يَقتل بالفعل، فلا يجوز قط أن يُعاقب بالقتل ... وإنما يجوز أن يُعاقب بشيء آخر: كغرامة مالية، أو بتعزير، أو بحبس ... أو ما إلى ذلك.
    حتى إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حينما قاتل البُغاة الذين خرجوا عليه وهو أمير المؤمنين، قال لأنصاره وقد وضع البُغاة السلاح: دعوهم لا يُتَّبع مُدبر، أو يُقتل أسير، ولا يُجهَز على جريح[13].
    فهؤلاء البُغاة الذين قاتلوه بالفعل، أمر بألا يُقتل منهم مَن وضع سلاحه وأدبر، أو وقع في القبضة أسيرًا، أو سقط جريحًا في المعركة ... وذلك لأنهم مسلمون، والقصد من قتالهم كفُّ شرهم -إذا خرجو على الإمام الشرعي- وكسر شوكتهم.
    إن قتلك فأنت في الجنة
    إن الإسلام يحترم دماء الناس، ويحترم أرواحهم، ولا يُجيز أبدًا قتل امرئ لأنه قال كلمة أو شتم إنسانًا أو ضربه ...
    يجوز القتل دفاعًا، كما جاء في الحديث حيث سأل أحدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلاً: إذا دخل رجل على داري يا رسول الله، يريد قتلي أو أخذ مالى! فقال له عليه الصلاة والسلام: "فلا تعطه مالك". قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله". قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت في الجنة". قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار"[14].
    هذا هو القتل دفاعًا عن النفس أو العِرض.
    هبْ أن رجلاً دخل فوجد رجلاً مع امرأته في حالة تلبُّس بجريمة وقتله، فهل يقتص منه؟ لا ... لأنه قتل دفاعًا عن عِرضه، فلا يجوز أن يُقتل في هذه الحالة.
    وهذا مما يخالف فيه القانونُ الشريعة الإسلامية.
    فالشريعة الإسلامية لا تعتبر مثل هذا الإنسان مُرتكبًا لجريمة قتل، وقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعه سيف يقطُر دمًا، وخلفه رجال يقبضون عليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، هذا الرجل قتل ابننا. فقال له عمر: أحق ما يقولون؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنما ضربت بسيفي فخذي امرأتي، فإن كان بينهما رجل فقد قتلتُه. فقال لهم عمر: أكذلك؟ قالوا: نعم. فأعطاه عمر السيف وقال له: خذ، فإن عادوا فعد[15].
    إن هذه الحالة -حالة الدفاع- الذي يضطَّر معه الإنسان أن يدفع عن نفسه أو عِرضه أو ماله، فإذا قَتل المُعتدِى فلا قصاص على المُعتدَى عليه، والإسلام يُجيز في مثل هذه الحالة أن يقتصَّ لنفسه، وفيما عدا ذلك لا يجوز للناس أن يقتصُّوا بأنفسهم، فإن الذي من حقه أن يقيم العقوبة الشرعية، ليسوا هم الأفراد، وإنما هو ولي الأمر المسلم ...
    مَن الذي يقتص من القاتل
    إن ولي الأمر هو الذي عليه أن يقتص، وأن يستوفى العقوبة في الإسلام، يستوفي ولي المقتول العقوبة بيده، ولكن بإذن الإمام، ولا يجوز له أن يقتص أو يجعل من نفسه قاضيًا ومُنفِّذا، بل لا بد من إذن الحاكم، وذلك لأنه لو تُرك الأمر للأفراد أن يقتصُّوا لأنفسهم لأصبح الشرع أُلعوبة، ودبَّت الفوضى، واقتصَّ كل إنسان لنفسه أو اقتصَّ له وليه بالشُّبهة أو بالظِّنة، أو بالتُّهمة، أو بمجرد غضب قديم، أو بشواهد غير كافية في الغالب ...
    إن الإسلام -لكي يحفظ دماء المسلمين- جعل أمر القصاص من حق ولي الأمر، أي الإمام، فهو يتولى التحقيق في الأمر، فإذا ثبتت التُّهمة على إنسان أنه قتل عمدًا، ينفذ به القصاص ويقتل.
    3- التارك لدينه[16]
    والصنف الثالث من الناس، الذي نصَّ الحديث على أنه يحلُّ دمه، هو: "التارك لدينه المفارق للجماعة".
    فالذي ترك الإسلام، ومَرَق من دين الله عز وجل، وفارق جماعة المسلمين، يجب أن يقتل ... إنه مرتد ... والمرتد عن الإسلام حكمه القتل.
    جاء في الحديث الصحيح: "من بدل دينه فاقتلوه"[17].
    إن الإسلام لا يُكره أحدًا على أن يدخل فيه، ولكن مَن دخل في هذا الدين، والتزم بأحكامه وشرائعه، فليس له أن يجعل الدين مَلعَبَة، كل يوم في دين، يدخل هذا الدين ويخرج منه إلى دين آخر، كما قال اليهود من قبل: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران:72].
    لا ... ليس الدين لهوًا أو لعبًا ... فمَن فعل ذلك فقد استحقَّ أن يُقتل ..
    وقال الإمام أحمد: إن تارك الصلاة كافر، ولهذا يُجوِّز أن يُقتل، أو هو يُوجب أن يُقتل تارك الصلاة المُصرُّ على تركها.
    يا معشر المسلمين، إن الدماء حرام ...
    هل للقاتل توبة[18]؟
    إن الله حرَّم دماء المسلمين، فلا يجوز لمسلم أن يقتل مسلمًا إلا خطأ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطًَأ} [النساء:92]، ويقول الله عز وجل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93].
    حتى قال ابن عباس وبعض الصحابة: إن القاتل لا تقبل له توبة. لأن حق المقتول، كيف نصنع به؟
    ولهذا قالوا لا توبة لقاتل. وقال غيرهم من العلماء: إن باب التوبة مفتوح لكل مذنب في الدنيا، حتى الكفر والشرك، فمَن تاب من الشرك والكفر تاب الله عليه، فإن الإسلام يَجُبُّ ما قبله، وكذلك التوبة تمسح ما قبلها، ولكن القاتل إذا تاب فعليه ثلاثة أمور:
    1- عليه أن يسقط حق الله تعالى، بالندم والاستغفار.
    2- وعليه أن يسقط حق الأولياء، بأن يسلم نفسه إليهم، ليتصرَّفوا فيه، فإما قتلوه، وإما أخذوا منه عِوضًا.
    3-وعليه بعد ذلك أن يستغفر للمقتول، عسى أن يرضى عنه يوم القيامة، فإذا فعل ذلك تُرجى توبته.
    وصدق الله العظيم: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان:67-70].

    [1]-متفق عليه: رواه البخاري في الديات (6878)، ومسلم في القسامة والمحاربون والقصاص والديات (1676)، وأحمد في المسند (3621)، وأبو داود في الحدود (4352)، والترمذي في الديات (1402)، والنسائي في تحريم الدم (4016)، وابن ماجه في الحدود (2534)، عن ابن مسعود.
    [2]-متفق عليه: رواه البخاري في العلم (67)، ومسلم في القَسامة والمحاربون والقصاص والديات (1679)، وأحمد في المسند (20386)، عن أبي بكرة*.
    [3]-متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (6064)، ومسلم في البر والصلة والآداب (2559)، وأحمد في المسند (12691)، وأبو داود في الأدب (4910) عن أنس.
    [4]-رواه الترمذي في البر والصلة (2032) موقوفا، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسين بن واقد، وابن ماجه في الفتن (3932)، وابن حبان في صحيحه كتاب الحظر والإباحة (13/75)، عن ابن عمر، وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه (852).
    [5]-رواه الترمذي في الديات (1398)، وقال: حديث غريب، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة، وصححه الألباني في الجامع الصحيح (5247).
    [6]-متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (1364)، ومسلم في الإيمان (113)، عن جندب.
    [7]- انظر قصة ماعز والغامدية في الحديث الذي رواه مسلم في الحدود (1695)، زابن أبي شيبة في المصنف كتاب الحدود (5/543) مختصرا، والطبراني في الأوسط (5/117)، والدارقطني في السنن كتاب الحدود والديات (3/91)، والبيهقي في الكبرى كتاب الإقرار (6/83)، عن بريدة بن الحصيب.
    [8]- انظر الحديث المتفق عليه: رواه البخاري في المحاربين من أهل الكفر والردة (6841)، ومسلم في الحدود (1699)، وأحمد في المسند (4498)، وأبو داود في الحدود (4446)، والترمذي في الحدود (1436)، وابن ماجه في الحدود (2556)، عن ابن عمر.
    [9]- رواه البخاري في الوكالة (2314)، ومسلم في الحدود (1698)، وأحمد في المسند (17038)، وأبو داود في الحدود (4445)، والترمذي في الحدود (1433)، والنسائي في آداب القضاة (5410)، وابن ماجه في الحدود (2549).
    [10]- إنجيل متَّى الفقرات (38-43)، وإنجيل لوقا (6/29،30).
    [11]- رواه الشافعي في المسند (1476)، والبيهقي في الكبرى كتاب جماع أبواب صفة قتل العمد (8/56) بألفاظ قريبة منه.
    [12]-رواه مسلم في الصيد والذبائح (1955)، وأحمد في المسند (17113)، وأبو داود في الضحايا (2815)، والترمذي في الديات (1409)، والنسائي في الضحايا (4405)، وابن ماجه في الذبائح (3170)، عن شداد بن أوس.
    [13]- رواه عبد الرزاق في المصنف كتاب العقول (10/123)، وسعيد بن منصور في السنن باب جامع الشهادة (2/337)، وابن أبي شيبة في المصنف كتاب الجمل (7/543)، والبيهقي في الكبرى كتاب قتال أهل البغي (8/181).
    [14]-رواه مسلم في الإيمان (140)، عن أبي هريرة.
    [15]-رواه سعيد بن منصور في سننه، وراجع ما ذكره ابن قدامة في المغني (9/337)، وابن القيم في زاد المعاد (5/362) طبعة الرسالة*.
    [16]-راجع ما ذكرناه في كتابنا: (جريمة الردة وعقوبة المرتد في ضوء الكتاب والسنة) طبعة مكتبة وهبة. القاهرة.
    [17]-رواه البخاري في الجهاد والسير (3017)، وأحمد في المسند (1871)، وأبو داود في الحدود (4351)، والترمذي في الحدود (1458)، والنسائي في تحريم الدم (4059)، وابن ماجه في الحدود (2535)، عن ابن عباس.
    [18]-راجع ما ذكرناه في كتابنا: (التوبة إلى الله) صـ120 وما بعدها طبعة مكتبة وهبة. القاهرة.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    حرمة الدماء فى شريعة الإسلام Empty رد: حرمة الدماء فى شريعة الإسلام

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد مايو 03, 2015 2:08 pm

    حرمة دماء المسلمين
    د. ماهر ياسين الفحل

    أخي المسلم الكريم : إياك إياك الوقوع في دماء المسلمين فإنَّ مما عُلِمَ من الدين بالضرورة وتواترتْ به الأدلة من الكتاب والسنة حُرمة دم المسلم ؛ فإنَّ المسلم معصوم الدم والمال ، لا تُرفعُ عنه هذه العصمة إلاّ بإحدى ثلاث ؛ إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لا يَحلُّ دمُ امرىءٍ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث : كَفَرَ بعدَ إسلامهِ ، أو زَنَى بعد إحصانهِ ، أو قَتَلَ نفساً بغير نفس ))(1)، وما عدا ذلك ، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة ، بل من الدنيا أجمع . وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ))(2) وهذا الحديث وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم ، ثم تبصّر ماذا سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام ، نسأل الله السلامة .

    قال ابن كثير عند تفسير قوله تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) [ النساء : 93 ] : ( يقول الله تعالى : ليس لمؤمنٍ أنْ يقتل أخاه بوجه من الوجوه ، وكما ثبت في الصحيحين (3) عن ابن مسعود : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يحلُ دم امرىء مسلم يشهد أنْ لا إله إلا الله وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة )) ، ثم إذا وقع في شيء من هذه الثلاث فليس لأحد من آحاد الرعية أنْ يقتله ، وإنَّما ذلك إلى الإمام أو نائبه )(4) . وقال ابن كثير في تفسير نفس الآية : ( وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله ، حيث يقول الله سبحانه في سورة [ الفرقان : 68 ] (( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ )) الآية ، وقال تعالى : (( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً )) إلى أنْ قال : (( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )) [ الأنعام : 151 ] ، والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً )) (5) : (( وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من جحد آية من القرآن ، فقد حل ضرب عنقه ، ومن قال : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، فلا سبيل لأحد إلاّ أنْ يصيب حداً فيقام عليه )) (6).
    وفي رواية عن أنس رضي الله عنه : (( فإذا شهدوا أنْ لا إله إلاّ الله وأنَّ محمداً رسول الله واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلوا صلاتنا فقد حُرّمتْ علينا دماؤهم وأموالهم إلاّ بحقها ، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم )) (7).

    وعلى المسلم أنْ يقف كثيراً عند قوله تعالى : (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ )) [ محمد : 22 ] .
    فانظر أخي المسلم إلى عظمة كلمة لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ، والحصن والأمان الذي تضفيه على صاحبها إلاّ باستثناءات ذُكرتْ آنفاً .

    ومما لا بد من علمه أخي المسلم أن الله عز وجل لم يجعلْ عقوبةً بعد عقوبةِ الشرك بالله أشدَّ من عقوبة قتل المؤمن عمداً حيث يقول : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) [ النساء : 93 ] ، وقد اختلف السلف في هذه الآية فذهب بعض الصحابة إلى أنَّ هذه الآية محكمةٌ وأنها آخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وممن ذهب إلى ذلك الإمام الحبر الصحابي الجليل وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فعن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس أنَّ رجلاً أتاه فقال : أرأيتَ رجلاً قتل رجلاً متعمداً ؟ قال : جزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً ، قال : أُنزِلتْ في آخر ما نزل ، ما نسخها شيءٌ حتى قُبضَ رسولُ الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أرأيتَ إنْ تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟ قال : وأنى له التوبة ، وقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ثكلتْهُ أُمُه رجلٌ قتلَ رجلاً متعمداً يجيء يومَ القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره وآخذاً رأسه بيمينه أو شماله تشخبُ أوداجه دماً في قبل العرش يقول : يا رب سَلْ عبدك فيم قتلني ؟ ))(8) ، وفي الحديث الصحيح الذي يرويه النسائي في المجتبى (9) عن معاوية رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : سمعته يخطب - يقول : (( كلُّ ذنبٍ عسى اللهُ أنْ يغفره إلاّ الرجلُ يقتلُ المؤمنَ متعمداً أو الرجل يموتُ كافراً )) فأيُّ خطر هذا ، وأي مهلكة يقدم عليها المرء ويجازف بها ، حياةٌ لا ممات فيها وخلودٌ في مستقر لا تَقَرُّ به عينٌ ولا تُرفعُ به عقيرةٌ فخراً وزهواً ، وغَضَبٌ من الله وعذابٌ عظيم وخزي في الدنيا والآخرة مع مكث ولبث طويلين لا يعلم أمدهما إلاّ الله جل في علاه نسأل الله السلامة لنا ولمن اتعظ واتّبع . ثم تبصّرْ أخي المسلم الكريم الحديث جيداً لتنظر كيف أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قد قرن بين قتل المؤمن والشرك بالله تعالى ، وجعلهما مشتركين في استبعاد الغفران .

    واعلم أخي المسلم أنَّ أول ما يُقضَى يوم القيامة بين العباد في الدماء ففي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ )) (10) وما ذلك إلا لعظم خطرها يوم القيامة فاستعد للموقف العظيم ، والسؤال الصعب الذي ما بعده إلا جنة أو نار . وكل الذنوب يُرجَى معها العفو والصفح إلاّ الشرك ، ومظالم العباد . ولا رَيبَ أنَّ سَفْكَ دماء المسلمين وهَتْكَ حرماتهم لَمِنْ أعظم المظالم في حق العباد ، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ليس من عبد يلقَى اللهَ لا يشرك به شيئاً ، ولم يتند بدم حرام إلاّ دخل من أي أبواب الجنة شاء )) (11) قوله : ولم يتند : أي لم يصب منه شيئاً أو لم ينل منه شيئاً ويقول الرسول الأعظم في حديث رواه البخاري في صحيحه (12) : (( أبغض الناس إلى الله ثلاث : مُلْحِدٌ في الحَرَم ، ومُبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دم امرىء بغير حق ليهريق دمه )) . وعن جندب رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (( من سَمّعَ سَمّعَ اللهُ به يوم القيامة ، قال : ومن يشاقق يشقق الله عليه يوم القيامة ، فقالوا : أوصنا . فقال : إنَّ أول ما ينتن من الإنسان بطنه فمن استطاعَ أنْ لا يأكل إلاّ طيباً فليفعل ، ومن استطاع أنْ لا يحال بينه وبين الجنة ملء كف منْ دم أهراقه فليفعل )) رواه البخاري (13). وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (( من قتل مؤمناً فاغتبط(14) بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً )) (15).

    وإياك إياك أخي المسلم أنْ تُضيع على نفسك فرصة النجاة فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ دماً حراماً )) (16) أخي المسلم الكريم ، هل أنت على استعداد أنْ تفوّت على نفسك فرصة النجاة العظيمة من النار ، وقد روى البخاري ومسلم(17) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض )) . ثم اجعل دائماً أخي المسلم نُصْبَ عينيك أنَّ دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض ، ولا تحل إلا بإذن الله ورسوله .

    واعلم أخي المسلم : أنَّ ما أوردناه غيض من فيض وقليل من كثير فهو إشارات لكثير من العبارات التي وردت في الكتاب والسنة ، تحث المسلمين على الورع والكف عن دماء إخوانهم ، ولما سبق ذكره كان الصحب الكرام والتابعون لهم بإحسان أشد ما يكونون من الورع والوجل من أنْ يغمس أحدهم يده بمظلمة في حق مسلم ، وكانوا كذلك رحمهم الله ورضي عنهم لشدة ما سمعوا ووعوا من كلام النبوة في التحذير من الانغماس في الفتن والشبهات والتزام النفس والبيت ، وعدم الولوج في حرمات المسلمين حتى بالكلام ، صوناً لهم عن التسبب في مظالم للمسلمين فضلاً عن الخوض فيها .
    قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : (( إنَّ بعدكم فتناً القاعد خير من الساعي ، حتى ذكر الراكب ، فكونوا فيها أحلاس بيوتكم )) (18).
    وعن جندب رضي الله عنه قال: (( ستكون فتن ، فعليكم بالأرض ، وليكن أحدكم حلس بيته ؛ فإنه لا ينبجس لها أحدٌ إلاّ أَرْدَتْهُ )) (19).
    وحينما اعتزل سعد بن مالك وعبدُ الله بن عمر رضي الله عنهم الفتنةَ قال علي رضي الله عنه : (( للهِ دَرُّ منـزلٍ نَزلَه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر ، واللهِ إنْ كان ذنباً إنه لصغير مغفور ، ولئن كان حسناً إنه لعظيم مشكور )) (20) .

    تذكّر أخي المسلم ما في الصحيحين (21) من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ، قلت : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول ، قال : إنه كان حريصاً على قتل صاحبه )) .
    وفي الصحيحين (22) أيضاً من حديث الأحنف بن قيس قال : ذهبتُ لأنصر هذا الرجل – يعني : علي بن أبي طالب – فلقيني أبو بكرة فقال : أين تريد ؟ قلت : أنصر هذا الرجل ، قال : ارجع فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار … )) ثم ذكر بقية الحديث . وفي رواية أخرى للبخاري (23) عن الحسن قال : خرجتُ بسلاحي ليالي الفتنة فاستقبلني أبو بكرة فقال : أين تريد ؟ قلت : أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار )) ، وفي رواية لمسلم (24) : (( إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح فهما على جرف جهنم ، فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلا جميعاً )) وهذا كله إذا كان القتل غير مأذون به شرعاً ، وقد قصّ الله علينا في كتابه العظيم خبر أول حادثة قتل وقعت في تاريخ البشرية حين قتل أحد ابني آدم أخاه قتله ظلماً وبغياً وحسداً فقال تعالى : (( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )) [ المائدة : 27 ] ومع إن هذا القاتل قد هدّد أخاه بالقتل وأكد ذلك بقوله : (( لأَقْتُلَنَّكَ )) فقد تلطّف معه لعله أنْ يرجع عن عزمه ، وأخبره أيضاً أنه لن يمد يده ليقتله مهما هدده ، بل إنه حتى ولو باشر عملية القتل فسيكف يده أيضاً خوفاً من الله رب العالمين ، فقال له : (( لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )) [ المائدة : 28 ] ثم أخذ ينصح أخاه ويعظه لعله يرجع عما هَمَّ به ، ومع كل هذا التلطف والنصح فلم ينفع ذلك أخاه ، ولم يثنه عن عزمه على قتل أخيه . وكذلك الظلم والحقد والبغي والحسد كل ذلك يعمي القلب عن الحق ، ويصم الأذن عن سماع الحق ، فلا يزال القلب مُصِرّاً على المعصية والإثم والموبقة ، والشيطان يدفعه إلى تلك المعصية ، فالشيطان هو العدو الأول للإنسان فيدفعه إلى ذلك دفعاً ، ويهوِّن عليه الأمر حتى إذا وقع فيها تخلى عنه الشيطان وتبرأ منه ، ثم بعد ذلك تَظْلَمُّ عليه الدنيا وتضيق عليه الأرضُ بما رَحُبَتْ ، قال تعالى : (( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) [ المائدة : 30 ] ثم بعد ذلك ماذا حصل للقاتل ؟ ندم على ذلك الفعل الشنيع ، ولكن هل ينفع الندم على قتله ؟ لا ينفع الندم ؛ لأنَّ أخاه قد مات ، ولن يرجع إلى الحياة الفانية ، ثم ماذا يصنع هذا القاتل بعد جريمته تحيّر وبقي يحمله مدة طويلة . أولُ قتيل لا يدري ماذا يصنع به هل يحمله ويضعه في الماء أم هل يضعه فوق الجبال ، أشكل عليه الأمرُ ، فالأمر معضلة ومشكلة ، لأنَّه أول حادثة قتل تحدث على الأرض . فأظهر القاتل ندمه على سوء فعلته وصنيعه فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يدفن أخاه حتى أراه الله كيف يدفن الغراب غراباً . وقد بيّن لنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه ما من نفس تُقتل ظلماً منذ ذلك التاريخ وحتى آخر يوم من الدنيا إلا كان لهذا القاتل كفلٌ منها ؛ لأنه أول من سن القتل ، وهذا شأن كل مَن سَنّ ضلالة أو دعا إلى ضلالة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، وقد بيّن الله سبحانه في كتابه بعد أنْ ذكر قصة ابني آدم أنَّ جريمة القتل عظيمة ، وأنَّ من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً يقول الله تعالى : (( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )) [ المائدة : 32 ] وهذا الحكم وإنْ كان ظاهره خاصاً ببني إسرائيل إلا إنه عام فينا وفيهم فقد سأل سليمانُ بنُ علي الحسنَ عن هذه الآية فقال : (( قلت للحسن : هذه الآية لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل فقال : والذي لا إله غيره كما كانت لبني إسرائيل وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دماءنا )) (25).

    أخي المسلم الكريم ، إنَّ الله تبارك وتعالى قد نهى عن قتل النفس بغير الحق في كتابه الكريم ، وأثنى عز وجل على الذين يجتنبون هذه الجريمة العظيمة ، وقد توعّد سبحانه من يفعلها باللعنة والغضب والعذاب العظيم والخلود في نار جهنم فقال تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) [ النساء : 93 ] .

    فاستحضر أخي المسلم هذا التهديد العظيم وهذا الوعيد الكبير فأيُّ تهديدٍ بعد هذا وأيُّ وعيد بعد هذا الوعيد كل ذلك ؛ لأنَّ المسلم له مكانة عند الله تعالى . ودم المسلم هو أغلى الدماء التي يجب أنْ تُصانَ ، وأن يُغضَب لإراقتها .

    أخي المسلم الكريم قد بيّن الله سبحانه وتعالى حرمة المسلم ومكانته عند الله تعالى فقد صحّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا )) (26) وفي رواية أخرى : (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلمٍ )) (27).
    وفي حديث آخر : (( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق ))(28) فهذه مكانة المسلم عند الله تعالى فتدبّر أيها القاتل ماذا تصنع بفعلتك ؟ !!
    فلزوال الدنيا كلها أهون من قتل رجل مؤمن بغير حق ، زوال الدنيا بأموالها ومزارعها ومصارفها ومصانعها وتجاراتها وبناياتها ودولها وأحلافها ، وكل ما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق . بل المسلم له حرمة حتى بعد موته فقد نهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن كسر عظم الميت ، وأخبر أنَّ عظم الميت إذا كُسر فكأنما كُسر وهو حيٌّ ، فقد صحّ عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ كسر عظم المؤمن ميتاً مثل كسره حياً )) (29).

    أخي المسلم الكريم ، إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قد حذّر أمته أشد التحذير من هذه الجريمة فقال : (( سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفر ))(30) وقال : (( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ))(31) وبيّن أنَّ هذه الجريمة من السبع الموبقات المهلكات فقد قال :
    (( اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ))(32) وقال أيضاً : (( أكبر الكبائر : الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور )) (33) . وروى النسائي (34) من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( من جاء يعبد الله ولا يشرك به شيئاً ، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويصوم رمضان ، ويجتنب الكبائر كان له الجنة )) فسألوه عن الكبائر فقال : (( الإشراك بالله وقتل النفس المسلمة والفرار يوم الزحف )) .
    وروي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله ( يعني سره ذلك وفرح به ) لن يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً )) (35).
    وقاتل المسلم مهما فرَّ في هذه الدنيا ، فإنَّه لن يفلت يوم القيامة ، ولن يتركه المقتول يوم القيامة ، فقد صحَّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( يجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول : يا رب هذا قتلني فيقول له : لما قتلته ؟ فيقول : لتكون العزة لك فيقول : فإنها لي ، ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول : يا رب ، إنَّ هذا قتلني فيقول الله : لما قتلته ؟ فيقول : لتكون العزة لفلان فيقول الله تعالى : (( إنها ليس لفلان فيبوء بإثمه )) ))(36) وفي رواية للنسائي(37) أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة فيقول : سَلْ هذا فيم قتلني ؟ )) فهذا هو الحساب وهو أشد أنواع الحساب فهو ليس تحقيقاً دنيوياً يستطيع به بعضهم أن يتخلص ببعض من يكون للخائنين ظهيراً .

    فاحذر أخي المسلم كل الحذر أنْ تقع في دم حرام فتقتل أحداً من أجل فلان أو مُلْكِ فلان أو إمارة فلان ، فإنهم لن ينفعوك شيئاً عند الله ، ولن يدفعوا عنك شيئاً من عذاب الله . وروى النسائي (38) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : (( يجيء المقتول متعلقاً بالقاتل تشخب أوداجه دماً فيقول : أي رب سَلْ هذا فيم قتلني ؟ )) وعند ابن ماجه (39) والترمذي(40) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال :
    (( يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده ، وأوداجه تشخب دماً فيقول : يا رب سَلْ هذا فيم قتلني ؟ حتى يدنيه من العرش )) .

    إذن احذر أخي المسلم أنْ يكون لك أحدٌ بالمرصاد يوم القيامة فإنَّ من تقتله في الدنيا لن يتركك في الآخرة ، بل هو لك بالمرصاد . والله سبحانه وتعالى لما جعل للنفس المسلمة هذه الحصانة الكبيرة ؛ ذلك لأنَّ نفس المسلم لها مكانة وحرمة ، فليس أحد يملكها أو يملك إزهاقها ، بل إنَّ ذلك ممنوع غاية المنع ، ولا يجوز إلا بإذن من الله تبارك وتعالى وإذن رسوله صلى الله عليه وسلم .

    بل حتى نفسك التي بين جنبيك لا تملكها أنت ولا يحل لك إزهاقها ؛ ولهذا جاء الوعيد الشديد فيمن يقتل نفسه متعمداً ؛ ففي الصحيحين (41) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( من تَردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يَتردّى فيها خالداً مُخلَّداً فيها أبداً ، ومن تَحسَّى سُماً فقتل نفسه فَسُمُّه في يده يتحسَّاهُ في نار جهنم خالداً مُخلّداً فيها أبداً ، ومن قتلَ نفسَه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مُخلّداً فيها أبداً )) . وروى البخاري (42) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( والذي يخنق نفسه يخنقها في النار ، والذي يطعن نفسه يطعن نفسه في النار ، والذي يقتحم يقتحم في النار )) . وفي الصحيحين (43) من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال ، وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّبَ به يوم القيامة ، ومن لعن مؤمناً فهو كقتله ، ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقتله )) . ولفظ جامع الترمذي(44) :
    (( ليس على المرء نذر فيما لا يملك ، ولاَعِنُ المؤمن كقاتله ، ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقاتله ، ومن قتل نفسه بشيء عُذِّبَ بما قتل به نفسه يوم القيامة )) .
    فتنبه أخي المسلم الكريم دائماً بأنَّ مسألة قتل النفس بغير حق من الأمور الخطيرة التي تضيّق على من ارتكبها الدنيا بما فيها ، فمجرد أنْ يقع المسلم في هذه الجريمة تضيق عليه الأرض وتضيق عليه نفسه لذا قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : (( لن يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ نفساً حراماً ))(45) وفي رواية لأبي داود (46) عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يزال المؤمن مُعنقاً ( والمعنق هو طويل العنق الذي له سوابق بالخير ) ما لم يُصِبْ دماً حراماً …..)) وروى البخاري (47) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إنَّ من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حلة )) .

    ونبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم قد بيّن لنا فضل من خرج من الدنيا ولم يتلطخ بدم المسلم فقال : (( من لقي الله لا يشرك به شيئاً لم يتند بدم حرام دخل الجنة ))(48) . فهنيئاً لمن خرج من الدنيا ولم يتلطخ بدم مسلم ، وهنيئاً لمن خرج من الدنيا ولم يحمل مسلماً على ظهره يأتي به يوم القيامة ، هنيئاً لمن خرج من الدنيا وقد سلم المسلمون من لسانه ويده ، هنيئاً لمن فارق الدنيا ولم يقترف جريمة يسفك بها دم مسلم .
    تذكّر أخي المسلم وصية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه : (( إنَّ أول ما ينتن من الإنسان بطنه ، فمن استطاع أنْ لا يأكل إلا طيباً فليفعل ، ومن استطاع أنْ لا يحال بينه وبين الجنة بملء كف من دم أهراقه فليفعل )) (49).

    فاحذر أخي المسلم كل الحذر أنْ يحول بينك وبين الجنة ملء كف من دم تهريقه بغير حقه .

    واعلم أخي المسلم الكريم أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يحذِّر أمته من الأمور التي تدعو الإنسان إلى أنْ يقتل مسلماً أو أنْ يجرح مسلماً ، ومن ذلك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى أنْ يمر المسلم ، ومعه السهام في أسواق المسلمين ، أو في مساجد المسلمين ، أو في أي مكان من أماكن تجمعهم ، إلا أن يكون النصل مغطىً حتى لا يجرح به مسلماً ، وهو لا يشعر . فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : (( إذا مَرَّ أحدكم بمسجدنا أو في سوقنا ، ومعه نبل فليمسك عن نصالها بكفه ، لا يعقر مسلماً ))(50) ومن تلك الأمور التي حذّر منها النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى عن الإشارة إلى المسلم بأي شيء يحتمل أنْ يقتله أو يجرحه ، نهى عن ذلك وأخبر أنّ من فعل ذلك فأنَّه ربما نال اللعنة والوعيد الشديد ؛ لذلك قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : (( لا يُشِرْ أحدُكم على أخيه بالسلاح ؛ فإنَّه لا يدري لعل الشيطان ينـزع يده فيقع في حفرة من النار )) (51).

    وصحّ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال : (( من أشار إلى أخيه بحديدة فإنَّ الملائكة تلعنه ، وإنْ كان أخاه لأبيه وأمه ))(52). وصحّ أنَّه صلى الله عليه وسلم نهى أنْ يُتعاطَى السيف مسلولاً (53)، وكل هذا الاحتراز لشدة حرمة المسلم على المسلم ؛ فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك خشية أنْ يكون هناك خطأ فيقع السيف ويجرحك أو يؤذيك أو يقع على أخيك ، وإذا كان ذلك في الأسلحة القديمة فهو في الأسلحة الحديثة أشد تأكيداً ؛ لأنَّ الضرر أعظم ، والخطر أكبر ، والعلة تدور مع الحكم وجوداً وعدماً . ومن الأمور التي يستفاد منها خطورة أمر دماء المسلمين ، هو أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حذّر من الدخول في الفتن ، وما ذلك إلا لأن لا يقع المسلم في دماء المسلمين ؛ لخطورة الأمر وشدته ، فالفتن مظنة لأنْ يكون هناك قاتل ومقتول ، فالفتن إذا سعرت وابتدأت صعب على الناس إطفاؤها . فنبينا صلوات الله وسلامه عليه قد حذّر أمته من الفتن ، وبيّن أنَّها ستحدث وستكون في هذه الأمة فقد صحّ أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي من تَشرّف لها تستشرفه ، ومن وجد فيها ملجئاً أو معاذاً فليعذ به ))(54) هكذا بيّن لنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ المخلَص من الفتن أنْ يهرب منها المسلم قدر الاستطاعة .

    فاحذر أخي المسلم من الوقوع في الفتن ، فالفتنةُ قد تُريكَ الحقَ باطلاً والباطلَ حقاً . وقد تعميك وتصمك وأنت لا تشعر ، وقد أخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الفتن ستقع في أمته فقال :
    (( إذا وضع السيف في أمتي لم يرتفع عنها إلى يوم القيامة ))(55) وأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه ستأتي فتن في آخر الزمان يكثر فيها القتل وتكثر فيها الفتن حتى أنه من شدة الفتن يمر الرجل على القبر ويتمرّغ عليه ويقول : يا ليتني صاحب هذا القبر ، من شدة ما يرى من الفتن والأمور العظيمة ؛ ففي الصحيحين (56) من حديث أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بالقبر فيقول : يا ليتني مكانه )) وقال أيضاً : (( والذي نفسي بيده ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يدري القاتلُ في أيِّ شيءٍ قَتَلَ ، ولا يدري المقتولُ على أيِّ شيءٍ قُتِلَ ))(57) وفي رواية لمسلم : (( والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يومٌ ، لا يدري القاتل فيم قَتَلَ ولا المقتول فيم قُتِلَ ، فقيل : كيف يكون ذلك ؟ قال : الهرج القاتل والمقتول في النار )) (58). ونبينا صلى الله عليه وسلم حينما يذكر ذلك إنما يذكره ليحذرنا من أن نكون من أولئك أو من أن نشارك في سفك تلك الدماء أو أن نتلطخ فيها ، أو أن نلقى الله بها ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي r قال : (( يَتقاربُ الزمانُ ويُقبَضُ العلمُ ويُلقَى الشحُّ ويَكثرُ الهرجُ ، فقيل : وما الهرجُ ؟ قال : القتل ))(59) وقال أيضاً : (( إنَّ بين يدي الساعة لهرجاً )) ، قال : قلت : يا رسول الله ما الهرج ؟ قال : (( القتل )) ، فقال بعض المسلمين : يا رسول الله ، إنا نقتل الآن في العام الواحد من المشركين كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ليس بقتل المشركين ، ولكن يقتل بعضكم بعضاً ، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته )) فقال بعض القوم : يا رسول الله ، ومعنا عقولنا ذلك اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا ، تنـزع عقول أكثر ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم )) (60).
    فعلى المسلم أن يبتعد عن الفتن كل الابتعاد ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إذا أدركوا الفتن أو أحسوا بالفتن أنْ يبتعدوا عنها كل الابتعاد ، وأنْ يهربوا منها كل الهرب ؛ لأنَّ الفرار من الفتنة من الدين ؛ لذا بوّب البخاري في صحيحه : باب من الدين الفرار من الفتن (61).

    أخي المسلم الكريم ، إنَّ المسلم ينبغي له أنْ يحذر من الدخول في الفتن ، وأنْ يستعيذ بالله تعالى منها -فقد كان عمار بن ياسر يستعيذ من الفتن – وأنْ يحذر أنْ يشارك فيها بقول أو فعل أو رأي أو بغير ذلك ؛ فإنَّ الفتن إذا صارت لم يسلم منها أحد إلا مَن رَحِمَ اللهُ .
    هذا وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسلمياً كثيراً .

    .....................................................
    (1) أخرجه : أبو داود ( 4502 ) ، وابن ماجه ( 2533 ) ، والترمذي ( 2158 ) ، والنسائي 7/91 وفي الكبرى ، له ( 3482 ) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه .
    (2) أخرجه : النسائي 7/82 وفي الكبرى ، له ( 3448 ) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما .
    (3) أخرجه : البخاري 9 / 6 ( 6878 ) ، ومسلم 5 / 106 ( 1676 ) ( 25 ) .
    (4) تفسير ابن كثير : 514 و515 .
    (5) تفسير ابن كثير : 516 .
    (6) أخرجه : ابن ماجه ( 2539 ) ، وابن عدي في " الكامل " 3/280 .
    (7) أخرجه : البخاري 1/109 ( 393 ) .
    (8) أخرجه : الحميدي ( 488 ) ، وأحمد 1/240 ، وعبد بن حميد ( 680 ) .
    (9) 7/81 وفي " الكبرى " ، له ( 3446 ) .
    (10) أخرجه : البخاري 9/3 ( 6864 ) ، ومسلم 5/107 ( 1678 ) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (( دون الشطر الأول )) .
    (11) أخرجه : أحمد 4/148 ، وابن ماجه ( 2618 ) ، والحاكم 4/351 - 352 .
    (12) 9 / 7 ( 6882 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
    (13) 9 / 80 ( 7152 ) .
    (14) هم الذين يقتلون في الفتنة ، فيقتل أحدهم فيرى أنه على هدا ولا يستغفر الله منه أبداً . مسند الشاميين 2/266.
    (15) أخرجه : أبو داود عقب ( 4270 ) .
    (16) أخرجه : البخاري 9 / 2 ( 6862 ) .
    (17) أخرجه : البخاري 1/41 ( 121 ) ، ومسلم 1/58 ( 65 ) ( 118 ) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه .
    (18) أخرجه : نعيم بن حماد في الفتن ( 489 ) .
    (19) أخرجه : نعيم بن حماد في الفتن ( 490 ) .
    (20) أخرجه : الطبراني في الكبير ( 319 ) .
    (21) البخاري 1/14 ( 31 ) ، ومسلم 8/169 ( 2888 ) ( 14 ) .
    (22) سبق ذكره .
    (23) 9/64 ( 7083 ) .
    (24) 8/170 ( 2888 ) ( 16 ) .
    (25) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 9211 ) ، وما تقدم من كلام عن هذه القصة اقتباس من محاضرة للشيخ فهد الحربي بعنوان القاتل والمقتول ، جزاه الله خير الجزاء .
    (26) سبق تخريجه .
    (27) أخرجه : الترمذي ( 1395 ) بهذا اللفظ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه .
    (28) أخرجه : ابن ماجه ( 2619 ) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه .
    (29) أخرجه : بهذا اللفظ ابن الجارود ( 551 ) وأخرجه : أبو داود ( 3207 ) ، وابن ماجه ( 1616 ) بلفظ : (( كسر عظم الميت ككسره حياً )) .
    (30) أخرجه : البخاري 1/19 ( 48 ) ، ومسلم 1/57 ( 64 ) ( 116 ) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
    (31) سبق تخريجه .
    (32) أخرجه : البخاري 4/12 ( 2766 ) ، ومسلم 1/64 ( 89 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    (33) أخرجه : البخاري 3/225 ( 2654 ) ، ومسلم 1/64 ( 87 ) ( 143 ) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه .
    (34) 7/88 وفي الكبرى ، له ( 3472 ) .
    (35) سبق تخريجه .
    (36) أخرجه : النسائي 7/84 وفي الكبرى ، له ( 3460 ) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
    (37) 7/84 وفي الكبرى ، له ( 3461 ) من حديث جندب رضي الله عنه .
    (38) 7/85 و8/63 ، وفي الكبرى ، له ( 3462 ) و( 7072 ) .
    (39) سنن ابن ماجه ( 2621 ) .
    (40) الجامع الكبير ( 3029 ) .
    (41) أخرجه : البخاري 7/181 ( 5778 ) ، ومسلم 1/72 ( 109 ) .
    (42) 2/121 ( 1365 ) .
    (43) أخرجه : البخاري 8/18 ( 6047 ) ، ومسلم 1/73 ( 110 ) ( 176 ) .
    (44) الجامع الكبير ( 1527 ) .
    (45) أخرجه : البخاري 9/2 ( 6862 ) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
    (46) سنن أبي داود ( 4270 ) .
    (47) 9/2 ( 6863 ) .
    (48) أخرجه : ابن ماجه ( 2618 ) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه .
    (49) سبق تخريجه .
    (50) أخرجه : البخاري 1/122 ( 452 ) ، ومسلم 8/33 ( 2615 ) ( 124 ) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .
    (51) أخرجه : البخاري 9/62 ( 7072 ) ، ومسلم 8/34 ( 2617 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    (52) أخرجه : مسلم 8/34 ( 2616 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    (53) أخرجه : أبو داود ( 2588 ) ، والترمذي ( 2163 ) من حديث جابر رضي الله عنه .
    (54) أخرجه : البخاري 4/241 ( 3601 ) ، ومسلم 8/168 ( 2886 ) ( 10 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    (55) أخرجه : الترمذي ( 2202 ) من حديث ثوبان رضي الله عنه .
    (56) البخاري 9/73 ( 5117 ) ، ومسلم 8/182 ( 157 ) ( 53 ) .
    (57) أخرجه : مسلم 8/183 ( 2908 ) ( 55 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    (58) أخرجه : مسلم 8/183 ( 2908 ) ( 56 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    (59) أخرجه : البخاري 8/17 ( 6037 ) ، ومسلم 8/59 ( 157 ) ( 11 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    (60) أخرجه : ابن ماجه ( 3959 ) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وهو حديث صحيح .
    (61) صحيح البخاري 1/11 .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 4:59 pm