عَطْفُ النَّسَق
تَعْرِيفُه
هو تابعٌ يَتَوَسَّطُ بَيْنَه وبينَ مَتْبُوعِه أَحَدُ حُرُوفِ العَطْفِ الآتي ذِكرُها.
أقسامه
الأول : العطفُ على اللَّفط - وهو الأصل- ، نحو : "ليس أحمدُ بالعَالمِ ولا القَانِتِ" ، وشرطُهُ: إمْكانُ تُوجُّهِ العَامِلِ إلى المَعْطوف.
الثانى : العَطْفُ على المَحلِّ ، نحو "ليس عمرُ بجائعٍ ولا تَعِباً" ، ولِهَذا ثَلاثةُ شُرُوط :
أ- إمْكانُ ظُهورِه في الفَصِيح ، فيجوزُ بقولكَ "ليسَ عَلِيٌّ بقائمٍ" أن تَقُول: "ليس عليٌ قائماً" فَتَسْقُط "الباء" ، وكذلك "ماجَاءني مِن أحدٍ" أن تقولَ: "ما جاءَني أحدٌ" بإسقاط "مِن".
ب- أنْ يكونَ الموضعُ هوَ الأصل فلا يجوزُ "هذا آكِلٌ خبزاً وزيْتونٍ" ؛ لأنَّ الوصفَ المستوفي للشروط الأصلُ إعمالُهُ لا كإضافتُه.
جـ- وجُودُ المُحرِز أي الطّالِب لِذلكَ المَحَل.
ويَبْتَني على اشْتِراطِ هذا امتناعُ مَسَائل منها :
1- "إنَّ زيداً وعَمروٌ قائِمان" ، وأجاز ابنُ مالك هذا ، وضابطه العطف بالرفع على منصوب "إن" في خلاصته :
وجائز رَفْعُك مَعْطوفاً على مَنْصوبِ إنَّ قبل أن يَسْتَكْمِلا
وذلك لأنَّ الطالبَ لرفع زيدٍ هو الابتداءُ، والابتداءُ هو التجرُّدُ، والتَّجَرُّدُ قَدْ زالَ بدُخُول "إن" .
2 - "إنَّ زيداً قائمٌ وعَمْروٌ" بعطف "عمروٍ" على المَحَلِّ لا المُبْتَدَأ.
3- "هذا مَانِحُ أخِيه ومُحَّمداً الخيرَ" بنصبِ محمداً على محل أخيه.
الثالث : العَطْفُ على التَّوَّهُم ، نحو: "ليسَ بَكْرٌ بَائِعاً ولا مُشْتَرٍ" بخَفْص مُشْترٍ على تَوَهُّم دُخُولِ الباء في الخَبَرِ ، وشَرطُ جَوَازِهِ صِحَّةُ دُخُولِ ذلكَ العامِل المُتَوهَّم ، وشَرطُ حُسْنِه كثرةُ دُخولهِ هناك ولهذا حسُنَ قولُ زُهيرٍ:
بَدَا ليَ أنَّي لستُ مُدْرِكَ ما مَضَى ولا سَابقٍ شَيئاً إذا كانَ جائِياً
وقول الآخر :
ما الحَازِمُ الشَّهمُ مَقْداماً ولا بَطَل إنْ لمْ يَكُوْ للهَوَى بالحق غَلاَّبا
ولم يَحْسُن قَوْلُ الآخر :
وما كنتُ ذا نَيْربٍ فيهم ولا مُنْمِشٍ فيهمُ مُنْمِلِ
لِقِلَّةِ دُخُولِ البَاءِ عَلى خَبَرِ "كَانَ" بِخِلافِ خَبَرَيْ "لَيسَ" و "ما" ، وكما وَقَع هذَا العَطْفُ في المجرُور وقَع في المجزُوم ، وقال به الخليلُ وسِيبويه ، في قوله تعالى: (لَوْلا أخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَريبٍ فأصَّدَقَ وأكُنْ) ، قالا : فإن معنى لولا أخَّرتني فأَصَّدقَ: وأكُونَ على الأصل ، وكذلِكَ وقَعَ في المَرْفُوع ، قال سيبويه : واعلَمْ أنَّ نَاساً مِنَ العَرَب يَغْلَطُون (أي يتوهَّمُون) فيقولون : "إنَّهم أَجْمَعُون ذَاهِبُون" ، وذلك على أنَّ معناهُ معنى الابتداء ، والتقدير: هم أجمعون.
حروف العطف
(الواوُ – الفَاءُ – ثُمَّ – حَتَّى – أَمْ – أَوْ – لَكِنْ – بَلْ – لا - لا يكون – لَيْسَ)
أنواع حروف العطف
حُرُوفُ العَطْفِ نَوْعان :
أ- مَا يَقتَضِي التَّشْريكَ في اللفظِ والمَعْنى مُطْلَقاً ، وهو أَرْبعة: "الوَاوُ، الفَاءُ، ثُمَّ، حَتَّى" أو مُقَيَّداً بشَرْط ، وهو اثْنَان "أَوْ، أَمْ" وشَرْطُهُما ألاَّ يَقْضِيا إضْرَاباً.
ب- ما يَقْتَضي التَّشْريك في اللَّفْظ دُون المَعْنى ، إمَّا لِكُوْنِهِ يَثْبِتُ لِمَا بَعْدَه ما انْتَفَى عَمَّا قَبْلَه ، وهو "بَلْ، وَلكِنْ" ، وإمَّا لِكوْنه بالعكس وهو "لا ، ليس".
أحكام تَششْترِكُ فيها الواو والفاء
تَشْترِكُ الواوُ والفاءُ فى أحكامٍ منها :
1- جَوازُ حَذفِهِما معَ مَعْطُوفِهِما لدلِيلٍ ، مثالُه في الوَوِ قَولُ النَّابِغَة الذُّبياني :
فَمَا كانَ بَيْنَ الخَيرِ لو جاء سالماً أبُو حَجَرٍ إلَّ لَيَالٍ قَلاّئِلُ
أيْ : بَنْنَ الخَيرِ وبَنْني.
ومِثَالُه في الفاء (أَنِ اضرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَر فانْبَجَسَت) ، أي : فضَرَبَ فَانْبَجَسَتْ.
2- جَوَازُ حَذْفْ المَعْطُوفِ عليه بهما ، فمثالُ الواوِ قولُ بعضهم : "ولكَ وَأهلاً وسَهلاً" جواباً بك وأهلاً وسَهلاً ، ومثال الفاءِ نحو : (أَفَنَضرِبُ عَنكُمُ الذِّكرَ صَفْحاً) ، أي : أَنُهمِلُكُم فَنَضرِبُ عَنْكُم ، ونحو : (أَفَلَم يَرَوا إلى مَا بَينَ أَيدِيهِم وَمَا خَلْفَهُم) ، أي : أَعَمُوا فَلَم يَرَوا.
العَطْفُ عَلى الضَّمير
يُعْطَفُ عَلى الضَّمِيرِ المُنْفَصِلِ مَرْفُوعاً أو مَنصُوباً ، وعلى الضَّمير المتَّصِلِ المَنصوبِ بغَيرِ شَرطٍ ، نحو : "أنتَ وزَيْدٌ تُسرِعَان" و "ما أَدعو إلاَّ إيَّاكَ وخَالِداً" ، ونحو قولِه تعالى : (جَمَعناكُم والأَوَّلينَ).
ولا يَحسُنُ العَطفُ على الضَّمير المتَّصلِ المَرْفُوعِ بَارِزاً كان أو مُستَتِراً إلاَّ بعدَ توكِيدِهِ بِضميرٍ مُنفَصلٍ نحو : (لَقَد كُنتُم وآبَاؤُكُم في ضَلالٍ مُبِينٍ) ، (اسكُن أنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ) ، أو بوُجُودِ فَاصِلٍ ما ، نحو : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ) ، فَـ "مَنْ" معطوفَةٌ على الواو في "يدخلونها" ، أو وجُود فَصْلٍ بـ "لا" نحو : (مَا أَشْرَكْنا وَلاَ آبَاؤنَا).
ويَضْعُفُ العَطْفُ بدُونِ ذلك ، نحو : "مَرَرتُ برجُل سَوَاءٍ والعَدَمُ" بالرَّفع عَطفاً على الضَّمير المُستتر في سَوَاء لأَنّه بِتأويلِ مُسْتوٍ هُوَ والعَدَم ، وهو في الشّعر كثير كقولِ جرير يهجو الأخْطل :
وَرَجَا الأُخَيطِلُ مِنْ سَفَاهَةِ رأيه مَا لَمْ يكُنْ وأبٌ لَهْ لِينَالا
عَطَفَ "أبٌ" على الضَّميرِ في "يَكُن" مِنْ غَيرِ تَوكيدٍ ولا فَصلٍ ، ويَقِلُّ العَطْفُ على الضَّمِيرِ المَخْفُوضِ إلاَّ بإعَادَةِ الخَافِضِ حَرفاً كانَ أو اسْماً نحو : (فَقَالَ لها ولِلأَرضِ) ، (قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وإله آبَائكَ) ، وَهُناك قرَاءةُ ابنِ عبّاس : (تَسَاءلُونَ بِهِ والأرحَامِ) بالخفض من غير إعَادَةِ الخافض ، وحِكَايَةُ قُطْرُبٍ عن العَرَبِ "مَا فيها غَيرُه وفَرَسِه" بالخفض عَطفاً على الهاءِ من غيرِه.
عَطْف الفعل
يُعْطَفُ الفِعل على الفِعل بشَرْطِ اتِّحادِ زَمَنَيْهِما، سَواءٌ اتَّحدَ نَوْعاهما نحو : (لِنُحْيِيىَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ونُسْقِيَهُ) ، (وَإنْ تُؤمِنُوا وتَتَّقُوا يُؤتِكُم أُجُورَكُم ولا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ) ، أمِ اخْتَلَفا نحو : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأوْرَدهُمُ النَّارَ) ، (تَبَارَكَ الَّذي إنْ شَاءَ جَعَلَ لكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهَارُ ويجْعَلْ لكَ قُصُوراً).
ويُعْطفُ الفِعْلُ عَلى الاسمِ المشبه له في المعنى نحو : (فالمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) و (صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ).
فـ "المُغِيرات" في تَأويل : واللاَّتي أَغَرْنَ ، "صَافَّاتٍ" في معنى : يَصْفُفْن.
ويَجُوزُ العَكْسُ كقولِهِ :
يا رُبَّ بَيْضَاءَ مِنَ العَوَاهِج أُمُّ صَبيٍّ قَدْ حَبَا أو دَارِج
(العَوَاهج: جمع عَوْهج، وهو في الأصل الطويلةُ العُنُق من الظباء، وأرادَ بها المرأةَ، حَبَا: زَحَف، دَرَج الصبي: قارَبَ بين خُطاه).
ومنه : (يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ).
جوازُ حَذْفُ العَاطِفِ وحدَهُ
مثل :
كيفَ أصْبحتَ كيفَ أَمْسيتَ مِمّا يَغْرِسُ الوُدَّ في فُؤادِ الكَرِيمِ
أَي: وكيفَ أَمْسَيْت ، وفي الحديث: "تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِه، من دِرْهَمِه" أي: ومِنْ دِرْهمِه.
العَطْفُ على مَعْمولٍ عَامِلٍ
أجْمَعوا على جَوازِ العَطفِ على مَعْمُولٍ عاملٍ واحدٍ نحو "إنَّ أباك آتٍ وأخَاكَ ذَاهبٌ" ، وعلى جواز مَعْمُولاَتِ عَامِلٍ نحو : " أَعْلَمَ المُدير بَكراً المُدرسَ آتياً والأستاذُ خالداً أباه حَاضِراً".
وأجْمَعوا على مَنْعِ العَطْف على مَعْمُولى أكثَر مِن عَامِلَين نحو: "إنَّ زيداً ضاربٌ أبُوه (هذه اللام للتقوية) لِعَمروٍ وأخاكَ غُلامُه لبكرٍ" (على أن أخاك عطفٌ على زيد، وغلامُه عطفٌ على أبُوه، بكرٍ عَطفٌ على عمروٍ، والعامل في الثالث لام التقوية، وفى الثاني ضاربٌ وفي الأول: إنَّ).
أمَّا مَعْمولا عامِلَيْن ، فإن لم يَكُنْ أَحدُهما جَارّاً فالأكثرُ امتِناعُه، وإنْ كان أحدُهما جارّاً فإن كان مُؤَخَّراً نحو : "محمدٌ في العَمَل والبيت أخُوه" فهو - عند الأكثر - أيضاً مُمْتَنِع ، وإن كان الجَارُّ مُقدَّماً نحو "في عَمَلِه محمدٌ والبيتِ أخوه" فمنع منه سيبويه والمبرد وابن السراج، وأجازه الأخفشُ والكسائي والفراء والزجاج. والأولى المنع منه.
=========
المصدر :
انظر كتاب " معجم القواعد العربية " للشيخ/ عبد الغنى الدقر.
تَعْرِيفُه
هو تابعٌ يَتَوَسَّطُ بَيْنَه وبينَ مَتْبُوعِه أَحَدُ حُرُوفِ العَطْفِ الآتي ذِكرُها.
أقسامه
الأول : العطفُ على اللَّفط - وهو الأصل- ، نحو : "ليس أحمدُ بالعَالمِ ولا القَانِتِ" ، وشرطُهُ: إمْكانُ تُوجُّهِ العَامِلِ إلى المَعْطوف.
الثانى : العَطْفُ على المَحلِّ ، نحو "ليس عمرُ بجائعٍ ولا تَعِباً" ، ولِهَذا ثَلاثةُ شُرُوط :
أ- إمْكانُ ظُهورِه في الفَصِيح ، فيجوزُ بقولكَ "ليسَ عَلِيٌّ بقائمٍ" أن تَقُول: "ليس عليٌ قائماً" فَتَسْقُط "الباء" ، وكذلك "ماجَاءني مِن أحدٍ" أن تقولَ: "ما جاءَني أحدٌ" بإسقاط "مِن".
ب- أنْ يكونَ الموضعُ هوَ الأصل فلا يجوزُ "هذا آكِلٌ خبزاً وزيْتونٍ" ؛ لأنَّ الوصفَ المستوفي للشروط الأصلُ إعمالُهُ لا كإضافتُه.
جـ- وجُودُ المُحرِز أي الطّالِب لِذلكَ المَحَل.
ويَبْتَني على اشْتِراطِ هذا امتناعُ مَسَائل منها :
1- "إنَّ زيداً وعَمروٌ قائِمان" ، وأجاز ابنُ مالك هذا ، وضابطه العطف بالرفع على منصوب "إن" في خلاصته :
وجائز رَفْعُك مَعْطوفاً على مَنْصوبِ إنَّ قبل أن يَسْتَكْمِلا
وذلك لأنَّ الطالبَ لرفع زيدٍ هو الابتداءُ، والابتداءُ هو التجرُّدُ، والتَّجَرُّدُ قَدْ زالَ بدُخُول "إن" .
2 - "إنَّ زيداً قائمٌ وعَمْروٌ" بعطف "عمروٍ" على المَحَلِّ لا المُبْتَدَأ.
3- "هذا مَانِحُ أخِيه ومُحَّمداً الخيرَ" بنصبِ محمداً على محل أخيه.
الثالث : العَطْفُ على التَّوَّهُم ، نحو: "ليسَ بَكْرٌ بَائِعاً ولا مُشْتَرٍ" بخَفْص مُشْترٍ على تَوَهُّم دُخُولِ الباء في الخَبَرِ ، وشَرطُ جَوَازِهِ صِحَّةُ دُخُولِ ذلكَ العامِل المُتَوهَّم ، وشَرطُ حُسْنِه كثرةُ دُخولهِ هناك ولهذا حسُنَ قولُ زُهيرٍ:
بَدَا ليَ أنَّي لستُ مُدْرِكَ ما مَضَى ولا سَابقٍ شَيئاً إذا كانَ جائِياً
وقول الآخر :
ما الحَازِمُ الشَّهمُ مَقْداماً ولا بَطَل إنْ لمْ يَكُوْ للهَوَى بالحق غَلاَّبا
ولم يَحْسُن قَوْلُ الآخر :
وما كنتُ ذا نَيْربٍ فيهم ولا مُنْمِشٍ فيهمُ مُنْمِلِ
لِقِلَّةِ دُخُولِ البَاءِ عَلى خَبَرِ "كَانَ" بِخِلافِ خَبَرَيْ "لَيسَ" و "ما" ، وكما وَقَع هذَا العَطْفُ في المجرُور وقَع في المجزُوم ، وقال به الخليلُ وسِيبويه ، في قوله تعالى: (لَوْلا أخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَريبٍ فأصَّدَقَ وأكُنْ) ، قالا : فإن معنى لولا أخَّرتني فأَصَّدقَ: وأكُونَ على الأصل ، وكذلِكَ وقَعَ في المَرْفُوع ، قال سيبويه : واعلَمْ أنَّ نَاساً مِنَ العَرَب يَغْلَطُون (أي يتوهَّمُون) فيقولون : "إنَّهم أَجْمَعُون ذَاهِبُون" ، وذلك على أنَّ معناهُ معنى الابتداء ، والتقدير: هم أجمعون.
حروف العطف
(الواوُ – الفَاءُ – ثُمَّ – حَتَّى – أَمْ – أَوْ – لَكِنْ – بَلْ – لا - لا يكون – لَيْسَ)
أنواع حروف العطف
حُرُوفُ العَطْفِ نَوْعان :
أ- مَا يَقتَضِي التَّشْريكَ في اللفظِ والمَعْنى مُطْلَقاً ، وهو أَرْبعة: "الوَاوُ، الفَاءُ، ثُمَّ، حَتَّى" أو مُقَيَّداً بشَرْط ، وهو اثْنَان "أَوْ، أَمْ" وشَرْطُهُما ألاَّ يَقْضِيا إضْرَاباً.
ب- ما يَقْتَضي التَّشْريك في اللَّفْظ دُون المَعْنى ، إمَّا لِكُوْنِهِ يَثْبِتُ لِمَا بَعْدَه ما انْتَفَى عَمَّا قَبْلَه ، وهو "بَلْ، وَلكِنْ" ، وإمَّا لِكوْنه بالعكس وهو "لا ، ليس".
أحكام تَششْترِكُ فيها الواو والفاء
تَشْترِكُ الواوُ والفاءُ فى أحكامٍ منها :
1- جَوازُ حَذفِهِما معَ مَعْطُوفِهِما لدلِيلٍ ، مثالُه في الوَوِ قَولُ النَّابِغَة الذُّبياني :
فَمَا كانَ بَيْنَ الخَيرِ لو جاء سالماً أبُو حَجَرٍ إلَّ لَيَالٍ قَلاّئِلُ
أيْ : بَنْنَ الخَيرِ وبَنْني.
ومِثَالُه في الفاء (أَنِ اضرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَر فانْبَجَسَت) ، أي : فضَرَبَ فَانْبَجَسَتْ.
2- جَوَازُ حَذْفْ المَعْطُوفِ عليه بهما ، فمثالُ الواوِ قولُ بعضهم : "ولكَ وَأهلاً وسَهلاً" جواباً بك وأهلاً وسَهلاً ، ومثال الفاءِ نحو : (أَفَنَضرِبُ عَنكُمُ الذِّكرَ صَفْحاً) ، أي : أَنُهمِلُكُم فَنَضرِبُ عَنْكُم ، ونحو : (أَفَلَم يَرَوا إلى مَا بَينَ أَيدِيهِم وَمَا خَلْفَهُم) ، أي : أَعَمُوا فَلَم يَرَوا.
العَطْفُ عَلى الضَّمير
يُعْطَفُ عَلى الضَّمِيرِ المُنْفَصِلِ مَرْفُوعاً أو مَنصُوباً ، وعلى الضَّمير المتَّصِلِ المَنصوبِ بغَيرِ شَرطٍ ، نحو : "أنتَ وزَيْدٌ تُسرِعَان" و "ما أَدعو إلاَّ إيَّاكَ وخَالِداً" ، ونحو قولِه تعالى : (جَمَعناكُم والأَوَّلينَ).
ولا يَحسُنُ العَطفُ على الضَّمير المتَّصلِ المَرْفُوعِ بَارِزاً كان أو مُستَتِراً إلاَّ بعدَ توكِيدِهِ بِضميرٍ مُنفَصلٍ نحو : (لَقَد كُنتُم وآبَاؤُكُم في ضَلالٍ مُبِينٍ) ، (اسكُن أنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ) ، أو بوُجُودِ فَاصِلٍ ما ، نحو : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ) ، فَـ "مَنْ" معطوفَةٌ على الواو في "يدخلونها" ، أو وجُود فَصْلٍ بـ "لا" نحو : (مَا أَشْرَكْنا وَلاَ آبَاؤنَا).
ويَضْعُفُ العَطْفُ بدُونِ ذلك ، نحو : "مَرَرتُ برجُل سَوَاءٍ والعَدَمُ" بالرَّفع عَطفاً على الضَّمير المُستتر في سَوَاء لأَنّه بِتأويلِ مُسْتوٍ هُوَ والعَدَم ، وهو في الشّعر كثير كقولِ جرير يهجو الأخْطل :
وَرَجَا الأُخَيطِلُ مِنْ سَفَاهَةِ رأيه مَا لَمْ يكُنْ وأبٌ لَهْ لِينَالا
عَطَفَ "أبٌ" على الضَّميرِ في "يَكُن" مِنْ غَيرِ تَوكيدٍ ولا فَصلٍ ، ويَقِلُّ العَطْفُ على الضَّمِيرِ المَخْفُوضِ إلاَّ بإعَادَةِ الخَافِضِ حَرفاً كانَ أو اسْماً نحو : (فَقَالَ لها ولِلأَرضِ) ، (قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وإله آبَائكَ) ، وَهُناك قرَاءةُ ابنِ عبّاس : (تَسَاءلُونَ بِهِ والأرحَامِ) بالخفض من غير إعَادَةِ الخافض ، وحِكَايَةُ قُطْرُبٍ عن العَرَبِ "مَا فيها غَيرُه وفَرَسِه" بالخفض عَطفاً على الهاءِ من غيرِه.
عَطْف الفعل
يُعْطَفُ الفِعل على الفِعل بشَرْطِ اتِّحادِ زَمَنَيْهِما، سَواءٌ اتَّحدَ نَوْعاهما نحو : (لِنُحْيِيىَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ونُسْقِيَهُ) ، (وَإنْ تُؤمِنُوا وتَتَّقُوا يُؤتِكُم أُجُورَكُم ولا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ) ، أمِ اخْتَلَفا نحو : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأوْرَدهُمُ النَّارَ) ، (تَبَارَكَ الَّذي إنْ شَاءَ جَعَلَ لكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهَارُ ويجْعَلْ لكَ قُصُوراً).
ويُعْطفُ الفِعْلُ عَلى الاسمِ المشبه له في المعنى نحو : (فالمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) و (صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ).
فـ "المُغِيرات" في تَأويل : واللاَّتي أَغَرْنَ ، "صَافَّاتٍ" في معنى : يَصْفُفْن.
ويَجُوزُ العَكْسُ كقولِهِ :
يا رُبَّ بَيْضَاءَ مِنَ العَوَاهِج أُمُّ صَبيٍّ قَدْ حَبَا أو دَارِج
(العَوَاهج: جمع عَوْهج، وهو في الأصل الطويلةُ العُنُق من الظباء، وأرادَ بها المرأةَ، حَبَا: زَحَف، دَرَج الصبي: قارَبَ بين خُطاه).
ومنه : (يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ).
جوازُ حَذْفُ العَاطِفِ وحدَهُ
مثل :
كيفَ أصْبحتَ كيفَ أَمْسيتَ مِمّا يَغْرِسُ الوُدَّ في فُؤادِ الكَرِيمِ
أَي: وكيفَ أَمْسَيْت ، وفي الحديث: "تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِه، من دِرْهَمِه" أي: ومِنْ دِرْهمِه.
العَطْفُ على مَعْمولٍ عَامِلٍ
أجْمَعوا على جَوازِ العَطفِ على مَعْمُولٍ عاملٍ واحدٍ نحو "إنَّ أباك آتٍ وأخَاكَ ذَاهبٌ" ، وعلى جواز مَعْمُولاَتِ عَامِلٍ نحو : " أَعْلَمَ المُدير بَكراً المُدرسَ آتياً والأستاذُ خالداً أباه حَاضِراً".
وأجْمَعوا على مَنْعِ العَطْف على مَعْمُولى أكثَر مِن عَامِلَين نحو: "إنَّ زيداً ضاربٌ أبُوه (هذه اللام للتقوية) لِعَمروٍ وأخاكَ غُلامُه لبكرٍ" (على أن أخاك عطفٌ على زيد، وغلامُه عطفٌ على أبُوه، بكرٍ عَطفٌ على عمروٍ، والعامل في الثالث لام التقوية، وفى الثاني ضاربٌ وفي الأول: إنَّ).
أمَّا مَعْمولا عامِلَيْن ، فإن لم يَكُنْ أَحدُهما جَارّاً فالأكثرُ امتِناعُه، وإنْ كان أحدُهما جارّاً فإن كان مُؤَخَّراً نحو : "محمدٌ في العَمَل والبيت أخُوه" فهو - عند الأكثر - أيضاً مُمْتَنِع ، وإن كان الجَارُّ مُقدَّماً نحو "في عَمَلِه محمدٌ والبيتِ أخوه" فمنع منه سيبويه والمبرد وابن السراج، وأجازه الأخفشُ والكسائي والفراء والزجاج. والأولى المنع منه.
=========
المصدر :
انظر كتاب " معجم القواعد العربية " للشيخ/ عبد الغنى الدقر.