ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    عجائب بني إسرائيل

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 11:33 am

    بسم الله الرحمن الرحيم
    عجائب بني إسرائيل

    الحمد لله كما يحب أن يُحْمَد، والصلاة والسلام على النبي محمد، وبعد:
    فهذا الكتاب يحْمِل بين طَيَّاته مجموعة حسنة مختارة مما انتهى إلينا من غرائب الحكايات، وعجائب المَرْوِيَّات، المأثورة عن أخبار بني إسرائيل.
    وقد كان يقع لي في غضون مطالعاتي جملة من تلك القصص المثيرة التي وقعت في عصور أنبياء بني إسرائيل، حيث كانت العجائب منتشرة، والغرائب متواترة.
    فرأيتُ جَمْعَها في كتاب، بعد أن انتخبتُ منها ما راق لي، واصطفيْتُ من بدائعها ما يَسُرُّ الناظرين إن شاء الله.
    وكان عملنا في هذا الكتاب على النحْو التالي:
    1- مقدمة الكتاب
    وفيها نذكر التعريف ببني إسرائيل، ومراحل تطوُّرهم الثقافي والديني، وعصورهم المختلفة. وأهم الكتب السماوية وغيرها المتداولة بينهم.
    ثم نتطرَّق إلى أقسام الإسرائيليات، وحُكْم النقْل من كتب بني إسرائيل أو الرواية عنهم.
    ثم نذكر الفوائد من تلك القصص القديمة، والدروس المستفادة من نشْرها بين الناس قديمًا وحديثًا.
    2- مادة الكتاب
    وفيه نذكر ما تيسَّر لنا من عجائب الحكايات المنقولة عن بني إسرئيل. مع توثيقها وتهذيبها وتوضيحها بإسلوب عصري يناسب مختلف أنْماط القُرَّاء. ثم نتعقب أكثرها بذكر الفوائد المستفادة منها، والدروس التي تعود بالنفْع على قارئها.
    وأنا سائلٌ اللهَ تعالى أن يتقبل منا سائر الأعمال بقبول حَسَن، وأن يُنْبِتَها لنا في غَرْسِ فضْلِه الواسع المُسْتَحْسَن. وأنْ لا يجعل أجْرَنا على أحدٍ من العالمين سُواه، ولا يكون فلاحُنا معقودًا بيَمِين راحمٍ إلا إيَّاه.
    آمِينَ آمِينَ لا أرْضَى بواحِدةٍ ... حتى أُكرِّرَها ألْفَيْنَ آمِينَا


    وكتبه السائر العاثر
    أبو المظفر سعيد بن محمد السناري

    http://majles.alukah.net/t137350/
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 11:33 am

    رُوِيَ في «الإسرائيليات» أن موسى عليه السلام كان يُناجِي ربه عز وجل على جبل الطُّور فقال في مناجاته: إلَهي أرِني عدْلَك وإنصافك.
    فقال له: أنت رجل حادٌّ جِريء لا تقدر أن تصبر.
    فقال: أقْدِر على الصبر بتوفيقك.
    فقال: اذهب إلى عَيْن الماء التي بأرض كذا وكذا، واختفِ وراءها، وانظر إلى قُدْرتي وعِلْمِي بالغيوب.
    فمضى موسى وصعد إلى تلٍّ بإزاء تلك العيْن، وقعد مُخْتفيًا، فوصل إلى العين فارس، فنزل عن فرسه وشرب من ماء العين، وأخرج من وسَطه كِيسًا فيه ألف دينار فوضعه إلى جانبه واستراح قليلا، ثم ركب ونَسِيَ الكيس في موضعه وسار.
    فجاء صبي صغير فشرب من العين، ثم رأى الكيس بجانب العين، ففرح به وأخذه ومضى.
    فجاء بعد الصبي شيخ أعمى فشرب من الماء وتوضأ ووقف يصلي، ثم قعد بجانب العين يستريح.
    فبينما الفارس في طريقه فتذكَّر أنه ترك الكيس هناك عند عين الماء، فعاد من طريقه إلى العين فوجد الشيخ الأعمى جالسًا بجوار العين، فأقبل عليه وقال: إني نسيت كيسًا فيه ألف دينار في هذا الموضع هذه الساعة، وما جاء إلى هذا المكان أحد سواك، فأَخْرِج الكيس الآن!
    فقال له الشيخ الأعمى: يا بني تعلم أني رجل أعمى كما ترى، فكيف أبصرتُ كيسك وأنا لا أبصر تحت قدمي؟!
    فغضب الفارس من كلامه، وظنه يكذب عليه، وجذَب سيفه وقال: إمَّا أن تُخْرِج الكيس وإلا فإني قاتِلُك!
    فبكى الشيخ وأقسم له أنه لم يره أبدًا، وكيف يراه وهو ضرير لا يرى!
    فلم يُصدِّق الفارس كلامه وضربه بالسيف فقتله، ثم قام بتفتيش ملابسه فلم يجد الكيس معه! فمضى وتركه.
    وعند ذلك قال الله لموسى: هذا عدْلِي وإنصافي يا موسى.
    فقال موسى: إلَهي وسيدي قد نفد صبري وأنت عادل حكيم، فعرِّفْني كيف هذه الأحوال؟
    فهبط جبريل -عليه السلام- وقال: يا موسى الباري تعالى يقول لك: أنا عالم الأسرار أعلم ما لا تعلم.
    أما الصبي الصغير الذي أخذ الكيس: فإنما أخذ حقه ومُلْكَه الذي كان له، وذلك أن أبا الصبي كان أجيرًا عند ذلك الفارس، فاستأْجرَه ولم يعْطِه حقه، فأنْصَفْنا له بأنْ أعطينا حقه لولده
    وأما ذلك الأعمى: فإنه قبل أن يعْمَى كان قد قتل أبا ذلك الفارس، فقد اقتص الفارس لأبيه منه.
    فأوصلْنا إلى كل ذي حقٍّ حقَّه، فهذا عدْلُنا وإنصافنا ونحن أحكم الحاكمين.
    فلما علم موسى ذلك تحيَّر واستغفر. (1)
    من فوائد القصة:
    قال الإمام الغزالي بعد أن ساق تلك القصة في كتابه: «التِّبْر المسبوك في نصيحة الملوك»:
    «وهذه الحكاية أوردناها ليعلم العقلاء ويتصوَّر الألِبَّاء أن الله -جلَّ ذِكْرُه- لا يخْفَى عليه شيء، وأنه يقْتصُّ من الظالم في الدنيا، ولكن نحن غافلون عما جاءنا، لا ندري من أين أتانا؟».
    قلت: عجائب صنائع الله في خَلْقه لا تنتهي. سبحانه وتعالى. ولا إله غيره.
    وينبغي للإنسان أن يقف عند قدره عندما تستعصي على عقله بعض أقدار الله، ولا يسعه إلا التسليم له فيما قضاه وأمضاه.
    -------- الحاشية -------------
    (1) نقلا-ببعض التصرُّف والإيضاح- عن «التِّبْر المسبوك في نصيحة الملوك» [ص/ 37 - 38] للإمام الغزالي.
    قلت: وذكَر هذه القصة أيضًا: الصفوري في كتابه اللطيف: «نزهة المجالس ومنتخب النفائس» [2/ 300] ولكن في سياق مختصر.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 11:33 am

    ورد في «الإسرائيليات» أنَّ الله عز وجل اطلع يومًا على «ملك الموت» فرآه جالسًا يضحك! ثم بعد ذلك جعل يبكي!
    فسأله الله -وهو أعلم بحاله - ما الذي أضحكك وما الذي أبكاك؟
    فقال ملك الموت: الذي أضحكني يا رب أنك أرسلتني مرة لأقبض روح رجل من الناس، فلما أتيته وجدته شيخًا كبيرًا طاعنًا في السِّنِّ، متوكئًا على عصاه، وهو جالس عند إسكافي (وهو صانع ومُصْلِح الأحذية) يطلب من الإسكافي أن يصنع له قاعدة قوية في أسفل نعْله كي تعيش معه سنة أو أكثر!
    وعند ذلك لم أتمالك نفسي من الضحك على هذا الرجل الفاني؛ متعجبًا من شدة تمسُّكِه وحِرْصه وطول أمله بالعيش بعد هذا العمر المديد، ولم يعلم بأنه لم يتبق من عمره إلا لحظات!
    فهذا هو الذي أضحكني يا ربي وخالقي.
    وأما الذي أبكاني: فهو أنك أرسلتني بعد ذلك بسنين مديدة لأقبض روح امرأة من الناس، فلما أتيتها لأقبض روحها وجدتها وحيدة ضعيفة مع رضيع لها تُرْضِعه وهما في صحراء قاحلة ليس حولهما أحد! وليس أمامهما طعام ولا شراب!
    وعندما رأيتُ حالها لم أتمالك نفسي فدمعتْ عيناي وبكيتُ من ذلك المشهد، رحمة وشفقة بذلك الرضيع، غير أني مأمور للمُضِيِّ لِمَا أرسلْتني من أجله، فقبَضْتُ روح تلك المرأة الضعيفة، ثم مضيْتُ وتركتُ ابنها الرضيع وحيدًا في تلك الصحراء القاحلة!
    فهذا الذي أبكاني يا مولاي وخالقي.
    فعند ذلك فأوحى الله إلى ملك الموت قائلًا: بعزَّتي وجلالي إنَّ الذي أضحكك هو الذي أبكاك.
    فإن ذلك الشيخ الفاني الذي ضحْكتَ من شدة حِرْصِه وطول أمله على بقائه في الدنيا، هو نفسه ذلك الرضيع الذي بكيْتَ عليه عندما قبضتَ روح أمه في الصحراء وتركتَه وحيدًا!
    سبحانك ربي ما أحكمك. سبحانك ربي ما أعدلك. سبحانك ربي ما أرحمك (1).
    من فوائد القصة:
    هذه الحكاية لم أجد لها مصدرًا أتَّكِأُ عليه، لكن معناها صحيح في الجملة؛ إذ فيها عناية الله عز وجل بخلْقه، وكيف هو قائم على تدبير مصالحهم دون أن يشعر غيرهم بهم! وكيف رحمته بالضعفاء حتى يصيروا أقوياء! وبالصغار حتى يصبحوا أقوياء دون معين سواه وحده.
    وفي الحكاية أيضًا: بيان أن الإنسان كلما طال عمره طال أمله في الحياة، وزاد حرصًا على البقاء فيها. وقد ثبت في «صحيح البخاري» [رقم/ 6057]، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يزال قلْبُ الكبير شابًا في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل».
    ------ الحاشية ----------
    (1) قلت: سيأتي أن هذه الحكاية لم أجد لها مصدرًا أعتمد عليه. لكن معناها صحيح كما سبق.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 12:52 pm

    ذكر أهل التاريخ: «أن رجلًا من بني إسرائيل اسمه «إسحاق» في زمن عيسى بن مريم عليهما السلام، كان له ابنة عَمٍّ من أجمل أهل زمانها، وكان مُغْرَمًا بها، فماتت، فلزم قبرها ومكث زمانًا لا يَفْتُر عن زيارته.
    فمرّ به عيسى يوما وهو على قبرها يبكي، فقال له عيسى عليه السلام: ما يبكيك يا إسحاق؟
    فقال له: يا روح الله كانت لي ابنة عم وهي زوجتي، وكنت أُحبها حُبًّا شديدًا وإنها قد تُوفِّيَتْ، وهذا قبرها وإني لا أستطيع الصبر عنها وقد قتَلَني فراقُها.
    فقال له عيسى: أتحب أنْ أُحييها لك بإذن الله؟
    قال: نعم يا روح الله.
    فوقف عيسى على القبر، وقال: قُمْ يا صاحب هذا القبر بإذن الله، فانشقَّ القبر وخرج منه عبدٌ أسود، والنار خارجة من مناخِره وعينيه، ومنافذِ وجهه، وهو يقول:
    لا إله إلَّا الله عيسى روح الله وكلِمَتُه وعبده ورسوله.
    فقال إسحاق: يا روح الله وكلِمَته ما هذا القبر الذي فيه زوجتي، وإنما هو هذا، وأشار إلى قبر آخر.
    فقال عيسى للأسود: ارجعْ إلى ما كنتَ فيه، فسقط ميِّتًا، فوارَاه في قبره.
    ثم وقف على القبر الآخر وقال: قُمْ يا ساكن هذا القبر بإذن الله، فقامت المرأة وهي تنْثُر التراب عن وجهها.
    فقال عيسى: هذه زوجتك؟
    قال: نعم يا روح الله.
    قال: خُذْ بيدها وانصرف.
    فأخَذَها ومضى، فأدركه النوم فقال لها: إنه قد قتلَني السَّهَر على قبْرِك، وأُريد أن آخذ لي راحة.
    فقالت: افعل [ما تريد]، فوضع رأسه على فخذها ونام.
    فبينما هو نائم إذ مرَّ عليها ابنُ المَلِك، وكان ذا حُسْن وجمال وهيئة عظيمة، راكبًا على جَوَاد حسَن، فلما رأتْه هَوِيَتْه، وقامت إليه مُسْرعة، فلما نظر إليها وقعتْ في قلْبه، فأتت إليه وقالت: خُذْني، فأرْدَفها على جوَادِه وسار.
    فاستيقظ زوجها ونظر فلم يرَها، فقام يطلبها، وقصَّ أثَرَ الجوَاد فأدركهما، وقال لابن الملك: أعْطِني زوجتي وابنة عمي، فأنكرتْه وقالت: أنا جارية ابن الملك!
    فقال: بل أنت زوجتي وابنة عمي.
    فقالت: ما أعرفك! وما أنا إلا جارية ابن الملك!
    فقال له ابن الملك: أفتُريد أن تُفْسِد جاريتي؟
    فقال: والله إنها لزوجتي وإن عيسى بن مريم أحياها لي بإذن الله، بعد أن كانت ميِّتة، فبينما هُمْ في المنازعة إذ مر عيسى -صلى الله عليه وسلم- فقال إسحاق: يا روح الله أمَا هذه زوجتي التي أحييتَها لي بإذن الله؟
    قال: نعم.
    فقالت المرأة: يا روح الله إنه يكذِب وإني جارية ابن الملك. وقال ابن الملك: هذه جاريتي.
    فقال عيسى لها: ألَسْتِ التي أحْيَيْتُكِ بإذن الله؟
    قالت: لا والله يا روح الله!
    قال: فَرُدِّي علينا ما أعطيناكِ؟ فسقطتْ مكانها ميتة من ساعتها!
    فقال عيسى: مَنْ أراد أن ينظر إلى رجل أماته الله كافرًا ثم أحياه وأماته مسلمًا فلْينْظر إلى ذلك الأسود.
    ومن أراد أن ينظر إلى امرأة أماتَها الله مؤمنة، ثم أحياها وأماتها كافرة، فلينْظر إلى هذه.
    ثم إن إسحاق الإسرائيلي، عاهَد الله تعالى أنْ لا يتزوج أبدًا، وهامَ على وجهه في البَرَارِي و [الصَّحارِي] باكيًا». (1)
    من فوائد القصة:
    قال بعض العلماء بعد أن ساق تلك القصة: «وفي هذه الحكاية أعظم عبرة لأولي الألباب، وهي من أعجب ما يُسْمَع في التوفيق والخِذْلان، نسأل الله تعالى السلامة، وحُسْنَ الخاتمة» (2)

    ----- الحاشية -------
    (1) انظر: «حياة الحيوان الكبرى» [1/ 316 - 317/الطبعة العلمية]، للدميري. و «نهاية الأرب في فنون الأدب» [14/ 179 - 180/الطبعة العلمية] للنويري.
    (2) انظر: «حياة الحيوان الكبرى» [1/ 317]، للدميري.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 1:01 pm

    وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ

    مما يُحْكَى من كيْد النساء ومَكْرِهن: أنه كان في بني إسرائيل رجل من أعبد بني إسرائيل وأزهدهم، وكانت له مع الله معاملة حسنة، وكان له زوجة وكان ضَنِينًا بها، وكانت من أجمل أهل زمانها مُطْلَقًا، فهي مُفْرِطة في الجمال والحُسْن.
    وكان هذا الرجل من خوفه على زوجته ومحبَّته لها يقفل عليها الباب، فبينما المرأة جالسة ذات يوم من نافذة بيتها نظرَتْ شابًّا واقفًا فأحبَّتْه ووقع في قلبها، وكذلك الشاب أحبَّها ووقع في هواها.
    وسرعان ما خانت المرأة ربها (1) وأقامت علاقة محرمة مع ذلك الشاب الغريب!
    وأمَرَتْه أن يعمل له مفتاحًا خاصًّا لباب دارها، فكان يدخل ويخرج ليلًا ونهارًا متى شاء، وزوجها المسكين لا يشعر بذلك، وظل الحال هكذا مدة من الزمان.
    وفي يوم من الأيام شعر الزوج المخدوع أن امرأته قد تغيَّرتْ نحوه، ولم تَعُدْ هي بالتي يعرفها!
    فقال لها يوما: إنكِ قد تغيَّرْتِ علَيَّ ولَمْ أعلم ما سبب ذلك، وقد جاءني الوسواس في قلبي أنكِ ربما تكونين تعملين عملا لا أُحِبُّه.
    ثم قال لها: أشْتَهي منكِ أنْ تحْلِفي لي أنك لم تعرفي رجلًا غيري أبدًا.
    وكان لبني إسرائيل جبل يَقْسِمون عليه بالله ويتحاكمون عنده، وكان الجبل خارج المدينة، وكان عنده نهر يَجْري، وكان لا يحلِف أحد عنده كاذبًا إلا أهلكه الله.
    فقالت له زوجته: وهل يَطِيبُ قلبك ويطمئن إذا حلفتُ لك عند الجبل؟
    قال: نعم.
    قالت: متى شئتَ فعلتُ لك ذلك.
    فلما خرج زوجها العابد لقضاء حاجته، دخل عليها الشاب العاشق، فأخبرتْه بما جرى لها مع زوجها، وأنها تريد أن تحلف له عند الجبل، وقالت له: إنني لا أستطيع أنْ أحلِف بالله كاذبة، ولا أدري ما سيُحَلِّفني عليه؟
    فَبُهِتَ الشاب وتحَيَّر، وقال: فما تصنعين؟
    فقالت له: ائْتِني غدًا في الصباح، ولكن عليك أن تلبس ثوب رجلٍ حَمَّال، وخُذْ حمارًا واجلس على باب المدينة، فإذا خرجتُ مع زوجي فسأقول له: إني لا أستطيع المشْيَ، فاسْتأْجِر لنا هذا الحَمَّال يحملنا إلى الجبل!
    فإذا استأجرك زوجي فأسْرِعْ إليَّ واحملني بيديك وارفعني فوق الحمار، حتى أحلف لزوجي فوق الجبل -وأنا صادقة- أني ما مسَّني أحدٌ غيرك وغير هذا الرجل الحمَّال.
    فقال لها الشاب: أفعل ذلك حُبًّا وَكرامة.
    فلما جاء زوجها في الغد قال لها: قومي بنا إلى الجبل لتحْلِفي عليه.
    فقالت له: ما لي طاقة بالمَشْي ولا أقدر عليه فإني مُجْهَدَة.
    فقال: اُخْرِجي فإن وجدتِ حمَّالًا فإني أستأجرْه لكِ.
    فقامت وتجهَّزتْ إلا أنها لم تلبس ملابس أخرى تحت جلبابها الظاهر، فلما خرج العابد وزوجته، رأتِ الشاب ينتظرها فصاحت به: يا حمَّال نريد أن نستأجِرْ حمارك إلى الجبل بنصف درهم؟
    قال: نعم، ثم تقدَّم ورفَعَها على الحمار.
    فساروا حتى وصلوا إلى الجبل. فقالت للشاب: أنزلْني عن الحمار حتى أصعد على الجبل، فلما تقدم الشاب إليها ألْقَتْ بنفسها إلى الأرض، فانكشفتْ عورتها! فأظهرتْ لزوجها أن الحمَّال هو الذي أسقطها! فجعلتْ تشْتِم الحمَّال وتُسِيء إليه بالكلام، فقال لها الحمَّال: والله ما لي ذنب.
    ثم بعد ذلك أمَرَها زوجها أن تحلِف، فمدَّتْ يدها إلى حجَر في أعلى الجبل فأمسكته وحلفت لزوجها قائلة: أقسم لك بالله أنه لم يمْسَسْني أحد، ولا نظر إلى جسدي ظاهرًا وباطنًا إنسان منذ عرفتك، إلا أنت وهذا الشاب الحمَّال!
    فعندئذٍ اهتزَّ الجبل واضطرب اضطرابًا شديدًا حتى زال عن مكانه!
    فاشتهرتْ القصة بين بني إسرائيل فأعظموا ذلك، واستغربوا لاهتزاز الجبل وزواله عن مكانه.
    ثم شاء الله بعد ذلك أن يفضح كذب تلك الزوجة وعشيقها، ويُعْلِم الناس السببَ الحقيقي الذي جعل الجبل يزول عن مكانه.
    وقيل: إن تلك القصة هي التي أشار الله إليه في القرآن إذ قال: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} (سورة إبراهيم: 46) (2)
    من فوائد القصة:
    هذه القصة من أغرب ما قرأته في حِيَل النساء على فِعْل الحرام، مع عجيب كيدهن إذا أردْن الكيد!

    --------- الحاشية ---------
    (1) اشتهر عبارة خاطئة بين الناس في هذا الزمان! حيث يقولون على المرأة التي تقع في الحرام مع غير زوجته: «إنها خانت زوجها»! وكذلك يقولون على الرجل الذي وقع في الحرام مع غير زوجته: «إنه خان زوجته»! وهذا كله خطأ في التعبير!
    والصواب أن يقال عن الرجل الخائن: «خان ربه» وعن المرأة: «خانت ربها»، ولا علاقة هنا بالزوج أو الزوجة في أصل الخيانة، بدليل أن المراة التي ترتكب الحرام بموافقة زوجها لا يقال عنها: «خانت زوجها» وكذلك الرجل الذي يفعل الحرام بإذن امرأته لا يقال عنه: «خان زوجته»!
    فالخيانة في الحقيقة: إنما هي لله الذي ائتمن الإنسان على جسمه وقوته وأعضائه فلم يُراعِ الأمانة وخانَها حيث استخدمها في غير ما أمره الله به.
    (2) نقلا-ببعض التصرُّف والتوضيح- عن: «حياة الحيوان الكبرى» [1/ 351 - 352/الطبعة العلمية] للدميري. و «منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة» [7/ 162 - 163] للخوئي. و «بحار الأنوار» [61/ 194 - 195]، للمجلسي.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 1:01 pm

    عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ، قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا [وفي رواية إِذْ ركبهَا] الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ (1).
    فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ. تَعَجُّبًا وَفَزَعًا، أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ --صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ». (2)
    من فوائد القصة:
    يتكلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن رجل ممن كان قبلنا في القرون الأولى كان له بقرة يستخدمها في حِراثة أرضه، وبدلا من أن يسوقها ويوجِّهها وهي في طريقها للحراثة وأثنائها، كان يركبها كما يركب فرسه! فالتفتتْ إليه البقرة غاضبة وهي تكلِّمُه وتقول: إن الله لم يخلقني للركوب، وإنما خلقني لِحرَاثة الأرض.
    وقد صح في «جامع الترمذي» عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الإِنْسَ».
    وقد ورد في تراثنا الإسلامي بعض الوقائع تدل على حدوث هذا الإخبار النبوي على وجه الحقيقة.
    حكاية الثَّوْر الذي تكلَّم!
    قال الشيخ المؤرِّخ قطب الدين اليونِيني: «حكى جماعة كثيرة من أهل دمشق واستفاض ذلك فى دمشق وكثُرَ الحديث فيه عن قاضى جبَّة أعسال، وهي قرية من قُرَى دمشق، أنّه تكلّم ثَوْر بقرية من قُرَى «جبّة أعسال»!
    وملخّصها: أنّ الثور خرج مع صبِيٍّ يشرب ماء من هناك فلمّا فرغ حمد الله تعالى فتعجّب الصبي! وحكى لسيِّده مالِك الثور، فشكَّ فى قوله!
    وحضر في اليوم الثاني بنفسه، فلمّا شرب الثور حمد الله تعالى؛ ثم في اليوم الثالث حضر جماعة وسمعوه يحمد الله تعالى؛ فكلَّمه بعضهم فقال الثور: إنّ الله كان كتب على الأمّة سبع سنين جَدْبًا (يعني: مجاعة وقلة في الطعام.)، ولكن بشفاعة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أبدلها بالخَصْب.
    وذكر أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمره بتبليغ ذلك، وقال الثور: يا رسول الله ما علامة صِدْقِي عندهم؟ قال: أن يموت عقب الإخبار. قال الحاكي لذلك: ثم تقدَّم الثور على مكان عالٍ فسقط مَيِّتًا، فأخذ الناس من شعره لِلتَّبرُّك (3)، وكُفِّن ودُفِن.»(4)
    قال المؤرخ ابن تغْرِي بَرْدِي: «هذه الحكاية غريبة الوقوع، والحاكي لها ثقة حُجَّة (5)، وقد قال: إنّه استفاض ذلك بدمشق». (6)
    والله أعلم بحقيقة الحال.
    ------ الحاشية -------
    (1) الحرث: بفتح الحاء هو إثارة الأرض لزراعتها.
    (2) صحيح: أخرجه البخاري [رقم/3471]، ومسلم [رقم/2388]، وجماعة من حديث أبي هريرة به ...
    (3) هذا من جهل العامة، فلا يجوز لأحدٍ أن يتبرك بما لم يأذن به الله.
    (4) نقله عنه ابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة» [8/ 59/طبعة وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر].
    وساق القصة أيضًا: شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري في تاريخه: «حوادث الزمان» كما ذكره الشهاب النويري في «نهاية الأرب في فنون الأدب» [33/ 186 - 187].
    (5) يعني: الشيخ قطب الدين اليونيني.
    (6) انظر كتابنا: «أحْلَى حِكَايَاتِ كَهْفِ الْغَرَائِبِ ومَغَارَةِ العَجَائِبِ». [ص/41]. وهو من منشورات دار الكتاب العربي/القاهرة-
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 1:02 pm

    ذئب يتكلم

    عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إذْ عَدَا الذِّئْبُ فذَهَبَ مِنْهَا بِشاةٍ، فطَلَبَ حتَّى كأنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا: اسْتَنْقَذْتَهَ ا مِنِّي، فَمنْ لَها يَوْمَ السَّبْعُ (1) يَوْمَ لاَ رَاعِيَ غَيْرِي؟! فقالَ النَّاسُ سُبْحَانَ الله ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ قَالَ فإنِّي أومِنُ بِهَذَا أنَا وأبُو بَكْر وعُمَرُ». (2).
    من فوائد القصة:
    يخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن رجل ممن كان قبلنا في القرون الأولى كان له غنم يرعاها، فبينما هو في غفلة عنها إذ عَدَا الذئب على شاة منها وفرَّ هاربًا، فانتبه له الراعي وجرى خلفه حتى أخذ منه الشاة، فتكلم الذئب وقال له: إنك أخذتَّ الشاة مني الآن، وسيأتي وقت وزمان أعْدُو فيه على الغنم وآخُذُ منها ما أشاء ولن تستطيع أنت أو غيرك أن تمنعني منها!
    قال الحافظ ابن حجر: «لم أقف على اسم هذا الراعي الذي كلمه الذئب، وقد أورد المُصنِّف - يعني البخاري - الحديث في ذِكْر بني إسرائيل، وهو مشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام، وقد وقع كلام الذئب لبعض الصحابة في نحو هذه القصة» (3)
    قلت: يقصد الحافظ ببعض الصحابة: «أهبان بن أوس الأسلمي» أحد الصحابة المشهورين.
    قصة الصَّحابي الذي كلَّمه الذئب
    وملخص القصة: «أن أهبان بن أوس كان يرعى غنمًا له، فهجم الذئب على شاة منها، فصاح أهبان عليه، فجلس الذئب على ذيله ثم خاطبه، فقال: من يحميه مني يوم تنشغل عنها؟! أتنزع مني رزقًا رزقنيه الله؟!
    قال أهبان: فصفَّقت بيدي-يعني تعجُّبًا- وقلت: والله ما رأيت شيئًا أعجب من هذا!
    فقال له الذئب: أتعجب ورسول الله -صلي الله عليه وسلم- بين هذه النخلات، وأشار الذئب بيده إلي المدينة- يعني مدينة النبي عليه الصلاة والسلام-يُحدِّث الناس بنبأ ما قد سبق، ونبأ ما يكون، وهو يدعو إلى الله وإلى عبادته.
    فأتى أهبان إلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فأخبره بأمْره وأمر الذئب، ثم أسلم .. ». (4)
    قلت: قد ثبت أن من أشراط الساعة التي أخبر بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- تكليم السباع الإنس.
    ------ الحاشية -------
    (1) قيل: إن المقصود بـ «يوم السبع» قبل قيام الساعة، حين تَخْرَبُ البلاد، ويَهْلِكُ الناس، فَتَسْكُنُ فيها الذئاب. وقيل: أرادَ الذئب: من لهَا عِنْدَ الفِتَن حين يتركها الناسُ همَلًا لا رَاعِي لَهَا نُهْبَةً للذئاب. انظر: «قوت المغتذي على جامع الترمذي» [2/ 996]. للسيوطي.
    (2) (صحيح ): أخرجه البخاري [رقم/3471]، ومسلم [رقم/2388]، وجماعة من حديث أبي هريرة به ...
    (3) انظر: «فتح الباري» [7/ 27].
    (4) أخرجه البخاري في «تاريخه الكبير» [2/ 44] مختصرًا، ومن طريقه البيهقي في «دلائل النبوة» [6/رقم 2291] وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» [3/رقم 885]، وجماعة. وسنده لا يثبت، لكن في الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة تؤيد قصة أهبان بن أوس. وأنها قد وقعت إما له وإما لغيره من الصحابة.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 1:02 pm

    أُرِيدُ أَنْ تَحْمِلَنِي الرِّيح


    عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: «دَخَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى سُلَيْمَانَ -عليه السلام- فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ؛ يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الرَّجُلُ: مَنْ هَذَا؟
    قَالَ: هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ - عليه السلام -.
    قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيَّ كَأَنَّهُ يُرِيدُنِي!
    قَالَ: فَمَا تُرِيدُ؟
    قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تَحْمِلَنِي الرِّيحُ، فَتُلْقِيَنِي بِالْهِنْدِ!
    قَالَ: فَدَعَا بِالرِّيحِ، فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا، فَأَلْقَتْهُ بِالْهِنْدِ.
    ثُمَّ أَتَى مَلَكُ الْمَوْتِ سُلَيْمَانَ - عليه السلام - فَقَالَ: إِنَّكَ كُنْتَ تُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِي؟ قَالَ: كُنْتُ أَعْجَبَ مِنْهُ؛ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَهُ بِالْهِنْدِ، وَهُوَ عِنْدَكَ» (1).
    وقد حكى داود بن أبي هند هذه القصة بلفظ آخر فقال:
    «بلغني أن ملك الموت كان وُكِّل بسليمان -عليه السلام- فقيل له: ادخل عليه كل يوم دخْلة فسلْه عن حاجته ثم لا تبرح حتى تقضيها، فكان يدخل عليه في صورة رجل فيسأله: كيف هو؟
    ثم يقول: يا رسول الله ألك حاجة؟ فإنْ قال: نعم؛ لم يبرح حتى يقضيها، وإن قال: لا؛ انصرف عنه إلى الغد.
    فدخل عليه يومًا وعنده شيخ فقام فسلَّم عليه ثم قال: ألك حاجة يا رسول الله؟ قال: لا، ولَحَظ الشيخ لحظة فارتعد الشيخ وانصرف ملك الموت.
    فقام الشيخ فقال لسليمان: أسالك بحق الله إلا ما أمرتَ الريح فتحملني فتلقيني بأقصى [مكان] من أرض الهند، فأمرها فحملتْه.
    ودخل ملك الموت على سليمان من الغد، فسأله عن الشيخ فقال: [أمرني الله] أمس أن أقبض روحه غدا مع طلوع الفجر بأقصى [مكان] من أرض الهند فهبطت وما أحسبه إلا هناك، فوجدته عندك، فجعلت أتعجب، وأنظر إليه، مالي همٌّ غيره، فهبطت عليه اليوم مع طلوع الفجر فوجدتُّه بأقصى مكان من أرض الهند ينتفض! فقبضت روحه، وتركت جسده هناك». (2)
    من فوائد القصة
    هذه القصة وغيرها أمثلة جيدة لقوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} (سورة النساء آية: 66). ومثلها ما يأتي في القصة الآتية.

    -------- الحاشية ---------
    (1) أخرجه: الإمام أحمد في «الزهد» [ص/ 37].
    (2) أخرجه أبو الشيخ، كما ذكره السيوطي في «الحبائك في أخبار الملائك» [ص/14].
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 1:02 pm

    أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ


    عن وهب بن منبه قال: إن رجلا كان يدعو لَمَلِك الشمس عليه السلام (1) فظل على هذ الدعاء زمانًا، فعلم ملك الشمس بدعاء الرجل له، فأتاه فقال له: ما تريد بدعائك لملك الشمس الذي تدعو له؟
    قال: حاجة لي إليه؟
    قال ما جاحتك إليه فإني أنا ملك الشمس.
    فقال الرجل: بلغني أنك أكرم الملائكة وأمْكن الملائكة عند ملك الموت ولك به صداقة، فاشفع لي إليه أن يؤخِّر أجل موتي.
    فقال له: نعم. سوف أكلمه لك فما يستطيع أن يفعل لأحد من بني آدم فهو فاعله لك.
    ثم حمله ملك الشمس بين جناحيه فوضعه عند بمكانه عند مطلع الشمس، ثم أتى ملك الموت -عليه السلام- فقال له: لي إليك حاجة؟
    فقال له: أفعل كل شيء أستطيعه لك.
    فقال ملك الشمس: لي صديق من بني آدم تشفَّع بي إليك لتؤخر من أجله.
    فقال ملك الموت: ليس ذلك إليَّ ولا أستطيعه! ولكنْ إنْ أحببتَ أنْ أخبره متى يكون أجل موته فعلتُ.
    فقال: نعم أخبره بهذا.
    فنظر ملك الموت في ديوانه فوجد اسمه في عداد الموتى المأمور بقبض أرواحهم!
    فقال لملك الشمس: لقد كلمتني في إنسان ما أراه إلا يموت الليلة!
    قال له: وكيف يموت وأين؟
    قال: لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس! وإني قد قبضتُ روحه الساعة! فانطلق هناك فلا تجده إلا وقد مات!
    فرجع إليه ملك الشمس فوجده ميتًا! (2)
    ------- الحاشية --------
    (1) هو أحد الملائكة الذي وكَّلهم الله بأمور الشمس.
    (2) نقلا -ببعض التصرف والإيضاح- عن «العظمة» [3/ 916] لأبي الشيخ الحافظ.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     عجائب بني إسرائيل Empty رد: عجائب بني إسرائيل

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يناير 03, 2015 1:03 pm

    لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا


    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ (1).
    فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ، إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ: إِمَّا بَرَصٌ [هو بَيَاضٌ يَظْهَرُ فِي ظَاهِرِ الْبَدَنِ] وَإِمَّا أُدْرَةٌ (2) , وَإِمَّا آفَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى [أَيْ يُنَزِّهَهُ عَنْ نِسْبَةِ ذَلِكَ الْعَيْبِ].
    فَخَلاَ يَوْمًا وَحْدَهُ [أَيِ انْفَرَدَ عَنِ النَّاسِ يَوْمًا] فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الحَجَرِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ [أَيْ فَرَّ وَمَضَى مُسْرِعًا] فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ! [أي: أَعْطِنِي ثَوْبِي أَوْ رُدَّ ثَوْبِي].
    حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الحَجَرُ، فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ [أي: أَخَذَ وَشَرَعَ] بِالحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ.
    فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالحَجَرِ لَنَدَبًا (3) مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ، ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} (4).
    من فوائد القصة:
    هؤلاء السفهاء ظنوا أن بِنَبِيِّ الله موسى عيبًا أو مرضًا لكونه كان لا يستحم عاريًا معهم! فأراد الله عز وجل أن يريهم أنه لا عيب فيه أبدًا. لكنه ذو حياء وعفة ودين.
    فإن قيل: كيف يضرب موسى -عليه السلام- الحَجَر، كأنَّ الحَجَر له عقل يُحاسَب عليه!؟
    فالجواب: أن موسى -عليه السلام- إنما ضربه لمَّا رآه يفعل ما يفعله العقلاء من الناس! حيث أخذ الثوب وهرب به! فاستحق أن يؤدِّبه بالضرب!
    وذلك تمامًا مثل ذلك ما تفعله الأمهات بأولادها الصغار إذا تعثَّر الطفل فوقع أو ضربه شيء من الجماد، فإن الأم تراها تضرب ذلك الجماد الذي تسبب في وجه طفلها حتى يسكت صغيرها ويطيب خاطره.
    ----- الحاشية ------
    (1) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ اغْتِسَالَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عُرَاةً بِمَحْضَرٍ مِنْهُمْ كَانَ جَائِزًا فِي شَرْعِهِمْ، وَإِنَّمَا اغْتَسَلَ مُوسَى وَحْدَهُ اسْتِحْيَاءً.
    (2) هو مرض مشهور يصيب الخصية.
    (3) الندب: هو الأثر الباقي في الحجَر من ضَرْب موسى لهُ.
    (4) [صحيح] أخرجه: البخاري [رقم/ 3401] وغيره.
    (5) انظر: «شرح رياض الصالحين» [ص/ 2207] لابن عثيمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 6:18 am