ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    نهاية الفلسفة الكليانية.. موت الإنسان بعد موت «قيمة القيم»

    تاج العروبة (الفوهرر)
    تاج العروبة (الفوهرر)
    فيلسوف ثمار الأوراق
    فيلسوف ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 598
    العمر : 40
    الموقع : العراق
    العمل/الترفيه : خريج كليه الاداب - قسم الفلسفة
    المزاج : الارادة مفتاح النصر
    نقاط : 104
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    نهاية الفلسفة الكليانية.. موت الإنسان بعد موت «قيمة القيم» Empty نهاية الفلسفة الكليانية.. موت الإنسان بعد موت «قيمة القيم»

    مُساهمة من طرف تاج العروبة (الفوهرر) الخميس سبتمبر 25, 2008 8:08 pm

    نهاية الفلسفة الكليانية.. موت الإنسان بعد موت «قيمة القيم»


    انبثقت الفلسفة الحديثة من القطيعة الابستمولوجية (المعرفية) التي احدثها انبثاق العصر الحديث الذي كانت علامته الفارقة اختراع المحرك البخاري. اي انبثاق عصر العلم الذي مهدت له فتوحات عقلانية علمية كبرى: كوبرنيكوس ـ غاليلو ـ نيوتن...
    انه عصر العلم التجريبي وانطلاقة الثورة الصناعية والكشوفات الجغرافية والسفر في المحيطات العظيمة (= السفر اليوم في الفضاء) وانه ايضا عصر الفكر السياسي الواقعي الناقض لفلسفة الميتافيزيقية، حيث دار صراع تاريخي في فضاء الاقتصاد السياسي فجر حروبا وثورات، بين منطق الطابو اللاهوتي ومنطق العقد الاجتماعي هو بمعنى آخر صراع بين فلسفة الميتافيزيقية وفلسفة الارض بين ان التاريخ تحصيل حاصل وبين ان التاريخ عمل من صنع الانسان. بين ان الطبيعة سيدة الانسان وبين وجوب ان يكون الانسان مالكا للطبيعة وسيدا عليها، وذلك كان هو لب بيان الفلسفة الحديثة الانقلابي الذي استهدف ابطال عمل الفلسفة القديمة: الاغريقية ـ القروسطية السكولائية (المدرسية) المتحصنة ما وراء الطبيعة متوسلة بايماناتها الغيبية.
    انه اذن بيان الشك في ما سبق من مسلمات وايمانات صارمة. اذ الشك نقيض كل تسليم. وكان على التفكر او التفلسف الانساني اذا شئت ان ينتظر انتظام تحولات منطقه كي ينبثق كوجيتو ديكارت الشهير: (انا افكر اذن انا موجود) مولداً به مركزية الانسان في الطبيعة، الانسان الذي سيعمد في عصر الاستعمار باسم الانسان الابيض المسيحي بصفته مركز العالم والتاريخ والمعرفة والاعراق.
    كان كوجيتو ديكارت الشكاك مدخلا وشرطا للتفكير غير المسلم بما اعتبر حقائق هي لطول ثباتها على علاتها اصبحت مطلقة متعالية ومفارقة للنقد ما بالك بالنقض. فجاء الشك الفلسفي ليعمل عمله المراجعي او ليجري اجرانيته النقدية ناهجا مبدأ «الحكم المعلق» او تعليق الحكم حسب تعريف ديكارت لعمل منهج الشك المعرفي الذي هو شك طلاب معرفة التي هي، ودائما مع ديكارت: «قد يكون مخدوعا بها في مكان حيث قد لا يكون فيه الا قليل من النحاس والزجاج ذلك الذي اعتبر ذهبا وماسا».
    الشك الخلاق شك ديكارت كان مصابا بالميتافيزيقيا على كل حال لكنه كان، في عصره، فتحا فذا (ستتطور آلياته المعرفية وتغني حتى يصير مع النصف الثاني من القرن العشرين فلسفة تفكيكية لا تستقر على حكم وتكاد لا تسلم بشيء).
    كان الشك الفلسفي محرك الحداثة الغربية ومرشد الابتكارات المعرفية ـ العلمية. شك في المفاهيم والمعارف والقيم الحضارية السائدة.
    شك في منطق الرؤية الكسمولوجية الرائجة وقتها عن الكون تحت سطوة سيطرة «حقائق» هي محض تخريف للفيزياء والطبيعة والكيمياء والفلك وكذا السياسية.
    انه الشك الخلاق الذي قاد غاليلو الى يقين ان الارض هي من يدور حول الشمس لا العكس كما تؤمن الكنيسة الخرفة. ولما قبض عليه حراس «يقين» الخرافة واقتادوه الى محكمة التفتيش التي خيرته بين التراجع عما جاءت به نفسه الامارة بالسوء وحفظ حياته وبين تمسكه بوسواس علمه الشيطاني وبالتالي هدر حياته، فضل الرجل ان يعترف بيقين خرافتهم ويعتذر عن شكه لكي يحفظ حياته لمزيد من الشك والتجريب والكشف. فهو وان اعترف امام قضاة الاصولية الكنسية الظلامية الحاكمة باسم الله، ان الارض لا تدور حول الشمس وانما العكس هو الصحيح كما تشتهي الكنيسة، سمع وهو يغادر مبنى قاعة محكمة التفتيش يردد همسا، مبتسما: «مع ذلك فهي تدور». اذن، اذا كانت الفلسفة القديمة قد ارتبطت بالميتافيزيقيا، فإن الفلسفة العقلانية الحديثة قد ارتبطت بالفيزياء ضمن فضاء ابستمولوجي قطيعات الحداثة على نحو: الفصل بين الدين والعلم/ بين الدين والدولة، وبالتالي بين الفلسفة (بما هي ميتافيزيقيا) والعلم (بما هو معطى عقلاني تجريبي). وعليه لم تعد الفلسفة «علما» يفسر الطبيعة بلغة ما وراء الطبيعة وانما غدت تفكّراً في العلم وعقلنة للوجود. فتحولت من طور علم الفلسفة الى فلسفة العلم، اي فلسفة العقل النقدية التي تشرّح بمشرط النقد العقلاني بنية العقل الخالص (= الميتافيزيقي) في سبيل تخليص الفلسفة من سطوة اللاهوت وتخليص العلم من سطوة الفلسفة (= الميتافيزيقيا).
    مع كانت (1724 ـ 1804) نجد العقل الخالص، او المجرد او المحض (= الميتافيزيقي) او قل الميتاعقل، يدخل في مأزقه المعرفي ليواجه وعيه الشقي، وعيه بمحدوديته ونسبيته، حيث ـ حسب كانت ـ «يطرح (العقل) في جانب من جوانب معارفه اسئلة ليس في وسعه ان يجيب عنها البتة»، وهو بذلك يهشم غرور العقل وايمانات مركزيته المطلقة بالطريقة التي قلب بها كوبرنيكوس مركز النظام الفلكي من الارض الى الشمس. وضع كانت العقل الوضعي التجريبي (النسبي) في محور التفكير العقلاني النظري ـ العقلي ـ الاخلاقي. فمهما عرف العقل يبقى حائرا امام السؤال الماثل دائما «ماذا بوسعي ان اعرف؟» «ماذا عليّ ان اعمل؟» انه السؤال المطروح، على الدوام، على كل فلسفة تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة.
    مع كونت، اوغست كونت (1798 ـ 1857) تذهب الفلسفة مذهبا وضعيا يضع المعرفة موضع الاستقراء والاختبار ويجعل من الفلسفة ذلك التابع اللاهث وراء العلم بعدما افلست وفقدت سيادتها الميتافيزيقية على تفسير الكون. فتحولت الى عاطل عن العمل يبحث له عن مهنة جديدة في فضاء تفكير فلسفي جديد يندمج ضمن منظومة الابستمولوجيا ومعارفها.
    ماركس ومنطق هيغل ان الفلسفة الميتافيزيقية قد انتهت عند هيغل المثالي الموضوعي الذي اراد ان يذهب بمذاهب الفلسفة كلها في مذهبه الذي يتطور جدليا ذاتيا محققا تمام او اكتمال الفكرة المطلقة التي تحتوي الوجود وتكونه بذاته ولذاته شمالة للروح والعقل والطبيعة والحق والتاريخ، منتظمة في علم منطق جدلي مثالي مصاب بالصوفية. فجاء ماركس ليقلب منطق هيغل الجدلي المثالي الواقع على رأسه على قدميه ـ كما تقول العبارة الماركسية الشهيرة ـ فيصير منطقا جدليا تاريخيا يصيغ تطور الطبيعة والمجتمع والفكر وينقل عمل الفلسفة من طور تفسير العالم الى طور تغير العالم.
    ان زمننا ـ كما يقول ميشيل فوكو ـ يحاول ان يفلت من هيغل سواء اكان ذلك عن طريق المنطق او الابستمولوجيا، او عن طريق ماركس ونيتشه.. ولكن الافلات الحقيقي من هيغل يفترض منا ان نقدر بدقة الثمن الذي ينبغي دفعه لكي نتخلص منه. وهذا يتطلب معرفة الى اي درجة اقترب فيها هيغل منّا بمكر وخفية، وهذا يفترض معرفة الشيء الهيغلي في ما يتيح لنا التفكير ضد هيغل، وان نقيس الى أي مدى ربما كان فرارنا منه عبارة عن خدعة يواجهنا بها، وينتظرنا في نهاية المطاف صامدا وفي موقع آخر.
    مع نيتشه، فريد ريش نيتشه (1844 ـ 1900) ذهب مذهبه بالفلسفة الى الغريزة البشرية في حالتها العارية من المبادئ الأخلاقية بعدما كشف أصلها وفصلها مطوحا بالروح البشرية الى منطقة ما بعد الخير والشر، حيث لا مكان، حيث العالم فارغ بلا معنى و«الانسان» وحيد ـ ذنب نفسه، اذ انهارت الاخلاقوية البرجوزية وتهرت قيمها وماتت «قيمة القيم» ايذانا بموت الانسان نفسه بما هو ابن الثقافة الغربية: انسان عقلها الفلسفي من افلاطون إلى كانت وانسان عقلها العلمي من فيثاغورس الى نيوتن وكذا انسان مسيحيتها وكنيستها ودولتها.
    كان نيتشه، شاعرا اكثر منه فيلسوفا، الهاتك الاعظم لايمانات الحقيقة المطلقة، ايمانات حكاية الحداثة الكبرى انه «المبشر بالبرق» حسب وصفه لدور الفيلسوف الجديد المسكون بروح ديونوزوس. وهو ايضا واخيرا البديل العدمي المرعب عند درجة الصفر = درجة الجنون.
    1900، يموت نيتشه في مشفى للامراض العقلية مدعيا انه ديونوزوس / قيصر / المسيح، معا، وتنتقل تركة الفلسفة الى القرن العشرين.
    افضى حفر نيتشه في اركيولوجيا المعرفة الفلسفية الى اختتام كتابها عند ختام القرن التاسع عشر (عام وفاته) مختوما بأسئلة نقض وهدم للمفاهيم والقيم والاخلاق والايمانات المطلقة، شاهرا سهام «عدم الحقيقة» في وجه «الحقيقة» حقيقة معرفة السلطة وسلط معرفتها، مفتتحا القرن العشرين على اسئلة الصمت والتفكير عند درجة الصفر، في مناطق المسكوت عنه، المخفي (فما خفي كان أعظم)، المكبوت، المقموع.
    وسنكتشف، مع فرويد، هبوط الخطاب الفلسفي الى ما وراء الوعي، الاحرى، تحته، بدلا من صعوده الى السماء ـ ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقيا). ونغوص، معه، في اللاوعي البشري، حيث بذرت المخاوف والطابوات والذنوب والاكراهات.
    ونرى، على اريكة تحليله النفسي، كيف يتداعى الانسان في اعتراف عارٍ، مكشوف، من اللاوعي للوعي، من الهو للانا، من الذات بالذات للذات. لقد بار عمل القس، الوسيط الكهنوتي سميع اعترافات الخطاة.
    وفي ما بعد، مع فوكو، يتثلث الحفر المعرفي (الابستمولوجي) قائما على اضلاع نقابي اركيولوجيا المعرفة الثلاث الكبار: ماركس / نيتشه / فرويد، مطورا ادواتهم ومناهجهم واسئلتهم، امضى فامضي، نحو استنطاق ـ ما يسميه سليم دولةـ «جماع مكبوتات الخطاب الفلسفي، فاصبح يستمع الى لوغوس المكبوتين والمتهتكين والمجانين و(السجناء) ولوغوس الجنس».
    ان الممارسة الفلسفية في القرن العشرين كخطابات معرفة متعددة ونسبية، تحديدا، بعد الحرب العالمية الثانية فارقت تماما، مفهوم الفلسفة الكلاسيكية ومنهجيتها ورؤيتها كخطاب كلياني يدور في المطلق. المطلق الذي مات مع نيتشه بموت «قيمة القيم».
    ان الفلسفة الكليانية المطلقة، لا يمكن ان توجد، كما لا يمكن ان يوجد الحصان المطلق، كما كتب بول نيزان.
    قرن المابعديات لقد انزل الخطاب الفلسفي الى الارض ليشفي بوعيه التاريخي ونسبية عقله المعرفي، وليصبح فعلا (ممارسة) من صنع المفكر العضوي في حركية دائبة، هنا وهناك، لمركزية العقل وخطاباته، منعا لكل وثوقية. لقد تصنمت الماركسية في وثوقيتها ثم تداعت وتحطمت تماثيلها واسوارها.
    انقرضت الوجودية بوجهيها: المثالي الايماني والمادي التاريخي التي كانت موضة اجتماعية في خمسينات وستينات القرن المرحل، وغدا فيلسوفها الاشهر، المثقف العضوي الذي كان جان بول سارتر نجما اعلاميا لا يشق له ضوء.
    والحال، بعد الحرب العالمية الثانية وفي باريس عاصمة الفلسفة المفوهة، «كانت السياسة تملى والفلسفة تكتب» على حد تعبير مارك ليلا.
    والآن، ينقفل القرن لينفتح على ما بعده في قرن جديد هو، بامتياز، قرن المابعديات: ما بعد العصر الصناعي، ما بعد ما عرفناه وخبرناه ووثقناه من مفاهيم: التاريخ والانسان والشعب والقومية والدولة.. الخ ووضعها موضع تساؤل، انه، باختزال، قرن ما بعد الحداثة حيث تقع الفلسفة الحديثة (ما بعد الفلسفة) موقع المفكك للغة الفلسفة ذاتها.
    وهي هنا «الفلسفة التفكيكية» القائمة في موقع المركز من التراث الفلسفي، ولكن، الذي هو ضد كل تمركز. انها فلسفة ضد ـ فلسفة.. وهذا موضوع آخر.
    منقووووووووووووول

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 12:15 pm