النَّسَب
وسماه سيبويه الإضافة، وابن الحاجب النِّسبة بكسر النون وضمها، بمعنى الإضافة أي الإضافة المعكوسة كالإضافة الفارسية.
ويحدث به ثلاث تغييرات: لفظيّ، ومعنويّ، وحُكميّ:
فالأول: زيادة مشدَّدة في آخر الاسم مكسور ما قبلها لتدل على نسبته إلى المجرَّد منها منقولا إعرابه إليها كمصريّ وشاميّ وعراقيّ.
والثاني: صيرورته اسماً للمنسوب.
والثالث: معاملته معاملة الصفة المشبهة في رفعه الظاهر والمضمر باطراد كقولك: زيد قرشيّ أبوه، وأمه مصريّة.
ويحذف لتلك الياء ستة أشياء في الآخر:
الأوَّل: الياء المشدَّدة الواقعة بعد ثلاثة أحرف سواء كانت زائدة ككرسي أو للنسب كشافعي كراهية اجتماع أربع ياآت ويقدر حينئذ أن المنسوب والمنسوب إليه مع الياء المجددة للنسب غيرهما بدونها ولهذا التقدير ثمرة تظهر في، نحو: بَخَاتِيّ وكَرَاسِيّ إذا سمي بهما مذكر، ثم نسب إليه فإنه قبل النسب ممنوع من الصرف لوجود صيغة منتهى الجموع نظراً لما قبل التسمية، فإن الياء من بينة الكلمة وبعد النسب يصير مصروفاً لزوال صيغة الجمع بياء النسب وإن سمي به مؤنث فيكون ممنوعاً من الصرف ولكن للعلمية والتأنيث المعنوي، والأفصح في، نحو: مرمى مما إحدى يائيه زائدة حذفهما وبعضهم يحذف الأولى ويقلب الثانية واواً، ولكن بعد قلبها ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها على الأوَّل مرميّ، وعلى الثانية مَرْمَويّ.
ويتعين في نحو: حَيّ وَطَيّ مما وقعتا فيه بعد حرف واحد فتح أولاهما، وردها إلى الواو إن كانت الواو أصلها وقلب الثانية واواً كطَوِوي وحَيَوِيّ.
الثَّاني: تاء التأنيث تقول في النسبة إلى مكة مكيّ، وقول العامة خليفتِيّ في خليفة، وخَلْوَتِيّ في خَلْوة لَحْن، والصواب خَلَفِيّ وخَلْوِيّ.
الثَّالث: الألف خامسة فصاعداً مطلقاً أو رابعة متحركاً ثاني كلمتها، فالأولى ألف التأنيث كحبارى لطائر أو الإلحاق كحبركى ملحق بسفرجل للقراد أو المنقلبة عن أصل كمصطفى من الصفوة تقول في النسبة إليها حُبَارِيّ وحَبَرْكِيّ، ومصطفيّ. والثانية ألف التأنيث خاصة كجمَزَي: للحمار السريع، تقول في النسبة إليه جَمَزِيّ، فإن سكن ثاني كلمتها جاز حذفها وقلبها واواً سواء كانت للتأنيث كحُبْلَى أو للإلحاق كعَلْقًى، اسم لنبت، فإنه ملحق بجعفر أو منقلبة عن أصل، كمَلْهًى من اللّهو، تقول فيها: حُبْلِيّ أو حُبْلَوِيّ، وعَلْقِيّ أو عَلْقَوِيّ، ومَلْهِيّ أو مَلْهَوِيّ. والقلب أحسن من الحذف ويجوز زيادة ألف بين اللام والواو، نحو: حُبْلاويّ.
الرَّابع: ياء المنقوص خامسة كالمعتدِي، أو سادسة كالمستعْلِي، تقول فيهما: المعتدِيُّ والمستعلِيّ. أما الرابعة كقاض فكألف، نحو: مَلْهًى، تقول: القاضِيّ والقاضَوِي، والحذف أرجح، وأما الثالثة كالشجي والشذِي فيجب قلبها واواً، كألف نحو: فَتًى وعَصًى تقول: شَجَوِيّ وشَذَوِيّ، كما تقول فتَوِيّ وعَصَوِيّ، ولا تقلب الياء واواً بعد قلبها ألفاً ويتوصل لذلك بفتح ما قبلها كما سبق في مَرْمِيّ.
وإذا نسَبْتَ إلى فَعِل، مكسور العين، مثلث الفاء، كنَمِر ودُئِل وإبِل، فتحت عينه في النسب، تقول: نمَرِيّ ودُؤَلِيّ وإبَليّ، وقال بعضهم يجوز في نحو: إبل إبقاء الكسرة إتباعاً.
الخامس والسادس: علامتا التثنية وجمع تصحيح المذكر عَلَمَيْن إذا أعربا بالحروف تقول: زَيديّ في النسب إلى زيدانِ وزيدُونَ. وأما من أجرى المثنى علماً مجرى سَلْمان في المنع من الصرف للعملية وزيادة الألف والنون فيقول: زَيْدَاني ومن أجرى الجمع المذكر مجرى غِسْلين، في لزوم الياء والإعراب على النون منونة يقول فيه: زَيْدِينِيّ، ومن جعله كهارون في المنع من الصرف للعملية وشبه العُجمة مع لزم الواو، أو كعَرَبُونٍ في لزومها منوناً، أو كالماطرونَ: اسم قرية بالشام في لزومها وتقدير الإعراب عليها، وفتح النون للحكاية، يقول في الجميع زَيْدُونِيّ.
أما مجمع المؤنث السالم فنحو: تَمَرَات جمعاً، ينسب إلى مفرده ساكن الميم وعلماً إليه مفتوحها، سواء حُكِي أو مُنع، وذلك للفرق بين النسب إليه مفرداً وجمعاً، وأما نحو: ضَخْمات فألفه كألف حُبْلى بجامع الوصفية. ويجب الحذف في ألف هذا الجمع خامسة فصاعداً، سواء كان من الجموع القياسية كمسلمات، أو الشاذة كسُرادقات، تقول فيها: مُسْلمِيّ وسُرَادِقيّ.
ويجب حذف ستة أخرى متصلة بالآخر:
أحدها: الياء المكسورة المدغم فيها مثلها فيقال في، نحو: طيَّب وَهَيِّن طَيْبيّ وهَيْنِيّ، بخلاف المفتوحة كهبيَّخ للغلام الممتلئ، ما لم يكن بعد المكسورة ياء ساكنة كمُهَيِّيم، تقول هَبَيِّخِيّ وَمُهَيِّيمِيّ، تصغيرها مِهْيَام، مِفْعال من هام على وجهه: إذا ذهب من العشق، أو من هام إذا عطِش، أو مُهوِّم اسم فاعِل من هَوَّمَ الرجلُ: هز رأسه من النُّعاس تحذف الواو الأولى ثم توضع ياء التصغير فيصير مُهَيْوِم، فَيُعَلّ على مُهيم، إتباعاً لقاعدة اجتماع الواو والياء وسبق إحداها بالسكون فيشتبه حينئذ باسم الفاعل المكبر من هَيَّمه الحُبّ، فإذا نسب إلى المصغَّر زيدت ياء لمنع الاشتباه، ومثله مصغر مُهيِّم المذكور، وشذّ طائِيّ في طَيّئ، إلاَّ إذا قيل بحذف الياء الأولى وقلب الثانية ألفاً.
ثانيها: ياء فعلية بفتح فكسر صحيح العين مضعَّفها كحنيفة وحنفي وصحيفة وصحفي بحذف التاء ثم قلب كسرة العين فتحة وشذّ سيلقى منسوباً إلى سليقة في قوله:
ولَسْتُ بِنَحْويٍّ يَلُوكُ لِسَانَهُ *** وَلكِنْ سَلِيِقِيٌّ أَقُولُ فَأُعْرِبُ
كما شذّ عَمِيرِي وسَلِيمِيّ، في عَمِيرة كلْب وسَلِيمة الأزد، نطقوا بالأول، للتنبيه على الأصل المرفوض وبالأخيرين له وللتفرقة بين عميرة غير كلب وسَلِيمة غير الأزد.
أما معتلّ العين كطويلة، أو مضعَّفها كجليلة، فلا تحذف ياؤهما، تقول فيهما: طَوِيليّ، وجَلِيليّ.
ثالثها: ياء فُعَيْلة بضم الفاء وفتح العين، غير مضعَّفتها، كجُهَيْنة وقريظة تقول في النسبة إليهما: جُهَنِيّ وقُرَظِيّ بحذف التاء ثم الياء، وعُيَنِيّ وقُوَمِيّ في عُيَيْنة وقُوَيمة، كذلك مع بقاء بضم الفاء إذ لا يترتب عليها إعلال العين وشذّ رُدَيْنِي في رُدَيْنة، ولا يجوز الحذف في نحو: قَلِيلة، لأن العين مضعَّفة.
رابعها: واو فَعُولة، بفتح الفاء، صحيحة العين، غير مضعَّفتها كشنوءة تقول فيه على مذهب سيبويه والجمهور شنئى بحذف التاء ثم الواو ثم قلب الضمة فتحة ومن قال شنوى بالواو قال فيها شنوة بشد الواو وذهب الأخفش إلى حذف التاء فقط وغيره إلى حذف والواو مع التاء فقط وأما، نحو: قَوُولة ومَلُولة فلا حذف فيهما غير التاء للاعتلال في الأوَّل والتضعيف في الثاني.
خامسها: ياء فعيل بفتح فكسر يائي اللام أو واويها كغنيّ وعليّ، تحذف الياء الأولى ثم تقلب الكسرة فتحة ثم تقلب الياء الثانية ألفاً ثم تقلب الألف واواً فتقول غنَوِيّ وعلَوِيّ.
سادسها: ياء فعيل فضم ففتح المعتلّ اللام كقُصَيّ تحذف الياء الأولى ثم تقلب الثانية ألفاً ثم تقلب الألف واواً فتقول: قُصَوِيّ، فإن صحت لام فعيل كعَقيل وعُقيل لم يحذف منهما شيء وشذّ في ثَقيف وقُريش وهُذيل: ثَقَفيّ وقُرَشِيّ وهُذَلِيّ.
وحكم همزة الممدود هنا: كحكمها في التثنية، فتسلم إن كانت أصلاً، كقُرَّائِيٍّ في قُرَّاء من يقلبها واواً والأجود التصحيح. وتقلب واواً إن كانت للتأنيث كحَمْرَاويّ وصَحْرَاوِيّ، في حمراء وصحراء، وشذّ قلبها نوناً في صنعاني وبهراني نسبة إلى صنعاء اليمن وبهراء اسم قبيلة من قضاعة وبعض العرب يقول: صَنْعَاوِيّ وبَهْرَاويّ على الأصل.
ويُخيّر فيها إن كانت للإلحاق، كعلباء أو بدلاً من أصل ككساء فتقول: عِلْبائي أو عِلْباوِيّ، وكسائيّ أو كساوِيّ.
ويُنْسَب إلى صدر العَلَم المركَّب إسنادياً، كبَرَقِيّ وتَأبَّطِيّ: في بَرَق نحرُه، وتأبَّط شَرّاً، أو مرجيا كبعلي ومعدي في بعلبك ومعديكرب وهذا هو القياس فيه مطلقاً سواء كان معتلّ الصدر أو صحيحه وبعضهم يعامل المعتلّ معاملة المنقوص فيقول في معديكرب معدوي وقيل ينسب إلى عجزه فتقول بكي وكربي وقيل إليهما مزالا تركيبهما فتقول بعلي بكي ومعدي كربي وعليه قوله:
تَزوَّجْتُهَا رَامِيَّة هُرْمُزِيَّةً *** بِفَضْلَةِ مَا أَعْطَى الأَمِيرُ مِنَ الرَّزْقِ
في النسبة إلى «رامَ هُرْمُزَ»، وقيل إلى المركب غير مزال تركيبه، تقول بَعْلَبَكِّيّ ومَعْدِيكَرِبيّ، وقيل ينسب إلى «فَعْلَل» مُنْتَحَتاً منهما، تقول بَعْلَبِيّ ومَعْدَكِيّ، كما تقول حَضْرَمِيّ في حَضْرَمَوْت.
ومثل الإسنادي أيضاً الإضافي، كامرئ القيس تقول فيه امْرِئي أو مَرَئيّ، والثاني أفصح عند سيبويه وعليه قول ذي الرُّمَّة يهجو امرأ القيس:
إذا المَرَئيّ شَبَّ له بَنَاتٌ *** عَقَدْنَ بِرَأسِهِ إِبَةً وَعَارَا
وقول جرير:
يعُـدُّ النَّاسِـبُونَ إلى تَمِيـمٍ *** بُيُوتَ المجـدِ أَرْبَعَـةً كِــبارَا
ويَخرُجُ منهُمُ المَرئيّ لَغْـواً *** كًمًا ألَغْيتَ في الدَّيَةِ الحُوَارَا
ويستثنى من المركب الإضافي ما كان كنية كأبي بكر وأم كلثوم، أو معرفاً صدره بعجزه كابن عمر وابن الزُّبير، فإنك تنسب إلى عجزه فتقول: بَكْرِيّ وكُلْثُومِيّ وعُمَرِيّ، وألحق بهما ما خيف فيه لبس كقولهم في عبد مناف: مَنَافِيّ، وعبد الأشهل: أْشَهلِيّ، دفعاً للبس، وشذّ فيه «فَعْلَلٌ» السابق، كتَيْمَلِيّ وعَبْدَرِيّ ومَرْقَسِيّ وعَبْقَسِيّ وعَبْشَمِيّ: في تيم اللاَّت وعبد الدار وامرئ القيس بن حجر الكندي وعبد القيس وعبد شمس، ومن الأخير قول عبد يغوث:
وتَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّة *** كأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أسيراً يَمَانِيَا
وإذا نسب إلى ما حُذِفَتْ لامه، فإن جبر في التثنية وجمع التصحيح بردّها، كأبٍ وأخٍ وعِضَةٍ وسَنَةٍ، وتقول فيها: أبَوَانِ وأخَوَانِ وعَضَوَات وسَنَواتِ، أو عِضَهات وسَنَهَات، وجب رد المحذوف في النسب فتقول: أبَوِيّ وأخَوِيّ وعِضَوِيّ وسَنَوِيّ، أو عِضَهِيّ وسَنَهِيّ، وإن لم يُجْبر فيهما جاز الأمر إن في النسب، نحو: غَدٍ وشَفَةٍ، تقول فيهما: غَدِيّ وشَفِيّ أو غَدَوِيّ وشَفَوِيّ. إلاَّ إن كانت عينه معتلة فيجب جبره كذَوَوِيّ في ذِي وذَات بمعنى صاحب وصاحبة، وشَاهِيّ أو شَوْهِيّ بسكون الواو في شاة، أصلها: شَوْهة، ويجوز الأمر أن يدوم عند من لا يرد لامهما في التثنية ووجب الرد عند من يردها فتقول على الأوَّل: يَدِيّ أو يَدَوِيّ ودَمِيّ أو دَمَوِيّ، وعلى الثاني: يَدَوِيّ ودَمَوِيّ لا غير.
وإذا نُسب إلى ما حذفت لامه وعوض عنها تاء تأنيث لا تنقلب هاء في الوقت حفت تاؤه فتقول: بَنَوِيّ وأَخَوِيّ في بِنْت وأُخْت، ويونس يقول: بِنْتِيّ وأخْتِيّ، ببقاء التاء محتجاً بأن التاء لغير التأنيث، لأن ما قبلها ساكن صحيح ولا يسكن ما قبل تاء التأنيث إلاَّ إن كان معتلاً، كفتاة، وبأن تاءها لا تبدل هاء في الوقف. وكل ذلك مردود بصيغة الجمع إذ تقول فيهما: بَنَات وأخَوَات، بزيادة ألف وتاء وحذف التاء الأصلية.
ولا تُرَدُّ الفاء لما صحت لامه كعدة وصفة تقول فيهما: عِدِيّ وصِفيّ، وتُردُّ لمعتلها كشِيَة، تقول فيه: وِشْوِيّ، بكسر الواو وفتح الشين أو وِشْيِيّ، بكسرتين بينهما شين ساكنة.
وإذا نُسب إلى محذوف العين وهو قليل في كلامهم إن صحت لامه ولم يكن مضعَّفاً لم يجبر برد المحذوف: كسَهٍ ومُذْ، مُسمًّى بهما فتقول منهما: سَهِيّ ومُذِيّ، لا سَتَهِيّ ومُنْذِيّ، وإن كان مضعَّفاً كرب بحذف الباء الأولى مخفف رب إذا سمي به، فإن يجبر برد المحذوف فيقال: رُبِّيّ، ومثل المضعَّف في وجوب الرد، معتلّ اللام، كالمُرِي، اسم فاعل أَرَى، وكيَرَى مضارع رَأَى مسمًّى بهما، فتقول فيها: المُرْئيّ واليَرْئيّ بفتح الياء وسكون أو فتح الراء على الخلاف بين سيبويه والأخفش من إبقاء حركة فاء الكلمة بعد الرد أو عدم إبقائها.
وإذا نسبت إلى الثنائي وضعا ضعفت ثانيه إن كان معتلاً، فتقول في لَوْ وكْي مُسمًّى بهما: لَوٌّ وكَيٌّ بالتشديد، وتقول في لا عَلَماً: «لاء» بالمد، وفي النسب إليها: لَوِّيٌّ وكَيْوِيّ، ولائِيّ أو لاَوِيّ، كما تقول في النسب إلى الدوِّ، هو الفلاة، والحيّ والكساء: دَوِّيّ وحَيَوِيّ وكِسَائِيّ أو كِساوِيّ، وأنت في الصحيح بالخيار، نحو كمّ فتقول: كَمِيّ بالتخفيف، أو كَمِّي بالتضعيف.
وينسب إلى الكلمة الدالَّة على جماعة على لفظها إن كانت اسم جمع، كقوميّ ورهطيّ: في قوم ورهط؛ أو اسم جنس كشَجَريّ في شجر؛ أو جمع تكسير لا واحد له كأبابيلي في أبابيل، أو علماً كبَساتينيّ، نِسبة إلى البساتين، عَلَم على قرية من ضواحي مصر، أو جارياً مجرى العَلَم، كأنصاريّ، أو يتغير إذا نسب لمفرده كأعرابيّ.
خاتمة
قد يُستغنى عن ياء النسب غالباً بصوغ فاعل مقصوداً به صاحب كذا، كطاعم، وكاسٍ، ولابن، وتامر، ومنه قوله:
دعِ المكارِمَ لا تَرْحَل لبُغيتها *** واقْعُدْ فإنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكاسِي
أي ذو طعام وكسوة وقوله:
وغَرَرْتَني وَزَعَمْتَ أنك *** لابنٌ في الصيف تَامِرْ
أي ذوو لبن وتمر.
أو بصوغ «فعَّال» بفتح الفاء وتشديد العين، مقصوداً به الحِرَفُ، كنَجَّار وعَطَّار وبزَّاز، أي محترف بالنِّجارة والعِطارةِ والبِزازةِ، أو بصوغ «فَعِل» بفتح فكسر، كطَعِم ولَبِن، أي صاحب طعام ولبن، ومنه قوله:
لَسْتُ بِلَيْلِيّ ولكنّي نَهِرْ *** لا أدْلُجُ اللَّيْلَ ولِكِنْ أَبْتَكِرْ
وتُصاغ نادراً على وزن مفعال كمعطار أي ذي عطر ومفعيل كفرس محضير أي ذي حضر بضم فسكون وهو الجرى.
وما خرج عما تقدَّم النسب فشاذّ كقولهم: رَقَبَانِيّ وشَعْرَانِيّ وفَوْقَانِيّ وتَحْتَانِيّ، بزيادة الألف والنون: لعظيم الرَّقبة والشعر، ولفوق تحت، ومَرْوَزِيّ في مَرْو، بزيادة الزاي، وأُمَوِيّ بفتح الهمزة في أُمَية بضمها، وَدَهْرِيّ بالضم، للشيخ الكبير في الدهر بالفتح، وبَدَوِيّ بحذف الألف في البَادية، وجَلُولِيّ وحَرُورِيّ بحذف الألف والهمزة في جَلْولاء قرية بفارس، وحَرْوراء قرية بالكوفة.
المصدر : كتاب شذا العرف في فن الصرف
وسماه سيبويه الإضافة، وابن الحاجب النِّسبة بكسر النون وضمها، بمعنى الإضافة أي الإضافة المعكوسة كالإضافة الفارسية.
ويحدث به ثلاث تغييرات: لفظيّ، ومعنويّ، وحُكميّ:
فالأول: زيادة مشدَّدة في آخر الاسم مكسور ما قبلها لتدل على نسبته إلى المجرَّد منها منقولا إعرابه إليها كمصريّ وشاميّ وعراقيّ.
والثاني: صيرورته اسماً للمنسوب.
والثالث: معاملته معاملة الصفة المشبهة في رفعه الظاهر والمضمر باطراد كقولك: زيد قرشيّ أبوه، وأمه مصريّة.
ويحذف لتلك الياء ستة أشياء في الآخر:
الأوَّل: الياء المشدَّدة الواقعة بعد ثلاثة أحرف سواء كانت زائدة ككرسي أو للنسب كشافعي كراهية اجتماع أربع ياآت ويقدر حينئذ أن المنسوب والمنسوب إليه مع الياء المجددة للنسب غيرهما بدونها ولهذا التقدير ثمرة تظهر في، نحو: بَخَاتِيّ وكَرَاسِيّ إذا سمي بهما مذكر، ثم نسب إليه فإنه قبل النسب ممنوع من الصرف لوجود صيغة منتهى الجموع نظراً لما قبل التسمية، فإن الياء من بينة الكلمة وبعد النسب يصير مصروفاً لزوال صيغة الجمع بياء النسب وإن سمي به مؤنث فيكون ممنوعاً من الصرف ولكن للعلمية والتأنيث المعنوي، والأفصح في، نحو: مرمى مما إحدى يائيه زائدة حذفهما وبعضهم يحذف الأولى ويقلب الثانية واواً، ولكن بعد قلبها ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها على الأوَّل مرميّ، وعلى الثانية مَرْمَويّ.
ويتعين في نحو: حَيّ وَطَيّ مما وقعتا فيه بعد حرف واحد فتح أولاهما، وردها إلى الواو إن كانت الواو أصلها وقلب الثانية واواً كطَوِوي وحَيَوِيّ.
الثَّاني: تاء التأنيث تقول في النسبة إلى مكة مكيّ، وقول العامة خليفتِيّ في خليفة، وخَلْوَتِيّ في خَلْوة لَحْن، والصواب خَلَفِيّ وخَلْوِيّ.
الثَّالث: الألف خامسة فصاعداً مطلقاً أو رابعة متحركاً ثاني كلمتها، فالأولى ألف التأنيث كحبارى لطائر أو الإلحاق كحبركى ملحق بسفرجل للقراد أو المنقلبة عن أصل كمصطفى من الصفوة تقول في النسبة إليها حُبَارِيّ وحَبَرْكِيّ، ومصطفيّ. والثانية ألف التأنيث خاصة كجمَزَي: للحمار السريع، تقول في النسبة إليه جَمَزِيّ، فإن سكن ثاني كلمتها جاز حذفها وقلبها واواً سواء كانت للتأنيث كحُبْلَى أو للإلحاق كعَلْقًى، اسم لنبت، فإنه ملحق بجعفر أو منقلبة عن أصل، كمَلْهًى من اللّهو، تقول فيها: حُبْلِيّ أو حُبْلَوِيّ، وعَلْقِيّ أو عَلْقَوِيّ، ومَلْهِيّ أو مَلْهَوِيّ. والقلب أحسن من الحذف ويجوز زيادة ألف بين اللام والواو، نحو: حُبْلاويّ.
الرَّابع: ياء المنقوص خامسة كالمعتدِي، أو سادسة كالمستعْلِي، تقول فيهما: المعتدِيُّ والمستعلِيّ. أما الرابعة كقاض فكألف، نحو: مَلْهًى، تقول: القاضِيّ والقاضَوِي، والحذف أرجح، وأما الثالثة كالشجي والشذِي فيجب قلبها واواً، كألف نحو: فَتًى وعَصًى تقول: شَجَوِيّ وشَذَوِيّ، كما تقول فتَوِيّ وعَصَوِيّ، ولا تقلب الياء واواً بعد قلبها ألفاً ويتوصل لذلك بفتح ما قبلها كما سبق في مَرْمِيّ.
وإذا نسَبْتَ إلى فَعِل، مكسور العين، مثلث الفاء، كنَمِر ودُئِل وإبِل، فتحت عينه في النسب، تقول: نمَرِيّ ودُؤَلِيّ وإبَليّ، وقال بعضهم يجوز في نحو: إبل إبقاء الكسرة إتباعاً.
الخامس والسادس: علامتا التثنية وجمع تصحيح المذكر عَلَمَيْن إذا أعربا بالحروف تقول: زَيديّ في النسب إلى زيدانِ وزيدُونَ. وأما من أجرى المثنى علماً مجرى سَلْمان في المنع من الصرف للعملية وزيادة الألف والنون فيقول: زَيْدَاني ومن أجرى الجمع المذكر مجرى غِسْلين، في لزوم الياء والإعراب على النون منونة يقول فيه: زَيْدِينِيّ، ومن جعله كهارون في المنع من الصرف للعملية وشبه العُجمة مع لزم الواو، أو كعَرَبُونٍ في لزومها منوناً، أو كالماطرونَ: اسم قرية بالشام في لزومها وتقدير الإعراب عليها، وفتح النون للحكاية، يقول في الجميع زَيْدُونِيّ.
أما مجمع المؤنث السالم فنحو: تَمَرَات جمعاً، ينسب إلى مفرده ساكن الميم وعلماً إليه مفتوحها، سواء حُكِي أو مُنع، وذلك للفرق بين النسب إليه مفرداً وجمعاً، وأما نحو: ضَخْمات فألفه كألف حُبْلى بجامع الوصفية. ويجب الحذف في ألف هذا الجمع خامسة فصاعداً، سواء كان من الجموع القياسية كمسلمات، أو الشاذة كسُرادقات، تقول فيها: مُسْلمِيّ وسُرَادِقيّ.
ويجب حذف ستة أخرى متصلة بالآخر:
أحدها: الياء المكسورة المدغم فيها مثلها فيقال في، نحو: طيَّب وَهَيِّن طَيْبيّ وهَيْنِيّ، بخلاف المفتوحة كهبيَّخ للغلام الممتلئ، ما لم يكن بعد المكسورة ياء ساكنة كمُهَيِّيم، تقول هَبَيِّخِيّ وَمُهَيِّيمِيّ، تصغيرها مِهْيَام، مِفْعال من هام على وجهه: إذا ذهب من العشق، أو من هام إذا عطِش، أو مُهوِّم اسم فاعِل من هَوَّمَ الرجلُ: هز رأسه من النُّعاس تحذف الواو الأولى ثم توضع ياء التصغير فيصير مُهَيْوِم، فَيُعَلّ على مُهيم، إتباعاً لقاعدة اجتماع الواو والياء وسبق إحداها بالسكون فيشتبه حينئذ باسم الفاعل المكبر من هَيَّمه الحُبّ، فإذا نسب إلى المصغَّر زيدت ياء لمنع الاشتباه، ومثله مصغر مُهيِّم المذكور، وشذّ طائِيّ في طَيّئ، إلاَّ إذا قيل بحذف الياء الأولى وقلب الثانية ألفاً.
ثانيها: ياء فعلية بفتح فكسر صحيح العين مضعَّفها كحنيفة وحنفي وصحيفة وصحفي بحذف التاء ثم قلب كسرة العين فتحة وشذّ سيلقى منسوباً إلى سليقة في قوله:
ولَسْتُ بِنَحْويٍّ يَلُوكُ لِسَانَهُ *** وَلكِنْ سَلِيِقِيٌّ أَقُولُ فَأُعْرِبُ
كما شذّ عَمِيرِي وسَلِيمِيّ، في عَمِيرة كلْب وسَلِيمة الأزد، نطقوا بالأول، للتنبيه على الأصل المرفوض وبالأخيرين له وللتفرقة بين عميرة غير كلب وسَلِيمة غير الأزد.
أما معتلّ العين كطويلة، أو مضعَّفها كجليلة، فلا تحذف ياؤهما، تقول فيهما: طَوِيليّ، وجَلِيليّ.
ثالثها: ياء فُعَيْلة بضم الفاء وفتح العين، غير مضعَّفتها، كجُهَيْنة وقريظة تقول في النسبة إليهما: جُهَنِيّ وقُرَظِيّ بحذف التاء ثم الياء، وعُيَنِيّ وقُوَمِيّ في عُيَيْنة وقُوَيمة، كذلك مع بقاء بضم الفاء إذ لا يترتب عليها إعلال العين وشذّ رُدَيْنِي في رُدَيْنة، ولا يجوز الحذف في نحو: قَلِيلة، لأن العين مضعَّفة.
رابعها: واو فَعُولة، بفتح الفاء، صحيحة العين، غير مضعَّفتها كشنوءة تقول فيه على مذهب سيبويه والجمهور شنئى بحذف التاء ثم الواو ثم قلب الضمة فتحة ومن قال شنوى بالواو قال فيها شنوة بشد الواو وذهب الأخفش إلى حذف التاء فقط وغيره إلى حذف والواو مع التاء فقط وأما، نحو: قَوُولة ومَلُولة فلا حذف فيهما غير التاء للاعتلال في الأوَّل والتضعيف في الثاني.
خامسها: ياء فعيل بفتح فكسر يائي اللام أو واويها كغنيّ وعليّ، تحذف الياء الأولى ثم تقلب الكسرة فتحة ثم تقلب الياء الثانية ألفاً ثم تقلب الألف واواً فتقول غنَوِيّ وعلَوِيّ.
سادسها: ياء فعيل فضم ففتح المعتلّ اللام كقُصَيّ تحذف الياء الأولى ثم تقلب الثانية ألفاً ثم تقلب الألف واواً فتقول: قُصَوِيّ، فإن صحت لام فعيل كعَقيل وعُقيل لم يحذف منهما شيء وشذّ في ثَقيف وقُريش وهُذيل: ثَقَفيّ وقُرَشِيّ وهُذَلِيّ.
وحكم همزة الممدود هنا: كحكمها في التثنية، فتسلم إن كانت أصلاً، كقُرَّائِيٍّ في قُرَّاء من يقلبها واواً والأجود التصحيح. وتقلب واواً إن كانت للتأنيث كحَمْرَاويّ وصَحْرَاوِيّ، في حمراء وصحراء، وشذّ قلبها نوناً في صنعاني وبهراني نسبة إلى صنعاء اليمن وبهراء اسم قبيلة من قضاعة وبعض العرب يقول: صَنْعَاوِيّ وبَهْرَاويّ على الأصل.
ويُخيّر فيها إن كانت للإلحاق، كعلباء أو بدلاً من أصل ككساء فتقول: عِلْبائي أو عِلْباوِيّ، وكسائيّ أو كساوِيّ.
ويُنْسَب إلى صدر العَلَم المركَّب إسنادياً، كبَرَقِيّ وتَأبَّطِيّ: في بَرَق نحرُه، وتأبَّط شَرّاً، أو مرجيا كبعلي ومعدي في بعلبك ومعديكرب وهذا هو القياس فيه مطلقاً سواء كان معتلّ الصدر أو صحيحه وبعضهم يعامل المعتلّ معاملة المنقوص فيقول في معديكرب معدوي وقيل ينسب إلى عجزه فتقول بكي وكربي وقيل إليهما مزالا تركيبهما فتقول بعلي بكي ومعدي كربي وعليه قوله:
تَزوَّجْتُهَا رَامِيَّة هُرْمُزِيَّةً *** بِفَضْلَةِ مَا أَعْطَى الأَمِيرُ مِنَ الرَّزْقِ
في النسبة إلى «رامَ هُرْمُزَ»، وقيل إلى المركب غير مزال تركيبه، تقول بَعْلَبَكِّيّ ومَعْدِيكَرِبيّ، وقيل ينسب إلى «فَعْلَل» مُنْتَحَتاً منهما، تقول بَعْلَبِيّ ومَعْدَكِيّ، كما تقول حَضْرَمِيّ في حَضْرَمَوْت.
ومثل الإسنادي أيضاً الإضافي، كامرئ القيس تقول فيه امْرِئي أو مَرَئيّ، والثاني أفصح عند سيبويه وعليه قول ذي الرُّمَّة يهجو امرأ القيس:
إذا المَرَئيّ شَبَّ له بَنَاتٌ *** عَقَدْنَ بِرَأسِهِ إِبَةً وَعَارَا
وقول جرير:
يعُـدُّ النَّاسِـبُونَ إلى تَمِيـمٍ *** بُيُوتَ المجـدِ أَرْبَعَـةً كِــبارَا
ويَخرُجُ منهُمُ المَرئيّ لَغْـواً *** كًمًا ألَغْيتَ في الدَّيَةِ الحُوَارَا
ويستثنى من المركب الإضافي ما كان كنية كأبي بكر وأم كلثوم، أو معرفاً صدره بعجزه كابن عمر وابن الزُّبير، فإنك تنسب إلى عجزه فتقول: بَكْرِيّ وكُلْثُومِيّ وعُمَرِيّ، وألحق بهما ما خيف فيه لبس كقولهم في عبد مناف: مَنَافِيّ، وعبد الأشهل: أْشَهلِيّ، دفعاً للبس، وشذّ فيه «فَعْلَلٌ» السابق، كتَيْمَلِيّ وعَبْدَرِيّ ومَرْقَسِيّ وعَبْقَسِيّ وعَبْشَمِيّ: في تيم اللاَّت وعبد الدار وامرئ القيس بن حجر الكندي وعبد القيس وعبد شمس، ومن الأخير قول عبد يغوث:
وتَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّة *** كأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أسيراً يَمَانِيَا
وإذا نسب إلى ما حُذِفَتْ لامه، فإن جبر في التثنية وجمع التصحيح بردّها، كأبٍ وأخٍ وعِضَةٍ وسَنَةٍ، وتقول فيها: أبَوَانِ وأخَوَانِ وعَضَوَات وسَنَواتِ، أو عِضَهات وسَنَهَات، وجب رد المحذوف في النسب فتقول: أبَوِيّ وأخَوِيّ وعِضَوِيّ وسَنَوِيّ، أو عِضَهِيّ وسَنَهِيّ، وإن لم يُجْبر فيهما جاز الأمر إن في النسب، نحو: غَدٍ وشَفَةٍ، تقول فيهما: غَدِيّ وشَفِيّ أو غَدَوِيّ وشَفَوِيّ. إلاَّ إن كانت عينه معتلة فيجب جبره كذَوَوِيّ في ذِي وذَات بمعنى صاحب وصاحبة، وشَاهِيّ أو شَوْهِيّ بسكون الواو في شاة، أصلها: شَوْهة، ويجوز الأمر أن يدوم عند من لا يرد لامهما في التثنية ووجب الرد عند من يردها فتقول على الأوَّل: يَدِيّ أو يَدَوِيّ ودَمِيّ أو دَمَوِيّ، وعلى الثاني: يَدَوِيّ ودَمَوِيّ لا غير.
وإذا نُسب إلى ما حذفت لامه وعوض عنها تاء تأنيث لا تنقلب هاء في الوقت حفت تاؤه فتقول: بَنَوِيّ وأَخَوِيّ في بِنْت وأُخْت، ويونس يقول: بِنْتِيّ وأخْتِيّ، ببقاء التاء محتجاً بأن التاء لغير التأنيث، لأن ما قبلها ساكن صحيح ولا يسكن ما قبل تاء التأنيث إلاَّ إن كان معتلاً، كفتاة، وبأن تاءها لا تبدل هاء في الوقف. وكل ذلك مردود بصيغة الجمع إذ تقول فيهما: بَنَات وأخَوَات، بزيادة ألف وتاء وحذف التاء الأصلية.
ولا تُرَدُّ الفاء لما صحت لامه كعدة وصفة تقول فيهما: عِدِيّ وصِفيّ، وتُردُّ لمعتلها كشِيَة، تقول فيه: وِشْوِيّ، بكسر الواو وفتح الشين أو وِشْيِيّ، بكسرتين بينهما شين ساكنة.
وإذا نُسب إلى محذوف العين وهو قليل في كلامهم إن صحت لامه ولم يكن مضعَّفاً لم يجبر برد المحذوف: كسَهٍ ومُذْ، مُسمًّى بهما فتقول منهما: سَهِيّ ومُذِيّ، لا سَتَهِيّ ومُنْذِيّ، وإن كان مضعَّفاً كرب بحذف الباء الأولى مخفف رب إذا سمي به، فإن يجبر برد المحذوف فيقال: رُبِّيّ، ومثل المضعَّف في وجوب الرد، معتلّ اللام، كالمُرِي، اسم فاعل أَرَى، وكيَرَى مضارع رَأَى مسمًّى بهما، فتقول فيها: المُرْئيّ واليَرْئيّ بفتح الياء وسكون أو فتح الراء على الخلاف بين سيبويه والأخفش من إبقاء حركة فاء الكلمة بعد الرد أو عدم إبقائها.
وإذا نسبت إلى الثنائي وضعا ضعفت ثانيه إن كان معتلاً، فتقول في لَوْ وكْي مُسمًّى بهما: لَوٌّ وكَيٌّ بالتشديد، وتقول في لا عَلَماً: «لاء» بالمد، وفي النسب إليها: لَوِّيٌّ وكَيْوِيّ، ولائِيّ أو لاَوِيّ، كما تقول في النسب إلى الدوِّ، هو الفلاة، والحيّ والكساء: دَوِّيّ وحَيَوِيّ وكِسَائِيّ أو كِساوِيّ، وأنت في الصحيح بالخيار، نحو كمّ فتقول: كَمِيّ بالتخفيف، أو كَمِّي بالتضعيف.
وينسب إلى الكلمة الدالَّة على جماعة على لفظها إن كانت اسم جمع، كقوميّ ورهطيّ: في قوم ورهط؛ أو اسم جنس كشَجَريّ في شجر؛ أو جمع تكسير لا واحد له كأبابيلي في أبابيل، أو علماً كبَساتينيّ، نِسبة إلى البساتين، عَلَم على قرية من ضواحي مصر، أو جارياً مجرى العَلَم، كأنصاريّ، أو يتغير إذا نسب لمفرده كأعرابيّ.
خاتمة
قد يُستغنى عن ياء النسب غالباً بصوغ فاعل مقصوداً به صاحب كذا، كطاعم، وكاسٍ، ولابن، وتامر، ومنه قوله:
دعِ المكارِمَ لا تَرْحَل لبُغيتها *** واقْعُدْ فإنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكاسِي
أي ذو طعام وكسوة وقوله:
وغَرَرْتَني وَزَعَمْتَ أنك *** لابنٌ في الصيف تَامِرْ
أي ذوو لبن وتمر.
أو بصوغ «فعَّال» بفتح الفاء وتشديد العين، مقصوداً به الحِرَفُ، كنَجَّار وعَطَّار وبزَّاز، أي محترف بالنِّجارة والعِطارةِ والبِزازةِ، أو بصوغ «فَعِل» بفتح فكسر، كطَعِم ولَبِن، أي صاحب طعام ولبن، ومنه قوله:
لَسْتُ بِلَيْلِيّ ولكنّي نَهِرْ *** لا أدْلُجُ اللَّيْلَ ولِكِنْ أَبْتَكِرْ
وتُصاغ نادراً على وزن مفعال كمعطار أي ذي عطر ومفعيل كفرس محضير أي ذي حضر بضم فسكون وهو الجرى.
وما خرج عما تقدَّم النسب فشاذّ كقولهم: رَقَبَانِيّ وشَعْرَانِيّ وفَوْقَانِيّ وتَحْتَانِيّ، بزيادة الألف والنون: لعظيم الرَّقبة والشعر، ولفوق تحت، ومَرْوَزِيّ في مَرْو، بزيادة الزاي، وأُمَوِيّ بفتح الهمزة في أُمَية بضمها، وَدَهْرِيّ بالضم، للشيخ الكبير في الدهر بالفتح، وبَدَوِيّ بحذف الألف في البَادية، وجَلُولِيّ وحَرُورِيّ بحذف الألف والهمزة في جَلْولاء قرية بفارس، وحَرْوراء قرية بالكوفة.
المصدر : كتاب شذا العرف في فن الصرف