ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    قلة الأدب مع العلم د. الشريف حاتم العوني

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    قلة الأدب مع العلم  د. الشريف حاتم العوني Empty قلة الأدب مع العلم د. الشريف حاتم العوني

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس فبراير 14, 2013 11:10 pm

    قلة الأدب مع العلم

    د. الشريف حاتم العوني
    الجمعة 15/02/2013


    في سياق تخفيف حدة النقاش مع بعضهم، وفي سبيل حثهم على احترام الاختلاف المعتبر، ومن أجل منعهم من مخالفة الإجماع المتيقن القاضي بعدم جواز الإلزام ولا الإنكار في مسائل الاختلاف المعتبر: فإني كثيرا ما أسأل هؤلاء المتحمسين عند سياقهم لأدلة القول الذي ينصرونه، أو عند اندفاعهم في الاحتجاج بدعاوى الإجماع المحكية، فأقول لهم: هل هذه النصوص التي تحتجون بها قطعية الدلالة؟ وهل هذا الإجماع الذي تحكونه إجماع يقيني أم ظني؟
    وغالبا ما أسمع جوابا اعتدت عليه منهم، وهو أن يقولوا بلا تردّد: (نعم .. نعم: الدليل في هذه المسألة قطعي الدلالة، والإجماع فيها يقيني).

    هكذا يأتيك الجواب غالبا، وبهذه الجرأة التي تبلغ حد سوء الأدب مع العلم، وقلة الحياء من جلالة العلم وهيبة المعرفة!!
    وكثيرا ما يكون هذا المجيب : لا يعرف (النص) من (الظاهر)، وإن عرف الفرق النظري (بحفظه تعريفهما)، فهو لا يعرف السبيل إلى استثمار هذه المعرفة النظرية : عمليا ؛ لأن التفريق الحقيقي بين (النص) و(الظاهر) هو أحد نتائج التعمق الكبير في كلام العرب ولغتهم، وإدراك ثراء تلك اللغة، والتوسع في تذوق أساليبها في التعبير، والتدقيق في التنبّه للسياقات العديدة الموثرة في دلالة الكلام . وبغير ذلك لن يعرف الذي درس أصول الفقه، حتى لو درس كل كتبه وحفظها : متى يستطيع التفريق بين كلامٍ لا يحتمل إلا معنى واحدا، وكلام يحتمل معاني عدة، وأيها هو الأرجح ظنا، أو الصواب يقينا .

    كما كثيرا ما يكون ذلك المجيب: لا يفرق بين الإجماع اليقيني والإجماع الظني، ولا كيف يفرق بينهما، ولا يعرف أن هذا الفرق يوجب فرقا في طريقة التعامل مع كل قسم، وما يجيزه هذا الفرق من الاختلاف وما لا يجيزه .
    ويمكنك أن تعرف هذا الجهل المركب، بسؤال سهل، هو السؤال عن الفرق (كما سبق). فليس عليك إلا أن تسأل: ما الفرق؟ وكيف تعرف الفرق؟ ونحو ذلك من الأسئلة الأولية لذلك البناء الذي يريد صاحبنا أن يعلو فوقه! ليأتيك الجواب الذي ينم عن جهل، وعن غفلة صاحبنا عن جهله . أو ليأتيك سكوته عن الجواب سكوتَ أبكم الفِكْر، لا أبكم اللسان. أو ليقول: لا أدري، والتي تأتي متأخرة جدا، بعد أن زعم صاحبنا أنه يدري، وبعد أن انطلق على عدم درايته ينكر به على العالم، ويوالي ويعادي من يخالفه في عدم درايته تلك!!

    وكل هذا الجهل بمبادئ تحديد درجة الاختلاف، وهل هو معتبر؟ أو غير معتبر؟ ومع ذلك تجد عند صاحبنا من الجرأة .. بل من صفاقة الوجه، ليقول لك بعد هذا كله، وبكل قِحَة: الدليل قطعي الدلالة، والإجماع ظني!!
    هؤلاء يحتاجون تأديبا، قبل أن يحتاجوا علما.

    ويحتاجون تزكية نفس، لكي لا تقفو نفوسهم ما ليس لها به علم؛ لأن عدم قفو النفس ما ليس لها به علم عملٌ فطري، يقوم به كل سوي الفطرة من الأعراب والأميين الجهلة، رغم شدة جهلهم ؛ لأنهم أزكى نفسا، وأسلم فطرة، من بعض هؤلاء .
    أخيرا : لولا أني أتحدث عن أوصاف، لم أعين أشخاصها المقصودين، لما استجزتُ هذه القسوة في كشف حال هؤلاء . ولكن لما كان الكلام على منهج: ((ما بال أقوام))، فقد صار توضيح سوء الفعل، والتنفير من صورته القبيحة = هو الواجب الذي تنبغي مراعاته؛ لكي يكون ذلك أوضح في وصف الداء, وأنجع في معرفة الدواء .

    http://www.al-madina.com/files/image...hoto/23_51.jpg

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 11:21 pm