ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


2 مشترك

    [color=blue][size=24]القيم الأخلاقية عبر العصور[/size][/color]

    تاج العروبة (الفوهرر)
    تاج العروبة (الفوهرر)
    فيلسوف ثمار الأوراق
    فيلسوف ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 598
    العمر : 40
    الموقع : العراق
    العمل/الترفيه : خريج كليه الاداب - قسم الفلسفة
    المزاج : الارادة مفتاح النصر
    نقاط : 104
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    [color=blue][size=24]القيم الأخلاقية عبر العصور[/size][/color] Empty [color=blue][size=24]القيم الأخلاقية عبر العصور[/size][/color]

    مُساهمة من طرف تاج العروبة (الفوهرر) الخميس سبتمبر 18, 2008 9:16 am

    اعتبر علم الأخلاق ركناً أساسياً من أركان مباحث الفلسفة منذ نشأة الفكر الفلسفي، وقد خصص لها مكانة مميزة وهامة في جميع المذاهب الفلسفية على اعتبار إن الفلسفة تبحث في القيم الثلاثة الأساسية:" الحق.. الخير.. الجمال ".
    يقول الدكتور هسد جويك في مقدمة كتابه – تاريخ علم الأخلاق-: " إن من اخص خصائص العلم، انه نزيه موضوعي، يسعى إلى معرفة الأشياء، كما هي في ذاتها بصرف النظر عن أهوائنا الذاتية ورغباتنا الشخصية، فإذا شئنا أن نجعل الأخلاق علماً، وجب أن نخلص بحثنا من رغباتنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وجعل الأخلاق موضوعياً وذاتياً".
    المنبع الأول الذي استمدت منه غالبية الفلسفات الأخلاقية وجودها، عائد إلى الفلسفة اليونانية، حسب رأي أندريه كرسون أن الفلاسفة اليونانيين يؤسسون الأخلاق على أساس إنهم يرون أن الإنسان مزود بطبيعة خاصة، سواء كانت الطبيعة قد وهبتها له الآلهة، أو وهبتها له قوة أخرى، لا تشعر ولا يعنيها من أمره شيء. هذه الطبيعة تتميز ببعض المطامح.
    لقد كان هم الأخلاقيين في العصور القديمة تنوير الإنسان فيما يتعلق بمعرفة نفسه، وإشعاره بما يريد حقيقة، ليستخلص من ذلك قواعد للسلوك، يطبقها في حياته إلى ما يريد.
    يعد سقراط من أكثر الفلاسفة الذين استطاعوا وضع ركائز أساسية ورئيسية التي صدرت عنها كل الاتجاهات التفكير الخلقي اليوناني التي تلت ذلك.
    فسر سقراط أداء الخدمات تفسيراً بسيطاً للغاية، برأيه أن أسمى الخدمات التي يستطيع صديق أن يقدمها لصديق آخر، تقوم في التهذيب الأخلاقي، كما انه شجع على طاعة القوانين "المكتوب منها وغير المكتوب" بقواعده العملية وحياته المثالية، التلميذ الذكي قد يساوره الشك الخاص المستمر الذي يهذبه هذا المنهج بإيمان عام دائم في تصور البشر، بينما يحمل على الرأي العام دوماً. كما أن جميع المدارس السقراطية، تتفق في الاعتقاد بأن خير ما يملك الإنسان هو الحكمة أو المعرفة، وأهم صنوف المعرفة على الإطلاق معرفة الخير.
    أما أفلاطون الذي حقق تطوراً ملحوظاً في التحليل النفسي بعد سقراط يقول:"إن كافة الفضائل مع استثناء الحكمة قد تنشا في النفس عن طريق العادات والمران". نجد أن هذا الرأي لا يعارض نظرية سقراط الذي يؤكد بأن معرفة الخير تحمل معها بالضرورة الفضائل.
    حسب رأي سدجويك بان سقراط وأفلاطون لم يبحثا في الخير الأقصى لإنسان ما هو سلامته أو رفاهيته. كلاهما يفترض هذا على الدوام في مناقشاته، والرأي عند كلاهما إن المسألة تستحق الاهتمام من الناحية العملية؛ والتي تحتمل الشك والجدل، ليست فيما إذا كان الخير الأقصى للإنسان قائماً في سلامته، بل ما مدى نصيب الموضوعان المعينة التي عرفت بالخير.
    يعتقد أفلاطون بوجود علم أو حكمة سامية غرضها الأقصى هو الخير المطلق؛ ومعرفة هذا العلم، تتضمن في وضوح معرفة سائر الخيرات، ومعرفة الفضيلة العملية التي لا يفوته أن يعرفها إنسان يعرف بحق ما هو الخير.
    نرى أن أرسطو يقوم في مطلع بحثه في علم الأخلاق باستقراء سقراط أصيل إلى الفكرة الأساسية للغاية القصوى أو الخير الأقصى للإنسان، فالناس جميعاً يقصدون بأعمالهم إلى نتيجة ما، فالخير والعلم عند أرسطو يكون من خلال العقل النظري.
    يلخص سدجويك الفلسفة من وجهة نظر الإغريق بأنها عبارة عن فن الحياة الخيرة، والعلم الذي يعرض لدراستها.
    نرى أن علم دراسة الأخلاق من وجهة نظر الكنيسة والعصور الوسطي هي عبارة عن "صفاء النفس" تتميز الخصائص الأساسية للأخلاق المسيحية في" الطاعة..النفور من الدنيا، الصبر، الإحسان، المسيحية والثروة، الطهارة، الخشوع والواجب الديني".
    لكن الصراع ظل قائماً بين الخطاء في تطور التفكير المسيحي، رغم بذل جهود جدية لاجتناب هذا الصراع أو تلاف مصاعبه. باعتقاد توما الأكويني إن كل عمل أو حركة لكافة الكائنات الناطقة واللاناطقة على السواء موجهة نحو غاية أو خير ما؛ ويتمثل هذا الخير عند الكائنات الناطقة في التفكير الذي يمكن له الانتباه.
    نرى هناك ميل قوي في الرؤية العامة للقيم الخلقية بين الاكويني والغزالي من حيث إن كلا الرؤيتين ذات نزعة صوفية، يعتقد هذا الأخير بأن من الناس من ولد حسن الخلق بفطرته، لا يحتاج إلى تعليم كسائر الأنبياء، والطريق إلى تربية الخلق هو التخلق، اهتم الغزالي برياضة النفس على ما يرغب المرء من مكارم الأخلاق، وغاية الأخلاق هي السعادة الأخروية.
    لكن رؤية الغزالي لا تحمل أية غاية اجتماعية، حسب رأيه كل سعادة ينتجها العمل الطيب في هذه الدنيا إنما هي سعادة مجازية.
    لو عدنا إلى العقيدة البوذية، نجد إن محور الأخلاق فيها هو الخلاص عن طريق التحرر من الشهوات. لقد أدرك بوذا قيمة "الطريق الوسط" لتحقيق السعادة الروحية والطريق الوسط في العقيدة البوذية تشبه إلى حد ما الفكرة التي وردها أرسطو، الذي آمن أن سر الحياة الأخلاقية يكمن في تحقيق الوسط العادل".
    فيما نحن نستعرض أهم المذاهب التي ساهمت في إنضاج القيم الأخلاقية عبر العصور، لن ننسى الحصة الكبرى من فلاسفة العصر الحديث، الذين كان لهم دور كبير في تطوير هذا العلم الذي ساهم في بناء الذات البشرية على أسس منهجية سليمة إلى حد ما.
    ربما أشهر واهم المذاهب الأخلاقية في الفلسفة الحديثة "مذهب كانط" تدور محور فكرته عن " الواجب".
    لقد أثار الدكتور محمد بدوي سؤال هام شغل عدد كبير من المفكرين الذين عملوا في النظريات الأخلاقية وهو:" هل الحاسة الخلقية غريزية أم فطرية؟" ثم قرر أن هناك فريقين من الفلاسفة، فريق من الفلاسفة يعتقدون بان الإنسان لا يستطيع أن يغير الصورة الخلقية التي فطر عليها؛ ومن مؤيدي هذا الرأي "شوبنهور" الذي يقول:" الناس أخياراً وأشراراً، كما يولد الحمل وديعاً والنمر مفترساً، وليس لعلم الأخلاق إلا أن يصف سيرة الناس وعوائدهم، كما يصف التاريخ الطبيعي حياة الحيوان". كذلك من متعصبي هذا الرأي الفيلسوف الألماني "كانط" يقول:" الذي يشاهد موقف الإنسان في ظرف معين، كما ينبأ العالم الفلكي بكسوف الشمس و خسوف القمر في ساعة محددة". كذلك من أنصار هذا الرأي "اسبينوزا" الفيلسوف الهولندي الذي يؤكد بان الناس، كغيرهم من سائر الظواهر الطبيعية.بينما يلخص "هيوم" الفيلسوف الإنكليزي رأي أهل الجبر بقوله:" إن شعورنا بالحرية ليس إلا وهماً وخداعاً". نرى أن أنصار المذهب الفطري يتساءلون: "ما قيمة المربيين في إصلاح ما أعوج من خلق؟ ما قيمة المثل العليا التي يضعها أمامنا فلاسفة الأخلاق؟ ألا يكون كل الجهود مجرد عبث لا طائل منه؟!".
    نرى أن أصحاب هذا المذهب أيضا منقسمين إلى فريقين، فريق يقول بان الإنسان خير بطبعه والشر عارض له، وهو مذهب المتفائلين أمثال جان جاك روسو، والفريق الثاني يقول إن الإنسان شرير بطبعه والخير طارئ عليه، وهو مذهب المتشائمين، كالبوذية والكنيسة المسيحية. برأيهم إن الإنسان منذ خطيئة آدم انقلب شريراً لا حيلة في إصلاحه بنفسه ولا غنى له عن منقذ ومخلص إلهي. نرى سقراط من المذهب المتفائلين وهو يؤكد بان لإنسان يبحث عن السعادة، وإذا عرف الفضيلة هي الطريق الذي يوصله إلى السعادة، فإنه لا يخطئ طريقه، ولا يمكن أن يعمل الإنسان ما يؤدي إلى شقائه، برأيه الإنسان عالم بذلك ومختار له، والأشرار لا ذنب لهم، إلا جهلهم بحقيقية مقاصدهم أو جهلهم بتحديد الوسائل التي تؤدي إلى الغايات الطيبة، لأنهم لا ينوون إلا خير أنفسهم، ولكنهم يجهلون حقيقية هذا الخير أو يجهلون وسائله. نرى أن رأي سقراط يفتقد إلى الموضوعية، بسبب إفراطه الشديد في تفاؤله، وقد لاحظ تلميذه أفلاطون نقاط ضعف أستاذه سقراط، جزم بأن العلم وحده لا يكفي ليصبح المرء فاضلاً، فالرجل قد لا يعرف الشر ويأتيه، ويعرف الخير ولا يقوم به، يؤكد أفلاطون بان لو كانت الفضيلة تنتقل بالتعليم، كما تنتقل العلوم من عقل بالأدلة والبراهين، لأستطاع حكماء أثينا أن يجعلوا من تلامذتهم فضلاء مثلهم. نستخلص رأي أفلاطون بان ليس المقصود بالمعرفة أو العلم مجرد المعرفة التلقينية أو الإدراك العقلي الجاف، بل المعرفة تنتقل من العقل إلى القلب، وتصبح إيماناً عميقاً وقوة ملهمة.لكن نجد أرسطو يتوج الايجابية الشاملة لهذا السؤال، ويخالف رأي سقراط وأفلاطون، حين قرر أن الإنسان ليس عقلاً كما زعم سقراط، وليس عقلاً وعاطفة فقط كما أكد أفلاطون؛ برأيه بالإضافة إلى هذه العوامل، فالإنسان بحاجة إلى إرادة فعالة.
    يصل أرسطو إلى أهم نقطة تم اكتشافها من خلال مجموعة من أراء الفلاسفة: ليست الفضيلة علماً وإيماناً فحسب، لأن العلم والإيمان لا يدفعان صاحبهما إلى العمل إذا كانت همته قاصرة وإرادته ضعيفة متخاذلة. حسب رأيه لو كانت الأخلاق سلوكاً قبل أن تكون علماً، فإن هذا السلوك لا يتحقق إلا عن طريق الإرادة يقول: "لابد إذن لتحقيق التربية الخلقية في تدريب متواصل على العمل بما نعلم".
    لقد أدرك دوركيم هذه الحقيقة في تحليله للظاهرة الخلقية بيّن أن الرغبة التلقائية عنصر هام من عناصر الفعل الخلقي.
    يحاول أندريه كرسون تحليل القيم الأخلاقية لدى اليونانيين، ليؤكد بان الفلاسفة اليونانيين يقومون بتأسيس الأخلاق على أساس: إنهم يرون الإنسان مزود بطبيعة خاصة، سواء كانت تلك الطبيعة قد وهبتها له الآلهة، أو وهبتها له قوة أخرى لا تشعر ولا يعنيها من أمره شيء. وأن هذه الطبيعة تتميز ببعض المطامح حيث وجه كل الأخلاقيين في العصور القديمة اهتمامهم ليعرف الإنسان نفسه، وتوجيهه لما يريد، ليستخلص قواعد السلوك، ويطبقها في حياته حتى يصل إلى ما يريد، برأيه غاية الإنسان البحث عن السعادة، لكن الاختلاف يكمن في تحديد السعادة، وليست الفضيلة إذن في نظرهم هي سيطرة في الإرادة على الطبيعة كما يرى كانط. ينهي كرسون رأيه بان فلاسفة العهد الوثني لروما، سواء المتدين أو غير المتدين، لا يتخذون عن تفكيرهم الدين مبدأ يقيمون على أساسه صروحهم الأخلاقية، لقد بنوا آراءهم على أساس العقل والتجربة.
    بما أن غاية جميع الأخلاقيين هو البحث عن السعادة نجد أن الدكتور ذكريا إبراهيم، يطالب أن يميز الإنسان تمييزاً واضحاً بين "سعادة" و"أخرى" يقول:"لأننا لا يمكن أن نضع سعادة"الرجل الأناني" على قدم والمساواة مع سعادة "الرجل الغيري". يقول:" كما أن أهل العصور القديمة لم يكونوا يضعون سعادة " الأحمق" أو"الجاهل"على قدم المساواة مع سعادة " الحكيم" أو " الفيلسوف".
    باعتقاد ذكريا إبراهيم إن المذهب الأخلاقي الذي يدعو إلى" السعي وراء السعادة" لابد أن يكون مذهباً يهدم الإنسان بنفسه. يقول:" إن البشر اخترعوا الشيطان حتى يحملوه مسؤولية كل ما في الوجود من تنافر وتشاحن واضطراب وخصام، يجزمون إن الشيطان هو الفساد الأكبر والضلال الأعظم والشر المحض والكراهية بجميع صنوفها" حسب رأيه إن الإنسان هو الشيطان باعتباره ينشر الخصام، و يفضل الحرب على السلام، إلى جانب تفننه في خلق أنواع التعذيب والإيلام، يقول:" ألا يحق لنا إذاً أن نقول إن بضاعة الشر لم ترج إلا لوجود بني البشر في هذا العالم، أؤلئك المشترين الذين يتهافتون على ساعة الشيطان، لأن بضاعتهم رُدت إليهم".
    نرى أن الدكتور زكريا يميل إلى الألم، ويعتبره الجانب الأعمق في وجودنا، برأيه إن الخبرات الأليمة التي يعاني منها الإنسان، لابد أن تندمج في صميم وجوده، لتتحول في المستقبل إلى ثروة باطنية، والتسلح بها ضد ما يستجد من هجمات، يورد لنا اسم أشهر الفلاسفة الذين اتخذوا من الألم سبيلا للتربية الخلقية، والعلو بالذات الإنسانية وهو " كيير كيجارد" الذي يقول:" كلما كان ألم الشخص أسمى وأرقى، كان الثمن الذي يدفعه لشراء أي شيء أغلى وأبهظ". وكذلك من الفلاسفة الذين اتخذوا من الألم منهجا في علو الذات الإنسانية المفكر" هارتمان" الذي يؤكد بأن الألم يعلو بالذات البشرية ويزيد من عمق الإحساس الخلقي، ويكسب الذات ضرباً من النبل الخلقي، ويمنحه قدرة على الإحساس بالسعادة.
    في ختام بحثنا في القيم الأخلاقية، لابد أن نثير رأي أهم فيلسوف استطاع أن يغير مجمل الآراء الفلسفية، ويضع موضع التساؤل مجمل تاريخ الغرب وهو الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، حيث كان له بصمة مغايرة في علم الأخلاق. يؤكد لنا عادل العوا بأن فلسفة القيم ازدهرت بعد "نيتشه"برأيه لولا نيتشه ربما لم تكن القيم موجودة.
    فهو الفيلسوف الوحيد الذي قام بتعرية القيم الأخلاقية التي آمن بها الإنسان منذ مئات السنين، حيث هاجم نيتشه بشدة " العقل" والفلاسفة الذين اعتمدوا على العقل وعلى رأسهم" سقراط" يعتقد بان سقراط ساهم بإفساد تلميذه أفلاطون، حين لقنه أهمية المشاكل الأخلاقية والمنهج الجدلي وعدم الثقة في النفس؛ جاعلا منه مفكراً جدلياً يعكس طبيعة الحقيقة.
    حاول نيتشه أن يخاطب جميع الفلاسفة واعتبارهم تلاميذه، وهو يشكك في جميع النظريات الفلسفية فيقول:"إن طلبي من الفيلسوف معروف وهو أن يتخذ بمعزل عن الشر والخير، وأن يترك خلفه وهم الحكم الأخلاقي، وهذا الطلب ينتج عن نظرة كانط أول من يصوغها، ومؤدها أنه لا يوجد على الإطلاق حقائق أخلاقية. إن الأحكام الأخلاقية مثل الأحكام الدينية، تنتمي إلى مرحلة من مراحل الجهل، كانت تفتقر إلى تصورها ما هو حقيقي والتمييز بينه وبين ما هو خيالي".
    يرى الدكتور فؤاد ذكريا بأن الأذهان السطحية تفهم اللاأخلاقية عند نيتشه على أنه دعوة إلى نوع من الهمجية والإباحية في علاقات الإنسان بعضهم بعض، لكنه يؤكد لنا بان نيتشه لا أخلاقي بمعنى أنه لا يعترف أصلاً بالقيم الأخلاقية السائدة، ويحاول مراجعتها من جديد.
    إذاً نيتشه برأي د. ذكريا ليس عاصياً أو منحرفاً، وإنما هو مستقيل عن هذه الأخلاق. هو لا يعترف بما نسميه خيراً، ولكنه لا يعترف أيضا بما نسميه شراً، وهو المفكر الوحيد المستقل عن نطاق القيم الشائعة، وينظر إلى الخارج فحسب. وهذه الخصال برأي نيتشه هي صفات الناقد الحقيقي والصحيح. يقول:" فلكي يتسنى لنا أن نتأمل أخلاقنا الأوروبية من بعيد، ونقارنها بنظم أخلاقية أخرى، سابقة أو تالية، علينا أن نفعل ما يفعله السائح الذي يريد أن يعرف مدى ارتفاع أبراج المدينة".
    يعتقد د. زكريا أن اللا أخلاقية عند نيتشه تعبير عن ثورة على الأوضاع الأخلاقية القائمة، ومحاولة لقلب القيم الأخلاقية التي يخضع لها الناس في عصرنا، إذا اللاأخلاقية برأيه من وحي الأخلاق، باعتبار أن هدفها الأساسي الكشف عن نواقص المبادئ الأساسية للسلوك الإنساني في شكلها الراهن، ومحاولة إصلاح هذه المبادئ أو استبدال غيرها بها، من اجل إنسانية أفضل.
    استطاع نيتشه أن ينقد فكرة الخير والشر على أساس من النسبية، والوقوف بمعزل عن الخير والشر؛ ليكون استقلالاً عن الأخلاق بوجه عام، لا عن أخلاق معينة.
    يعتقد د زكريا إن لا أخلاقية نيتشه دعوة للوصول إلى الإنسان الأرقى، الذي يجسد المثل الأخلاقي الأعلى.
    بتصور نيتشه ليس إن الإنسان الأرقى هو ذاك الطيب الذي يخضع للقيم الأخلاقية المعترف بها، ويحاول تحقيق الخير وتجنب الشر، بل هو إنسان يسعى إلى مزيد من الحيوية في كل شيء.
    هكذا نرى بحق إن نيتشه هو الوحيد الذي سار عكس التيار، وهو يحاول أن يفتح للبشر نوافذ جديدة في أهم موضوع شغل جميع المفكرين.
    ربما أكثر الأبحاث الفلسفية التي أثيرت من أقدم العصور هي البحث عن القيم الأخلاقية، ولكننا لا نستطيع أن نجزم بان اغلب النظريات التي وضعت لتربية الذات الإنسانية، قد نجحت في ترويض البشر، لكننا لا نستطيع أن ننكر أيضاً بان غاية معظم المفكرين كانت نبيلة وصادقة في إيجاد قيم أخلاقية، تساعد الإنسان وتنير ذاته، والغاية القسوة من جميع هذه النظريات للوصول إلى الحق والخير والسعادة والجمال، لبناء مجتمع إنساني راقي.
    المراجع:
    • " نيتشه" تأليف د. فؤاد زكريا
    • " المشكلة الخلقية" تأليف د. زكريا إبراهيم
    • " المجمل في تاريخ علم الأخلاق" تأليف د. ه. سدجويك
    • " الأخلاق عند الغزالي" تأليف زكي مبارك
    • " الأخلاق بين الفلسفة وعلم الاجتماع" تأليف د. محمد بدوي
    • " المشكلة الخلقية والفلاسفة" تأليف أندريه كرسون
    • " القيمة الأخلاقية" تأليف عادل العوا
    • " نيتشه عدو المسيح" تأليف يسري إبراهيم

    . أرجو إن ينال الموضوع إعجابكم ......... اخوكم حسين الفوهرر (العراق)
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    [color=blue][size=24]القيم الأخلاقية عبر العصور[/size][/color] Empty رد: [color=blue][size=24]القيم الأخلاقية عبر العصور[/size][/color]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس سبتمبر 18, 2008 9:34 am

    جزاك الله خيرا اخى حسين


    موضوعك رائع موثق بالمصادر و المراجع


    بحث قيم جداااااااااا


    ربنا يبارك لك 00


    بس معلش كبر الخط شوية عن طريق التعديل

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 01, 2024 7:16 pm