ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    رثاء الأندلس لأبي البقاء الرندي

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     رثاء الأندلس لأبي البقاء الرندي  Empty رثاء الأندلس لأبي البقاء الرندي

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس يناير 17, 2013 7:44 am


    لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ = فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ
    هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ = مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ
    وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ = وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ
    يُمَزِّقُ الدَهرُ حَتماً كُلَّ سابِغَةٍ = إِذا نَبَت مَشرَفِيّات وَخرصانُ
    وَيَنتَضي كُلَّ سَيفٍ للفَناء وَلَو = كانَ ابنَ ذي يَزَن وَالغِمد غمدانُ
    أَينَ المُلوكُ ذَوي التيجانِ مِن يَمَنٍ = وَأَينَ مِنهُم أَكالِيلٌ وَتيجَانُ
    وَأَينَ ما شادَهُ شَدّادُ في إِرَمٍ = وَأينَ ما ساسَه في الفُرسِ ساسانُ
    وَأَينَ ما حازَهُ قارونُ من ذَهَبٍ = وَأَينَ عادٌ وَشدّادٌ وَقَحطانُ
    أَتى عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ = حَتّى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كانُوا
    وَصارَ ما كانَ مِن مُلكٍ وَمِن مَلكٍ = كَما حَكى عَن خَيالِ الطَيفِ وَسنانُ
    دارَ الزَمانُ عَلى دارا وَقاتِلِهِ = وَأَمَّ كِسرى فَما آواهُ إِيوانُ
    كَأَنَّما الصَعبُ لَم يَسهُل لَهُ سببٌ = يَوماً وَلا مَلَكَ الدُنيا سُلَيمانُ
    فَجائِعُ الدُهرِ أَنواعٌ مُنَوَّعَةٌ = وَلِلزَمانِ مَسرّاتٌ وَأَحزانُ
    وَلِلحَوادِثِ سلوانٌ يُهوّنُها = وَما لِما حَلَّ بِالإِسلامِ سلوانُ
    دهى الجَزيرَة أَمرٌ لا عَزاءَ لَهُ = هَوَى لَهُ أُحُدٌ وَاِنهَدَّ ثَهلانُ
    أَصابَها العينُ في الإِسلامِ فاِرتزَأت = حَتّى خَلَت مِنهُ أَقطارٌ وَبُلدانُ
    فاِسأل بَلَنسِيةً ما شَأنُ مرسِيَةٍ = وَأَينَ شاطِبة أَم أَينَ جيّانُ
    وَأَين قُرطُبة دارُ العُلُومِ فَكَم = مِن عالِمٍ قَد سَما فِيها لَهُ شانُ
    وَأَينَ حمص وَما تَحويِهِ مِن نُزَهٍ = وَنَهرُها العَذبُ فَيّاضٌ وَمَلآنُ
    قَوَاعد كُنَّ أَركانَ البِلادِ فَما = عَسى البَقاءُ إِذا لَم تَبقَ أَركانُ
    تَبكِي الحَنيفِيَّةُ البَيضَاءُ مِن أَسَفٍ = كَما بَكى لِفِراقِ الإِلفِ هَيمَانُ
    عَلى دِيارٍ منَ الإِسلامِ خالِيَةٍ = قَد أَقفَرَت وَلَها بالكُفرِ عُمرانُ
    حَيثُ المَساجِدُ قَد صارَت كَنائِس ما = فيهِنَّ إِلّا نَواقِيسٌ وصلبانُ
    حَتّى المَحاريبُ تَبكي وَهيَ جامِدَةٌ = حَتّى المَنابِرُ تَبكي وَهيَ عيدَانُ
    يا غافِلاً وَلَهُ في الدهرِ مَوعِظَةٌ = إِن كُنتَ في سنَةٍ فالدهرُ يَقظانُ
    وَماشِياً مَرِحاً يُلهِيهِ مَوطِنُهُ = أَبَعدَ حِمص تَغُرُّ المَرءَ أَوطانُ
    تِلكَ المُصِيبَةُ أَنسَت ما تَقَدَّمَها = وَما لَها مِن طِوَالِ المَهرِ نِسيانُ
    يا أَيُّها المَلكُ البَيضاءُ رايَتُهُ = أَدرِك بِسَيفِكَ أَهلَ الكُفرِ لا كانوا
    يا راكِبينَ عِتاق الخَيلِ ضامِرَةً = كَأَنَّها في مَجالِ السَبقِ عقبانُ
    وَحامِلينَ سُيُوفَ الهِندِ مُرهَفَةً = كَأَنَّها في ظَلامِ النَقعِ نيرَانُ
    وَراتِعينَ وَراءَ البَحرِ في دعةٍ = لَهُم بِأَوطانِهِم عِزٌّ وَسلطانُ
    أَعِندكُم نَبَأ مِن أَهلِ أَندَلُسٍ = فَقَد سَرى بِحَدِيثِ القَومِ رُكبَانُ
    كَم يَستَغيثُ بِنا المُستَضعَفُونَ وَهُم = قَتلى وَأَسرى فَما يَهتَزَّ إِنسانُ
    ماذا التَقاطعُ في الإِسلامِ بَينَكُمُ = وَأَنتُم يا عِبَادَ اللَهِ إِخوَانُ
    أَلا نُفوسٌ أَبيّاتٌ لَها هِمَمٌ = أَما عَلى الخَيرِ أَنصارٌ وَأَعوانُ
    يا مَن لِذلَّةِ قَوم بَعدَ عِزّتهِم = أَحالَ حالَهُم كفرٌ وَطُغيانُ
    بِالأَمسِ كانُوا مُلُوكاً فِي مَنازِلهِم = وَاليَومَ هُم في بِلادِ الكُفرِ عُبدانُ
    فَلَو تَراهُم حَيارى لا دَلِيلَ لَهُم = عَلَيهِم من ثيابِ الذُلِّ أَلوانُ
    وَلَو رَأَيت بُكاهُم عِندَ بَيعهمُ = لَهالَكَ الأَمرُ وَاِستَهوَتكَ أَحزانُ
    يا رُبَّ أمٍّ وَطِفلٍ حيلَ بينهُما = كَما تُفَرَّقُ أَرواحٌ وَأَبدانُ
    وَطفلَة مِثلَ حُسنِ الشَمسِ إِذ برزت = كَأَنَّما هيَ ياقُوتٌ وَمُرجانُ
    يَقُودُها العِلجُ لِلمَكروهِ مُكرَهَةً = وَالعَينُ باكِيَةٌ وَالقَلبُ حَيرانُ
    لِمثلِ هَذا يَبكِي القَلبُ مِن كَمَدٍ = إِن كانَ في القَلبِ إِسلامٌ وَإِيمانُ
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     رثاء الأندلس لأبي البقاء الرندي  Empty رد: رثاء الأندلس لأبي البقاء الرندي

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس فبراير 12, 2015 9:05 pm

    أمر السلطان الموحدي أبو يوسف يعقوب المنصور شيوخ الموحدين بالاجتماع حين شعر بالموت يدنو منه، ثم قال وقد اغرورقت عيناه بالدموع: "أيها الناس، أوصيكم بتقوى الله تعالى وبالأيتام واليتيمة." قال أبو محمد عبد الواحد: "يا سيدنا يا أمير المؤمنين، ومن الأيتام واليتيمة؟" قال: "اليتيمة جزيرة الأندلس، والأيتام سكانها المسلمون. وإياكم والغفلة فيما يصلح بها من تشييد أسوارها وحماية ثغورها وتربية أجنادها وتوفير رعيتها. ولتعلموا أعزكم الله أنه ليس في نفوسنا أعظم من همها، ونحن الآن قد استودعنا الله تعالى وحسن نظركم فيها، فانظروا أمن المسلمين وأجروا الشرائع على منهاجها." وبوفاته انتهى العصر الذهبي لأشْبِيِلِيَة في الأندلس.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 1:44 pm