ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    أساليب البلاغة

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    أساليب البلاغة Empty أساليب البلاغة

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء أبريل 10, 2013 11:57 am

    أساليب البلاغة
    تعريفُ الأسلوب :

    هو عبارة عن المعنى الذي يستفاد من الألفاظ المؤلفة على صورة تكون أقرب ما يكون للمعنى والغرض المقصود من الكلام وتأثيره في نفوس سامعيه.

    وأَنواع الأساليب ثلاثة:


    أ‌- الآسلوب العلمي.

    ب‌- الأسلوب الأدبي.

    ت‌- الأسلوب الخطابي.

    وكل أسلوب من الأساليب الثلاثة يختلف عن الأخر تبعًا لاختلاف الغرض من الكلام, وتبعًا للمعنى المراد التعبير عنه .

    (أ) الأُسلوبُ العلميُّ




    هو أهدأُ الأساليب، وأكثرها احتياجاً إِلى المنطق السليمِ والفكر المستقيمِ، وأَبعدُها عن الخيال الشِّعريِّ، لأَنه يخاطب العقلَ، ويناجي الفكر، ويَشرَح الحقائق العلمية التي لا تخلو من غموضٍ وخفاءٍ، وأظهرُ ميزات هذا الأُسلوب الوُضوحُ.

    ولا بدَّ أن يبدوَ فيه أثرُ القوة والجمالِ:

    فقوتُه : في سطوعِ بيانهِ ورصانةِ حُجَجه.

    وجَمالهُ : في سهولةِ عباراتهِ، وسلامةِ الذوق في اختيار كلماتهِ، وحُسنِ تقريره المعنى في الأَفهام ِمنْ أقرب ِوجوه الكلامِ.

    فيجبُ أن يُعنَى فيه باختيار الأَلفاظ الواضحة ِالصريحة في معناها الخالية من الاشتراك ( أي أن تحتمل الكلمة أكثر من معنى وهذا مرفوض في الأسلوب العلمي)، وأن تُؤلّفَ هذه الأَلفاظ في سهولة ووضوح، حتى تكون مبينة و موضحة للمعنَى المقصود، وحتى لا تصْبحَ مثارًا للظنون، ومجالاً للتوجيه والتأْويل.

    ويحسنُ البعد عن المجاز ومُحَسِّناتِ البديع في هذا الأُسلوبِ؛ إَلا ما يجيءُ من ذلك عفوًا ،من غير أن يَمَسَّ أصلاً من أصوله أو ميزةً من ميزاته.

    أمَّا التشبيه الذي يُقصدُ به تقريبُ الحقائق إِلى الأفهام وتوضيحُها بذكر مماثلها، فهو في هذا الأسلوبِ حسنٌ مقبولٌ.

    ولسنا في حاجة إلى أَن نُلقيَ عليك أَمثلةً لهذا النوع، فكتُبُ الدراسة والمقالات التي بين يديك تجري جميعُها على هذا النحو من الأساليب.

    ==========


    (ب) الأُسلوبُ الأَدبيُّ



    الجمالُ أبرزُ صِفاته، وأظهرُ مُميِّزاته، ومَنشأُ جماله : ما فيه من خيالٍ رائعٍ، وتَصْويرٍ دقيقٍ، وتلمُّسٍ لوجوه الشبهِ البعيدة بين الأشياءَ، وإِلباس المعنويِّ ثوبَ المحسوس، وإِظهارَ المحسوس في صورة المعنويِّ.

    فالمتنبي لا يرَى الحُمَّى الراجعةَ - كما يراها الأَطباءُ- أَثراً لجراثيم تَدْخلُ الجسم، فترفعُ حرارته، وتُسببُ رِعْدة وقُشَعْرِيرةً. حتى إِذا فرغت نوْبَتها تَصبَّبَ الجسم عَرَقاً، ولكنه يُصوِّرها كما تراها في الأَبيات الآتية :


    وزَائِرتي كأَنَّ بها حياءً فلِيْس تَزُورُ إِلاَّ في الظَّلام

    بذَلتُ لَها المَطَارف والحَشَايَا فَعَافتها وباتتْ في عظامي

    يضيقُ الجلدُ عَنْ نَفسِي وعنها فَتُوسِعُهُ بِأَنواعِ السَّقام

    كأَنَّ الصبحَ يطْرُدُها فتجرى مَدَامِعُها بأَربعة سجام

    أُراقِبُ وقْتَها مِنْ غَيْرِ شَوْقٍ مُرَاقَبَةَ المَشُوق الْمُسْتهَام

    ويصْدُقُ وعْدُهَا والصِّدْقُ شرٌّ إِذا أَلْقاكَ في الكُرَب العِظام

    أَبِنتَ الدَّهْر عِنْدِي كلُّ بنْتٍ فكيف وصَلتِ أَنتِ مِن الزِّحامِ


    والغُيُومُ لا يراها ابنُ الخياط كما يراها العالمُ بخارًا مُترَاكِماً يَحُولُ إلى ماء إذا صادف في الجوّ طبقة باردة ولكنه يراها:


    كأن الغيومَ جُيُوش تَسُومُ منَ العدْل في كلِّ أرضٍ صلاحا

    إذا قاتل المحْل فيها الغَمامُ بصوبِ الرِّهام أجَادَ الكفاحا

    يُقَرْطِسُ بالطَّلِّ فيه السِّهامَ ويُشرِعُ بالوَبْلِ فيه الرِّماحا

    وسلَّ عَليْهِ سُيوفَ البرُوقِ فأثخَنَ بالضرْب فيهِ الجراحا

    تُرَى أَلْسُنُ النوْر تُثني علَيْهِ فَتَعْجَبُ منهن خُرْساً فِصَاحا


    وقد يتظاهرُ الأَديبُ بإنكار أسبابِ حقائق العلم، ويتَلمَّسُ لها من خياله أسباباً تُثبت دَعواهُ الأَدبية وتُقوِّي الغرض الذي يَنشدُهُ.

    فَكَلَفُ البدرِ الذي يَظهرُ في وجهه ليَس ناشئاً عما فيه من جبالٍ وقيعانٍ جافةٍ - كما يقولُ العلماءُ- لأَنَّ المَعرِّى يرى لذلك سبباً آخر فيقول في الرثاء:


    وما كلْفةُ البَدْر المُنير قديمةً ولكنها في وجْههِ أثرُ اللَّطم .


    ولا بدَّ في هذا الأسلوبِ من الوضوحِ والقوةِ؛ فقولُ المتنبي:


    قفي تَغْرَمِ الأولى مِنَ اللَّحْظِ مُهجَتي بثانِيةٍ والمُتْلِفُ الشيءَ غارِمُه .


    غيرُ بليغٍ؛ لأنه يريد أنه نظر إِليها نظرةً أتلفتْ مهجته، فيقول لها : قِفي لأنظركِ نظرةً أخرى تردُّ إليَّ مهجتي وتُحييها، فإنْ فعلْتِ كانتِ النظرة غرْمَا لِمَا أتلفته النظرةُ الأُولى.

    فانظرْ كيف عانينا طويلا في شرح هذا الكلام الموجزِ الذي سبَّبَ ما فيه من حذف وسوءَ تأْليفٍ شِدةَ جفائهْ وبُعْدَه عن الأَذهان، مع أنَّ معناهُ جميل ٌبديعٌ، فكرته مُؤيَّدةٌ بالدليل.

    وإِذا أردتَ أن تَعْرف كيف تَظْهرُ القوةُ في هذا الأسلوب، فاقرأ قول المتنبي في الرثاء:


    مَا كُنْتُ آملُ قَبلَ نَعْشك أن أرى رضْوَى على أيْدى الرجالِ يَسيرُ


    ثم اقرأ قول ابن المعتز في عبيد الله بن سليمان بن وهب:


    قدْ ذَهبَ الناسُ وماتَ الكمالْ وصاحَ صَرفُ الدَّهْر أين الرجالْ؟

    هذا أبُو العَبَّاس في نَعْشِه قوموا انْظرُوا كيف تَسيرُ الجبالْ


    تجدْ أنَّ الأُسلوبَ الأَولَ هادئٌ مطمئنٌ، وأَنَّ الثاني شديدُ المرَّةِ عظيمُ القوَّةِ، وربما كانت نهايةُ قوتهِ في قوله: "وصاحَ صَرْفُ الدهر أَينَ الرجال" , ثم في قوله: "قوموا انظروا كيف تسيرُ الجبال".

    وجملةُ القول : أنَّ هذا الأُسلوبَ يجب أنْ يكون جميلاً رائعاً بديعَ الخيالِ، ثم واضحاً قويًّا.

    ويظنُّ الناشئون في صناعة الأَدب أَنه كلما كثر المجازُ، وكثرتِ التشبيهاتُ والأخيلةُ في هذا الأُسلوب زادَ حسنُه، وهذا خطأٌ بيِّنٌ، فإنه لا يذهبُ بجمال هذا الأسلوبِ أكثر من التكلُّفِ، ولا يُفْسِدُه شرٌّ من تَعمُّدِ الصناعةِ، ونَعْتقدُ أنه لا يُعجبكَ قولُ الشاعر :


    فأمطَرَتْ لؤلؤاً من نرْجِسٍ وسقَتْ ورْداً وعضّتْ على العُنّابِ بالبَرَدِ


    هذا من السهلِ عليك أَن تَعْرِفَ أَنَّ الشعرَ والنثرَ الفنيَّ هما مَوْطِنا هذا الأسلوب ففيهما يزْدهِرُ وفيهما يبلغُ موضع الفنِّ والجمال.

    ===============


    (ج) الأسلوبُ الخطابيُّ




    وهنا يختلف الأسلوب الخطابي عن الأساليب السابقة ( العلمي و الأدبي)؛ حيث تَبْرُزُ قوةُ المعاني والألفاظِ، وقوةُ الحجَّةِ والبرهانِ، وقوةُ العقل الخصيبِ، وهنا يتحدَّثُ الخطيبُ إلى إرادةِ سامعيه لإثارةِ عزائمهِم واستنهاضِ هممهم.

    ولجمالِ هذا الأُسلوبِ ووضوحهِ شأْنٌ كبيرٌ في تأْثيره ووصوله إلى قرارة النفوسِ.

    ومما يزيدُ في تأْثير هذا الأُسلوب :

    أ‌- منزلةُ الخطيب في نفوسِ سامعيه .
    ب‌- وقوةُ حجته وسطوعها.
    ت‌- ونبَراتُ صوته.
    ث‌- وحسنُ إِلقائه.
    ج‌- ومُحْكَمُ إِشارته.

    ومن أظهرِ مميزاتِ هذا :

    أ‌- الأُسلوب التكرارُ.
    ب‌- واستعمالُ المترادفات.
    ت‌- وضربُ الأمثال.
    ث‌- واختيارُ الكلمات الجزلة ذات الرنين.
    ج‌- ويحسنُ فيه أَنْ تتعاقبَ ضروبُ التعبير من إِخبارٍ إلى استفهام إلى تعجب إلى استنكار.
    ح‌- وأَنْ تكونَ مواطنُ الوقف فيه قويةً شافيةً للنفس.

    ومن خيرِ الأَمثلة لهذا الأُسلوب خطبةُ علي بن أَبي طالب رضي الله عنه لمَّا أَغار سُفيانُ بنُ عوفٍ الأَسدِي على الأَنبار وقتل عامله عليها:

    "هذا أَخُو غامدٍ قد بَلغتْ خيْله الأَنْبار , وقَتلَ حَسَّانَ البَكريّ وأَزال خَيْلَكمْ عنْ مَسَالِحِها, وَقَتل مِنْكم رجالاً صالِحِين.

    "وقدْ بَلغني أَنَّ الرَّجُل منهُمْ كان يَدْخُلُ على المْرأَةِ الْمُسْلمَةِ والأُخرى المعاهدة، فَيَنْزعُ حِجْلَهَا ، وقُلْبَهَا ، ورِعاثَها ، ثم انْصَرفُوا وَافِرِين ما نالَ رجلا منهم كَلمٌ ، ولا أرِيقَ لهم دَمٌ، فلو أَن رجلاً مُسْلماً مات مِنْ بَعْدِ هذَا أَسَفاً، ما كان به ملُوماً، بلْ كان عِنْدى جديرًا.

    "فَواعجَباً مِنْ جدِّ هؤُلاء في بَاطِلِهمْ، وفَشَلِكُمْ عنْ حقِّكُم. فَقُبْحاً لَكمْ حِين صِرْتُم غَرَضاً يُرْمَى ، يُغار علَيْكمْ ولا تُغِيرُون، وتُغْزَوْن وَلا تغزونَ، ويُعْصى الله وترْضَوْن ".

    فانظر كيف تدرج ابن أَبي طالب في إِثارة شعور سامعيه حتى وصل إِلى القمَّةِ فإنه أخبرهم بغَزْو الأَنْبار أَولا، ثم بقتل عامله، وأَنَّ ذلك لم يكْف سُفْيان بين عوف فأَغْمد سيوفه في نحور كثيرٍ من رجالهم وأَهليهم.

    ثم توجه في الفقرة الثانية إِلى مكان الحميَّةِ فيهم، ومثار العزيمة والنخوة من نفسه كل عربي كريم، أَلا وهو المرأَة، فإِنَّ العربَ تبذل أَرواحها رخيصةً في الذود عنها، والدفاع عن خِدْرها. فقال: إِنهم استباحوا حِماها، وانصرفوا آمِنين.

    وفي الفقرة الثالثة أظهر الدَّهَشَ والحَيْرَة من تمسك أعدائه بالباطل ومناصرته، وفشلِ قومه عن الحق وخِذْلانه. ثم بلغ الغيظ منه مبلغه فَعيَّرهم بالجُبن والخَوَر.

    فانظر إلى هذا المثال من الخطابة و كيف جمع بين قوة شخصية الخطيب, ووضوح حجته وسطوعها, وحسن إحكام الخطبة , واختيار الألفاظ و الكلمات التي لها تأثير ووقع على سامعيها.
    ============
    كتاب البلاغة الواضحة : علي الجارم ومطفى أمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 11:18 am