ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    مفهوم الضرورة عند النحاة

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    مفهوم الضرورة عند النحاة Empty مفهوم الضرورة عند النحاة

    مُساهمة من طرف أحمد الثلاثاء يونيو 09, 2015 2:14 am

    مفهوم الضرورة عند النحاة

    الضَّرُورةُ لُغةً:
    الاضطِرارُ، وهُوَ الحَاجةُ إلَى الشَّيءِ، أو الإلجاءُ إلَيهِ، فَيُقالُ: رَجُلٌ ذُو ضَرُورةٍ، أي: ذُو حاجَةٍ، وقَد اضطَرَّ إلَى الشَّيءِ، أي: أُلجئَ إلَيهِ، والاضطِرارُ هوَ الاحتِياجُ إلَى الشَّيءِ، واضطَرَّهُ: أَحوَجَهُ وأَلجَأَهُ[1].

    الضَّرُورةُ فِي الاصطِلاحِ:
    " ما وَقَعَ في الشِّعرِ مُخالِفاً للقِياسِ ممَّا لم يَقَعْ لَهُ نَظِيرٌ في النَّثرِ، سواءٌ أكانَ عنهُ مَندُوحةٌ أم لا، أو ما وَقَعَ في النَّثرِ للتناسبِ أو السَّجعِ علَى خِلافِ ذلِك"[2]. أو يمكنُ القَولُ إنَّها مُخالفةٌ لِقَواعِدَ مِعيارِيَّةٍ وَضَعَها النَّحويونَ، وخالَفَها الشُّعراءُ، وخَرَجُوا بِها عن الأصلِ امتِثالاً لِمُتَطلَّباتِ الشِّعرِ مِن وَزنٍ وقافِيةٍ ومُوسِيقا.

    ثمَّ تَطوَّرَ مَفهُومُ الضَّرُورةِ بَعدَ مَرحلةِ التَّدوينِ في القَرنِ الهِجرِيِّ الثَّانِي، وظُهُورِ مُصنَّفاتٍ فِي النَّحو، وهذا الفَهْمُ أَتَى مِن تَصَوُّرِ النَّحويِينَ أَمثالَ سِيبوَيهِ (ت180هـ)، والمبرِّد (ت285هـ)، وابنِ السراج (ت316هـ)، وابنِ جنيٍّ (ت392هـ) فأخَذَتْ مُصطَلَحاتٍ جَدِيدةً، نحو: الخُرُوجُ عنِ القاعِدةِ، والشُّذوذُ، والعُدُولُ النَّحويُّ، وغيرُها مِن مُصطَلَحاتٍ تُفيدُ خُصُوصِيَّةً فِي لُغةِ الشِّعرِ امتَازَتْ بِها عنِ لُغةِ النَّثرِ.

    وتَعنِي الضَّرُورَةُ أَيضَاً الشُّذُوذَ، فَمِنْ رَحِمِ الضَّرُورةِ وُلِدَ مُصطَلَحُ الشُّذُوذِ الَّذِي ضَاقَ مَفهُومُهُ وانحصَرَ، واختَصَّ بَعدَ ذلكَ بِالشَّاهِدِ النَّحويِّ الشِّعري غالِباً، وهُنا فِي هذا الاتِّجاهِ صَارَ القَولُ بالضرورَةِ والشُّذُوذِ واحِداً، فكُلٌّ مِنهُما يَعنِي الخُروجَ والمُخالَفَةَ، والبُعدَ عنِ القَواعِدِ المَرعيَّةِ فِي الكَلامِ.

    وانحصَرَ مَفهُومُ الشُّذُوذِ كَثيراً لِيُفهَمَ مِنهُ أنَّهُ الضَّرُورةُ الَّتِي كَسَرَتِ القَاعِدةَ الَّتي علَيها الكَلامُ فِي لُغةِ النَّثرِ أولاً، ولُغةِ الشِّعرِ ثانياً، فالشُّذُوذُ هُوَ مُخالَفةُ القَاعِدةِ النَّحويَّةِ، ومِنْ هُنا فَكُلُّ شُذُوذٍ ضَرُورَةٌ، ولَيسَ كُلُّ ضَرُورةٍ شُذُوذاً، فصارَ الشُّذُوذُ خُروجاً علَى بَعضِ قَواعِدِ النحويينَ، وهذا خطاٌ لا ينقاسُ علَيهِ.

    لم يعرِّفْ سِيبَوَيه الضَّرورةَ الشِّعريَّةَ تَعريفاً دَقِيقاً، ولكِنْ يُفهَمُ مِن كلامِهِ فِي: (بابِ ما يَحتَمِلُ الشِّعرَ) أنَّه يجوزُ لِلشَّاعِرِ فِي الشِّعرِ ما لا يَجُوزُ لَهُ فِي الكَلامِ، شَرِيطةَ أنْ يَضطرَّ إلَى ذلِكَ، ولا يَكُونُ لَهُ بُدٌّ مِنهُ، وأنْ يَكُونَ فيهِ رَدُّ فَرعٍ إلَى أَصلٍ، أو تَشبيهُ غَيرِ جائِزٍ بِجائِزٍ، فَقَالَ: " اعلَمْ أنَّهُ يَجُوزُ في الشِّعرِ ما لا يَجُوزُ فِي الكَلامِ مِن صَرفِ ما لا يَنصَرِفُ، يُشبِّهُونَهُ بِما يَنصَرِفُ مِن الأَسماءِ، وحَذفِ ما لا يُحذَفُ، يُشبِّهُونَهُ بِما قَد حُذِفَ واستُعمِلَ مَحذُوفاً "[3].

    وفي موضِعٍ ثانٍ يلجأُ إلَى الضرورة فَيُجري الشِّعرَ علَى الأَصلِ، فَقَالَ: "كما قالُوا حِينَ اضطرُّوا فِي الشِّعرِ فَأَجرَوهُ علَى الأَصلِ، قالَ الشَّاعِرُ الهُذَلِيُّ: (من الوافر)
    أَبِيْتُ علَى مَعَارِيَ واضِحاتٍ
    بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ[4]

    وقالَ الفَرزدقُ: (من الطويل)
    فَلَو كانَ عبدُ اللهِ مَولَى هَجَوْتُهُ
    ولَكِنَّ عبدَ اللهِ مولَى مَوَالِيا[5]

    فلمَّا اضطرُّوا إلى ذلك فِي مَوضِعٍ لا بُدَّ لَهُم فِيهِ مِن الحَرَكةِ أَخرجُوهُ علَى الأصلِ.

    قالَ الشَّاعرُ بنُ قَيسٍ الرُّقِيّاتِ: (من المنسرح)
    لا بارَكَ اللهُ فِي الغَوانِيِ هلْ
    يُصبِحْنَ إلَّا لَهُنَّ مُطَّلَبُ[6]

    وقالَ وأنشدَنِي أعرابِيٌّ مِن بَنِي كُلَيبٍ، لِجرير: (من الطويل)
    فَيَوماً يُوافِينِي الهَوى غَيرَ ماضِيٍ
    ويَوماً تَرَى مِنهُنَّ غُولاً تَغَوَّلُ[7]


    [1] لسان العرب: ابن منظور، محمد بن مكرم الإفريقي المصري (ت711هـ)، دار صادر، بيروت، 1956م، مادة: "ضرر ".
    [2] الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر: محمود شكري الآلوسي، شرح محمد بهجت الأثري، المطبعة السلفية، القاهرة، 1341هـ، ص6.
    [3] الكتاب: سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت180هـ)، تحقيق: عبدالسلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط4، 1425هــ-2004م، 1 : 26.
    [4] والشاهد فيه " معاري " أجراه في حال الجرِّ مجرى السالم. والصحيح: معارٍ بحذف الياء، لأنه اسمٌ منقوص،نكرة، ولكنَّه حذفها تجنباً للزحاف.
    [5] الكتاب 3: 313، والشاهد فيه إجراؤه " موالي " على الأصل للضرورة، وحقُّه حذف الألف.
    [6] الكتاب 3: 314.. والشاهد فيه: تحريك الياءِ من " الغواني " وجعلها على الأصل ضرورة. وينظر المقتضب للمبرد 1 :144. والخصائص 3: 159.
    [7] ديوان جرير بن عطية: تحقيق: نعمان أمين طه، دار المعارف، القاهرة، 1976م، ص 457.وينظر الكتاب 3: 314. والشاهد فيه: تحريك الياء في " ماضي " جرَّاً ضرورة.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/83835/#ixzz3cYCylBpD
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    مفهوم الضرورة عند النحاة Empty رد: مفهوم الضرورة عند النحاة

    مُساهمة من طرف أحمد الثلاثاء أغسطس 04, 2015 11:34 pm

    الضرورة الشعرية لحن وخطأ:
    ======================================
    يرى ابن فارس أن ماسماه النحاة ضرورة ، وتمحلوا في تخريجه ليس إلا خطأً محضا من الأولى عدم التكلف والتعسف في تخريجه ،ويقول في لهجة عنيفة : (( ولا معنى لقول من يقول: إن للشاعر عند الضرورة أن يأتي في شعره بما لا يجوز ، ولا معنى لقول من قال :
    ألم يأتيك والأنباء تَنْمِي
    وهذا وإن صح وماأشبهه من قوله :
    لما جفا إخوانه مصعباً
    وقوله :
    قفا عند مما تعرفان ربوعُ
    فكله غلط وخطأ ، وما جعل الله الشعراء معصومين يُوَقَوْن الخطأ والغلط ، فما صح من شعرهم فمقبول ، وماأبته العربية وأصولها فمردود )) .
    بل إن ابن فارس صنف رسالة سماها ( ذم الخطأ في الشعر ) بين فيها موقفه مما سماه النحاة ضرورة شعرية ، وقال : (( إن ناسا من قدماء الشعراء ومن بعدهم أصابوا في أكثر ما نظموه من شعرهم ، وأخطأوا في اليسير من ذلك ، فجعل ناس من أهل العربية يوجهون لخطأ الشعراء وجوها ، ويتمحلون لذلك تأويلات ، حتى صنعوا فيما ذكرناه أبوابا ، وصنفوا في ضرورات الشعر كتبا )) ، ثم قال : (( ما الوجه في إجازة ما لا يجوز إذا قاله شاعر ؟ وما الفرق بين الشاعر والخطيب والكاتب ؟ ولم لا يجوز لواحد منا أن يقول لآخر : لست أقصدك و لاك اقصدني أنت ، وأن يقول لمن يخاطبه : فعلت هذا ككما فعلت أنت كذا ؟)) ، ويقول ردا على من قال : إن الشعراء أمراء الكلام : (( ولم لا يكون الخطباء أمراء الكلام ؟ وهبنا جعلنا الشعراء أمراء الكلام ، لم أجزنا لهؤلاء الأمراء أن يخطئوا ، ويقولوا مالم يقله غيرهم ؟ فإن قالوا : إن الشاعر يضطر إلى ذلك لأنه يريد إقامة وزن شعره ، ولو أنه لم يفعل ذلك لم يستقم شعره ، قيل لهم : ومن اضطره أن يقول شعرا لا يستقيم إلا بإعمال خطأ ؟ ونحن لم نر ولم نسمع بشاعر اضطره سلطان أو ذو سطوة بسوط أو سيف إلى أن يقول في شعره ما لا يجوز وما لا تجيزونه أنتم في كلام غيره ، فإن قالوا : إن الشاعر يَعِنُّ له معنى فلا يمكنه إبرازه إلا بمثل اللفظ القبيح المعيب ، قيل لهم : هذا اعتذار أقبح وأعيب ، وما الذي يمنع الشاعر إذا بنى خمسين بيتا على الصواب أن يتجنب ذلك البيت المعيب ، ولا يكون في تجنبه ذلك ما يوقع ذنبا أو يُزري يمروءة ؟ )) ، ثم قال بعد ذلك كله : (( وكل الذي ذكره النحويون في إجازة ذلك و الاحتجاج له جنس من التكلف ، ولو صلح ذلك لصلح النصب موضع الخفض و المد موضع القصر ، كما جاز عندهم القصر في المدود ، فإن قالوا : لا يجوز مد المقصور لأنه زيادة في البناء ، قيل لا يجوز قصر الممدود لأنه نقص في البناء و لافرق ))
    فابن فارس إذاً يحمل حملة شعواء على الذين يوجهون أغلاط الشعراء ويلتمسون لهم المخارج ، ويهدم باب الضرورة من أساسه ، ويجعل الشعر إما صوابا مقبولا وإما خطأ مـردودا ، و لا شيء غير ذلك ، والشعراء عنده يخطئون كما يخطئ الناس و يغلطون كما يغلط الناس.
    "منقول للفائدة"

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 01, 2024 4:05 pm