ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله Empty ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله

    مُساهمة من طرف أحمد السبت سبتمبر 12, 2009 3:29 am

    هو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، القرشي التيمي البكري البغدادي الفقيه الحنبلي الحافظ المفسر الواعظ المؤرخ الأديب المعروف بابن الجوزي، رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته .


    مولده:

    ولد العلامة ابن الجوزي "بدرب حبيب" الواقعة في بغداد، واختلف في تاريخ ولادته:
    قيل: سنة 508، وقيل سنة 509، وقيل سنة 510 هجرية، والأرجح أنه ولد بعد العشرة كما يظهر ذلك في بعض مؤلفاته في الوعظ، حيث يقول: أنه بدأ التصنيف سنة 528هـ، وله من العمر 17 سنة ولما نقل عنه أيضا في ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (أنه كان يقول: لا أتحقق مولدي غير أنه مات والدي في سنة 514هـ، وقالت الوالدة كان لك من العمر ثلاث سنين) .
    وعلى هذا تكون ولادته سنة 511هـ، 1117م .
    وكان أهله تجارا في النحاس، ولهذا يوجد في بعض سماعاته القديمة: عبد الرحمن بن علي الجوزي الصفار .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله Empty رد: ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله

    مُساهمة من طرف أحمد السبت سبتمبر 12, 2009 3:31 am

    نشأته:


    توفي والده علي بن محمد وله من العمر ثلاث سنين، ولكن ذلك لم يؤثر في نشأته نشأة صالحة، حيث أبدله الله عمته مربية مخلصة تعطيه كل عطفها وعنايتها وتسهر على خدمته وتعليمه، فهي التي حملته إلى مسجد أبي الفضل بن ناصر، فتلقى منه الرعاية التامة والتربية الحسنة حتى أسمعه الحديث .

    وعلى الرغم من فراق والده في طفولته فقد ساعده في توجهه إلى طلب العلم وتفرغه لذلك ثروة أبيه الموسر، فقد ترك له من الأموال الشيء الكثير، ولهذا نراه -رحمه الله- يكثر الكلام عن نفسه في أكثر من كتاب، فيبين أنه نشأ في النعيم، ويقول في صيد الخاطر:

    ( فمن ألف الترف فينبغي أن يتلطف بنفسه إذا أمكنه، وقد عرفت هذا من نفسي، فإني ربيت في ترف، فلما ابتدأت في التقلل وهجر المشتهى أثر معي مرضا قطعني عن كثير من التعبد، حتى أني قرأت في أيام كل يوم خمسة أجزاء من القرآن، فتناولت يوما ما لا يصلح فلم أقدر في ذلك اليوم على قراءتها، فقلت: إن لقمة تؤثر قراءة خمسة أجزاء بكل حرف عشر حسنات، إن تناوله لطاعة عظيمة، وإن مطعما يؤذي البدن فيفوته فعل خير ينبغي أن يهجر، فالعاقل يعطي بدنه من الغذاء ما يوافقه .

    فلما بلغ ابن الجوزي رشده شعر بنفسه وبال الترف في طلب العلم، فقنع باليسير واستسهل الصعاب متحملا كل الشدائد والمحن فهمته في طلب العلم أنسته كل الترف فانكب على طلب العلم -وهو ألذ من كل لذيذ- فيقول عن نفسه: (ولقد كنت في مرحلة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل، لأجل ما أطلب وأرجو).

    كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها شربة، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم .

    وقد عاش ابن الجوزي منذ طفولته ورعا تقيا زاهدا، لا يحب مخالطة الناس خوفا من ضياع الوقت، ووقوع الهفوات، فصان بذلك نفسه وروحه ووقته: يقول الإمام ابن كثير عند ترجمته له "وكان -وهو صبي- دينا منجمعا على نفسه لا يخالط أحدا ولا يأكل ما فيه شبهة، ولا يخرج من بيته إلا للجمعة، وكان لا يلعب مع الصبيان" .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله Empty رد: ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله

    مُساهمة من طرف أحمد السبت سبتمبر 12, 2009 3:37 am

    حبه للعزلة:
    وكان يحب العزلة تقديرا لقيمة الوقت وابتعادا عن الوقوع في اللهو، يقول في صيد الخاطر: (فليس في الدنيا أطيب عيشا من منفرد عن العالم بالعلم، فهو أنيسه وجليسه، قد قنع بما سلم به دينه من المباحات الحاصلة، لا عن تكلف ولا تضييع دين، وارتدى بالعز عن الذل للدنيا وأهلها، والتحف بالقناعة باليسير، إذا لم يقدر على الكثير بهذا الاستعفاف يسلم دينه ودنياه، واشتغاله بالعلم يدله على الفضائل ويفرجه عن البساتين، فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة، ولكن لا يصلح هذا إلا للعالم، فإنه إذا اعتزل الجاهل فاته العلم فتحبط)

    رده على المتزهدين والمتصوفين:

    في موضع آخر من صيد الخاطر عين فصولا للرد على العزلة العمياء والمتزهدين فيقول: (فكم فوتت العزلة علما يصلح به أصل الدين، وكم أوقعت في بليته هلك بها الدين، وإنما عزلة العالم عن الشر فحسب) .

    ويقول في ذم المتزهدين والصوفية العمياء: (وإني أرى أكثر الناس قد حادوا عن الشريعة، وصار كلام المتزهدين كأنه شريعة لهم، فيقال: قال أبو طالب المكي: كان من السلف من يزن قوته بكربة فينقص كل يوم. وهذا شيء ما عرفه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه وإنما كانوا يأكلون دون الشبع. وما كانت سيرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه على ما المتزهدون عليه اليوم.

    فقد كان صلى الله عليه وسلم يضحك ويمزح ويختار المستحسنات ويسابق عائشة، رضي الله عنها، وكان يأكل اللحم ويحب الحلوى ويستعذب الماء وعلى هذا كانت طريقة أصحابه، فأظهر المتزهدون طرائق كأنها ابتداء شريعة، وكلها على غير الجادة)


    مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

    لقد أعجب بشخصيته وجهده الجبار علماء أجلاء من بعده فمدحوه وأثنوا عليه: يقول ابن خلكان: (أنه كان علامة عصره وإمام وقته في الحديث وفي صناعة الوعظ صنف في فنون كثيرة) فعد بعض مؤلفاته، ثم قال: (وبالجملة فكتبه تكاد لا تعد، وكتب بخطه شيئا كثيرا، والناس يغالون في ذلك حتى يقولوا أنه جمعت الكراريس التي كتبها وحسبت مدة عمره، وقسمت الكراريس على المدة فكان ما خص كل يوم تسع كراريس) .

    وكان ابن الجوزي كثير الاطلاع ومشغوفا بالقراءة فقد حكى عن نفسه أنه طالع عشرين ألف مجلد أو أكثر، وهو ما يزال طالبا .

    يقول في صيد الخاطر: (سبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي تخلفت من المصنفات فليكثر من المطالعة فإنه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة، وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا ترى فيهم ذا همة عالية فيقتدي به المبتدئ ولا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد، فالله الله، وعليكم بملاحظة سير السلف ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، والاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم) فقد استطاع بهذا الاطلاع الواسع أن يتفوق على كثير من معاصريه في المشاركة في عديد من العلوم والفنون، فألف في التفسير والحديث والطب والوعظ وغيرها الشيء الكثير ويبدو أن ابن الجوزي كان ماهرا في التفسير وفي التاريخ والوعظ ومتوسطا في الفقه، وأما بالنسبة إلى متون الحديث فهو واسع الاطلاع فيها لكنه غير مصيب في الحكم على الصحيح والسقيم.

    يقول الذهبي عند ترجمة ابن الجوزي:

    (كان مبرزا في التفسير والوعظ والتاريخ ومتوسطا في المذهب وله في الحديث اطلاع تام على متونه، وأما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له فيه ذوق المحدثين ولا نقد الحفاظ المبرزين) .

    وقال الذهبي في "التاريخ الكبير": (لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه) .

    مدرسة ابن الجوزي:

    كان له دور كبير ومشاركة فعالة في الخدمات الاجتماعية، وقد بنى مدرسة بدرب دينار وأسس فيها مكتبة كبيرة ووقف عليها كتبه وكان يدرس أيضا بعدة مدارس، ببغداد .

    قال الحافظ ابن الدبيثي عن ابن الجوزي: (كان من أحسن الناس كلاما وأتمهم نظاما وأعذبهم لسانا، وأجودهم بيانا، وبورك في عمره وعمله، فروى الكثير، وسمع الناس منه أكثر من أربعين سنة وحدث بمصنفاته مرارا .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله Empty رد: ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله

    مُساهمة من طرف أحمد السبت سبتمبر 12, 2009 3:45 am

    منـزلته في الوعظ:
    لم يكن جهاده محصورا في القلم والتأليف إنما كان له شأن عظيم وشهرة كبيرة في الوعظ والخطب والدعوة والإرشاد بين الخواص والعوام.

    يقول ابن كثير، رحمه الله: (تفرد ابن الجوزي بفن الوعظ الذي لم يسبق إليه ولا يلحق شأوه فيه، وفي طريقته وشكله وفي فصاحته وبلاغته وعذوبته وحلاوة ترصيعه، ونفوذ وعظه، وغوصه في المعاني البديعة، وتقريبه الأشياء الغريبة بما يشاهد من الأمور الحسية بعبارة وجيزة سريعة الفهم والإدراك بحيث يجمع المعاني الكثيرة في الكلمة اليسيرة) .

    شجاعته في إظهار الحق:
    كان لا يخاف في الله لومة لائم، وكان يحضر في وعظه الروساء والخلفاء، وقد التفت مرة إلى ناحية الخليفة المستضيء العباس، وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين، إن تكلمت خفت منك وإن سكت خفت عليك، وإن قول القائل لك: اتق الله، خير لك من قوله لكم : أنتم أهل البيت مغفور لكم... وأضاف قائلا لقد كان عمر بن الخطاب يقول: إذا بلغني من عامل ظلم فلم أغيره فأنا الظالم .

    وهكذا دافع ابن الجوزي عن الحق بدون خوف لومة لائم وحارب البدع والمنكرات والتعصب في المذاهب والتقليد الأعمى، وقد كان يعترف بنجاحه في هذا المجال فيقول: (وظهر أقوام يتكلمون بالبدع ويتعصبون في المذاهب، فأعانني الله سبحانه وتعالى عليهم وكانت كلمتنا هي العليا)


    محنته في سبيل الحق:
    وقد امتحن ابن الجوزي، رحمه الله، في آخر عمره، وذلك أن الوزير ابن يونس الحنبلي كان في ولايته قد عقد مجلسا للركن عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلي، وأحرقت كتبه. وكان فيها من الزندقة وعبادة النجوم ورأي الأوائل شيء كثير، وذلك بمحضر من ابن الجوزي وغيره من العلماء، وانتزع الوزير منه مدرسة جده وسلمها إلى ابن الجوزي.

    فلما ولى الوزارة ابن القصاب -وكان رافضيا خبيثا- سعى في القبض على ابن يونس وتتبع أصحابه، فقال الركن: أين أنت عن ابن الجوزي، فإنه ناصبيّ، ومن أولاد أبي بكر، فهو أكبر أصحاب ابن يونس، وأعطاه مدرسة جدي، وأحرقت كتبه بمشورته؟ فكتب ابن القصاب إلى الخليفة الناصر -وكان الناصر له ميل إلى الشيعة- وكان يقصد إيذاء ابن الجوزي فأمر بتسليمه إلى الركن عبد السلام، فجاء إلى دار الشيخ وشتمه وأهانه وختم على داره وشتت عياله، ثم أخذ في سفينة إلى واسط فحبس بها في بيت وبقي يغسل ثوبه ويطبخ، ودام على ذلك خمس سنين وما دخل فيها حماما فالمحنة بشتى أنواعها والصبر عليها والاستمرار على الوقوف في وجه الباطل والظلم والطاغوت من دأب العلماء العاملين والمجاهدين المخلصين. وقد رسم لنا العلامة ابن الجوزي من خلال حياته سلسلة متصلة من الكفاح والجهد الطويل والربط بين العلم والعمل ربطا وثيقا.

    وقد عقد فصلا مستقلا في كتابه صيد الخاطر تحت عنوان "العلماء العاملون" فمدح فيه من يستحق المدح من أقرانه، وذم من يستحق ذلك ثم قال: (فالله الله في العلم بالعمل فإنه الأصل الأكبر. والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به، ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة فقدم مفلسا مع قوة الحجة عليه) .


    ما أخذ عليه:
    رغم وصوله إلى قمة العلم والمعرفة فقد أخذ العلماء عليه مآخذ هامة:

    أولا- كان يميل إلى التأويل في بعض كلامه: يقول ابن رجب في الذيل: (اشتد إنكار العلماء عليه في ذلك، وكان مضطربا في قضية التأويل رغم سعة اطلاعه على الأحاديث في هذا الباب فلم يكن خبيرا بحل شبه المتكلمين، ويقول: كان أبو الفرج تابعا لشيخه أبي الوفاء ابن عقيل في ذلك، وكان ابن عقيل بارعا في علم الكلام ولكنه قليل الخبرة في الأحاديث والآثار لذا نراه مضطربا في هذا الباب) .

    نعم، قد نجد ما يثبت ميوله إلى التأويل من ثنايا كتبه حيث ألف كتابا مستقلا يناقش هذا الموضوع باسم "دفع شبه التشبيه" وهو مطبوع أورد فيه بعض الآيات القرآنية، وستين حديثا ورد فيها الكلام عن ذات الله وصفاته سبحانه وتعالى، كالوجه، واليد، والنفس، والساق، والاستواء، فيؤولها بما يحتمل التأويل بخلاف ما ذهب إليه السلف من إمرارها كما وردت بدون تأويل ولا تشبيه، ولا تعطيل .

    ونجد أيضا في صيد الخاطر، ينقد نهج السلف، فيقول: (... ولكن أقواما قصرت علومهم فرأت أن حمل الكلام على غير ظاهره نوع تعليل، ولو فهموا سعة اللغة لم يظنوا هذا) وقد قام بالرد على ما كتبه ابن الجوزي مائلا إلى التأويل عالم معاصر له، وهو الشيخ إسحاق بن أحمد بن غانم العلثي حيث كتب رسالة يرد فيها على ابن الجوزي ردا عنيفا طالبا فيها العودة إلى الحق وإلى العقيدة السلفية وإلى ما كان عليه إمامه أحمد بن حنبل، رحمه الله، حيث يقول فيها: (وإذا تأولت الصفات على اللغة وسوغته لنفسك وأبيت النصيحة، فليس هو مذهب الإمام الكبير أحمد بن حنبل قدس الله روحه، فلا يمكنك الانتساب بهذا، فاختر لنفسك مذهبا، حتى قال: فلقد استراح من خاف مقام ربه وأحجم عن الخوض فيما لا يعلم، لئلا يندم. فانتبه قبل الممات، وحسن القول والعمل، فقد قرب الأجل لله الأمر من قبل ومن بعد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) .

    ثانيا- (كثرة أغلاطه في تصانيفه، وعذره في هذا واضح وهو أنه كان مكثرا من التصانيف، فيصنف الكتاب ولا يعتبره، بل يشتغل بغيره وربما كتب في الوقت الواحد تصانيف عديدة ولولا ذلك لم تجتمع له هذه المصنفات الكثيرة) .


    ثالثا- (ما يوجد في كلامه من الثناء على نفسه والترفع والتعاظم، وكثرة الدعاوى، ولا ريب أنه كان عنده من ذلك طرف، والله يسامحه) كقوله: في صيد الخاطر (... ونظرت إلى علو همتي فرأيتها عجبا) ويقول في موضع آخر: (خلقت لي همة عالية تطلب الغايات) وأمثال ذلك كثير. ولعل ما قدم للأمة من القدوة الصالحة والخدمة الخالصة التي لا مثيل لها، تغطي مساوئه، وترفع درجاته، لأن الحسنات يذهبن السيئات، والله واسع المغفرة والكرم وهو عليم بذات الصدور.


    وفاته:
    بعد أن عاش، رحمه الله، داعيا مرشدا كاتبا بارعا زاهدا مخلصا، قرابة تسعين عاما، انتقل إلى جوار ربه ببغداد. وكانت وفاته ليلة الجمعة (12 رمضان 597هـ) بين العشائين، فغسل وقت السحر، واجتمع أهل بغداد وحملت جنازته على رءوس الناس، وكان الجمع كثيرا جدا، وما وصل إلى حفرته إلا وقت صلاة الجمعة، والمؤذن يقول: الله أكبر، ودفن بباب حرب، بالقرب من مدفن الإمام أحمد بن حنبل وكان ينشد حال احتضاره يخاطب ربه:

    يـــا كثـــير العفـــو عمــن
    كــــثـر الــــذنب لـديـــه

    جــــاءك المـــذنب يرجـــو
    الصفـــح عـــن جــرم يديــه

    أنـــــا ضيـــف وجــــزاء
    الضيــــف إحســــان إليـــه


    فرحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته ونفعنا بعلومه آمين
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله Empty رد: ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله

    مُساهمة من طرف أحمد السبت سبتمبر 12, 2009 3:51 am

    شيوخه:
    وقد ألف ابن الجوزي في مشيخته كتابا خاصا، ذكر فيه حوالي تسعة وثمانين شيخا ونرى فيه حسن اختياره للمشائخ حيث تتلمذ على طائفة من خيرة أعلام عصره، ويذكر اهتمامه في اختيار أبرع وأفهم المشائخ في بداية كتابه المذكور، حيث قال: حملني شيخنا ابن ناصر إلى الأشياخ في الصغر وأسمعني العوالي، وأثبت سماعاتي كلها بخطه، وأخذ لي إجازات منهم، فلما فهمت الطلب كنت ألازم من الشيوخ أعلمهم وأوثر من أرباب النقل، أفهمهم، فكانت همتي تجويد المدد لا تكثير العدد فمن مشائخه:

    1- أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت، وتنتهي نسبته إلى كعب بن مالك الأنصاري أحد الثلاثة الذين خلفوا، يقول المؤلف: أنه قرأ عليه، وكان ثقة فهما حجة متفننا في علوم كثيرة، منفردا في علم الفرائض، وقع في أيدي الروم أسيرا فأجبروه على أن ينطق كلمة الكفر فلم يفعل، توفي رحمه الله سنة (535هـ) .

    2- أبو بكر محمد بن الحسن بن علي بن إبراهيم المعروف بالمزرعي، قال ابن الجوزي، أنه سمع منه وكان ثقة ثبتا، عالما، حسن العقيدة، وسمع الحديث الكثير من ابن المهتدي، والصيريفيني وغيرهما، توفي رحمه الله سنة (527هـ) .

    3- أبو الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري، يقول المؤلف أنه سمع منه الفقه والحديث، والجدل، والخلاف، والأصول، وهو من أقدم شيوخه وكان يسكن باب البصرة من غربي بغداد، وتوفي في جمادي الآخرة سنة 521هـ .

    4- أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، قال ابن الجوزي: أنه سمع منه بقراءة شيخه الأول أبي الفضل بن ناصر عليه، وكان عبد الملك صالحا صدوقا، سمع جماعة كثيرة وخرج إلى مكة فجاور بها وتوفي في ذي الحجة بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام سنة (548هـ) .

    5- أبو سعد أحمد بن محمد بن الحسن بن علي البغدادي، يقول ابن الجوزي أنه سمع منه بقراءة أبي الفضل بن ناصر عليه، وكان خيرا ثقة وأملى بمكة والمدينة وكان على طريقة السلف صحيح العقيدة حلو الشمائل مطرح التكلف، ولد بأصبهان ونشأ بها وتوفي بنهاوند سنة (540هـ)


    تلاميذه:
    كما اختار ابن الجوزي ثلة من خيرة أساطين علماء عصره، كذلك اختاره هو شيخا، وأخذ العلم والحكمة على يده نخبة من الأفذاذ فبرزوا بعده مقتدين بخطواته في التأليف والنصح والإخلاص، فمنهم:

    1- الحافظ عبد الغني عبد الواحد بن علي بن سرور، ولد في أرض نابلس سنة (541هـ) سمع الحديث والعلوم من دمشق والموصل وهمدان، والإسكندرية، وكان حافظا تقيا ورعا، وسمع من ابن الجوزي ببغداد، وألف كتبا عديدة، قال يوسف بن خليل: كان ثقة ثبتا دينا مأمونا حسن التصنيف دائم الصيام، توفي بمصر سنة (600هـ) .

    2- يوسف بن فرغلي، بن عبد الله، أبو المظفر الواعظ، سبط الإمام ابن الجوزي، روى عن جده ببغداد، وسمع أبا الفرج بن كليب وغيره، وسمع بالموصل ودمشق، وحدث بها وبمصر وأعطي القبول، وصنف الكتب العديدة، منها كتاب مرآة الزمان في التاريخ، وشرح جامع الكبير، واللوامع في أحاديث المختصر، وغيرها، أخذ العلم من ابن الجوزي في بغداد، وتوفي ليلة الثلاثاء الحادي عشر من ذي الحجة سنة (654هـ) .

    3- أحمد بن عبد الدائم بن نعمة الكاتب المحدث، ولد سنة (575) في نابلس، ودخل بغداد، وسمع بها ابن الجوزي وغيره، وسمع بدمشق وحران، وكان حسن الخلق والخلق، دينا متواضعا، وحدث بالكثير بضعا وخمسين سنة، وكتب ما لا يوصف كثرة من الكتب الكبار، متأثرا بشيخه ابن الجوزي حتى صار هو شيخا للأئمة الكبار، والحفاظ والمحدثين، والفقهاء كالشيخ محي الدين النووي، والشيخ شمس الدين بن عمر، والشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والشيخ تقي الدين بن تيمية، وأمثالهم، رحمهم الله جميعا، توفي أحمد بن عبد الدائم سنة (668هـ) .



    مؤلفاته:
    لقد فارقنا جسما وروحا ولكن ذكراه وثمرات جهده الجبار المرسومة على صفحات التاريخ لم تزل ولا تزال تحيى حياة طيبة، كما قال الشاعر:

    الجــاهلون فمــاتوا قبــل مـوتهم
    والعـــالمون وإن مــاتوا فأحيــاء


    وقد أورد المؤرخون من بعده بكل غرابة وإعجاب مؤلفاته الضخمة في كتبهم فيقول الإمام ابن تيمية، رحمه الله، في "أجوبته المصرية" (كان الشيخ أبو الفرج مفتيا كثير التصنيف والتأليف وله مصنفات في أمور كثيرة، حتى عددتها فرأيتها أكثر من ألف مصنف، ورأيت بعد ذلك ما لم أره) .

    ويقول الحافظ الذهبي: (ما علمت أن أحدا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل) ويصفه صاحب "البداية والنهاية" بأنه: (أحد أفراد العلماء برز في علوم كثيرة وانفرد بها عن غيره، ومجموع المصنفات الكبار والصغار نحوا من ثلاثمائة مصنف وكتب بيده نحوا من مائتي مجلد، وله في العلوم كلها اليد الطولى، والمشاركات في جميع أنواعها، من التفسير والحديث والتاريخ والحساب والنجوم والطب والفقه، وغير ذلك من اللغة والنحو، وله من المصنفات في ذلك كله ما يضيق هذا المكان عن تعدادها، وحصر أفرادها، منها كتابه في التفسير المشهور بـ "زاد المسير" وله تفسير أبسط منه -أي أوسع- لكنه ليس بمشهور وله جامع المسانيد استوعب غالب مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم، وجامع الترمذي، وله كتاب "المنتظم في تاريخ الأمم من العرب والعجم" في عشرين مجلدا، (ويقول ابن كثير) ولم يزل يؤرخ أخبار العالم حتى صار هو تاريخا:

    مـا زلـت تـدأب فـي التاريخ مجتهدا
    حتى رأيتك في التاريخ مكتوبا


    وقد أورد ابن رجب عن القطيعي في تاريخه، ثبت التصانيف التي كتبها ابن الجوزي بخطه فذكر فيه حوالي 199 كتابا . ولا يتسع هذا المقام لذكر أسماء تلكم الكتب مفصلة، إنما أختار منها ما ألفه في علم التفسير، وأكتفي في الباقي بالإحالة إلى كتاب الأستاذ عبد الحميد العلوجي العراقي الذي صدر قريبا باسم "مؤلفات ابن الجوزي" وقد جمع فيه أسماء مؤلفات ابن الجوزي في شتى الفنون، ورتبها على حروف المعجم مع ذكر ما طبع منها وأماكن وجود المخطوطة منها، وقد وصلت عدد تلك الكتب عنده بأساميها المختلفة حوالي (376) كتابا ما بين مطبوع ومخطوط .


    الكتب التي ألفها ابن الجوزي في علم التفسير:
    1- الأريب في تفسير الغريب، سيأتي ذكره في مقدمة المؤلف إن شاء الله.

    2- أسباب النـزول، ذكره في كشف الظنون، وهدية العارفين .

    3- الإشارة إلى القراءة المختارة، ذكره ابن رجب .

    4- تذكرة المنتبه في عيون المشتبه، ذكره ابن رجب وحاجي خليفة، وقال: إنه في القراءات، وقد أورد فيه المؤلف متشابه القرآن .

    5- تفسير الفاتحة، قال العلوجي: ذكر بروكلمان أنه يوجد منه نسخة في مكتبة داماد زادة، قاضي عسكر محمد مراد باستامبول تحت رقم (63) .

    6- التلخيص، قال العلوجي: ذكره سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان مرتين، وقال: إنه في مجلد واحد، وإنه في علم التفسير .

    7- تيسير البيان في تفسير القرآن، وسيأتي ذكره في مقدمة المؤلف باسم تيسير التبيان في علم القرآن.

    8- الرسوخ في علم الناسخ والمنسوخ، قال العلوجي: يوجد قطعة منه ضمن مجموعة في الأمبروزيانا، تحت رقم (304د) .

    9- زاد المسير في علم التفسير، سيأتي ذكره في مقدمة المؤلف.

    10- غريب الغريب، ذكره ابن رجب، وفي هدية العارفين غريب العزيز .

    11- فنون الأفنان في علوم القرآن، ذكره ابن رجب بعنوان فنون الأفنان في عيون علوم القرآن، يوجد له نسخة في مكتبة الأوقاف ببغداد، تحت رقم (2412) ونسخة أخرى في الخزانة التيمورية بدار الكتب المصرية تحت رقم (222) .

    12- كتاب السبعة في قراءات السبع: قال العلوجي: ذكره سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان، وقال: إنه أجزاء .

    13- كتاب في عجائب علوم القرآن: ذكر بروكلمان أن له نسخة مخطوطة في مكتبة غوطلبر، تحت رقم (544) .

    14- المجتبى في علوم القرآن: قال بروكلمان يوجد منه نسخة مخطوطة في دار الكتب الخديوية تحت رقم 7\530، ودار الكتب المصرية تحت رقم 5\325.

    15- المجتبى من المجتبى، وهو مختصر للمجتبى يوجد منه نسخ مخطوطة في دار الكتب المصرية مصورة من استانبول تحت رقم 5\325، و6، 188 .

    16- مختصر فنون الأفنان في علوم القرآن: ذكر بروكلمان أن له نسخة في دار الكتب الخديوية تحت رقم 7\530، ودار الكتب المصرية تحت رقم 1\61، ونسخة أخرى في مكتبة "الغازي خروبك بسراجيفوا" في يوغوسلافيا ضمن مجموعة تحت رقم (300) .

    17- مختصر قرة العيون النواظر في الوجوه والنظائر: يوجد له نسخة في دار الكتب المصرية تحت رقم 2\36، (في مجموعة الجامع الأحمدي بطنطا) ونسخة أخرى (في مجموعة مكتبة طلعت) تحت رقم 471 تفسير .

    18- المغني في تفسير القرآن: سيأتي ذكره في مقدمة المؤلف.

    19- المنعش: ذكره حاجي خليفة وإسماعيل البغدادي .

    20- المنقبة في عيون المنبه: ذكره سبط بن الجوزي في مرآة الزمان، وقال: إنه أجزاء .

    21- المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ: ذكره ابن رجب ضمن ثبت المؤلفات في علوم القرآن لابن الجوزي، يوجد له نسختان في مكتبة الأوقاف ببغداد (2397 ز، و 2410، وله نسخة أخرى في خزانة التيمورية التابعة لدار الكتب المصرية، تحت عنوان مختصر عمدة الراسخ، وقد صورت منه نسخة لنفسي وتأكدت بالمقارنة بأنه كتاب المصفى، الموجود بمكتبة الأوقاف ببغداد، وهو يقع في خزانة التيمورية تحت رقم (148) تفسير .

    22- نواسخ القرآن أو الناسخ والمنسوخ بالقرآن: وهو الكتاب الذي نحن بصدده، سيأتي ذكره مفصلا عند ذكر وصف النسخ إن شاء الله.

    23- نـزهة العيون النواظر في الوجوه والنظائر: ذكره ابن رجب وقال: إنه مجلد واحد وذكره بروكلمان، وقال: يوجد منه نسخة في المكتبة العمومية باستانبول تحت رقم 498\9 .

    24- ورد الأغصان في فنون الأفنان: وهو جزء .

    25- الوجوه النواضر في الوجوه والنظائر: ذكره ابن رجب، وقال: إنه مجلد ومختصر لكتاب نـزهة العيون النواظر المذكور سابقا، وجعله ضمن ثبت مؤلفات ابن الجوزي في علوم القرآن وذكره حاجي خليفة، وقال: فيه وجوه لآيات المفسرة في مجلس الوعظ ونظايرها وفيه غنى عن كل كتاب صنف في ذلك .

    فهذه هي بعض مؤلفاته وثمرات جهده الجبار، وتلك هي بعض ملامح ذلك الرجل الفذ الذي له ثقله ووزنه في ميزان العلم والعلماء حتى اليوم، وليس من الممكن أن أعطي لذلك البطل حقه في هذه العجالة بعد أن أعجب به المؤرخون والباحثون، حتى ألف عن شخصيته مؤلفات عديدة، وقد ذكر لي الشيخ عبد الرحيم طحان الشامي، أنه يعد رسالة لنيل شهادة الدكتوراه بجامعة الأزهر، في موضوع "ابن الجوزي ومنهجه في التفسير".

    وهكذا ما زالت بقايا آثاره ومصنفاته ميدانا خصبا للباحثين والدارسين يعبق أريجها ويعم نفعها على المسلمين.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله Empty رد: ترجمة الإمام ابن الجوزي رحمه الله

    مُساهمة من طرف أحمد السبت سبتمبر 12, 2009 3:53 am

    الترجمة نقلتها من مقدمة كتاب (نواسخ القرآن) لابن الجوزي - رحمه الله -

    و الترجمة إعداد محقق الكتاب

    نفعنا الله بعلمه و جزاه عنا خيرا كثيرا

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 10:51 am